المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415395
يتصفح الموقع حاليا : 289

البحث

البحث

عرض المادة

العهــد القــديم

العهــد القــديم
Old Testament
«العهد القديم» مصطلح يستخدمه المسيحيون للإشارة إلى كتاب اليهود المقدَّس، بينما يُستخدَم مصطلح «العهد الجديد» للإشارة إلى الأسفار التي تتضمنها الأناجيل الأربعة وإلى أعمال الرسل ورسائلهم (سبعة وعشرين سفراً). أما اليهود أنفسهم، فيستخدمون عبارة «سيفري هاقودش» أو «كتبي هاقودش»، أي «الكتب المقدَّسة»، ويستخدمون أحياناً تعبير «كتوفيم»، أي «الكتب». كما يُستخدَم لفظ «توراة» في بعض الأحيان. ومن الألفاظ الأخرى المستخدمة، لفظ «المقرا» و«تناخ». ويشتمل العهد القديم على الأقسام التالية:

أولاً: أسفار موسى الخمسة (بالعبرية: حوميش موشيه)، وتُعرَف أيضاً باسم «التوراة» أو «شريعة موسى». وهي تحتوي على الشرائع والقوانين والشعائر والوصايا العشر التي أوصى الإله بها موسى، كما تضم أخباراً تاريخية عن جماعة يسرائيل:

1 ـ سفر التكوين. ويهتم بوصف الخليقة، وأصل العبرانيين (جماعة يسرائيل) حتى الخروج من مصر.

2 ـ سفر الخروج. ويروي تاريخ العبرانيين في مصر وخروجهم منها.

3 ـ سفر اللاويين. ويعالج واجبات الكهنة والطقوس الأخرى.

4 ـ سفر العدد. وفيه تعداد رؤساء الشعب وحاملي السلاح، وفيه أيضاً أخبار تذمُّر الشعب، والتجسس على أرض كنعان.

5 ـ سفر التثنية. أي تثنية الاشتراع أو إعادة الشريعة وتكرارها على جماعة يسرائيل.

ثانياً: أسفار الأنبياء (بالعبرية: نفيئيم).

هذا القسم يتضمن ما وقع للعبرانيين من أحداث بعد موت موسى حتى هدم الهيكل المقدَّس. وهو يغطي فترة زمنية تمتد بين سنة 1300 وسنة 200 ق.م تقريباً، وينقسم إلى قسمين:

1 ـ الأنبياء الأولون أو المتقدمـون (نفيئيم ريشونيم)، وعدد أسفاره سـتة: سفر يشوع (يوشع بن نون) الذي يروي قصة احتلال جماعة يسرائيل أرض كنعان وتقسيم الأرض بين الأسباط أو القبائل العبرانية، وسفر القضاة الذي يذكر أسماء القضاة وتاريخ جماعة يسرائيل في عهدهم وانتصارهم على الفلستيين، وسفرا صموئيل: وهما (الأول والثاني) اللذان يعالجان تأسيس المملكة العبرانية المتحدة وقصة داود، وسفرا الملوك (الأول والثاني) وهما يغطيان فترة حكم داود وسليمان وسقوط المملكة الشمالية ثم المملكة الجنوبية.

2 ـ والأنبياء الآخرون أو المتأخرون (بالعبرية: نفيئيم أحرونيم): وهذا القسم يضم مجموعة من النبوءات والمواعظ والقصص، وعددها خمسة عشر سفراً، منها ثلاثة لأنبياء كبار (أشعياء، وإرميا، وحزقيال)، واثنا عشر لأنبياء صغار (هوشع، ويوئيل، وعاموس، وعوفديا، ويونس [وهو نبي مرسل إلى نينوي وليس إلى جماعة يسرائيل]، وميخا، وناحوم، وحبقوق، وصفنيا، وحجاي، وزكريا، وملاخي).

وتتبع أسفار موسى الخمسة وأسفار الأنبياء نسقاً تاريخياً متصلاً يحكي تاريخ العبرانيين منذ ظهورهم في التاريخ حتى عودتهم من التهجير إلى بابل. وتشكل الأسفار كلها ما يشبه الملحمة، تدور أحداثها حول عبقرية هذا الشعب المختار والمصاعب التي واجهها، وطريقة انتصاره عليها وتحقيقه إرادته.

ثالثاً: كتب الحكمة والأناشيد (بالعبرية: كيتوفيم)، أي «الكتابات». وهي مجموعة من الأسفار التي تضم مواد تاريخية وقصصية وغنائية وعددها أحد عشر، إذا اعتبرنا سفري عزرا ونحميا سفراً واحداً. وترتيب هذه الأسفار حسب ورودها في العهد القديم كما يلي:

1 ـ مزامير داود. ويُنسَب معظمها إلى داود، وهي أناشيد شكر للإله وتراتيل روحية.

2 ـ سفر الأمثال.

3 ـ سفر أيوب. ويحدثنا عن حياة أيوب الصالح (ويُعتقَد أن هذا السفر من أصل عربي، فأيوب من بني عيسو).

4 ـ نشيد الأنشاد. وهو من الأغاني الشعبية للأفراح والزفاف، ويُقال إنه نشيد غزل بين الإله وجماعة يسرائيل، ويُنسب إلى سليمان.

5 ـ راعوث. وهي قصة بطلة ترجع إلى عصر القضاة.

6 ـ مراثي إرميا. وهي قصائد بكاء على أورشليم (القدس) بعد تخريبها.

7 ـ سفر الجامعة. وهو خواطر فلسفية ذات طابع عدمي.

8 ـ سفر إستير. ويتحدث عن خلاص جماعة يسرائيل على يد إستير. ويحتفل اليهود بهذه المناسبة في عيد النصيب.

9 ـ سفر دانيال. ويحدثنا عن سيرة هذا النبي.

10 ـ سفر عزرا. ويتحدث عن عودة العبرانيين (أعضاء جماعة يسرائيل) إلى أورشليم (القدس)، وإعادة بناء الهيكل الثاني.

11 ـ سفر نحميا. وهو يعنى أيضاً بعودة اليهود من السبي البابلي.

12و13 ـ سفرا أخبار الأيام (الأول والثاني). وهما تلخيص للوقائع التاريخية الواردة في العهد القديم منذ بدء الخليقة حتى السبي البابلي.

وقد أضاف المسيحيون، إلى كل ذلك، الكتب الخارجية أو الخفية (أبوكريفا)، ثم أضافوا العهد الجديد، وقد اتخذ كل هذا اسم «الكتاب المقدَّس».

ويختلف ترتيب العهد القديم عند الكاثوليك عنه عند البروتستانت، وهذا يعود إلى أن الكاثوليك يقرون الأسفار التي وردت في الترجـمة السـبعينية زائدةً عن الأصل العـبري، بل يفضلونه، ذلك لأنه ييسر عملية ربط العهد الجديد بالعهد القديم. هذا، بينما لا يعتبر معظم البروتستانت تلك الزيادات مقدَّسة، فهي في نظرهم لا تنتمي إلى العهد القديم.

وتتضارب الآراء المتصلة بتاريخ تدوين الأسفار، ولا تزال المسألة خلافية. وأولى المشاكل هي الإشارات العابرة في العهد القديم إلى نصوص لم تُدوَّن، مثل: كتاب حروب الرب، وسفر ياشر، وسفر أخبار شمعيا، وسفر أمور سليمان، وسفر كلام ناتان النبي، وسفر أخبار الأيام لملوك يهودا، وسفر ملوك جماعة يسرائيل، وغيرها. وتـدل أســماء الأسـفار السـابقة على أن ملـوك العبرانيين كانوا يدونــون أخبـارهم على عادة ملـوك الشــرق الأدنى القديم، وأن كتب الأخبار وكتب الملوك الحالية هي كل ما تبقى.

والمشكلة الثانية هي أن نصوص العهد القديم تم تَناقُلها شفاهةً. ولذا، فإن معظم المؤرخين يرجحون تعرُّضها إلى ما تتعرض له عادةً كل الأقوال المنقولة مشافهة، وبالتالي دخلتها التناقضات وتداخلت النصوص والمصادر. ومن هنا، فقد قام علم نقد العهد القديم بتطوير نظرية المصادر وتفسير التناقضات وعدم التجانس الأسلوبي.

والواقع أن تدوين العهد القديم بدأ في فترة زمنية تَبعُد عن موسى مئات السنين، وكذلك عن كثير من الأحداث التي تم التأريخ لها. كما أن عملية التدوين لم تتم دفعة واحدة، وإنما تمت خلال مدة زمنية طويلة. وتم اختيار بعض النصوص المقدَّسة من بين نصوص مقدَّسة أخرى. ويرى كثير من الباحثين أن أول جزء من العهد القديم تم تدوينه هو أسفار موسى الخمسة، ويُقال إن هذه العملية تمت في بابل أثناء فترة التهجير (587 ق. م) أو ربما قبل ذلك بوقت قصير، ذلك أنه لم يأت ذكر لقراءة التوراة في الاحتفالات الخاصة بافتتاح الهيكل، وأول إشارة إلى قراءة التوراة هي قراءة عزرا عام 444 ق.م.

أما كُتُب الأنبياء، فمن الأرجح أنها دُوِّنت أثناء المرحلة الفارسية فيما قبل عام 333 ق.م. ومما يدعم هذا الرأي أن سفري الأخبار لم يحلا محل سفري صموئيل والملوك ولم يلحقا بهما، الأمر الذي يدل على أن كتب الأنبياء كان قد تم تدوينها والاعتراف بها ككتب قانونية. ولا توجد في أسفار الأنبياء أية كلمة إغريقية، ولا أية إشارة إلى سقوط الإمبراطورية الفارسية أو ظهور الإمبراطورية اليونانية. ولكن لابد أن ثمة فترة زمنية قد مرَّت بين تدوين أسفار موسى الخمسة وتدوين أسفار الأنبياء، ذلك لأن هذه الأخيرة لم تكن تُقرأ في الاجتماعات العامة التي وُصفت في سفر نحميا (8 و10). كما أن السامريين الذين انفصلوا عن اليهود، وبنوا هيكلهم في جريزيم عام 428 ق.م، اعترفوا بالتوراة ولم يعترفوا بكتب الأنبياء. وقد جُمعت أسفار الأنبياء ونُظِّمت خلال الفترة الممتدة من القرن السادس حتى القرن الثالث قبل الميلاد، ويبدو أنها أُلِّفت في فترة كانت فيها أسفار موسى مجهولة منسية، إذ يَندُر أن تجد فيها ذكراً لاسمه. ويبدو أن بعض الأنبياء أيضاً (عاموس مثلاً) لم يكن لهم به علم.

أما القسم الثالث، وهو كتب الحكمة والأناشيد، فقد أُلِّف بعضه أثناء عصر الأنبياء، ولكنها لم تُضَم إلى كتب الأنبياء باعتبار أنها لم تكن ثمرة الوحي الإلهي. أما الكتب ذات الطابع النبوي، مثل كتب دانيال وعزرا والأخبار، فلابد أنها كُتبت في مرحلة متأخرة بحيث لم يمكن ضمها إلى كتب الأنبياء. ولقد ضُمَّت أسفار الحكمة والأناشيد، لكنها لم تُعتبَر جزءاً من العهد القديم إلا في القرن الثاني قبل الميلاد، فقبل ذلك التاريخ كان الحديث يتواتر عن التوراة باعتبارها أسفار موسى الخمسة والأنبياء دون إشارة إلى كتب الحكمة والأناشيد. ومن الأدلة الأخرى على أن هذه الأسفار كانت متأخرة، وجود كلمات يونانية في نشيد الأنشاد ودانيال، وكذلك الإشارة في سفر دانيال إلى سقوط الإمبراطورية الفارسية. ولا يشير بن سيرا إلى سفر دانيال أو إستير. وقد اسـتمر الجـدل حول أسـفار مثل: الأمثـال، ونشيد الأنشاد، وإستير، وسفر الجامعة، هل تُضَم مع الأسفار القانونية أم لا؟

ويُطلَق مصطلح «كانون Canon» أي «الأسفار القانونية»، على تلك الأسفار أو النصوص التي تم اعتمادها. أما الكتب غير القانونية، فتُسمَّى الكتب الخارجية أو الخفية أو الكتب المنسوبة (سيودإبيجرفا). والقواعد التي استخدمها محررو العهد القديم لضم أو استبعاد هذا أو ذاك النص غير معروفة، ولكن يبدو أن هذه القواعد هي بشكل عام:

1 ـ أن يكون النص مكتوباً بالعبرية. ويبدو أن بداية ونهاية سفر دانيال تُرجمتا من الآرامية إلى العبرية بسرعة حتى يمكن ضمهما إلى النص القانوني المُعتمَد.

2 ـ أن يكون النص قد كُتب في مرحلة ما قبل النبي مالاخي، أي في القرن الخامس قبل الميلاد، وهي الفترة التي يرى الحاخامات أن النبوة توقفت عندها في جماعة يسرائيل.

3 ـ أن يتفق مضمون النص مع المعايير الدينية التي تبناها الحاخامات.

ويبدو أن مشادات فقهية بين الفقهاء، كانت تحدث من وقت لآخر، في شأن بعض الأسفار نظراً لما تحتويه من أفكار غنوصية مثل سفر حزقيال واتفقوا في نهاية الأمر على تركه داخل إطار الكتب القانونية مع عدم تدريسه للصغار.

ولغة الكتاب المقدَّس (اليهودي) هي العبرية، وإن كانت التراكيب والأساليب وبعض المفردات تختلف باختلاف هذه الأسفار وتنم عن الفترة التي وُضع فيها كل سفر. ومع هذا، فإن هناك أجزاء وُضعت باللغة الآرامية. والعبرية، مثلها مثل العربية، تتميَّز بالعلامات الصوتية المميِّزة للحرف، أي علامات التشكيل. ولما كان النص العبري الأصلي مكتوباً دون علامات التشكيل، فقد كان لابد أن يتم الاتفاق على قراءة معيارية. وبالفعل، ظهر النص المعتمد كتابةً وقراءة، وهو الذي يُطلَق عليه مصطلح النص «الماسوري» أو «ماسوراتي». ويُطلَق على المحققين الذين وضعوا علامات الضبط بالحركات «الماسوريون».

وقد قُسِّم العهد القديم إلى أسفار وإصحاحات وفقرات ومقاطع في القرن الثالث عشر، فنص التوراة الذي كُتب على لفائف التوراة لا يزال حتى الآن بدون علامات تشكيل ولا علامات فصل بين الأسفار والإصحاحات والفقرات المختلفة. وقد تُرجم الكتاب المقدَّس إلى مختلف لغات العالم تقريباً. ومن أهم الترجمات: الترجمة اليونانية، وهي ما يُعرَف باسم «الترجمة السبعينية»، والترجمة الآرامية وأهمها «الترجوم»، والترجمة اللاتينية وتُعرَف باسم «الفولجاتا أو الشعبية». كما تُرجم الكتاب المقدَّس إلى السريانية باسم «البشيطاه»، وكذلك تُرجم إلى العربية. وأقدم ترجمة هي ترجمة سعيد بن يوسف الفيومي، فيما نعلم، إلا أن ثمة محاولات سابقة عُثر عليها في الجنيزاه القاهرية باللهجة المصرية العامة.

ويرى اليهود الأرثوذكس أن كلمات العهد القديم، وأسفار موسى الخمسة بصفة خاصة، هي كلام الإله الذي أوحى به إلى موسى حرفاً حرفاً، وأملاه عليه حينما صعد إلى جبل سيناء، وهو كلام أزلي لا يتغيَّر. والكتب التاريخية وأسفار الأنبياء والأناشيد والحكم، هي الأخرى نتاج الروح المقدَّسة، وإن كانت بدرجة أقل، تلك الروح التي تغمر روح الإنسان فيتحدث باسم الإله. وتُعتبَر كل كلمة، وكل جملة وردت في العهد القديم، ذات معنى داخلي ومغزى عميق. لكل هذا، نجد أن العهد القديم، بالنسبة إلى اليهود الأرثوذكس، هو السلطة العليا التي لا يمكن التشكيك فيها، وهو المرجع الأخير في الحياة الدينية. ولكن أسفار موسى الخمسة، مع هذا، تظل أهم الأجزاء التي تشكل جوهر اليهودية وشريعتها.

أما بالنسبة إلى اليهود الإصلاحيين والمحافظين والتجديديين، فإن العهد القديم يُعَدُّ مجرد إلهام من الإله وليس وحياً منه. وقد وصل هذا الإلهام إلى واضعي الكتاب المقدَّس بدرجات مختلفة. ولذا، فإن بعض أجزاء العهد القديم ذو قيمة روحية وأخلاقية أعلى من غيره. كما لم يكن الوحي الإلهي، أي الإلهام، خالصاً. فقد اصطبغ هذا الوحي بصبغة إنسانية، فلزم أن يقوم اليهودي بإعادة تفسيره ليستخلص الوحي الإلهي (المطلق) من النص الذي يضم عناصر إنسانية تاريخية (نسبية). ويُعتبَر العهد القديم العبري من مصادر التشريع اليهودي الأساسية، وقد ظل قروناً طويلة يشكل المنهج الدراسي الوحيد في المدارس الدينية اليهودية، وإلى جانبه التلمود الذي هو تفريع منه. وفي إسرائيل، فإن منهج الدراسة يتضمن خمس ساعات أسبوعياً لدراسة العهد القديم.

كما أن الصهاينة اللادينيين يعتبرون العهد القديم وكتب اليهود المقدَّسة كتباً عظيمة تشكل جزءاً مهماً من تراث اليهود وفلكلورهم القومي وهو تعبير عن انتشار الحلولية بدون إله بين الصهاينة. وقد نشر أحد التربويين الإسرائيليين في أحد الكيبوتسات كتاباً يروي قصص العهد القديم باعتبارها أدباً من صنع البشر، ومن ثم فإنه قد استبعد أي إشارة إلى الإله.

  • الخميس PM 10:02
    2021-04-22
  • 987
Powered by: GateGold