المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412679
يتصفح الموقع حاليا : 264

البحث

البحث

عرض المادة

شبهات حول حد الردة

( قالوا : إن هذه العقوبة القاسية مصادمة لمبدأ عدم الإكراه في الدين ، والذي قرره الله في أكثر من آية في كتابه ، كقوله تعالى : [ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَي ] ( البقرة : 256 ) ، وقوله : [ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ] ( يونس : 99 ) .
وهي كذلك مصادمة للحرية الشخصية في اختيار الدين الذي يراه الإنسان [29] ، كما أنها سبب لانتشار النفاق في صفوف المسلمين .
- دحض هذه الشبهة :
(أما قولهم : إن حد الردة مصادم لما قرره القرآن من مبدأ عدم الإكراه في الدين .
فإنه غير صحيح ؛ لأن الإكراه المنفي في الآيتين إنما هو الإكراه على الدخول في الإسلام ابتداءً ، فالإسلام يريد ممن يدخل فيه أن يدخله عن قناعة ورغبة واختيار ، وإدراك لحقائقه وميزاته ، وأنه الدين الذي ارتضاه الله لعباده ، وجعله مهيمناً على الأديان كلها ، ولن يقبل من أحد ديناً سواه . فإذا دخل فيه كذلك ، فليس له من بعد أن ينكص عنه ، ويشتري الضلالة بالهدى ، ويستبدل الذي هو أدنى
بالذي هو خير ؛ إذْ ماذا بعد الحق إلا الضلال ؟
وإن القلب الذي تذوَّق حلاوة الإيمان ، وعاش في ظلاله الوارفة ؛ لا يمكن أن يرتد عنه ، وينكص على عقبيه ، إلا إذا غلب عليه هواه ، وفسد فساداً لا يرجى له بعده صلاحٌ أبداً .
ومن كان هذا حاله ، فجدير به أن يُقتل ويُستأصل .
وأما قولهم : إنها مصادمة للحرية الشخصية في التدين بما يراه الإنسان .
فالجواب عنه من وجهين :
الوجه الأول : أن الحرية الشخصية مقيدة كما سبق بعدم الإضرار بالنفس أو بالغير ، والردة تلحق بصاحبها وبالمجتمع المسلم أشد الضرر وأبلغه .
فبالردة يحبط عمل المرتد ، ويخسر الدنيا والآخرة . وبها يحصل العدوان على الدين ، والطعن في عقيدة الأمة ونظامها الذي تقوم عليه جميع شؤونها .
الوجه الثاني : أن عقوبة الردة لا تتنافى مع الحرية الشخصية في اختيار العقيدة التي يرتضيها الإنسان ؛ لأن حرية العقيدة توجب أن يكون الإنسان مؤمناً بما يقول ويفعل . وبأن يكون له منطق سليم في انتقاله من عقيدة إلى أخرى ، وإعلانه ذلك أمام الناس .
ومن أين يكون المنطق والعقل السليم ، لمن يخرج من ديانة التوحيد إلى الوثنية ؟ ومَنْ ذا الذي يخرج من دينٍ كلّ ما فيه موافق للفطرة والعقل المستقيم ، إلى دين مناقض للعدل والمصلحة ، ولا يستطيع العقل تسويغ ما فيه ؟
لا يفعل ذلك أحد ، وهو ذو حرية فكرية حقيقية ، إنما يخرج من هذا الدين القويم اتباعاً للهوى ، أو جنوحاً إلى المادة يطلبها ، أو كيداً للإسلام وطعناً فيه . فإذا حارب الإسلام اتخاذ الأديان هزواً ولعباً وتضليلاً وعبثاً ؛ فإنما يفعل ذلك لحماية الفكر والرأي من هؤلاء العابثين والمخربين . وليست الحرية في أي باب من أبوابها انطلاقاً عابثاً لا يعرف حدوداً أو حقوقاً ؛ إنما هي اختيار مبني على حسن
الإدراك وتبين الحقائق.
وأما قولهم : إن عقوبة الردة تؤدي إلى انتشار النفاق في صفوف المسلمين ؛ لأن المرتد إذا علم أنه سيقتل أخفى على الناس كفره ، وأظهر ما ليس في قلبه .
والحقيقة غير هذا ، فإن عقوبة المرتد من أكبر العوامل المانعة من النفاق ؛ذلك أن مَنْ يكثر منهم الارتداد هم الدخلاء على الإسلام لهوى أو طمع دنيوي ، أو رغبة في التجسس على المسلمين وكشف عوراتهم من الداخل ، فهم لم يدخلوه عن رغبة واقتناع ، وإنما دخلوه لتحقيق حاجة في نفوسهم ، فهم منافقون منذ دخولهم فيه ،عازمون على الارتداد عنه عند قضاء حاجتهم .
فإذا علموا أن الموت ينتظرهم إذا ارتدوا ؛ امتنعوا من الدخول في الإسلام ابتداء ، وبهذا ندرك أن في عقوبة الردة قطعاً لرقاب المنافقين ، وليس فيها زيادة لعددهم)[16] .
 

  • السبت AM 06:13
    2015-07-04
  • 3037
Powered by: GateGold