المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413992
يتصفح الموقع حاليا : 293

البحث

البحث

عرض المادة

إبطال نسبة الأناجيل والرسائل إلى الحواريين - انجيل مرقس

ثاني الأناجيل التي تطالعنا في العهد الجديد، وينسب إلى مرقس. فمن هو مرقس؟ وماذا عن كاتب هذا الإنجيل؟ وهل تصح نسبته إلى مؤلفه؟ يتكون إنجيل مرقس من ستة عشر إصحاحاً، تحكي قصة المسيح من لدن تعميده على يد يوحنا المعمداني إلى قيامة المسيح بعد قتله على الصليب.

وهو أقصر الأناجيل - ويعتبره النقاد - كما يقول ولس - أصح إنجيل يتحدث عن حياة المسيح، ويكاد يجمع النقاد على أنه أول الأناجيل تأليفاً، وأن إنجيل متى ولوقا قد نقلا عنه.

يقول مؤلفو مدخل إلى الكتاب المقدس: "ربما كانت بشارة مرقس هي أقدم البشائر الأربع وقد كتبت فيما بين 65 - 70 ميلادية قبل تدمير هيكل أورشليم، ويبدو أن كلاً من متى ولوقا قد استخدم إنجيل مرقس". (1)

يقول العالم الألماني رويس: إنه كان الأصل الذي اقتبس منه إنجيلا متى ولوقا، وهذا الإنجيل هو الوحيد بين الأناجيل المسمى بإنجيل المسيح، إذ أول فقرة فيه " بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله" (مرقس 1/ 1). (2)

وتزعم المصادر النصرانية أن مرقس كتب إنجيله في روما، ولعله في الإسكندرية، وأن كتابته تمت - على اختلاف في هذه المصادر - بين عام 39 - 75م، وإن رجح أكثرها أن كتابته بين 44 - 75م معتمدين على شهادة المؤرخ ايرينايوس الذي قال: " إن مرقس كتب إنجيل بعد موت بطرس وبولس ".

ويرى الناقد اليهودي سبينوزا أن هذا الإنجيل كتب مرتين إحداهما قبل عام 180م والثانية بعده.

وأما لغة هذا الإنجيل، فالمصادر تتفق على أنها اليونانية.

وأقدم ذكر لهذا الإنجيل ورد على لسان المؤرخ بابياس (140م) حين قال: " إن مرقس ألف إنجيله من ذكريات نقلها إليه بطرس ". (3)

[من هو مرقس؟]

وتناقل المحققون ما رددته المصادر النصرانية في ترجمة مرقس، والتي يجمعها ما جاء في قاموس الكتاب المقدس عنه، فهو الملقب بمرقس، واسمه يوحنا، وقد رافق مرقس برنابا وبولس في رحلتهما، ثم فارقهما، ثم عاد لمرافقة بولس.

ويتفق المترجمون له على أنه كان مترجماً لبطرس الذي له علاقة بهذا الإنجيل.

ويذكر المؤرخ يوسيبوس أنه - أي مرقس - أول من نادى برسالة الإنجيل في الإسكندرية، وأنه قتل فيها.

قال بطرس قرماج في كتابه " مروج الأخبار في تراجم الأبرار " عن مرقس: "كان ينكر ألوهية المسيح ". (4)

[ملاحظات على إنجيل مرقس]

وقد توقف المحققون ملياً مع هذا الإنجيل وكاتبه، وكانت لهم ملاحظات:

- أن مرقس ليس من تلاميذ المسيح، بل هو من تلاميذ بولس وبطرس. يقول المفسر دنيس نينهام في تفسيره لإنجيل مرقس (ص 39): " لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة، وعلاقة خاصة بيسوع، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى ".

وثمة دليل قوي في هذا الصدد وهو شهادة المؤرخ الكنسي بابياس (140م) حين قال: "اعتاد الشيخ يوحنا أن يقول: إذ أصبح مرقس ترجماناً لبطرس دون بكل تدقيق كل ما تذكره، ولم يكن مع هذا بنفس الترتيب المضبوط ما رواه من أقوال وأفعال يسوع المسيح، وذلك لأنه لم يسمع من السيد المسيح فضلاً عن أنه لم يرافقه، ولكن بالتبعية كما قلت، التحق ببطرس الذي أخذ يصوغ تعاليم يسوع المسيح لتوائم حاجة المستمعين، وليس بعمل رواية وثيقة الصلة بيسوع وعن يسوع لأحاديثه ".

ويقول المفسر دنيس نينهام في تفسيره (ص 39): " من غير المؤكد صحة القول المأثور الذي يحدد مرقس كاتب الإنجيل بأنه يوحنا مرقس المذكور في أعمال الرسل (12/ 12، 25) ... أو أنه مرقس المذكور في رسالة بطرس الأولى (5/ 13) .. أو أنه مرقس المذكور في رسائل بولس ...

لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد، إنما ترجع جميعها إلى شخص واحد له هذا الاسم، ولكن عندما نتذكر أن اسم مرقس كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعاً في الإمبراطورية الرومانية، فعندئذ نتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة ". (5)

- وأهم مسألة شغلت الباحثين بخصوص هذا الإنجيل خاتمته، فإن خاتمة هذا الإنجيل (16/ 9 - 20) غير موجودة في المخطوطات القديمة المهمة كمخطوطة الفاتيكان والمخطوطة السينائية.

ويقول وليم باركلي: إن النهاية المشهورة - علاوة على عدم وجودها في النسخ الأصلية القديمة - فإن أسلوبها اللغوي يختلف عن بقية الإنجيل.

ونقل رحمة الله الهندي عن القديس جيروم في القرن الخامس أنه ذكر بأن الآباء الأوائل كانوا يشكون في هذه الخاتمة.

وقد اعتبرتها النسخة الإنجليزية القياسية المراجعة ( R S V) فقرات غير موثوق فيها، فحذفتها من طبعتها الصادرة عام 1951م.

أما مقدمة الإنجيل في نسخة الرهبانية اليسوعية فتقول: "من المسلم به على العموم أن الخاتمة كما هي الآن (16/ 9 - 20) قد أضيفت لتخفيف ما في نهاية الكتاب من توقف فجائي في الآية 8".

وعن الخاتمة الموجودة يقول الأب كسينجر: " لابد أنه قد حدث حذف للآيات الأخيرة عند الاستقبال الرسمي (النشر للعامة) لكتاب مرقس في الجماعة التي ضمنته.

وبعد أن جرت بين الأيدي الكتابات المتشابهة لمتى ولوقا ويوحنا، تم توليف خاتمة محترمة لمرقس بالعناصر من هنا ومن هناك لدى المبشرين الآخرين .. وذلك يسمح بتكوين فكرة عن الحرية التي كانوا يعالجون بها الأناجيل ".

ويعلق موريس بوكاي قائلاً: " ياله من اعتراف صريح بوجود التغييرات التي قام بها البشر على النصوص المقدسة". (6)

 

 

 

 


(1) انظر: مدخل إلى الكتاب المقدس، جون بالكين وآخرون، ص ().
(2) يجدر التنبيه على أن عبارة "ابن الله" لا ترد في جميع المخطوطات، كما نبه الآباء اليسوعيون في حاشيتهم على هذه الفقرة.

(3) انظر: دراسة تحليلية نقدية لإنجيل مرقس، محمد عبد الحليم أبو السعد، ص (265 - 267)، وقاموس الكتاب المقدس، ص (854).
(4) انظر: قاموس الكتاب المقدس، ص (853)، المسيح في مصادرالعقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب، ص (52 - 56)، يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء، رؤوف شلبي، ص (153 - 154).

(5) انظر: المسيح في مصادرالعقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب، ص (51 - 52)، التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، موريس بوكاي، ص (84)، الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف، يحيى ربيع، ص (140)، الأناجيل والرسائل بين انقطاع السند وتناقض المتن، محمد الشرقاوي، ص (66 - 67)، قاموس الكتاب المقدس، ص (855).

(6) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (1/ 152)، التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، موريس بوكاي، ص (86 - 87)، المسيح في مصادرالعقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب، ص (56).

 

  • الخميس PM 12:11
    2022-05-12
  • 744
Powered by: GateGold