ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
جهود علماء الأزهر في الرد على الشيعة في زواج المتعة
كثرت ردود علماء الأزهر على زواج المتعة عند الشيعة كثرةً هائلة، وبلغت مبلغاً كبيراً، وسأكتفي بما هو أهمها ومن هذه الردود :
رد الإمام ابن حجر العسقلاني، حيث قال عن نكاح المتعة :
أنه كان مباحًا وأن النهي عنه وقع في آخر الأمر وليس في أحاديث الباب التي أوردها التصريح بذلك لكن قال في آخر الباب أن عليًّا بيَّن أنه منسوخ وقد وردت عدة أحاديث صحيحة صريحة بالنهي عنها بعد الإذن فيها وأقرب ما فيها عهدًا بالوفاة النبوية ما أخرجه أبو داود من طريق الزهري قال كنا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء فقال رجل يقال له ربيع بن سبرة أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله ﷺ نهى عنها في حجة الوداع[1].
رد فضيلة الشيخ محمود شلتوت الإمام الأكبر[2] :
جاء في كتاب (فتاوى الشيخ شلتوت) أنه سئل : ما زواج المتعة؟ وهل هو مباح الآن، كما يُشِيعُ بعضُ الكاتِبِينَ؟ فأجاب رحمه الله قائلاً : زواج المتعة ومنه الزواج إلى أجلٍ هو أن يَتَّفِقَ رجلٌ مع امرأة خاليةٍ من الأزواج على أن تُقيم معه مدةً ما، مُعيَّنة أو غير معينة، في مُقابَلَةِ مالٍ معلوم.
وهذا زواج لا يُقصد به سوى قضاء الحاجة، وينتهي دون طلاقٍ بمُضيِّ مدته، أو بالمُفارقة إن لم تضرب له مدة. ولا ريب في أن هذا الزواج ليس هو الزواج الذي شرَعه الإسلام ونزل به القرآن.
فالقرآن يُرشد إلى أن أساس الزواج السكن والمَودة والرحمة المُتبادَلة بين الزوجينِ، وإلى أن ثمراته تكوين الأُسَرِ وتحصيلُ الأبناء والأحفاد والتعاون على تربيتهم، وما أبعدَ زواج المتعة عن هذا الأساس وهذه الثمرات.
والقرآن قد ربط بعنوان الزوجية أحكامًا كثيرةً كالتوارث، وثُبوت النسب، والنَّفَقة، والطلاق، والعِدَّة، والإيلاء، والظَّهار، واللّعَان، وحُرمة التزوُّج بالخامسة وغير ذلك مما يعرفه الناس جميعًا، وليس شيء من هذه الأحكام بثابت فيما يُعرف بزواج المُتعة. والقرآن قد عرَض للزواج بلَفْظه تارةً وبلفظ النِّكاح أُخرى في آيات كثيرة، ولا يَفهَمُ منها ناطقٌ بالضاد سِوى الزواج الذي جعل أساسه الدوام، وتكوين الأُسَر، وربطت به تلك الأحكام التي أشرنا إليها، واقرأ في ذلك مثل قوله تعالى : : ﴿ ﮏ ﮐ ﮑ ﴾. ﴿ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ [البقرة : 228]. ﴿ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ﴾ [البقرة : 230]. ﴿ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﴾ [النور : 32]. ﴿ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ﴾ [النساء :21].
اقرأْ هذه الآيات وأمثالها لتعلم أنها : على رغم ما يُحاول المَفتونون بمشروعية زواج المتعة من تحريفها عن مواضعها؛ بعيدة كل البُعد عن زواجهم الذي يُعلنون أنه مشروع لغاية في نفوسهم، أو تَعَصُّبًا لآراء لا تعرفها حُجة[3].
هكذا حرمه فضيلته نظرا لأن هذا الزواج ليس الزواج الذي شرعه الإسلام ونزل به القرآن، فقد ربط القرآن الزواج بأحكام كثيرة منها التوارث وثبوت النسب والنفقة الزوجية والعدة والطلاق والظهار واللعان وحرمة الزواج من خامسة وغير ذلك مما لا يوجد في الزواج المؤقت، ثم بيـّن فضيـــلته أن المتــعــة أُبِيحــــتِ لحِكْــمــة ثم حُرِّمَـــتْ، حيث قال : نعم ثبُت أن النبي ﷺ أباحه للمُحاربين في بعض الغزوات.
وثبت أيضًا بما لا شكَّ فيه أنه نهَى عنه نهْيًا عامًّا وحرَّمه تحريمًا مُؤَبَّدًا[4].
وعن رده على من قال إن الذي حرم المتعة هو أمير المؤمنين t لا أحد غيره والذي قال بذلك هم الشيعة لا أحد غيرهم أيضًا :
قال فضيلته : وما كان نهْيُ عمر عنها، وتوَعُّدُه فاعلَها أمام جمْع من الصحابة، وإقرارهم إياه؛ إلا عملًا بهذه الأحاديث الصحيحة، واقتلاعًا لفكرة مشروعيته من بعض الأذهان، وقد كان النبي ﷺ يتَّخِذُ قُرْب عهد الناس بالإسلام في أوقات الضرورة سبيلًا للترخيص فيما يُخَفِّفُ عنهم تلك الضرورة، حتى إذا ما أنِسُوا أحكامه عاد فحرَّمه التحريم الذي يُريده الله، وهو التحريم العام المُؤَبَّدِ.
وبهذا القدْر من البيان يتضح أن الرأييْنِ في زواج المتعة لا يُمكن أن يُوضعَا في ميزان واحد فضلًا عن تساوي كفَّتيْهما، وأن الترخيص في زواج المتعة لم يخرج عن أن يكون ترخيصًا بأخفِّ المُحَرَّمَيْنِ في وقت الضرورة، وحداثة عهد الناس بالإسلام، ومثل هذا الترخيص لا يصلح دليلًا على المشروعية.
وإنَّ الشريعة التي تُبيح للمرأة أن تتزوَّج في السَّنة الواحدة أحدَ عشرَ رجلًا، وتُبيح لرجل أن يتزوج كل يوم ما تمكَّن من النساء، دون تحميله شيئًا من تبِعات الزواج، إن شريعةً تُبيح هذا لا يُمكن أن تكون هي شريعة الله رب العالمين، ولا شريعة الإحْصان والإعْفاف[5].
وهذه الفتوى لها أهمية خاصة لأنها صادرة من الشيخ شلتوت رحمه الله وهي مناقضة لفتواه التي أفتى بها في جواز التعبد بالمذهب الجعفري، لأن التعبد بمذهب هو التعبد بأصوله وفروعه، ونكاح المتعة هو من الفروع الفقهية التي أسس عليها الفقه الجعفري.
ويبدوا والله أعلم : أن حسن النية وصفائها، وعدم الاهتمام بدراسة المذهب الشيعي من أمهات المراجع والاقتصار في التعرف على هذا المذهب عن طريق الكتب الدعائية المغطاة بغطاء التقية والكتمان هو الذي أوقع الشيخ شلتوت في فتواه.
رد فضيلة الشيخ سيد سابق[6] :
زواج المتعة : ويسمى الزواج المؤقت، والزواج المنقطع، وهو أن يعقد الرجل على المرأة يومًا أو أسبوعا أو شهرا وسمي بالمتعة، كأن لرجل ينتفع ويتبلغ بالزواج ويتمتع إلى الأجل الذي وقته، وهو زواج متفق على تحريمه بين أئمة المذاهب.
وقالوا : إنه إذا انعقد يقع باطلا، واستدلوا على هذا :
أولاً : إن هذا الزواج لا تتعلق به الأحكام الواردة في القرآن بصدد الزواج، والطلاق، والعدة، والميراث، فيكون باطلا كغيره من الأنكحة الباطلة.
ثانياً : أن الأحاديث جاءت مصرّحة بتحريمه.
ثالثاً : أن عمر t حرمها وهو على المنبر أيام خلافته، وأقره الصحابة y، وما كانوا ليقروه على خطأ لو كان مخطئا.
رابعاً : قال الخطابي : تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة، ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المخالفات إلى علي، فقد صح عن علي أنها نسخت.
ونقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سُئِل عن المتعة فقال : « هي الزنا بعينه ».
خامسا : ولأنه يقصد به قضاء الشهوة، ولا يقصد به التناسل، ولا المحافظة على الأولاد، وهي المقاصد الأصلية للزواج، فهو يشبه الزنا من حيث قصد الاستمتاع دون غيره.
ثم هو يضر بالمرأة، إذ تصبح كالسلعة التي تنتقل من يد إلى يد، كما يضر بالأولاد، حيث لا يجدون البيت الذي يستقرون فيه، ويتعهدهم بالتربية والتأديب.
وذهبت الشيعة الإمامية إلى جوازه، وأركانه عندهم :
الصيغة : أي أنه ينعقد بلفظ (زوجتك) و (أنكحتك) و (متعتك).
الزوجة : ويشترط كونها مسلمة أو كتابية، ويستحب اختيار المؤمنة العفيفة، ويكره بالزانية.
المهر : وذكره شرط ويكفي فيه المشاهدة ويتقدر بالتراضي ولو بكف من بر.
الأجل : وهو شرط في العقد ويتقرر بتراضيهما، كاليوم والسنة والشهر، ولا بد من تعيينه[7].
ومن أحكام هذا الزواج عندهم :
۞ الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل يبطل العقد، وذكر المهر من دون ذكر الأجل يقلبه دائمًا.
۞ ويلحق به الولد.
۞ لا يقع بالمتعة طلاق، ولا لعان.
۞ لا يثبت به ميراث بين الزوجين.
۞ أما الولد فإنه يرثهما ويرثانه.
۞ تنقضي عدتها إذا انقضى أجلها بحيضتين، إن كانت ممن تحيض، فإن كانت ممن تحيض ولم تحض فعدتها خمسة وأربعون يوما[8].
قال الشوكاني : وعلى كل حال فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع، وقد صحّ لنا عنه التحريم المؤبد[9].
ردّ الدكتور عبد المنعم النمر :
تناول فضيلته روايات الشيعة التي ترصد الثواب الجزيل والأجر العظيم للمتعة وأربابها وسخر منها : « ما أسهل الحصول على هذا الثواب، وما أشهى وألذّ طريق الوصول إليه !! وهو ثواب يعلو على ثواب أية عبادة من صلاة وصوم وحج، ويعلو على الجهاد والزكاة...الخ؛ من أجل متعة يتمتع بها الرجل بالمرأة ولو لمدة، أو لمرة... ما أرخص المبذول من أجل الثواب الهائل !؟ فهو مجرد عقد يعقده الرجل على امرأة، يدفع لها الأجر المتفق عليه ولو لمدة ساعة...[10].
ثم استنكر فضيلته أن تصدر هذه الروايات عن الرسول ﷺ : « فقل لي بربك : هل تحس أن هذه أحاديث عن رسول الله ﷺ ؟ وهل هكذا يكون الإسلام ورسوله وشريعته؟ وهل هذا الثواب العظيم يكون (ببلاش كدة) وعلى هذه الصورة؟[11].
ثم استغرب فضيلته على شيوخ الشيعة الذين يقبلون هذا المنكر على بنات الناس ولا يقبلونه على بناتهم، وهذا دليل على أنه ضد الطباع السليمة :
فلماذا يغضب المحترمون من رجال الشيعة وعلمائهم، حين يطلب منهم الواحد أن يزوجه ابنته زواج المتعة؟ كما شاهدت هذا وسمعته بأذني؟ وكان ذلك أثناء مناقشة حول المتعة، والعالم الشيعي يتمسك بمشروعيتها ويمدحها فألقي عليه هذا الطلب، فغضب وثار وقام من المجلس!! مع أنه قبلها بدقيقة كان شديد التحمس لها!!
أليس ذلك دليلًا دامغًا على أنها ضد الطبائع السليمة، ضد الفطرة، والرجولة والشهامة، وأن الرسول ﷺ حين أباحها كان ذلك لضرورة الحرب، وبُعد الرجال عن النساء مدة أثَّرَت على مواقفهم، كما أباح لهم لحوم الحمر الأهلية، وطهر الأواني التي كانت تطبخ فيها، بعد أن كاد يكسرها، وعاد بالناس إلى الحالة الطبيعية... »[12].
ردّ الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي (شيخ الأزهر) :
جاء في كتابه التفسير الوسيط للقرآن الكريم : في تفسير قول الله : ﴿ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﴾ [النساء : 24].
هذا؛ وقد حمل بعض الناس هذه الآية على أنها واردة في نكاح المتعة، وهو عبارة عن أن يستأجر الرجل المرأة بمال معلوم إلى أجل معين لكي يستمتع بها.
قالوا : لأن معنى قوله : ﴿ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﴾ : فمن متعتموهن ممن نكحتموهن نكاح المتعة فآتوهن أجورهن.
ولا شك أن هذا القول بعيد عن الصواب، لأنه من المعلوم أن النكاح الذي يحقق الإحصان والذي لا يكون الزوج به مسافحًا هو النكاح الصحيح الدائم المستوفي شرائطه، والذي وصفه اللّه بقوله : « ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﴾. وإذًا : فقد بطل حمل الآية على أنها في نكاح المتعة لأنها تتحدث عن النكاح الصحيح الذي يتحقق معه الإحصان، وليس النكاح الذي لا يقصد به إلا سفح الماء وقضاء الشهوة [13].
رد الدكتور وهبه الزحيلي :[14]
قوله : ﴿ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﴾ : يراد به الاستمتاع بطريق عقد الزواج الدائم، كما ذكرت، وليس المراد به ما يسمى بالمتعة، فقد كانت المتعة في صدر الإسلام مباحة لم يتعلق بها تحريم لأن الأصل في الأشياء والأفعال الإباحة، ثم نهى عنها القرآن وحصر العلاقة المشروعة بين الرجل والمرأة في الزواج أو ملك اليمين : ﴿ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ﴾ [المؤمنون : 5، 6]، ونهى النبي ﷺ عن المتعة نهيًا دائمًا إلى يوم القيامة، ولا تختلف المتعة كثيرا عن الزنى بعينه، لأنها تتم بلا إذن ولي ولا شهود، والزنى لا يباح قط في الإسلام، ولذلك قال عمر t : «لا أوتى برجل تزوج متعة إلا غيّبته تحت الحجارة ».
إن تنظيم العلاقة بين الجنسين : الرجل والمرأة على أساس واضح دائم من الزواج الصحيح الذي يقصد به الدوام هو في الواقع خير ومصلحة لكل من الطرفين[15].
رد الدكتور مصطفي الشكعة :
وثمة خلاف واضح بين الشيعة ونعني الشيعة الإمامية والسنة، في زواج المتعة أو عقد الانقطاع، والزواج بهذا الشكل زواج مؤقت، والعقد فيه موقوت بأجل محدود، ولقد كان هذا الزواج معمولاً به في أيام النبي في بعض الروايات، قيل : فلما جاء عمر بن الخطاب أوقفه وحرمه؛ لأنه رأى فيه رأياً غير كريم، والقول الراجح أنه حُرّم في زمن النبي، وأن النبي ﷺ قد نسخه.
والإمامية من بين سائر فرق الإسلام قد انفردت بالقول بجواز مشروعية هذا الزواج، معتمدين على تأويل للآية الكريمة : ﴿ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ﴾ [النساء : 24]... وقد بقيت مشكلة زواج المتعة مثاراً للخلاف حتى يومنا هذا... والصواب هو أن عمر لم يحرمه افتياتاً على رسول الله، ولكن لما علمه من نسخه[16].
ردّ الدكتور محمد عبد المنعم البري :
من المعلوم لدى أهل السُّنَّة والجماعة عن أركان النكاح الشرعي في كتاب الله والسنة المطهرة ثبوت (الصداق) والإيجاب والقبول والولي والشاهدين والتأبيد، وهو البديل الإسلامي الجديد، لأنكحة الجاهلية، كالاستبضاع والمتعة التي كانت سائدة، لم يعلم لها حرمة إلا في السُّنَّة السابعة من الهجرة، إبان فتح خيبر، إذ نزل جبريل بتحريمها ولحوم الحمر الأهلية على الأمة إلى يوم القيامة، من حديث علي t، ولم يأخذ به الشيعة، وبذا بقي نكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية حلالًا زلالًا إلى ما شاء الله والإمامية الجعفرية الاثنا عشرية هي الطائفة الوحيدة في الشيعة الذين قالوا بحله دون سائر الطوائف التي تربو على المائة بل جعلوه من أبرز معالم دينه دون سائر الملل.
والنكاح الدائم والمتعة ليس من أركانه لديهم وجود شاهدين وأقل مدة لعقد المتعة عندهم، ما يفي وطأة واحدة، دون أدنى كلفة على الفحل، فلا طلاق ولانفقة ولاحضانة ولاعدة إن كانت ممن لا يحملن، لأن أركان المتعة عندهم الطرفان والمدة بعد دفع الإيجار لاغير.
وقد أثبت القرآن أن أكثر الناس لا يعقلون، والتقط شياطين الإنس لهم شراك الصيد من قول الحكيم الخبير سبحانه : ﴿ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﴾ [آل عمران : 14].
فأغدقوا عليهم الكثير من المحظورات في شرع الله لدى أهل السُّنَّة والجماعة، كقضاء الليالي الحمراء والنزوات الجنسية مع أي عدد من النساء، بلا حد أعلى لأرقام من يعقد عليهم نكاح متعة، ولا أدنى تحمل لمسؤولية الرجال في الحضانة والتربية، مع اعتبار ابن المتعة أشرف عندهم من ابن النكاح الشرعي الدائم، ويطلق عليه ميرزا ـ أي : سيد أو شريف ـ.
يقول أهل السُّنَّة والجماعة بحرمة ذلك كله، وقداسة الأعراض والنشء المسلم وحرمات المسلمين.
ويرفض الشيعة الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية هذا الحظر الشرعي، ويفتحون الباب على مصراعيه، في سوق رائجة لإيجار الفروج، دون أدنى مسئولية أو تفريق، بين النظرة الإسلامية للغايات والأهداف ثم الوسائل، فإلى أي الرأيين يطمئن القلب ويستقر العقل والضمير.
ومن أدلة الشيعة الإمامية الجعفرية الاثني عشرية على حل نكاح المتعة دون سائر الملل والديانات والفِرقَ ما ورد عن رسول الله ﷺ أنه قال : « من تمتع مرة كان درجته كدرجة الحسين عليه السلام، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن عليه السلام، ومن تمتع ثلاث مرات كان درجته كدرجة علي بن أبي طالب عليه السلام، ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي ».
وأورد دليلا آخر عن النبي ﷺ أنه قال : « ومن خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع »[17].
وهل بيوت الدعارة وعصابات تجارة الرقيق الأبيض، وأسواق النخاسة لاستباحة الأعراض والحرمات، التي تقبض عليها أجهزة الشرطة، لحماية المجتمع من جرائم الآداب العامة، وانتشار الأمراض السرية الخبيثة، وعلى رأسها الإيدز، الذي أطل على الإنسانية بوجهه المدمر الكئيب، والذي يعتبر بمثابة معجزة للوعيد النبوي الشريف أنه ما شاعت الفاحشة في قوم يعمل بها علانية إلا ضربهم الله بالعلل والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ومع كل ما سبق، فهو أمر له أداء شرعي مقدس في دين الشيعة ومن أجَلِّ القربات عندهم، لاستيفائه أهم الشروط والأركان، وهي الرأسان والأجرة والمدة، ولو وطأة واحدة، دون أي التزامات أخرى[18].
من خلال هذا العرض لإبراز وجهة نظر بعض علماء الأزهر الشريف في نكاح المتعة عند الشيعة، والتي اكتفيت بأهمها كما أشرت سابقاً يتبين ثلاثة أمور :
أولها : أن استدلال الشيعة بقول الله : ﴿ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﴾ [النساء : 24] في نكــاح المتعــة؛ استــدلال في غــير موضعــه، لأن النكاح الذي يحقق الإحصان والذي لا يكون الزوج به مسافحًا. هو النكاح الصحيح الدائم المستوفي شرائطه، والذي وصفه اللّه بقوله : ﴿ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ﴾.
يقول الإمام ابن الجوزي عند تفسيره لهذه الأية : وقد تكلف قوم من مفسّري القُرّاء، فقالوا : المراد بهذه الآية نكاح المتعة، ثم نسخت بما روي عن النبي ﷺ أنه نهى عن متعة النساء، وهذا تكلُّف لا يُحتاج إليه، لأن النبي ﷺ أجاز المتعة، ثم منع منها فكان قوله منسوخاً بقوله. وأما الآية، فإنها لم تتضمّن جواز المتعة. لأنه تعالى قال فيها : ﴿ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ﴾، فدل ذلك على النكاح الصحيح. قال الزجاج : ومعنى قوله : ﴿ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﴾ أي : فما نكحتموهن على الشريطة التي جرت، وهو قوله : ﴿ ﭦ ﭧ ﭨ﴾ أي : عاقدين التزويج : ﴿ ﭮ ﭯ﴾ أي : مهورهن.
ومن ذهب في الآية إلى غير هذا، فقد أخطأ، وجهل اللغة[19].
ثانيها : أن هذا الزواج من حيث أركانه، وما يترتب عليه مخالف لما عليه جمهور فقهاء الأمة : فأركانه عندهم هي : الصيغة، الزوجة، المهر، الأجل : وهو شرط في العقد ويتقرر بتراضيهما، كاليوم والسنة والشهر، ولا بد من تعيينه.
وما يترتب عليه كما ذكر فضيلة الشيخ سيد سابق :
۞ الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل يبطل العقد، وذكر المهر من دون ذكر الأجل يقلبه دائما.
۞ ويلحق به الولد.
۞ لا يقع بالمتعة طلاق، ولا لعان.
۞ لا يثبت به ميراث بين الزوجين.
۞ أما الولد فإنه يرثهما ويرثانه.
تنقضي عدتها إذا انقضى أجلها بحيضتين، إن كانت ممن تحيض، فإن كانت ممن تحيض ولم تحض فعدتها خمسة وأربعون يوما.
ثالثها : قول علماء الشيعة أن المحرّم للمتعة هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وليس النبي ﷺ قول مردود عليه، لأن أمير المؤمنين لم ينسخها إلا لعلمه بنسخ النبي ﷺ قبله لها :
وهذا ما اعترف به الشيخ موسى الموسوي(شيعي) بقوله : « إن النظرية الفقهية القائلة بأن المتعة حرمت بأمر من الخليفة (عمر بن الخطاب) يفندها عمل الإمام (عليّ) الذي أقر التحريم في مدة خلافته ولم يأمر بالجواز وفي العرف الشيعي وحسب رأي فقهائنا عمل الإمام حجة لا سيما عندما يكون مبسوط اليد ويستطيع إظهار الرأي وبيان أوامر الله ونواهيه والإمام (عليّ) كما نعلم اعتذاره عن قبول الخلافة واشترط في قبولها أن يكون له اجتهاده في إدارة الدولة، فإذن إقرار الإمام (عليّ) للتحريم يعني أنها كانت محرمة منذ عهد الرسول؟ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم؟ ولولا ذلك لكان يعارضها ويبين حكم الله فيها وعمل الإمام حجة على الشيعة ولست أدري كيف يستطيع فقهاؤنا أن يضربوا بها عرض الحائط »[20].
بل ينقل الدكتور أحمد سيد أحمد علي روايات من كتبهم تحرم هذا النكاح ويتساءل : ما هو موقف علماء الشيعة من الروايات المسطورة في كتبهم والتي تنهى عن المتعة وتدنس من يفعلها؟
مثل ما روي عن عمار أنه قال : « قال أبوعبد الله لي ولسليمان بن خالد : قد حرمت عليكما المتعة »[21].
وعن عبد الله بن سنان قال : « سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة فقال : لا تدنس بها نفسك »[22].
فماذا تبقى للشيعة بعد هذا...
الظاهر من علماء الشيعة أنهم يحملون هذه الروايات وغيرها على التقية والمداراة ولا يجرونها على ظاهر لفظها، وهذا بالفعل ما فعله الحر العاملي في تعقيبه على رواية علي بن أبي طالب (حرم رسول الله ﷺ يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة) قال الحر العاملي : « حمله الشيخ الطوسي وغيره على التقية؛ لأن إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإمامية)[23].
[1] ابن حجر : فتح الباري : (ج9/ ص167).
[2] الشيخ محمود شلتوت (1310 - 1383هـ = 1893 - 1963م) : فقيه مفسر مصرى. ولد في منية بني منصور (بالبحيرة) وتخرج بالأزهر (1918) وتنقل في التدريس إلى أن نقل للقسم العالي بالقاهرة (1927) وكان داعية إصلاح نير الفكرة، يقول بفتح باب الاجتهاد. وسعى إلى إصلاح الأزهر فعارضه بعض كبار الشيوخ وطرد هو ومناصروه، فعمل في المحاماة (1931 1935) وأعيد إلى الأزهر، فعين وكيلا لكلية الشريعة ثم كان من أعضاء كبار العلماء (1941) ومن أعضاء مجمع اللغة العربية (1946) ثم شيخا للازهر (1958) إلى وفاته. وكان خطيباً موهوبا جهير الصوت، له مؤلفات كثيرة منها : الإسلام عقيدة وشريعة، والفتاوى، وتوجيهات الإسلام... انظر ترجمته في : عمر كحالة : المستدرك على معجم المؤلفين (ص 774)، الزركلي : الأعلام (ج7/ ص173).
[3] انظر : الفتاوى للشيخ شلتوت (ج1/ ص274، دار الشروق، بيروت، ط8، 1395 هـ).
[4] السابق (ص375).
[5] السابق (ص376).
[6] السيد سابق : من مواليد محافظة المنوفية مركز الباجور قريه اسطنها أحد علماء الأزهر تخرح في كلية الشريعة، كان عضوا في جماعة (الإخوان المسلمين) منذ ان كان طالبًا، بدأ يكتب في مجلة الإخوان الأسبوعية مقالة مختصرة في فقه الطهارة، معتمدًا على كتب فقه الحديث وهي التي تعنى بالأحكام، مثل (سبل السلام) للصنعاني، وشرح (بلوغ المرام) للحافظ ابن حجر، ومثل (نيل الأوطار) للشوكاني، وشرح (منتقى الأخيار من أحاديث سيد الأخيار) لابن تيمية ومستفيدًا من كتاب (الدين الخالص) للعلامة الشيخ محمود خطاب السبكي، مؤسس الجمعية الشرعية في مصر، وأول رئيس لها، الذي ظهر منه تسعة أجزاء في فقه العبادات، ومن غير ذلك من المصادر المختلفة، مثل (المغني) لابن قدامة، و(زاد المعاد) لابن القيم، وغيرهما. عين مديرًا لإدارة الثقافة في وزارة الأوقاف، في عهد وزير الأوقاف المعروف الشيخ أحمد حسن الباقوري، تقل الشيخ في السنين الأخيرة من عمره إلى (جامعة أم القرى) بمكة المكرمة، سعيدًا بمجاورة البيت الحرام، وفي سنة 1413 هـ حصل الشيخ على جائزة الملك فيصل في الفقه الإسلامي. وتوفي يوم الأحد 23 من ذي القعدة 1420هـ الموافق 27/2/2000م عن عمر يناهز 85 سنة ودفن بمدافن عائلته بقرية اسطنها حيث مسقط رأسه (نقلا عن : ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).
[7] انظر : الحلي : المختصر النافع من فقه الإمامية (ص181، 182) بتصرف.
[8] موسى الموسوي : المتآمرون على المسلمين الشيعة (ص160، 161) بتصرف.
[9] سيد سابق : فقه السُّنَّة (ج2/ ص44، دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان، بدون).
[10] عبد المنعم النمر : الشيعة، المهدي، الدروز... تاريخ ووثائق (ص135، 136).
[11] السابق (ص136).
[12] الموضع نفسه.
[13] محمد سيد طنطاوى (شيخ الأزهر)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (ج3/ ص113، 114، بدون).
[14] الدكتور وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ، درس في كلية الشَّريعة بالأزهر الشريف، وحصل على الشهادة العالية، وكان ترتيبه فيها الأول عام 1956م. ثم حصل على إجازة تخصص التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر، وصارت شهادته العالمية مع إجازة التدريس، من شيوخه في مصر/ شيخ الأزهر الإمام محمود شلتوت، والإمام د عبد الرحمن تاج (انظر : المعجم الجامع في تراجم العلماء وطلبة العلم المعاصرين).
[15] وهبة بن مصطفي الزحيلي، التفسير الوسيط (ج1/ ص306، دار الفكر، دمشق، ط1، 1422هـ)، وانظر لنفس المؤلف : الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (ج9/ ص110، دار الفكر، دمشق سوريَّة ــ، ط4).
[16] مصطفي الشكعة : إسلام بلا مذاهب (ص195).
[17] فتح الله الكاشاني : تفسيره منهج الصادقين (ص356).
[18] محمد عبد المنعم البري : الجذور اليهودية للشيعة (ص179- 181).
[19] ابن الجوزي : زاد الميسر في علم التفسير (ج2/ ص53، 54، مطبعة المكتب الإسلامي، بيروت، ط5، 1404هـ).
[20] موسى الموسوي : الشيعة والتصحيح (ص109، 515).
[21] الكافي في الفروع (ج2/ ص48)، وسائل الشيعة (ج21/ ص23) نقلاً عن أحمد سيد أحمد علي : التقريب بين السُّنَّة والشيعة (ص516).
[22] المجلسي : بحار الأنوار (ج100/ ص318)، وانظر : أحمد سيد أحمد علي : التقريب بين السُّنَّة والشيعة (ص516).
[23] المرجع نفسه.
-
الاثنين AM 11:16
2025-04-07 - 212