المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409167
يتصفح الموقع حاليا : 344

البحث

البحث

عرض المادة

هل المسيح هو الله؟

وقد اهتم المحققون بمناقشة الطبيعة الواحدة للمسيح والتي تقول بها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية (المرقسية).

وفي بيان معتقد الكنيسة المصرية يقول حبيب جرجس عميد الكلية الإكليريكية بمصر موضحاً عقيدة الأرثوذكس الشرقيين في مسألة الطبيعة الواحدة: "إن فادينا العظيم قد تنزل عن سماء مجده، وقبِل أن يتحد بالإنسان باتخاذه جسداً حقيقياً بنفس عاقلة ناطقة، فحبل به بقوة الروح القدس ... واتحادهما بدون اختلاط ولا امتزاج، يصيران شخصاً واحداً، ذا طبيعة واحدة ... صار المسيح ذاتاً واحدة جوهراً واحداً طبيعة واحدة، مشيئة واحدة".

ولعل هذا المذهب أشد مذاهب النصارى كفراً، إذ أنه جعل الله هو المسيح - عليه السلام - كما قال الله عنهم: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} (المائدة: 17).

ويعجب المسلمون كيف جعل أتباع هذا المذهب الله بشراً؟ فالقديم الأزلي لا يصير محدثاً، ولا يجري عليه ما يجري على البشر من عوارض كالنوم والنسيان والأكل والشرب وكونه يرى ...

لكن النصوص المقدسة تثبت أن المسيح ليس الله، فثمة مفارقات واضحة بينهما، فالمسيح بشر، أصابته العوارض التي تصيب سائر البشر، وهي عوارض تنزه النصوص التوراتية، بل والإنجيلية الله عز وجل عنها.

فالمسيح - عليه السلام - مولود امرأة، وهيهات لمولود المرأة، ابن آدم الدود، أن يكون إلهاً، فقد جاء في التوراة "فكيف يتبرر الإنسان عند الله؟ وكيف يزكو مولود المرأة. هوذا نفس القمر لا يضيء، والكواكب غير نقية في عينيه. فكم بالحري الإنسان الرمّة وابن آدم الدود! " (أيوب 25/ 4 - 5).

والمسيح إنسان، وهو ابن الإنسان "وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله " (يوحنا 8/ 40)، بينما الله "ليس الله إنساناً فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم" (العدد 23/ 19).

والمسيح نام في السفينة. (انظر مرقس 4/ 35 - 38)، أما الله فهو " لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل" (المزمور 121/ 4).

والمسيح - عليه السلام - كان جسداً مرئياً، والله لا يرى "الذي لم يره أحد من الناس، ولا يقدر أن يراه الذي له الكرامة والقدرة الأبدية" (تيموثاوس (1) 6/ 16). وهو ما يقوله يوحنا: " الله لم يره أحد قط " (يوحنا 1/ 18).

يمضي يوحنا فيقول: " الله روح" (يوحنا 4/ 24)، أي ليس جسماً محسوساً، في حين كان المسيح جسماً محسوساً باللمس، والمسيح عن نفسه يقول: " انظروا يديّ ورجليّ، إني أنا هو، جسوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. وحين قال هذا، أراهم يديه ورجليه" (لوقا 24/ 37 - 41).

بل لا تقدر الأجسام أن ترى الله، ومن رآه يموت. (انظر الخروج 10/ 28) فكيف يزعم الزاعمون بأن البشر رأوه؟

والمسيح - عليه السلام - كان صوته مسموعاً، أما الآب فالأسفار تخبر أن أحداً لم يسمع صوته، ولم يره "والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي. لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته" (يوحنا 5/ 37).

وكيف يقول النصارى: إن جسداً بشرياً قد اكتنفه في بطنه إلى حين ولادته، والله يستحيل عليه ذلك، كما تخبرنا التوراة الكاثوليكية حين تقول: " فقال الرب: لا تحل روحي على إنسان أبداً، لأنه جسد" (التكوين 6/ 3)، فروح الله لا تحل في الأجساد، فضلاً عن حلول ذاته العلية، لأن "العلي لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيادي" (أعمال 7/ 48).

ومن المحال أن يكتنفه جسد أرضي مهما عظم، فالسماوات والأرض لا تسعه " هل يسكن الله حقاً على الأرض؟ هوذا السماوات وسماء السماوات لا تسعك، فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت" (الملوك (1) 8/ 27).

والمسيح صلب - كما ذكرت الأناجيل - ومات، والله عن نفسه يقول: "حي أنا إلى الأبد" (التثنية 32/ 40)، ويقول: "أقسم بالحي إلى أبد الآبدين" (الرؤيا 10/ 6)، وهو "الذي وحده له عدم الموت ساكناً في نور، لا يدنى" (تيموثاوس (1) 6/ 16).

كما أفادت نصوص أخرى عجزاً للمسيح - عليه السلام - وقعوداً عن مرتبة الألوهية، فدل ذلك على أنه ليس الله، فقد جهل موعد الساعة " وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد، ولا ملائكة السماوات، إلا أبي وحده " (متى 24/ 36).

وقال عن نفسه: "أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً " (يوحنا 5/ 30).

لذا عجز أن يعد ابني زبدي بالملكوت (انظر متى 20/ 23)، ولما سماه أحدهم صالحاً قال: "لم تدعوني صالحاً؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد، وهو الله" (لوقا 18/ 18 - 20).

وذكر بولس أن للمسيح شركاء "من أجل ذلك مسحك الله بزيت الابتهاج أكثر من شركائك" (عبرانيين 1/ 8 - 10). فهل هؤلاء شركاء له حتى في الألوهية؟

كما ثمة نصوص أفادت بأن المسيح - عليه السلام - عبد إلهاً غيره، وهو الله، يقول لوقا: "وفي تلك الأيام خرج إلى الجبل ليصلّي، وقضى الليل كله في الصلاة لله" (لوقا 6/ 12)، وقد ذكر الإنجيليون أنه صرخ إلى ربه مستغيثاً وناداه وهو على الصليب: " إلهي إلهي لماذا تركتني" (متى 27/ 46).

وقال للتلاميذ عن الله: " أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم" (يوحنا 20/ 17).

كما كان المسيح - عليه السلام - يعبد ربه ويصلي له، ومن ذلك صلاته ليلة أن جاء الجند للقبض عليه. (انظر متى 26/ 39)، فإذا كان هو الله فلمن كان يصلي؟ هل الله يصلي لله؟ وهل الله يدعو الله؟ ثم هل يستجيب الله لدعاء الله؟!

وقال للشيطان لما طلبه أن يسجد له: "مكتوب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد" (متى 4/ 10)، فهل كان يتحدث عن نفسه؟

كما تثبت النصوص تغايراً بين المسيح - عليه السلام - والله، وتذكر عشرات النصوص أن المسيح مرسل من الله والمرسَل غير المرسِل، منها "الكلام الذي تسمعونه ليس لي، بل للآب الذي أرسلني" (يوحنا 14/ 24)، ويقول المسيح - عليه السلام - أخرى: "أرسلتني إلى العالم ... ليؤمن العالم أنك أرسلتني ... " (يوحنا 17/ 21 - 24)، وفي رسالة يوحنا: " الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به" (يوحنا (1) 4/ 9).

وأكد يوحنا المغايرة بين الآب والابن، وأنهما ليسا واحداً في قوله على لسان المسيح: "لم أتكلم من نفسي، لكن الأب الذي أرسلني، هو أعطاني وصية ماذا أقول، وبماذا أتكلم" (يوحنا 12/ 49)، فإذا كان الابن مساوياً للآب في كل شيء أو هو الآب نفسه، فلم كان الابن لا يتكلم من تلقاء نفسه، بل لابد له من موافقة الآب الذي أرسله وأعطاه وأوصاه بالكلام الذي ينبغي أن يقوله.

ومن النصوص التي أفادت المغايرة قول بولس عن المسيح: "الذي أقامه من الأموات" (كولوسي 2/ 12)، فالقائم من الموت غير الذي أقامه.

ويقول بولس: "نشكر الله أبا ربنا يسوع المسيح" (كولوسي 1/ 3)، فالأب ليس الابن، بل أبوه.

ويقول المسيح: "كما أحبني الأب" (يوحنا 15/ 9)، ويقول: " ليفهم العالم أني أحب الآب وكما أوصاني الآب " (يوحنا 14/ 31)، فالمحب غير المحبوب، والموصي غير الموصى.

ويقول: "ما سمعته من أبي" (يوحنا 1/ 15)، فالسامع ليس القائل.

ويؤكد الفرق بينه وبين الله، فيقول: "أبغضوني أنا وأبي" (يوحنا 15/ 24).

ومما يفيد أيضاً المغايرة بين الأقانيم الثلاثة قول بطرس: "يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيراً" (أعمال 10/ 38)، فالله مسح عيسى بالروح القدس، فهم ثلاث شخصيات متمايزة منفصلة.

وجاءت نصوص تقول بأن المسيح - عليه السلام - بعد القيامة "ارتفع وجلس عن يمين الله" (مرقس 16/ 19). ويقول بولس: "المسيح جالس عن يمين الله" (كولوسي 3/ 1)، فالذي عن اليمين غير للذي عن شماله.

وقد قال لمريم المجدلية: " وقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يوحنا 20/ 17)، فالصاعد غير الذي يصعد إليه.

كما أن هذه الغيرية تنطوي على عدم تساوٍ بين الله والمسيح، فقد قال المسيح: "أبي أعظم مني" (يوحنا 14/ 28)، وقال: "أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل" (يوحنا 10/ 29)، وقال: "الحق الحق أقول لكم: إنه ليس عبد أعظم من سيده، ولا رسول أعظم من مرسله" (يوحنا 13/ 26)، وقال: "الحق أقول لكم، لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل" (يوحنا 5/ 19).

وأكد بولس خضوع المسيح في النهاية لله فقال: " ومتى أخضع له الكل، فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل، (أي لله) كي يكون الله الكل في الكل " (كورنثوس (1) 15/ 28)، فهو ولاشك دون الآب، خاضع له، وليس هو الآب، فهل هذان أقنومان متساويان أم شخصان متغايران؟

وأخيراً: الله ليس له شبيه ولا نظير، لا في السماء ولا في الأرض، لا المسيح ولا غيره "قال: أيها الرب إله إسرائيل، لا إله مثلك في السماء والأرض" (الأيام (2) 6/ 14)، وقال: " لأنه مَن في السماء يعادل الرب؟ من يشبه الرب بين أبناء الله؟ " (المزامير 89/ 6).

 

  • الثلاثاء PM 12:38
    2022-05-10
  • 859
Powered by: GateGold