المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415869
يتصفح الموقع حاليا : 212

البحث

البحث

عرض المادة

ذكاء أم شجاعة

ولو اعتمدنا هذه النصوص الموقرة، وصدقنا ثوراته علي علماء عصره (من اليهود) ولو ساد سيف بطرس، لشهدنا مذبحة دون رحمة مشابهة لتلك التي قام بها سلفه جيهوفا (يوشع) الذي دمر تماما كل ما كان في جريتشو أو كما جاء بسفر يوشع : "وحرموا كل ما في المدينة من رجل أو امرأة، من طفل أو شيخ، حتى البقر والغنم والحمير، بحد السيف" (سفر يوشع 6 : 21) ولن يدخر كتاب الإنجيل وسعا في اختلاق الكلمات علي شفتي يسوع كلمة كلمة لتحقيق النبوءات (إثر وقوع الأحداث) كما كان مأثورا عن "أبيه؟" داود.

الإخفاق والمحاكمة :

أخفقت المسيرة نحو أورشليم، والاعتصام داخل البستان وضح عدم جدواه. وكما أن هنالك ثمارا للانتصار فإن هناك ثمنا يلزم أن يدفع عند الاندحار. وكانت العواقب وخيمة ! فكانت المحاكمة، وكانت وخطأ ثان في الحساب :
أخطأ يسوع في الحساب خطأ مزدوجا :-

(1)    الاعتداد والاعتماد علي الحماس البادي علي الحواريين بالحجرة التي بالطابق العلوي، مما هيأ له الاعتقاد بأن عليه فقط أن يناضل اليهود بنجاح لو حاولوا أن يقبضوا عليه في الخفاء.
(2)    كان اليهود مكرة خبثاء، أكثر مما كان يقدر ويحسب. لقد جاءوا في جانبهم بجنود الرومان.
ودارسوا اللاهوت المسيحي ليسوا أقل مكرا وخبثا في تفسيرهم للإنجيل. لقد حولوا عبارة "الجند الرومانيون" ببساطة إلي كلمة "الجنود" فقط ثم حرفوا كلمة "الجنود" إلي "مجموعة من الرجال" أو إلي "الحراس". يقول إنجيل يوحنا "فأخذ يهوذا الجند وخداما من عند رؤساء الكهنة والفريسيين. وجاء إلي هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح" (يوحنا 18 : 3).


القبض عليهم نياما :

تم الإمساك بالحواريين في وضع غير ملائم، كما يقول الإنجيل أو بالأصح كانوا نائمين.وداس عليهم عدوهم بأحذية ثقيلة. وكان هنالك جندي واحد من جنود يسوع كان من الصحو وتيقظ الذهن، لدرجة أنه سأل " .. يا رب أنضرب بالسيف" (لوقا 22 : 49).
ولكن قبل أن يتمكن المسيح من محاولة الإجابة كان بطرس قد ضرب بالسيف ليقطع الأذن اليمني لواحد من الأعداء. لم يكن يسوع قد عمل حساب الجنود الرومان. وإذا تحقق أن منضدة إستراتيجيته قد قلبت رأسا علي عقب، فإن يسوع ينصح تلاميذه قائلا : " ... رد سيفك إلي مكانه لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون" . (إنجيل متي 26 : 52).


تغيير في الإستراتيجية :

ألم يستجل المسيح وجه الحق في قوله السالف عندما كان قد أمر أتباعه أن يبيعوا ملابسهم ويشتروا السيوف ؟ بالتأكيد كان يعرف. لماذا التناقض الآن ؟ ليس هناك تناقض في الحقيقة ! إن الموقف قد تغير فمن اللازم تبعا لذلك أن تتغير الإستراتيجية. كان لديه من الإدراك ما يكفي لكي يتحقق أنه من الهلاك والانتحار بالنسبة لجنوده الناعسين أن يظهروا مجرد تظاهر بالمقاومة ضد جنود الرومان المسلحين المدربين.
... وأمير السلام ؟؟؟
لماذا لا يعطي المسيحيون المولعون بالجدل وثيقة تشريف ولماذا لا يمجدون "ربهم وإلههم" لهذا الفهم البسيط ؟ لأنهم كانوا مبرمجين لمدة تزيد علي ألفي عام، باعتبار أن يسوع في تصورهم إنما هو الحمل الوديع "أمير السلام" لا يمكن أن يؤذي ذبابة. وهم يتغاضون عن ذلك الجانب الآخر من طبيعته التي كانت تطلب الدم والنار ! ينسون أوامره إلي أتباعه أن يحضروا أعداءه الذين لا يقرون حكمه، لكي يتم ذبحهم قدامه. كما جاء بإنجيل لوقا (19 : 27) وكما جاء في إنجيل متي إذ يقول : "لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما علي الأرض. ما جئت لألقي سلاما بل سيفا" (إنجيل متي 10 : 34) ويقول في إنجيل لوقا : "جئت لألقي نارا علي الأرض. فماذا أريد لو اضطرمت – أتظنون أني جئت لأعطي سلاما علي الأرض. كلا أقول لكم بل انقساما" (لوقا 12 : 49 ، 51).
المحنة، وكان الاضطراب، وكان العرق، وكان الدم.
وسحب الجنود الرومانيون عيسي عليه السلام من بستان جيثسمين إلي أناس، ومن أناس إلي كايفاس، رئيس الكهنة، ومن ثم إلي السنهدرين (مجمع الأحبار) الذي يباشره أحبار اليهود للمحاكمة وتنفيذ الحكم.
بينما كانوا يتداولون يسوع بين أيديهم ويسوقونه نحو مصيره، أين كان صناديده الأبطال الذين كانوا يدقون بأيديهم علي صدورهم قائلين : نحن مستعدون يا سيد أن نموت من أجلك، ومستعدون أن نذهب إلي السجن فداء لك". يقول القديس مرقس وهو من أوائل من دونوا الإنجيل، دون خجل أو وجل يقول : "فتركه الجميع وهربوا" (مرقس 14 : 50).
ولم يستطع واضعو 27 إنجيلا تكون "العهد الجديد" أن يجدوا مثل هذا الغدر الجبان في كتاب اليهود المقدس (التوراة أو العهد القديم) لكي تتحقق النبوءة، ولو كان لمثل هذا الغدر نظير لأسرعوا في استغلاله.


الإعجاب بالهزيمة :

وخلال مناظرة بين الإسلام والمسيحية مذاعة بالتلفاز، قال أحد المشتركين الذين يدعون أنهم ولدوا من جديد (لاشتغالهم بالتبشير) : إنه يفخر بكلمة "أسلموه" وينطقها حرفا حرفا "أ س ل م و ه" مما يعني أنها كانت تعني الفخر والنصر عنده، ولا تعني مرارة الهزيمة وعارها. أن الحرفيين من أصحاب الإنجيل، قد ابتدعوا مرضا جديدا هو الافتتان بالخسة والعار. وكل منهم، ذكورا وإناثا، لن تعوزهم الحيلة كي ينسبوا خطاياهم وآثامهم وفسوقهم وسكرهم وعربدتهم إلي هذا المشجب. ويبدو أن الإنسان يلزمه أن يكون من حثالة البشر، ليكون عضوا في زمرة الذين ولدوا من جديد.
****



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(ثم يورد المؤلف ما نشرته جريدة "ديلي نيوز" بتاريخ 25 مارس عام 1975، من أن جثة سيدة عجوز تدعي سيكورسكي تغمز بعينها للحانوتي الذي تولي تجهيزها للدفن، بعد صدور شهادة طبية لوفاتها، مقدما صورة فوتوغرافية للموضع كما نشرته الجريدة المذكورة).

  • الجمعة PM 04:59
    2015-08-07
  • 2860
Powered by: GateGold