المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409116
يتصفح الموقع حاليا : 258

البحث

البحث

عرض المادة

التثليث ليس من المسيحية بل من الفلسفة الإغريقية

1- كانت المشكلة الفلسفية التي واجهت أولاً الإغريق هي: "ما مبدأ كل شيء؟ " "وباجتهاد الفلسفة في الإجابة عن هذا السؤال إجابة محدودة ومقنعة شيئاً فشيئاً كان لنا تلك المذاهب الفلسفية التي تتابعت في تاريخ الفلسفة الإغريقية. هذه فلسفة بدأت طبيعية مع الفلاسفة الأيونيين، ثم أخذت فكرة التوحيد في الظهور على أيدي سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، بحيث رأى هؤلاء أن المبدأ الذي صدر عنه العالم هو الله الواحد الذي لم يتغير، على غموض في تعيين هذه الصفات ونحوها مما يصح أن يتصف بها.ولكن بمقدار تبين هذه المعارف والمعلومات عن الله كانت تكبر الصعوبة الأساسية التي اصطدمت بها المذاهب التي سبق سقراط: كيف تصدر الأشياء عن مبدئها؟ كيف يمكن أن يخرج الكثير - أي العلم - من الواحد، والمتغير من الذي لا يتغير؟ وإنه كلما قرب المبدأ الأول من الوحدة الحق بصيرورته روحياً، ومن عدم التغير الحق بصيرورته كاملاً، تتسع الهوة التي نفصله عن العالم وكثرته وتصير أكبر عمقاً، كما يصبح عسيراً فهم كيف يبرز الله العالم للوجود ويحركه.2- إذا كان الله واحداً وحدة مطلقة كيف يمكن أن يخلق الكثرة المختلفة دون أن يقبل في ذاته كثرة بأي وجه من الوجوه؟وإذا كان كماله المطلق يقتضي عدم التغير، كيف تفهم إنه في وقت ما أوجد العالم دون أن يلحقه تغير، مع إنه أنتقل من حالة عدم العمل إلى حالة العمل؟ هما تظهر عبقرية العقل الآري! الواحد البريء من التغير لا يمكن أن يصدر عنه العالم المتكثر المتغير مباشرو، يجب إذن أن تتوسط بينهما وسائط أزلية متدرجة حسن نظام ميتافيزيقي.3- كان أفلاطون أول من أدرك تلك المشكلة وأول من أدرك هذا الحل الذي وجب على العقل الإغريقي فيما بعد - بعد إنضاجه طويلاً - أن يجتمع نهائياً عليه، أعني عقيدة ثلاثة أقانيم أو عقيدة التثليث - ص 70 - 71.4- هذا المذهب أو هذه العقيدة التي تمثلها عقل أفلاطون، وأن أدركها إدراكاً فيه نوع غموض، ليس إلا عقيدة التثليث المشهورة = ومن السهل إدراك الغرض منها: الاحتفاظ لله بالكمال المطلق والبراءة من التغير، جعله يضع بينه وبين العالم وسيطين يعتبران دونه خارجين عنه، وعلى نحو ما داخلين فيه، أي تتضمنهما ذاته - صادرين عنه، دون في الكمال، ويجعلانه ممكناً أن يصدر عن الله العالم الكبير المتغير، أو هذين الوسيطين العقل، وثانيهما الروح الإلهية - ص 73 - 74.5- وهكذا كان التزاوج بين العقيدة اليهودية والفلسفة الإغريقية لم ينتج فلسفة فقط، بل أنتج معها ديناً أيضاًَ، أعني المسيحية التي تشربت كثيراً من الآراء والأفكار الفلسفية عن اليونان. ذلك أن اللاهوت المسيحي مقتبس من نفس المعين الذي كانت فيه الأفلاطونية الحديثة (بريد فلسفة أفلاطون التي كانت المعين الأصلي للفلسفة الأفلاطونية الحديثة) ولذا نجد بينهما (أي اللاهوت المسحي والأفلاطونية الحديثة) . مشابهات كبيرة، وإن افترقا أحياناً في بعض التفاصيل، فإنهما يرتكزان على عقيدة التثليث، والثلاثة الأقانيم واحدة فيهما - ص 93.6- أول هذه الأقانيم هو مصدر كل كمال، والذي يحوي في وحدته كل الكمالات، وهو الذي دعاه المسيحيون الأب. والثاني أو الابن هو الكلمة. والثالث هو دائماً الروح القدس - ص 92 - 94.وعلى إنه يجب أن يلاحظ (وهذا بعض ما يفرق اللاهوت المسحي عن الأفلاطونية الحديثة) أن الأقانيم الثلاثة ليست في نظر هذا المذهب متساوية في الجوهر والرتبة. بينما هي متساوية عند المسيحية. فالابن الذي يتولد من الأب لا يمكن أن يكون أدنى منه كمالاً. وإلا صار من طبيعة الكامل أن يصدر اضطراب منه غير الكامل. وهذا حط من رتبته. وكذلك الروح القدس مساو للأب والابن - ص 49.كل هذه النقول من كتاب: "مقدمة (أو المدخل لدراسة) الفلسفة الإسلامية" تأليف المستشرق المعروف ليون جوتيه طبع باريس عام 1923.وهذا المجمع كان في سنة 325 بعد الميلاد، والمسيحيون قبله كانوا على اختلاف كبير جداً، ويكفي للدلالة على هذا الاختلاف أن الذين حضروا المجمع نيف وأربعون بعد الألفين، وهم على آراء مختلفة، ولم يجمع أعضاء هذا المجمع على نحلة واحدة، أما عقيدتهم في الابن وقولهم إنه تولد عن المنشئ من غير زمن بينهما كما يقول الفلاسفة، وإنه من جوهر أبيه، كما يقولون لم تسد إلا بعد ذلك المجمع، وسيأتي لذلك فضل بيان إن شاء الله تعالى، وعلى ذلك يكون تثليث المسيحية كحقيقة مقررة متأخرا عن أفلوطين لأن أفلوطين توفى سنة 270 بعد الميلاد كما علمت، والتثليث لم يتكامل إلا في آخر القرن الرابع، والمتقدم أستاذ المتأخر كما يرجح العقل وكما يوجبه الظن الذي لا يعد من الإثم.ولقد ترى ذلك الظن عند بعض علماء أوربا، حتى شك بعضهم في حياة المسيح وقالوا إنه شخص خرافي لم يوجد، أراد بعض فلاسفة الأفلاطونية الحديثة أن يفرضوه، ليجعلوا من آرائهم ديانة يعتنقها العامة، وتسود الكافة، وقد تم لهم ما أرادوا، ولكنا نحن المسلمين لا تقر ذلك كله، لما فيه من إنكار وجود المسيح الذي نؤمن به، ونزل بخبره الوحي الأمين وإن كنا لنصدق به.------------

  • الثلاثاء AM 09:39
    2016-10-04
  • 5154
Powered by: GateGold