المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412292
يتصفح الموقع حاليا : 343

البحث

البحث

عرض المادة

بطلانُ نظرية داروين بالأدلة النّقْليّة والعقلية

الحمد لِلّهِ الذي وهبنا العلم وجعله نوراً نهتدي به، والصلاةُ والسلامُ على خاتم الأنبياء، أما بعد:

 

فلقد كثُرتِ المقالاتُ والأبحاثُ العِلميّةُ، حولَ نظريّةِ داروين، بين مُؤيِّدٍ ومُفنِّد. ويتساءلُ البعضُ: هل توجدُ أدِلّةٌ نَقْلِيَّةٌ، أو عقليةٌ على بُطلان هذه النّظريّة؟

 

هذا ما سنُحاوِل الإجابةَ عنه في هذا البحث، طالبين من اللهِ -سبحانه وتعالى- التوفيق والسّداد.

 

أوّلاً: بيانُ بطلان نظريّة داروين على ضوء النقل (الكتاب والسنة)

أ- نظرية التطور في ميزان القرآن:

لاشكّ أنّ القرآنَ كتابُ هدايةٍ، لا كتابَ أبحاثٍ علميّة؛ ولكنّنا قد نجد فيه بعضَ الإشاراتِ إلى بعض المسائلِ العِلْميّة.

 

ولقد جاء ذِكرُ خلقِ آدمَ -عليه السلام-، في بعضِ الآياتِ القرآنية بشيءٍ من التوضيح والتفصيل؛ من هذه الآيات الكريمة:

 

1 -قولُه تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [ آل عمران59 ].

 

جاء في كتاب «الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» للواحدي:” الآيةُ نزلت في وفد نجران، حين قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: هل رأيت ولداً من غير ذَكَرٍ؟ فاحتجَّ الله تعالى عليهم بآدم عليه السَّلام، أَيْ: إنَّ قِياسَ خلقِ عيسى عليه السَّلام من غير ذَكَرٍ، كقِياس خلق آدم عليه السَّلام، بَلِ الشَّأْنُ فيه عَجَبٌ؛ لأنَّه خُلِق من غيْرِ ذَكَرٍ ولا أُنثى؛ وقوله: (عند الله)، أَيْ: في الإنشاء والخلق. وتَمَّ الكلامُ عند قوله: (كمثل آدم)؛ ثُمَّ استأنف خبراً آخر من قصَّة آدم عليه السَّلام فقال: (خلقه من تراب)، أَيْ: قالباً من تراب ( ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ ) بشراً ( فَيَكُونُ ) بمعنى فكان”اھ.

 

وهذه الآيةُ، هي أقوى دليلٍ على أن آدم خُلِقَ خَلْقاً مُباشراً؛ والملاحظُ أنّ أكثرَ الباحثين، الذين يُؤيِّدون نظرية داروين، لا يذكرونها في أبحاثهم!

 

2-قوله تعالى: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي…) [ سورة المائدة: بعضُ آية 110 ].

 

إنّ قومَ عيسى -عليه السلامُ- كانوا يؤمنون بأنّ اللّهَ -تعالى- قد خلق جميعَ الأحياءِ خلقاً مباشراً؛ لأن هذا كان مذكوراً في التوراة، ورُؤيتُهم بأعيُنِهم كيف يخْلُق اللّهُ الطّير خلقاً مباشراً على يدِ عيسى -عليه السلام-؛ قد زادَتْهم إيماناً على إيمانهم بِقدرةِ اللّهِ -تعالى- على الخَلْقِ المباشرِ للأحياء؛ ولقد وَرَد عن النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنّه قال:(لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ) [أخرجه أحمد والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين والطبرانى فى الأوسط والضياء وابن حبان وصحّحه الألباني].

 

وهبْ أنّهم كانوا يجهلون كيف خلق اللّهَ الخلقَ (أي: هل خلقه خلقاً مباشراً أمْ أنّه -تعالى- خلقه عن طريق التطور)؟، فلا شكّ أنّهم كانوا يتساءلون عن كيفية بدء خلق الإنسان؛ ورُؤيتُهم معجزة خلق الطير خلقاً مباشراً -بإذن اللّهِ تعالى- سيعتبرونها جواباً عنْ سؤالهم، وسيَنْطَبِعُ في أذهانهم -وبطريقة عفوية- أنّ اللّهَ قد خلق جميع خلقه بنفس الطريقة. وفي هذه الحالة فإنّ اللّهَ -سبحانه وتعالى- لا يمكن أنْ يُرِيَهم قدرتَه على الخَلْق المباشر، إذا كان قد خَلَق الخَلْقَ عن طريق التطور؛ لأنّ هذا سيكون فيه تضليلٌ لهم!

 

إنّ معجزة كل رسول كانت مناسِبة لما انتشر في عصره، ففي عهد موسى -عليه السلام- انتشر السحر، فجاءهم بما يعجز عنه السحرة؛ وفي عهد عيسى -عليه السلام-، برع بنو إسرائيل في الطب؛ فأراهم رأي العين، كيف يخلق اللّهُ -تعالى- الخلق، وقدرته على إحياء الموتى وإبراء المرضى بدون سبب! وكأنه يقول للأطباء: هكذا يخلق اللّهُ الأحياء، فهل تستطيعون أن تفعلوا مثله؟ واللهُ يبرئ بدون أدوية، فهل تستطيعون إبراء المرضى بدون أدوية؟

 

3-قوله تعالى:(قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) [سورة الكهف: الآية 37].

 

قال الطبري في تفسيره: “يقول تعالى ذكره: قال لصاحب الجنتين، صاحبُه الذي هو أقلُّ منه مالاً وولداً، (وَهُوَ يُحَاوِرُهُ): يقول: وهو يخاطبه ويكلمه: (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ) يعني خلق أباك آدم من تراب (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) يقول: ثم أنشأك من نطفة الرجل والمرأة”.

 

وهذا يدل على أنّ الإنسان كان يعلم -منذ القدم- أنّ أصله بشرٌ مثلُه، وأنّه خُلِق مباشرةً من التُّراب. والمُخاطَبُ يعلم أنّ مُخاطِبَه يعني بكلامه (خلقك من تراب) آدم -عليه السلام-، ولو لم يفهم منه ذلك، لقال له: “أمجنونٌ أنت، أتزعم أنني خُلِقْتُ من تراب؟ “؛ لأنه -في غياب التقدم العلمي والتكنولوجي في ذلك العصر البعيد- لمْ يكن مُمْكنا تحليل جسم الإنسان؛ حتى يكتشفَ العلماءُ أنّ جسمَه أصلُه مِن تُراب!

 

فلا شكّ أن النّاسَ كانوا يعلمون -أباً عن جدٍّ- أن آدم خُلِقَ خَلْقاً مُباشراً من التراب، وأنّه هو أولُ إنسان وهو أبو البشر.

 

ب- نظريّةُ التطوّرِ في ميزان السُّنّة:

من الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها ذِكْر خلق آدم – عليه السلام – :

 

1 -قوله -صلى الله عليه وسلم-: “لمّا صوَّرَ اللهُ آدمَ في الجنة تركه ما شاء اللهُ أنْ يتركه، فجعل إبليسُ يُطيفُ به، ينظر ما هو، فلما رآه أجوفَ عَرف أنه خُلِقَ خَلْقًا لا يَتَمالَك” [رواه مسلم].

 

فآدم صوّره الله -تعالى- في الجنّة، وليس في بطن امرأة!

 

ولا يُمكن أنْ يُقالَ: “إنّه يُحتَمَل أنْ يَكون قد صُوِّرَ في بطن أمّه، وأنّ أمّه كانت حينئذ في الجنة؛ وأنّه لمّا صُوِّرَ، جعل إبليسُ يطوف حوله قبل أنْ يُنفخَ فيه الروحُ وينظرُ إليه ليتعرّف عليه! هذا الطواف لا يمكن أن يحدث داخل بطن امرأة! ثُمّ إنّه لو كان لآدم أب وأُمّ، لكان قريب الشبه لأبيه -حسب نظرية داروين نفسها- ولما احتاج إبليسُ أن يطوف حوله؛ لأنّ آدمَ كان مخلوقاً غريب الشكل بالنسبة لإِبليسَ.

 

2-قولُه -صلى الله عليه وسلم-: “خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، وطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً” [رواه البخاري ومسلم].

 

فآدم لمّا خلقه اللهُ كان طولُه ستين ذراعاً، وبهذا الطول يُستبْعدُ جداً أنْ يكون قد خُلِقَ في بطن امرأة!

 

ملاحظة: طعن بعضُ النّاس (المعروفين بالسّطحيّةِ في أبحاثهم، والتَّسَرُّعِ في أحكامهم واستنتاجاتهم) في هذا الحديث المتفق عليه؛ وأتوا بأدلة لا علاقةَ لها بالبحث العلمي النزيه؛ ولقد رَدَّ عليهم بعضُ الباحثين، وبيّنوا ضُعْف أبحاثهم [انظر:

 

أ- كُتيّب «البراهين الواضحات في صحة طول أبينا آدم ستين ذراعاً والرد على الشبهات.«

 

ب- http://kazaaber.blogspot.com/2012/12/blog-post.html?m=1

 

ج http://kazaaber.blogspot.com/2013/07/blog-post_16.html?m=1-

 

3-قوله – صلى الله عليه وسلم – : ” إنّي عند الله في أمِّ الكتابِ لَخاتَمُ النّبيِّين، وإن آدم عليه السلام لَمُنْجَدِلٌ في طينته” [رواه الإمام أحمد].

 

ومعنى مُنْجَدِل في طينته، أي: مُلقى على الأرض وهو في مرحلة الطين؛ وهذا دليل على أنّ آدم خُلِق خَلْقاً مباشراً من الطين، قبل نفخ الروح.

 

4-قوله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-:( الَّذينَ يصنَعونَ هذهِ الصُّوَرَ يُعذَّبونَ يومَ القيامةِ. يُقالُ لَهُم: أَحْيُوا ما خَلَقتُمْ ) [رواه البخاري ومسلم]

 

وقال -صلّى اللهُ عليه وسلّم-:(يَا عائِشَةُ: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِند اللَّهِ يَوْمَ القيامةِ الَّذينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللَّهِ “متفقٌ عَلَيْهِ).

 

وفي حديث آخرَ قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم-: (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً) [رواه البخاري ومسلم].

 

ففي هذه الأحاديث بيانُ غضبِ اللّهِ على مَنْ يقْصِد بتصويره مضاهاة خلق اللّهِ، أي مَنْ يحاول أنْ يخلق صُوَراً تشبه الصُّوَر التي خلقها اللّهُ قبل أن ينفخَ فيها الروح؛ ولم يبق لهذا المُصوِّرِ إلاّ أنْ ينفخَ فيما صوّرَه الروحَ لإتمام الخلق؛ ولذلك فإنّ عقوبتَه يوم القيامة هي أنْ يُقالَ له: أَحْيِي ما خلقتَه!

وهذا دليل على أنّ اللّهَ قد خلق الخلقَ خلْقاً مباشراً، أي: أنّه -تعالى- يُصوّرُ ما يريد خلقه صورةً كاملةً، ثمّ يخلقُ فيها الحياة. ولا شكّ أنّ هذا هو ما يتبادر إلى ذهن كلّ مسلمٍ سليمِ الفطرة وصلته هذه الأحاديث، ولم يسمع بنظرية التطور الداروينية!

 

تنبيه1: حسب علمي، الأدلة التي عرضتها لم أرَ أحداً أشار إليها، باستثناء الدليل الأول ( إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم…).

 

تنبيه2: لم أذكر نصوصاً أخرى من االكتاب والسُّنة، التي تناولت خلق آدم -عليه السلام-؛ لأنه وقع فيها الجدال والنّكران، بين أهل العلم والإيمان.

 

تنبيه3: يقول تعالى:( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [ آل عمران: 33].

 

لقد استدلّ بعضُ المعاصرين بهذه الآية على أنّه وُجِدَ بشرٌ قبل آدم، لأنّ الاصطفاء لا يمكن أنْ يكون إلاّ كان مع آدم بشر آخرون!

وهذا خطأ في التفسير، ويدلّ على التّسرّع في الكتابة قبل إتمام البحث.

 

فلقد قال ابن كثير في تفسيره: “يخبر تعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض، فاصطفى { آدم} عليه السلام خلقه بيده ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلّمه أسماء كل شيء، وأسكنه الجنة، ثم أهبطه منها لما له في ذلك من الحكمة”.

قال الشيخ الشعراوي في خواطره: “عندما يسمع الإنسان قول الحق: { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ } فقد يتساءل عن معناها، ذلك أن من اصطفاء الله لآدم تأتي إلى الذهن بمعنى “خصه” بنفسه أو أخذه صفوة من غيره، فكيف كان اصطفاء آدم، ولم يكن هناك أحد من قبله، أو معه لأنه الخلق الأول؟ إننا يمكن أن نعرف بالعقل العادي أن اصطفاء الله لنوح عليه السلام؛ كان اصطفاء من بشر موجودين، وكذلك اصطفاء إبراهيم خليل الرحمن وبقية الأنبياء.

 

إذن، فكيف كان اصطفاء آدم؟ إن معنى {ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ} -كما قلنا- تعني أن الله قد اختاره أو أن “المصطفى عليه” يأتي منه ومن ذريته. نعم وقد جاء المصطفى عليه من ذريته، وهذا المعنى يصلح، والمعنى السابق عليه يصلح أيضا.”

قال السعدي في تفسيره:” يخبر تعالى باختيار من اختاره من أوليائه وأصفيائه وأحبابه، فأخبر أنه اصطفى آدم، أي: اختاره على سائر المخلوقات، فخلقه بيده ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له، وأسكنه جنته، وأعطاه من العلم والحلم والفضل ما فاق به سائر المخلوقات”.

قال الشيخ طنطاوي في تفسيره:”والمعنى: إن الله- تعالى- قد اختار واصطفى آدَمَ أبا البشر، بأن جعله خليفة في الأرض، وعلمه الأسماء كلها، وأسجد له ملائكته.”

 

ثانياً: دراسة نظرية التطور على ضوء التفكير المنطقي

هناك مدْرستان مشهورتان تُفسِّران نشوء الإنسان الأول، وَهُما:

 

–مدرسةُ التّصْميم الذكي؛ وتعتمد على مفاهيمَ تناقلَتْها البشريّةُ بطريق التواتر، عبْر تفاسيرِ الديانات والثقافاتِ المختلفة. [ انظر https://www.arageek.com/2015/10/01/ancient-legends-stories-creation-and-life.html ].

 

ولقد لاحظ بعضُ الباحثين اللادينيين اتفاقَ الأساطير والأديان الثلاثة المشهورة على الخلق المباشر، إلاّ أنّهم زعموا أنّ الإسلام والمسيحية أخذوا فكرة (الخلق المباشر) من اليهودية، واليهودية سرقتها من الثقافات والأساطير القديمة!

ولكن يبقى السؤال دائماً مطروحاً وبدون جوابٍ من طرفهم، وهو: مِن أين جاءت فكرةُ الخلقِ المباشر؟ ولماذا جميعُ الأساطير متفقة عليها؟

نحن -المؤمنين- نُؤمن أنّه كانت أديان كثيرة قبل هذه الأديان المعروفة، وفي التنزيل يقول تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) [غافر:جزء من الآية 78].

فالصحيحُ -عندنا- هو أنْ يُقالَ: إنّ هذه الأساطير أخذت فكرة (الخلق المباشر) من تلك الأديان القديمة.

 

–المدرسة التطَوُّريّة، وهي تعتمد على فكرة التطور التدريجي للعالم والبشر، بناءً على نظرية التطور عبر الانتخاب الطبيعي.

 

ولعلّ المدرسةَ الأولى هي أقربُ إلى القَبول من المدرسة الثانية؛ لأنها توافق العُقول.

 

وهي توافق العقول؛ لأنّ الخلقَ المباشرَ لأول إنسان، كان معلوماً عند جميع أهل الإيمان والأديان، ومكتوبٌ في التوراة والإنجيل والقرآن؛ بلْ ومُسطّرٌ في أساطير الأوّلين -مع اختلافهم في مادة الإنشاء- منذ أقدم الأزمان.

 

ولا يمكن للجميع أنْ يتفقوا على الخلق المباشر بدون دليل ولا برهان؛ لأن حدوثَ مثلِ هذا الاتفاق يستعصي فهمُ سبَبِه على الأذهان، وذلك لأنّ الكائناتِ الحيّةَ وُجِدَتْ قبْلَ وجودِ الإنسان -وهذا باعتراف نظرية التطور نفسها-، وكان الناسُ يرون السِّباعَ والطّيرَ والحيتان، ولمْ يشاهدوا حيواناً خرج إلى الوجود بدون وِلادَةٍ ولا إعْلان! فكيف خطرَ على بالِهِم أنّ أصلَهم بَشَرٌ (وهو آدم) خُلِقَ خَلْقاً مباشرا، بدون أن يكون له أبوان؟ ولِمَ لَمْ يخْطُر على بالِهِم أن أصلَهم أو جدَّهم الأعلى هو قِردٌ أو سَعْدَان؟ ولو خَطَرَ هذا على بالهم، لكان مقبولاً؛ لأنه أقربُ إلى فكرهم البسيط وإلى الوِجْدان.

 

فلا شكّ أنّ فكرةَ الخلق المباشر لآدمَ -أوّلِ إنسان-، وصَلَتْهم عن طريق الوحي والإيمان!

 

واللهُ أعلم، (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)، والحمد للّه ربِّ العالمين.

 

  

 

  • الثلاثاء PM 09:57
    2020-06-02
  • 2189
Powered by: GateGold