المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412541
يتصفح الموقع حاليا : 369

البحث

البحث

عرض المادة

تعريف الأناجيل

[تعريف:]

كلمة انجيل لفظة يونانية معربة ومعناها البشري أو الخبر السار.

ومن المتفق عليه أن السيد المسيح لم يكتب إنجيلا ولم يطلب من تلاميذه أن يكتبوا (1). ونجد الآن بين أيدينا أربعة أناجيل لكل من (متى) و (مرقس) و (لوقا) و (يوحنا) ونتساءل كيف وصلت إلينا تلك الأناجيل بصورتها الحالية؟

[الإنجيل الشفهي:]

يقول أ. كولمان فى كتابه العهد الجديد (2): بقي الإنجيل طيلة ثلاثين أو أربعين عاما فى شكله الشفهي فقط على شكل اقوال وروايات منعزلة وقد نسج المبشرون كل على طريقته وبحسب شخصيته الخاصة واهتماماته اللاهوتية الخاصة، الروابط بين هذه الروايات، أى أن إطار الأناجيل أدبي الطابع وليس له أساس تاريخي ويؤكد ذلك القمص ميخائل مينا قائلا: لسنا نوضح خافيا إذا قلنا أن الكنيسة لبثت مدة طويلة بلا أسفار محررة بوحي إلهي فهى ولا ريب كانت فى هذه الفترة تسير بحسب التعليمات التي تسلمتها شفويا من الرسل (3). وهو نفس رأي الكنيسة البروتستانتية


(1) سيرة المسيح: إصدار كنيسة قصر الدوبارة.
(2) دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة: موريس بوكاي.
(3) علم اللاهوت: القمص ميخائيل مينا.

الذي يقول: وقبل تدوين الإنجيل كتابة كان الإنجيل الشفهي، أى نقل البشري شفهيا على لسان الرسل وتلاميذهم (1).

وتؤكد ذلك مقدمة الترجمة المسكونية للعهد الجديد، فتقول: وبهذا جمع المبشرون وحرروا كل حسب وجهة نظره الخاصة، ما أعطاهم إياه التراث الشفهي.

إذاً من المتفق عليه كما رأينا أن أقوال المسيح وأخبار الأحداث التي مر بها تناقلت شفاهة معتمدة على الذاكرة فقط لمدة طويلة كما يصفها القمص ميخائيل مينا وبفترة من ثلاثين إلى أربعين عاما كما يحددها أ. كولمان.

ويقرر وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسكو أن انجيل مرقس هو أقدم الأناجيل المكتوبة ويحدد تاريخ تحريره بالعام 65م (1). ويذكر ليون موريس فى تفسيره لإنجيل لوقا أن معظم الكتاب يقرون أن إنجيل مرقس هو أول البشائر الأربع ويعتقدون أن الأولوية لهذا الإنجيل (2)، ويؤكد ذلك الرهبان اليسوعيون حيث يذكرون أن تاريخ كتاب إنجيل مرقس كانت ما بين عام (65:70م) (3)

ويقول العقاد: إن الترتيب المفضل عند المؤرخين أن إنجيل مرقس هو أقدم الأناجيل ثم يليه إنجيل متي ثم إنجيل لوقا ثم إنجيل يوحنا (4).


(1) تفسير انجيل مرقص: وليم باركلي صـ14
(2) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ46.
(3) تفسير الرهبان اليسوعيون: الجدول التاريخي صـ31.
(4) عبقرية المسيح: العقاد

ويحدد د. أ. نينهام تاريخ كتابة إنجيل مرقس بالعام الخامس والستين أو السادس والستين الميلادي (1). وحيث أن المسيح قد توفاه الله عن ثلاثة وثلاثين عاما فتكون الفترة بين وفاة المسيح وتحرير أول انجيل وهو مرقس تبلغ اثنين وثلاثين عاما على الأقل.

نخلص من هذه الشهادات السابقة أنه قد اعتمد على الذاكرة وحدها لمدة اثنين وثلاثين عاما (32 عاما) على الأقل لحفظ أقوال وسيرة السيد المسيح.

ويقول ول ديورانت: لا يسع الإنسان إلا أن يشك فى تفاصيل الأحداث التي تناقلها الناس مشافهة ثم دونوها بعد وقوعها بزمن طويل (2).

[حاملوا الإنجيل الشفهي:]

من المؤكد أن تلاميذ المسيح الاتثى عشر الذين سمعوا أقوال المسيح مباشرة وعايشوا الأحداث التي مر بها، هم ناقلي التراث الشفهي أو الإنجيل الشفهي للآخرين.

ونتساءل هل كان كل هؤلاء التلاميذ على مستوى تلك المسئولية من قوة الفهم وثبات الإيمان والإخلاص لمعلمهم وتعاليمه؟


(1) كتب انجيل مرقس بعد مقتل بطرس وبولس سنة 64، 66م.
(2) قصة الحضارة: ول ديورانت.

إن الأناجيل تروى لنا أن السيد المسيح كان دائم التوبيخ لهؤلاء التلاميذ لسوء فهمهم وقلة إدراكهم وضعف إيمانهم وتشككهم الدائم فيه، رغم أنهم أقرب الناس إليه.

يقول إنجيل مرقس: "فقال لهم المسيح أفأنتم أيضا هكذا غير فاهمين"

صح7: 18 فى إصحاح آخر (فقال لهم كيف لا تفهمون)

صح 8: 21 وفى إصحاح ثالث "لأنهم لم يفهموا إذ كانت قلوبهم غليظة" صح 6: 52

كذلك يخبرنا إنجيل متي أن المسيح قال لتلاميذه "أحتى الآن لا تفهمون" صح 16: 8 وفى إصحاح آخر "فقال يسوع هل أنتم ايضا حتى الآن غير فاهمين" صح 15: 16 كما يخبرنا انجيل لوقا ما يؤكد ما سبق "وأما هم فلم يفهموا من ذلك شيئا" لوقا 18: 34.

وعندما تكلم عن ايليا النبي (1) فهم التلاميذ خطأ أن يوحنا المعمدان (2) هو ايليا وقد عاد ثانية إلى الأرض "حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان" متي 17: 11 على الرغم أن يوحنا المعمدان أعلنها صريحة فى بداية رسالته (لست المسيح ولا إيليا ولا النبي) انجيل يوحنا: 2.


(1) أيلياهو الياس أو الياسين كما ذكر فى القرآن.
(2) يوحنا المعمدان أو المغتسل هو النبي يحي بن زكريا.

كذلك كان سوء فهمهم لملكوت السموات الذي كان يبشر بقدومه السيد المسيح، فرغم بلوغ دعوة المسيح ختامها فقد أدرك التلاميذ خطأ أن المسيح سيأتي بملكوت أرضي وبدولة بني اسرائيل وقد أملوا فى أن يبوأوا عروشا فى هذا الملكوت القادم (1) ونتج عن هذا التوبيخ المستمر لتلاميذه خوف هؤلاء التلاميذ من سؤال السيد المسيح واستيضاح ما لم يدركوه بعقولهم "وأما هم فلم يفهموا القول وخافوا أن يسألوه" مرقس 9: 32 وقد بلغ هذا التوبيخ الذروة فى قول المسيح "ألا تشعرون بعد ولا تفهمون، أحتي الآن قلوبكم غليظة، ألكم أعين ولا تبصرون ولكم آذان ولا تسمعون ولا تذكرون" مرقس 8: 17.

أما عن إيمان هؤلاء التلاميذ فدعنا نستعرض أقوال المسيح عن ذلك، يقول إنجيل متي (ثم تقدم التلاميذ إلى يسوع على انفراد وقالوا لماذا لم نقدر نحن أن نخرجه - شيطان فى جسد غلام - فال لهم يسوع لعدم إيمانكم) 17: 19.

وفى مناسبة أخرى "فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان" متي 16: 8 ووبخ المسيح تلاميذه قائلا "أيها الجيل غير المؤمن الملتوى، إلى متى أكون معكم، إلى متى احتملكم" متى 17: 14 وكذلك (كيف لا إيمان لكم) مرقس صح 4: 40 كما أن المسيح انتهر بطرس أحد هؤلاء التلاميذ قائلا له (اذهب عني يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس) مرقس 8: 33.

ووبخه قائلا (يا قليل الإيمان لماذا شككت) متى 14: 31 وتذكر الأناجيل أن هذا البطرس قد تنكر لمعلمه السيد المسيح وأنكر معرفته ثلاث مرات. (فتفرست فيه وقالت وهذا كان معه فأنكره قائلا لست أعرفه يا امرأة) لوقا 22: 56 - 57 وفى الليلة التي أراد فيها اليهود القاء القبض على المسيح وكان الحزن والاكتئاب والخوف يسيطرون عليه، لم يشاركه التلاميذ أحزانه ولم يخففوا من حالته النفسية، بل تركوه وحيدا يصلي داعيا الله أن يعبر به تلك الأزمة وينقذه من أيدي أعدائه، وراحوا هم فى سبات عميق (ثم جاء إلي التلاميذ فوجدهم نياما فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة) متى 26: 40 ورغم هذا التنبيه والتوبيخ لم يعروه التفاتا واستمروا فى نومهم (ثم جاء فوجدهم أيضا نياما) متى 26: 43.

وعندما أقبل اليهود والجنود الرومانيون للإمساك بالمسيح (حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا) متى 46: 56 حتى أن أحد التلاميذ عندما أمسكه الجنود من ردائه تركه لهم وهرب عاريا (فتركه الجميع وهربوا وتبعه شاب لابسا ازارا على عريه فأمسكه الشبان فترك الإزار وهرب منهم عريانا) مرقس 14: 50.

هكذا تخلى التلاميذ عن معلمهم وفروا مذعورين كل يحاول النجاة بنفسه فصدق فيهم قوله:

(لماذا تفكرون فى أنفسكم يا قليلى الإيمان) متى 16: 8.

وبالطبع لا أحد ينسى خيانة يهوذا الأسخريوطي أحد هؤلاء التلاميذ للمسيح مقابل القليل من الفضة (حينئذ ذهب واحد من الاثني عشر الذي يدعى يهوذا الاسخريوطي

 


(1) أهداف المسيح وتلاميذه: هرمان رايماروس: أستاذ اللغات الشرقية فى أكاديمية همبورج.

الى رؤساء الكهنة وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم: فجعلوا له ثلاثين من الفضة) متى 26: 14 - 15.

إذا كان تلاميذ المسيح الاثني عشر هم حاملي التراث أو الإنجيل الشفهي، فهكذا كان فهمهم وهكذا كان إيمانهم.

ننتقل إلى عامل آخر من العوامل التي أثرت على هذا التراث الشفهي سلبيا ألا وهو اضظهاد التلاميذ ومطاردتهم من قبل اليهود والرومان. فلا ريب ان تعرض التلاميدوالمسيحيين الاوائل الى السجن والتعديب قد اثر على الداكرة كما وكيفا. ان الاعتماد على الداكرة وحدها لمدة 32عاما على الاقل فى حفظ الانجيل الشفهى بالاضافة الى سوء فهم التلاميد وضعف ايمانهم والاضطهاد وعدم الاستقرار وتدخل وجهات النظر المختلفة لكتاب الاناجيل كل دلك تضافر ليؤدى الى وجود متناقضات فى نصوص الاناجيل وامور غير معقولة ودعاوى معاكسة لامور تم التحقق منها. ويؤكد وجود المتناقضات القمص ميخائيل مينا وينسب اليها تعدد المداهب المسيحيه.

ومما هو جدير بالذكر أن المسيحيين فى القرن الأول الميلادي تداولوا عشرات النسخ من الأناجيل ثم اعتمد آباء الكنيسة أربع نسخ منها فقط وذلك فى مجمع هيبو عهام 393م وفى مجمع قرطاجنة عام 397م وتم استبعاد ورفض أى أناجيل أخرى، ويتساءل فولتير (1) فى مقال بعنوان المتناقضات: من خول الكنيسة سلطة الحكم بأن


(1) قصة الحضارة: ول ديورانت

أربعة فقط من الخمسين إنجيلا التي دونت فى القرن الأول هى وحدها - أى الأربعة المعتمدة - موحي بها من عند الله؟

(من الأناجيل المستبعدة: إنجيل بطرس - إنجيل اندراوس - إنجيل فيلبس - إنجيل برتولماوس - إنجيل توما - إنجيل يعقوب - إنجيل ماتياس - إنجيل المصريين -- إنجيل برنابا - انجيل العبريين - انجيل نيقوديموس - انجيل الطفولة (1) .. . إلخ.

[ملحوظة:]

ذكرنا هنا أن السيد المسيح قد عاش ثلاثة وثلاثين عاما وهذا العمر طبقا لما جاء فى إنجيل يوحنا، ولكن إجماع متى ومرقس على أن دعوة المسيح استغرقت عاما فقط يؤدي إلى أن عمر المسيح كان واحد وثلاثين عاما (2).


(1) Combridge Encyclopedia Page 511
(2) Encyclopedia Judaica vol, 6page 10

  • الجمعة PM 11:06
    2022-08-19
  • 1480
Powered by: GateGold