المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 408921
يتصفح الموقع حاليا : 309

البحث

البحث

عرض المادة

upload/upload1627822808439.jpg

طـــلائـــع الصوفيـة

 

مقدمة :

لم يكن الإسلام أبداً ، إلا دين علم وعمل خالص لقوله تعالى : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله   واستغفر لذنبك وللمؤمنين )) . وقوله تعالى : (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )) . وقوله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم : (( اعملي يافاطمة فإني لا أغني عنك من الله شيئاً )) . ولم   يكن الإسلام كذلك إلا دين توحيد خالص ، لا توجه فيه إلا إلى الله وحده : (( ذلك الدين القيم )) .

والإسلام بهذه المثابة دين صفاء العقيدة ، ونقاء الاعتقاد ، دين بلا طرق ، دين بلا مذاهب في أصل العقيدة ، ولا اختلافات حول جوهر وأصول الدين .

ولقد ظل الإسلام بهذه الصورة العظيمة المتفردة ، حتى هبت عليه رياح التغيير بعد اتساع الفتوحات الإسلامية ، وازدياد الرخاء ، وحدوث الانغماس في الترف الحضاري ، فقام نفر من المخلصين الزهاد بحمل لواء الدعوة إلى العودة إلى خشونة الحياة ، آملاً في استمرار النمط الأول للحياة ، وانطلق نفر من هؤلاء الزهاد في اتجاه آخر هو اتجاه التصوف ، ولم يكن هذا الاتجاه في بداياته الأولى يريد غير صلاح المسلمين بتربية النفوس على مقتضى العقيدة .

ولكن فشو الجهل ، واستمراء التعيم ، وظهور الفتن ، واندساس الحاقدين ، وظهور النفعيين المرتزقين باسم الدين ، بل وظهور أعداء الإسلام ، أوجد مدرسة جديدة مارقة عن العقيدة هي مدرسة الصوفية الجديدة التي اتبعت فكر المجوس ، وأولت القرآن ، وأتت بفكر باطني مدمر ، وحرفت الكلم عن مواضعه ، وبدأت تنتشر كالسم في جسد الأمة الإسلامية ، وكلما نأت عن الكتاب والسنة خطوة كلما سرى السم في جسد الأمة المسلمة خطوات وخطوات ، حتى أصبح العالم الإسلامي يموج الآن بكثير من الفرق الضالة التي تتشح بوشاح الصوفية الذي لم يكن جوهره سبباً من أسباب الانحراف . وحتى يقف الشباب المسلم على طبيعة التصوف فإننا نعرض فيما يلي للصوفية بصورة عامة .

التعريف :

التصوف حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنـزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة كرد فعل مضاد للانغماس في الترف الحضاري . ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرق مميزة معروفة باسم الصوفية ، ويتوخى المتصوفة تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة لاعن طريق اتباع الوسائل الشرعية ، ولذا جنحوا في المسار حتى تداخلت طريقتهم مع الفلسفات الوثنية : الهندية والفارسية واليونانية المختلفة . ويلاحظ أن هناك فروقاً جوهرية بين مفهومي الزهد والتصوف أهمها : إن الزهد مأمور به ، والتصوف جنوح عن طريق الحق الذي اختطه أهل السنة والجماعة .

أبرز الشخصيات :

مقدمة هامة :

  • خلال القرنين الأولين ابتداءً من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين حتى وفاة الحسن البصري ، لم تعرف الصوفية سواء كان باسمها أو برسمها وسلوكها ، بل كانت التسمية الجامعة : المسلمين ، المؤمنين ، أو التسميات الخاصة مثل : الصحابي ، البدري ، أصحاب البيعة ، التابعي .

لم يعرف ذلك العهد هذا الغلو العملي التعبدي أو العلمي الاعتقادي إلا بعض النزعات الفردية نحو التشديد على النفس الذي نهاهم عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة ، ومنها قوله للرهط الذين سألوا عن عبادته صلى الله عليه وسلم :(( لكني أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وأتزوج النساء ، وآكل اللحم ، فمن رغب عن سنتي فليس مني)).

وقوله صلى الله عليه وسلم للحولاء بنت نويت التي طوقت نفسها بحبل حتى لا تنام عن قيام الليل كما في حديث عائشة رضي الله عنها : (( عليكم من العمل ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل )) .

ـ وهكذا كان عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم على هذا المنهج يسيرون ، يجمعون بين العلم والعمل ، والعبادة والسعي على النفس والعيال ، وبين العبادة والجهاد ، والتصدي للبدع والأهواء مثلما تصدى ابن مسعود رضي الله عنه لبدعة الذكر الجماعي بمسجد الكوفة وقضى عليها ، وتصديه لأصحاب معضد بن يزيد العجلي لما اتخذوا دوراً خاصة للعبادة في بعض الجبال وردهم عن ذلك .

  • ظهور العباد : في القرن الثاني عشر الهجري في عهد التابعين وبقايا الصحابة ظهرت طائفة من العباد آثروا العزلة وعدم الاختلاط بالناس فشددوا على أنفسهم في العبادة على نحو لم يُعهد من قبل ، ومن أسباب ذلك بزوغ بعض الفتن الداخلية ، وإراقة بعض الدماء الزكية ، فآثروا اعتزال المجتمع تصوناً عما فيه من الفتن ، وطلباً للسلامة في دينهم ، يضاف إلى ذلك أيضاً فتح الدنيا أبوابها أمام المسلمين ، وبخاصة بعد اتساع الفتوحات الاسلامية وانغماس بعض المسلمين فيها ، وشيوع الترف والمجون بين طبقة من السفهاء ، مما أوجد ردة فعل عند بعض العباد وبخاصة في البصرة والكوفة حيث كانت بداية الانحراف عن المنهج الأول في جانب السلوك .

ـ ففي الكوفة ظهرت جماعة من أهلها اعتزلوا الناس وأظهروا الندم الشديد بعد مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه وسموا أنفسهم بالتوَّابين أو البكَّائين . كما ظهرت طبقة من العباد غلب عليهم جانب التشدد في العبادة والبعد عن المشاركة في مجريات الدولة ، مع علمهم وفضلهم والتزامهم بآداب الشريعة ، واشتغالهم بالكتاب والسنة تعلماً وتعليماً ، بالإضافة إلى صدعهم بالحق وتصديهم لأهل الأهواء . كما ظهر فيهم الخوف الشديد من الله تعالى ، والإغماء والصقع عند سماع القرآن الكريم مما استدعى الإنكار عليهم من بعض الصحابة وكبار التابعين كأسماء بنت أبي بكر وعبد الله بن الزبير ومحمد بن سيرين ونحوهم رضي الله عنهم ، وبسببهم شاع لقب العبَّاد والزُهَّاد والقُرَّاء في تلك الفترة . ومن أعلامهم : عامر بن عبد الله بن الزبير ، و صفوان بن سليم ، وطلق بن حبيب العنزي ، عطاء السلمي ، الأسود بن يزيد بن قيس ، وداود الطائي ، وبعض أصحاب الحسن البصري .

  • بداية الانحراف : كدأب أي انحراف يبدأ صغيراً ، ثم مايلبث إلا أن يتسع مع مرور الأيام فقد تطور مفهوم الزهد في الكوفة والبصرة في القرن الثاني للهجرة على أيدي كبار الزهاد أمثال : إبراهيم بن ادهم ، مالك بن دينار ، وبشر الحافي ، ورابعة العدوية ، وعبد الواحد بن زيد ، إلى مفهوم لم يكن موجوداً عند الزهاد السابقين من تعذيب للنفس بترك الطعام ، وتحريم تناول اللحوم ، والسياحة في البراري والصحاري ، وترك الزواج . يقول مالك بن دينار : (( لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة ، ويأوي إلى مزابل الكلاب )) . وذلك دون سند من قدوة سابقة أو نص كتاب أو سنة ، ولكن مما يجدر التنبيه عليه أنه قد نُسب إلى هؤلاء الزهاد من الأقوال المرذولة والشطحات المستنكرة ما لم يثبت عنهم بشكل قاطع كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية .

ـ وفي الكوفة أخذ معضد بن يزيد العجلي هو وقبيله يروِّضون أنفسهم على هجر النوم وإقامة الصلاة ، حتى سلك سبيلهم مجموعة من زهاد الكوفة ، فأخذوا يخرجون إلى الجبال للانقطاع للعبادة ، على الرغم من إنكار ابن مسعود عليهم في السابق .

ـ وظهرت من بعضهم مثل رابعة العدوية أقوال مستنكرة في الحب والعشق الإلهي للتعبير عن المحبة بين العبد وربه ، وظهرت تبعاً لذلك مفاهيم خاطئة حول العبادة من كونها لا طمعاً في الجنة ولا خوفاً من النار مخالفةً لقول الله تعالى : (( يدعوننا رغباً ورهباً )) .

ـ يلخص شيخ الإسلام ابن تيمية هذا التطور في تلك المرحلة بقوله : (( في أواخر عصر التابعين حدث ثلاثة أشياء : الرأي ، والكلام ، والتصوف ، فكان جمهور الرأي في الكوفة ، وكان جمهور الكلام والتصوف في البصرة ، فإنه بعد موت الحسن وابن سيرين ظهر عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء ، وظهر أحمد بن علي الهجيمي ت200 ، تلميذ عبد الواحد بن زيد تلميذ الحسن البصري ، وكان له كلام في القدر ، وبنى دويرة للصوفية ـ وهي أول مابني في الإسلام ـ أي داراً بالبصرة غير المساجد للالتقاء على الذكر والسماع ـ صار لهم حال من السماع والصوت ـ إشارة إلى الغناء . وكان أهل المدينة أقرب من هؤلاء في القول والعمل ، وأما الشاميون فكان غالبهم مجاهدين )) .

  • ومنذ ذلك العهد أخذ التصوف عدة أطوار أهمها :

ـ  البداية والظهور : ظهر مصطلح التصوف والصوفية أول ما ظهر في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس ، والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة ، ثم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب ، وقد تنازع العلماء والمؤرخون في أول من تسمَّ به . على أقوال ثلاثة :

2)  ول شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه : أن أول من عُرف بالصوفي هو أبو هاشم الكوفي ت150هـ أو 162هـ بالشام بعد أن انتقل إليها ، وكان معاصراً لسفيان الثوري ت 155هـ قال عنه سفيان : (( لولا أبو هاشم ماعُرِفت دقائق الرياء )) . وكان معاصراً لجعفر الصادق وينسب إلى الشيعة الأوائل ويسميه الشيعة مخترع الصوفية .

2) يذكر بعض المؤرخين أن عبدك ـ عبد الكريم أو محمد ـ المتوفى سنة 210هـ هو أول من تسمى بالصوفي ، ويذكر عنه الحارث المحاسبي أنه كان من طائفة نصف شيعية تسمي نفسها صوفية تأسست بالكوفة . بينما يذكر الملطي في التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع أن عبدك كان رأس فرقة من الزنادقة الذين زعموا أن الدنيا كلها حرام ، لا يحل لأحد منها إلا القوت ، حيث ذهب أئمة الهدى ، ولا تحل الدنيا إلا بإمام عادل ، وإلا فهي حرام ، ومعاملة أهلها حرام .

3)  يذهب ابن النديم في الفهرست إلى أن جابر بن حيان تلميذ جعفر الصادق والمتوفى سنة 208هـ أول من تسمى بالصوفي ، والشيعة تعتبره من أكابرهم ، والفلاسفة ينسبونه إليهم .

ـ وقد تنازع العلماء أيضاً في نسبة الاشتقاق على أقوال كثيرة أرجحها :

1ـ ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن خلدون وطائفة كبيرة من العلماء من أنها نسبة إلى الصوف حيث كان شعار رهبان أهل الكتاب الذين تأثر بهم الأوائل من الصوفية ، وبالتالي فقد أبطلوا كل الاستدلالات والاشتقاقات الأخرى على مقتضى قواعد اللغة العربية ، محمولة نسبة الصوفية أنفسهم إلى علي بن أبي طالب والحسن البصري وسفيان الثوري رضي الله عنهم جميعاً ، وهي نسبة تفتقر إلى الدليل ويعوزها الحجة والبرهان .

2ـ الاشتقاق الآخر ما رجحه أبو الريحان البيروني 440هـ وفون هامر حديثاً وغيرهما من أنها مشتقة من كلمة سوف اليونانية والتي تعني الحكمة . ويدلل أصحاب هذا الرأي على صحته بانتشاره في بغداد وما حولها بعد حركة الترجمة النشطة في القرن الثاني الهجري بينما لم تعرف في نفس الفترة في جنوب وغرب العالم الإسلامي . ويضاف إلى الزمان والمكان التشابه في أصل الفكرة عند الصوفية واليونان حيث أفكار وحدة الوجود والحلول والإشراق والفيض . كما استدلوا على قوة هذا الرأي بما ورد عن كبار الصوفية مثل السهروردي ـ المقتول ردة ـ بقوله : (( وأما أنوار السلوك في هذه الأزمنة القريبة فخميرة الفيثاغورثيين وقعت إلى أخي أخميم (( ذي النون المصري )) ومنه نزلت إلى سيار ستري وشيعته (( أي سهل التستري )) وأضافوا إلى ذلك ظهور مصطلحات أخرى مترجمة عن اليونانية في ذلك العصر ، مثل الفلسفة ، الموسيقا ، الموسيقار ، السفسطة ، الهيولي .

  • طلائع الصوفية :

ظهر في القرنين الثالث والرابع الهجري ثلاث طبقات من المنتسبين إلى التصوف وهي :

  • الطبقة الأولى :

وتكتل التيار الذي اشتهر بالصدق في الزهد إلى حد الوساوس ، والعد عن الدنيا والانحراف في السلوك والعبادة على وجه يخالف ماكان عليه الصدر الأول من الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته بل وعن عباد القرن السابق له ، ولكنه كان يغلب على أكثرهم الاستقامة في العقيدة ، والإكثار من دعاوى التزام السنة ونهج السلف ، وإن كان ورد عن بعضهم ـ مثل الجنيد ـ بعض العبارات التي عدها العلماء من الشطحات ، ومن أشهر رموز هذا التيار :

ـ الجنيد : هو أبو القاسم الخراز المتوفى 298هـ يلقبه الصوفية بسيد الطائفة ، ولذلك يعد من أهم الشخصيات التي يعتمد المتصوفة على أقواله وآرائه وبخاصة في التوحيد والمعرفة والمحبة . وقد تأثر بآراء ذي النون النوبي ، فهذبها ، وجمعها ونشرها من بعده تلميذه الشبلي ، ولكنه خالف طريقة ذي النون والحلاج و البسطامي في الفناء ، حيث كان يؤثر الصحو على السكر وينكر الشطحات ، ويؤثر البقاء على الفناء ، فللفناء عنده معنى آخر ، وقد أنكر على المتصوفة سقوط التكاليف . وقد تأثر الجنيد بأستاذه الحارث المحاسبي والذي يعد أول من خلط الكلام بالتصوف ، وبخاله السري السقطي ت 253هـ .

وهناك آخرون تشملهم هذه الطبقة أمثال : أبو سليمان الدارني عبد الرحمن بن أحمد بن عطية العني ت205هـ ، وأحمد بن الحواري ، والحسن بن منصور بن إبراهيم أبو علي الشطوي الصوفي وقد روى عنه البخاري في صحيحه ، والسري بن المغلس السقطي أبوالحسن ت253هـ ، سهل بن عبد الله التستري ت273هـ ، معروف الكرخي أبومحفوظ 412هـ محمد بن الحسن الأزدي السلمي ، محمد بن الحسن بن الفضل بن العباس أبويعلى البصري الصوفي 368هـ شيخ الخطيب البغدادي .

ـ ومن أهم السمات الأخرى لهذه الطبقة : بداية التمييز عن جمهور المسلمين والعلماء ، وظهور مصطلحات تدل على ذلك بشكل مهد لظهور الطرق من بعد ، مثل قول بعضهم : علمنا ، مذهبنا ، طريقنا ، قال الجنيد : (( علمنا مشتبك مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم )) وهو انتساب محرم شرعاً حيث يفضي إلى البدعة والمعصية بل وإلى الشرك أيضاً ، وقد اشترطوا على من يريد السير معهم في طريقتهم أن يخرج من ماله ، وأن يقل من غذائه وأن يترك الزواج مادام في سلوكه .

ـ كثر الاهتمام بالوعظ والقصص مع قلة العلم والفقه والتحذير من تحصيلهما في الوقت الذي اقتدى أكثرهم بسلوكيات رهبان ونساك أهل الكتاب حيث حدث الالتقاء ببعضهم ، مما زاد في البعد عن سمت الصحابة وأئمة التابعين . ونتج عن ذلك اتخاذ دور للعبادة غير المساجد ، يلتقون فيها للاستماع للقصائد الزهدية أو قصائد ظاهرها الغزل بقصد مدح النبي صلى الله عليه وسلم مما سبب العداء الشديد بينهم وبين الفقهاء ، كما ظهرت فيهم ادعاءات الكشف والخوارق وبعض المقولات الكلامية . وفي هذه الفترة ظهرت لهم تصانيف كثيرة في مثل : كتب أبو طالب المكي قوت القلوب وحلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني ، وكتب الحارث المحاسبي . وقد حذر العلماء الأوائل من هذه الكتب لاشتمالها على الأحاديث الموضوعة والمنكرة ، واشتمالها على الإسرائيليات وأقوال أهل الكتاب . سئل الإمام أبو زرعة عن هذه الكتب فقيل له : في هذه عبرة ؟ قال : من لم يكن له في كتاب الله عز وجل عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة .

  • ومن أهم هذه السمات المميزة لمذاهب التصوف والقاسم المشترك للمنهج المميز بينهم في تناول العبادة وغيرها مايسمونه (( الذوق )) والذي أدى إلى اتساع الخرق عليهم ، فلم يستطيعوا أن يحموا نهجهم الصوفي من الاندماج أو التأثر بعقائد وفلسفات غير إسلامية ، مما سهل على اندثار هذه الطبقة وزيادة انتشار الطبقة الثانية التي زاد غلوها وانحرافها .
  • الطبقة الثانية : خلطت الزهد بعبارات الباطنية ، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري ، ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات : الوحدة ، والفناء ، والاتحاد ، والحلول ، والسكر ، والصحو ، والكشف ، والبقاء ، والمريد ، والعارف ، والأحوال ، والمقامات ، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة ، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن ، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم مما زاد العداء بينهما ، وغير ذلك مما كان غير معروف عند السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ولا عند الطبقة الأولى من المنتسبين إلى الصوفية ، مما زاد في انحرافها ، فكانت بحق تمثل البداية الفعلية لما صار عليه تيار التصوف حتى الآن .    
  • ومن أهم أعلام هذه الطبقة : أبواليزيد البسطامي ت263هـ ، ذوالنون المصري ت245هـ ، الحلاج ت309هـ ، أبوسعيد الخزار 277 ـ 286هـ ، الحكيم الترمذي ت320هـ ، أبوبكر الشبلي 334هـ وسنكتفي هنا بالترجمة لمن كان له أثره البالغ فيمن جاء بعده إلى اليوم مثل :

ـ ذوالنون المصري : وهو أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم ، قبطي الأصل من أهل النوبة ، من قرية أخميم بصعيد مصر ، توفي سنة 245 هـ أخذ التصوف عن شقران العابد أو إسرائيل المغربي على حسب رواية ابن خلكان وعبد الرحمن الجامي . ويؤكد الشيعة في كتبهم ويوافقهم ابن النديم في الفهرست أنه أخذ علم الكيمياء عن جابر بن حيان ، ويذكر ابن خلكان أنه كان من الملامتية الذين يخفون تقواهم عن الناس ويظهرون استهزاءهم بالشريعة ، وذلك مع اشتهاره بالحكمة والفصاحة .

ويعده كتاب الصوفية المؤسس الحقيقي لطريقتهم في المحبة والمعرفة ، وأول من تكلم عن المقامات والأحوال في مصر ، وقال بالكشف وأن للشريعة ظاهراً وباطناً . ويذكر القشيري في رسالته أنه أول من عرف التوحيد بالمعنى الصوفي ، وأول من وضع تعريفات للوجد والسماع ، وأنه أول من استعمل الرمز في التعبير عن حاله ، وقد تأثر بعقائد الإسماعلية والباطنية وإخوان الصفا بسبب صِلاته القوية بهم ، حيث تزامن مع فترة نشاطهم في الدعوة إلى مذاهبهم الباطلة ، فظهرت له أقوال في علم الباطن ، والعلم اللدني ، والاتحاد ، وإرجاع أصل الخلق إلى النور المحمدي ، وكان لعلمه باللغة القبطية أثره على حل النقوش والرموز المرسومة على الآثار القبطية في قريته مما مكنه من تعلم فنون التنجيم والسحر والطلاسم الذي اشتغل بهم . ويعد ذوالنون أول من وقف من المتصوفة على الثقافة اليونانية ، ومذهب الأفلاطونية الجديدة ، وبخاصة ثيولوجيا أرسطو في الإلهيات ، ولذلك كان له مذهبه الخاص في المعرفة والفناء متأثراً بالغنوصية .

ـ أبويزيد البسطامي : طيفور بن عيسى بن آدم بن شروسان ، ولد في بسطام من أصل مجوسي ، وقد نسبت إليه من الأقوال الشنيعة التي يشكك الكثير من الباحثين في صدق نسبتها إليه مثل قوله : (( خرجت من الحق إلى الحق حتى صاح فيّ : يا من أنت أنا ، فقد تحققت بمقام الفناء في الله )) ، (( سبحاني ما أعظم شأني )) وهي أقوال لاتُغفر لصاحبها ، سواءً كان في حالة سكر أو صحو ، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يعده من أصحاب هذه الطبقة ويشكك في صدق نسبتها إليه حيث كانت له أقوال تدل على تمسكه بالسنة ، ومن علماء أهل السنة والجماعة من يضعه مع الحلاج والسهروردي في طبقة واحدة .

ـ الحكيم الترمذي : أبوعبد الله محمد بن علي بن الحسين الترمذي المتوفى سنة 320ه‍ أول من تكلم في ختم الولاية وألف كتاباً في هذا أسماه ختم الولاية كان سبباً لاتهامه بالكفر وإخراجه من بلده ترمذ ، يقول عنه شيخ الإسلام ابن تيمية : (( تكلم طائفة من الصوفية في (( خاتم الأولياء )) وعظموه كالحكيم الترمذي ، وهو من غلطاته ، فإن الغالب على كلامه الصحة بخلاف ابن عربي فإنه كثير التخليط )) . [ مجموع الفتاوى 1/363 ] . وينسب إليه انه قال : (( للأولياء خاتم كما ان للأنبياء خاتماً )) ، مما مهد الطريق أمام فلاسفة الصوفية أمثال ابن عربي وابن سبعين وابن هود والتلمساني للقول بخاتم الأولياء ، وأن مقامه يفضل مقام خاتم الأنبياء .

  • الطبقة الثالثة :

وفيها اختلط التصوف بالفلسفة اليونانية ، وظهرت أفكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود ، على أن الموجود الحق هو الله وماعداه فإنها صور زائفة وأوهام وخيالات موافقة لقول الفلاسفة ، كما أثرت في ظهور نظريات الفيض والإشراق على يد الغزالي والسهروردي . وبذلك تعد هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مر بها التصوف والتي تعدت مرحلة البدع العملية إلى البدع العلمية التي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية . ومن أشهر رموز هذه الطبقة : الحلاج ت309هـ ، السهروردي 587هـ ، ابن عربي ت638هـ ، ابن الفارض 632هـ ، ابن سبعين ت 667 هـ .

ـ الحـلاج : أبو مغيث الحسين بن منصور الحلاج 244 ـ 309هـ ولد بفارس حفيداً لرجل زرادشتي ، ونشأ في واسط بالعراق ، وهو أشهر الحلوليين والاتحاديين، رمي بالكفر وقتل مصلوباً لتهم أربع وُجهت إليه :

1ـ اتصاله بالقرامطة .

2ـ قوله (( أنا الحق )) .

3ـ اعتقاد أتباعه ألوهيته .

4ـ قوله في الحج ، حيث يرى أن الحج إلى البيت الحرام ليس من الفرائض الواجب أداؤها .

كانت في شخصيته كثير من الغموض ، فضلاً عن كونه متشدداً وعنيداً ومغالياً ، له كتاب الطواسين الذي أخرجه وحققه المستشرق الفرنسي ماسنيون .

  • يرى بعض الباحثين أن أفراد الطائفة في القرن الثالث الهجري كانوا على علم باطني واحد ، منهم من كتمه ويشمل أهل الطبقة الولى بالإضافة إلى الشبلي القائل : (( كنت أنا والحسين بن منصور ـ الحلاج ـ شيئاً واحداً إلا انه أظهر وكتمت )) ، ومنهم من أذاع وباح به ويشمل الحلاج وطبقته فأذاقهم الله طعم الحديد ، على ماصرحت به المرأة وقت صلبه بأمر من الجنيد حسب رواية المستشرق الفرنسي ماسنيون .
  • ظهور الفرق :

    وضع أبو سعيد محمد أحمد اميهمي الصوفي الإيراني 357 ـ 430 هـ تلميذ أبي عبد الرحمن السلمي أول هيكل تنظيمي للطرق الصوفية بجعله متسلسلاً عن طريق الوراثة .

  • يعتبر القرن الخامس امتداداً لأفكار القرون السابقة ، التي راجت من خلال مصنفات أبي عبد الرحمن السلمي ، المتوفى 412هـ والتي يصفها ابن تيمية بقوله : (( يوجد في كتبه من الآثار الصحيحة والكلام المنقول ماينتفع به في الدين ، ويوجد فيه من الآثار السقيمة والكلام المردود مايضر من لا خيرة له ، وبعض الناس توقف في روايته )) [ مجموع الفتاوى 1/ 578 ] ، فقد كان يضع الأحاديث لصالح الصوفية .
  • ما بين النصف الثاني من القرن الخامس وبداية السادس في زمن أبي حامد الغزالي الملقب بحجة الإسلام ت505هـ أخذ التصوف مكانه عند من حسبوا على أهل السنة . وبذلك انتهت مرحلة الرواد الأوائل أصحاب الأصول غير الإسلامية ، ومن أعلام هذه المرحلة التي تمتد إلى يومنا هذا :

ـ أبوحامد الغزالي : محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الملقب بحجة الإسلام 450 ـ 505هـ ولد بطوس من إقليم خراسان ، نشأ في بيئة كثرت فيها الآراء والمذاهب مثل علم الكلام والفلسفة ، والباطنية ، والتصوف ، مما أورثه ذلك حيرة وشكاً دفعه للتقلب بين هذه المذاهب الأربعة السابقة أثناء إقامته في بغداد ، رحل إلى جرجان ونيسابور ، ولازم نظام الملك ، درس في المدرسة النظامية ببغداد ، واعتكف في منارة مسجد دمشق ، ورحل إلى القدس ومنها إلى الحجاز ثم عاد إلى موطنه . وقد ألف عدداً من الكتب منها : تهافت الفلاسفة ، والمنقذ من الضلال ، وأهمها إحياء علوم الدين . ويعد الغزالي رئيس مدرسة الكشف في المعرفة ، التي تسلمت راية التصوف من أصحاب الأصولية الفارسية إلى أصحاب الأصول السنية ، ومن جليل أعماله هدمه للفلسفة اليونانية وكشفه لفضائح الباطنية في كتابه المستظهري أو فضائح الباطنية . ويحكي تلميذه عبد الغافر الفارسي آخر مراحل حياته ، بعدما عاد إلى بلده طوس ، قائلاً : (( وكانت ثمة أمره إقباله على حديث المصطفى ومجالسة أهله ، ومطالعة الصحيحين ـ البخاري ومسلم ـ اللذين هما حجة الإسلام )) ا . هـ . وذلك بعد أن صحب أهل الحديث في بلده أمثال : أبي سهيل محمد بن عبد الله الحفصي الذي قرأ عليه صحيح البخاري ، والقاضي أبي الفتح الحاكمي الطوسي الذي سمع عليه سنن أبي داود [ طبقات السبكي 4 / 110 ] .

ـ وفي هذه المرحلة ألف كتابه إلجام العوام عن علم الكلام الذي ذم فيه علم الكلام وطريقته ، وانتصر لمذهب السلف ونهجهم فقال : (( الدليل على أن مذهب السلف هو الحق : أن نقيضه بدعة ، والبدعة مذمومة وضلالة ، والخوض من جهة العوام في التأويل والخوض بهم من جهة العلماء بدعة مذمومة ، وكان نقيضه هو الكف عن ذلك سنة محمودة )) ص[96] .

ـ وفيه أيضاً رجع عن القول بالكشف وإدراك خصائص النبوة وقواها ، والاعتماد في التأويل أو الإثبات على الكشف الذي كان يراه من قبل غاية العوام .

  • يمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي ، فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبدالقادر الجيلاني ، المتوفى سنة 561ه‍  ، وقد رزق بتسعة وأربعين ولداً ، حمل أحد عشر منهم تعاليمه ونشروها في العالم الإسلامي ، ويزعم أتباعه أنه أخذ الخرقة والتصوف عن الحسن البصري عن الحسن بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما – رغم عدم لقائه بالحسن البصري ، كما نسبوا إليه من الأمور العظيمة فيما لا يقدر عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب ، وإحياء الموتى ، وتصرفه في الكون حياً أو ميتاً ، بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال الشنيعة . ومن هذه الأقوال أنه قال مرة في أحد مجالسه : (( قدمي هذه على رقبة كل ولي لله )) ، وكان يقول : (( من استغاث بي في كربة كشفت عنه ، ومن ناداني في شدة فرجت عنه ، ومن توسل بي في حاجة قضيت له )) ، ولا يخفى ما في هذه الأقوال من الشرك وادعاء الربوبية .

-   يقول السيد محمد رشيد رضا : (( يُنقل عن الشيخ الجيلاني من الكرامات وخوارق العادات مالم ينقل عن غيره ، والنقاد من أهل الرواية لا يحفلون بهذه النقول إذ لا أسانيد لها يحتج بها )) [دائرة المعارف الإسلامية11/171] .

  •  كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن الحسين الرفاعي ت 540ه‍ ويطلق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق ، وينسج حوله كتَّاب الصوفية – كدأبهم مع من ينتسبون إليهم – الأساطير والخرافات ، بل ويرفعونه إلى مقام الربوبية . ومن هذه الأقوال : (( كان قطب الأقطاب في الأرض ، ثم انتقل إلى قطبية السماوات ، ثم صارت السماوات السبع في رجله كالخلخال )) [طبقات الشعراني ص141 ، قلادة الجواهرص42] .

-وقد تزوج الرفاعي العديد من النساء ولكنه لم يعقب ، ولذلك خلفه على المشيخة من بعده علي بن عثمان ت584ه‍ ثم خلفه عبد الرحيم بن عثمان ت604ه‍ ، ولأتباعه أحوال وأمور غريبة ذكرها الحافظ الذهبي ثم قال : (( لكن أصحابه فيهم الجيد والرديء )) .

-وفي هذا القرن ظهرت شطحات وزندقة السهروردي شهاب الدين أبو الفتوح محيي الدين بن حسن 549-587ه‍ ثم خلفه عبد الرحيم بن عثمان ت604ه‍ ، صاحب مدرسة الإشراق الفلسفية التي أساسها الجمع بين آراء مستمدة من ديانات الفرس القديمة ومذاهبها في ثنائية الوجود وبين الفلسفة اليونانية في صورتها الأفلاطونية الحديثة ومذهبها في الفيض أو الظهور المستمر ، ولذلك اتهمه علماء حلب بالزندقة والتعطيل والقول بالفلسفة الاشراقية مما حدا بهم أن يكتبوا إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي محضراً بكفره وزندقته فأمر بقتله ردة ، وإليه تنسب الطريقة السهروردية ومذاهبها في الفيض أو الظهور المستمر . ومن كتبه : حكمة الإشراق ، هياكل النور ، التلويحات العرشية ، والمقامات .

  • تحت تأثير تراكمات مدارس الصوفية في القرون السالفة أعاد ابن عربي ، وابن الفارض ، وابن سبعين ، عقيدة الحلاج ، وذي النون المصري ، والسهروردي .
  • في القرن السابع الهجري دخل التصوف الأندلس وأصبح ابن عربي الطائي الأندلسي أحد رؤوس الصوفية حتى لُقب بالشيخ الأكبر .

-   محيي الدين ابن عربي : الملقب بالشيخ الكبر 560-638ه‍ رئيس مدرسة وحدة الوجود ، يعتبر نفسه خاتم الأولياء ، ولد بالأندلس ، ورحل إلى مصر ، وحج وزار بغداد ، واستقر في دمشق حيث مات ودفن ، وله فيها الآن قبر يُزار ، طرح نظرية الإنسان الكامل التي تقوم على أن الإنسان وحده من بين المخلوقات يمكن أن تتجلى فيه الصفات الإلهية إذا تيسر له الاستغراق في وحدانية الله ، وله كتب كثيرة يوصلها بعضهم إلى 400كتاب ورسالة مايزال بعضها محفوظاً بمكتبة يوسف أغا بقونية ومكتبات تركيا الأخرى ، وأشهر كتبه : روح القدس ، وترجمان الأشواق وأبرزها : الفتوحات المكية وفصوص الحكم .

-   أبو الحسن الشاذلي 593-656ه‍ : صاحب ابن عربي مراحل الطلب –طلب العلم – ولكنهما افترقا حيث فضّل أبوالحسن مدرسة الغزالي في الكشف بينما فضل ابن عربي مدرسة الحلاج وذي النون المصري ، وقد أصبح لكلتا المدرستين أنصارهما إلى الآن داخل طرق الصوفية ، مع ما قد تختلط عند بعضهم المفاهيم فيهما ، ومن أشهر تلاميذ مدرسة أبي الحسن الشاذلي ت656ه‍ أبوالعباس ت686ه‍ ، وإبراهيم الدسوقي ، وأحمد البدوي ت675ه‍ . ويلاحظ على أصحاب هذه المدرسة إلى اليوم كثرة اعتذارها وتأويلها لكلام ابن عربي ومدرسته .

  • وفي القرن السابع ظهر أيضاً جلال الدين الرومي صاحب الطريقة المولوية بتركيا ت672ه‍ .    ·    أصبح القرن الثامن والتاسع الهجري ما هو إلا تفريع وشرح لكتب ابن عربي وابن الفارض وغيرهما ، ولم تظهر فيه نظريات جديدة في التصوف . ومن أبرز سمات القرن التاسع هو اختلاط أفكار كلتا المدرستين . وفي هذا القرن ظهر محمد بهاء الدين النقشبندي مؤسس الطريقة النقشبندية ت791ه . وكذلك القرن العاشر ماكان إلا شرحاً أو دفاعاً عن كتب ابن عربي ، فزاد الاهتمام فيه بتراجم أعلام التصوف ، والتي اتسمت بالمبالغة الشديدة . ومن كتب تراجم الصوفية في هذا القرن : عبد الوهاب الشعراني ت 973ه‍ صاحب الطبقات الصغرى والكبرى .    ·    وفي القرون التالية اختلط الأمر على الصوفية ، وانتشرت الفوضى بينهم ، واختلطت فيهم أفكار كلتا المدرستين وبدأت مرحلة الدراويش .

-   ومن أهم ماتتميز‍ به القرون المتأخرة ظهور ألقاب شيخ السجادة ، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية ، والخليفة والبيوت الصوفية التي هي أقسام فرعية من الطرق نفسها مع وجود شيء من الاستقلال الذاتي يمارس بمعرفة الخلفاء ، كما ظهرت فيها التنظيمات والتشريعات المنظمة للطرق تحت مجلس وإدارة واحدة الذي بدأ بفرمان أصدره محمد علي باشا والي مصر يقضي بتعيين محمد البكري خلفاً لوالده شيخاً للسجادة البكرية وتفويضه في الإشراف على جميع الطرق والتكايا والزوايا والمساجد التي بها أضرحة كما له الحق في وضع مناهج التعليم التي تعطى فيها . وذلك كله في محاولة لتقويض سلطة شيخ الأزهر وعلمائه ، وقد تطورت نظمه وتشريعاته ليعزف فيما بعد بالمجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر .

ومن أشهر رموز هذه القرون المتأخرة :

-   عبدالغني النابلسي 1050-1287ه‍ .

-   أبوالسعود البكري المتوفى 1812مأول من عرف بشيخ مشايخ الطرق الصوفية في مصر بشكل غير رسمي .

-   أبوالهدى الصيادي الرفاعي 1220-1287ه‍

-   عمر الفوتي الطوري السنغالي الأزهري التيجاني ت 1281ه‍ ، ومما يحسن ذكره له أنه اهتم بنشر الإسلام بين الوثنيين ، وكون لذلك جيشاً ، وخاض به حروباً مع الوثنيين ، واستولى على مملكة سيغو وعلى بلاد ماسينه . ومن مؤلفاته : سيوف السعيد ، سفينة السعادة ، رماح حزب الرحيم على نحو حزب الرجيم .

-   محمد عثمان الميرغني ت1268ه‍ .

-   أبوالفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني ، فقيه متفلسف ، من أهل فاس بالمغرب ، أسس الطريقة الكتانية 1290-1327ه‍ ، انتقد عليه علماء فاس بعض أقواله ونسبوه إلى فساد الاعتقاد .ومن كتبه : حياة الأنبياء ، لسان الحجة البرهانية في الذب عن شعائر الطريقة الأحمدية الكتانية .

-   أحمد التيجاني ت1230ه‍ .

-   حسن رضوان 1239-1310ه‍ صاحب أرجوزة روض القلوب المستطاب في التصوف .

-   صالح بن محمد بن صالح الجعفري الصادقي 1328-1399ه‍ انتسب إلى الطريقة الأحمدية الإدريسية بعد ماسافر إلى مصر والتحق بالأزهر ، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد بخيث المطيعي ، والشيخ حبيب الله الشنقيطي ، والشيخ يوسف الدجوي ، ومن كتبه : الإلهام النافع لكل قاصد ، القصيدة التائية ، الصلوات الجعفرية .

أهم العقائد :

  • مصادر التلقي :

-   الكشف : ويعتمد الصوفية الكشف مصدراً وثيقاً للعلوم والمعارف ، بل تحقيق غاية عبادتهم ، ويدخل تحت الكشف الصوفي جملة من الأمور الشرعية والكونية منها :

1-      النبي صلى الله عليه وسلم : ويقصدون به الأخذ عنه يقظةً أو مناماً .

2-       الخضر عليه الصلاة السلام : قد كثرت حكايتهم عن تقياه ، والأخذ عنه أحكاماً شرعية وعلوماً دينية ، وكذلك الأوراد ، والأذكار والمناقب .

3-      الإلهام : سواء كان من الله تعالى مباشرة ، وبه جعلوا مقام الصوفي فوق مقام النبي حيث يعتقدون أن الولي يأخذ العلم مباشرة عن الله تعالى حيث أخذه الملك الذي يوحي به إلى النبي أو الرسول .

4-               الفراسة : والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها .

5-               الهواتف : من سماع الخطاب من الله تعالى ، أو من الملائكة ، أو الجن الصالح ، أو من أحد الأولياء ، أو الخضر ، أو إبليس ، سواء كان مناماً أو يقظةً أو في حالة بينهما بواسطة الأذن .

6-               الإسراءات والمعاريج : ويقصدون بها عروج روح الولي إلى العالم العلوي ، وجولاتها هناك ، والاتيان منها بشتى العلوم والأسرار .

7-      الكشف الحسي : بالكشف عن حقائق الوجود بارتفاع الحجب الحسية عن عين القلب وعين البصر .

8-       الرؤى والمنامات : وتعتبر من أكثر المصادر اعتماداً عليها حيث يزعمون أنهم يتلقون فيها عن الله تعالى ، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد شيوخهم لمعرفة الأحكام الشرعية .

-   الذوق : وله إطلاقان :

1-  الذوق العام الذي ينظم جميع الأحوال والمقامات ، ويرى الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال إمكان السالك أن يتذوق حقيقة النبوة ، وأن يدرك خاصيتها بالمنازلة .

2-   أما الذوق الخاص فتتفاوت درجاته بينهم حيث يبدأ بالذوق ثم الشرب .

-   الوجد : وله ثلاثة مراتب :

1-     التواجد .

2-      الوجد .

3-      الوجود .

-   التلقي عن الأنبياء غير النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأشياخ المقبورين .

-    تتشابه عقائد الصوفية وأفكارهم وتتعدد بتعدد مدارسهم وطرقهم ويمكن إجمالها فيما يلي :

-      يعتقد المتصوفة في الله تعالى عقائد شتى ، منها الحلول كما هو مذهب الحلاج ، ومنها وحدة الوجود حيث عدم الانفصال بين الخالق والمخلوق ، ومنهم من يعتقد بعقيدة الأشاعرة والماتريدية في ذات الله تعالى وأسمائه وصفاته .

-       والغلاة منهم يعتقدون في الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً عقائد شتى ، فمنهم من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى مرتبتهم وحالهم ، وأنه كان جاهلاً بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي : (( خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله )) . ومنهم من يعتقد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون ، وهو الله المستوي على العرش وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خُلقت من نوره ، وأنه أول موجود وهذه عقيدة ابن عربي ومن تبعه . ومنهم من لا يعتقد بذلك بل يرده ويعتقد ببشريته ورسالته ولكنهم مع ذلك يستشفعون ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى على وجه يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة .

-       وفي الأولياء يعتقد الصوفية عقائد شتى ، فمنهم من يفضِّل الولي على النبي ، ومنهم يجعلون الولي مساوياً لله في كل صفاته ، فهو يخلق ويرزق ، ويحيي ويميت ، ويتصرف في الكون . ولهم تقسيمات للولاية ، فهناك الغوث ، والأقطاب ، والأبدال والنجباء حيث يجتمعون في ديوان لهم في غار حراء كل ليلة ينظرون في المقادير . ومنهم من لا يعتقد ذلك ولكنهم أيضاً يأخذونهم وسائط بينهم وبين ربهم سواءً كان في حياتهم أو بعد مماتهم .

وكل هذا بالطبع خلاف الولاية في الإسلام التي تقوم على الدين والتقوى ، وعمل الصالحات ، والعبودية الكاملة لله والفقر إليه ، وأن الولي لا يملك من أمر نفسه شيئاً فضلاً عن أنه يملك لغيره ، قال تعالى لرسوله : (( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً )) [الجن :21] .

-   يعتقدون أن الدين شريعة وحقيقة ، والشريعة هي الظاهر من الدين وأنها الباب الذي يدخل منه الجميع ، والحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلا المصطفون الأخيار .

-    التصوف في نظرهم طريقة وحقيقة معاً .

-    لابد في التصوف من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه .

-    لابد من الذكر والتأمل الروحي وتركيز الذهن في الملأ الأعلى ، وأعلى الدرجات لديهم هي درجة الولي .

-    يتحدث الصوفيون عن العلم اللدني الذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية ، كما كان ذلك للخضر عليه الصلاة والسلام ، حيث أخبر الله تعالى عن ذلك فقال : ((وعلمناه من لدنا علماً )) .

-    الفناء : يعتبر أبويزيد البسطامي أول داعية في الإسلام إلى هذه الفكرة ، وقد نقلها عن شيخه أبي علي السندي حيث الاستهلاك في الله بالكلية ، وحيث يختفي نهائياً عن شعور العبد بذاته ويفنى المشاهد فينسى نفسه وما سوى الله ، ويقول القشيري : الاستهلاك بالكلية يكون (( لمن استولى عليه سلطان الحقيقة حتى لم يشهد من الغبار لا عيناً ولا أثراً ولا رسماً )) .

( مقام جمع الجمع ) وهو : (( فناء العبد عن شهود فنائه باستهلاكه في وجود الحق )) .

إن مقام الفناء حالة تتراوح فيها تصورات السالك بين قطبين متعارضين هما التنزيه والتجريد من جهة والحلول والتشبيه من جهة أخرى .

  •  درجات السلوك :

-   هناك فرق بين الصوفي والعابد والزاهد إذ أن لكل واحد منهم أسلوباً ومنهجاً وهدفاً . وأول درجات السلوك حب الله ورسوله ، ودليله الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأسوة الحسنة : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) .

ثم التوبة : وذلك بالإقلاع عن المعصية ، والندم على فعلها ، والعزم على أن لا يعود إليها ، وإبراء صاحبها إن كانت تتعلق بآدمي .

-   المقامات : (( هي المنازل الروحية التي يمر بها السالك إلى الله فيقف فترة من الزمن مجاهداً في إطارها حتى ينتقل إلى المنزل الثاني )) ولابد للانتقال من جهاد وتزكية . وجعلوا الحاجز بين المريد وبين الحق سبحانه وتعالى أربعة أشياء هي : المال ، والجاه ، والتقليد ، والمعصية .

-    الأحوال : (( إنها النسمات التي تهب على السالك فتنتعش بها نفسه لحظات خاطفة ثم تمر تاركة عطراًً تتشوق الروح للعودة إلى تنسُّم أريجه )) . قال الجنيد : (( الحال نازلة تنزل بالقلوب فلا تدوم )) .

والأحوال مواهب ، والمقامات مكاسب ، ويعبرون عن ذلك بقولهم : (( الأحوال تأتي من عين الجود ، والمقامات تحصل ببذل المجهود )) .

- الورع : أن يترك السالك كل ما فيه شبهة ، ويكون هذا في الحديث والقلب والعمل .

- الزهد : وهو يعني أن تكون الدنيا على ظاهر يده ، وقلبه معلق بما في يد الله . يقول أحدهم عن زاهد : (( صدق فلان ، قد غسل الله قلبه من الدنيا وجعلها في يده على ظاهره)) . قد يكون الإنسان غنياً وزاهداً في ذات الوقت إذ أن الزهد لا يعني الفقر ، فليس كل فقير زاهداً ، وليس كل زاهد فقيراً، والزهد على ثلاث درجات :

1-  ترك الحرام ، وهو زهد العوام .

2-   ترك الفضول من الحلال ، وهو زهد الخواص .

3-   ترك ما يشغل العبد عن الله تعالى ، وهو زهد العارفين .

-   التوكل : يقولون : التوكل بداية ، والتسليم واسطة ، والتفويض نهاية إن كان للثقة في الله نهاية ، ويقول سهل التستري:(( التوكل : الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد )) .

-   المحبة : يقول الحسن البصري ت110ه‍ : (( فعلامة المحبة الموافقة للمحبوب والتجاري مع طرقاته في كل الأمور ، والتقرب إليه بكل صلة ، والهرب من كل ما لا يعينه على مذهبه )) .

-    الرضا : يقول أحدهم :(( الرضا بالله الأعظم ، هو أن يكون قلب العبد ساكناً تحت حكم الله عز وجل )) ويقول آخر : (( الرضا آخر المقامات ، ثم يقتفي من بعد ذلك أحوال أرباب القلوب ، ومطالعة الغيوب ، وتهذيب الأسرار لصفاء الأذكار وحقائق الأحوال )) .

-    يطلقون الخيال : لفهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يصل السالك إلى اليقين وهو على ثلاث مراتب :

1-  علم اليقين : وهو يأتي عن طريق الدليل النقلي من آيات وأحاديث (( كلا لو تعلمون علم اليقين )) . [سورة التكاثر:5] .

2-   عين اليقين : وهو يأتي عن طريق المشاهدة والكشف : (( ثم لترونَّها عين اليقين )) [سورة التكاثر:7] .

3-   حق اليقين : وهو ما يتحقق عن طريق الذوق : (( إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم )) [سورة الواقعة:95،96] .

- وأما في الحكم والسلطان والسياسة فإن المنهج الصوفي هو عدم جواز مقاومة الشر ومغالبة السلاطين لأن الله في زعمهم أقام العباد فيما أراد .

-   ولعل أخطر ما في الشريعة الصوفية هو منهجهم في التربية حيث يستحوذون على عقول الناس ويلغونها ، وذلك بإدخالهم في طريق متدرج يبدأ بالتأنيس ، ثم بالتهويل والتعظيم بشأن التصوف ورجاله ، ثم بالتلبيس على الشخص ، ثم بالرزق إلى علوم التصوف شيئاً فشيئاً ، ثم بالربط بالطريقة وسد جميع الطرق بعد ذلك للخروج .

  •  مدارس الصوفية :

-   مدرسة الزهد : وأصحابها : من النساك والزهاد والعباد والبكائين ، ومن أفرادها : رابعة العدوية ، وإبراهيم بن أدهم ، ومالك بن دينار .

-    مدرسة الكشف والمعرفة : وهي تقوم على اعتبار أن المنطق العقلي وحده لا يكفي في تحصيل المعرفة وإدراك حقائق الموجودات ، إذ يتطور المرء بالرياضة النفسية حتى تتكشف عن بصيرته غشاوة الجهل وتبدو له الحقائق منطبقة في نفسه تتراءى فوق مرآة القلب ، وزعيم هذه المدرسة : الإمام أبو حامد الغزالي .

-    مدرسة وحدة الوجود : زعيم هذه المدرسة محيي الدين بن عربي : ( وقد ثبت عن المحققين أنه ما في الوجود إلا الله ، ونحن إن كنا موجودين فإنما كان وجودنا به ، فما ظهر من الوجود بالوجود إلا الحق ، فالوجود الحق وهو واحد ، فليس ثم شيء هو له مثل ، لأنه لا يصح أن يكون ثم وجودان مختلفان أو متماثلان )) .

-   مدرسة الاتحاد والحلول : وزعيمها : الحلاج ، ويظهر في هذه المدرسة التأثر بالتصوف الهندي والنصراني ، حيث يتصور الصوفي عندها أن الله قد حل فيه وأنه قد اتحد هو بالله ، فمن أقوالهم : (( أنا الحق )) و (( ما في الجبة إلا الله )) وما إلى ذلك من الشطحات التي تنطلق على ألسنتهم في لحظات السكر بخمرة الشهود على مايزعمون .

  •  طرق الصوفية :

-   الجيلانية : تنسب إلى عبد القادر الجيلاني 470 – 561ه‍ المدفون في بغداد ، حيث تزوره كل عام جموع كثيرة من أتباعه للتبرك به ، اطلع على كثير من علوم عصره ، وقد نسب أتباعه إليه كثيراً من الكرامات ، على نحو ما ذكرنا من قبل .

وقد ساهمت طريقته في إقامة المراكز الإسلامية التي قامت بدور كبير في نشر الإسلام في أفريقيا ووقفت حاجزاً منيعاً في وجه المد الأوروبي الزاحف إلى المغرب العربي .

-   الرفاعية : تنسب إلى أحمد الرفاعي 512-580ه‍ من بني رفاعة أحد قبائل العرب ، و جماعته يستخدمون السيوف ودخول النيران في إثبات الكرامات . قال عنهم الشيخ الآلوسي في غاية الأماني في الرد على النبهاني : (( وأعظم الناس بلاء في هذا العصر على الدين والدولة : مبتدعة الرفاعية ، فلا تجد بدعة إلا ومنهم مصدرها وعنهم موردها ومأخذها ، فذكرهم عبارة عن رقص وغناء والتجاء إلى غير الله وعبادة مشايخهم . وأعمالهم عبارة عن مسك الحيات )) 1/370 .

وتتفق الرفاعية مع الشيعة في أمور عدة منها : إيمانهم بكتاب الجفر ، واعتقادهم في الأئمة الإثنى عشر ، وأن احمد الرفاعي هو الإمام الثالث عشر ، بالإضافة إلى مشاركتهم الحزن يوم عاشوراء . وغير ذلك .

هذا رغم ماورد عن شيخ طريقتهم – الشيخ أحمد الرفاعي – من الحض الشديد على السنة واجتناب البدعة ومنها قوله : (( ما تهاون قوم بالسنة وأهملوا قمع البدعة إلا سلط الله عليهم العدو ، و ما انتصر قوم للسنة وقمعوا البدعة وأهلها إلا رزقهم هيبة من عنده ونصرهم وأصلح شأنهم )).

وللرفاعية انتشار ملحوظ في غرب آسيا .

-   البدوية : وتنسب إلى أحمد البدوي596-634ه‍ ولد بفاس ، حج ورحل إلى العراق ، واستقر في طنطا حتى وفاته ، وله فيها ضريح مقصود ، حيث يقام له كغيره من أولياء الصوفية احتفال بمولده سنوياً يمارس فيه الكثير من البدع والانحرافات العقدية من دعاء واستغاثة وتبرك وتوسل مما يؤدي إلى الشرك المخرج من الملة . وأتباع طريقته منتشرون في بعض محافظات مصر ، ولهم فيها فروع كالبيومية والشناوية وأولاد نوح والشعبية ، وشارتهم العمامة الحمراء .

-    الدسوقية : تنسب إلى إبراهيم الدسوقي 633-676ه‍ المدفون بمدينة دسوق في مصر ، يدعي المتصوفة أنه أحد الأقطاب الأربعة الذين يرجع إليهم تدبير الأمور في هذا الكون .

-    الكبرية : نسبة إلى الشيخ محيي الدين بن عربي ، وتقوم طريقته على عقيدة وحدة الوجود والصمت والعزلة والجوع والسهر ، ولها ثلاث صفات : الصبر على البلاء ، والشكر على الرخاء، والرضا بالقضاء .

-    الشاذلية : نسبة إلى أبي الحسين الشاذلي 593-656ه‍ ولد بقرية عمارة قرب مرسية في بلاد المغرب ، وانتقل إلى تونس ، وحج عدة مرات ، ثم دخل العراق ومات أخيراً في صحراء عيذاب بصعيد مصر في طريقه إلى الحج ، قيل عنه : ( إنه سهل الطريقة على الخليقة )) لأن طريقته أسهل الطرق وأقربها ، فليس فيها كثير مجاهدة ، انتشرت طريقته في مصر واليمن وبلاد العرب ، وأهل مدينة مخا يدينون له بالتقدير والاعتقاد العميق في ولايته ، وانتشرت طريقته كذلك في مراكش وغرب الجزائر وفي شمال أفريقيا وغربها بعامة .

-    البكداشية : كان الأتراك العثمانيون ينتمون إلى هذه الطريقة ، وهي ما تزال منتشرة في ألانيا ، كما أنها أقرب إلى التصوف الشيعي منها إلى التصوف السني ، وقد كان لهذه الطريقة أثر بارز في نشر الإسلام بين الأتراك والمغول ، وكان لها سلطان عظيم على الحكام العثمانيين ذاتهم .

-    المولوية : أنشأها الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي ت672ه‍ والمدفون بقونية ، أصحابها يتميزون بإدخال الرقص والإيقاعات في حلقات الذكر ، وقد انتشروا في تركيا وآسيا الغربية ، ولم يبق لهم في الأيام الحاضرة إلا بعض التكايا في تركيا وفي حلب وفي بعض أقطار المشرق .

-    النقشبندية : تنسب إلى الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد البخاري الملقب بشاه نقشبند 618-791ه‍ وهي طريقة سهلة كالشاذلية ، انتشرت في فارس وبلاد الهند وآسيا الغربية .

-    الملامتية : مؤسسها أبوصالح حمدون بن أحمد بن عمار المعروف بالقصار ت271ه‍ أباح بعضهم مخالفة النفس بغية جهادها ومحاربة نقائصها ، وقد ظهر الغلاة منهم في تركيا حديثاً بمظهر الإباحية والاستهتار وفعل كل أمر دون مراعاة للأوامر والنواهي الشرعية .

-    وهناك طرق كثيرة غير هذه : كالقنائية ، والقيروانية ، والمرابطية ، والبشبشية ، والسنوسية ، والمختارية ، والختمية … وغيرها ، ولاشك أن كل هذه الطرق بدعية .

  •  شطحات الصوفية :

سلك بعضهم طريق تحضير الأرواح معتقداً بأن ذلك من التصوف ، كما سلك آخرون طريق الشعوذة والدجل ، وقد اهتموا ببناء الأضرحة وقبور الأولياء وإنارتها وزيارتها والتمسح بها ، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان .

-   يقول بعضهم بارتفاع التكاليف – إسقاط التكاليف – عن الولي ، أي أن العبادة تصير لالزوم لها بالنسبة إليه ، لأنه وصل إلى مقام لا يحتاج معه إلى القيام بذلك ، ولأنه لو اشتغل بوظائف الشرع وظواهره انقطع عن حفظ الباطن وتشوش عليه بالالتفات عن أنواع الواردات الباطنية إلى مراعاة الظاهر .

-    وينقل عن الغزالي انتقاده لمن غلبه الغرور ، ويعدد فرقهم :

1-      فرقة اغتروا بالزي والهيئة والمنطق .

2-       وفرقة ادعت علم المعرفة ، ومشاهدة الحق ، ومجاوزة المقامات والأحوال  .

3-       وفرقة وقعت في الإباحة ، وطووا بساط الشرع ، ورفضوا الأحوال ، وسووا بين الحلال والحرام .

4-               وبعضهم يقول : الأعمال بالجوارح لاوزن لها وإنما النظر إلى القلوب ، وقلوبنا والهة بحب الله وواصلة إلى معرفة الله ، وإنما نخوض في الدنيا بأيدينا ، وقلوبنا عاكفة في الحضرة الربوبية ، فنحن مع الشهوات بالظواهر لا بالقلوب .

-   ومذهب الوحدة المطلقة لم يكن له وجود في الإسلام بصورته الكاملة قبل ابن عربي ، فهو الواضع لدعائمه والمؤسس لمدرسته والمفضل لمعانيه ومراميه ، وله فصوص الحكم والفتوحات المكية وغيرهما .

-    أما الحلاج فيعتبر صاحب مدرسة الاتحاد والحلول وله أقوال منها :

أنا من أهوى ومن أهوى أنا         نحن روحان حللنا بدنـا

 فإذا أبصرتـني أبصرتـه            وإذا أبصرتـه أبصـرتنا

وقوله :

مزجت روحك في روحي كما        تمزج الخمرة في الماء الزلال

فإذا مسّـَك شيء مسـني           فإذا أنـت أنا في كل حـال

-   يستخدم الصوفيون لفظ ( الغوث والغياث ) وقد أفتى ابن تيمية كما جاء في كتاب مجموع الفتاوى ص 437 : (( فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله ، فهو غوث المستغيثين ، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل )) .

-   لقد أجمعت كل طرق الصوفية على ضرورة الذكر ، وهو عند النقشبندية لفظ الله مفرداً ، وعند الشاذلية لا إله إلا الله ، وعند غيرهم مثل ذلك مع الاستغفار والصلاة على النبي ، وبعضهم يقول عند اشتداد الذكر : هو هو ، بلفظ الضمير . وفي ذلك يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى ص 229 : (( وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فلا أصل له ، فضلاً عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين ، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات ، وذريعة إلى تصورات أحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد )) .

ويقول في ص 228 أيضاً : (( من قال : ياهو ياهو ، أو هو هو ، ونحو ذلك ، لم يكن الضمير عائداً إلا إلى مايصوره القلب ، والقلب قد يهتدي وقد يضل )) .

-   قد يأتي بعض المنتسبين إلى التصوف بأعمال عجيبة وخوارق ، وفي ذلك يقول ابن تيمية ص 494 : (( وأما كشف الرؤوس ، وتفتيل الشعر ، وحمل الحيات ، فليس هذا من شعار أحد من الصالحين ، ولامن الصحابة ، ولا من التابعين ، ولا شيوخ المسلمين ، ولا من المتقدمين ، ولا من المتأخرين ، ولا الشيخ أحمد بن الرفاعي ، وإنما ابتدع هذا بعد موت الشيخ بمدة طويلة )) .

-    ويقول أيضاً في ص 504 : (( وأما النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى )) .

-   وفي ص 506 من نفس الكتاب : (( وأما الحلف بغير الله من الملائكة والأنبياء والمشايخ والملوك وغيرهم فإنه منهي عنه ))

-    ويقول في ص 505 من نفس الكتاب أيضاً : (( وأما مؤاخاة الرجال والنساء الجانب وخلوتهم بهن ، ونظرهم إلى الزينة الباطنة ، فهذا حرام باتفاق المسلمين  ، ومن جعل ذلك من الدين فهو من إخوان الشياطين )) .

-    وفي مقام الفناء عن شهود ماسوى الرب – وهو الفناء عن الإرادة – يقول ابن تيمية ص337 من كتابه : (( وفي هذا الفناء قد يقول : انا الحق ، أو سبحاني ، أو ما في الجنة إلا الله ، إذا فنى بمشهوده عن شهوده ، وبموجوده عن وجوده ، وفي مثل هذا المقام يقع السكر الذي يسقط التمييز مع وجود حلاوة الإيمان كما يحصل بسكر الخمر وسكر عشق الصور . ويحكم على هؤلاء أن أحدهم إذا زال عقله بسبب غير محرم فلا جناح عليه فيما يصدر عنه من الأقوال والأفعال المحرمة ، بخلاف ماإذا كان سبب زوال العقل أمراً محرماً . وكما أنه لاجناح عليهم فلا يجوز الاقتداء بهم ولا حمل كلامهم وفعالهم على الصحة ، بل هم في الخاصة مثل الغافل والمجنون في التكاليف الظاهرة )) .

-    أما في مقام الفناء عن وجود السوي فيقول ص337 من الكتاب أيضاً : (( الثالث : فناء وجود السوي ، بمعنى أنه يرى الله هو الوجود وأنه لاوجود لسواه ، لابه ولا بغيره ، وهذا القول للاتحادية الزنادقة من المتأخرين كالبلياني والتلمساني والقونوي ونحوهم ، الذين يجعلون الحقيقة أنه غير الموجودات وحقيقة الكائنات ، وأنه لاوجود لغيره ، لا بمعنى أن قيام الأشياء به ووجودها به لكنهم يريدون أنه عين الموجودات ، فهذا كفر وضلال )) .

  •  تجاوزات بعض المنتسبين إلى الصوفية في الوقت الحاضر :

-   من أبرز المظاهر الشركية التي تؤخذ على الصوفية مايلي :

1-    الغلو في الرسول .

2-    الحلول والاتحاد .

3-    وحدة الوجود .

4-    الغلو في الأولياء .

5-          الادعاءات الكثيرة الكاذبة ، كادعائهم عدم انقطاع الوحي ومالهم من المميزات في الدنيا والآخرة .

6-     ادعاؤهم الانشغال بذكر الله عن التعاون لتحكيم شرع الله والجهاد في سبيله ، مع ماكان لبعضهم من مواقف طيبة ضد الاستعمار مثل الأمير عبد القادر الجزائري .

7-     كثيراً ما يتساهل بعض المحسوبين على التصوف في التزام أحكام الشرع .

8-     طاعة المشايخ والخضوع لهم ، والاعتراف بذنوبهم بين أيديهم، والتمسح بأضرحتهم بعد مماتهم .

9-               تجاوزات كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان ، في هيئة ما يسمونه الذكر ، وهو هز البدن والتمايل يميناً وشمالاً ، وذكر كلمة الله في كل مرة مجردة ، والادعاء بأن المشايخ مكشوف عن بصيرتهم ، ويتوسلون بهم لقضاء حوائجهم ، ودعاؤهم بمقامهم عند الله في حياتهم وبعد مماتهم .

الجذور العقائدية :

-   إن المجاهدات الصوفية إنما ترجع إلى زمن سحيق في القدم من وقت أن شعر الإنسان بحاجة إلى رياضة نفسه ومغالبة أهوائه .

-    لاشك أن ما يدعو إليه الصوفية من الزهد ، والورع والتوبة والرضا … إنما هي أمور من الإسلام ، وأن الإسلام يحث على التمسك بها والعمل من أجلها ، ولكن الصوفية في ذلك يخالفون ما دعا إليه الإسلام حيث ابتدعوا مفاهيم وسلوكيات لهذه المصطلحات مخالفة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته .

 لكن الذي وصل إليه بعضهم من الحلول والاتحاد والفناء ، وسلوك طريق المجاهدات الصعبة ، إنما انحدرت هذه الأمور إليهم من مصادر دخيلة على الإسلام كالهندوسية والجينية والبوذية والأفلاطونية والزرادشتية والمسيحية . وقد عبر عن ذلك كثير من الدارسين للتصوف منهم :

-   المستشرق ميركس ، يرى أن التصوف إنما جاء من رهبانية الشام .

-    المستشرق جونس يرده إلى فيدا الهنود .

-    نيكولسون ، يقول بأنه وليد لاتحاد الفكر اليوناني والديانات الشرقية ، أو بعبارة أدق : وليد لاتحاد الفلسفة الأفلاطونية الحديثة والديانات المسيحية والمذهب الغنوصي .

-    إن السقوط في دائرة العدمية بإسقاط التكاليف وتجاوز الأمور الشرعية إنما هو أمر عرفته البرهمية حيث يقول البرهمي : (( حيث أكون متحداً مع برهماً لا أكون مكلفاً بعمل أو فريضة )) .

-    قول الحلاج في الحلول،وقول ابن عربي في الإنسان الكامل يوافق مذهب النصارى في عيسى عليه السلام .

-    لقد فتح التصوف المنحرف باباً واسعاً دخلت منه كثير من الشرور على المسلمين مثل التواكل ، والسلبية ، وإلغاء شخصية الإنسان ، وتعظيم شخصية الشيخ فضلاً عن كثير من الضلالات والبدع التي تخرج صاحبها من الإسلام .

أماكن الإنتشار :

لقد عملت الطرق الصوفية على نشر الإسلام في كثير من الأماكن التي لم تفتحها الجيوش ، وذلك بما لديهم من تأثير روحي يسمونه ( الجذب ) ، مثل إندونيسيا ومعظم أفريقيا وغيرها من الأقطار النائية .

     انتشر التصوف على مدار الزمان وشمل معظم العالم الإسلامي ، وقد نشأت فرقهم وتوسعت في مصر والعراق وشمال غرب أفريقيا ، وفي غرب ووسط وشرق آسيا .

     لقد تركوا أثراً مهماً في الشعر والنثر والموسيقى وفنون الغناء والانشاد وكانت لهم آثار في إنشاء الزوايا والتكايا .

     لقد كان للروحانية الصوفية أثر في جذب الغربيين الماديين إلى الإسلام ، ومن أولئك مارتن لنجز الذي يقول : (( إنني أوروبي وقد وجدت خلاص روحي ونجاتها في التصوف)) .

على أن اهتمام الغربيين ومراكز الاستشراق في الجامعات الغربية والشرقية بالتصوف يدعو إلى الريبة ، فبالإضافة إلى انجذاب الغربيين إلى روحانية التصوف وإعجابهم بالمادة الغزيرة التي كتبت عن التصوف شرحاً وتنظيراً ، فإن هناك أسباباً أخرى لاهتمام المستشرقين والمؤسسات الأكاديمية والغربيين بصفة عامة بالتصوف ، من هذه الأسباب :

-   إبراز الجانب السلبي الاستسلامي الموجود في التصوف وتصويره على اعتبار أنه الإسلام.

-    موافقة التصوف للرهبانية المسيحية واعتباره امتداداً لهذا التوجه .

-    ميل منحرفي المتصوفة إلى قبول الأديان جميعاً ، واعتبارها وسيلة للتربية الروحية ، وقد وجد في الغرب من يعتبر نفسه متصوفاً ، ويستعمل المصطلحات وبعض السلوكيات الإسلامية دون أن يكون مسلماً ، وذلك من بين أتباع اليهودية والمسيحية والبوذية وغيرها من الأديان .

-    تجسيم الصراع بين فقهاء الإسلام ومنحرفي المتصوفة على أنها هي السمة الغالبة في العقيدة والفقه الإسلاميين .

-        تراجعت الصوفية وذلك ابتداءً من نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولم يعد لها ذلك السلطان الذي كان لها فيما قبل ، وذلك بالرغم من دعم بعض الدول الإسلامية للتصوف كعامل مُثبِّط لتطلعات المسلمين في تطبيق الإسلام الشمولي .

 

 

الصوفية سؤال وجواب

 

قبل أن نعرض هذا الحوار نريد أن نؤكد أن كل ما جاء فيه هو علي مسئولية الشيخ حسن الشناوي شيخ مشايخ الطرق الصوفية فقد نتفق معه في بعض الآراء ولكننا بالتأكيد نختلف كل الاختلاف في الكثير منها وهذا نص الحوار.

من الصوفي وما الصوفية؟

الموالــد نوع من الوفاء والاقتداء بالــولاة

الصوفي هو الذي يسير علي منهج كتاب الله تعالي وأقوال الرسول صلي الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته فالصوفي هو مسلم مؤمن متمسك بالكتاب والسنة وعرفه بعضهم بأن قال الصوفي هو من يملك الدنيا ولا تملكه وعرفه بعضهم بأنه كالأرض تلقي بها كل قبيح ولا تنتج إلا كل مليح.

بهذا المعني فكلنا صوفية نسير علي منهج كتاب الله وسنة رسوله؟

لا.. الصوفي ملتزم بدينه نعم بالاضافة الي انه طهر نفسه حتي وصلت الي درجة الاحسان التي عبر عنها الرسول صلي الله عليه وسلم "الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" أما غير الصوفي من المسلمين قد يصلي ويزكي ويصوم ويحج ولكن يقدم رشوة لكن الصوفي لا يفعل ذلك لأنه متمسك بالدين في القول والفعل والترقي بالنفس.

وهل الصوفي لابد أن يكون عالما بالدين أو فقيها؟

المفروض أن يكون متشرعاً أولا والشرع عبارة عن عبادات ومعاملات وأخلاق ثم بعد ذلك يرتقي الي التصوف وليس معني أن يكون متشرعاً أن يكون فقيها متخصصا ولكن يجب أن يعلم من الشريعة ما يحصنه من الخطأ.

اذا كان الصوفي هو المسلم المثالي من حيث القول والفعل فلماذا نري بعض الصوفية في الموالد خاصة يقومون بأفعال منافية للدين ويرتدون ملابس رثة وسبحا وعقودا كثيرة بأعناقهم ومناظرهم مقززة؟

كل قاعدة ولها شواذ ولا أنكر أن بعض الصوفية وهم قليل جدا يسيئون للصوفية بأفعالهم ومناظرهم مع أن سيدنا أبو الحسن الشاذلي كان يلبس نظيفا ويأكل نظيفا وجاء إليه أحد الأفراد يسأله انت تشرب الماء مبرد وأنا أشرب الماء ساخنا من حرارة الشمس فقال له انت ان شربت الماء تشربه بقزارة وقرف ولكني اذا شربت الماء فالعروق تسبح مولاها وسأله آخر يرتدي مرقعاً فقال الشاذلي أما لباسي فيقول للغير أني غني عنكم فلا تعينوني أما لباسكم فيقول للغير أني فقير إليكم فأعينوني فالتصوف ليس هو لبس المرقعات وهذه المسألة نادراً ما نراها وبعض الناس نراها ترتدي "الشوال" فهؤلاء مجاذيب مختلون عقليا أو نفسياً.

ما مفهوم التوكل في الصوفية؟

التوكل غير التواكل فالتواكل الكف عن العمل والاتكاء علي الغير أما التوكل فهو أن يعمل الصوفي ويسعي ثم يتوكل علي الله اقتداء بالرسول صلي الله عليه وسلم "لو توكلتم علي الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا".

وقال من بات كالا من عمل يده أصبح مغفوراً له" ويأمرنا الرسول صلي الله عليه وسلم بإتقان العمل إن الله يحب اذا عمل أحدكم عملا فليتقنه".

ما عدد الطرق الصوفية في مصر وهل هناك حصر لعدد الصوفيين؟

عددها 74 طريقة وكل طريقة لها شيخ وكل طريقة لها اسم خاص بها ولها أوراد تخالف الأوراد الأخري وعدد أبناء الطرق الصوفية تجاوز 11 مليون صوفي.

هل كل الطرق قديمة أم أن بعضها حديث الميلاد؟

توجد طرق قديمة من عهد أبو الحسن الشاذلي وسيدي ابراهيم الدسوقي وسيدي أحمد البدوي وهناك طرق استحدثت في عهد المشايخ السابقين ولم تستحدث غير طريقة واحدة في عهدي وهي الطريقة الكردية.

لماذا لا توجد مريدات في الطرق الصوفية؟

نحن نخاف من شئ فالمريد له مع شيخ الطريقة أسرار خاصة وكذلك ستكون المريدة والرسول صلي الله عليه وسلم يقول ما اجتمع رجل وامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان.

لماذا لا تكون هناك طريقة للنساء فقط من الشيخ والمريدين؟

ضحك.. وقال إن قانون الطرق الصوفية للرجال فقط وهو صادر عام 1976.

قلت ان لكل طريقة ورد فهل الورد هو منهج الطريقة كمناهج الأحزاب مثلا؟

الولاة موجــودون ولكنهم قليلون في هــذا الـــزمن !

الورد ليس منهجاً وإنما هو الهام لشيخ الطريقة وهو عبارة عن آيات قرآنية وصلاة علي الرسول صلي الله عليه وسلم وأدعية لا يخرج عن ذلك ولكل طريقة ورد ولها آيات قرآنية ترتاح لها نفسها وتجعلها ضمن الورد وخاصة الآيات التي تتحدث عن الرحمة والجنة!

بعض الصوفية يقولون انه اذا بلغ الصوفي مقاما معينا ترفع عنه الفرائض ومنها الصلاة والزكاة والحج؟

لا ترفع الفرائض عن المسلم إلا بالوفاة والدليل علي ذلك قوله الله تعالي لرسوله صلي الله عليه وسلم "اعبد ربك حتي يأتيك اليقين" فإذا كان هناك أمر بالعبادة حتي تأتي ساعة الأجل فهو أمر مفروض علي كل انسان وأولهم الصوفية.

ما هي درجات الصوفية؟

أولي الدرجات الصغري هو المريد ويأتي بعده النقيب وهو درجة أعلي ويقوم بالأعمال الخدمية بالطريقة كأن يقوم بعمل الشاي والقهوة أو عمل الطعام أو يقوم بحراسة الأحذية وبعد دراسة للنقيب يرتقي الي منزله الخليفة وبعد أن يكون للخليفة مريدون حوله علي الأقل عشرة مريدين ينتقل الي منزلة خليفة الخلفاء ثم ينتقل الي منزلة النائب اذا رأي شيخ الطريقة إنه صالح لهذه المنزلة ثم يأخذ نائب عام للطريقة ويوجد وكيل للطريقة وهو ابن الشيخ الذي يؤهل لأن يكون شيخ الطريقة بعد وفاة والده وهناك شرط أن يكون أكبر أخوته.

واذا لم يكن لدي شيخ الطريقة أولاد من الذكور فمن يكون شيخ الطريقة من بعده؟

يمكن أخذ الأخ الأكبر أو حتي الأصغر ولكنها لا تخرج الرئاسة خارج الأسرة لأن التصوف به صلة روحية وهي شبه متوارثة.

ومن الولي؟

الولي هو شخص عبد الله حق العبادة وتفاني في العبادة وزهد في الدنيا وأصبح الله ملء عينه وجوارحه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ان من عباد الله عبادا ما هم بأنبياء ولا هم شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله" فقال له الصحابة صفهم لنا يارسول الله لعلنا نقتدي بهم قال هم قوم تحابوا في الله أي أن الصوفي يرتبط بأخيه حباً في الله لا لغرض دنيوي..

يقول الله تعالي "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا.. وكانوا يتقون.." فزيادة الايمان وزيادة التقوي تؤدي الي الولاية والحديث القدسي يقول.. ما زال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتي أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطيته" والولي موجود ورأيناه لكن هذه الأيام ندر وجودهم لأن الدنيا اصبحت أكثر مادية.

هل الكرامة هي معجزة أم معرفة بالغيب؟

الكرامة هي امتداد للمعجزة بنقاط الماء الساقطة من ـ قلة ـ فالاناء هي المعجزة والكرامة هي الماء الساقط من "القلة".

هل تعتقد انني ممكن أصدق هذا الكلام وأصدق ان ميتا يمد يده ليسلم علي رجل !؟

هذه أسرار جائز أنها حدثت

لماذا نصدقها وإن كنا مضطرين للاعتقاد في صحتها ولماذا لا نقول انها نوع من السحر؟

المتفرغ للعبادة لا يسحر ثم معقول ان النبي صلي الله عليه وسلم يطلع من مكة الي بيت المقدس ويصعد الي السماء.

وهل تشبه كرامات هؤلاء بمعجزات الله تعالي وقدرته في الاسراء والمعراج؟

قدة الله سطعت في الاسراء والمعراج والكرامات من عند الله ايضا وان لم تكن من عند الله فهي استدراج "ونستدرجهم من حيث لا يعلمون".

قلت أن الكرامة تفني مع الولي فلماذا يقيمون لهؤلاء الأولياء قبورا ومقامات ونزورهم ونقيم لهم الموالد؟

درجات الصوفية: المريد، النقيب، الخليفة، النائب، الوكيل

هو نوع من الوفاء ونقيم لهم الموالد لنتذكر أعمالهم لنقتدي بها فنحن نحترمهم ولا نعبدهم والكثير يتهموننا بأننا قبوريون ويقولون بمحرمة الصلاة في المكان الذي به قبر وليس لديهم أي دليل علي هذا التحريم.. التحريم في هذا لليهود والنصاري الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.. اذا كان القبر بجانبي وأنا اصلي ألم يقل الرسول جعلت لي "الأرض مسجدا وطهورا".

اذن ما القول فيمن يزورون هذه القبور ويجعلون من الأولياء المتوفين شأنا لقضاء الحاجات؟

العامة حينما يذهبون مثلا للسيد البدوي ويقول واحد منهم يا سيد يا بدوي اذا شفيت ابني المريض سأعطيك عشرين جنيها اذا سألته من الذي سيشفي ابنك هل هو السيد البدوي أم الله تعالي؟! سيقول الله هو الشافي.

ما الفرق بين هؤلاء والكافرين الذي كانوا يعبدون الأوثان واذا ما سألتهم عن ربهم قالوا الله "وما نعبدهم إلا ليقربونا"؟

وهؤلاء لا يعيدون الأولياء

ولكنهم جعلوا منهم وسطاء بينهم وبين الله تعالي

نحن جميعا نقوم بالوساطة في حياتنا كالعمل الصالح أنا أقول ان عملي سيء فانكسف أقف أمام الله بأعمالي السيئة فأتوسط بواحد اعتقد انه علي قرب من الله تعالي.

لكن هذا يتنافي مع قوله تعالي "واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي اذا دعان"وقوله تعالي "فاستغفروه ثم توبوا إليه ان ربي قريب مجيب".

سئل الرسول صلي الله عليه وسلم.

قالوا أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه فأنا مخطئ وأخطائي كبيرة وعندي حياء من أن أتوجه الي الله فأتوسط إليه برجل صالح ماذا في هذا؟!.

ما حكم هؤلاء الذين يستعينون بالموتي من الأولياء لقضاء حاجتهم؟

زيادة قبور الموتي للعظة والاعتبار لأن الرسول نهي عن زيارة القبور في البداية ولكن عاد وحللها لنا ولكن الذي يذهب لقضاء الحاجة فهو خطأ وجهل والمفروض العلماء والوعاظ ينهون هؤلاء الناس.

يوجد بالصوفية ما يسمي بالمقامات والأحوال فما المقصود بهما؟

حينما يسير الانسان في طريق التصوف ويتدرج ليصل الي درجة الحال وهي درجة التوبة والاستغفار الي أن يصل الي درجة المقام وبها سكون واستقرار عن المقام والصوفي السليم الذي بالخلوة نقول عليه مقام وهنا يعبد الله كأنه يراه اذا وصل المسلمون الي درجة المقام لن تجدي كذلك ولا الغش.

ما هو الذكر وما أهميته؟

الذكر.. طولبنا بالذكر بالقرآن الكريم في اكثر من موضع "أذكروا الله قياما وقعودا وعلي جنوبكم".

والذكر هو العبادة الوحيدة التي لم تخصص بزمان ولا مكان والذكر هو اجتماع علي طاعة

لماذا يتحركون في الذكر مع الايقاع الموسيقي؟

هذه طبيعة انسانية ونراها في الأطفال الذين يقرءون القرآن فيتحركون فهو نوع من التعايش والاندماج.

وورد في الأثر عن أحد الصحابة انه قال "كنا نميد في أيام الرسول صلي الله عليه وسلم في حلق الذكر كما تميد الاشجار في يوم الريح العاصف".

وماذا عن الذكر بالغناء والآلات الموسيقية؟

11 مليون صوفي في مصر

نحن نمنع الطبلة والرق والايقاع ونطالب أن يكون الذكر بإنشاد صوفي.

أين الطرق الصوفية ومريدوها الأكثر من 11 مليون مواطن من مجريات الأحداث ولماذا لا نري لكم موقفا سياسيا وحتي بيانا لأي قضية سياسية أو اقتصادية أو عربية.

أردنا عمل مسيرة في بدء حرب العراق وكتبتا لافتات بالعربي وأخري بالأنجليزية وأخطرنا مباحث أمن الدولة ووافقت لنا وقبل المسيرة أمرنا بعدم الخروج بحجة الخوف من دخول عناصر مخربه في المسيرة.

ولكن كان يمكن ان تصدروا علي الأقل بيانات تعبرون فيها عن موقفكم تجاه الأحداث؟

لم نخرج أية بيانات ولا أي شئ بعدما فعلوا بنا وأوقفوا المسيرة.

لكن هذه سلبية منكم؟

سلبية ماذا؟ هل السلبية أن أنفق علي لافتات وأحشد الناس ثم يمنعوننا وأعمل بيانات.

 

شعارهم كما يصفون

 

النظرة الأولي إلى الشكل السباعى الذى تتصل أضلاعه من الأطراف بلفظ الجلالة (الله) وتتداخل مثلثيا حتى تتلاقى فى نقطة المركز التى تمثل موطن القلب محل الإنصباغ بأنوار التجليات مرورا من قاعدة المثلث بالألوان الخضراء والبيضاء والصفراء، وترمز أضلاع المثلثات إلى الأنفس السبعة ، ويمثل اللوجو  المسقط الرأسى للزى البرهانى، والزى الصوفى يمثل حال القلب والتفاف الأنفس حوله كما تلتف الأعمدة السبعة حول زجاجة المصباح الذى يشتعل فتيله بنور الإسم الله الذى ينشغل به الذاكر على الدوام فيوسم القلب بألوان خلع التشريف الإلهية والنبوية التى تظهر فى الخلعة الشاذلية الصفراء التى ترمز لعلوم الأسماء الإلهية، والخلعة البرهانية البيضاء التى ترمز إلى الشريعة الغراء والخلعة الشريفة الخضراء التى ترمز إلى التمسك بحب أهل البيت الطاهرين .

 

تعريفهم للطريقة البرهانية

 

الطريقة البرهانية الدسوقية الشـاذلية هى طريقة برهان الدين سيدى إبراهيم القرشى الدسوقى رضى الله عنه، وفيها أيضا ميراث خاله سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه، ولذلك فهى الطريقة الممزوجة {الدسوقية الشاذلية}، وقد ظلت وديعة بأحشاء الزمان حتى أذن الله لها أن تحيا على يد مولانا فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده رضى الله عنه؛ البرهانى طريقةً والمالكى مذهباً والسودانى مولدا، فعلت الراية فى أرجاء المعمورة مشرقا ومغربا, ودخل الألوف على يديه فى الإسلام؛ دين الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ سالكين إلى الله تعالى على طريقته، ومنتفعين بحلقات علمه اليومية فى الفقه وعلوم التصوف، فعمرت قلوبهم بحب الله وحب أولياءه الصالحين، فتراهم مجتمعين فى الحولية السنوية التى يحييها شيخ الطريقة سيدى الشيخ إبراهيم محمد عثمان عبده - خليفته ووريثه والذى شهدت الطريقة فى عهده انتشارا عظيما - حيث يأتون من كل صوب وحدب ومن شتى أجناس الأرض، لا يجمعهم إلا ذكر الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

 

أهل الله

 

لقد اختلف الكُتاب والمؤرخون فى نشأة التصوف الإسلامى ومعنى التصوف وقالوا أن كلمة (التصوف) يرى البعض أنها اشتقت من كلمة (سوفيا) اليونانية بمعنى (الحكمة) والبعض الآخر يقول أنها مشتقة من (صوفة) اسم شخص كان يعكف على ذكر الله وعبادته عند البيت الحرام، وثالث يرى أنها مشتقة من (صوفان) بمعنى أنها تبين مايمتاز به الصوفى من زهد فى المأكل، ورابع يرى أنها من (الصفاء) وخامس يقول أنها نسبة إلى (أهل الصفة) وهم الفقراء الذين كانوا يصطفون فى مسجد الرسول e عقب كل صلاة، على أن ابن وازن القشيرى قد أجمل تلك الآراء كلها فى قوله:

إن المسلمين بعد رسول الله e لم يتسمَ أفاضلهم فى عصره بتسمية سوى صحبة رسول الله إذ لا فضيلة فوقها، فقيل لهم (الصحابة) ولما أدرك أهل العصر الثانى سمى من صحب الصحابة (بالتابعين) ورأوا فى ذلك أشرف سمة ثم قيل لمن بعدهم (بأتباع التابعين) ثم اختلف الناس وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين (الزهاد والعباد) فلما ظهرت البدع وحصل التداعى، انفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله الحافظون قلوبهم من طوارق الغفلة باسم (التصوف) واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة.

ويروى المقريزى فى الخطط التوفيقية عن أول دار فى الإسلام  جمعت الصوفية فيقول:

أول من اتخذ بيتا للعباد والزهاد (زيد بن صوحان بن صبرة) وذلك أنه عمد إلى رجال من أهل البصرة تفرغوا للعبادة وليس لهم تجارة ولا غلال فبنى لهم دورا وأسكنهم فيها وجعل لهم ما يقوم بمصالحهم من مطعم ومشرب وملبس وغيره، وكان ذلك فى عهد أمير المؤمنين سيدنا عثمان بن عفان.

وأما عن أول دار للصوفية بنيت فى مصر هى التى عرفت باسم (الخانقاه) ويقول المقريزى:

أن صلاح الدين الأيوبى أمر بتحويل دار سعيد السعداء أحد الأستاذين المحنكين خدام قصر الخليفة المستنصر بالله الفاطمى إلى خانقاه لفقراء الصوفية الواردين من البلاد الشاسعة ووقفها عليهم سنة 569 هـ وولى عليهم شيخا ووقف عليهم بستانا وجعل لها أوقافا خارج القاهرة.

فأضف إلى معلوماتك أيها الأخ الكريم حقيقة كلمة (الصوفية) فإن الإمام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه وضح حقيقة ما قد اختلف فيها الكثير من المؤرخين، حيث قال رضى الله عنه:

قيل أن الصوفية تسموا بهذا الاسم للبس الصوف؟ وهذا خطأ لأننا يجب أن نستثنى الذين لا يرتدون الصوف.

وقيل لأنهم يصطفون للذكر؟ وهذا أيضا خطأ لأننا يجب أن نستثنى الذين يذكرون فى حلقات.

وقيل لأنهم مثل أصحاب الصفة، وهذا خطأ لأن أصحاب الصفة صحابة ونزل فيهم آيات والصوفية ليسوا بصحابة.

فما معنى الصوفية؟ فالصوفية أصلا اسمهم (أهل الله) أى (أهل الاشتغال بالله) لأنهم منشغلين دائما بذكر الاسم (الله) ثم إن كل من اشتغل بالله فى ليله أو فى نهاره وترقى فى مراتب الذكر، من ذكر لسان إلى ذكر قلب إلى ذكر روح يدخل فى النسب الرفيع، وهناك نسبين، الأول النسب الجسدى المسمى (بالنسب المؤبد) والثانى (نسب المحبة) المسمى (بالشرف الرفيع) أو (الحسب) وقال فيه e (سلمان منا آل البيت) والصوفية يتكبدون مشاق العبادات لمحبتهم للنبى e ولمحبتهم لربنا جل وعلا، وقال e (وأشواقى إلى إخوانى الذين يأتون من بعدى) فسأله الصحابة: أو لم نك نحن إخوانك يارسول الله؟ فقال e (أما أنتم فأصحابى) وقال e (طوبى لمن رآنى وآمن بى ، ثم طوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن لم يرانى وآمن بى) فهذا النسب اسمه (نسب المحبة).

والانسان سيقف بين يدى الله وسيحاسب على كل شئ، وفى هذا يقول تبارك وتعالى ﴿ألهاكم التكاثر﴾ ويقول ﴿ثم لتسألن يومئذ عن النعيم﴾ أنعم عليك سبحانه بالعين، وسيسألك عن العين ماذا فعلت بها؟ وعن اليد والأذن والرجل، ماذا فعلت بهم؟ ﴿لتسألن يومئذ عن النعيم﴾ بمعنى أى نعيم تبارك وتعالى أنعم به على الصنف البشرى سيُسأل عنه، وهذا الحساب دقيق جدا، فالصوفية اعتمدوا على أنهم يكونوا دائما مشغولين بالله، معتصمين بحبل الله دائما، ذاكرين دائما، منشغلين بالصلاة على الحبيب المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه وآله، دائما يتقربوا إلى الله بالنوافل التى شرعها رسول الله e، ومن هذه العملية وهى (الاشتغال بالله) سموهم (أهل الله).

والنبى e أول المتصوفين، حيث اُمِرَ بذكر الاسم (الله) قبل التشريع بسنوات عديدة، فى قوله تعالى ﴿ياأيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا * إن ناشئة الليل هى أشد وطأ وأقوم قيلا * إن لك فى النهار سبحا طويلا * واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا﴾ فظل e يختلى بنفسه فى غار حراء الليالى الطوال، فماذا كان يفعل؟ إلا ذكر الاسم (الله) وهو e أول من ينفذ كلام الله سبحانه، بمعنى أن الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه وآله كان يذكر هذا الاسم وبشدة، وبعد ما شاء الله من الزمن كان الإسراء وفى الإسراء فرضت الصلاة، وفى السنة الثانية الهجرية فرض الصوم، وتوالى بعد ذلك فرض باقى التشريع بأكمله، فيكون النبى e مأمور بالذكر قبل التشريع بعدة سنوات.


أولياءهم كما يزعمون

 

سيدنا ومولانا الإمام الحسين t

هو سيد الشهداء الإمام الحسين بن الإمام على كرم الله وجهه زوج السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله r والذى ولد فى الخامس من شعبان سنة 4هـ واستشهد يوم الجمعة العاشر من محرم سنة 61هـ (يوم عاشوراء) وعمره 56 عاما.

زوجاته وأولاده :

  • السيدة (سلافة) وكان اسمها بالفارسية (شاه زنان) بمعنى ملكة النساء بنت يزدجرد بن انوشروان (ملك الفرس) وأنجب منها الإمام على الأصغر وكنيته أبو محمد ولقبه (زين العابدين)  t.
  • السيدة (ليلى) بنت أبى مرة بن عروة بن مسعود الثقفى وأنجب منها على الأكبر  t.
  • السيدة (فضاعة) وأنجب منها (جعفر)  t.
  • السيدة (رباب) بنت امرئ القيس بن عدى (الكلبية) وأنجب منها (السيدة سكينة الكبرى) وعبد الله رضى الله عنهما.
  • السيدة أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله (التيمية) وأنجب منها (السيدة فاطمة النبوية) رضى الله عنها. 

السيدة زينب الكبرى رضى الله عنها

هى بنت الإمام على كرم الله وجهه زوج البتول بنت سيدنا رسـول الله  e  وأخت الحسنين ، وولدت رضى الله عنها فى شهر شعبان سنة 6 هجرية أى بعد مولد الإمام الحسين t بعامين وتوفيت فى 15 رجب سنة 62 هـ أى عاشت من العمر 56 عاما مثل عمر الإمام الحسين.

تزوجت من ابن عمها سيدى عبد الله بن جعفر (الطيار) t فى عهد الإمام عمر بن الخطاب t بالمدينة وولدت له خمس وهم (على وعون وعباس ومحمد وأم كلثوم). وأهل البيت جميعا كانوا يرجعون إلى رأيها فأطلقوا عليها (صاحبة الشورى).

ودخلت مصر فى شعبان سنة 61 هـ وكان الوالى ورجاله يعقدون جلساتهم بدارها وتحت رئاستها فأطلقوا عليها (رئيسة الديوان).

وكانت دارها مأوى لكل ضعيف ومريض ومحتاج فأطلقوا عليها (أم العواجز).

لها مشهد عظيم ومسجد معروف بميدان السيدة زينب بالقاهرة يؤمه الزوار من جميع البقاع للتبرك والدعاء وهذا المكان مشهور بإجابة الدعاء فيه.

 

السيدة سُكينة الكبرى رضى الله عنها

هى بنت الإمام الحسين  t وأمها السيدة رباب بنت امرئ القيس بن عدى بن أوس (الكلبى) ولدت رضى الله عنها سنة 47 هـ.

تزوجت من سيدى عبد الله بن الإمام الحسن السبط بن الإمام على كرم الله وجهه، ثم تزوجت من مصعب بن الزبير  t وولدت له الرباب.

كانت السيدة سُكينة رضى الله عنها سيدة نساء عصرها ومن أجمل النساء وأظرفهن وأحسنهن أخلاقا ، اشتهرت رضى الله عنها بالشعر وكان يحضرها (من وراء حجاب) أمراء الشعر مثل الفرزدق وجرير ونصيب وجميل وغيرهما.

توفيت رضى الله عنها سنة 117 هـ وقيل توفيت فى 5 ربيع الأول سنة 126 هـ ودفنت رضى الله عنها بمصر ولها مقام مشهود فى المراغة بمصر المحروسة.

 

السيدة فاطمة النبوية رضى الله عنها

هى بنت الإمام الحسين  t وأمها السيدة أم إسحاق (التيمية) بنت طلحة بن عبيدالله، وتزوجت رضى الله عنها من ابن عمها سيدى حسن المثنى بن الإمام الحسن السبط بن الإمام على y وولدت له:

سيدى عبد الله         ويلقب بالشريف المحض   t

وسيدى إبراهيم         ويلقب بالقمــــر   t

وسيدى الحسن         ويلقب بالمثــــلث  t

ثم مات عنها زوجها سيدى حسن المثنى وتزوجت بعده من سيدى عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان  y وولدت له القاسم ومحمد رضى الله عنهما.

توفيت رضى الله عنها سنة 110 هـ ودفنت بالدرب الأحمر بمصر المحروسة.

 

السيدة عائشة رضى الله عنها

هى بنت الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام على y ، أمها السيدة حُمَيدة وأبيها الإمام جعفر الصادق.

وأخيها الإمام موسى الذى لقب (بالكاظم) ولقبه الذى لقب به يغنى عن التعـريف به لأنه  قيل فى معنى الكاظم الكثير منها: الإمام الكبير القدر الأوحد الحجة، ومنها كاظم الغيظ.

ففى وسط هذا المناخ المتوهج بنور النبوة تربت العابدة المجاهدة السيدة عائشة رضى الله عنها، وكان رضى الله عنها لها دلال مع الله حتى أنه ورد عنها أنها كانت تناجى ربها فتقول : وعزتك وجلالك لئن أدخلتنى النار لآخذن توحيدى بيدى وأطوف به على أهل النار وأقول وحدته فعذبنى.

وهذه المناجاة إن دلت فإنما تدل على شدة القرب من الله، وشدة العشــم فى الله، والدلال معه سبحانه وتعالى.

توفيت رضى الله عنها سنة 145هـ ولها مشهد عظيم ومسجد معمور بمنطقة القلعة بمصر المحروسة.

 

السيدة نفيسة رضى الله عنها

هى بنت سيدى حسن الأنور بن الإمام زيد الأبلج بن الإمام الحسن السـبط بن الإمام على y ، ولدت رضى الله عنها بمكة سنة 145هـ وتوفيت سنة 208هـ أى عاشت 63عاما.

تزوجت من إسحاق بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام على y ، وكان يدعى (إسحاق المؤتمن) وولدت له القاسم وأم كلثوم رضى الله عنهما.

عاشت بالمدينة وحجت أكثر من ثلاثين حجة أكثرها ماشية ولم تفارق حرم النبى e ثم هبطت إلى مصر بعد زيارة سيدنا إبراهيم الخليل سنة 193هـ.

وكان الإمام الشافعى t فى زمانها إذا مرض يرسل لها ليسألها الدعاء فلا يرجع الرسول إلا وقد شفى الشافعى من مرضه، فلما مرض مرضه الذى مات فيه أرسل للسيدة نفيسة يسألها الدعاء كعادته فقالت: متعه الله بالنظر إلى وجهه الكريم، فعلم الشافعى بدنو أجله.

دفنت رضى الله عنها بالمراغة بمصر المحروسة.

 

الإمام الشافعى t

هو محمد بن إدريس الشافعى، ويجتمع مع رسول الله e فى عبد مناف.

ولد t بغزة سنة 150 هـ وتوفى بمصر سنة 204 هـ أى عاش 54 عاما.

وقال الربيع: دخلت على الشافعى ليلة موته، فقلت له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلا ولإخوانى مفارقا ولكأس المنية شاربا ولسوء أعمالى ملاقيـا وعلى الكريم واردا ثم بكى.

من نظمه t :

        يا آل بيت رسول الله حـبكم                

فرض من الله فى القرآن أنزله

        يكفيكم من عظيم الفخر أنكم        

من لم يصل عليكم لا صلاة له

ولد t فى غزة وتفقه فى مكة على يد الشيخ مسلم بن خالد الزنجى ثم قدم المدينة ولزم الإمام مالك t ثم رحل إلى اليمن ثم إلى العراق ثم إلى مصر سنة 199هـ.

 

سيدى أبو الحسن الشاذلى t

هو تقى الدين أبو الحسن على بن عبد الله الذى ينتهى نسبه إلى الإمام الحسين y.

ولد t سنة 593 هـ بقرية شاذلة قرب تونس وتوفى سنة 656 هـ أى عاش 63 عاما.

منشأه المغرب الأقصى ثم قدم الإسكندرية حيث ظهرت طريقته الشاذلية وتتلمذ على يد شيخه الشيخ عبد السلام بن بشيش.

توفى t وهو فى طريقه لأداء فريضة الحج، ودفن بصحراء عيذاب بحميثرا من الصعيد (أسوان) وكان ماؤها ملح أجاج فأصبح عذبا ببركته t.

 

سيدى أحمد البدوى t

هو أحمد بن على بن إبراهيم، وينتهى نسبه إلى الإمام الحسين y.

ولد t بمدينة فاس بالمغرب سنة 596هـ وتوفى  t سنة 675هـ أى عاش 79عاما.

ولما بلغ سبع سنوات سمع أبوه صوتا فى منامه يقول له: يا على انتقل من هذه البلاد إلى مكة المشرفة فإن لنا فى ذلك شأن.

وسافروا إلى مكة فى أربع سنوات، وفى سنة 637هـ وفى شهر ربيع الأول سافر السيد أحمد البدوى إلى طنطا وعاش فيها حتى توفى ودفن فى مسجده العظيم بطنطا الذى يؤمه الناس من سائر البقاع للزيارة والتبرك بمقامه الشريف.

ومما يذكر من نظمه t :

                أنا الملثم سـل عنى وعـن هممى

                                        ينبيك عزمى بماذا قلتـه بفـمى

                قد كنت طفلا صغيرا نلت منزلـة

                                        وهمتى قد علت من سالف القدم

 

 


سيدى إبراهيم الدسوقى t

وهو t السيد إبراهيم بن عبد العزيز المكنى بأبى المجد بن قريش ، وينتهى نسبه إلى مولانا الإمام الحسين y.

ولد t بدسوق سنة 633هـ وتوفى سنة 676هـ أى عاش من العمر 43 سنة، وأرجح الأقوال أنه عاش من العمر 63 عاما، ودفن بمسجده المشهور فى دسوق.

تفقه t على مذهب الإمام الشافعى، واشتهر بين أحبائه بعدة كنى منها:

(أبا العينين، برهان الملة والدين).

وقال فى حياته t (وشاع طريقى فى الورى بعد غيبتى) وتحقق قوله فعلا، فظهرت طريقته (الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية) بعد انتقاله على يد الإمام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى t والذى خلف من بعده لمشيخة الطريقة ابنه الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى  t.

وصدق الإمام فخر الدين t حيث قال:

فإنى وإبراهيم فى الأصـل واحد        إذا طلبوا صفحا فلا شك صافح

 

 

  • الاحد PM 04:00
    2021-08-01
  • 1676
Powered by: GateGold