المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 411850
يتصفح الموقع حاليا : 245

البحث

البحث

عرض المادة

بولس

بولسحديثنا الآن عن بولس خاصة وقد علمنا لمحة عن فكر بولس وفلسفته لفكرة الصليب والفداء، وهي مسيحيته التي قام يبشر بها وجاءت مخالفة لمسيحية المسيح الحقة التي اتسمت بالمحبة والوداعة، خلافا لذلك العنف الدموي الذي اعتنقه بولس في مسيحيته الصليبية. ولسوف نرى كيف دخل بولس في المسيحية وكيف كان نتاج أفكاره، خاصة وأن هناك قاعدة معروفة تقول: إنك لا تجني من الشوك العنب.ولقد كان بولس - شاول - يهوديا واشتهر بعنفه في خصومته، بل بعدائه الشديد لأتباع المسيح ولم يكن له حظ من رؤية المسيح - ولو مرة واحدة - في حياته.يقول سفر أعمال الرسل: " أما شاول فكان يسطو على الكنيسة وهو يدخل البيوت ويجر رجالا ونساء ويسلمهم إلى السجن 3: 8 "." والشهود خلعوا ثيابهم عند رجلي شاب يقال له " شاول "، فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو. . ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم: يا رب لا تقم لهم هذه الحطية.وإذ قال هذا رقد وقد كان شاول راضيا بقتله " (أعمال الرسل 7: 58 -60، 8: 1 -3) .ثم أعلن بولس -فجأة - تحوله إلى المسيحية. . .إن تاريخ الديانات يشهد لكثيرين كانوا من ألد أعدائها وأعداء النبي والرسول الذي جاء يدعو لها ثم يتحولون إليها ويصيرون من خير دعاتها. لكن القاعدة الهامة والخطيرة التي شذ فيها بولس هي أنه لم يلتزم بالتعاليم الموجودة في العقيدة الجديدة التي تحول إليها -وهي المسيحية - لكنه اختص بتعليم انفرد به وطفق يبشر به، واستطاع بوسائله الخاصة ومهاراته أن ينحي كل التلاميذ جانبا ويتصدر الدعوة إلى المسيحية بعد أن اكتسح الآخرين. ولنرى الآن ماذا يقول سفر أعمال الرسل عن قصة تحول بولس إلى المسيحية. يقول الإصحاح التاسع: " أما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلًا على تلاميذ الرب. فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات حتى إذا وجد أناسا من الطريق رجالا ونساء يسوقهم موثقين إلى أورشليم.وفي ذهابه حدث أنه اقترب إلى دمشق فبغتة أبرق حوله نور من السماء فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلًا له: شاول لماذا تضطهدني؟ فقال من أنت يا سيد. فقال الرب أنا يسوع الذي أنت تضطهده. . فقال وهو مرتعد ومتحير يا رب ماذا تريد أن أفعل. فقال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل.وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحدا - 9: 1 - 7 ".لكن الله - سبحانه وتعالى - دائما يبين الحق رحمة بالناس ولهذا نجد الإصحاح الثاني والعشرين من سفر أعمال الرسل يحكي قصة تحول بولس إلى المسيحية على لسانه شخصيا فيقول: " حدثت لي وأنا ذاهب ومتقرب إلى دمشق. . أبرق حولي من السماء نور عظيم. فسقطت على الأرض وسمعت صوتا قائلا لي: شاول شاول لماذا تضطهدني؟ فأجبت من أنت يا سيد. فقال أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده. والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا الصوت الذي كلمني -22: 6 -9 ".من ذلك نتبين أن المسافرين: سمعوا الصوت ولم ينظروا النور حسب قول الإصحاح (9) ، بينما ذكر الإصحاح (22) عكس ذلك تماما فقال: نظروا النور ولم يسمعوا الصوت. . هذه بداية دخول بولس إلى المسيحية وهي قصة مشكوك فيها تماما. .لقد دخل بولس المسيحية - وفق رواية خطؤها واضح تماما - ثم انطلق بتعليمه الخاص الذي أعلن فيه الاستغناء عن كل تعليم تلقاه تلاميذ المسيح من معلمهم بدعوى أنه تلقى تعليمه من المسيح مباشرة في تلك الرؤيا المزعومة.فهو يقول: " لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته، أن يعلن ابنه في لأبشر به بين الأمم للوقت لم أستشر لحما ودما ولا صعدت إلى أورشليم إلى الرسل (التلاميذ) الذين قبلي، بل انطلقت إلى العربية ثم رجعت أيضا إلى دمشق. ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف ببطرس فمكثت عنده خمسة عشر يوما. ولكني لم أر غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب. والذي أكتب به إليكم هو ذا قدام الله إني لست أكذب فيه - غلاطية وهكذا بدأ بولس الدعوة إلى المسيحية وفق مفهومه الخاص لمدة ثلاث سنوات قبل أن يتعرف بتلاميذ المسيح الذين أسسوا الكنيسة الأم في أورشليم والذين كانوا المرجع في كل ما يتعلق بالمسيحية والدعوة إليها.ثم يقول بولس: " بعد أربعة عشر سنة صعدت إلى أورشليم مع برنابا آخذا معي تيطس أيضا. وإنما صعدت بموجب إعلان وعرضت عليهم الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم ولكن بالانفراد على المعتبرين لئلا أكون أسعى أو قد سعيت باطلًا. فإن هؤلاء المعتبرين لم يشيروا على بشيء بل بالعكس إذ رأوا أني أؤتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان " (غلاطية من ذلك يتضح: 2: 1 -8) .من ذلك يتضح:1 - أن قصة دخول بولس في المسيحية مشكوك فيها ولا يمكن الاعتماد عليها لما فيها من تناقضات صارخة.2 - لم يعرف بولس عن المسيحية سوى الصلب وسفك الدم وأن هذا شيء أختص به. وأما غير ذلك من تعاليم المسيح فقد أهمله تماما فهو يقول: " أعرفكم أيها الإخوة الإنجيل الذي بشرت به إنه ليس بحسب إنسان. لأني لم أقبله من عند إنسان ولا علمته بل بإعلان يسوع المسيح " (غلاطية 1: 11 -12) ." لأني لم أعزم أن أعرف شيئا بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوبا " - (1) كورنثوس: 2: 2) .لقد بحث العلماء فكر بولس والتيارات التي أثرت فيه. وفي هذا يقول تشارلز دود:" لقد أوضحنا سلفا أن فكرة الكمنولث العالمي كانت شائعة في العالم الوثني وكانت روما في تأثرها بالمثل العالية للرواقيين - الذين قدموا في أيام بولس رئيسا لوزراء الإمبراطورية، وفي القرن التالي له اعتلى أحدهم عرش الإمبراطورية - فحاول تأسيس ذلك الكمنولث. ولقد تأثر بولس كأحد المواطنين الرومان بهذه الأفكار " (1) .لقد فكر بولس في انشاء كمنولث مسيحي يقوم على اسم واحد وعلامة واحدة هما المسيح والصليب. ولا مانع أن تكون فيه أفكار وديانات مختلفة. . ليكن ما يكون. . إن بولس يعترف في رسائله بأنه لم يتحرز عن استخدام كل الوسائل لكسب أكبر عدد من الأتباع فهو يقول: " إذ كنت حرا من الجميع استعبدت نفسي للجميع لأربح الأكثرين. فصرت لليهود كيهودي لأربح اليهود. وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس. . صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء. صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال قوما. وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل لأكون شريكا فيه " (كورنثوس 9: 19 - 23) .وهكذا نجد بولس قد عرض المسيحية على أصحاب العقائد المختلفة بالصورة التي ترضي كلًا منهم وترتب على ذلك أنهم دخلوا الديانة الجديدة بعقائدهم وأفكارهم القديمة وكان لهذا - ولا يزال - أثره الخطير في المسيحية.ولقد عرفنا من قبل أن برنابا هو الذي قدم بولس إلى التلاميذ لكن الذي حدث بعد ذلك أن أزاح بولس برنابا من تصدر الدعوة إلى المسيحية.يقول سفر أعمال الرسل: " فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر " (15: 39) . ولم يلبث بولس أن تشاجر مع بطرس - رئيس التلاميذ - ونحاه أيضا فهو يقول: " لما أتى بطرس إلى أنطاكية قاومته مواجهة " غلاطية 2: 11) .ومن المؤكد أن بولس لم يعلم قدر بطرس الذي أعطاه المسيح التفويض أن يحل ويربط كما يشاء والذي عينه راعيا لتلاميذه. . .ولا داعي للحديث عن رسائل بولس فهي رسائل شخصية بحتة يقول في بعضها: ليس عندي أمر من الرب ولكني أعطى رأيا (اكو: 7: 25) 0 أو يقول: أظن أني أنا أيضا عندي روح الله (أكو 7: 40) . أو يقول: لست أقول على سبيل الأمر بل أعطي رأيا (أكو 7: 6) . وهكذا من مثل هذه الأمور الظنية التي لا تصلح إطلاقا لبناء عقيدة.كذلك تنتهي رسائله بالحديث عن السلام وبث القبُلات المقدسة للرجال والنساء على السواء مثل قوله:سلموا على تريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب. . (رومية 16: 12) .سلموا على برسيس المحبولة التي تعبت كثيرا في الرب. . (رومية 16 -12) .سلموا بعضكم على بعض بقبُلة مقدسة. . (رومية 16: 16) .إن مسيحية بولس تقوم أساسا على فكرة الإله المخلص المقتول، ولقد كانت الديانات التي شاعت في العالم الروماني في ذلك الوقت مثل ديانات إيزيس وميثرا وسيبل تقوم على نفس هذه الفكرة. ولهذا يقول مؤرخو الديانات إن التشابه ملحوظ بين المسيحية وتلك الديانات.يقول: هربرت فيشر في كتابه " تاريخ أوروبا ": " استدار العالم الروماني بشغف زائد إلى عبادات الشرق الملتهبة مثل عبادات إيزيس وسيرابيس وميثرا. . إن عباد إيزيس المصرية وسيبل الفريجية وميثرا الفارسي اشتركوا في معتقدات كثيرة وجدت في النظام المسيحي.لقد اعتقدوا في اتحاد سري مقدس مع الكائن الإلهي إما عن طريق اقتران خلال الشعائر أو بطريقة أبسط عن طريق أكل لحم الإله في احتفال طقسي. . لقد كان الإله الذي يموت بين العويل والمراثي بيد أنه يقوم ثانية وسط صيحات الترحيب والسرور، من الملامح الرئيسية في هذه العبادات الشرقية الغامضة. .إن عبادة إيزيس قد نظمت بطريقة تماثل تماما ما في الكنيسة الكاثوليكية.لقد كان هناك تنظيم كهنوتي مماثل مكون من البابا مع القسس والرهبان والمغنين وخدم الكنيسة. وكانت صورة السيدة ترصع بجواهر حقيقية أو مزيفة وكانت زينتها تعمل كل يوم كما كانت صلاة الصبح وأغاني المساء تغنى في معابدها الرئيسية. وكان الكهنة حليقي الرؤوس ويلبسون ملابس كهنوتية بيضاء من الكتان.إن التحول من الوثنية إلى المسيحية لم يكن يعني الدخول في جو غريب كلية، أو ممارسة ثورة فجائية. لقد كانت عملية التحول تتم بلطف. . وكانت طقوس العقيدة الجديدة استرجاعا للأسرار القديمة.فقد كانت عقيدة الوسيط مألوفة في معتقدات الفرس وأتباع الأفلاطونية الحديثة وكانت فكرة التثليث معتقدا دينيا شائعا تنبع أساسا مما تعارفوا عليه من أن العدد ثلاثة هو العدد الكامل " (1) .ويقول أرنست كيللت في كتابه " مختصر تاريخ الديانات ": إن أوجه التشابه المحيرة بين شعيرة التعميد (المسيحية) - على سبيل المثال - وبين طقوس التطهير في ديانة أتيس وأدونيس لتصدم كل دارس. لقد أظهرت الديانة المسيحية قدرة ملحوظة في جميع العصور على الأخذ لنفسها ما يناسبها من الديانات الأخرى.ولسوف أعطي هنا ملخصا لأسطورة أتيس وطقوس عبادته لأن هذا لم يؤثر فقط بعمق في المسيحية بل لأنه كان منتشرا في أغلب الإمبراطورية الرومانية. لقد حدثت قيامة أتيس في يوم الخامس والعشرين من مارس بدء الربيع وهو نفس اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات حسب أقوال كثير من المسيحيين. . كذلك فإن التشابه بين الطقوس السرية لديانة ميثرا والمسيحية مذهلة. إن المثرية لها طقوسها المتعلقة بالعشاء الرباني ومن الصعب التفريق بينها ولين ما في عقيدتنا المسيحية، ولها احتفالات تماثل احتفالات عيد الميلاد ولها عيد القيامة " (2) .


  • الخميس PM 06:25
    2016-01-21
  • 3767
Powered by: GateGold