المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409004
يتصفح الموقع حاليا : 338

البحث

البحث

عرض المادة

الزعم أن بعض الأحاديث النبوية موحية بدونية المرأة

الزعم أن بعض الأحاديث النبوية موحية بدونية المرأة (*)

مضمون الشبهة:

يزعم أدعياء المساواة بين المرأة والرجل أن الشريعة الإسلامية رسخت مبدأ اللامساواة بين الرجل والمرأة، وهبطت بمكانة المرأة إلى مكانة الدونية، ويمثلون لذلك بالأحاديث الآتية:

  • حديثأبيسعيدالخدري - رضياللهعنه - أنرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - قاللجمعمنالنساءفيحديثطويل: «مارأيتمنناقصاتعقلودينأذهبللبالرجلالحازممنإحداكن»[1].
  • حديثأنسبنمالك - رضياللهعنه - أنرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - قال: «لايصحلبشرأنيسجدلبشر،ولوصلحلبشرأنيسجدلبشرلأمرتالمرأةأنتسجدلزوجهالعظمحقهعليها»[2].
  • حديثعبداللهبنعمرورضياللهعنهماأنرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - قال: «حبب إلى من الدنيا النساء والطيب» [3].
  • عنأبيهريرةقال: قالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم: «استوصوابالنساءخيرا؛فإنهنخلقنمنضلعوإنأعوجمافيالضلعأعلاه،فإنذهبتتقيمهكسرته،وإنتركتهلميزلأعوجفاستوصوابالنساء»[4].
  • عنعبداللهبن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة، وإن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس»[5].
  • عنأبيسعيدالخدريقال: قالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم: «يامعشرالنساء،تصدقنفإنيأريتكنأكثرأهلالنار،فقلن: وبم يا رسول الله؟! قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير» [6].
  • عنأبيهريرة - رضياللهعنه - قال: قالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم: «يقطعالصلاةالمرأةوالحماروالكلب» [7].

إلى آخر تلك القائمة من الأحاديث الموحية على حد زعمهم بانحطاط منزلة المرأة في الإسلام. وهم فيما زعموه وما استدلوا به لا يبغون أكثر من وصم الإسلام بما ليس فيه من احتقار المرأة حتى يجدوا مسلكهم إليها وينصبوا أنفسهم أوصياء عليها يتحدثون باسمها، وهم في حقيقة أمرهم من ألد أعدائها.

وجوه إبطال الشبهة:

1) للعاداتوالتقاليدالموروثةالمخالفةلتعاليمالدينأثرهاالبالغفيترسيخدونيةالمرأة،وتأكيدهذاالانطباع،والأشدخطرامنذلكالتفسيراتالمغلوطةلبعضالمروياتالإسلامية.

2) المناسبةالتيذكرفيهاالحديث - الأول - حديثناقصاتعقلودين - لهادلالتهافي توجيه فهمنا له، وتبين أنه خاص بحالة بعينها، وليس إقرارا عاما شاملا لجنس النساء.

3) نقصعقلالمرأةسرالسعادةبينالزوجينإذافهمنامعناهفيالإسلامفهماصحيحا،وهو - فيهذاالمقام - أقربللمدحمنهللذم.

4) قلةالتكاليف - بالنسبةللمرأة - لاتعنينقصالدين، ولا الحكم المؤبد بنقصان الأهلية؛ فالجنسان في الحقوق والواجبات سواء.

5) أحاديثالنبي - صلىاللهعليهوسلم - الموجهةللرجالمنشأنهاأنتحدثمعادلاموضوعيامعتلكالموجهةللنساءبحيثتكونالمحصلةأنيتسابقالزوجانفيالبيتالمسلمنحوإسعادبعضهما؛منفرط الإيثار، والمودة المتبادلة.

6) التصورالهابطلمعنىالحبيبتذلمعنىالفضيلةفيكلامه - صلىاللهعليهوسلم - حينقال«حببإلىمندنياكمالطيبوالنساء».

7) أكثريةأهلالنارمنالنساءاللائياتصفنبصفاتذميمةوليسللأنوثةفيحدذاتها،ومعاذاللهأنيؤاخذها بما لاذنب لها فيه؛ وإنما المعيار هو الإحسان والإساءة والبر والفجور.

8)   ليسالعوج - المقصودفيالحديث - ضدالاستقامة،وإنماهوقرينشدةالانفعالوسرعةالتقلب.

9) الشؤمفيالحديثمنالمرأةالتيحصلتمنهاالعداوةوالفتنة،ومنالدارالضيقةقليلةالمرافق، ومن الدابة المتعبة، وليس الأمر على إطلاقه، والمرأة تقطع الصلاة إذا مرت بين يدي المصلي لما جبلت عليه النفس من الانشغال بها، أما الكلب والحمار فللرهبة والخوف منهما، ولا يفهم منه تساوي الثلاثة الأصناف في المنزلة.

10)   مايزعمونهبعدمنمسائل؛إنماهيمسائل متفرقات تحسب للإسلام لا عليه.

التفصيل:

أولا. للعادات والتقاليد الموروثة أثرها في ترسيخ دونية المرأة:

إن الكرامة التي يقررها الإسلام للمرأة جزء لا يتجزأ من الكرامة التي قررها وأعلن عنها الإسلام لبني آدم أجمعين، وذلك عندما قال الله عز وجل: )ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا (70)( (الإسراء)؛ إذ المرأة والرجل كلاهما من ولد آدم.

ثم إن الإسلام أكد هذه الكرامة القائمة على أساس من الإنسانية المجردة والشاملة لكل من الرجل والمرأة على السواء، وذلك عندما حصنها بحصن التقوى والعمل الصالح، وجعل منها دون غيرها ميزان تفاوت الناس في العلو والمكانة عند الله - عز وجل - وذلك عندما قال الله عز وجل: )يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (13)( (الحجرات).

فقد ثبت بدلالة واضحة أن الإنسان مكرم - بشطريه الذكر والأنثى - في كتاب الله - عز وجل - ودينه، دون أن يكون للذكورة أو الأنوثة أي دخل في زيادة هذا التكريم أو نقصانه، كما ثبت أن الناس قد يتفاوتون بعد ذلك في هذه الكرامة التي متعهم الله بها، ولكن الباعث على هذا التفاوت شيء واحد، هو تفاوتهم في تعظيم حرمات الله، ومن ثم في الأعمال الصالحة المفيدة للإنسانية.

هذا في الوقت الذي لم يناد المسلمون سليمو العقيدة بدونية المرأة عن الرجل كما نادى بها اليهود والنصارى، ولم يدع مسلم أن: "الرجل والمرأة نقيضان عنيدان" كما أعلن البابا اينو الثامن في "براءة 1484". ولم يناد مسلم: "أن الذكر هو النموذج أو المعيار، وكل امرأة إنما هي رجل معيب" كما قال أرسطو. ولم يصرح مسلم أن: "المرأة أرذل من العبد؛ بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية، بينما المرأة مأمورة فطريا من قبل الأب والابن والزوج" كما قال توماس الأكويني، ولم يحقر مسلم المرأة بقوله: "إن المرأة إذا ارتقت بقرة، وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهي لغز يصعب حله، وينصح الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء" كما فعل الفيلسوف نيتشه. ولم يشوه مسلم المرأة بقوله: "إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله، مشوهة للرجل" كما شوهها القديس ترتوليان.... إلخ، ومثل هذه الآراء في المجتمع الغربي كثير، ذلك المجتمع الذي يزعم أنه يقدر المرأة ويعطيها حقوقها اللازمة لها، ويعطيها ما لم يعطها الإسلام؟!

إن المصدر الحقيقي لهذه الدعوى الباطلة هو العادات والتقاليد الموروثة - سواء من الأديان الأخرى أم من جهل المسلمين بدينهم - والتي تنظر إلى المرأة نظرة دونية، وهي عادات وتقاليد جاهلية حرر الإسلام المرأة منها، ولكنها عادت إلى الحياة الاجتماعية في عصور التراجع الحضاري، مستندة كذلك إلى رصيد التمييز ضد المرأة الذي كانت عليه مجتمعات غير إسلامية دون أن تتخلص تماما من هذه الموروات.

لقد كان الحظ الأوفر في هذا المقام للتفسير الخاطئ الذي ساد وانتشر لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نقص النساء في العقل والدين؛ فقد جاء عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى - أو فطر - إلى المصلى فمر على النساء فقال: "يا معشر النساء، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن". قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل"؟ قلن: بلى. قال: "فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها»[8].

ذلكم هو الحديث الذي اتخذ تفسيره المغلوط - ولا يزال - غطاء شرعيا للعادات والتقاليد التي تنتقص من أهلية المرأة، وينطلق منه المتغربون وغلاة العلمانيين في دعوتهم إلى إسقاط الإسلام واتهامه بظلم المرأة وانتقاص قدرها وحقها، الأمر الذي يستوجب إنقاذ المرأة من هذه التفسيرات المغلوطة لهذا الحديث، بل إنقاذ هذا الحديث الشريف من هذه التفسيرات.

ثانيا. المناسبة التي ذكر فيها الحديث تبين أنه وصف للواقع وليس تشريعا للثوابت:

إن مناسبة الحديث - حديث ناقصات عقل ودين - ترشح ألفاظه وأوصافه لأن يكون المقصود من ورائها المدح وليس الذم، فالذين يعرفون خلق من قال الله - عز وجل - عنه: )وإنك لعلى خلق عظيم (4)( (القلم)، والذين يعرفون كيف جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من العيد - الذي قال فيه هذا الحديث - فرحة أشرك في الاستمتاع بها مع الرجال كل النساء، حتى الصغيرات، بل حتى الحائض والنفساء - الذين يعرفون صاحب هذا الخلق العظيم، ويعرفون رفقه بالقوارير ووصاياه بهن حتى وهو على فراش الموت يودع هذه الدنيا... لا يمكن أن يتصوروه - صلى الله عليه وسلم - ذلك الذي يختار يوم الزينة والفرحة ليجابه كل النساء بالذم والتقريع والحكم المؤبد عليهن بنقصان الأهلية لنقصانهن في العقول والدين.

وإذا كانت المناسبة يوم العيد والزينة والفرحة لا ترشح أن يكون الذم والغم والحزن والتبكيت هو المقصود، فإن ألفاظ الحديث تشهد على أن المقصود إنما كان المديح الذي يستخدم وصف الواقع الذي تشترك في التحلي بصفاته غالبية النساء إن لم تكن النساء كلهن.

الفرق بين التشريع للواقع والتشريع للثوابت:

إن الحديث يخاطب حالة خاصة من النساء، ولا يشرع شريعة دائمة ولا عامة في مطلق النساء، فهو يتحدث عن واقع، والحديث عن الواقع القابل للتغيير شيء، والتشريع للثوابت - عبادات وقيما ومعاملات - شيء آخر، فعندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب». [9]فهو يصف واقعا ولا يشرع لتأييد الجهل بالكتابة والحساب؛ لأن هذا مناقض لما جاء به من القرآن الذي بدأ أول ما بدأ نزوله بالأمر بالقراءة؛ فقال عز وجل: )اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم يعلم (5)( (العلق)، ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي وصف واقع الأمية الكتابية والحسابية، هو الذي غير هذا الواقع، بتحويل البدو الجهلاء الأميين إلى قراء وعلماء وفقهاء، وذلك امتثالا لأمر ربه في القرآن الكريم، الذي علمنا السنين والحساب، فقال الله عز وجل: )هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون (5)( (يونس).

فوصف الواقع كما تقول الآن مثلا: "نحن مجتمعات متخلفة". لا يعني تأييد الواقع بأي حال من الأحوال، وهو نفس الواقع الذي وصفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديثه عن رؤية معظم أهل النار من النساء؛ ففي رواية ابن عباس - رضي الله عنهما - ما يقطع بأن المقصود إنما هي حالات خاصة لنساء لهن صفات خاصة هي التي جعلت منهن أكثر أهل النار، وذلك لأنهن كما تنص وتعلل هذه الرواية: «يكفرن العشير».

ولو أحسن هذا العشير إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منه هنة أو شيئا لا يعجبها، كفرت بكل النعم التي أنعم عليها بها، بل قالت بسبب غلبة العاطفة التي تنسيها ما قدمه لها:«ما رأيت منك خيرا قط» [10].

فهذا الحديث إذن وصف لحالة بعينها وخاص بهذه الحالة، وليس تشريعا عاما دائما لجنس النساء.

ثالثا. نقص عقل المرأة سر السعادة بين الزوجين:

إن من أوضح ما يدل عليه سياق الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه إلى النساء كلامه هذا على وجه المباسطة التي يعرفها ويمارسها كل منا في المناسبات، وليس أدل على ذلك من أنه جعل الحديث عن نقصان عقولهن توطئة وتمهيدا لما يناقض ذلك من القدرة التي أوتينها، وهي سلب عقول الرجال والذهاب بلب الأشداء من أولي العزيمة والكلمة النافذة منهم، فهو كما يقول أحدنا لصاحبه: قصير ويأتي منك كل هذا الذي يعجز عنه الآخرون!

إذن فالحديث لا يركز على قصد الانتقاص من المرأة، بمقدار ما يركز على التعجب من قوة سلطانها على الرجال.

ولنتساءل بعد هذا: أصحيح ما يقوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ بقطع النظر عما يركز عليه الحديث، وبقطع النظر عما يدل عليه السياق.

إن الدارس لمبادئ علم النفس، وعلم النفس التربوي ليعلم أن المرأة أقوى عاطفة من الرجل، وأضعف تفكيرا منه، وأن الرجل أقوى تفكيرا من المرأة وأضعف عاطفة منها، ويعلم أن هذا التقابل التكاملي بينهما، هو: سر سعادة كل من الرجل والمرأة بالآخر، ولو كانت المرأة كالرجل في الصبر على القضايا الفكرية المعمقة والفقر العاطفي، لشقى بها الرجل وتبرم بالحياة معها، ووجد سعادته في الابتعاد عنها.

ولو كان الرجل كالمرأة في رقتها العاطفية وتأثراتها الوجدانية وضعفها الفكري، لشقيت به المرأة، ولما رأت فيه الحماية التي تنشدها والرعاية التي تبحث عنها، ولما صبرت على العيش معه بحال؛ إذن فهي حكمة ربانية لا بد منها، لكي يعثر كل من الرجل والمرأة في الشخص الآخر على ما يتمم نقصه، ومن ثم يجد فيه ما يشده إليه، والحصيلة تنطق بالمساواة الدقيقة بينهما.

وقد نجد في الرجال من يتصفون بالعاطفة المشبوبة والمشاعر الرقيقة والضجر من القضايا الفكرية العويصة، فيعد ذلك عند العلماء شذوذا في الرجال. وقد ترى مظهر هذا الشذوذ في النساء، فتبصر فتاة لا يسعدها إلا معالجات القضايا الفلسفية والبحث في المسائل الفكرية المعقدة، وتجدها في الوقت ذاته راكدة العواطف هامدة الوجدان، فلا يرى العلماء ذلك فيها إلا شذوذا مخالفا للقاعدة والأصل.

ثم إنك إن تأملت كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيته يربط بين أمرين في شخص المرأة وحياتها، تقوم بينهما جدلية هي في الحقيقة مصدر سعادة المرأة بالرجل ومصدر سعادة الرجل بها؛ فهو يصفها بضعف التفكير، ثم يصفها في الوقت ذاته بالسيطرة على الرجل والقدرة على التحكم به.

الشرح التحليلي لذلك:

إن المرأة تبحث دائما في الرجل عن شريك جنسي لها، وعن حماية ورعاية لها في كنفه، وهذا يقتضي أن تكون أضعف منه، وهو ذاته الشرط الذي لا بد منه ليجعلها تهيمن عليه.

إنها ليست معادلة صعبة أن تفهم بأن سلاح المرأة إنما يكمن في ضعفها، وأن سلطانها على الرجل إنما يكمن في احتمائها به، واحتياجها إليه إنما يتمثل في أن يكون أقوى بدنيا، وأقدر منها فكريا.

وإليك ما تقول الكاتبة الألمانية إستر فيلار في كتابها المعمق والطريف "حق الرجل في التزوج بأكثر من واحدة"؛ فهي تؤكد في أكثر من موضع في كتابها أن المرأة لا تركن إلا إلى الرجل الذي هو أحد منها ذكاء، وقد تبدو إلى جانبه كغبية ساذجة؛ إذ إنه شرط لا بد منه لاحتمائها به، وهي تبحث في الرجل عن الرعاية والحماية قبل البحث عن الجنس، فهي تقول: "بالنسبة للنساء فبإمكانهن بسط سلطتهن على الرجال، وذلك بالتحكم في غرائزهم الجنسية مما يجعل الرجال تابعين لهن، وبما أن النساء في أغلب الأحيان هن أضعف جسميا وفكريا من الرجال، فإنهن يستطعن إضافة إلى إمكانية إمتاعهم جنسيا أن يلفتن انتباه الرجال إليهن بمثابتهن موضع رعاية".

وتقول: "فقط، عندما تكون المرأة أضعف من الرجل، ثم بالإضافة إلى ذلك أغبى منه، فإنها تصبح بالنسبة لهذا الأخير طرفا مغريا جذابا". وتمضي فتؤكد هذه الحقيقة على ألسنة النساء قائلة: "والمعروف في النساء قولهن: إن الرجل الذي أبتغيه هو ذاك الذي باستطاعته أن يكون قادرا على حمايتي، وهو لا يقدر على ذلك إلا إذا كان أطول قامة وأقوى بنية وأشد ذكاء مني". وتقول: "إن الرجل الذي أبتغيه هو ذاك الذي أستظل بقامته وأرفع عيني لمشاهدة وجهه".

ومما هو ثابت علميا ومؤكد بشهادة النساء أنفسهن، أن المرأة أضعف من الرجل جسميا وأقل منه ذكاء، وأنها لا تضيق بذلك، وإنما تراه مظهرا لضعفها النسوي الذي هو في الواقع رأس مالها الذي تستخدمه في السيطرة على الرجل، في الوقت الذي تجعل منه راعيا لها. فهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - بطريقة المباسطة - أقل أو أكثر من هذا الكلام؟

إن العجيب أن الذين يتبرمون بالإسلام، ويمارسون حرية هابطة مكشوفة في التقول عليه، يجلجلون بهذا الحديث في الأوساط الاجتماعية وربما في الأوساط النسائية خاصة، ويطيلون ألسنتهم بالنقد عليه، حتى إذا رأوا ما يقول كتاب علم النفس، ووقفوا على ما يقوله أمثال هذه الكاتبة، ألجموا ألسنتهم عن النقد وأصغوا إليه بالاحترام والقبول، إن لم نقل بالاستسلام والتقديس.

رابعا. قلة التكاليف - بالنسبة للمرأة - لا تعني نقص الدين:

قد فهمنا وجه التفاوت بين ذكاء المرأة والرجل، فما وجه ذلك بالنسبة للدين؟

وما الذي قضى بأن تكون المرأة ناقصة دين، وما الموجب لذلك، وما الخيار الذي يمكن أن تتحمل المرأة مسؤوليته في هذا الأمر؟

والجواب: أن نقص الدين قد يطلق ويراد به قلة التكاليف السلوكية لسبب ما، ولا شك أنها ليست مسئولية المكلف، أيا كان السبب، وقد يطلق ويراد به التهاون أو التقصير الذي يتلبس به المكلف بمسئوليته وباختيار منه.

فالطفل أو المراهق الذي لم يبلغ سن البلوغ، يوصف بأنه ناقص الدين، ولا يعني أنه يتحمل جريرة أي تقصير أو تهاون فيه، بل ربما كان كثير القيام بالواجبات والفرائض والنوافل سريعا إليها نشيطا في أدائها، أحسن من كثير من الرجال البالغين، غير أنه يوصف مع ذلك بأنه ناقص دين، نظرا إلى أنه لم يكلف بعد بشيء من مبادئه وأحكامه، فهو يوصف بنقصان الدين في المعنى الأول.

والإنسان المتهاون بأوامر الله وأحكامه، المستهتر بحدوده، يوصف أيضا بنقصان الدين. ولكنه هنا يعني التقصير في الالتزام بمبادئ الدين بعزم منه واختيار، فهو يتحمل جريرة تقصيره والمسئولية المترتبة على نقصان دينه، فهو يوصف بنقصان الدين بالمعنى الثاني.

إذا تبين هذا فإن الوصف الذي وصف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة من النقصان في الدين، إنما يصدق بالمعنى الأول - قلة التكاليف - فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يعني أن المرأة خفف الله عنها بعض التكاليف الدينية، وأسقطها عنها، فهي لا تكلف بالصلاة أثناء المحيض كما لا تكلف بها أثناء النفاس، ولا تكلف بقضاء شيء منها بعد ذلك، كما أسقط عنها تلاوة القرآن ذاتها، ولكن دون أن ينقص شيء من أجرها بسبب ذلك؛ إذ إن الأمر ليس عائدا إلى تقصير منها ولكنه عائد إلى تخفيف من الله عنها، والمرأة توصف في هذه الحال بأنها ناقصة دين، أي ناقصة التكاليف الدينية، ومعاذ الله أن يكون المعنى أنها مقصرة في دينها؛ إذ ليس لها أي اختيار في أمر فرضه الله عليها.

ومن أوضح الأدلة على ذلك:

أن البيان الإلهي قرر في أكثر من موضع من كتاب الله - عز وجل - أن أجر الرجل والمرأة الملتزمين بدين الله سواء، لا يعلو الرجل على المرأة ولا العكس؛ ومن ذلك قوله عز وجل: )ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا (124)( (النساء).

فإن قلت: كلام الله مشروط بالعمل الصالح، والمرأة ممنوعة في المحيض والنفاس من أهم الأعمال الصالحة وهي الصلاة، فلم يتحقق الشرط الذي أنيط به الأجر لكل من الرجل والمرأة.

فالجواب: أن الاستجابة لأوامر الله سعيا لمرضاته، هي مصدر الأجر والثواب، والاستجابة كما تكون بالأفعال الإيجابية، تكون أيضا بالالتزامات السلبية، والله - عز وجل - يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه.

فالمرأة التي كلفها الله - عز وجل - بعدم القيام إلى الصلاة مدة الحيض، لا شك أنها تثاب على النهوض بهذا التكليف، ما دام قصدها الاستجابة لأمر الله - عز وجل - فإحجامها عن الصلاة في هذه المدة كقيام الآخرين إلى الصلاة في المدة ذاتها، كلاهما مصدر مثوبة وأجر ما دام كل منهما مندفعا إلى اتخاذ الموقف الذي كلف به، تحقيقا لأمر الله.

وكم من امرأة تجد نفسها متشوقة إلى أن تحضر صلاة التراويح في رمضان، وتعاني في نفسها ظمأ شديدا إلى ذلك، ولكنها تحجم عن هذا الذي هي متلهفة إليه تجنبا لسخط الله وانقيادا لأمره واحتسابا لوجهه، ولها على ذلك من الأجر ما لايعلمه إلا الله عز وجل. وإلا فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» [11]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».[12] إذن فقد وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة بواقع، لا تبعة عليها فيه وليس فيه أية منقصة لها أو مسؤولية عليها [13].

وهل يعقل عاقل وهل يجوز في أي منطق أن يعهد الإسلام وتعهد الفطرة الإلهية بأهم الصناعات الإنسانية والاجتماعية - صناعة الإنسان ورعاية الأسرة، وصناعة مستقبل الأمة - إلى ناقصات العقل والدين، بهذا المعنى السلبي الذي لم يقصده الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي حرر المرأة تحريره للرجل، عندما بعثه الله بالحياة والإحياء لمطلق الإنسان، كما قال رب العزة: )يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون (24)( (الأنفال)، فوضع بهذا الإحياء عن الناس - كل الناس - ما كانوا قد حملوا من الآصار والأغلال.

إنها تفسيرات مغلوطة حاول بها أسرى العادات والتقاليد إضفاء الشريعة الدينية على هذه العادات والتقاليد التي لا علاقة لها بالإسلام، والتي يبرأ منها هذا الحديث النبوي الشريف.

وإذا كان لنا أن نزكي المنطق الإسلامي الذي صوبنا به معنى الحديث النبوي الشريف، وخاصة بالنسبة للذين لا يطمئنون إلى المنطق إلا إذا زكته ودعمته النصوص، فإننا نذكر بكلمات ابن القيم حيث يقول: "إن المرأة العدل كالرجل في الصدق والأمانة والديانة"، وبكلمات الإمام محمد عبده التي تقول: "إن حقوق الرجل والمرأة متبادلة، وإنهما أكفاء... وهما متماثلان في الحقوق والأعمال، كما أنهما متماثلان في الذات والإحساس والشعور والعقل، أي أن كلا منهما بشر تام له عقل يتفكر في مصالحه، وقلب يحب ما يلائمه ويسر به، ويكره ما لايلائمه وينفر منه[14].

وقد أسهب في إيضاح الفهم الصحيح لهذا الحديث، واستشفاف دلالاته الصائبة وتبيان المقاصد النبوية فيه، الأستاذ عبد الحليم أبو شقة، ومما جاء في كلامه: "سنعرض لهذا الحديث من ثلاث زوايا:

الأولى: الدلالة العامة لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن» [15].

إن النص يحتاج إلى دراسة وتأمل، سواء من ناحية المناسبة التي قيل فيها، أو من ناحية من وجه إليهن الخطاب، أو من حيث الصياغة التي صيغ بها الخطاب... وذلك حتى نتبين دلالته على معالم شخصية المرأة؛ فمن ناحية المناسبة، فقد قيل النص خلال عظة للنساء في يوم عيد، فهل نتوقع من الرسول الكريم صاحب الخلق العظيم أن يغض من شأن النساء أو يحط من كرامتهن أو ينتقص من شخصيتهن في هذه المناسبة البهيجة؟!! ومن ناحية من وجه إليه الخطاب فقد كن جماعة من نساء المدينة، وأغلبهن من الأنصار اللاتي قال فيهن عمر بن الخطاب: "فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار"؛ وهذا يوضح لماذا قال الرسول الكريم: "ما رأيت أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن".

أما من حيث صياغة النص فليست صيغة تقرير - قاعدة عامة أو حكم عام -، وإنما هي أقرب إلى التعبير عن تعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التناقض القائم في ظاهرة تغلب النساء - وفيهن ضعف - على الرجال ذوي الحزم، أي التعجب من حكمة الله! كيف وضع القوة حيث مظنة الضعف وأخرج الضعف من مظنة القوة؟! لذلك نتساءل هل تحمل الصياغة معنى من معاني الملاطفة العامة للنساء خلال العظة النبوية؟ وهل تحمل تمهيدا لطيفا لفقرة من فقرات العظة، وكأنها تقول: أيتها النساء، إذا كان الله قد منحكن القدرة على الذهاب بلب الرجل الحازم برغم ضعفكن، فاتقين الله ولا تستعملنها إلا في الخير والمعروف.

وهكذا كانت كلمة "ناقصات عقل ودين" إنما جاءت مرة واحدة، وفي مجال إثارة الانتباه والتمهيد اللطيف لعظة خاصة بالنساء، ولم تجئ قط مستقلة في صيغة تقريرية سواء أمام النساء أو أمام الرجال.

الثانية: هي الدلالة الخاصة لقوله صلى الله عليه وسلم: "ناقصات عقل".

هناك عدة احتمالات للنقص العقلي مثل:

o   نقصفطريعام،أيفي متوسط الذكاء.

o   نقصفطرينوعي،أيفيبعضالقدراتالعقليةالخاصة،مثل: الاستدلالالحسابيوالتخيلوالإدراك.

o نقصعرضينوعيقصيرالأجل،وهذايطرأعلىالفطرةمؤقتانتيجةظرفعارض،مثل: دورةالحيضأوفترةالنفاسأوبعضفتراتالحمل.

o نقصعرضينوعيطويلالأجل، وهذا يطرأ على الفطرة نتيجة ظروف معيشية خاصة؛ كالانشغال بالحمل والولادة والرضاعة والحضانة، هذا مع الانحصار بين جدران البيت، لا تكاد تغادره، والانقطاع تماما عن العالم الخارجي مما يؤدي إلى ضمور الوعي بمجالات الحياة وضعف الإدراك لقضايا المال وغيرها.

إن المثال الذي ضربه الرسول الكريم للنساء على نقص العقل يساعد على ترجيح النقص النوعي سواء أكان فطريا أم عرضيا، وأيا كان مجال النقص فهو لا يخدش قواها العقلية وقدرتها على تحمل جميع مسئولياتها الأساسية المنوطة بها وحدها دون زوجها، ومن هذه المسئوليات ما تختص به وهو حضانة الأطفال، وهذه ما كان الله ليسندها إلا لإنسان سوي، وما كان لنا نحن الرجال أن نأمن على أبنائنا وبناتنا في كنف إنسان عاجز مختل العقل والدين!!

على أنه ينبغي التنبه هنا إلى أمور ثلاثة وهي:

1.أن النقص النوعي في إحدى القدرات الخاصة قد يقابله زيادة في قدرة أو قدرات أخرى.

2.أن النقص هنا يتعلق بالنساء على العموم، وهذا لا يمنع وجود بعض نساء قد وهبهن الله قدرات عالية بل خارقة أحيانا في نفس المجالات التي ينقص فيها مستوى عامة النساء، كما لا يمنع أن يكون أولئك النسوة أفضل من كثير من الرجال. يقول ابن تيمية: فضل الجنس لا يستلزم فضل الشخص فرب حبشي أفضل عند الله من جمهور قريش، ويقول في موضع آخر: فهذا الأصل يوجب أن يكون جنس الحاضرة أفضل من جنس البادية، وإن كان بعض أعيان البادية أفضل من أكثر الحاضرة.

3.إذا كان النقص النوعي الفطري أو العرضي نتيجة بعض وظائف الأعضاء مما كتبه الله على بنات آدم - وهو أمر صالح يعين على تحقيق كل من الرجل والمرأة دوره في الحياة - فإن الحياة الرتيبة المنعزلة وراء جدران البيت هو أمر خطر على حياة المرأة وحياة الأسرة وحياة المجتمع كله، إنه خطر يكاد يذهب بعقل المرأة كله، وتكاد تصبح معه كالسائمة[16] لا تملك من أمرها شيئا ولا تدري مما يجري حولها شيئا؛ فيضعف تبعا لذلك دورها في تربية أبنائها، وينعدم - تبعا لذلك أيضا - دورها في إنهاض مجتمعها بنشاط اجتماعي أو سياسي...

الثالثة: هي الدلالة الخاصة لقوله صلى الله عليه وسلم: "ناقصات دين".

إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن نقص الدين، ذكر أمرا محددا وهو نقص الصلاة والصيام في أيام الحيض والنفاس، فهو من ناحية نقص جزئي محصور في العبادة، بل في بعض الشعائر فحسب؛ حيث تقوم الحائض والنفساء بأداء مناسك الحج جميعا عدا الطواف بالبيت، كما أنها لا تهجر ذكر الله، والدين القيم إيمان، وتقوى تتبع الإيمان، ثم عبادات، ثم أخلاق ومعاملات، وهو من ناحية ثانية نقص مؤقت أي ليس دائما في حياة المرأة كلها، وإنما يقع في فترات قصيرة، ثم إن الحيض ينقطع مع الحمل وهو تسعة أشهر متصلة وينعدم مع سن اليأس، ومن ناحية ثالثة، فإن النقص ليس من كسب المرأة واختيارها، والمرأة المؤمنة قد تشعر بالأسى لحرمانها من الصلاة والصيام، ولكنها ترضى وتصبر على أمر قد كتبه الله عليها فيثيبها الله على هذا الرضا وذاك الصبر...

وعلى ذلك نرى أنفسنا ملزمين بالوقوف عند حدود تفسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنقص لا نتعداه، أما إذا تجاوزنا هذه الحدود فسنخبط في متاهة الاحتمالات والأوهام.

وما الأحاديث الموضوعة والضعيفة، التي تنم عن الارتياب، في عقل المرأة ودينها - ويكثر تداولها على الألسنة - إلا أثرا من آثار شطحات الوهم، وأصل هذا الوهم من بقايا جاهليات قديمة كان ينبغي أن يبرأ منها المسلمون، لكنه تثبت - مع الأسف - نتيجة تجاوز حدود تفسير الرسول - صلى الله عليه وسلم - لنقص العقل والدين؛ وأدى ذلك إلى طغيان كثير من التصورات الباطلة عن شخصية المرأة.

ومن هذه الأحاديث الموضوعة:

  • «لاتنزلوهنالغرق،ولاتعلموهنالكتابة» [17].
  • «طاعة المرأة ندامة»[18].
  • «لولاالنساءلعبداللهحقاحقا»[19].
  • «شاوروهنوخالفوهن»[20].

ومن الأحاديث والآثار الضعيفة:

  • «هلكتالرجالحينأطاعتالنساء»[21].
  • «أعدىعدوكزوجتك»[22].
  • «خالفواالنساء؛فإنفيخلافهنبركة» [23] [24].

أما د. عمارة فيلفت النظر - في أثناء مناقشته لمدلولات هذا الحديث - إلى أبعاد أخرى، فيقول: "هكذا تضافرت الحجج المنطقية مع نصوص الاجتهاد الإسلامي على إزالة شبهة الانتقاص من أهلية المرأة، بدعوى أن النساء ناقصات عقل ودين.

وهكذا وضحت المعاني والمقاصد الحقة لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي اتخذت فيه التفسيرات المغلوطة غطاء شرعيا للعادات والتقاليد الراكدة، تلك التي حملها البعض على الإسلام، زورا وبهتانا، والتي حسبها غلاة العلمانيين دينا إلهيا، فدعوا - لذلك - إلى تحرير المرأة من هذا الإسلام! ولقد صدق الله حين قال )سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53)( (فصلت).

إننا نلح منذ سنوات طوال - وقبلنا ومعنا الكثيرون من علماء الإسلام ومفكريه - على أن هذا الدين الحنيف إنما يمثل ثورة كبرى لتحرير المرأة، لكن الخلاف بيننا وبين الغرب والمتغربين هو حول نموذج هذا التحرير؛ فهم يريدون المرأة ندا مساويا للرجل، ونحن - مع الإسلام - نريد لها مساواة الشقين المتكاملين، لا الندين المتماثلين؛ وذلك لتتحرر المرأة، مع بقائها أنثى، ومع بقاء الرجل رجلا، كي يثمر هذا التمايز الفطري بقاء وتجدد القبول والرغبة والجاذبية والسعادة بينهما.

ونلح على أن هذا التشابه والتمايز بين النساء والرجال، هو الذي أشار إليه القرآن الكريم عندما قرن المساواة بالتمايز، فقد قالت آياته المحكمات: )ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم (228)( (البقرة)، )وليس الذكر كالأنثى( (آل عمران: 36).

نلح على ذلك المنهاج في التحرير الإسلامي للمرأة، ولقد شاءت إرادة الله - عز وجل - أن يشهد شاهد من أهلها على صدق هذا المنهاج الإسلامي، فتنشر صحيفة الأهرام تقريرا علميا عن نتائج دراسة علمية استغرقت أبحاثها عشرين عاما، وقام بها فريق من علماء النفس في الولايات المتحدة الأمريكية.

وكان من نتائج هذه الدراسات الوصول إلى نتيجة مهمة، ألا وهي أن كل إنسان يجب ألا يعيش مع إنسان متماثل معه في الصفات وكل شيء، أي صورة طبق الأصل من صفاته الشخصية، ومن هنا جاءت الصفات المميزة للرجولة متمثلة في قوة العضلات وخشونتها والشهامة، والقوة في الحق والشجاعة في موضع الشجاعة والنخوة والاهتمام بمساندة المرأة وحمايتها والدفاع عنها وجلب السعادة لها. كما تتضمن صفات الحب والعطاء والحنان والكرم والصدق في المشاعر وفي القول وحسن التصرف... إلخ.

أما عن صفات الأنوثة فهي تتميز بالدفء والنعومة، والحساسية والحنان، والتضحية والعطاء وحب الخير، والتضامن في خدمة أولادها، والحكمة والحرص على تماسك الأسر وترابطها، وحب المديح والذكاء وحسن التصرف، وغير ذلك من الصفات.

ولذلك فمن المهم أن يكون لدى كل من الرجل والمرأة دراية كافية بطبيعة الرجل وطبيعة المرأة، وبذلك يسهل على كل منهما التعامل مع الطرف الآخر في ضوء خصائص كل منهما؛ فعندما يعرف الرجل أن المرأة مخلوق مشحون بالمشاعر والأحاسيس والعواطف، فإنه يستطيع أن يتعامل معها على هذا الأساس، وبالمثل إذا عرفت المرأة طبيعة الرجل، فإن هذا سيساعدها أيضا على التعامل معه.

تلك هي شهادة الدراسة العلمية، التي قام بها فريق من علماء النفس في الولايات المتحدة الأمريكية - والتي استغرق البحث فيها عشرين عاما - والتي تصدق على صدق المنهاج القرآني في علاقة النساء بالرجال: الاشتراك والتماثل في العديد من الصفات، والتمايز في العديد من الصفات، لتكون بينهما المساواة والتمايز في ذات الوقت. وصدق الله العظيم إذ يقول: )سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53)( (فصلت)[25].

ونختم هذه المناقشة حول هذا الحديث بهذه الكلمة: "لا بد أن يعلم أنه لا يجوز أن يطلق هذا اللفظ على إطلاقه، أعني قول بعضهم: المرأة ناقصة عقل ودين هكذا على إطلاقه؛ إذ إن هذا القول مرتبط بخلفية المتكلم الذي ينتقص المرأة بهذا القول ويتعالى عليها بمقالته تلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما النساء شقائق الرجال...». [26] كما أنه لا يجوز لإنسان أن يقرأ: )لا تقربوا الصلاة( ويسكت، أو يقرأ: )فويل للمصلين (4)( ويسكت! فلا يجوز أن يطلق هذا القول على عواهنه؛ إذ قد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - سبب قوله، فلا يعدل عن بيانه - صلى الله عليه وسلم - إلى فهم غيره [27].

لعله بهذا قد وضحت المدلولات الصحيحة الحقيقية لهذا الحديث النبوي الشريف، إذ إن قائله لا ينطق عن الهوى وهو صاحب الخلق العظيم، فلا يتوقع أن تصدر عنه تلك المقاصد السقيمة التي تبادرت إلى أذهان كثيرين وشاعت بين الناس، إما عمدا وإما جهلا.

خامسا. توجيهات الإسلام للرجل بحسن معاملة زوجته من شأنها أن تجعل منهما متنافسين في إسعاد بعضهما البعض من فرط الإيثار:

كان على الذين وقفوا على حديث: «لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها..». [28] الذي خاطب به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزوجة مذكرا إياها بحقوق الزوج، أن يتوقفوا ويبحثوا عن الأحاديث الكثيرة الأخرى التي خاطب بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزوج مذكرا إياه بحقوق الزوجة، ثم أن يقارنوا بين التذكيرين، ويتساءلوا بعد ذلك: أي الزوجين يتحمل العبء الأثقل من الحقوق لصالح الزوج الآخر؟ وسيحار المقارنون عندئذ، بين تذكيرين بحقين، كل منهما أبلغ من الثاني، وستتحول الشبهة أو الإشكال حينئذ إلى شئ آخر، سيصبح الإشكال هو الآتي:

لماذا يهمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أذن الزوجة بهذه التذكرة البالغة بعظيم حق الزوج عليها، ثم ما لبث أن يهمس في أذن الزوج بتذكرة مماثلة يضعه منها أمام عبء قدسي كبير من حق الزوجة عليه؟!

فيم هذان الإغراءان المتقابلان، بل ربما المتصادمان؟!

وكأننا بأحد هؤلاء الأشداء في الاعتراض والنقد يسأل مستنكرا أو متعجبا:

وهل أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل بزوجته كما أوصى المرأة بزوجها؟ وهل ذهب في التشديد على حقوق الزوجة، كما ذهب في التشديد على حقوق الزوج؟

نقول: نعم، إليك هذه الوصايا والأوامر التي وجهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرجل تذكيرا، بل تشديدا على حقوق الزوجة وأهمية رعايتها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما النساء شقائق الرجال». [29] وقال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي». [30] وقال صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم لنسائهم». [31] وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه» [32].

فانظر إلى الأثر التربوي الذي تحدثه وصايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمرأة في رعاية زوجها والاهتمام بحقوقه، مع وصاياه للرجل بشأن رعاية زوجته والاهتمام بحقوقها، عندما يقدر كل منهما هذه الوصايا ويعلم أنها صادرة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تألو الزوجة في أن تتحبب إلى زوجها بكل ما تملك من أفانين الخدمة والرعاية ووسائل الإبهاج والإسعاد... ولا يألو الزوج جهدا في أن يتحبب هوالآخر إلى زوجته بكل ما يملك من سبل الإيناس ومد يد العون إليها في مختلف مهام المنزل وشئونه، ومعاملتها بأقصى ما يستطيع من لطف.

وإنما يندفع كل منهما إلى هذا السبيل تنفيذا لتعاليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتصور زوجين يتسابقان كل منهما إلى قلب الآخر، على هذا كيف تكون العلاقة بينهما؟ وأين يكون مكان الحب من حياتهما؟

إن هذين الزوجين، قد يبدأ الحب في حياتهما صغيرا، ولكنه ما يلبث أن يكبر، ولسوف يستمر في النمو والازدهار، تماما كالشجرة التي تلقى الرعاية والقيام على الدوام... وشهر العسل في حياة مثل هذين الزوجين هو العمر كله.

على العكس من الحياة الزوجية التي تبدأ شاردة عن وصايا رسول الله هذه لكل من الزوجين، بعيدة عن الالتزام بتعاليم الإسلام ونهجه، فإن الحب قد يبدأ بين الزوجين كبيرا، وذلك في غمار تلاقيهما وتعايشهما المبدئي من وراء سور الزواج، ولكنه ما يلبث أن يصغر ثم يصغر، حتى تخمد حرارته وتعود العلاقة بينهما إلى حياة تقليدية رتيبة، هذا إن خلت من الخصام والمنغصات.

وانظر إلى فوارق ما بين العلاقة الزوجية في واقع الحياة الغربية وفي واقع البيت الإسلامي الملتزم؛ ففي الغرب تقوم على الفهم الجنسي لدى الزوج وعلى استغلال الزوجة لهذا الفهم في فرض الحماية والرعاية عليه لنفسها على حد تعبيرفيلار، بمعنى أن كلا من الزوجين يستغل الآخر لمصلحة ذاته.

والنتيجة التي لا بد منها هي انحلال عقدة الزواج وتحول المجاملات الغرامية إلى خصام وأحقاد بمجرد أن يعجز الواحد منهما عن مواصلة الخداع ليستمر في الاستغلال، تماما كما تصف الكاتبة الألمانية إسترفيلار في كتابها المعمق والطريف "حق الرجل في التزوج بأكثر من واحدة".

أما في الإسلام فتقوم على التضحية بالذات لمصلحة الطرف الآخر، سعيا لمرضاة الله - عز وجل - والنتيجة التي لا بد منها، أن ينقدح زناد المحبة بينهما من جراء هذا التسابق الفريد من نوعه، وأن تتحقق من ذلك ضمانة كافية لرسوخ الحياة الزوجية واستمرار التعايش بين الزوجين في حب ووئام[33].

ونذكر هنا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنتبين من خلاله ما المقصود بالسجود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» [34].

ليس كل سجود مقصود به العبادة، بل السجود معناه: الخضوع والاستسلام والتوقير والعرفان بالجميل والبر. وهذا نفهمه من أمر الله - عز وجل - للملائكة بالسجود لآدم: )وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين (34)( (البقرة)، فهذا الأمر فيه خضوع واستسلام لأمر الله عز وجل. وعلى هذا النحو جاء سجود إخوة يوسف - عليه السلام - وأبويه له.

وهذا ما نراه اليوم في الابن البار عندما يقبل يد أبيه وأمه، ونراه في نزول الراكب من على دابته احتراما لشيخه أو تبجيلا لكبير العائلة، كما نراه اليوم في مجالس العلم، عندما يدخل أحد العلماء؛ فيقف له باقي المتعلمين احتراما وتبجيلا للعمل الذي يقوم به ويقدمه للناس.

والمعنى من ناحية التركيب اللغوي: يدل على امتناع وقوعه لاستخدامه كلمة "لو"، ومعناه امتناع أحد أن يسجد لبشر، لكن يظل التعبير عن عظم حق الزوج على امرأته.

وأما واقعه فلم يحفظ تاريخ المسلمين سجود امرأة لزوجها، بل حفظ عنها تمام كرامتها كما حفظ احتفاظها برأيها، ومالها وشخصيتها.

وهكذا فإن الحقيقة لا تغيب إلا عن بال من حبس أذنيه أو عينيه عن مجموع وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث واحد منها وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها...».

سادسا. التصور الهابط لمعنى الحب يبتذل معنى الفضيلة في كلامه صلى الله عليه وسلم:

إن الذين أشبعوا بالتصور الهابط لمعنى الحب، والذين اتخذوا من المشاعر والعلاقات الغربية المقياس الأوحد له، لا بد أن يلونوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:«حبب إلي من الدنيا النساء والطيب». [35] بألوان؛ وأن ينعتوه بالصفات التي استقرت في نفوسهم.

وبالمقابل فإن في المثقفين السطحيين من يغض الطرف عن مثل هذا الحديث ويتجاوزه أو يتجاهله في المناسبات؛ كي لا يحرج نفسه في أمر، يخيل إليه - من ضيق درايته - أنه لن يهتدي إلى سبيل للخروج منه، ولعل هذا التجاهل الذي جاء نتيجة الثقافة السطحية ينطوي على شيء من ذلك التصور الهابط عند أصحابه.

غير أن الحقيقة التي لا تخفى على أي متدبر درس سيرة رسول الله من مبدأها إلى نهايتها، هي أن هذا الذي قاله رسول الله عن نفسه يضعنا أمام فضيلة جديدة من فضائله التي كان معروفا بها، ويلفت نظرنا إلى مظهر لسمو إنسانيته وصفاء فطرته.

ونص الحديث ما جاء من حديث أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "حبب إلي من الدنيا النساء والطيب ".

لقد كان العرب عند بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - يعتدون بمعاني المروءة والشهامة والنخوة... ولكنهم كانوا يمارسون هذه المعاني من وجهها المفسد لا المصلح، وكان للشرف عندهم قيمة كبرى، ولكنهم لم يكونوا يفهمون المحافظة على الشرف - في الغالب - إلا من خلال وجهه المفسد.

وكانوا يحلفون بمشاعر الحب للمرأة، ويترجمون الكثير من هذه المشاعر في أشعارهم الغزلية، ومن خلال علاقاتهم الجنسية. غير أنهم كانوا يمارسون هذا الحب من وجهه الثاني المفسد، كانوا يمارسونه من وجهه الأناني اللاأخلاقي.

كان حب الرجل العربي للمرأة في العصر الجاهلي، ترجمان حاجته الغريزية إليها؛ حتى إذا تحققت رغبته فيها وأشبعت نفسه منها تحولت إلى متاع مطروح في زاوية الدار، تملك ولا تملك وتؤمر دون أن تأمر... فإذا اهتاجت الغريزة بالرجل ثانية من خلال لغة توقه ووجده، عاد إليها حتى إذا وصل إلى ما أراد عاد فطرح المتاع في مكانه، وأعرض عنه كسابق عهده. فهي حقا - أي المرأة - كما قالوا عنها: إنما أنت لعبة في زواية الدار يتمتع بك المحتاج.

فبعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كانت لتصحيح الأوضاع، ولتقويم هذه السلوكيات، ولإبراز الوجه الإنساني الصحيح لهذه العلاقات المقلوبة والمفاهيم المنكسة.

ولعل مفهوم علاقة الرجل بالمرأة، وأساس ذلك من الحب الساري بينهما، من أخطر الأوضاع وأحوجها إلى الرعاية والتقويم، إن مهمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تصحيح هذه الأوضاع وإبراز الشكل الاجتماعي والإنساني الصحيح لها، لم تكن عن طريق الوصايا والتعليمات النظرية فحسب، بل كانت أيضا - وهذا هو الأهم - عن طريق الأسوة والقدوة السلوكية العملية. وتلك هي الحكمة من أن الله - عز وجل - صاغ من النبي - صلى الله عليه وسلم - القدوة المثلى في الأخلاق الإنسانية الراشدة، والعلاقات الاجتماعية السليمة، ورعاية الغرائز الإنسانية على وجهها القويم.

إذن فقد كان لا بد - ليتأتى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضيح مفهوم حب الرجل للمرأة وإعادته إلى وجهه الإنساني السليم - أن يرى العرب والناس جميعا من نفسه وسيلة إيضاح عملية، ومظهر قدوة سلوكية، تماما كما أرانا من خلال أخلاقه الإنسانية العامة وعلاقاته مع الآخرين، الوجه الصحيح بل الأمثل للنهج الذي ينبغي أن يسير عليه فقه الحياة الاجتماعية في كل عصر.

فمن هنا أبرزت لنا حياته - صلى الله عليه وسلم - الصورة الإنسانية والاجتماعية المثلى لعلاقة ما بين الرجل والمرأة عموما، وحب الرجل للمرأة خصوصا، كما برزت في حياته ذاتها المثل العليا للأخلاق والعلاقات الاجتماعية الأخرى.

أجل... لقد لفت نظرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حبه للمرأة من خلال قوله "حبب إلى من الدنيا النساء والطيب" فوجدنا أنه يضعنا من حبه هذا أمام أسمى صورة إنسانية للعلاقة ما بين الرجل والمرأة، ووجدناه يترجم هذا الحب إلى المكانة الاجتماعية الباسقة التي رفع المرأة إليها.

فأهليتها عدت في ظل الإسلام كاملة؛ تستشار كالرجل فتشير، وتطاع في كل رأي سليم، وتتعاقد مع الرجال وتقاضيهم إلى ميزان العدالة، وترث وتورث، وتستحق من الأجر على الذي تتقنه كالذي يستحقه الرجل سواء بسواء.

وهكذا، فقد كان حبه المعلن للمرأة وسيلة إيضاح عملية لما يجب أن تكون عليه علاقة الرجل بها في ظل الفطرة والغريزة الإنسانية.

ثم تأمل في التفسير العملي لحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمرأة، من خلال علاقاته بنسائه، فهل ترى في هذا الحب ما قد يشين أو ما قد يهبط بمكانته الأخلاقية، إلى أي نهج أو سلوك يزري بأي من المبادئ الإنسانية أو القيم الأخلاقية أو الأحكام الإسلامية؟

لو كان حبه - صلى الله عليه وسلم - القصد منه المتعة والأهواء، لظهر ذلك في نوع المعيشة التي عرف بها في بيت النبوة مع نسائه، ولما رأينا حياته معهن قائمة على الشظف[36] والزهد، ولما خيرهن - عندما رغبن في المزيد من متعة العيش - بين الطلاق مع ما يطلبنه من التمتع وإيثار الدار الدنيا، وبين البقاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شظف العيش... بل كان ينبغي حينئذ أن ترى رسول الله أسبق إلى الرغبة في تمتيع نسائه بزينة الدنيا ورغدها، من رغبتهن في ذلك.

لو نطق الإسلام بحديث يعرف من خلاله الناس على ذاته في أبرز خصائصه، لقال: إن نسيجه التكويني يتألف من الحب، ولو نطق هذا الحب معرفا الناس على هويته الفطرية الخالية من الشوائب لقال: إن هويته المثلى تتجلى في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم[37].

سابعا. أكثرية أهل النار من النساء اللائي اتصفن بصفات ذميمة:

لا شك في عدل المولى - عز وجل - وإنصافه، ومن ثم فليس من المتوقع أن يعاقب إنسانا لسبب آخر غير ما جنت يداه، ومجيء المرأة على صورة الأنثى خلقيا، أمر لا دخل لها فيه ولا يد؛ فقد خلقها بارئها على هذه الصورة، ولو شاء لجاءت ذكرا، فليس من المنطقي أن تعاقب على مجرد كونها أنثى، فتكون غلبة جنس النساء على أهل النار لمجرد كونهن نساء وليس رجالا، فعدل الله - عز وجل - يقتضي أن يحاسبن ويعاقبن بما جنت أيديهن، لا بما طبعت عليه صورهن وأشكالهن.

وفي معنى الحديث الذي يفيد "أن أكثر أهل النار من النساء" يقول الأستاذ أبو شقة: ولنا وقفات أمام هذا الحديث:

الأولى: ما هي دلالة الحديث؟ هل النساء أكثر أهل النار، لأن الشر غالب على فطرتهن؟

 لوكانالأمركذلكلكنغيرمسئولاتعندالزيادةفيفعلالشر،ولكنالحديثيقررأنهنمسئولاتويعاقبنبماكسبتأيديهنمنكفرالعشيروكفرالإحسان،فقدوقعفيحديثعبدالرحمنبنشبلمايدلعلىأنالمرئيفيالنارمنالنساءمناتصفبصفاتذميمةذكرت،ولفظه: «إنالفساق هم أهل النار، قيل: يا رسول الله، ومن الفساق؟ قال: "النساء"، قال رجل: يا رسول الله، أولسن أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا؟ قال: بلى، ولكنهم إذا أعطين لم يشكرن، وإذا ابتلين لم يصبرن» [38].

وهذا يذكر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء»[39]. فماذا قلل الأغنياء؟ إنه بما كسبت أيديهم من أخذ مال حرام أو إنفاقه في حرام أو بخل به وحبسه عن وجوه الخير.

الثانية: لمعرفة ماذا نفيد نحن المسلمين رجالا ونساء من هذا الحديث.

نحسب أن أكبر فائدة هي العمل على أن يتقي الجميع النار، وما ذكرت النار ولا ذكرت أهوالها إلا لنتقيها، وكيف يتقي النساء النار؟ يتقينها باجتناب كفر العشير، وكيف يتقين كفر العشير؟ بالتربية والتوجيه بدءا مما يزكي تقوى الله وطاعته في قلوبهن، ثم بتذكر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما يوسوس لهن الشيطان، وإذا غلبهن ووقعن في المعصية فعليهن بالاستغفار وعليهن بالصدقة كما علمهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن أبي سعيد الخدري قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى - أو فطر - إلى المصلى فمر على نساء فقال: "يا معشر النساء، تصدقن؛ فإني أريتكن أكثر أهل النار". فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفـرن العشير»[40].

وقال الحافظ ابن حجر: "وفي هذا الحديث الإغلاظ في النصح بما يكون سببا لإزالة الصفة التي تعاب، وفيه أن الصدقة تدفع العذاب، وأنها قد تكفر الذنوب التي بين المخلوقين" [41].

فالواضح وما يتفق مع منطق العدالة والإنصاف، أن المعيار ليس الذكورة والأنوثة، وإنما الإحسان والإساءة والعوج والاستقامة والبر والفجور.

ثامنا. ليس العوج هنا ضد الاستقامة، وإنما هو قرين شدة الانفعال وسرعةالتقلب:

الواقـع المشاهد على مـر العصور يشهد أن من بين جنس النساء كثيرات مؤمنات مستقيمات بين أمهات فاضلات، وعالمات جليلات، ومجاهدات صادقات، ولو كان العوج - بمعنى: نقيض الاستقامة - جبلة فطرية مركبة في بنات حواء لما أصابت الفضل والصلاح واحدة منهن؛ فلا بد أن ينصرف هنا إلى بعض ما يمازج نفسية المرأة أحيانا من شدة الانفعال بالمؤثرات التي تتعرض لها وسرعة التقلب بين الآراء المتباينة في الظروف الحالة بها.

وهذا ما أول به العلماء ووجهوا به معنى هذا الحديث الشريف، يقول د. محمد بلتاجي - على سبيل المثال -: "وقد لغط بعض من لم يفهم الحديث ولا سياقه بأن فيه تحقيرا للمرأة وازادراء لها، وهذا غير صحيح إطلاقا لما يلي:

روايات الحديث كلها جاءت في سياق الإعلاء من قيمة المرأة واعتبارها؛ حيث إن خير متاع الدنيا المرأة الصالحة، وليس فوق هذا من اعتبار، حيث جعلت المرأة أعظم ما يكنزه الإنسان في دنياه من كنوزها حين تكون المرأة صالحة، وفي أحاديث أبي هريرة يرد الأمر بالوصية بها في بداية الحديث وفي نهايته، كذلك يرد في حديث البخاري بعد الوصية بالجار الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: «ما زال يوصيني جبريل بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه». [42] فسياقه - في عمومه - سياق طيب يعطي معنى الحض على زيادة الاهتمام بها، والإعلاء من قيمتها، وتأكيد الوصية بها.

أما عبارة أن "المرأة خلقت من ضلع..." فهي - فيما يبدو - إشارة إلى قوله عز وجل: )يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء( (النساء: 1)، أما )نفس واحدة( فيعنى: آدم - عليه السلام - وأما )وخلق منها زوجها( فيعنى: حواء التي خلقها الله من ضلع آدم.

أما قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإنه لا ينتفع به في الجسد إلا على شكله المعوج؛ لأن اعوجاجه هذا الذي يشكل القفص الصدري الذي يحمي القلب وأعضاء الجسم الهامة.

وكأني بالصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى - صلى الله عليه وسلم - يقيم تناظرا واضحا بين شكل الضلع الذي خلقت منه حواء، وطبيعة المرأة المخلوقة من هذا الضلع، لينبه على خصوصية في هذه الطبيعة ينبغي ألا يغفل عنها المربون والآباء والرجال جميعا في تربيتهم للمرأة والتعامل معها بعامة.

وكأني بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يبين أن خلق الله - عز وجل - لآدم اختلف عن خلقه لحواء، وأن جنس الرجال ورثوا عن أبيهم آدم طبيعة خلقه، وأن جنس النساء ورثن عن أمهن حواء طبيعة خلقها، فعلينا أن نعي هذا الفارق الهام في الطبيعة، وأن نراعيه في تربية كل منهما والتعامل معه.

أما أن نتجاهل هذا الفارق ونتطلب في المرأة أن تكون مثل الرجل تماما، فهذا مثل الذي يكسر الضلع، يطلبه مستقيما لا اعوجاج به، وحينئذ لا ينتفع بالضلع في الجسد، وتطلق المرأة - إن كانت زوجة - وكسرها طلاقها، أو تنقطع العلاقة بينهما على العموم.

وإذا كان بعض المغرضين يتخذون هذا الحديث مجالا للطعن في الإسلام، ونبيه - صلى الله عليه وسلم - ووضع المرأة في شريعته، فعلى النقيض من ذلك أرى أن هذا الحديث من أعلام النبوة وعلامات صدقها وتكريمها الحق للمرأة ببيان ما يناسبها ويلائمها من تربية ومعاملة، ذلك أنني قد تأملت كثيرا أسباب الخلاف بين الرجل والمرأة بنتا، وزوجة، وأختا، وأما، فتبين هذا السبب الحقيقي الذي يختفي وراء ظاهرات وأسباب كثيرة معلنة، هو أن الرجل يتعامل - أو يريد أن يتعامل نفسيا - مع المرأة كأنها - من حيث التكوين النفسي - رجل مثله: )وليس الذكر كالأنثى( (آل عمران: 36) كما حكى الله عز وجل. وليست الأنثى كالذكر، لا فسيولوجيا، ولا بيولوجيا، ولا سيكلوجيا أيضا.

وإذا كان العلماء والأطباء الشرعيون ورجال التشريع يستطيعون - كما يؤكدون - أن يتعرفوا على أي جزء يوجد من جسد أو عظم أو شعر إنسان: هل هو من جسد رجل، أم من جسد امرأة، بل يصل الأمر في ذلك إلى الخلية الواحدة، فما الذي يوهم أحدا من الرجال - مع هذا القدر الهائل والأصيل من الاختلاف - أن التكوين النفسي سيتشابه بين الرجل والمرأة؟!

هذا - فيما يبدو لنا - هو ما يشير إليه الحديث الصحيح، وهو توجيه نبوي معصوم بألا يتطلب الرجل أن تكون المرأة - من حيث التكوين النفسي وطريقة تناول الأمور - مثل الرجل تماما بتمام.

فهل في ذلك كله هبوط بمنزلة المرأة؟ أم أنه من تكريمها الحقيقي أن تراعى طبيعة تكوينها النفسي وألا تجبر في التعامل على تغييره؟ أليس اختلاف التكوين بين الرجل والمرأة هو الذي جعل حق الأم مقدما على حق الأب في الحديث المشهور عن أبي هريرة؛ إذ«جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك". فقال: ثم من؟ قال: "ثم أمك". قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك". قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك» [43].

فهل فيما سبق كله مهانة للمرأة أو إهانة لها؟! بل إنه التوجيه النبوي بفهمها والملاءمة معها، والتنبيه إلى مفاتيح طبيعتها الخاصة، والوصية المكررة بعدم محاولة قسرها على ألا تكون امرأة، كما خلقها الله - عز وجل - ووصيته تلك هي في حد ذاتها مظهر بارز من مظاهر تكريمها ومراعاة خصوصيتها الخلقية المستوحية لخصوصية في التعامل معها [44].

تاسعا. الشؤم في الحديث يعني الشقاء والبؤس وليس الأمر على إطلاقه:

 أماعنقطعالصلاةبالمرأةوالحماروالكلب،فلهذاعللمختلفةوإنجمعهاسياقواحد؛فالمرأةللانشغالبها،والحمار والكلب للرهبة منهما، ولا يفهم منه تساوي هذه الأصناف الثلاثة في المنزلة.

أما عن الحديث الأول: «الشؤم في الدار والمرأة والفرس».[45] فإن كان المتشككون المغرضون يتخذونه مثارا للطعن في منزلة المرأة في الإسلام، وأنه يجعل المرأة مصدرا للشؤم وسببا وقرينة له، فإنه على العكس من ذلك، بل هو ضمن الأحاديث والنصوص التي تعلي مكانة المرأة في الإسلام، ولكن ربما التبس على بعضهم ظاهره؛ لقلة ثقافتهم بعموم النصوص في الشريعة الغراء - خاصة تجاه المرأة - وظروف إيرادها والمناسبات التي قيلت فيها، أو لقلة خبرتهم بالتراث اللغوي وقواعده التي تفسر بها نصوص القرآن والسنة - وهما عربيان - فوقفوا عند ظاهر اللفظ دون الفقه بمضمونه ومفهومه وما يوحي به من دلالات تحددها قرائن الأحوال وعموم النصوص وطرقها التي يفسر بعضها بعضا، فإننا إذا اطلعنا على الحديث من طرقه المتعددة التي ورد بها، فسوف يزول هذا اللبس عند القارئ المنصف اللبيب بمجرد قراءتها لأول وهلة، لذا فإننا نسوق الروايات المختلفة للحديث على النحو الآتي:

o ففيالصحيحعنابنعمر - رضياللهعنه - قال: «ذكرواالشؤمعندالنبي - صلىاللهعليهوسلم - فقال: إنكانالشؤمفيشيءففيالداروالمرأةوالفرس»[46].

o   وفيرواية: «إنماالشؤمفيثلاث: فيالفرسوالمرأةوالدار» [47].

o وجاءمنحديثسعدمرفوعا: «منسعادةابنآدمثلاثة،ومنشقوةابنآدمثلاثة؛منسعادةابنآدم: المرأةالصالحة،والمسكنالصالح،والمركبالصالح،ومنشقوةابنآدمثلاثة: المرأةالسوء، والمسكن السوء، والمركب السوء» [48].

o فيروايةأخرى: «ثلاثةمنالشقاء: المرأةتراهافتسوؤكوتحمللسانهاعليك،وإنغبتعنهالمتأمنهاعلىنفسهاومالك،والدابةتكونقطوفا،[49] فإنضربتهاأتعبتك،وإنتركتهالمتلحقكأصحابك،والدارتكونضيقةقليلةالمرافق» [50].

فهذه بعض طرق الحديث والتي توضح بما لا يدع مجالا للوهم - وكما فهم علماء الإسلام وهم أقدر الناس على فهم نصوص الدين - أن الشؤم هنا ليس مطلقا، إنما هو مخصص بحالات وأحوال؛ فالتشاؤم يكون من المرأة التي تحصل منها العداوة والفتنة، أما المرأة التي تبعث في النفس السعادة وتعين على الخير بطيب خلقها وحسن سلوكها كما في الحديث: «خير النساء التي تطيع إذا أمر، وتسر إذا نظر،، وتحفظه في نفسها وماله». [51] فهذه هي التي قيل عنها في الحديث السابق: «من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح...». فمن النساء من لا يحصل من وارئها إلا النكد والشقاء، والحياة معها تكون تعيسة بائسة وهي بهذا تكون مصدر الشؤم، ومنهن من تكون مصدر السعادة والسرور في حياة الإنسان فتخفف عنه آلامه، وتحمل معه همومه، وتعينه على مشاكل الحياة. فهل تستوي هذه بتلك؟!

أما ادعاء أن المراد من الحديث توكيد حصول التشاؤم مطلقا من المرأة والدار والدابة، فهو ادعاء مردود لغة وشرعا وعقلا، وتبطله طرق الحديث المتعددة كرواية أحمد وابن حبان والحاكم - السابق ذكرها - عن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة؛ من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح, ومن شقوة ابن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء» [52].

وبهذا يتضح المراد، وهو أن التشاؤم إن حدث من شيء فإنه يكون من المرأة السيئة الخلق، سليطة اللسان، الناشز عن طاعة زوجها، وكذلك الدابة القطوف المتعبة، والدار الضيقة قليلة المرافق، وإلا فالمرأة مكرمة ومصونة في الإسلام؛ أما وبنتا، وأختا، وزوجة، ولو كان هذا التشاؤم مطلقا لما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء، ولما اتخذ دارا للسكن، ولما ركب في سفره الدواب، بل إنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة». [53] فالمرأة - كالصلاة - إيمان وطهر، وهي - كالطيب - إنعاش وسكون نفسي، بل إن الإسلام يبشر من يعول جاريتين حتى تبلغا بالأجر العظيم والثواب الجزيل.

ومما تجدر الإشارة إليه أن تحديد هذه الأصناف الثلاثة في إمكان حدوث التشاؤم؛ راجع لملازمتها لصاحبها في غالب أحواله، فالمرأة ملازمة لزوجها في بيته، والدار هي محل سكنه وقراره، والدابة هي مطيته ومركبه في أسفاره، فإن لم تكن هذه الثلاثة مصدر سعادة فسوف تكون مصدر تعاسة وبؤس وشقاء، وهذا هو المقصود بالتشاؤم، وليس المقصود بالتشاؤم هنا التطير بهذه الثلاثة، أو أنها جالبة السعادة أو الشقاء بذاتها، أو ينسب إليها النفع أو الضر، فهذا مما يخالف عقدية الإسلام، فإن النافع والضار هو الله - عز وجل - وإن التشاؤم بمعنى التطير - وهو اعتقاد النفع والضرر في أي شيء - هو شرك بالله - عز وجل - لذا نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لا عدوى ولا طيرة».[54] وكان يعجبه الفأل الحسن.

وهذا ما يؤكده الإمام ابن حجر العسقلاني في تعليقه على هذا الحديث الشريف في كتابه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، وذلك في معرض شرحه لحديث: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء». [55] حيث كتب الإمام العسقلاني ما نصه: "قال الشيخ تقي الدين السبكي: في إيراد البخاري هذا الحديث عقب حديثي ابن عمر وسهل بعد ذكر الآية في الترجمة إشارة إلى تخصيص الشؤم بمن تحصل منها العداوة والفتنة، لا كما يفهمه بعض الناس من التشاؤم بكعبها أو أن لها تأثيرا في ذلك، وهو شيء لا يقول به أحد من العلماء، ومن قال إنها سبب في ذلك فهو جاهل، وقد أطلق الشارع على من ينسب المطر إلى النوء لقب الكفر، فكيف بمن ينسب ما يقع من الشر إلى المرأة مما ليس لها فيه دخل، وإنما يتفق موافقة قضاء وقدر؛ فتنفر النفس من ذلك، فمن وقع له ذلك فلا يضره أن يتركها من غير أن يعتقد نسبه الفعل إليها.

الحديث الثاني: «يقطع الصلاة: المرأة والحمار والكلب». [56] والمقصود بالكلب هو الكلب الأسود، وقد علل النبي - صلى الله عليه وسلم - سبب ذلك بأنه شيطان، والمقصود بالمرأة هي المرأة الحائض، أي: التي بلغت سن الحيض، وكون الكلب الأسود شيطان - كما في الحديث - لا يعني أن الحمار والمرأة شيطانان أيضا، فهذه الثلاثة وإن جمعها سياق واحد إلا أن العلل مختلفة، وإن كانت علة الكلب منصوص عليها دون الباقي، فيدل على أنها تختلف عن الباقي ولا تماثلها، أما علة كون المرأة تقطع الصلاة إذا مرت بين يدي المصلي أو قريبا منه؛ فذلك لأنها مما يثير انتباه الرجل وقد يشرد به عن الصلاة، وخصوصا وهي المرأة التي بلغت سن المحيض كما قال العلماء، أي: المشتهاة، ولأن المرأة - في العموم - أشد لفتا لانتباه الرجل من مرور رجل آخر، جعلها الشارع مما يقطع الصلاة؛ وذلك حفاظا على خشوع الصلاة أن ينخرم بمثل ذلك.

ولقد كان للشيخ عطية صقر - رحمه الله - تعقيب على هذا الحديث، أكد فيه على أن التسوية ليست للتحقير أبدا، فالفرق كبير، ولكن الموضوع أساسه الاحتياط لعدم الانشغال في الصلاة رهبا بمثل الكلب الأسود والحمار، ورغبا بمثل المرأة، وأثرها في الانشغال لا ينكر، ومقام الرسول - صلى الله عليه وسلم - يأبى الانشغال بمثل ذلك، فما كان يبالي كما تذكر الروايات، ولكن غيره يتأثر - في أغلب الأحوال - على الوجه المذكور.

ثم شدد الشيخ عطية على أن الحديث الخاص بهذه الثلاثة لا يقصد منه إبطال الصلاة، بل يكون المقصود إبطال الخشوع فيها أو نقصه؛ لما يحدث للمصلي من خوف من هذين الحيوانين واشتهاء للمرأة، وفيه حث على اتخاذ السترة حتى لا تسمح بمرور هذه الأشياء أمامه.

عاشرا. متفرقات تحسب للإسلام لا عليه:

تلك كانت الأحاديث الرئيسة المشهورة التي تثير لغطا في هذا الشأن، يستغلها الجاحدون المتغربون في التشهير بهذا الدين السمح العظيم, ويجمد عليها الجامدون زاعمين أن هذا مقتضى الدين.

بينما الأمر لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك، كما عرضنا للتوجيه الصحيح لفهم هذه الأحاديث - وغيرها من أحاديث وآثار أقل شهرة وأحكاما يتضح أنها تحسب - بعد الفهم الصحيح لمغزاها ومراميها - لهذا الدين لا عليه، وأنها سلاح يرتد إلى صدور مشهريه لا في وجه هذا الشرع السماوي الحكيم المعصوم.

في هذا الشأن نفسه يستعرض د. محمد بلتاجي - في حديث مطول بقية الآثار المثيرة - بفهمها الخاطئ جهلا أو عمدا - للغط في هذه القضية، فيقول: نعم، بقيت نصوص يستشهد بها أحيانا أحد اثنين يجتمعان في الاعتقاد بأن الإسلام حذر أتباعه من المرأة، ووضعها موضع المهانة والازدراء، لكنهما يفترقان بعد ذلك في أشياء كثيرة، أهمها أن أحدهما يرفض الإسلام ويرى تقدم المرأة في تركها له، والثاني ملتزم بالإسلام مؤمن به، لكنه يعتقد أن بعض نصوصه هي التي وضعت المرأة في منزلة متدنية وحذرت الرجال منها، فهو يرى أنه بالتزامه بها قد فهم حكم الإسلام في المرأة وأطاعه.

وقد تبين لي من مراجعة أقوال الفريقين أن:

 أولهما يطعن في الإسلام انطلاقا من هذه النصوص، زاعما أنه لا خلاص للمرأة في هذا الدين، إنما خلاصها وحريتها ومكانتها في غيره، مما ولى وجهه إليه من الحضارة الغربية أو غيرها.

أما الفريق الثاني فيطعن في المرأة ويهبط بمنزلتها هبوطا شديدا بزعم أن الإسلام - الذي تنسب إليه هذه النصوص - هو الذي فعل بها ذلك، وأن من الدين تطبيق هذه النصوص وطاعتها، وأن مخالفتها عصيان للدين؛ فالفريقان يتلاقيان في أن الإسلام هو الذي هبط بمنزلة المرأة ووضعها مواضع الدونية، وحذر منها ومن متابعتها.

وقد وجدت في كلام الفريقين نصوصا تتردد كثيرا على أنها من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن صميم الدين ومقرراته، وقد عن لي أن أبحث عن مصدر هذه النصوص، وكيف انتشرت بين الناس هذا الانتشار، فتبين لي أنها عاشت أجيالا متتابعة في ضمير الشعوب الإسلامية على أنها من صحيح الدين، وتداولتها ألسنة بعض الخطباء في المساجد والمحافل، وترددت على أقلام الكاتبين دون تحقيق، حتى أصبحت جزءا هاما من التراث الشعبي الجمعي الذي يحرك جماهير المسلمين، ويقود خطواتهم في النظر إلى المرأة والتصرف معها، كل هذا دون تحقيق في الأعم الأغلب بل تتنقل هذه النصوص جيلا بعد جيل على أنها جزء من الدين الصحيح، وتسجل في كتب التراث الشعبي بعد أن تثبت في ضمير الأمة.

وقد قادني إدراك هذا إلى تجربة قمت بها وأنا بصدد إعداد هذه الدارسة - والكلام للدكتور بلتاجي - وتتلخص في أنني انتقيت كتابين، عرض كل منهما لبيان الأحاديث النبوية التي انتشرت على ألسنة الناس في القرنين العاشر والثاني عشر الهجريين، وتوارثها بالطبع أبناء القرنين الثالث عشر والرابع عشر حتى وصلت إلينا!

أما الكتاب الأول فهو كتاب "الشذرة في الأحاديث المشتهرة" لمحمد بن طولون الصالحي، المولود 880 هـ والمتوفى 953 هـ, وقد جمع كتابه قرابة ألف ومائة حديث كانت مشتهرة بين المسلمين في القرن العاشر الهجري.

وأما الكتاب الثاني فهو كتاب "كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس" للشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي المتوفى عام 1162 هـ، وقد جمع فيه أكثر من ثلاثة آلاف ومائتي حديث كانت شائعة بين المسلمين في القرن الثاني عشر الهجري.

وقد استعرضت ما في الكتابين من أحاديث، أو بعبارة أدق ما اشتهر على ألسنة الناس أنه أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فتبين لي أمران:

الأول: أن قسما كبيرا منها عن المرأة، ومكانتها، وكيف يتم التعامل معها، والنظر إليها في المجالات المختلفة.

الثاني: أن القليل من هذا القسم يمثل حديثا صحيحا، وأن أكثرها لا أصل له في الحديث النبوي الصحيح، وفي الإسلام بعامة، بل إنه معارض معارضة جلية لنصوصه الصحيحة!

والعجب بعد هذا من انتشاره بين المسلمين على أنه من الحديث الصحيح وتناقله بينهم جيلا بعد جيل، ولعل الذي يفسر هذا الانتشار والتوارث - إلى جانب جهل كثير من الناس - هو أن هذه النصوص صادفت قبولا سريعا في الشعور واللاشعور الجمعي لنفسية الرجل الشرقي التي تسيء الظن فطريا بالمرأة لأسباب كثيرة متوارثة منذ عصور الجاهلية، وربما قبلها، ومن ثم وجد الاستعداد التلقائي عند عامة الناس لتلقي هذه النصوص على أنها من صحيح الدين - دون تحقيق علمي أو وقفة موضوعية مع النفس - وهل هذا إلا منهج العوام وأشباههم؟ بل إن الأمر لم يقف - فيما يبدو لي - عند العوام وأشباههم، بل تعداهم إلى بعض أهل العلم الذين نجد بعض هذه النصوص فيما سطروه أو أذاعوه دون تحقيق علمي، وما ذلك إلا لأن عقلهم ووعيهم في مجموعه جزء من الوعي الجمعي العام لعصورهم ومفاهيمها!

وقد آن الأوان لنراجع بعض ما اشتهر عن المرأة في القرون الأخيرة من أحاديث، فمن ذلك: «شاوروهن وخالفوهن». [57] فقد روى العجلوني أنه لم يرد مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن عند العسكري عن عمر أنه قال: «خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة». [58] وروى بسند ضعيف عن عائشة مرفوعا: «طاعة المرأة ندامة»[59]، كما روى عن زيد بن ثابت مرفوعا، وروى عن أبي بكرة مرفوعا: «هلكت الرجال حين أطاعت النساء» [60].

أما ما ينسب إلى عمر - رضي الله عنه - فقد ثبت عنه صحيحا أنه خالفه - أي خالف هذا الحديث المنسوب إليه كثيرا، فمن ذلك أنه "كان يقدم الشفاء بنت عبد الله في الرأي ويرضاها"، وأنه استشار النساء في: كم تصبر المرأة على فراق زوجها، وأنه ترك كبار الصحابة واقفين وأخذ يستمع إلى حديث خولة بنت ثعلبة حتى انتهت منه، وقال في ذلك ما قال، والقصص في هذا كثيرة صحيحة.

أما ما روي عن أنس مرفوعا، فقد خالفه النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه حين استشار أم سلمة في صلح الحديبية وعمل بمشورتها ووجد فيها البركة كلها [61].

أما ما روي عن معاوية في هلاك الرجال بطاعة النساء، فما نظنه صحيحا؛ فقد كانت أمه هند بنت عتبة في جاهليتها وفي إسلامها - في مواقف عديدة - أحزم رأيا وأثبت جنانا من أبيه أبي سفيان سيد قومه وزعيمهم في الجاهلية.

أما ما روي عن عائشة وزيد بن ثابت وأبي بكرة - رضي الله عنهم - مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن أخذ الكلام فيه على عمومه فهو مخالف قطعا للوقائع الكثيرة الصحيحة، التي لم تهلك فيها الرجال حين أطاعت النساء! وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليناقض قوله فعله! بقي احتمال واحد وهو: أكان هذا في خصوص واقعة بعينها لا تتعداها إلى غيرها، أساءت المرأة فيها المشورة - وهذا وارد أحيانا مثل الرجل - فأطاعها رجال فهلكوا؟ ربما كان الأمر كذلك.

وقد حملتني هذه الأحاديث وما يشابهها على إعادة مطالعة "قسم النساء" في الكتب التي ترجمت للصحابيات والتابعيات، فتبين لي أن هذه التراجم الصادقة تعطي صورة مختلفة تماما - إلى حد التناقض - عن صورة المرأة التي تصورها هذه الأحاديث.

ومن ذلك حديث: "اتقوا شر النساء، وكونوا من خيارهن على حذر"، ويقول عنه العجلوني: هو من كلام بعضهم، وهو صحيح المعنى، ففي "الكشاف" عن بعض العلماء قال: إني أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان؛ لأن الله - عز وجل - يقول: )إن كيد الشيطان كان ضعيفا (76)( (النساء)، ويقول - عز وجل - عن النساء: )إن كيدكن عظيم (28)( (يوسف). هذا كل ما علق به العجلوني على الحديث، ومن الواضح أنه - مع قطعه - لا صلة له بالحديث النبوي، فإنه يصدر عن روح العداء للمرأة والخوف منها والزراية بها، فهو يقول: إن معناه صحيح، أي متفق مع صحيح الإسلام.

وهذا غير صحيح؛ لأنه يصدر عن سوء الظن بالمرأة الخيرة وانتظار الفساد منها وتوقعه في كل لحظة! وهذا يخالف الأمر القرآني: )يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم( (الحجرات: ١٢) (، ثم لا يجد دليلا على ذلك إلا قول بعض العلماء الذين نظروا للمرأة على أنها أسوأ من الشيطان نفسه، وأكثر شرا ودعوة إلى الفساد والإفساد! واستدلوا على ذلك بأن الله - عز وجل - قال عن كيد الشيطان: إنه ضعيف، وعن كيد المرأة: إنه عظيم.

والواقع أن السياقين مختلفان؛ فالآية الأولى هي قوله عز وجل: )الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا (76)( (النساء). أما علة هذا الضعف فترجع إلى أن الله - عز وجل - يكيد لأوليائه، أي: يدبر لهم أمورهم ويهيئ لهم خيرها، ويكيد أعداءه - وأولهم الشيطان - فيبطل كيدهم ومكرهم وعملهم، كما قال عز وجل: )إنهم يكيدون كيدا (15) وأكيد كيدا (16)( (الطارق)، وقال: )كذلك كدنا ليوسف( (يوسف: 76)، فإذا قورن كيد الله - عز وجل - بكيد الشيطان المخزول: )إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون (99)( (النحل)، ثبت ضعفه كيده وهوانه.

أما الآية الثانية فسياقها وموضوعها مختلف؛ إذ إنها تصور موقف هرب يوسف - عليه السلام - من فتنة امرأة العزيز، وهي تطلبه ليرجع ويفعل ما تأمره به، فإذا بها أمام زوجها لدى الباب، فلم ترتبك ولم تتلجلج في هذا الموقف العصيب، بل على الفور قلبت الحقيقة، وارتدت ثوب المرأة الفاضلة حين تشكو من يحاول إغراءها! فالكيد العظيم هنا هو سرعة الانتقال النفسي - في لحظة واحدة - من موقف من تطارد الرجل لموقف العفيفة المتأبية على الفتنة، وانتقال مشاعر بعض النساء من النقيض إلى النقيض في لمحة واحدة، كان مما يستوقف الرجال ويثير عجبهم، يقول عز وجل: )واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم (25) قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين (26) وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين (27) فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم (28)( (يوسف).

فالموقف مختلف، وسياق الكلام فيه مختلف، ونوع الكيد مختلف، فلا يصح مقارنة الكيد هنا بالكيد هناك؛ لأنه إنما يعني براعة انتقال المرأة وسرعة تلبسها بالمشاعر المختلفة، مما قد لا يستطيعه الرجل ومن هنا جاءت عظمة الكيد, أما هناك فهو في مقابل كيد الله - عز وجل - لأوليائه ولا شيء من فعل المخلوقات إلا وهو ضعيف حقير في جنب الله - عز وجل - لأن كيده - عز وجل - متين كما قال: )وأملي لهم إن كيدي متين (183)( (الأعراف).

والعجب - كل العجب - من غفلة بعض العلماء عن هذا! لكنه الشعور الجمعي المتوارث والمستكن أيضا في اللاشعور، يخاف المرأة ويحذرها، وينتظر من صالحاتها فسادا وشرا متوقعين منها في كل لحظة.

وبمناسبة الحديث عن يوسف - عليه السلام - وصاحبته، فهناك حديث صحيح، لا شك فيه سندا ومتنا، لكن بعض الجهال يتخذونه مستندا للطعن في المرأة، وبعض مدخولي العقيدة يتخذونه سندا للطعن في زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بعضهن.

فقد جاء عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لما مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة فأذن، فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس"، فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف،[62] إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، وأعاد قوله فأعادوا له، فأعاد الثالثة، فقال: إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس. فخرج أبو بكر فصلى، ووجد النبي - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خفة فخرج...»الحديث [63].

ويصور الحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته وقد أمر أزواجه أن يبلغن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أن يصلي بدلا منه، لكن عائشة - رضي الله عنها - لم ترد ذاك، كيلا يتشاءم الناس به، إذ يحل محل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد صرحت بنيتها الباطنة بعد ذلك، لكنها أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن الصديق - رضي الله عنه - كونه شديد الحزن رقيق القلب، لا يستطيع أن يقوم مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في إمامة الناس، فأعاد النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره، فأعادوا عليه قولهم، ويبدو أن عائشة وجدت من يؤيدها فيما أظهرته، فلما كانت الثالثة قال - صلى الله عليه وسلم - لهن: «إنكن صواحب يوسف» وأصر على قوله، فخرج أبو بكر فصلى بالناس.

وتشبيه النبي - صلى الله عليه وسلم - الحاضرات - أو بعضهن - اللاتي راجعنه في أمر أبي بكر بصواحب يوسف، إنما هو في اختلاف الظاهر المعلن عن الباطن الخفي، أما الظاهر في قصة يوسف فهو حضورهن إجابة لدعوة امرأة العزيز لإكرامهن في بيته، وأما الباطن الخفي فهو أن ينظرن إلى حسن يوسف وأن يعذرنها في محبتها له.

فليس في هذا التشبيه - في مجمله - إلا وصف المرأة بأنها أحيانا تظهر في موقف ما سببا معلنا غير السبب الحقيقي الذي تخفيه، وهذا صدق وحق، ولعائشة وصاحباتها فيه عذر الخوف على أبي بكر - رضي الله عنه - أن يتشاءم الناس منه إن حدث الموت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وله أن يزجر أزواجه مؤنبا ومؤدبا كي يطعنه فيما أمر، ولم يقل في ذلك إلا حقا.

لكن هل تنفرد المرأة وحدها بفعل هذا؟ لا فالرجال أيضا يفعلونه في مواقف عديدة يظهرون فيها غير ما يبطنون مراعاة منهم لاعتبار ما، لكن ربما كانت المرأة بطبيعتها أكثر فعلا له، مرة بسبب الحياء، وأخرى مكرا وتدبيرا، وهن بذلك متصفات بصواحب يوسف، فلا شيء في الحديث كله يعيب.

ثم لنعد إلى الأحاديث المشتهرة: «أعدى عدوك زوجتك التي تضاجعك».[64]ولم يذكر هل هو مرفوع أم موقوف؟ لكنه - في كافة الأحوال - لا يمكن أن يؤخذ على إطلاقه؛ لأنه مخالف لآيات وأحاديث صحيحة كثيرة، فكيف يمكن أن يمتن الله - عز وجل - على عباده بالزواج ويجعله من آياته، ويعلله بسكون الزوج إلى زوجته التي هي أعدى أعدائه؟ وما معنى وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - المتكررة بالزوجات وإحسان عشرتهن وهي أعدى الأعداء؟!

لكن القرآن الحكيم يعلم الناس أن بعض أزواجهم وأبنائهم عدو لهم كما قال عز وجل: )يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم (14)( (التغابن)، لكن هذا النص يجعل كل الزوجات أعداء بل هن أعدى الأعداء، وبهذا يخالف النصوص الصحيحة فينبغي أن يرد، مع ملاحظة أن تعبير "التي تضاجعك" يشير إلى أعمق حالات السكن التي امتن الله بها على عباده" [65].

ويستمر المؤلف في إيراد مثل هذه الأحاديث ومناقشتها مثل: "ثلاث لا يركن إليها: الدنيا والسلطان والمرأة"، "ثلاثة إن أكرمتهم أهانوك: أولهم المرأة... "، وليسا حديثين - وإن اشتهرا كذلك -، ويعلق على الأول بأنه صار عن الروح المتوارثة التي لا تثق في المرأة وتتوقع منها الخيانة والشر، بينما يذكر في مقابل الثاني بالأحاديث الصحيحة مثل: «خياركم خيركم لنسائهم»، ويستمر في هذه المعالجة العلمية الرصينة لمثل هذه الأقوال السائرة على الألسنة، إلى أن يقول: "ونكتفي بهذا القدر من الأحاديث المشتهرة على ألسنة الناس في النساء في القرون الإسلامية المتتابعة، ونرى أن فيها الكفاية للاستدلال على ما قررناه من أن الإسلام قد حمل أوزارا جاء ليزيل أسبابها، فقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتمم حسن الأخلاق، وكان من أهم ما بعث به رفع كافة صور الظلم وهبوط المنزلة عن المرأة وازدرائها.

وقد رفعت نصوص الإسلام الصحيحة في القرآن والسنة عن المرأة - مثلما فعلت مع الرجل - كافة صور المهانة والازدراء وهبوط المنزلة، وقد كان أول من استشهد في سبيل الإسلام امرأة هي سمية أم عمار بن ياسر - رضي الله عنهم - وكانت النساء في أول من استجاب لدعوة الحق، بيد أن أمورا موغلة في التاريخ البشري - ذات روافد عديدة من بعض الديانات المحرفة وبعض الأساطير الوثنية المتوارثة - ظل لها وجود في الشعور واللاشعور الجمعيين لشعوب عديدة، وقويت هذه الأمور بروافدها بنفس المقدار الذي كانت الأجيال تبتعد به عن الإسلام الصحيح، وغزتها خرافات عديدة شاعت حول هذا الكائن الذي اختص بالحيض والحمل والولادة والنفاس والإرضاع وحضانة الصغار، ومزيد من الحياء الفطري الذي يجعله - في جو القهر والانتقاص - يلجأ إلى الكيد الخفي، ويتعلم إخفاء مشاعره وأحاسيسه وتغطيتها برداء آخر.

وفي ظل هذا الجو كان اللاشعور العام للجماعة يلحق كل نقيصة بالمرأة؛ فإذا لم تلد الزوجة سارع الناس إلى القول بأنها هي العقيم، وإذا ولدت إناثا حملها الزوج والناس مسئولية عدم ولادة الذكور، وإذا مات زوجها مبكرا أو نزلت به كارثة قالوا: إنها سبب شؤمه وما حل به... وهكذا.

ولم ينج كثير من العلماء من آثار ذلك كله، وقد رأينا في الصفحات السابقة شيئا من ذلك، ونضيف إليه أيضا أنه باستثناء كتب السنة التي اقتصرت على الصحيح، أو الصحيح والحسن، فما من كتاب منها إلا وقد تسربت إليه أشياء من ذلك تحتاج إلى تمحيص وبحث ودراسة.

ومن مجموع ما سبق نتبين حكمة الشريعة وأن هذه الشريعة تجري على نسق واحد لا تناقض فيه ولا اختلاف ولا ظلم، وإنما هي النظرة المتكاملة الحكيمة التي تضع كل شيء في نصابه، على وفق علم الحكيم الخبير، كما قال عز وجل: )ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا (33)( (الفرقان)، ولله المثل الأعلى، وله الحجة البالغة[66].

وهكذا يتضح لنا أن صحيح الدين لا يتعارض مع المنطق السليم والفطرة السوية، وإن أشكل منه شيء على بعض العقول في الظاهر، فإن الفهم الصائب والتحري الدقيق يسفر عن انسجام وتناسق مقاصد الشرع ومبادئه، وعلى رأسها مبدأ المساواة بين الناس جميعا، عربا وعجما، بيضا وسودا، ذكرانا وإناثا وهي بين هذين الأخيرين مساواة معنوية، مساواة حقوق وواجبات لا خصائص وصفات.

الخلاصة:

  • للعاداتوالتقاليدالموروثة،والمخالفةلتعاليمصحيحالدين،أثرهاالبالغفيترسيخدونيةالمرأةوتأكيدهذاالانطباعخاصةلدىعامةالناس،وإنلمينجمنهذابعض العلماء، ولهذا عوامل تاريخية ودينية متراكبة متراكمة عبر العصور.
  • المناسباتالتيذكرتفيهاالأحاديثلهادلالتهافيتوجيهفهمنالها،كماهوالحالفيأسبابالنزولبالنسبةلتفسيرالقرآن،ومنثمدفعكثيرمنالأغلاطالرائجةفيهذاالشأنوتصحيحها.
  • التشريعللثوابت مطلق لا يعتوره تغير ولا تبدل، بينما التشريع للواقع المتغير والوقائع المتبدلة يتسم بالسعة والمرونة والقابلية للاجتهاد، وتتغير الفتوى فيه بتغير الزمان والمكان دون مساس بالأصول والثوابت.
  • الحديثالذيوصفالنساءبأنهن "ناقصاتعقلودين" جاءفيمقامالمدح لهن، كأنه - صلى الله عليه وسلم - عجبا لتلك المرأة التي تستحوز على الرجل وتملك فكره على رجاحة عقله ونقصان عقلها الذي هو سر السعادة الزوجية.
  • قلةالتكاليفالشرعيةبالنسبةللمرأةمقارنةللرجل،لايعنينقصالدين،ولاالحكمالمؤبدبنقصانالأهلية،فالجنسان في الحقوق والواجبات سواء.
  • فيأحاديثالنبي - صلىاللهعليهوسلم - الموصيةبالنساءخيرامايشكلمعادلاموضوعيايجسدالعلاقةبينالزوجينفيأبهىصورهابحيثيتسابقرجالهمونساؤهمإلىالاستعدادللسجود - سجودتعظيملاعبادة - كلللآخرمنفرطالإيثاروالسعادة والمودة المتبادلة.
  • التصورالهابطلمعنىالحبيبتذلمعنىالفضيلةالساميةويسئفهمنالهفيكلامالنبيصلىاللهعليهوسلم.
  • أكثريةأهلالنارمنالنساءاللواتييتصفنبصفاتذميمةونقائصمقيتة،فجزاؤهنمنجراءعملهنلاجنسهن،كالرجالتمامافيهذاالشأن.
  • العوجالمقصودفيالحديثالشريفليسضدالاستقامة،وإنماهوقرينالتقلببينالآراءوالتأرجحبينالرغباتوالانفعالالشديدفيالحادثات.
  • المقصودبحديثالشؤمفيالثلاثة: المرأةإذاساءتوحصلتمنهاالفتنةوالعداوة،والدابةالمتعبة،والدارالضيقةقليلةالمرافق، والشؤم ليس معناه التطير، وإنما يقصد به الشقاء والكره، كما يؤكد ذلك كله بقية النصوص والأحاديث... والمرأة تقطع الصلاة إذا مرت بين يدي المصلي للانشغال بها، أما الحمار والكلب فللرهبة والخوف منها، والمقصود: قطع الخشوع ونقصانه لا بطلان الصلاة، وقيل إن الحديث منسوخ، كما قال الشيخ أحمد شاكر.
  • كثيرممايحسبعلىالإسلامبالتوقفعندظاهرهيحسبلهعندالتدقيقوتحريالفهمالسليم.
  • منزلةالمرأةفيالإسلاملاتقارنبهامنزلتهافيغيرهمنالشرائعالسماوية - خاصةبعدتحريفأصولها - والمذاهبالوضعية؛فلامجالللقول بالدونية.

 

 

 

(*) المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م.

[1]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحائض، باب ترك الحائض الصوم (298)، وفي موضع آخر، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات (250) بنحوه.

[2]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه (12635)، وابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب حق الزوج على المرأة (1853) بنحوه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3366).

[3]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه (12315)، والنسائي في المجتبى، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء (3940)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3940).

[4]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء (4890)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء (3720).

[5]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب الطيرة (5421)، وفي مواضع أخرى بنحوه، ومسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم (5938)، واللفظ له، وفي موضع آخر.

[6]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم (298)، وفي موضع آخر، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات (250) بنحوه.

[7]. أخرجه البخاري في صحيحه، أبواب سترة المصلي، باب من قال لا يقطع الصلاة شيء (492)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي (1167)، وفي موضع آخر.

[8]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم (298)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات (250) بنحوه.

[9]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكتب ولا نحسب" (1814)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال (2563).

[10]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف جماعة (1004)، وفي موضع آخر، ومسلم في صحيحه، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار (2147).

[11]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنية" (5036) بلفظ: إنما الأعمال بالنية.

[12]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والأدب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله (6708).

[13]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص173 وما بعدها.

[14]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ط1، 1424هـ/ 2004م، ص195 وما بعدها.

[15]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحائض، باب ترك الحائض الصوم (298)، وفي موضع آخر، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات (250) بنحوه.

[16]. السائمة: هي الحيوان المكتفي بالرعي في أكثر السنة.

[17]. موضوع: أخرجه الطبراني في الأوسط، باب الميم، من اسمه محمد (5713)، والحاكم في المستدرك، كتاب التفسير، تفسير سورة النور (3494)، ووافقه الذهبي في التلخيص (3494).

[18]. موضوع: ذكره السيوطي في اللآلي المصنوعة (2/147)، والألباني في السلسلة الضعيفة (435).

[19]. موضوع: ذكره السيوطي في اللآلي المصنوعة (2/134)، وأخرجه الألباني في السلسلة الضعيفة (56).

[20]. لا أصل له: ذكره الفتني في تذكرة الموضوعات (1/128)، وأخرجه الألباني في السلسلة الضعيفة (43).

[21]. ضعيف: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث أبي بكر نفيع بن الحارث بن كلدة رضي الله عنه (20473)، والطبراني في الأوسط، باب الألف، من اسمه أحمد (425)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (436).

[22]. ضعيف: أخرجه السيوطي في جامع الأحاديث، قسم الأقوال، حرف الهمزة، الهمزة مع العين (3709)، والمتقي الهندي في كنز العمال، حرف النون، حرف النون من قسم الأقوال وفيه كتاب النكاح وفيه تسعة أبواب، باب الترهيب عن النكاح (44483)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (2820).

[23]. ضعيف: أخرجه ابن الجعد في مسنده، مسند أبي عقيل يحيى بن المتوكل (2971)، وذكره الفتني في تذكرة الموضوعات (1/128).

[24]. تحرير المرأة في عصر الرسالة، عبد الحليم محمد أبو شقة، دار القلم، الكويت، ط6، 1422هـ/ 2002م، ج1، ص275 وما بعدها.

[25]. الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة، مكتبة الشروق الدولية، مصر، ط1، 1424هـ/2004م، ص205 وما بعدها.

[26]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (26238)، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب في الرجل البلة في منامه (236)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2863).

[27]. موسوعة المفصل في الرد على أعداء الإسلام، علي بن نايف الشحود، موقع مكتبة المشكاة الإسلامية، شبكة المعلومات (النت).

[28]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (24515)، وابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب حق الزوج على المرأة (1852)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3366).

[29]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (26238)، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب في الرجل يجد البلة في منامه (236)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2863).

[30]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء (1977)، والترمذي في سننه، كتاب المناقب، باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (3895)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (285).

[31]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة رضي الله عنه (7396)، والترمذي في سننه، كتاب الرضاع، باب حق المرأة على زوجها (1162)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (284).

[32]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب حجة النبي (3009).

[33]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص180 وما بعدها.

[34]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (24515)، وابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب حق الزوج على المرأة (1853)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (1503).

[35]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه (12315)، والنسائي في المجتبى، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء (3940)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي (3124).

[36]. الشظف: الشدة والضيق.

[37]. المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط7، 1425هـ/ 2005م، ص183 وما بعدها.

[38]. صحيح: أخرجه عبد الرزاق في المصنف، كتاب أهل الكتاب، باب سلام القليل على الكثير (19444)، وأحمد في مسنده، مسند المكيين، زيادة في حديث عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه (25570)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3058).

[39]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة (3069)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الرقاق، باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء (7114).

[40]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم (298)، وفي موضع آخر، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات (250).

[41]. تحرير المرأة في عصر الرسالة، عبد الحليم محمد أبو شقة، دار القلم، القاهرة، الكويت، ط6، 1422هـ/2002م، ج1، ص273، 274 بتصرف.

[42]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب الوصاة بالجار (5668)، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والأدب، باب الوصية بالجار والإحسان إليه (6854).

[43]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة (5626)، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والأدب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به (6664).

[44]. مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، ص456 وما بعدها.

[45]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة (4805)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم (5937)، واللفظ له.

[46]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة (4806)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم (5945)، واللفظ له.

[47]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب لا عدوى (5438)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب الطيرة والفائل وما يكون في الشؤم (5937) بنحوه.

[48]. صحيح لغيره: أخرجه أحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (1445)، والطبراني في المعجم الكبير، العشرة المبشرين بالجنة، نسبة سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ واسم أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد (329)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1914).

[49]. الدابة القطوف: بطيئة الحركة.

[50]. حسن: أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب النكاح، (2684)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1047).

[51]. حسن: أخرجه الطيالسي في المسند، مسند ما روى سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه (2325)، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب عشرة النساء، باب طاعة المرأة زوجها (8961)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1838).

[52]. صحيح لغيره: أخرحه أحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه (1445)، والطبراني في المعجم الكبير، العشرة المبشرين بالجنة، نسبة سعيد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ واسم أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد (329)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1914).

[53]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه (12315)، والنسائي في المجتبى، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء (3940)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي (3940).

[54]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب الطيرة (5421)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم (5938)، وفي موضع آخر.

[55]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة (4808)، ومسلم في صحيحه، كتاب الرقاق، باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء (7122).

[56]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي (1167).

[57]. لا أصل له: ذكره الفتني في تذكرة الموضوعات (1/128)، وأخرجه الألباني في السلسلة الضعيفة (430).

[58]. ضعيف: أخرجه ابن الجعد في مسنده، مسند أبي عقيل يحيى بن المتوكل (2971)، وذكره الفتني في تذكرة الموضوعات (1281).

[59]. موضوع: ذكره السيوطي في اللآلي المصنوعة (2/147)، وأخرجه الألباني في السلسلة الضعيفة (435).

[60]. ضعيف: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة رضي الله عنه (20473)، والطبراني في المعجم الأوسط، باب الألف، من اسمه أحمد (425)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (436).

[61]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط (2581).

[62]. رجل أسيف: سريع الحزن والأسف.

[63]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجماعة والإمامة، باب حد المريض أن يشهد الجماعة (633)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما (968) بنحوه.

[64]. ضعيف: أخرجه السيوطي في جامع الأحاديث، قسم الأقوال، حرف الهمزة مع العين (3709)، والمتقي الهندي في كنز العمال، حرف النون، حرف النون من قسم الأقوال، وفيه كتاب النكاح وفيه تسعة أبواب، باب الترهيب عن النكاح (44483)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (2820).

[65]. مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، 1996م، ص513 وما بعدها.

[66]. مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، د. محمد بلتاجي، مكتبة الشباب، القاهرة، 1996م، ص528 وما بعدها.

 

  • الاثنين PM 03:07
    2020-10-19
  • 1618
Powered by: GateGold