المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412258
يتصفح الموقع حاليا : 370

البحث

البحث

عرض المادة

ما هي دار الحرب، وما هي دار الإسلام؟

بقصد بدار الإسلام جميع الأراضي التي يعمرها المؤمنون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم العاملون بكتابه وسنته، المنفذون لشرائعه، والمنضمون تحت لوائه. ويقصد بدار الحرب جميع الأراضي التي يقطنها الكافرون بهذه الرسالة، والمخاصمون لها، والمعترضون لدعوتها..

 

قد تتسع هذه الدار فتشمل كل الأوطان التي غزانا منها الصليبيون القدامى، أي أوربا كلها تقريباً! وقد تتسع لتشمل كل الأقطار التي أغار منها التتار علينا، فوصلوا من الصين إلى فلسطين!، وقد تضم كتابيين، ووثنيين، وملاحدة!

 

وقد سميت هذه البقاع وأهلوها دار حرب من باب المعاملة بالمثل – كما يتبين ذلك قريباً – فإن أرض الإسلام لم تكن لها حرمة عند أعدائه فلم تصان أرض أولئك الأعداء..؟

 

على أني أشعر بالألم لهذه الجفوة القاسية وآسى لإنسانية انقسمت على هذا النحو الدامي، وتاريخ مليء بالإحن والحروب!

 

لم تكن هناك جسور تصل بين الدارين، ولا عهود تؤمن الأتباع من هنا ومن هناك، بل كانت هناك تيارات من الجدل والهاترة تشعل الأحقاد، وتورثها للأحفاد، وليس بين الفريقين إلا ما بقوله الشاعر:

الله يعلــــم أنـــــا لا نحبكــم                 ولا نلومكمو ألا تحبونـا

كل له نية في بغض صاحبه                 بنعمة الله نقليكم وتقلونا!!

 

 من المسئول عن ذلك؟ قبل أن أذكر ما عندي أذكر ما قاله أقطاب القانون الدولي عند الأوربيين، وهي أقوال نقلتها عن كتاب "المجتمعات الدولية الإقليمية" المقرر في معهد الدراسات العربية العالمية بجامعة الدول العربية.

 

والمؤلف رجل محايد لم يره أحد يوماً في ميدان الدعوة الإسلامية هو الدكتور محمد حافظ غانم وزير التعليم العالي الأسبق..

 

كتب تحت عنوان "العائلة الدولية كانت تستبعد دار الإسلام من حظيرتها"

 

فقال: "منذ نشأة القانون الدولي الحديث كان من المقطوع به اعتبار الإسلام خارج نطاق العلاقات الدولية! وعدم الاعتراف بتمتع الشعوب الإسلامية بالحقوق التي يقررها هذا القانون".

 

وعلى هذا الأساس لم يكن الفقهاء الأوربيون راغبين في اعتبار الدولة العثمانية جزءاً من الجماعة الدولية فـ "جروسيوس" أبو القانون الدولي قال بوجوب عدم معاملة الشعوب غير المسيحية على قدم المساواة مع الشعوب المسيحية! ومع أنه يرى القانون الطبيعي مجيزاً لعقد معاهدات مع أعداء الدين المسيحي إلا أنه نادى بتكتل الأمراء المسيحيين ضد أعداء العقيدة.

 

و"جينتليس" هاجم "فرانسوا الأول" ملك فرنسا لعقيدة معاهدة مع السلطان سليمان القانوني – الخليفة العثماني – سنة 1535م مع أن هذه المعاهدة أقامت سلاماً بين الدولتين وأعفت الرعايا الفرنسيين من دفع الجزية التي كانت مقررة على غير المسلمين إذا ما أقاموا في دار الإسلام! ومنحتهم امتيازات دينية وقضائية .

 

وذلك على أساس أن هذه المعاهدة تقيم تعاوناً بين ملك مسيحي وبين غير المؤمنين!

 

أقول: وهو تعاون – في نظر رجل القانون الدولي – لا يجوز بل يجب أن يبقى التناكر والتعادي بين الفريقين، وأن تهيأ الفرص لسفك المزيد من الدماء! بم نعلق؟ {قُل لَّا تُسْـَٔلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْـَٔلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ} [سبأ: 25-26].

 

يقول المؤلف: بل لقد ذهب فقهاء آخرون إلى أنه من الممكن إقامة سلام دائم في أوربا، على أساس تكتيل الدول المسيحية         ضد العثمانين – أي ضد المسلمين – وظهرت عدة مشروعات من هذا النوع.

 

ويستطرد المؤلف – بعد شرح هذه المشروعات – فيقول: إن الدولة الأوربية في تعاملها مع الشعوب الإسلامية كانت تنظر إليها كجماعات همجية غير جديرة بالتمتع بقواعد الحرب! ولقد اعتبر الاستيلاء على أراضي المسلمين عملاً فاضلاً يدعو إلى الفخر..!!

 

ثم يقول المؤلف: ونخلص مما تقدم إلى أنه حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر لم تكن الدولة العثمانية أو أية دولة إسلامية أخرى تتمتع بحقوق القانون الدولي.

 

هكذا كانت النظرة إلينا حتى بدايات العصر الحديث! والواقع أن رجال الحرب والسياسة والقانون، كانوا قبل الحروف الصليبية وبعدها ينظرون إلينا ببغضاء عميقة، وقد ورثوا عن آبائهم كفراً برسالة محمد ورغبة جامحة في تشويهها والقضاء عليها!

 

محمد مدع لا صلة له بالنبوة وأتباعه مخدوعون لا يقبل منهم إيمان، وليس لهذا الدين ولا لمن دخل فيه حق مادي أو أدبي ينبغي أن يراعى! إنهم خارجون على القانون فمن اغتالهم أو اجتاحهم لم يرتكب إثماً!

 

ماذا يفعل المسلمون إذا رأوا هذا الحيف، وهم موقنون بأن الله واحد، وأن رسله كلهم – ومعهم محمد – حق؟

 

إذا اعتبرت أرضهم دار حرب اعتبروا أرض غيرهم دار سلام؟ هذي بلاهة!!

 

كان عباد الأصنام يشمئزون من عقيدة التوحيد! ويرفضون سماع شيء عنها: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُۥ وَلَّوْا عَلَىٰٓ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: 46].

 

ليكن {لِّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ  أَنتُم بَرِيٓـُٔونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَا۠ بَرِىٓءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ} [يونس: 41]

 

لا، لن ندعك تدعو ولن ندع الآخرين يتبعونك، والسيف هو الحاكم! ويصور القرآن الموقف في هذه العبارة {وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ ٱسْتَطَٰعُوا} [البقرة: 217].

 

فإذا تجاوزنا الوثنيين إلى أهل الكتاب وجدنا الضغائن أشد، والأنياب أحد.. إنهم لا يطيقون سماع كلمة عن الإسلام {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَٰرَىٰ تَهْتَدُوا} [البقرة: 135].

 

كلا الفريقين من يهود ونصارى يريد أن ننسلخ عن ديننا ونتبعه!

 

إننا يا قوم أعرف بموسى وعيسى، وأرعى لترائهما الصحيح، وأسرع إلى مرضاة الله الذي أرسلهما، وأرسل بعدهما محمداً..

 

لا لن نصفو لكم {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ...} [البقرة:120].

 

ويبذل أهل الكتاب جهود المستميت لسحق الدين الجديد، وتعويق المصدقين له، وصرفهم ولو إلى الإلحاد أو الوثنية!!

 

وإنك لترى تقريع الأسى والغضب في تعليق القرآن على هذا الموقف الوضيع {قُلْ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ قُلْ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَآءُ ۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}        [آل عمران: 98-99].

 

ماذا يصنع المسلمون بإزاء هذه العداوات المحيطة؟ إن الذي يطلب منهم الاستكانة لها لا ذرة لديه من عقل.

 

وها قد طلع العصر الحديث، عصر عصبة الأمم، ثم هيئة الأمم، ومجلس الأمن، وقيل إن للإنسان حقوقاً، وللشعوب كرامات! فهل اختفت المواريث القذرة في تاريخ العالم وتخلصت البشرية من طبائع الظلم والغبن؟

 

إن قضية فلسطين نموذج لشر ضروب التعصب، فقد طرد شعب مسلم من داره، وحلت محله إسرائيل، وقالت الدولة الراقية؛ لقد خلقت إسرائيل لتبقى...

 

وستتبع فلسطين أقطار أخرى مادامت جزءاً من أرض الإسلام لأنها في نظر الاستعمار القديم والحديث دار حرب!!

 

إننا لا نحب هذا التقسيم، ولكن غيرنا ألجأنا إليه وإذا تركه تركناه...

 

  • الاربعاء PM 06:06
    2022-03-23
  • 1270
Powered by: GateGold