المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415842
يتصفح الموقع حاليا : 152

البحث

البحث

عرض المادة

المعجزة الوحيدة الموعودة

نبوءة (ليست قبل ، وإنما) بعد (وقوع) الحدث :

المتحمسون للإنجيل والحرفيون لا يملون اقتباس نصوص يزعمون صدورها عن يسوع، مؤداها أنه كان ذاهبا إلي أورشليم ليموت، وأنه سيعود إلي الحياة في اليوم الثالث. وسوف يؤكد أي دارس للمسيحية أن الأناجيل إنما دونت كتابيا بعد قرون وحقب من وفاة المسيح عليه السلام. وفي حياته لم تكتب كلمة ولم يأمر أي شخص أن يكتب عنه كلمة ! ويستثني تايلور في شرحه لإنجيل القديس مرقس ص 437، يستثني من ذلك النبوءات المزعومة عن صلب المسيح كنبوءة بعد وقوع الحدث. ذلك أن كتاب الإنجيل اخترعوا كلاما وأقوالا وأجروها علي لسان يسوع كما لو كان قد تنبأ بوقوع الأحداث.
والمبشرون المسيحيون، البروتستانت، الصليبيون حريصون على الاستماع لأي دارس للمسيحية بصرف النظر عن إخلاصه أو منزلته – سواء كان تايلورأو شفايزر أو براندون أو أندرسون. ولو قالوا أي شيء لا يتفق مع أحكامهم المسبقة أو ما يريدون سماعه، فإنهم يتجاهلونهم جميعا باعتبار أنهم "مصادر خارجية" (لا يعتد بها) أو باعتبارهم "أقلية القرن العشرين المعارضة" ولذلك فإنني هنا أطبق المثل القائل "خذ الثور من قرينه إلي الحوض للشرب".


المطالبة بمعجزة :

كان اليهود قد أرهقوا موسي عليه السلام بجدلهم. وكانوا سببوا له كثيرا من المتاعب. وها هم أولاء الآن لا يقلون شغبا مع المسيح عليه السلام وفي خضم هوسهم بالأسئلة المحرجة يأتون إليه الآن، مظهرين كل أدب واحترام ليقولوا له : "يا معلم نريد أن نري منك آية" (متي 12 : 38).
كل ما بشر به وكل تعاليمه ومعجزاته لم تكن كافية، في نظرهم لتقنعهم أنه كان رجلا مرسلا من الله، وأنه كان المسيح المرسل إليهم. إنهم الآن يطلبون "آية" – معجزة – كالطيران كالطير في السماء، أو المشي في الماء، وباختصار يريدون منه أي شيء يبدو مستحيلا.
وقبل أن تتقدم أكثر من ذلك في مناقشة أي مسيحي، تأكد أيها القارئ الكريم أنه يفهم كلمة "آية" في النص السالف باعتبار أنها "معجزة". هذه الكلمة البسيطة الموجودة بالفعل في إنجيل الملك جيمس الذي ينقل عنه معظم مترجمي الإنجيل (عن الإنجليزية) تخلق صعوبة في حصر وفهم معناها. وفي الطبعة العالمية الجديدة من الإنجيل التي توافق عليها جميع الطوائف المسيحية كاثوليك وبروتستانت وإصلاحيين وغيرهم يتحدد معني كلمة "آية" ليصبح "آية إعجازية" وليس أي أية أو علامة مثل علامات المرور مثلا.
ومن الضروري بالنسبة لنا أيضا أن نحدد المقصود بكلمة "آية". وأبسط وأصدق تعريف "الآية" هو ذلك الذي قدمه الدكتور ليتلتون في كتابه "مكان المعجزات من الدين" بأنها "عمل فيما وراء (يفوق) قدرة الإنسان".
وهذا بالضبط هو ما كان يريده اليهود من عيسي عليه السلام. عمل لا يستطيعون بكل طوائفهم أن يأتوا به. وهو طلب يبدو في ظاهره سويا للغاية. ولكنه – في حقيقة الأمر – يدل علي عقلية مريضة تنبش لتعثر علي "الخدع" التي يألفها كل شكاك من الماديين.


آية واحدة ليس إلا :

ويرد عليهم عيسي عليه السلام بقوله : ". . . جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطي له آية إلا آية (1) يونان النبي" (متي 12 : 39).
ما هي "العلامة" أو المعجزة أو "الآية" التي أتيحت ليونان ويريد اليهود شبيها لها؟ !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)    يقابله اسم يونس عليه السلام لدي المسلمين. ويطلق عليه اسم صاحب الحوت. (المترجم).





ولنتعرف علي هذه الآية، هيا نذهب إلي سفر يونان بالكتاب المقدس لدي المسيحيين. ولكن هذا السفر محير! إنه ورقة واحدة بها أربعة إصحاحات قصيرة. لكن كل طفل يعرف قصته.


خلفية للآية :

ولتنشيط ذاكرة قرائنا الكرام، أسمحوا لي أن أذكركم أن الله جلت قدرته يأمر يونان (عليه السلام) بالذهاب إلي مدينة نينوي، (وهي مدينة عظيمة كان تعداد سكانها يبلغ مائة ألف نسمة) ويحذرهم طالبا إليهم أن "يتوبوا إلي الله وأن يرتدوا المسوح الخشنة ويجلسوا علي الرماد". وذلك تحقيرا لأنفسهم أمام خالقهم ليتوب عليهم) وإلا يدمرهم.
ويشعر يونان باليأس والقنوط خشية ألا يطيعه أهل نينوي الماديون الغلاظ القلوب، فيسخروا منه. ولذلك فإنه بدلا من أن يذهب إلي نينوي، ذهب إلي جوبا ليبحر منها إلي بلدة نرشيش (ليركب البحر ضاربا الصفح عن الذهاب إلي نينوي مخالفا أمر ربه إليه) وتهب عاصفة فظيعة علي البحر. ووفقا لخرافات البحارة، فإن من يعصى لله أمرا يكون هو السبب في مثل هذه العاصفة. ويبدأون البحث فيعرف يونان أنه المذنب لأنه كنسي لله فهو من جنود الله. وكجندي لله كان يلزمه أن يطيع أمر الله إليه. لم يكن له الحق في أن يتصرف حسب هواه. ولذلك يتطوع بالرجوع عن غلطته. كان يخشى أن يكون الله يريد دمه. ولكي يقضي الله عليه، فإنه سبحانه يغرق القارب ويميت أناسا أبرياء. ويقترح يونان أنه من الأفضل أن يقذف به إلي البحر وبذلك تزاح هذه الكارثة التي حلت بهم وبسفينتهم.


إجراء قرعة :

هؤلاء الناس الذين عاشوا ثمانية قرون قبل المسيح كان لديهم إحساس بالعدالة والتحقق بها أكثر مما لدي إنسان العصر الحديث. شعروا أن يونان كان يريد أن ينتحر وربما كان بحاجة إلي عونهم ومساعدتهم. ولم يكونوا ليساعدوه في حماقته التي بدت لهم ولذلك فإنهم يقولون له إن لديهم نظاما يعرفون به الصواب من الخطأ، بعمل قرعة علي نحو ما (مثل إلقاء عملة معدنية) ووفقا لنظامهم البدائي ذاك كانت القرعة تستقر علي يونان. ولذلك أخذوه وألقوه إلي البحر !


ميت أم حي ؟

ويثار سؤال هو : عندما ألقوا يونان من ظهر المركب أكان ميتا أم حيا؟ لكي أجعل الإجابة سهلة دعنى أساعدك بالإشارة إلي أن يونان كان قد تطوع عندما قال : "خذوني واطرحوني في البحر فيسكن البحر عنكم لأنني عالم أنه بسببي هذا النوء العظيم عليكم". (يونان 1 : 12) وعندما يتطوع إنسان فليس ثمة حاجة إلي أن يصرعه أحد قبل القذف به، ليس ثمة حاجة إلي طعنه برمح قبل طرحه، ليس ثمة حاجة إلي ربط رجليه ويديه قبل إلقائه. وكل إنسان يوافق أن ذلك كذلك.
والآن فلنرجع إلي السؤال : هل كان يونان ميتا أم حيا، عندما ألقي به إلي البحر العاصف؟ الإجابة التي نحصل عليها هي أنه – كان حيا ! وتهدأ العاصفة. ربما بالصدفة. ويأتي حوت ويبتلع يونان. هل كان ميتا أم حيا؟ ومرة ثانية نقول جميعا : حي ! وفي جوف الحوت يسبح ويصلي لله طلبا لنجدته. فهل يسبح ويصلي الناس الموتى؟ كلا ! فهو إذن كان حيا. وفي اليوم الثالث يلفظه الحوت علي الشاطئ – ميتا أم حيا؟ الإجابة هي : "حي" مرة أخري !
إنها معجزة المعجزات ! يقول اليهود إنه كان حيا ! ويقول المسيحيون إنه كان حيا ! ويقول المسلمون إنه كان حيا ! ولنعجب بعض العجب أن عيسي عليه السلام اختار معجزة يونان (سيدنا يونس) كمعجزة وحيدة له. وهي معجزة يتفق عليها اليهود والمسيحيون والمسلمون، أصحاب الديانات الرئيسية الثلاث في العالم.
ولنلخص هذه المعجزة العظمي من سفر يونان بالإنجيل.
(1)    عندما تلقي رجلا في بحر هائج فإنه يموت. ولأن يونان لم يمت فإنها معجزة !
(2)    يأتي حوت ويبتلع الرجل، وكان يجب أن يموت. ولم يمت، ومن ثم فهذه معجزة مضاعفة الإعجاز !
(3)    بتأثير الحرارة والاختناق في بطن الحوت لمدة ثلاثة ألأيام، وثلاث ليال، كان من اللازم أن يموت.
ولم يمت. إنها إذن معجزة تتضمن معجزات
عندما تتوقع أن يموت رجل (لتوفر سبب الموت) ولا يموت، فإنها حينئذ تكون معجزة. ولو واجه رجل فرقة لضرب النار واستقرت ست رصاصات في جسمه عند الأمر بالضرب، ومات الرجل. هل تكون هذه معجزة؟ "لا" ولكن إذا عاش (الرجل) ساخرا مما حدث، فهل تكون هذه معجزة؟ بالطبع تكون معجزة. كنا نتوقع أن يموت يونان كل مرة (من المرات الثلاث) لكنه لا يموت، فهي إذن معجزة تتضمن معجزات.


يسوع مثل يونان :

ويسوع أيضا يفترض ويعتقد أنه بعد محنة (صلبه) أن يكون قد مات، أو كان يجب أن يكون قد مات. ولو كان قد مات لما كان ثمة معجزة. ولكن لو أنه عاش كما كان بنفسه قد تنبأ بذلك وبرهن عليه وفقا لما جاء "بالكتب المقدسة" لكانت هذه هي "الآية" أو المعجزة. وها هي ذي كلماته تقول : ". . لأنه كما كان يونان . . . (ويورد المؤلف ما يقابل هذا التعبير بلغات أخري) " أو كما ورد بإنجيل متي فإن يسوع يقول : "لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال – كذلك سيكون ابن الإنسان" (متي 12 : 40) وكيف كان يونان ببطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال – هل كان ميتا أم حيا؟ المسلمون والمسيحيون واليهود مرة ثانية يوافقون بحماس أنه كان حيا ! فكيف كان يسوع في المقبرة (طوال وقت يماثل في طوله بقاء يونان ببطن الحوت) – هل كان ميتا أم حيا؟ إن أكثر من ألف مليون مسيحي تابعي كل الكنائس الاكليروسات يجيبون بحماس بقولهم "ميت" ! أقول لهم : "فهل يكون بذلك "مثل" أم أنه "ليس مثل" يونان في لغتكم؟ " وكل من لا يعاني اختلاطا في عقله يقول إن ذلك مغاير تماما لما حدث ليونان.
ولقد كان يسوع قد قال إنه سيكون مثل يونان، وأتباعه المتحمسون يقولون إنه "لا يماثل" يونان. من يكذب من يسوع أم أتباع يسوع؟ أدع لكم الإجابة.


مهمة ضخمة :

لكن الدين مهنة مربحة. وباسم المسيح يستدرون المال منها. يقول الصليبيون إننا قد أخطأنا تناول المسألة. إنهم يقولون إنه عنصر الوقت فحسب هو ذلك الذي كان يؤكده يسوع فيما تنبأ به (بخصوص شبهة بيونان). ولا تتعلق النبوءة بكونه يكون حيا أو ميتا. ويقولون : "ألا تستطيعون أن تدركوا أنه كان يؤكد عل عامل الوقت؟ إنه يكرر كلمة "ثلاث" أربع مرات. إنهم رجال غرقوا ويحاولون التعلق بالقش ونساء غرقي كذلك ! ماذا قال يسوع؟ قال : "لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال". (متي 12 : 40).
ويسوع لم يكن بحال قرب "بطن الأرض". المفروض أنه كان بمقبرة كانت علي ارتفاع مناسب علي سطح الأرض. ومن إن كان يعبر تعبيرا تصويريا.
ثلاثة وثلاث قد كررت أربع مرات دون ريب، ولكن لا إعجاز هنالك فيما يتعلق "بعامل الوقت". كان اليهود يطلبون من يسوع معجزة، وليس ثمة شيء يجعل من ثلاثة أيام أو ثلاث ليال أو ثلاثة أسابيع أو ثلاثة شهور معجزة بأي حال.
وفي أول مرة سافرت إلي مدينة "الكاب" من مدينة ديربان منذ ثلاثين عاما، استغرقت الرحلة ثلاثة أيام وثلاث ليال لكي أصل إلي مدينة كيب تاون. فرحي، إنها معجزة ! ستقول لي : "هذه كلام فارغ. ليست هذه معجزة وسأكون مضطرا أن أوافق".
لكنه ليس سهلا علي المسيحي أن يوافق لأن خلاصه معلق بهذا الخيط. ولذا لابد له أن يتمسك بخيط الحياة. ونستطيع أن نكون خيرين. فلنحاول التسرية عنه ! نقول له : "إنه إذن عنصر الوقت ذلك الذي كان يسوع قد خرج لكي يحققه؟ " فيقول المسيحي : "نعم! " نقول : "ومتي "صلب" ؟ " ومعظم المسيحيين يعتقدون أن ذلك قد تم يوم الجمعة بعد الظهر منذ قرابة ألفي عام مضت.

  • الجمعة PM 06:40
    2015-08-07
  • 2914
Powered by: GateGold