المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409160
يتصفح الموقع حاليا : 351

البحث

البحث

عرض المادة

عبادة النصارى

74- عند النصارى عبادتان: هما الصلاة، والصوم، أما الصوم فإنهم يقولون إن شرعه عليهم اختياري لا إجباري، وميقاته قد تتخالف فيه الفرق، فلنتركه إلى الكلام في الفرق والكنائس إن كان للقول متسع، ولنتكلم الآن عن صلاتهم.والصلاة عندهم ركن من أركان الدين، وهي من زعمهم تقربهم إلى الله عن طريق المسيح.ولقد جاء في كتاب الأصول والفروع: "إن الدين قلب مقتنع بوجود الله الخالق والحافظ والفادي، فتكون الصلاة ترجمان ذلك القلب، يعبر بها عما يخالجه من الأشواق والعواطف، فبالنظر لاقتناعه بقداسته تكون الصلاة كلمات التعظيم والتسبيح له، وبالنسبة لاقتناعه بجهوده وإحسانه تكون الصلاة عبارات الشكر والحمد، وبالنسبة لوقوعنا في الخطيئة، تكون الصلاة كلمات التذلل والتواضع والاستغفار، وبالنسبة للاحتياج إليه تعالى تكون الصلاة طلباً ودعاء".والصلاة عندهم لها شرطان أساسيان لا توجد بدونهما، هما منها بمنزلة الدعامة:الشرط الأول: أن تقدم باسم المسيح، فقد جاء في الإصحاح السادس عشر من إنجيل يوحنا: "الحق أقول لكم إني ما طالبتم من الأب باسمي يعطيكم، إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي، أطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً".ويعللون ذلك بأن الإنسان بسبب خطاياه أبعد عن رضا الله، ولكن بدم المسيح زال هذا البعد، وأصبح قريباً إليه.فقد جاء في رسالة بولس إلى أهل أفسس في الإصحاح الثاني: "لكن الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحداً، ونقض حائط السياج المتوسط".ويقول صاحب كتاب الأصول والفروع: "للصلاة باسم المسيح معنى أدق من ذلك، وهو أن الاسم يمثل دائماً المسمى. فتكون صلاتنا باسم المسيح تمثل وحدته معنا، بحيث تكون طلباتنا طلباته. وصلاحنا صلاحه، وحياتنا حياته، وبالجملة كأنه يحيا فينا ولأجلنا".الشرط الثاني: أن يسبق الصلاة الإيمان الكامل بما عندهم، فقد جاء في الإصحاح الحادي عشر من إنجيل مرقس ما نصه: "لذلك أقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه، فيكون لكم".وجاء في رسالة يعقوب: "وليكن الطلب بإيمان غير مرتاب البتة، لأن المرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وتدفعه، فلا يظن ذلك الإنسان إنه ينال شيئاً من الرب".وليست للصلاة عندهم عبارات خاصة معلومة يجب أن يتلوها بل ترك لهم أن يتلوا العبارات التي يختارونها بشرط ألا تخرج عن قاعدة الصلاة التي علمهم إياها المسيح لكي يصلوا على منوالها، وهي المسماة بالصلاة الربانية، وهي التي جاءت في صدر الإصحاح عشر من إنجيل يوحنا، ففيه عن المسيح: "وإذ كان يصلي في موضع لما فرغ قال واحد من تلاميذه: يا رب علمنا أن نصلي، كما علم يوحنا أيضاً تلاميذه،فقال لهم: متى صليتم، فقولوا أبانا الذي في السموات ليتقدس أسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك في السماء كذلك على الأرض، خبزنا كفافنا أعطنا كل يوم، وأغفر لنا خطايانا، لأننا نحن أيضاًَ نغفر لكل من يذنب إلينا، ولا تدخلنا في تجربة، ولكن نجنا من الشر. ولديهم أمثلة كثيرة للصلوات يختارون منها على ما يسهل عليهم: وأشهر الأسفار المشتملة على نماذج للأدعية والصلوات سفر المزامير.ويقول صاحب كتاب الأصول والفروع: "إنه خزانة ذهبية لصلوات داود النبي وغيره من الأنبياء عملوا بها في أحوالهم الخاصة، مسوقين من الروح القدس، وكثيراً ما يعرض علينا ذات أحوالهم، فنقتبس من أقوالهم ما يطابق حالنا واحتياجنا للاستعانة على التعبير عما بنا من ملمات الأمور، كما إذا كنا في حال الحزن والأسى على خطايانا نقتبس في صلاتنا من مزمار - 51 - لأنه يشتمل على أشد العبارات تأثيراً بصدد التوبة والاعتراف، والاستغفار من الله، وكما إذا كنا في حال الشعور برحمة الله علينا ونعمته نقتبس من مزمار - 103 - للتعبير عن شكر قلوبنا، وشعورها بالمحبة والنعمة، انتهى بتصرف.وليس عليهم عدد معين من الصلوات كل يوم، كما إنه ليس لها مواقيت معلومة، بل كل ذلك قد وكل إلى نشاط المصلين، ورغبتهم في العبادة ولكن لأن اليهود كانوا يعبدون الله في هياكلهم في صباح كل يوم ومسائه استنبطوا إنه تلزم الصلاة مرتين، أحداهما في الصباح، والأخرى في المساء.ويقولون في حكمة ذلك في الصباح: "نطلب بركة الرب علينا سحابة اليوم، وأن يهدينا إلى عمل ما فيه رضاؤه، وأن يحفظنا من السوء، وفي المساء نشكره على إحسانه علينا كما إننا نعترف بما فرط منا في اليوم من الزلات، ونطلب منه المغفرة ودوام نعمته علينا وفوق ذلك لا لفتاً نذكر فضله ونشعر بجميله دائماً".وإذا لم يكن للصلاة عدد محدود عندهم، فالمستحسن الإكثار، ويخالفون اليهود في زعمهم أن الإكثار من الصلاة يجعل الله يمل.جاء في إنجيل لوقا في صدر الإصحاح الثامن عشر ما نصه: "قال لهم مثلاً إنه ينبغي أن يصلي كل حين، ولا يمل قائلاً: كان في مدينة قاض لا يخالف الله ولا يهاب إنساناً، وكان في تلك المدينة أرملة، وكانت تأتي قائلة أنصفني من خصمي وكان لا يشاء إلى زمان، ولكن بعد ذلك قال في نفسه: وإن كنت لا أخاف الله ولا أهاب إنساناً، فإني لأجل أن هذه الأرملة تزعجني أنصفها لئلا تأتي دائماً فتقمعني. وقال الرب اسمعوا ما يقول قاضي الظلم، أفلا ينصف الله مختاريه الصارخين إليه نهاراً وليلاً وهو متمهل عليهم، أقول لكم إنه ينصفهم".يقول القس إبراهيم سعيد في شرح الجمل في إنجيل لوقا: "ينبغي أن يصلي كل حين ولا يمل" من هنا ترى أن صلاة المثابرة واللجاجة ليست من الأمور الممكنة فقط، ولكنها من الأمور الواجبة، فهي فرض عين لا فرض كفاية، وهذا عن خلاف ما علم به التلمود، محظور على الإنسان أن يصلي أكثر من ثلاث مرات في النهار، لأن الله يمل الصلاة كل ساعة، ولقد أوصى المسيح بالصلاة من غير ملل لعلمه أن صلاة الروح تعب على الجسد، سيما إذا تأخرت الإجابة، فالروح نشيط والجسد ضعيف".وجاء في آخر رسالة بولس إلى أهل تسالونيكي: "صلوا بلا انقطاع".وبين معنى صاحب رسالة الأصول والفروع فيقول: "معنى هذا أن نساحضر في أذهاننا روح الصلاة على الدوام، وكلما خطر على البال ذكر الله ومحبته نرفع قلوبنا إليه، سواء أكان بالقول أو بالتوجهات القلبية بدون كلام، والله يعلم ما في القلوب.

  • الاثنين PM 04:48
    2016-10-24
  • 3544
Powered by: GateGold