المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412182
يتصفح الموقع حاليا : 260

البحث

البحث

عرض المادة

التثليث بين المسيحية والوثنية

يقول هـ. أ. فيشر (1) إن الثالوث فكرة مستمدة من الحقيقة بأن الثلاثة هى العدد التام.

[فعند المصريين القدماء (الفراعنة) عرف الثالوث بصوره المختلفة:]

أ- الثالوث الذي يمثل الإله الواحد فى ثلاث تجليات أو مظاهر مختلفة.

وهذا هو الثالوث الذي يعبده المسيحيون الآن فهم يقولون أن الله تجلى فى صورة الإبن (الرحمة) لينقذ أولاد آدم وأن الأب يمثل العدل الإلهي والروح القدس هى روح الله، المختصة بالتطهير وتنوير أرواح البشر.

وقد عبد المصريون الإله رع (إله الشمس) بتجلياته ومظاهره المختلفة فهذا الإله عند الغروب يسمى (آتوم) وعند الشروق (حورس) وهكذا رع وآتوم وحورس إله واحد هو إله الشمس ولكن يسمى أتوم عند غروبه ويسمى حورس عن شروقه، ويتكلم إله الشمس فى منطقة أخرى من مصر عن نفسه قائلا: أنا الإله خيبرا فى الصباح ورع عند الظهر وآتوم عند الغروب (2).

هنا أيضا خيبرا ورع وأتوم يمثلون إلها واحدا هو الشمس بحالاته المختلفة.

ب- الثالوث الذي يمثل إله واحد وذو قدرات أو قوى ثلاث:

وهذا أيضا يطابق الثالوث المسيحي: الأب هو الذات الإلهية والإبن هوالكلمة أو النطق والروح القدس هى روح الله.

والثالوث المصري القديم: آتوم هوالعقل وحورس هو القلب وتحوت هو الكلمة (أو اللسان) أى أنه ألها واحدا له القدرة العقلية الممثلة بأتوم وقوة الحياة الممثلة فى حورس وقدرة التعبير ونقل الأفكار للآخرين وممثلة فى تحوت.

جـ- الثالوث الذي يمثل ثلاث آلهة متحدين فى الجوهر ويقوم أحدهما بخلق الاثنين الآخرين.

ثالوث داندرة: حورس والابن ايحي والآلهة حتحور.

ثالوث هليوبولس: (تحوت والابن نفرحور والآلهة سسشات)

الثالوث المصري العام: (أوزوريس والابن حورس والآلهة ايزيس)

ثالوث منف: (بتاح والإبن نفرتم والآلهة سخمت)

والثالوث المسيحي: الأب والابن والروح القدس.

وينص دستور الإيمان المسيحي على أن الابن مولود من الأب والروح القدس قد انبثقت من الأب كذلك.

 


(1) تاريخ أوروبا: هـ. أفيشر
(2) GODS OF EGYPTIANS E,A, WALLIS

وقد عبد الهنود ثالوثا كونوه من براهما وسيفا وفيشنو (1) وهو إله واحد ذوثلاث تجليات مختلفة ويعتقد الهنود أن الأقنوم الثاني أى الإله (فشنو) قد نزل إلي الأرض متجسدا فى صورة إنسان خمس مرات ومن تلك المرات الخمس مرة تحت اسم راما وأخرى تحت إسم كرشنا.

وعبد البابليون (2) ثالوثا كونوه من أنو وأنليل وأنكي (آلهة السماء والهواء والأرض) وثالوث آخر من أجرام سماوية هى الشمس والقمر وكوكب الزهرة.

وعبد الآرميون ثالوثا مكونا من الاله (هدد) والابن (سيميوس) والالهة (أترجاتيس) وفى الجزيرة العربية عبد ثالوثا من الكواكب إله الزهرة وإله القمر وإله الشمس)

[الثالوث فى الفلسفة:]

ابتكر افلوطين وهو من مؤسسي الأفلاطونية الحديثة (مع معلمه آمون ساكاس) ثالوثا من ثلاثة أقانيم ينبثق بعضها من بعض بالفيض الإلهي.

وقد سمى أفلوطين الأقنوم الأول باسم الأول أو المطلق أو الخير.

ووصف هذا الأقنوم بالكمال وأنه لا متناهي فى عدم تحيزه المكاني أو تحدده الكيفي، والأقنوم الثاني واسماه العقل الكلي، وهو يصدر وينبثق من الأقنوم الأول كما يصدر شعاع الشمس منها أو تنبعث الحرارة من النار، واستخدم أفلوطين الكلمة أو اللجوس ليعبر عن هذا العقل فى علاقته بالأقنوم الاول.

الاقنوم الثالث ودعاه أفلوطين بالنفس الكلية، وتنبثق من العقل. وقد استعارت المسيحية الاصطلاح الأقنومي ونظرية الفيض الإلهي لتعبر عن انبثاق وولادة الأقانيم بعضها من بعض.

ويؤكد المؤرخون أن آباء الكنيسة الأوائل قد نهلوا من معين الفلسفة اليونانية.

فالقديس أوريجين (185 إلى 254) تتلمذ على يد الفيلسوف آمون ساكاس إمام الأفلاطونية الحديثة، والقديس بانطاينوس 216:179 قد جمع بين الكتاب المقدس والفكر اليوناني والخلق الرواقي والاهتمام باللوغوس، وكذلك القديس كلمنت (215:150) كان يرأس مدرسة الموعوظين بالاسكندرية خلفا لبانطاينوس، وقد درس أيضا الفلسفة اليونانية.

وأيضا هرقل، ويعتبر أول من حمل لقب البابا قام بدراسة الفلسفة قبل أوريجين بخمس سنوات.

إن تأثر المسيحية بالديانات الوثنية التي كانت منتشرة عند نشأتها وكذلك بالمذاهب الفلسفية الموجوده حينئذ أمر طبيعي لعدم وجود عقيدة واضحة ومحددة ومنزلة بوحى إلهى، فكثرت التأويلات وتخبطت الآراء وتعددت الانشقاقات حيث ظهرت

 


(1) دائرة المعارف كمبردج صـ1229، 1272
(2) الحضارات السامية القديمة: موسكاتي

السوسنيانية (1) والسابللية (2) والسميسطائية (3) والنوفاتية والدوناتية (4) ناهيك عن الهوموسية والهومويوسية والهوموية والأنومية والنسطورية إلخ (5)

ويقول فشر (6) أن المسيحية لم تأت بجديد فقد ورثت العهد القديم عن اليهودية وأخذت الأسرار الكنسية المقدسة عن الديانات السرية، يضاف إلى ذلك أن القول بوجود واسطة بين الله والناس أمر مألوف عند الفرس وأهل الأفلاطونية الحديثة سواء.

ويقول نورمان كانتور (7) أن أوريجين عالم اللاهوت المسيحي الذي يعد مؤسس مدرسة الإسكندرية المسيحية قد أرسى تقليداً لتفسير العقيدة المسيحية فى اصطلاحات أفلاطونية ويضيف أن أوغسطين (430:354) قد نهل كثيرا من مورد الفلسفة الأفلاطونية فى كتاباته اللاهوتية، وعلى الصعيد العملي تركت الأفلاطونية الحديثة بصماتها على اللاهوت بأسره.


(1) نسبة إلي فوستو سوذيني وينادي باخضاع الكتاب المقدس للعقل وينكر التقليد أول ظهوره على يد أريوس فى القرن الرابع.
(2) نسبة إلى سابليوس: نادى الأقانيم الثلاثة صور مختلفة للأقنوم الأول أو أسماء لإله واحد.
(3) نسبة إلي بولس السيمسطائي
(4) نسبة إلي دوناتوس الكبير
(5) نسبة إلى نسطور الذي قال أن المسيح إنسان مجرد ذو إقنومين وطبيعتين.
(6) تاريخ أوروبا: هـ. أ. فيشر
(7) التاريخ الوسيط: نورمان كنتور

  • الجمعة PM 08:44
    2022-08-19
  • 929
Powered by: GateGold