المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412350
يتصفح الموقع حاليا : 285

البحث

البحث

عرض المادة

الثورة الشعبية في سوريا ضد الاحتلال الفرنسي

أدت اتفاقية سيكس بيكو الشهيرة إلى تقسيم الوطن العربي بين فرنسا وإنجلترا وذلك عقب الحرب العالمية الأولى بعد القضاء على الدولة العثمانية صاحبة الولاية والخلافة الإسلامية بعد مؤامرة ماسونية كما ذكرنا. 

ولهذا كانت البلاد السورية تموج بالحوادث وكانت الشكاوى من سوء الإدارة الفرنسية قد بلفت عنان السماء حتى ضج الناس من استفعال الضائقة الاقتصادية وأصبحت النفوس متلهفة لاستقبال تطورات جديدة تنفذ البلاد من محنتها ويلائها، ومما يذكر في هذا الشأن أنه قد تقدم الشيخ (اسعد الصاحب) شيخ الطريقة النقشبندية بالشكوى من امر فظيع حدث في مقرة البرامكة حين دفن کلب لضابط فرنسي في قبر أحد أئمة المسلمين وبنيت مراحيض للجنود السنغالية قبالة أضرحتهم. 

كما أنه بعد احتلال الجيش الفرنسي مدينة دمشق أصدرت السلطات العسكرية أحكام بالإعدام على عدد من أقطاب العهد الوطني في دمشق وعلى عدد من الزعامات الوطنية الثورية، التي أعلنت المقاومة ومارستها قبل معركة ميسلون وبعدها وفي المقدمة الزعيم الوطني قائد ثورة الجنوب أحمد مريود التي بدأت عام (1919 م) . 

كما أصدرت بلاغ الزمن فيه حكومة علاء الدين الدروبي بتحصيل الغرامة التي فرضها الفرنسيون على الشعب العربي السوري تنفيذا للبند الرابع من شروط (غورو) على الملك فيصل وكانت حوران اول منطقة رشحنها حكومة الدروبي التحصيل الغرامة من أهاليها ولقد كلف الدروبي للقيام بهذه المهمة ففي يوم (21 آب/أغسطس 1920 م) غادر الدروبي والوفد المرافق له دمشق إلى درعا 

 

للتباحث مع زعماء حوران في أمر الغرامة وفي الطريقة التي تقضي بجمع وتحصيل الحصة المفروضة عليهم. 

ولقد كانت حوران كبقية المناطق السورية تعيش مأساة ميسلون فلم يقبل أهلها أن يأتي رئيس الوزراء ودماء الشهداء لم تجف بعد لنهب الشعب وأمواله وقوته بحجة الغرامة لصالح الجيش الفرنسي الذي يتوجب عليه دفع الغرامة والتعويضات عن الخسائر المادية والبشرية التي خسرها الشعب السوري الأمن في أرضه ووطنه وأضعف الإيمان أن لا يطالب المحتل الأجنبي بتعويضات من الشعب الوطني المحتلة أرضه 

ومن هذا المنطلق كان السخط عاما فقد تجمهر عدد من أهل حوران في محطة (خربة غزالة) والتي تقع شمال شرق درعا وهم عازمون على الفتك بالوزراء الذين تعاونوا مع المحتل الفرنسي عند وصولهم وعندما أقبل القطار الذي يقل أعضاء الوفد قام الثائرون بقتل علاء الدين الدروبي رئيس الوزراء المتعاون مع الفرنسيين وعبد الرحمن اليوسف وبعض الجنود الفرنسيين ثم قطعوا المواصلات البرقية والهاتفية وعطلوا سكة الحديد وأخذوا يستعدون للمقاومة، وعلى إثر ذلك عقد شيوخ حوران وزعماؤها اجتماعا في قرية (نصيب جنوب شرق درعا قريبا من الحدود الأردنية للتباحث في ما يجب عمله بعد حادث مقتل الدروبي وجماعته، وتوقع قدوم الجيش الفرنسي للانتقام. 

ونتيجة لهذا الاجتماع قرر الزعماء بصورة جماعية أن يتعاون الأهالي على مقاومة الفرنسيين وأرسلت الرسائل إلى أهالي شرقي الأردن للاشتراك مع الحوارنة في قتال المحتل، كما أرسل شيوخ حوران رسالة إلى الزعيم الوطني 

أحمد مريود من أجل متابعة خطة تصعيد وتيرة العمل الثوري في جنوب سوريا والأردن. 

وقد جاء في كتاب صورة مشرقة في نضال حوران الأحمد الزعبي أنه قد قام الحوارية والمقاتلون من الجولان والأردن بقيادة الزعيم أحمد مريود بالانتشار بين جبال الكسوة لمحاربة الغزو والاستعمار الفرنسي ولقد أشرف مع الزعيم أحمد 

 

مريود النائب سعد الدين المقداد من حوران. 

ومما يدل على تعاطف سكان البادية مع هذه الثورة ما جاء في مذكرات د. عبد الرحمن شهبندر حيث قال: (إنه أخبرني بعض شيوخ البدو أن الغزوات هذه كانت نادرة جدا بالنسبة إلى السنين الماضية لأن البدو حرموا على أنفسهم القارة على هذه البادية خشية أن يصادفوا فيها المجاهدين أو أن يسلبوهم حلالهم) . 

وفي أواخر شهر حزيران (1921 م) نصب كمين للجنرال (غورو) ومرافقيه في موقع (كوم الرويسة) في منطقة الجولان على طريق القنيطرة من قبل خليل مريود وأدهم خنجر وغيرهم فأمطروهم وابلا من الرصاص فقتل الملازم (برانات) وجرح حتى العظم، وكتبت النجاة للجنرال والقومندان (كاترو) والأخرين 

ويقول سلطان الأطرش في مذكراته: (إنني لم ألبث أن تلقيت رسالة من أدهم خنجر بذكر فيها أنه فصد ديارئا مستجيرا ولكن السلطة المحلية اعتقلته عند وصوله إلى القريا) في جبل العرب وساقته مخفورة إلى السويداء، وإن حياته مهددة بالخطر فهو لذلك يستحثى أن أعمل على إنقاذه قبل فوات الأوان ولقد كنت مقتنعة في قرارة نفسي - يقول سلطان الأطرش - ان أدهم خنجر لا يمكن تصنيفه في زمرة الجناة والمجرمين لينال عقابه بالطريقة التي يريدها له الفرنسيون، وإنما يعتبر هو ورفاقه في تلك الحادثة من جملة المجاهدين الذين يقومون بواجبهم الوطني ويؤدون فريضة الجهاد المقدس لطرد الأجنبي من بلادناء فكيف أعرض عن حماينه ولا أعمل على إنقاذه وكيف اتخلى عنه ونترك أمره العدالة الفرنسيين والذي لا تختلف من حيث الجوهر عن شريعة الغاب في شيء). 

ويتابع سلطان الأطرش ويقول: (لقد جمعت من فورى أهالى القريا) وعرضت الموضوع عليهم من كل جوانبه فثارت ثائرتهم وهبوا لإنقاذ ضيفهم بحماسة منقطعة النظير، واتجهنا نحو السويداء مشاة وفرسانة، بعد أن أرسلنا (المفزع) يطلب النجدة من قرى الجنوب وعينا مكان اللقاء قرية (رسام) وسرعان ما توافدت على هذه القرية بيارق (المقرن) يسير تحتها نحو الفين من المحاربين، يضاف إليهم فرسان عشيرة السردية بقيادة المرحوم خلف الكليب، وبينما كنا بقرية 

 

كتاكر) وبالتحديد في (21 تموز 1922 م) سمعنا طلقات الرشاشات فأسرعنا إلى مكان الحادث قرب (تل حديد) وهو تل في جبل العرب بعد عن السويداء (5 كم) غريا حيث وجدنا المعركة دائرة بين ثلة من فرسائنا وبين ثلاث مصفحات قدمت من درعا لنقل الضيف السجين إلى دمشق، فاستولينا على مصفحنين بعد وصولنا بقليل، وهريت المصفعة الثالثة دون أن نتمكن من اللحاق بها أو تعطيلها بأسلحتنا الخفيفة وقد قتل ثلاثة جنود فرنسيين وضابط يدعى (بوکسان Bouxin) واسر أربعة أيضا، ومع الأسف لم يكن أحد منا يعرف كيف تعمل المصنعة او بستخدمها في القتال، لذلك لم نجد بد من تدمير ما أمكن تدميره من المصفحتين، ويتابع سلطان الأطرش، ولم يطل بنا الوقت حتى وصل إلى ميدان المعركة وفد بضم غالبية أعضاء المجلس النيابي، ومعهم عمى - عم سلطان الأطرش. نسيب فتفاوضنا واتفقنا بعد نقاش حاد كاد يؤدي إلى اصطدام عنيف على ما بلي: 

ا. أن نفك الحصار عن السويداء ونعيد قواتنا المرابطة إلى قراها. 2 - تسليم الأسرى الأربعة

2. ترك قضية أدهم خنجر ليعالجها الوفد بجو ودي وطريفة سلمية مع السلطة الفرنسية.

4 - يتعهد الوفد بتسليم ادهم لنا ورده سالما في اقرب فرصة ممكنة.

وفاتني أن أتمسك بالأسرى - بقول سلطان - حتى بحضر أدهم خنجر، ولم أشعر أن زمام الأمر قد أفلت من يدي إلا بعد وصولي فرية - رساس - حيث حرمت الطائرات في سماء السويداء وفوق الطريق المؤدية إلى هذه القرية، وما أن ابتعدنا قليلا عنها حتى شهدنا قوة كبيرة من الخيالة ندخل القرية مدعومة ببضعة مصفحات. 

وفي صبيحة اليوم التالى عدت إلى القريا) ففوجئت بأثار القصف الجوي لها ولدارنا والذي تعرضت له مساء اليوم الفائت، وحمدت الله أنه لم يصب أحد من أهلنا بان أثناء الغارة وعزمت على الرحيل إلى الأردن فورا. 

 

ثم وصلنا. يقول سلطان الأطرش - إلى رحاب وخيمنا في خرية أرحاب) حيث مكشا عشرة أشهر كنا خلالها موقع احترام العشائر المجاورة وحفاوتهم. 

ولم بفتا أن نعلم الحكومة الأردنية بنزولنا في أرضها وقد كتبت لها رسالة بهذا الخصوص نقلها أخي على إلى عمان، وعاد بعمل جوابا يتضمن الموافقة والترحيب، غير أن السلطة الإنجليزية لم تكن راضية عن ذلك فحاولت إخراجنا وتسليمنا إلى الفرنسيين ولقد عمل الأمير عادل ارسلان على إحباط مساعيهم 

بالتعاون مع رشيد طليع وغيرهم من رؤساء العشائر الأردنية والتي كانت تربطنا بها رابطة الصداقة منذ أيام الثورة العربية (1) . 

ويتابع سلطان باشا الأطرش قوله في مذكراته عندما كان مقيمة في الأردن: أنه ذات يوم وافتى أخبار مثيرة من الجبل أن الفرنسيين كانوا يرسلون بعض قواتهم يوميا من (بصري) إلى (برد) و (القريا) للاستيلاء على محاصيلنا ونهب مواشينا والتخريب في دورنا. 

وللتأكد من ذلك قررت بالاتفاق مع رفاقي أن نقوم بجولة استطلاعية داخل حدود الجبل، ومن الذين رافقوني فيها خلف الكليب السردية وغيرهم من فرسان المنطقة، وعند وصولنا إلى (برد) في (7 آب عام 1922 م) أخفينا الخيل في الدور وكمنا قرب البيدر، وما لبثا أن سمعنا هدير الطائرات وقد وصلت إحداها وراحت تحلق فوقنا دون أن ينكشف لها أمرنا، ثم أطلقت إشارة للقوة التي كانت تنتظر شرقي (بصري) لتتابع تقدمها نحو (برد) 

كانت القوة الفرنسية مؤلفة من كوكبة من الفرسان وبضعة سيارات لشحن الحبوب وفي داخلها بعض الجنود المسلحين وما أن افتريت حتى امطرناها بوابل من رصاص بنادقنا فتراجعت تاركة وراءها عددا من القتلى والجرحى، وفقدنا فرسين وأصيب أخي على بجراح وقد أدت هذه الحادثة إلى حرق بيادرنا وتخريب دورتا وضرب قريتي (بكا وام الرمان) بالمدفعية الثقيلة بسبب مرورنا بها أثناء 

(1) انظر مذكرات سلطان باشا الأطرش?

 

عودتنا للأردن. 

ولم تلبث أخبار اصطدامنا الأخير مع الفرنسيين أن انتشرت بين عشائر الأردن فجاءت وفود عديدة لتهنئتنا والسلام علينا، غير أن بعضهم لم يخف عنا فلفه من مؤامرة إنجليزية فرنسية قد تدبر ضدنا للتخلص منا وإخماد ثورتنا، ثم عدنا في الخامس من نيسان عام 1923 م) بعد أن ألفي الحكم الصادر علينا بالإعدام بعد مساعي صلح جديدة. 

ومن ضمن السرفات التي قام بها الفرنسيون في حوران والجبل نقل أجمل الآثار التي وجدوها في القرى والأماكن المختلفة إلى متحف اللوفر بباريس ووضعوها في قاعة معروفة بقاعة الجبل. 

كما سمي سلطان باشا الأطرش للصلح بين قبائل المنطقة بعد عودته فحاول إزالة عداء قديم كان قد حصل بين عشيرتي السردية والسرحان، ولم يوفق لحله الوقوع اصطدام مفاجئ بينهما في مكان آخر، أسفر عن سقوط بعض القتلى والجرحى من الفريقين 

ويتابع سلطان الأطرش في مذكراته: أن من مجريات الأحداث التي مهدت الثورة عام 1925 م ضد الفرنسيين أنه في الخامس من نيسان من هذا العام زار الجنرال (سراي) الجبل يصحبه المسيو (شوفلر) وشهد بنفسه مراسم الاحتفال بعيد الاستقلال في مدينة السويداء فاغتنمت المعارضة الفرصة وقدمت له عريضة تحمل تواقيع أكثرية زعماء الجبل وشيوخه يطالبون فيها بإقالة (كاربيه ونقله من الجبل وتعيين حاكم وطني بدلا منه ولم تفلح هذه الإجراءات وكان أن أرسلت حملة ميشو) إلى الحوارنة الذين أثبتوا للجنرال (غورو) أن ثأرهم لمعركة ميسلون لم يستمهلوا به طويلا أحفاد الصليبيين وإن جوابهم على مقولته المشهورة أمام ضريح صلاح الدين قد كان حاسما في ذلك اليوم العظيم، فلقد اندحرت الحملة الفرنسية اندحارا کاملا وتبعثرت جثث قتلاها وهياكل مدرعاتها وآلياتها المختلفة وأسلحتها الثقيلة بين السهول الممتدة من المزرعة شرقا حتى قرية (الدور) 

 

ومشارف بصرى الحرير غربة، واستطاع العديد من ضباطها وجنودها أن يفلتوا من الأسر على الرغم من ملاحقة خيالتنا لهم فوصلت آخر أفواجهم إلى محطة (أزرع) مساء ذلك اليوم. 

وإذا كنا لم نستطع إحصاء عدد قتلى هذه الحملة وجرحاها بالضبط فقد تركنا ذلك في ذمة التاريخ، وإنه من الواجب أن تثبت هنا الحقيقة عما بخصنا ويدخل في نطاق معرفتنا، أي عدد الذين استشهدوا من ثوارنا وكتبوا في صفحات أمتا العربية والإسلامية، وتاريخ نضالها أروع صفحات الجهاد وهو البالغ (241) شهيدا وذلك من مجموع أولئك المجاهدين الأشاوس الذين خاضوا هذه المعركة وعددهم لا يتجاوز الأربعة آلاف مقاتل من مختلف قرى حوران والجبل وعشائر المنطقة وممن شاركوا معنا من مشاهير المجاهدين من بدو المنطقة، مضافا إليه بعض وجوه العشائر البدوية التي تقيم في الجبل أمثال: عايد الدبيس (السردية) . كاين القنيص (المساعيد) ، عقيل المسيلم (المساعيد) ، مريبيع الهلال (المساعيد) محمد العويد. 

ولقد كانت منازل عشائر السردية حول قرية (القريا) وموردها ماء (النمرة) تم في قرى (حوت) و (بكة) و (ام الرمان) و (دبين) وأكثر إقامتها في داخل الحدود الأردنية قرب جبل العرب وتقضى الصيف في الفور أو البلقاء، والشتاء في المنطقة الواقعة جنوب جبل العرب حتى جهة القصر الأزرق، وأكثر إقامتهم كانت داخل الحدود الأردنية قرب جبل العرب، وقد تملكوا خربتين اسمهما صبحة وصبحية تفعان بين أم الجمال وام القطين في محافظة المفرق، ولهم فيها بيوت حجر للشتاء أما نجمتهم في الشتاء في أرض الجبانة وقرب الأزرق وقد يصل بعضهم إلى قريات الملح. 

ولقد ساهم الانقلاب المعروف بالمؤامرة العراقية ضد سوريا والذي تم الكشف عنه بجلسة لمجلس النواب السوري وكانت ساعة الصفر له (30 تشرين أول 1959 م) بتحديد الولاءات السياسية للعشائر الحورانية وذلك على أثر الاعتقالات 

 

الواسعة والتي تمت عقب انكشاف الانقلاب بحيث أدت إلى استقرار عشائر الجبل وحوران نهائية في القسم الأردني لحوران منذ ذلك التاريخ، وكان ولاء عشائر السردية للثورة العربية الكبرى قد تم منذ بداية هذا القرن حيث استوطنوا خرائب صبحا وصبعية شرقي المفرق، منذ ذلك الحين للسكنى فيها في فصل الشتاء وذلك لحرائة أراضيه وزراعتها مناصفة مع أهالي عجلون وإربد (1) . 

ثم كانت الثورة الشعبية المسلحة في 1925 والتي عرفت بالثورة السورية الكبرى وهي ثورة انطلقت في سوريا ضد الاستعمار الفرنسي بقيادة ثوار جبل العرب جنوب سورية وانضم تحت لوائهم عدد من المجاهدين من مختلف مناطق سوريا والأردن تحت قيادة سلطان باشا الأطرش قائد عام الثورة، 

حقق ثوار الجبل انتصارات هزت فرنسا وكبدت الفرنسيين خسائر فادحة في العتاد والأرواح 

كان السبب المباشر الذي فجر تلك الثورة هو قيام فرنسا بالقبض على أدهم خنجر الثائر من جبل عامل، وهو في جوار سلطان باشا الأطرش، مما أثار حفيظة الشعب للمساس بالتقاليد والعروبة والشرف. 

وكانت فرنسا قد خدعت العرب بعدما ساعدوها في الإطاحة بالحكم العثماني بعد أحداث الثورة العربية الكبرى إبان الحرب العالمية الأولى، وكان الإحساس الوطني لدي مختلف أطياف الشعب في سورية والتصميم على مكافحة الاستعمار بحثا عن الحرية والاستقلال. 

عمد الفرنسيون إلى اقتطاع سهل البقاع وصيدا وبيروت وطرابلس السورية وضموها إلى لبنان. 

قام الفرنسيون بتمزيق سوريا إلى عدة دويلات صغيرة (( حلب - الدروز – 

(1) انظر مذکرات سلطان باشا الأطرش ومذكرات د عبدالرحمن شهبندر، ثورة سوريا الكبرى

ومعجم قبائل العرب القديمة والحديثة. عمر رضا كحالة. وعشائر الشام. أحمد وسفي زكريا. 

 

العلويين - دمشق 

وسيطر الفرنسيون على النواحي الاقتصادية فربطوا العملة السورية واللبنانية بالفرنك الفرنسى ثم قاموا باتباع سياسة الفرنسة وإسناد المناصب الكبرى للفرنسيين. 

كل هذه الأجواء ساعدت في قيام الثورة الشعبية المسلحة ضد المحتل الفرنسي، التي قادها سلطان باشا الأطرش الدرزي. 

تحركت الثورة من كل مناطق ومدن سوريا بقيادة عدد كبير من القادة السوريين، من جبل العرب وحوران وسلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى، ومن حلب إبراهيم هنانو، ومن دمشق حسن الخراط، وعدد كبير من الأبطال والمجاهدين من مختلف مناطق سوريا واشتركت فيها جميع فصائل الشعب السوري. 

وقد لجا المجاهد سلطان الأطرش مع عدد من قادة الثورة بذكائهم وحنكتهم إلى نقل قيادة الثورة من المدن والقرى إلى البادية لتكون بعيدة عن متناول القوات الفرنسية ومخابراتها. 

فلجأوا إلى الشيخ سلطان سطام الطيار شيخ قبيلة ولد على من عنزة كونه أحد الثائرين ضد الاستعمار، إلا أن ذلك المقر لم يدم أكثر من ستة أشهر حيث اكتشف مكانهم وهاجمتهم القوات الفرنسية ليضطروا بعدها للانتقال إلى أماكن أخرى. 

ومما حققته تلك الثورة أنها جعلت المحتل الفرنسي على قناعة بأن الشعب السوري لن يرضخ ولابد من تأسيس حكومة سورية وطنية والرضوخ لإرادة الشعب وثورته الكبرى وتشكيل مفاوضين من مختلف محافظات سوريا وعمل انتخابات برلمانية مستقلة. 

وتم عرض مطالب الثورة وتشكيل المفاوضين ولكن الاستعمار الفرنسي لم 

 

بنفهم المطالب التي عرضت، فعم الغضب أنحاء البلاد فانطلقت الثورات إلى أن تمت الانتخابات البرلمانية السورية المستقلة في الثلاثينيات ورفض سلطان باشا الأطرش استلام الرئاسة أو تشكيل حكومة مستقلة في جبل العرب، لما في ذلك من تقسيم للمنطقة، وتشكلت عدة حكومات سورية 

وقد انتهى الأمر بتلك الثورة أيضا إلى ما انتهى به الأمر ثورة 1919 المصرية حيث التفت الماسونية عليها ولم يتحقق لها المطالب الأساسية وهي طرد المحتل الخادع فرنسا راعية الماسونية الكبرى. 

  • الثلاثاء PM 04:25
    2021-06-15
  • 2038
Powered by: GateGold