المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415848
يتصفح الموقع حاليا : 155

البحث

البحث

عرض المادة

إقامة مملكة الله

وقرينة ثالثة في قولهم "وفقا لـ .."
الأمر المذهل فيما يتعلق بشأن تلك الإفادات والشهادات الموثقة (الكتابات المعزوة إلي متي ومرقس ولوقا ويوحنا) هو أن أيا منها ليست ظاهرة الصدق. ولا تحمل أي واحدة منها أي توقيع أو إمضاء أو علامة لمنشئها في تلك "الأصول" أو النسخ الأصلية المزعومة لها. إنهم الآن يفخرون بأن في حوزتهم أكثر من 500 نسخة أصلية (مع أنه) لا تتطابق أو تتماثل منها جميعا نسختان (لتزكي إحداهما الأخرى). أليس (1) هذا أمرا محيرا ! ومن الغريب أيضا أن المسيحيين أنفسهم يمايزون بين أناجيلهم بتدوين عبارة "الإنجيل وفقا لرواية القديس متي" ، أو "الإنجيل وفقا لرواية القديس لوقا" ... الخ.
وعندما يسأل المسيحيون لماذا يتم تكرار تعبير "وفقا لـ . ." في صدر كل إنجيل، فإن الرد الفوري هو أنها ليست "أتوجرافية" وإنما يفترض فحسب أنها أثرت عن أسماء الأشخاص التي تحملها الأناجيل اليوم، ولقد حذف مترجمو الطبعة العالمية للإنجيل هذه "الوفقا لـ " بدون أي اكثرات من الأناجيل الأربعة في أحدث ترجمة لها. ومن بين واضعي الإنجيل ويا للعجب وهم متي ومرقس ولوقا ويوحنا يمكن القول بأن خمسين بالمئة منهم لم يكونوا من الأثني عشر حواريا المعروفين كحواريي عيسي عليه السلام.
قضية يتم الفصل فيها لدي أول جلسة :
ويمكن أن أقول – بكل تواضع – أن مثل هذه الوثائق التي لا تثبت لتمحيص تنحي جانبا في أية محكمة في أية دولة متحضرة خلال دقيقتين. وأكثر من ذلك فإن أحد الشهود المزعومين وهو القديس مرقس يخبرنا أنه في أحرج لحظات الموضوع (أيام صلب المسيح المزعوم) كان "كل" نلاميذه "قد خذلوه وهربوا" كما جاء بإنجيل مرقس ( 14 : 50) وسل صديقك المسيحي هل "كل" تعني "كل" ومهما تكن لغته سيقول لك : "نعم".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)    يحاول المسيحيون أن يشبهوا ذلك بوجود أكثر من ترجمة لمعاني القرآن الكريم ولكن يمكن الرد عليهم بأن أصل ترجمات القرآن واحد فضلا عن أنه معجز. (المترجم).



لماذا إذن لا يتذكرون هذه الجملة الواردة في الإنجيل بكل لغة كتب بها الإنجيل؟
وهكذا فإن من يزعمون أنهم كانوا "شهود عيان" للحدث لم يكونوا شهود عيان، وإلا كان القديس مرقس كاذبا في روايته الإنجيلية. وأيضا فمن المفروض أنه يتحدث تحت قسم أو يمين ! سوف توافق إذن أن هذه القضية المبنية علي مثل هذا الدليل الهش تطرحها المحكمة جانبا مرتين في دقيقتين، ولكن فكرة مسلما بها لدي المسيحيين طوال ألفي عام حتى الآن يتمثل فيها خلاص 1200 مليون مسيحي سوف تنهار. ولذا فإن الأمر يحتاج إلي حذر في التعامل معه أكثر وأكثر. وسوف "نفترض" أن شهادة متي ومرقس ولوقا ويوحنا صحيحة.
فمن أين نبدأ ؟
نبدأ من بداية مجري الأحداث ! مطبقين ما جاء في أول سفر التكوين "في البدء ..." بالضبط قبل 24 ساعة من تلك "الأحداث المفجعة، عدما هبت العواصف، وكسفت الشمس، ووقع الزلزال، وانشق الصخر، وتمزقت ستائر المعبد من أعلاها إلي أسفلها، وانشقت القبور لتمشي الهياكل العظمية في شوارع أورشليم" كما هو مأثور عن أولئك الشهود المسيحيين. يا له إذن من "سيناريو" يساوي مليون "دولار" ويحطم الرقم القياسي لدي إنتاجه "كفيلم سينمائي" !
ولا ينبغي لنا أن ننسي أن اليهود إنما هم في قفص الاتهام لأنهم متهمون بقتل عيسي المسيح ونحن المسلمين مكلفون بالدفاع عنهم ضد اتهام المسيحيين، لأن العدالة ينبغي أن تأخذ مجراها. ومهما تكن خطايا اليهود في تحريف كلام الله بالزيادة عليه والنقصان فيه، فإن الله سبحانه وتعالي قد برأهم من تهمة قتل المسيح إذ قال عز من قائل :  وما قتلوه يقينا  (سورة النساء 157).
اللعب ورقة توهم الصلب :
لقد كان العالم المسيحي يضطهد ويطارد ويقتل أبناء عمومتنا اليهود علي مدي حوالي ألفي عام، بسبب جريمة قتل لم يرتكبوها. هل هي شروع في قتل ؟.. يجوز لكنها ليست جريمة قتل. وبتخليصنا اليهود من جريمة قتل لم يرتكبوها فإننا نسحب الهواء من شراع أصحاب الأناجيل. وفي المعركة الدائرة علي قلوب وعقول البشر نجد توهم الصلب هو الورقة الوحيدة التي يلعب بها المسيحيون. حرره من هيامه وشغفه بها تكن قد حررت العالم الإسلامي من هوس العدوان التبشيري.
حول المائدة :
ليلة الشتاء الأخير كان عيسي وحواريوه الاثنا عشر يجلسون حول مائدة كبيرة مع مضيفهم، تلميذه الأثير، الذي يتصادف أن اسمه يوحنا. وكانت أسماء يوحنا ويسوع أسماء شائعة بين اليهود، حوالي عام 30 بعد الميلاد، كما أن أسماء توم، ديك، جون، جيمس شائعة الآن في القرن العشرين. كان هنالك إذن أربعة عشر (1) رجلا، يمكن لك أن تحصيهم حول المائدة. ولم يكونوا ثلاثة عشر رجلا كما يصر المسيحيون علي أنه كان عددهم، مع أنه رقم شؤم لديهم.
المجيء إلي أورشليم :
لقد دخل عيسي عليه السلام مدينة أورشليم منتصرا انتصار الملوك وراءه حاشية فرحة متحمسة، تساورها الآمال العريضة في إقامة "مملكة الله" ، جاء راكبا أتانا ليحقق النبوءة. "قولوا لابنة صهيون هو ذا ملكك يأتيك وديعا راكبا علي أتان .. والجمع الأكثر فرشوا ثيابهم في الطريق ... والأغصان فرشوها علي الطريق .. والجموع يصرخون (أوصنا) (2) لابن داود .. مبارك الآتي باسم الرب. "أوصنا" في الأعالي". (إنجيل متي 21 : 5 – 9).
مملكة السماء :
جاء بإنجيل لوقا : "أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلي هنا واذبحوهم قدامي". (لوقا 19 : 27) ويقول أيضا ".. مبارك الملك الآتي باسم الرب. سلام في السماء ومجد في الأعالي". (لوقا 19 : 38) ويضيف يوحنا إلي ذلك أن الجمع فرحان صرخ قائلا : "أوصنا مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل". (يوحنا 12 : 13).
ويقول أيضا : "فقال الفريسيون .. انظروا إنكم لا تنفقون شيئا. هو ذا العالم قد ذهب وراءه" (يوحنا 12 : 19).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)    المسيح + 12 حواريا + المضيف صاحب البيت = 14 رجلا. (المترجم).
(2)     كلمة معبرة عن الفرح مثل : مرحي أو Hullo (المترجم).



ويقول أيضا : "الآن دينونــة هذا العالم. الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجا". (يوحنا 14 : 31).
"منذا الذي سيقاوم هذا النصر الوشيك الذي يتلاعب كالخمر بالرءوس؟ لا غرو إذن أن يغري ذلك عيسي بأن يطرد أولئك الذين كانوا يبيعون ويشترون داخل المعبد، وأن يقلب مناضد صيارفة النقود وأن يطردهم خارجه ضربا بالسوط كما روي يوحنا" (يوحنا 2 : 15).
ضربة وقائية :
كانت الإطاحة بسلطة اليهود علي معبدهم حدثا ضخما، وكانت الإطاحة بالحكم الروماني لتحل محله مملكة الله أمرا إدا فيا للأسى ! إن آماله الضخمة لن تتحقق. لقد انتهي العرض نهاية هزيلة ورغم هتافات "أوصنا" وهتافات التحية لابن داود "ملك إسرائيل" كان ذلك الأمل غير ناضج، يلزم لنضوجه سنوات وسنوات.
لم يستطع يسوع أن ينجو من تهديد الفريسيين بالقضاء علي تطاول تلاميذه. لقد أخطأ حساب المعركة. ويجب أن يدفع ثمن الفشل. إن أتباعه لم يكونوا مستعدين لأي تضحية رغم كل صياحهم الحماسي.
جدل يهودي :
احتج زعماء اليهود بأن هذا الرجل بمفرده قد خرب دولة. ولذلك فإنه من الملائم أن يموت رجل واحد من أجل أن تعيش الأمة (كما جاء بإنجيل يوحنا 11 : 50).
ولكن مع كل الصياح الهستيري المحيط به لم يكن من الملائم أن يتم اعتقال يسوع علنا. قرروا اعتقاله سرا ووجدوا في واحد من حوارييه هو يهوذا خائنا مستعدا أن يبيعه لهم في مقابل ثلاثين قطعة نقد فضية.
كان يهوذا متذمرا :
في نظر رجال الدين المسيحي، أن الذهب هو الذي أغري يهوذا بكي يقترف فعلته الوضيعة في الوشاية بيسوع. لكن حساسيته تجاه المال كانت بطبيعة الحال أكبر مما يصورها فيه رجال الدين المسيحي. وهو كمختص بالنواحي المالية للجماعة اليسوعية، كانت لديه فرص بلا حصر لاختلاس بعض المال باستمرارية منتظمة. فلماذا إذن يجازف بكل هذا من أجل ثلاثين قطعة فضية؟ وهنالك ما هو أكثر من ذلك تلحظه العين. كان يهوذا مستاء من دخول يسوع المظفر إلي أورشليم، تحيطه الصيحات الملتهبة تهتف حوله : "الآن حانت الساعة والآن يظهر ملك العالم – أنا سوف أحكم فيهم – أحضروهم هنا واسلخوا جلودهم أمامي". ولقد غدا ليسوع الآن أقدام ثابتة. ولو تم استفزاز يسوع، فإن رد فعله سيكون عبارة عن معجزات، وسيجلب النار والحمم من السماء على أعدائه وبالطبع سيستدعي كوكبة الملائكة، التي كان يفخر بأنهم تحت تصرفه ليمكنوه وأتباعه من أن يحكموا العالم.
ومن اتصاله الوثيق بمعلمه، كان يهوذا قد عرف أن يسوع كان رقيقا عطوفا محبا للناس. ولكنه لم يكن مرائيا ممالئا للناس متملقا لهم، لكن يهوذا لم يفهم الضربات القوية الملفوفة بالحرير، التي كان يجيدها يسوع. ولكن لو عورض يسوع، وأمكن استفزازه فإنه سوف يأتي بكل ما كان عنده .. وذاك هو ما كان يخطط له يهوذا.
وانكشف الخائن :
كشفت النظرات القلقة، وأظهر السلوك المريب يهوذا للمسيح عليه السلام. ولم يكن بحاجة إلي الوحي الإلهي ليعرف الترتيبات الخاطئة بذهن يهوذا. وحول المائدة في الحجرة التي كانت بالطابق العلوي، حيث يسوع وتلاميذه يتناولون العشاء الأخير لاحق يسوع يهوذا بقوله : "ما أنت تعمله فأعمله بسرعة أكثر" كما ورد بإنجيل يوحنا (يوحنا 13 : 27) وشرع يهوذا يضع اللمسات الأخيرة علي طعنته الغادرة في الظهر.

  • الجمعة PM 04:45
    2015-08-07
  • 3077
Powered by: GateGold