المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409176
يتصفح الموقع حاليا : 378

البحث

البحث

عرض المادة

الأخطاء التاريخية للأناجيل

قد عكف الباحثون على دراسة مصداقية الأناجيل التاريخية وكانت للمدرسة الألمانية (ابتداءا من "يوليوس فلهاوزن" و "ويز" إلى "شويتزر" و "رودلف بولتمان") الدور الأكبر فى تلك الدراسات وقد قام الدكتور القس/ حنا الخضري بتلخيص نتائج تلك الأبحاث الألمانية نقلا عن كتاب ( La vie de jesus: Goguel) :

1- إن قصص الأناجيل عبارة عن عناصر متناثرة لا تتبع تسلسلا عضويا تكوينيا وأنها سطحية.

2 - عدم اعتبار الأناجيل كمستندات تاريخية بحتة أى أن الأناجيل لم تكتب كوثائق تاريخية بل كرسائل دينية وتقوية لتثبيت إيمان المؤمنين.

3 - من الصعب التمييز بين العناصر التاريخية وبين العناصر الغير تاريخية الخاصة بحياة يسوع فى الأناجيل ومن الصعب التأكد مما إذا كانت هذه الأقوال هي فعلا أقوال المسيح أم هي اضافات من الكنيسة الأولي.

[الأناجيل وتاريخ ميلاد المسيح]

[متى ولد السيد المسيح؟]

هذا السؤال لم تستطع الأناجيل أن تعطي له إجابة حيث أنها تقدم لنا معطيات تؤدي إلى تواريخ متضاربة لهذا الميلاد ويعلق على هذا البرت شويتزر قائلا إن كل جهد للوصول إلى بناء حياة ليسوع من الناحية التاريخية لا يقودنا إلا إلى سلسلة من المتناقضات التي لا يمكن حلها (1)

1 - يقول إنجيل متى (ولما ولد يسوع فى بيت لحم اليهودية فى أيام هيرودس الملك) إصحاح 2: 1

أى أن السيد المسيح عيسى بن مريم (أو يسوع وبالعبرية يشوع) (2) ولد قبل وفاة الملك هيرودس الملقب بالكبير.


(1) التقويم المسيحي الحالي الذى نستعمله الآن لا يدل على ميلاد المسيح الحقيقي ويرجع ذلك إلى خطأ واضع هذا التقويم وهو الراهب دينسيوس عام532 وقد تعدر اصلاح هدا الخطأ بعد دلك.
(2) يشوع اسم عبري مكون من يهوه وشع ويعنى الرب خلاص أو خلاص الله، وقد أطلق هذا الاسم على عشر رجال فى الكتاب المقدس (العهد القديم) قبل المسيح أكثرهم شهرة هو (يشوع ابن نون) خادم موسى عليه السلام و (يشوع بن سيراخ) أحد حكماء اليهود، كذلك (يشوع) رئيس اورشليم فى أيام الملك (يوشيا) وكان أيضا (يشوع) الكاهن رئيس الفرقة التاسعة. كدلك يسوع باراباس سئ السمعة الذي فضله اليهود على يسوع المسيح وأطلقوا سراحه فى عيد الفصح.

ومن المؤكد تاريخيا أن الملك هيرودس هذا قد توفى فى السنة الرابعة قبل الميلاد (4ق. م) 2، (1)، (2) فى أواخر شهر مارس فى مدينة أريحا. وعلى ذلك يكون ميلاد السيد المسيح قبل السنة الرابعة قبل الميلاد إذا سلمنا بمصداقية انجيل متى.

2 - بقول إنجيل لوقا (وهذا الاكتتاب الأول جرى إذا كان كيرينيوس والي سوريا. فصعد يوسف ... ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلى وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد) الإصحاح 2: 1 - 6.

[الاكتتاب: التعداد السكاني]

يوسف: هو زوج مريم أم عيسى عليه السلام

يخبرنا هنا لوقا أن ولادة المسيح تمت فى عهد بوبليوس سلبيتيوس كيرينيوس والي سوريا، ومن المعروف أن الحاكم الروماني هذا كما ذكر المؤرخ يوسيفوس فى مؤلفه قديمات اليهود (18: 1) لم يكن واليا لسوريا إلا بعد الميلاد بستة أعوام (6 ب. م) (3)، (4) اى أنه لم يعاصر الملك هيرودس.

وعلى ذلك يكون الميلاد قد تم بعد السنة السادسة للميلاد (6ب. م).


(1) تاريخ العلم: جورج سارتون الجزء السادس صـ56.
(2) تفسير إنجيل متى: لجنة برياسة الانباغريغوريوس صـ53
(3) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ79.
(4) تفسير الرهبان اليسوعيين: الجدول التاريخي صـ29.

3 - وبالنسبة غلى التعداد السكاني الذي اشار إليه إنجيل لوقا فقد ذكر المؤرخ ترتليانوس أنه جرى فى عهد سنتيوس ساتورنينوس والي سوريا (من 9 ق. م: 4 ق. م) (1). ويحدد وليم باركلي تاريخ هذا التعداد بالعام 8 قبل الميلاد (2)

هكذا أخطأ إنجيل لوقا فى اسم والي سوريا الذي أجرى فى عهده التعداد السكاني هذا.

بناء على ذلك يكون ميلاد المسيح فى السنة السابعة قبل الميلاد (7ق. م)

4 - ويخبرنا أيضا لوقا (فى السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيبريروس قيصر ... ابتدأ يسوع وكان له نحو ثلاثين سنة) الإصحاح 3: 1 - 22

يخبرنا هنا لوقا أن المسيح قد بلغ الثلاثين من عمره فى السنة الخامسة عشرة من حكم طيبريوس قيصر ابن اغسطس قيصر بالتبني (3)

وقد استقل طيبريوس قيصر بالحكم بعد وفاة أغسطس قيصر فى التاسع عشر من شهر أغسطس عام (14ب. م) فى مدينة نولا (4) وحكم لمدة ثلاثة وعشرون عاما، وقد توفي عام (37 ب. م) (5)

وبذلك يكون العام الخامس عشر من حكمه موافقا سنة تسع وعشرين ميلادية، فيكون ميلاد المسيح فى السنة الأولي قبل الميلاد (1 ق. م)

5 - إذا كان لوقا يقصد السنة الخامسة عشرة من مشاركة طيبريوس أبيه أغسطس قيصر فى الحكم فى العام الثاني عشر للميلاد (12 ب. م) 1، 2

بذلك بلوغ المسيح لعامة الثلاثين قد تم فى العام السابع والعشرين بعد الميلاد ويكون المسيح قد ولد فى السنة الثالثة فبل الميلاد (3 ق. م)

6 - ويقول متي (فقال لهم يسوع أما تنظرون جميع هذه، الحق أقول لكم أنه لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض) متى (24: 2)

يشير المسيح هنا إلى هيكل سليمان حيث تنبأ بهدمه وخراب مدينة أورشليم وإن كانت الأناجيل قد أخطأت (كما سنرى فيما بعد) فى الربط بين خراب أورشليم وقيام الساعة ونهاية العالم والمجئ الثاني للمسيح إلى الأرض، ويهمنا هنا الآن هو خراب أورشليم.

وقد حدد المسيح حدوث ذلك بمضي جيل من الزمن (لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله) متى 24: 34.


(1) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة المسيحية صـ137.
(2) تفسير إنجيل لوقا: وليم باركلي صـ53
(3) اختار اغسطس قيصر طيبريوس ابن زوجته ليفيا من زوجها الأول لخلافته.
(4) موسوعة تاريخ العالم: وليم لانجلر الجزء الأول صـ277
(5) تاريخ الحضارات العام: اندريه ايمار المجلد الثاني صـ780

ومن الثابت تاريخيا أن هدم الهيكل وخراب أورشليم قد تما فى سنة سبعين ميلادية (70م) (1)، (2) على يد القائد الروماني تيطس ابن الامبراطور فاسباسيان .. وفى عهده.

وبما أن الجيل يقدر بثلاثين عاما (3)، فإن هذه النبؤه لم تكن قد قيلت قبل العام الأربعين للميلاد وتذكر الأناجيل أن المسيح قد أخبر بتلك النبؤه فى نهاية رسالته أى وهو فى الثالثة والثلاثين من عمره.

ويترتب على ما مضي أن تاريخ الميلاد ليس قبل السنة السابعة بعد الميلاد (7 ب. م)

وهكذا تتخبط الأناجيل فلا يستدل منها على تاريخ ميلاد صاحب الرسالة، أو على حسب ادعائهم تاريخ تجسد الله على الأرض فاين الوحي الإلهي والإلهام السماوي فى كتابه الأناجيل؟

[ليسانيوس ... وخطأ لوقا:]

يقول إنجيل لوقا (وفى السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر إذ كان بيلاطس البنطى واليا على اليهودية وهيرودس رئيس ربع على الجليل وفيلبس أخوه رئيس ربع على ايطورية وكورة تراخونيتس، وليسانيوس رئيس ربع على الأبلية) لوقا 3:1 

السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر تقابل السنة التاسعة والعشرين ميلادية (29م)

رئيس ربع: يعنى حاكما على ربع إقليم ثم أطلق هذا اللقب بعد ذلك على أى أمير صغير، حيث انقسمت دائرة ملك هيرودس الكبير بعد موته.

هيرودس: هو هيرودس انتيباس ابن الملك هيرودس الكبير من زوجته ملثاكي.

فيلبس: هو هيرودس فيليبس ابن الملك هيرودس الكبير ولكن من زوجته كليوباترا اورشليم وكان زوجا لسالومي ابنة هيروديا وقد مات عام 34 ب. م

الأبلية: كورة محيطة بمدينة (أبيلا) التي تبعد ثمانية عشر ميلا إلى الشمال الغربي من دمشق.

يخبرنا هنا لوقا أن ليسانيوس كان يتولي الحكم عام (29م) كرئيس ربع فى أبلية.

ويذكر المؤرخ يوسيفوس فلافيوس فى تاريخه (قديمات اليهود) أن ليسانيوس حاكم (ابلية) قد قتل عام (36 ق. م) على يد مارك انطونيو.


(1) دارئرة المعارف البريطانية 1960 م المجلد الثاني.
(2) الحضارات السامية القديمة: موسكاتي صـ342
(3) قاموس اكسفورد.

ويعلق ليون موريس (1) على خطأ لوقا هذا قائلا: بالنسبة إلى ليسانيوس فهذه مشكلة، ويضيف لقد انتهي البعض إلى أن لوقا قد جانبه الصواب بصدد هذا الاسم.

ويقول وليم باركلي: لا نعلم شيئا يذكر عن ليسانيوس هذا (2)


(1) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ92
(2) تفسير إنجيل لوقا: وليم باركلي صـ47.

[حنان وقيافا ... وخطأ لوقا:]

يقول إنجيل لوقا (وفى السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر، إذ كان بيلاطس البنطي واليا على اليهودية ... فى أيام رئيس الكهنة حنان وقيافا كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا فى البرية) لوقا (3: 1 - 2)

وفى النسخة الإنجليزية ( annas and caiaphas priesthood of

(During the high

يذكر لنا لوقا أن فى عام (29م) وأثناء ولاية بيلاطس الروماني كان هناك رئيسان للكهنة هما حنان وقيافا.

يعلق على ذلك د. قس ابراهيم سعيد فيقول إن الشريعة اليهودية لم تسمح بوجود غير كاهن واحد فى وقت واحد (1)

ويذكر ليون موريس (2): أن رئيس الكهنة حنان قد عزله الحاكم الروماني (_جراتيوس) عام (15م) ثم أصبح خمسة من أولاده رؤساء كهنة بالترتيب أما بالنسبة لقيافا فقد كان رئيسا للكهنة (من 18: 36 م) وكان صهرا لحنان.


(1) تفسير إنجيل لوقا: إبراهيم سعيد صـ67.
(2) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ92

ويقول باركلي (1): لم يكن فى يوم ما رئيسان للكهنة فى آن واحد، وفى وقت يوحنا المعمدان كان حنان خارجا عن رئاسة الكهنوت وخلفه ما لا يقل عن أربعة من أولاده، أما قيافا فكان زوج ابنته.

ويسجل المؤرخ يوسيفوس فى تاريخه (قديمات اليهود) الكتاب (18: 2: 2) أن الوالي الروماني فاليريوس جراتيوس (15: 26م) قد عزل حنان من منصبه الذي شغله من (6: 15م) وقد عاصر يوسف قيافا رئيس الكهنة بنطيوس بيلاطس فى ولايته التي كانت (من 26: 36م)

ويضيف ويسلي (2): ما كان ممكنا أن يجلس على كرسي رئاسة الكهنوت سوى رئيس كهنة واحد.

ويذكر إنجيل متى أن قيافا كان رئيسا للكهنة فى ذلك الوقت ولا يذكر شيئا عن حنان ولم يشر إليه مطلقا: (والذين أمسكوا يسوع مضوا به إلي قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة والشيوخ) متى (26: 57)

كذلك (حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب إلى دار رئيس الكهنة الذي يدعي قيافا) متى (26: 3)

ويذكر المؤرخ يوسيفوس أسماء رؤساء الكهنة بالتتابع من حنان إلى قيافا كالآتي:


(1) تفسير إنجيل لوقا: وليم باركلي صـ48
(2) تفسير انجيل لوقا: ويسلي صـ48.

بعد عزل حنان عام (15م) تم تعيين اسماعيل بن فابي ثم اليعازر بن حنان ثم سمعان بن كميثوس ثم قيافا من 18م حتى عام 36م.

وقد تم تعزل قيافا بأمر من فيتليوس والي سوريا وخلفه يوناثان بن حنان. (1)

وإلى الآن لم يقدم تبرير لخطأ لوقا هذا.

[التاريخ ومحاكمة السيد المسيح:]

يتساءل الجميع على اختلاف انتماءاتهم الدينية، هل رواية الأناجيل الخاصة بمحاكمة السيد المسيح لها أسانيد تاريخية؟

يقر د. قس حنا الخضري (2) أن الامبراطورية الرومانية حرصت على الاحتفاظ بسجلات المحاكمات التي أجراها الولاة فى الأقاليم التابعة لها، وقد خلت تلك السجلات من أية إشارة لمحاكمة السيد المسيح، مما أدي إلى تساؤل المؤرخين: كيف يمكن أن يصدر بيلاطس الوالي الروماني حكمه باعدام شخص فى أمة خاضعة لسلطة روما دون أن يرسل تقريرا مفصلا أو حتى موجزا عن هذه القضية؟!


(1) Encyclopedia Judaica Vol. 3P.19
(2) تاريخ الفكر المسيحي: د. قس حنا الخضري صـ339

ويعلق ف، براندون (1) على رواية الأناجيل فيقول: إن الأناجيل بصورتها الحالية تقدم لنا وصفا لما أسمته محاكمة المسيح وقد أعيد كتابته بطريقة جعلت تلك المحاكمة غير موثوق فيها من وجهة النظر التاريخية.

تذكر الأناجيل أن محاكمة المسيح وصلبه حدثا فى يوم الجمعة الموافق 15 نيسان ونظرا لتضارب تواريخ الميلاد التي قدمتها الأناجيل كذلك اختلاف قيمة عمر السيد المسيح من إنجيل لآخر، فلا أحد يعلم على وجه الدقة السنة التي اختفى فيها المسيح من مسرح الأحداث، لذلك قام Finegan (2) بالبحث عن يوم الجمعة الموافق 15 نيسان فى القترة الزمنية من 27 م إلى 34م والمتوقع حدوث وفاة المسيح خلالها.

وطبقا للحسابات الفلكية التي أجراها Finegan فإن 15 نيسان لم يوافق يوم الجمعة خلال تلك الفترة.

ونذكر هنا أيضا دراسة أخرى قام بها S. Smith (3) وجاءت النتائج كالآتي:

15 نيسان عام 27 م كان يوافق الأربعاء

15 نيسان عام 28 م كان يوافق الإثنين (4)


(1) F. Brandon: The trial of Jesus
(2) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس صـ406
(3) S. Smith: Jesus of Nazare
(4) 28 م هو التاريخ المرجح لموت المسيح: موسوعة تاريخ الحضارات العام المجلد الثاني صـ780

15 نيسان عام 29م كان يوافق الأحد

15 نيسان عام 30م كان يوافق الخميس

15 نيسان عام 31م كان يوافق الثلاثاء

15 نيسان عام 32م كان يوافق الإثنين

يبدو أن الاختبار هنا للأعوام (27، 28، 29) جاء بناء على اعتماد تاريخ الميلاد الذي جاء فى إنجيل متى (5 ق. م)، وعمر السيد المسيح الذي ذكره يوحنا (33 عاما) هكذا توافقت نتائج ( Finegan) مع ما توصلت إليه دراسة ( Smith) وهو أن 15 نيسان لم يوافق يوم جمعة طوال السنوات الخاضعة للبحث.

[ونضيف الأسباب التالية لعدم مصداقية محاكمة المسيح التاريخية:]

1 - تشير الأناجيل إلى اجتماع المجمع المقدس اليهودي (السنهدرين) (71 عضوا)، ليلا فى بيت رئيس الكهنة لمحاكمة المسيح، وتنفي ذلك دائرة المعارف اليهودية وتذكر أنه لم يحدث فى تاريخ (السنهدرين) أن اجتمع فى بيت رئيس الكهنة، ويؤكد ذلك أيضا Blingler.

2- ذكرت الأناجيل أن تهمة السيد المسيح كانت ادعاؤه أنه ملك اليهود أى (مسيح) وتعلق على ذلك دائرة المعارف اليهودية (1) ... أن الشخص الذي كان يتهم بادعائه أنه مسيح Pretender Messianic كان يسلم مباشرة إلى


(1) Encyclopedia Judaica: Vol. 6 p10

السلطات الرومانية (لاعتبارها جريمة سياسية) بدون فتوى أو حكم من المجمع المقدس اليهودي (السنهدرين).

3 - ذكرت الأناجيل أن (السنهدرين) قد عقد ليلا لمحاكمة المسيح ومن المعروف أن تعليم (المشنا) (1) تحرم المحاكمة الليلية عن التهم التي عقوبتها الإعدام، ويؤكد ذلك ر. ت. فرانس (2)

[رقصة سالومى وراس يوحنا المعمدان:]

كان هيرودس زوج هيروديا ووالد سالومي ابنا للملك هيرودس الكبير من زوجته (مريم) ابنة رئيس الكهنة الإسكندري (سيمون بن بوثيوس) (3) وقد تورط هيرودس هذا مع أخيه غير الشقيق (أنتيباتر) ابن دوريس فى مؤامرة ضد والدهما الملك هيرودس الكبير عام (5ق. م) 1 مما أدي إلى استبعاده من وصية الملك وحرمانه من حقوقه الوراثية.

وانتقل هيرودس للعيش فى مدينة قيصرية كمواطن بسيط، ثم هجرته زوجته هيروديا، ابنة اريستوبولس بن هيرودس الكبير من زوجته (مريمنة) الحاشمونية، وتزوجت أخاه هيرودس انتيباس عام (31م) 1وكان هذا الزواج مرفوضا دينيا حيث أن الشريعة اليهودية تحرم زواج الأخ من مطلقة أخيه.


(1) المشنا: هى الجزء من التلمود المختص بتفسير وشرح القوانين والاحكام الشرعية التي جاءت فى التوراة.
(2) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس صـ419
(3) Encyclopedia Judaica Vol. 6 P. 388

[رواية الأناجيل:]

تخبرنا الأناجيل أن هيرودس أنتيباس قد القي القبض على يوحنا المعمدان وزج به فى حصن (ماكريوس) فى عبر الأردن بعد أن وبخه يوحنا على زواجه من مطلقة أخيه، كما تذكر الأناجيل أن قتل يوحنا بعد ذلك كان مكافأة لسالومي عن إجادتها الرقص فى حفل عيد ميلاد هيرودس انتيباس زوج أمها، وتعلق دائرة المعارف اليهودية1 على تلك الرواية وتقرر أنه لاتوجد أيه أسانيد تاريخية لها.

ويؤكد المؤرخ يوسيفوس فلافيوس (1) أن مقتل يوحنا المعمدان كان لأسباب سياسية حيث أن عدد أتباعه وتلاميذه كان كبيرا فكان خوف الحاكم من قيام يوحنا بتزعم حركة مسيانية هو الدافع للتخلص منه.

ومما يدل على عدم واقعية رواية الأناجيل هو أن مقتل يوحنا المعمدان كان فى عام (28م) كما تجمع تفاسير الأناجيل (2) أو عام (29م) كما تشير دائرة المعارف اليهودية فى حين أن زواج هيرودس انتيباس من هيروديا كان فى عام (31م) (3)

أى أن القبض على يوحنا وسجنه وقتله قد تم قبل الزواج وليس بعده أو بسببه كما تخبرنا الأناجيل.

وتعلق على ذلك Cambridge Encyclopedia (4) فتقول:


(1) قديمات اليهود: يوسيفوس فلافيوس الكتاب (18) صـ116 إلى 119
(2) تفسير انجيل متى: لجنة برئاسة الأنبا غريغوريوس صـ84 كذلك تفسير إنجيل متى: إصدار دار الثقافة صـ40 كذلك تفسير إنجيل مرقس: اصدار دار الثقافة صـ102
(3) Encyclopedia Judaica Vol. 6 P. 388
(4) Compridge Encyclopedia: P. 639

إن ما تذكره الأناجيل عن يوحنا المعمدان يخالف ما يؤكده المؤرخ يوسيفوس، كما أن الاناجيل أخطأت أيضا فى اسم زوج هيروديا ووالد سالومي حيث ذكرت أنه كان يدعي (فيليبس). انظر مرقس (6: 17)، لوقا (3: 19)، متى (14: 30) ويذكر ( Schalit) شاليت (1) الخمسة عشر اسما لأبناء وبنات الملك هيرودس الكبير من زوجاته العشرة وليس بينهم من يسمي (فيليبس)!!

ولكن يوجد ابناً واحدا فقط يسمى (هيرودس فيليبس) وكانت امه هى كليوباترا (أورشليم)، وهذا كان زوجا لسالومي وليس والدها، وقد عين رئيس ربع على ايطورية وتراخونيتس بعد وفاة أبيه الملك هيرودس عام (4ق. م)، وقد توفي هيرودس فيليبس عام (34م)

وقد اعترف ليون بهذا الخطأ (2) وكذلك وليم باركلي (3) وتفسير الرهبان اليسوعيين (4) حيث ذكروا أن زوج هيروديا ووالد سالومي كان يدعي (هيرودس) فقط كما ذكر المؤرخون.


(1) A. Schalit: Koenig Herodes der Mann and Sein Wor, Berlin 1969
(2) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ97
(3) تفسير إنجيل لوقا: وليم باركلي صـ52
(4) تفسير الرهبان اليسوعيين: الجدول التاريخي صـ29

 

  • الجمعة PM 11:01
    2022-08-19
  • 1748
Powered by: GateGold