المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409110
يتصفح الموقع حاليا : 293

البحث

البحث

عرض المادة

سيدنا إسحاق - عليه السلام -

[أ - المقاء الحسن لسيدنا إسحاق - عليه السلام - فى التوراة]

رصد د/ الهاشمى والباحثة / سميرة عبد الله، بعضًا من النصوص التوراتية التي تدل على ما يحتله إسحاق - عليه السلام - من مقام حسن في العهد القديم (1) منها:

1 - ولادته معجزة وتكريم لوالديه العجوزين "فضحكت سارة زوجته وقالت: سيدي قد شاخ، وأنا شخت، أفى الحقيقة ألد؟ (2) ".

2 - قصة الذبيح تنسبها التوراة إليه، وتصفه بالوحيد - في حين أن الابن الوحيد هو إسماعيل - إذ بقى وحيدًا 14 سنة حتى ولد إسحاق إذ كان عمر والده 86 سنة "خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق (3) " في قصة الذبيح بينما لم يكن الولد الوحيد وإنما الوحيد إسماعيل بقي 14 سنة وحيدًا لأبيه قبل ولادة إسحاق.

3 - "وأباركك وأكثر نسلك من أجل إبراهيم عبدي فبنى هناك مذبحًا ودعا باسم الرب" (4).

[ب - افتراءات اليهود القديم على نبي الله إسحاق - عليه السلام -]

1. تخليه عن زوجته "رفقة" افتراء عليهما لأبيمالك بنفس عذر والده المفترى عليه بسبب جمالها الفتان كذلك، كما افترت التوراة على أبيه إبراهيم - عليه السلام - "فأقام إسحاق في "جرار" (5) وسأله أهل المكان عن امرأته فقال "هي أختي" لأنه خاف أن يقول "امرأتي" لعل أهل المكان "يقتلونني من أجل رفقه؛ لأنها كانت حسنة المنظر" (6).

2. الادعاء أنه الابن الوحيد لسيدنا إبراهيم - عليه السلام - "خذ ابنك وحيدك الذي تحبه - إسحاق" (7).


(1) انظر: فلسطين في الميزان ص 38، انظر: جهود الإمامين ص 388.
(2) تكوين: (17/ 17)، (18/ 13) الزوار الثلاثة.
(3) تكوين: (22// 12، 16) امتحان إبراهيم.
(4) تكوين: (26/ 24 - 25) إسحاق وأبيمالك.
(5) هى: مدينة قديمة شهيرة في جنوب فلسطين على بعد ثمانية أميال جنوب شرقي غزة: (تكوين 10/ 9)، (قاموس الكتاب المقدس ص254).
(6) تكوين: (26/ 6 - 7) إسحاق وأبيمالك.
(7) تكوين: (22/ 2).

[ج- جهود العلماء في نقد هذه الافتراءات]

وحول هذه القصة يقول د/ على خليل:

(مثل هذا السلوك لم يألفه الكنعانيون إنه انحطاط في القيم الأخلاقية، ويعتبره الكنعانيون ذنبًا وعارًا فهم يخافون الله، ومن هذا المبدأ كان موقف أبيمالك من إبراهيم ومن ابنه إسحاق، ومن هذا السلوك عمومًا) (1).

وعلى هذا الافتراء الواضح الذي ألصقته التوراة بإسحاق - عليه السلام - يقول د/ عبد الراضي محمد ود/ محمد دياب: (لقد نسبت اليهود الكذب إلى إسحاق - عليه السلام - كما نسبوه إلى أبيه إبراهيم من قبل، وفي ظروف مشابهة لظروف أبيه وهي الخوف على الزوجة من الرجال أصحاب المكان) (2).

وبهذا (لم ينج إسحاق - عليه السلام - من اتهام الكتاب المقدس له بالكذب والاتجار بامرأته) (3) ويضيف د/ بدران محمد بدران إلى ما تقدم ذكره - يضيف بعدًا نقديًا آخر - فيقول: (هذا هو الموقف المذري الذي أوقفته التوراة لإسحاق عبد الله الصالح وأوقفت الوثني أبيمالك موقفًا مشرفًا ... ولكن ما هى صلة القرابة بين إسحاق ورفقه؟ إنها ليست أخته لا من أبيه ولا من أمه، ولكنها ابنة عمه وقد زوجها له عبد إبراهيم أبيه بناء على وصية إبراهيم. هذا يعني أن إسحاق النبي كاذب) (4).

وحاشا لله أن يكون نبي من أنبياء الله كاذبًا وبذلك يتبين انحراف التوراة في نظرتها للأنبياء وفي إلصاقها إياهم ما يتنافى مع عصمة النبوة، أما ادعاء أن الذبيح هو إسحاق وليس إسماعيل - عليه السلام - فقد أفاض علماء المسلمين في نقد هذا الادعاء وبينوا من خلال نقدهم للكتاب المقدس أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السلام - وأيدوا ذلك بالأدلة القوية والبراهين القاطعة من العهد القديم والقرآن الكريم أيضًا ولكل من الإمامين ابن تيميه (5) وتلميذه ابن القيم (6) جهود قيمة في كشف زيف هذه الدعوى وبيان بطلانها.


(1) التعاليم الدينية اليهودية د/ على خليل ص 26.
(2) التطرف اليهودي د/ عبد الراضي محمد ص 36.
(3) أضواء على اليهودية: د/ محمد دياب ص 84.
(4) التوراة: د/ بدران ص 53.
(5) هو: شيخ الإسلام تقى الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني الدمشقي إمام الأئمة الشهير بابن تيميه، ولد بحران يوم الاثنين 10 ربيع الأول 660 هجرية نشأ في أسرة اشتهرت بالعلم واشتغل رجالها بالتدريس والإفتاء والتأليف، تتلمذ على يد والده وزين العابدين أحمد بن عبد الدائم وجمال الدين بن يحيى بن زكريا الصيرفي توفي في 20 ذي القعدة 728 هجرية (انظر: شذرات الذهب لابن العماد (6/ 80 - 85) ط دار الآفاق الجديدة - بيروت.
(6) هو: عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الدمشقي الحنبلى الشهير بابن قيم الجوزية ولد في السابع من صفر عام 691، والذي اشتهر بلقب (قيم الجوزية) هو والده الشيخ أبو بكر ابن أيوب الزرعي حيث كان قيمًا على المدرسة الجوزية بدمشق، ولد من أبوين صالحين ونشأ في بيت علم ودين وورع وصلاح وقد تتلمذ على يد والده وشيخ الإسلام ابن تيميه والشهاب النابلسي وغيرهم وتوفي عام 751 هجرية (انظر: شذرات الذهب 6/ 168).

أما عن جهود الإِمام ابن تيميه وموقفه من هذه الدعوى فهي كما يلي:

يرد ابن تيميه على من سأله عن الذبيح هل هو إسماعيل أم إسحاق؟ بإماطة اللثام عن حقيقة ذلك مبينًا فساد ما يزعمه اليهود ومن وافقهم في الزعم بأن الذبيح إسحاق - عليه السلام - متخذًا من آيات القرآن الكريم والسنة الشريفة أنصع الأدلة اليقينية على وجوب القطع بأنه إسماعيل ثم يتعرض لتحريف اليهود لهذه المسألة في كتبهم بزيادتهم للفظ "إسحاق" ليصلوا من وراء ذلك لشرف الانتساب إلى إسحاق دون إسماعيل كذبًا وبهتانًا وادعاءً فيكشف زيفهم فيما يعتقدونه (1).

فيقول رحمه الله: (إن الذي يجب القطع به أنه إسماعيل وهذا هو الذي عليه الكتاب والسنة والدلائل وهو الذي تدل عليه التوراة التى بأيدي أهل الكتاب) (2).

وذكر ما جاء في التوراة من قول الرب لإبراهيم: "اذبح ابنك ووحيدك وفي ترجمة أخرى بكرك" (3) وأكد على أن إسماعيل هو الذي كان وحيده وبكره باتفاق المسلمين لكن أهل الكتاب حرفوا فزادوا إسحاق فتلقي ذلك عنهم من تلقاه (4) ثم شرع رحمه الله بعد ذلك في الرد على اليهود مستدلا بما ورد في القرآن الكريم من أدله بطلان ذلك والتأكيد على كون الذبيح إسماعيل - عليه السلام - بطريقتين لهما أهميتهما القصوى في التدليل على الحقيقة وهما "إجمالية وتفصيلية" (5).


(1) جهود الإمامين ص 302، 303.
(2) مجموع الفتاوى لابن تيميه: فصل الاعتقاد مجلد (4/ 331) طبعة 2، 1399 هـ.
(3) تكوين: (22/ 1 - 2) امتحان إبراهيم، وانظر: مجموع الفتاوى بن تيميه (4/ 331).
(4) انظر: مجموع الفتاوى (4/ 332).
(5) جهود الإمامين ابن تيميه وابن القيم ص 303 أما الأدلة الاجمالية استدل بقوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} وقال أن هذه البشارة فيه ثلاثة أدلة وهي: (1) أن الولد غلام ذكر. (2) وأنه يبلغ الحلم. (3) وأنه يكون حليمًا. ومما يدل على حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح فقال له: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}. فعلق بطلان ادعائهم على هذه الأمور الثلاثة، أما الأدلة التفصيلية أذكر منها ما يلي:
1. الإخبار بالبشارة بالذبيح وإيراد قصته أولًا ثم بعد ذلك بالبشارة الثانية وهي البشارة بإسحاق.
2. أن البشارة بالذبيح كونه غلامًا حليما وأما البشارة بإسحاق فكونه غلامًا عليمًا ولما كان الحلم هو مناسب للصبر دل ذلك على أنه هو خلق الذبيح وأنه إسماعيل رقد وصفه الله تعالى بالصبر فقال: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الأنبياء: 85] ولمزيد من التفصيل يراجع: "مجموع الفتاوى (4/ 331 - 335) ومنهاج السنة - ابن تيميه (5/ 353 - 355) ط دار الكتب العلمية بيروت. بدون.

وقد وافق الإِمام ابن تيميه تلميذه ابن القيم في رد هذه الدعوى وبيان بطلانها فقال: (وفيها - التوراة - أن الله قال لإبراهيم: "اذبح ابنك بكرك إسحاق" وهذا من بهتهم وزيادتهم في كلام الله تعالى فقد جمعوا بين النقيضين فإن بكره هو إسماعيل فإنه بكر أولاده، وإسحاق إنما بُشر به على الكبر بعد قصة الذبيح) (1).

وأكد أن الذبيح إسماعيل وليس إسحاق بعدة وجوه منها ما يلي:

1. أن بكره باتفاق جميع الملل الثلاث هو إسماعيل - عليه السلام - وكونهم جمعوا بين ذبح بكره وتعيينه بإسحاق فهذا جمع بين النقيضين.

2. أن أمر الله -عَزَّ وَجَلَّ- لإبراهيم أن ينقل زوجته هاجر وابنها إسماعيل عن زوجته الأخرى سارة لتسكن في مكة كان خوفًا من غيرة سارة فلما كان أمره بإبعاد السرية هاجر دفعًا لأذى المغيرة عن سارة. كان أمر الله بعد ذلك بذبح ابن سارة وإبقاء ابن السرية مما لا تقتضيه الحكمة.

3. لم يقدم إبراهيم بإسحاق إلى مكة أبدًا ولم يفرق بينه وبين أمه أبدًا وقد كان موضع ضرتها في مكة فكيف يأمره الله بذبح إسحاق بموضع ضرة أمه فى بلدها؟

4. رزق إبراهيم - عليه السلام - بإسماعيل وهو في عنفوان قوته، ورزق بإسحاق - عليه السلام - على الكبر والعادة أن القلب يتعلق بأول الأولاد وهو أميل وأحب من الثاني فكان هو المأمور بذبحه حتى يثبت امتثال إبراهيم لأوامر ربه وتعلق قلبه به وأنه ليس لغيره وأنه ليس من مزاحم فيه معه (2).

وقد جاء في قاموس الكتاب المقدس ما يثبت أن إبراهيم - عليه السلام - رزق بإسماعيل أولًا وهو في سن ست وثمانين سنة (3) ثم رزق بإسحاق وهو في شيخوخته في سن مائة سنة (4) ويزعمون أن إسماعيل - عليه السلام - سخر من أخيه الصغير في الوليمة التي أقيمت بمناسبة فطام إسحاق وكان عمر إسماعيل حينئذ السادسة عشرة من عمرة، فألحت سارة على إبراهيم بطرد هاجر وابنها (5).

وهذا أثبت أن إسماعيل - عليه السلام - هو البكر وأنه ظل وحيده أربعة عشر سنة حتى رزق إبراهيم بإسحاق، فأصبح المقصود بأمر الذبح إسماعيل - عليه السلام - فهو البكر الوحيد حتى جاء إسحاق والغاية أن اليهود حرفوا التوراة بالزيادة في الألفاظ (6).


(1) هداية الحيارى: ص 202.
(2) انظر: إغاثة اللهفان - لابن القيم -2/ 355 - 357 باختصار.
(3) تكوين: (16/ 3 - 16) هاجر وإسماعيل (قاموس الكتاب المقدس ص 74).
(4) تكوين: (21/ 1 - 8) مولد إسحاق. قاموس الكتاب المقدس ص 10.
(5) تكوين (21/ 8 - 14) مولد إسحاق وطرد هاجر وإسماعيل (قاموس الكتاب المقدس ص 74).
(6) جهود الإمامين ص 307 وانظر في هذد القضية أيضًا: التطرف اليهودي د/ عبد الراضي محمد ص 34 - 35.

وهذا يتبين سعة أفق الإمامين رحمهما الله فقد أحاطا هذه القضية من كل جوانبها وأكثرا من ذكر الوجوه والأدلة القاطعة التي تبين بطلان ما يدعيه كتبة التوراة.

ولقد وقف د/ أحمد شبي، د/ بدران، د/ صفوت مبارك مع هذه القصة وقفة متأنية منتقدين ما تدعيه التوراة المحرفة متخذين من التاريخ شاهدًا على ما يقولون ومن الأحداث التي مر بها بيت إبراهيم - عليه السلام - دليلًا قويًا يؤكد نظرتهم النقدية فيقول د/ صفوت مبارك: إن النص الوارد في العهد القديم والذي يتعلق بشخصية الذبيح يفيد بأن الذبيح هو إسماعيل وليس "إسحاق" (1) فقد ورد في سفر التكوين ما يلي:

1. "خد ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق" (2).

2. وفي نص آخر "فلم تمسك ابنك وحيدك عني" (3).

3. وفي نص ثالت يقول الرب: "إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك ابنك وحيدك أباركك مباركة" (4).

فهذه النصوص الثلاثة تفيد أن الذبيح هو الابن الوحيد لإبراهيم وإسحاق لم يكن وحيدًا لإبراهيم في يوم من الأيام. فالعهد القديم ينص على أن: "إسحاق قد ولد بعد إسماعيل بأربعة عشر عاما (5) وينص أيضًا على أن إسماعيل قد بقى حيًا إلى وفاة أبيه إبراهيم وأنه قد اشترك مع أخيه إسحاق في دفن أبيهما إبراهيم ببلدة حبرون (6) " (7).


(1) انظر: مدخل لدراسة الأديان ص 131.
(2) الإصحاح: (22/ 2) امتحان إبراهيم.
(3) الإصحاح: (22/ 12) السابق.
(4) الإصحاح: (22/ 16) السابق.
(5) تكوين: (17/ 16) عهد الختان، والنص يقول: "ساراي امرأتك لا تدعو اسمها ساراي بل اسمها سارة وأباركها وأعطيك منها ابنا أباركها فتكون أمًا".
(6) هي: مدينة في أرض يهوذا الجبلية (يشوع 15/ 48، 54) كانت موجودة في وقت مبكر في أيام إبراهيم الذي سكن بعض الزمن في جوارها تحت بلوطات ممرا (تكوين 8/ 13، 35/ 27) وماتت سارة هناك واشتري إبراهيم مغارة المكفيلة لتكون قبرًا وقد اشتراها من الحيثيين الذي كانو يملكون المدينة حينئذ (تكوين 23/ 2 - 20) (قاموس الكتاب المقدس ص 286).
(7) تكوين: (25/ 9) موت إبراهيم. وانظر: مدخل لدراسة الأديان ص 132، 133 مرجع سابق والنص يقول: "ودفنه إسحاق وإسماعيل ابناه في مغارد المكفيلة في حقل عفرون بن صوجر الحثي الذي أمام ممرا" (تكوين 25/ 9 - 10).

أما ابن إبراهيم الذي كان وحيدًا لأبيه فهو "إسماعيل" قبل مولد "إسحاق" وواضح في النص الأول: التزوير والتحريف؛ لأن العبارة متناقضة حيث قد ثبت بصريح عبارة العهد القديم نفسه أن "إسحاق" لم يكن إطلاقًا وحيدًا لإبراهيم ويبدو أن العبارة كانت هكذا: "خذ ولدك وحيدك الذي تحبه إسماعيل فجاء من تناول هذه العبارة بالتحريف، فرفع اسم إسماعيل ووضع مكانه اسم إسحاق ولم يفطن إلى أن العبارة تكون هذه الصورة متناقضة (1).

ويضيف د/ بدران محمد بدران: توضيحًا لهذه القصة فيقول:

"في نصوص التوراة السابقة (الخاصة هذه القضية) بعض المغالطات يجب مناقشتها: أولًا: أن التوراة تنص: "خذ ابنك وحيدك الذي تحبه" ثم عادت وقالت: "إسحاق" وهذا لا يتمشى بحال من الأحوال مع تسلسل الأحداث في التوراة الآن إسماعيل أكبر من إسحاق .. حيث ولدت هاجر إسماعيل عندما كان إبراهيم ابن ستة وثمانين سنة (2). وأنجبت سارة إسحاق لإبراهيم عندما بلغ إبراهيم مائة عام (3) وهذا يعني أن إسماعيل أكبر من إسحاق بأربع عشرة سنة .. لذا فإن كلمة التوراة "خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق" خطأ تمامًا .. وعلى هذا لا يمكن أن يكون إسحاق وحيدًا لإبراهيم في أي وقت من الأوقات إلا في حالة واحدة .. وهي موت إسماعيل قبل هذه الوقعة وهذا الاحتمال محال لأن إبراهيم مات قبل إسماعيل بزمن طويل، تقول التوراة أن اللذين دفنا إبراهيم هما ابناه "إسماعيل وإسحاق" في مغارة تسمي مغارة "المكفيلة" في حقل عفرون بن صوجر الحثى - وهي الآن ضمن الحرم الإبراهيمي في الخليل -" (4).

ثانيًا: ويمكن الاستنتاج من أولًا أن النص: "خذ ابنك وحيدك" لا ينطبق إلا على إسماعيل وحده لأن إسماعيل هو بكر إبراهيم ... وظل وحيدًا له طيلة أربعة عشر سنة.

ثالثًا: يتخيل البعض أن كلمة "ابنك وحيدك" تنطبق على إسحاق وحده لأن إسماعيل كان ابن الجارية المصرية هاجر ... وهذا التخيل أو التصور ضعيف؛ بل خطأ كل الخطأ لأسباب عدة منها:


(1) ينظر: اليهودية د/ أحمد شلبي ص 136، ومدخل لدراسة الأديان ص 133.
(2) تكوين: (16/ 16) هاجر وإسماعيل.
(3) تكوين: (21/ 5) موت إبراهيم.
(4) تكوين: (25/ 9)، وينظر: التوراة د/ بدراد، ص 215، قاموس الكتاب المقدس، ص 911.

أن أربعة من أسباط إسرائيل أبناء جواري اثنان منهم "دان ونفتالي" ابنا بلهة جارية راحيل زوجة يعقوب الثانية والآخران "جاد وأستير" ابنا زلفة جارية ليئة زوجة يعقوب الأولى وإن كان التخيل السابق صحيحًا .. فيكون أسباط إسرائيل ثمانية فقط .. وهذا ما لا تنص عليه التوراة .. بل تتمسك التوراة بأن الأسباط اثنا عشر أي تعترف بأبناء الجواري وعلى هذا لا يكون إسحاق وحيدًا لإبراهيم.

2 - أن إسماعيل اسمه في التوراة "إسماعيل بن إبراهيم" وليس إسماعيل بن هاجر المصرية. كما تنص التوراة على أن الأسباط الأربعة، أبناء الجواري دان بن يعقوب، نفتالي بن يعقوب، وهكذا ولم تقل أن أحدًا منهم ابن الجارية كذا وأعتقد أن كلمة "ابنك وحيدك إسحاق" تعبر عن الحقد الدفين فى قلوب بني إسرائيل تجاه المصريين وذلك لأن المصريين أذلوا بني إسرائيل طيلة وجودهم في مصر فآثروا رفع اسم إسماعيل من هذا الشرف العظيم لأن للمصريين جانبًا كبيرًا منه لأنه ابن هاجر المصرية (1).

وغير ذلك من الأسباب التي ذكرها المؤلف تؤكد خطأ الدعوى القائلة بأن الابن الوحيد هو إسحاق ويقول: يمكن الاستنتاج أن كتبة التوراة قد أزادوا "إسحاق" بعد كلمة: "خذ ابنك وحيدك الذي تحبه" حتى يكون لهم شرف هذا العمل العظيم الذي قام به إبراهيم ويسقطوا هذا الشرف عن المصريين وعن أبناء إسماعيل (2).

وعلى الرغم من محاولة اليهود سلب إسماعيل شرف البكورة والتضحية والفداء في قصة الذبح، وجعلها على إسحاق إلا أن إسحاق لم ينج من فظائغ التطرف اليهودي التي لاحقته ورمته بالكذب والغباوة وسهولة الاحتيال عليه حتى إن حاكم الفلسطينيين يعاتبه على الكذب (3) تقول التوراة:

"فأقام إسحاق في "جرار" وسأله أهل المكان عن امرأته فقال: هى أختي" لأنه خاف أن يقول: "امرأتي" لعل أهل المكان: "يقتلونني من أجل رفقه؛ لأنها كانت حسنة المنظر" (4).


(1) انظر: التوراة د/ بدران ص 215 - 218.
(2) المرجع السابق ص 218.
(3) التطرف اليهودي: د/ عبد الراضي محمد ص 35، 37.
(4) تكوين: (26/ 6 - 7) إسحاق وأبيمالك.

  • الثلاثاء AM 11:14
    2022-05-17
  • 1160
Powered by: GateGold