المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409005
يتصفح الموقع حاليا : 357

البحث

البحث

عرض المادة

كيف اختار اللهُ تعالى رُسلَه

أ. عبد المجيد فاضل

* قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 75].

قال مكي بن أبي طالب (437 هـ) في تفسيره (الهداية إلى بلوغ النهاية): "أي: الله يختار من الملائكة رسلاً يرسلهم إلى من يشاء من خلقه، كجبريل وميكائيل صلى الله عليهما وسلم. ومن الناس، أي: يختار من شاء من الناس رسلاً يرسلهم إلى خلقه.

ويقال: إن هذه الآيةَ جوابٌ لقول المشركين: ﴿أَءُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا﴾ فأنزل الله تعالى: ﴿ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ﴾ أي: ذلك إليه، يفعل ما يشاء، لا معقب لحكمه".

* وقال تعالى: {وَإِذَا جَاۤءَتۡهُمۡ ءَایَةࣱ قَالُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَاۤ أُوتِیَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَیۡثُ یَجۡعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: جزء من الآية 124].

قال الشوكاني في تفسيره: "أيْ: إنَّ اللَّهَ أعْلَمُ بِمَن يَسْتَحِقُّ أنْ يَجْعَلَهُ رَسُولًا ويَكُون مَوْضِعًا لَها وأمِينًا عَلَيْهَا".

وقال الدكتور عبد العزيز الطَّوْيان في مقدمة تحقيقه لكتاب «النُّبُوّات» لابن تيمية (19/1): "والنُّبُوّة لا تُنالُ بِعلْمٍ ولا رياضة، ولا تُدْرَك بكثرةِ طاعةٍ أو عبادة، ولا تأتي بتجويع النفس أو إظْمائِها كما يظنّ مَن في عقله بلادة. وإنّما هي محضُ فضلٍ إلهيّ، ومجرّد اصطفاء ربانيّ، وأمر اختياريّ؛ فهو جلّ وعلا كما أخبر عن نفسه: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمُ} [البقرة، 105].

فالنُّبُوّة إذاً لا تأتي باختيار النبيّ، ولا تُنالُ بطلبه".

نَعَم، إنّ النُّبُوَّةَ اختيارٌ سماوِيٌّ، واصطفاءٌ ربّانيٌّ، ولكنْ لا ينال فضلها إلاّ مَن كان أهلاً لها؛ وتاريخُ الأنبياءِ يشهد على أنّ اللّهَ تعالى – كما قال الدكتور عدنان زرزور –: "لمْ يَبعث نبيّاً إلاّ وكان ذا حظٍّ وافر من صفاء النفس، وجودة القريحة، وسلامة العقل، وسداد التفكير، إلى جانب اتصافه بالصدق والأمانة، … إلى غير ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسن الشمائل والعادات…

ولكن ليس معنى ذلك أنّ كلَّ مَن أصاب طرفاً من هذا صار نبيّاً أو «استطاع» أنْ يكون نبيّاً، أو أن يبدأ الاتصال بعالم الغيب!! إنّ صفاءَ صفحةِ النّبِيِّ  – أيِّ نبيٍّ، عليهم الصلاة والسلام أجمعين – أمْرٌ أو «شرطٌ» لازمٌ لاستقبال ما يوحَى إليه من عالم الغيب ... ولكنْ «الركنُ» الذي تتحقق به النُّبُوَّةُ هو اصطفاء اللّهِ ووحيُ السماء!". [في الفكر والثقافة الإسلامية: المدخل والأساس العقائدي، الدكتور عدنان محمّد زرزور، المكتب الإسلامي–بيروت، الطبعة الرابعة، سنة 1991م، ص133-134].

وإذا رجعنا – مثلاً – إلى تاريخ نَبِيِّنا محمّد ﷺ، فإنّنا نجد أنّه كان من أفضل النّاس وأشرَفِهم نسباً، وكان قلبُه من أطهر القلوب وأصفاها؛ قَالَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ: "بُعِثت مِنْ خَيْرِ قُرون بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى بُعِثْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ". [رواه البخاري].

وقال أيضاً: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ". [رواه مسلم].

وقال ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ ﷺ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ". [قال محققو المسند: "إسناده حسن"؛ انظر: مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق : شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، تحت إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ج6 ص84].

  • الخميس PM 03:22
    2022-10-20
  • 830
Powered by: GateGold