المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409031
يتصفح الموقع حاليا : 311

البحث

البحث

عرض المادة

شبهات حول حد السرقة والحرابة

حول حد السرقة والحرابة :
(قالوا : إن العقوبة بتقطيع الأطراف فيها إضرار بالمجتمع ، وذلك بإشاعة البطالة فيه ، وتعطيل بعض الطاقات البشرية التي كانت تسهم في العمل والإنتاج ، وتكثير المشوهين والمقطعين الذين أصبحوا عالة على المجتمع بسبب عجزهم عن الكسب والإنفاق ، فيجب أن يستعاض عن هذه العقوبة بالحبس مع التربية والتوجيه)[17].
- دحض هذه الشبهة :
(هكذا يزعمون !! وهو زعم ينقصه الإنصاف والنظر الصحيح ، بل هو مغالطة صريحة وقلب للحقائق .
ذلك أن ترك السرّاق والمحاربين دون عقوبة رادعة ؛ يجعلهم يعيثون في الأرض فساداً ، ويهددون أمن المجتمع ، ويهتكون الحرمات ، ويقطعون على الناس سبل العيش والكسب ، ويعطلون مصالحهم ، ويخيفونهم في مأمنهم ، ويفجعون النساء والأطفال في مساكنهم ، ويسرقون جهود الآخرين ، ويستبيحون أموالهم بغير حق .
كما أن ذلك يدعوهم إلى البطالة والقعود عن العمل والكسب المشروع ؛ لأنهم يستطيعون تحصيل ما يريدون عن طريق السرقة وقطع الطريق .
كما أن العاملين المجتهدين في تحصيل الأموال بالسبل المشروعة سينقبضون عن العمل ، وينتظمون في سلك الكسالى العاطلين ؛ ما دامت أموالهم مهددة بالاستلاب والضياع ، فتتعطل الأعمال ، وتفسد الأحوال ، ويقعد الناس عن التكسب وجمع المال .
ومعنى ذلك أن السارق لا يسرق المال فقط ، وإنما يسرق معه أمن المجتمع واستقراره وطمأنينته ، فكان في التساهل مع هؤلاء السراق خراب العمران ، وشل قدرات الإنسان ، واستنفاد طاقته ووقته وجهده في حفظ ماله وحمايته .
كما أن السرقة تتبعها - في الغالب - أقسى الجرائم المباشرة من القتل والجرح ، وانتهاك الأعراض ، وهتك حرمات البيوت ، وغيرها . وإن السراق يتسلحون دائماً خشية الظفر بهم فيدافعون عن أنفسهم ، أو لقتل وجرح من يقف في طريقهم ، ويحول بينهم وبين تحقيق مرادهم ، أو يخشون منه أن يكشفهم ويعلن عنهم . ولا يكاد يمر يوم في المدن الكبرى من غير ارتكاب جريمة قتل لأجل السرقة )[18].
(ويكفي أن نعلم أن حد السرقة لم ينفذ إلا ست مرات في أربعمائة سنة لنعرف أنها عقوبات قصد بها التخويف الذي يمنع وقوعها ابتداء. كما أن معرفتنا بطريقة الإسلام في وقاية المجتمع من أسباب الجريمة قبل توقيع العقوبة تجعلنا في اطمئنان تام إلى العدالة في الحالات النادرة التي توقع فيها هذه الحدود )[19].
( فقطع طرف واحد ، كما أنه تنكيل بالمجرم وزجر له ، فإنه يؤدي إلى زجر الجناة من أمثاله ، وحفظ مئات الأرواح ، وآلاف الأطراف سليمة طاهرة ، عاملة منتجة .
وأما دعوتهم إلى الاستعاضة عن القطع بالحبس - كما هو الحال في القوانين الوضعية - فقد شهد واقع الدول التي تطبق عقوبة الحبس على إخفاق هذه العقوبة في ردع المجرمين واستصلاحهم .
وإن الطواف على السجون وعدّ نزلائها يرينا أنهم في ازدياد دائم وتفاقم مستمر ، فما ردعت السجون عن الجريمة إلا قليلاً ، بل أصبح السجن مدرسة يتعلم فيها المجرمون كثيراً من فنون السرقة وأساليبها الخفية، ثم يخرجون بعد ذلك أكثر خطورة وخبرة وإقداماً ، فصار السجن محضناً للإفساد وتلقين أساليب الإجرام ، وكسب متعاونين جدد من حدثاء العهد بالجريمة ، بل لقد جعلوا من السجن ساحة ممهدة لرسم الخطط ، وتقاسم المهمات ، يشاركهم إخوان لهم في الإجرام خارج القضبان .
أضف إلى ذلك ما يخلق لديهم السجن من شعور بالعداء ورغبة في الانتقام للنفس ، وإثبات الذات .
كما أن عقوبة السجن فيها إخفاء للجريمة ، وستر على المجرم ، فتُنسى جريمته ، ويخرج من السجن وكأنه لم يقترف ذنباً ، ولم يرتكب جرماً . أما تطبيق الحد الشرعي فإنه بمثابة إعلان بالخط العريض ، يحمله المجرم حيثما كان ، معلناً دناءته وخسته ، وقبح فعله ، وسوء عاقبته ، فيرتدع بذلك كل من رآه أو سمع به ، فتنقطع جذور البلاء ، وينقمع المجرمون وأهل المطامع والأهواء . ذلك هو الأساس الذي قامت عليه عقوبة السرقة في الشريعة الإسلامية ، وهو السر في نجاح هذه العقوبة في الحد من السرقة أو القضاء عليها في البلاد التي طُبّقت فيها قديماً وحديثاً.
وكونها تشوه أو تعطل هذه القلة القليلة من المجرمين ؛ فإن هذا هو فعلهم بأنفسهم ، وهو جزاء ما اقترفته أيديهم من ظلم وإجرام . وهو أمر لا بد منه لحماية أمن الجماعة ، وتحقيق الطمأنينة للكافة .
فهم حينما يقطعون يداً واحدة خائنة ؛ يحفظون نفوساً كثيرة ، ويصونون أيدياً أمينة عاملة لا تُعد ولا تُحصى .
ويا ليت الناس يوازنون بين عدد المشوهين والمجروحين والمقتولين الذين جنت عليهم جرأة اللصوص والمجرمين ، وبين من يُقطعون لكف عدوانهم ، وقطع شرهم عن أنفسهم ومجتمعاتهم ، حتى يدركوا أن إقامة الحد الشرعي تأمين للمجتمع ، وتحصين لمصالح الناس ، وتوفير للطاقات العاملة ، والقوى البشرية المنتجة )[20].
 

  • السبت AM 06:16
    2015-07-04
  • 4000
Powered by: GateGold