المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409027
يتصفح الموقع حاليا : 300

البحث

البحث

عرض المادة

الثورة البلشفية الروسية وإنهاء حكم القياصرة

كانت الثورة الروسية في مطلع القرن العشرين وأثناء الحرب العالمية ولكن جذورها تعود إلى قبل ذلك بكثير حيث العداء بين اليهود الروس من أصول الخزر ومملكة القياصرة الروس، فعمل الماسون لإضعاف الإمبراطورية الروسية بالحروب وأهمها حملة نابليون عام 1812 روسيا التي ترك إياها مثخنة بالجراح، فأخذ القيصر ألكسندر الأول على عاتقه إعادة تنظيم بلاده، وأصدر عددا من القوانين ألفت الأحكام المتعسفة التي كانت مطبقة على اليهود منذ عام 1772، والتي كانت تحدد إقامتهم في أمكنة معينة، وبذل القيصر جهدا لحمل اليهود على العمل في الزراعة وغيرها، وتشجيعهم على الامتزاج الكامل بالمجتمع الروسي. 

عام 1852 مات ألكسندر الأول، فخلفه على العرش نيقولا الأول، فلم ينظر بعين الرضا إلى التغلغل السريع لليهود في الاقتصاد الروسي، ولم ترتح حكومته إلى الإصرار الذي أيداه اليهود للحفاظ على تراثهم ولغتهم الخاصين وزيهم المميز. 

وهكذا، وفي محاولة منه لإذابة العنصر اليهودي في المجتمع الروسي، أصدر نيقولا الأول عام 1835، قوانين تجبر اليهود على إرسال أولادهم إلى المدارس الحكومية، وذلك المحو معاناة الاضطهاد الديني التي كانوا يشربون إياها في الطفولة 

غير أن النتيجة جاءت عکس المتوقع، لأن التعليم أصبح إلزاميا لأطفال اليهود، ولم يكن كذلك بالنسبة لأطفال الروس من غير اليهود، مما أدى إلى جعل اليهود الفئة الأكثر ثقافة في روسيا 

وارتقى عرش روسيا القيصر ألكسندر الثاني عام 1860، وكان هو الذي وصفه بنجامين دزرائيلى ب (أكثر أمراء روسيا تسامحا) ، وقد كرس ألكسندر حياته التحسين الأوضاع المعيشية للفلاحين والطبقات الكادحة واليهود، وقد حرر في عام 

 

1891 

23 , 000 , 000 )) عبد، وكانت عمليات بيع الأراضي وشرائها تشملهم فيباعون من سيد إلى سيد. 

ودخل العديد من اليهود، الجامعات، ولكنهم بعد التخرج كانوا يواجهون مصاعب وعقبات في التوظف ولإزالة هذا الإجعاف، أصدر القيصر اوامره بقبول هؤلاء اليهود في المناصب الحكومية، والسماح لهم بالسكن آبنما شاءوا في الأراضي الروسية. 

وما إن حل عام 1879، حتى كان من اليهود أطباء وممرضون وأطباء أسنان ورجال أعمال ومهن، وكان يسمح لهم بالعمل والسكن في أي مكان من روسيا، 

لكن اليهود الماسون كانوا مصممين على الاستمرار في التحضير للثورة في العالم، وكانت جماعاتهم الإرهابية ترتكب المجزرة تلو الأخرى، وعملوا على كسب تأييد الرافضين من المثقفين في روسيا، وعلى زرع فكرة التمرد والثورة في عقول الجماهير العاملة 

وقاموا بأول محاولة لاغتيال القيصر الكسندر الثاني عام 1896، ونجا القيصر من محاولتين لقتله بأعجوبة، وتمكن المتآمرون أخيرا في المحاولة الثالثة من اغتياله عام 1881، في بيت يهودية تدعى هسيا هلقمان 

وبينما كانت القوات الثورية تحرج الحكومة الروسية في الداخل بكل الوسائل الممكنة، بإثارة المشاغبات والقيام بالاغتيالات السياسية، كانت القوى الخفية من مراكزها في إنكلترا وسويسرا والولايات المتحدة تحاول من جهتها توريط روسيا في حرب مع بريطانيا، ففي مثل هذه الحرب لن تستطيع أي من الإمبراطوريتين إحراز أي مكاسب تذكر، وتكون النتيجة لمثل هذه الحرب إضعاف كلا البلدين ماديا، وتركهما فريسة سهلة للأعمال الثورية التالية 

في عدد تشرين الأولى 1881 من مجلة القرن التاسع عشر، كتب البروفيسور غولدوين سميث أستاذ التاريخ الحديث في جامعة أركسفورد يقول: (عندما كنت في إنكلترا لآخر مرة، كنا على حافة الحرب مع روسيا، وكان مقدرا لهذه الحرب 

 

أن تورط الإمبراطورية باكملها، وكانت المصالح اليهودية في أوروبا، وأداتها الرئيسية صحافة فيينا، تسعى بكل جهدها لدفعنا إلى المعركة). 

كانت حادثة اغتيال (البايا الصغير) للروس (قيصر روسيا السبب في موجة واسعة من الغضب، فجرت أعمال العنف ضد السكان اليهود في العديد من الأراضي الروسية، ومررت الحكومة الروسية (قوانين أيار) القاسية إرضاء لوجهات نظر الرسميين الروس الكبار، الذين قالوا: (إذا كانت سياسة التسامح التي اتبعها ألكسندر الثاني لم تكن كافية لإرضاء اليهود ومصالحتهم، فلن يرضيهم شيء بعد الآن إلا أن يبسطوا سيطرتهم المطلقة على روسيا) . 

في الثالث والعشرين من أيار عام 1882، طلب وقد يهودي برئاسة البارون جنزبيرغ مقابلة القيصر ألكسندر الثالث للاحتجاج على القوانين المذكورة، ووعد القيصر بإجراء تحقيق شامل في القضية بأجمعها، وخاصة فيما يتعلق بالأزمة بين اليهود وغير اليهود من سكان الإمبراطورية الروسية 

وفي الثالث من أيلول أصدر البيان الآتي: (منذ مدة والحكومة نولي بالغ العناية لليهود ومشاكلهم، مع الانتباه للأوضاع المحزنة للسكان المسيحيين الناشئة عن الطرق التي يستعملها اليهود في قضايا العمل والمال، خلال العشرين سنة الماضية لم يكتف اليهود بالسيطرة على كل التجارات والأعمال بفروعها، بل سيطروا أيضا على أجزاء كبيرة من الأراضي، إما بشرائها أو بزراعتها، وباستشاء القليل، کرس اليهود جهودهم كمجموع، ليس لإثراء الدولة ولفائدتها، بل لخداع الشعب الروسي بحيلهم الملتوية، وقد فاسى الفقراء بنوع خاص من هذا، فتصاعدت الاحتجاجات من الرعايا، وتجلى ذلك في أعمال العنف التي قام بها الشعب ضد اليهود، وقد سعت الحكومة لتخليص اليهود من الاضطهاد والمذابح، لكن لا يسعها تحت ضغط ملح إلا أن تتبنى القوانين القاسية، لتخليص الشعب من اضطهاد اليهود وأعمالهم الشريرة) . 

هكذا فعل اليهود بالإمبراطورية القيصرية مع أنهم كانوا نحو 4% من تعداد السكان 

 

كان اليهودي الألماني تيودور هرتزل يبث الشكوك عند اليهود، عندما يقوم بإعلامهم عن سياسة كارل رينر اللاسامية، وكيف أنها تنتشر بسرعة بين الشعب الألماني، واقترح هيرتزل إقامة منظمة يهودية تدعى (حركة العودة إلى إسرائيل) باسم المحافظين من اليهود وكانت تلك بداية الحركة الصهيونية. 

بعدما أصدر القيصر ألكسندر الثالث حكمه بلوم اليهود، وإلقاء المسؤولية على عاتقهم في حالة الفوضى والخراب الاقتصادي في الإمبراطورية، فامت فبادات الحركة الثورية بإنشاء (الحزب الاشتراكي الثوري) ، وعهد بتنظيم هذا الحزب إلى رجل فاس لا يعرف الرحمة اسمه جيرشوئي، وكان تنظيم القطاعات المقاتلة من نصيب خياط يدعى يفنوا أرنف، وشدد قواد الحركة الثورية على ضرورة استجلاب غير اليهود إليها 

وبالإضافة إلى التسبب بالاضطرابات العمالية وخلق الأوضاع السيئة بين طبقات المجتمع الروسي، كانت الأحزاب الثورية فيما بين 1900 و 1909 تثير المتاعب الدينية، حتى أوصلتها إلى درجة الغليان. 

وكانت القمة التي وصلت إليها تلك المتاعب حوادث القتل والاغتيال بالجملة وحدث الانفجار بشكل ثورة عام 1905، وتمت عمليات اغتيالات سياسية كان من الشخصيات الذين قاموا باغتيالهم قسم الإرهاب في الحزب الثوري، بوغولييوف وزير التربية عام 1901، وجاءت هذا الحادث تسجيلا لغضب اليهود على السياسة التربوية التي تضمنتها قوانين أبار، فقد حددت عدد اليهود الذي يسمح لهم بالانتساب إلى مدارس الدولة وجامعاتها، بنسبة لا تزيد على نسبة السكان اليهود إلى نعداد الشعب الروسي كله 

وفي العام التالي (1902) اغتيل وزير الداخلية سيباغين، تأكيدا لغضب اليهود على سياسة قوانين ايار، والتي قضت بمنع اليهود من السكن خارج أحيائهم ومجمعاتهم الخاصة، عام 1903 اغتيل بوغدانوفيتش حاکم بوفا 

وفي عام 1904 قتل رئيس الوزراء فيشيليف فون بيلف، وعام 1905 انفجرت أول ثورة عامة في روسيا، واغتيل خال القيصر الدوق سرجيوس في 17 شباط. 

 

وفي كانون الأول 1909 اضطهد الجنرال دوبراسو الشوريين، ولكنهم اغتاله في العام 1906 

بعدما ألقي القيصر اللوم على عاتق اليهود واتهمهم بالتسبب بالحالة المتردية في روسيا، تلقى البارون جينزبيرغ تعليمات بالعمل على تفتيت الإمبراطورية الروسية، وكان من ضمن الخطة خلق الفوضى والاضطراب بين صفوف الجيش الروسي في الشرق الأقصى، عن طريق تدمير خطوط المواصلات في سيبيريا. 

وقد أدى ذلك إلى إيقاف الإمدادات والمعونات عن الجيش البري والبحرية الروسية. 

ومن ناحية أخرى، أمر أحد ضباط البحرية الروس سفنه، بإطلاق النار على أسطول من سفن الصيد البريطانية التي كانت في بحر الشمال. 

وكان رد الفعل الشعبي في بريطانيا عنيفا، وقد تطوع بعد هذه الحادثة عدد كبير من ضباط البحرية البريطانية ومن ملاحي السفن التجارية البريطانية لتقديم خدماتهم لليابان 

أضف إلى ذلك الحصار الاقتصادي الذي فرضه المأسون من أصحاب المصارف العالميين على الإمبراطورية الروسية، وأوصلوها حتى الإفلاس تقريباء وضربوا حظرا على التجارة والمبادلات الروسية 

وفي عام 1904 وبعد توريط روسيا في الحرب مع اليابان، نکثت مؤسسة روتشيلد بوعودها، ورفضت إمداد روسيا بالمساعدات المالية، بينما قامت شركة کوهن - لوب وشركائهما في نيويورك بإمداد اليابان يكل القروض التي طلبتها. 

وقد جاء في الموسوعة البريطانية طبعة عام 1947 في المجلد الثاني: (وكان الوزير الروسي يسعى بكل جهده للحصول على المال، ودخلت الحكومة الروسية في مفاوضات مع دار روتشيلد للحصول على فرض كبير، ووقع الطرفان اتفاقا مبدئيا، إلا أن دار روتشيلد أبلغت وزير المال الروسي أنه ما لم تتوقف أعمال الاضطهاد ضد اليهود، فإن الدار ستكون مضطرة للانسحاب من العقد، وقد كانت الحاجة 

 

الملحة للخزينة الروسية واحدة من الأسباب التي دفعت للتحالف الفرنسي الروسي، تماما كما كان إنهاء معاهدة بسمارك للحياد المشترك). 

وكانت مؤسسة يعقوب شيف في نيويورك منذ العام 1897 تمول حركات الإرهابيين في روسيا، وعام 1904 ساعد في تمويل الثورة التي نشبت في العام التالي، وكما ساعد في تنظيم حملة عالمية لتمويل ثورة سنة 1917 التي أعطنه وشركاءه أول فرصة لوضع نظرياتهم الديكتاتورية موضع التنفيذ. 

 

 

خطوات سريعة للقضاء على الإمبراطورية الروسية

 

اشترك ألكسندر أوليانوف في المؤامرة التي هدفت إلى اغتيال القيصر ألكسندر الثالث، وقد فشلت تلك المحاولة، وقبض على الكسندر أوليانوف وحوکم وحكم عليه بالموت، وكان هذا هو السبب في أن أخاه فلاديميير نذر نفسه للفضية الثورية، ولمع نجمه وترقى في القسوة والسلطان، حتى أصبح رئيسا للحزب البلشفي، واتخذ لنفسه اسم (لينين) ، وقد أصبح فيما بعد الحاكم المطلق الأول الاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية. 

تلقى لينين ثقافة جامعية، وقام الطلاب اليهود بإقناعه أنه قد آن الأوان لقلب الطبقة الحاكمة لكي تباشر الجماهير حكم نفسها بنفسها. 

ولمع نجم لينين كواحد من المثقفين المفكرين، وارتبط بقادة الحزب الثورى حين كان في أوائل العقد الثالث من عمره. 

وفي العام 1895 سافر لينين إلى سويسرا. وكان عمره 25 سنة. لملاقاة بليخانوف، الذي فر من روسيا 

وفي سويسرا انضم لينين ويليخانوف، اللذان كانا من غير اليهود، إلى فيرازاسوليتش و پ. أكسلرود ويوليوس تسديرياوم، وكانوا كلهم من اليهود، وألفوا جمعية ماركسية على نطاق عالمى، أسموها (جماعة تحرير العمال) . 

أقنعت المحاولة الثورية عام 1905 لينين، بأن الطريق الوحيد للقيام بثورة ناجعة، هو تنظيم لجنة دولية تتولى الإعداد لتنفيذ الخطة التي بنفق عليها، وبالتالي تم تشكيل الكومنترن، وهي اللجنة المركزية الدولية للتخطيط الثوري. 

بعد ذلك حول لينين سياسته الخاصة، عاد إلى روسيا مع مارتوف لتنظيم 

 

حملة التمويل، التي تألفت من عمليات الابتزاز وسرقات المصارف وغيرها من الأعمال غير المشروعة، وأسس مشروعية أفعال بأنه من المنطقي أن يأخذ أموال الناس الذين يخطط لقلب حكومتهم، وأصر لينين على أن يكون من برامج التدريب للمبتدئين في الحزب عمليات سرقات المصارف ونسف مخافر الشرطة وتصفية الخونة والجواسيس، وكان قادة الحركة الشيوعية من المثقفين والعمال. 

وفي عام 1895 تسببوا بسلسلة من الاضطرابات، تحول بعضها إلى أعمال شغب، وهكذا أوجدوا واحدا من الأصول الأساسية في التخطيط الثورى حتى تصبح أعمال شغب، والتسبب في إحداث مواجهة فعلية مباشرة بين الشعب والشرطة، تلك الأحداث التي تسببت في إزكاء نيران الثورة الحمراء 

والقى القبض على لينين ومارتوف وعدد آخر من الثوريين وأرسلوا إلى السجن، وأنهي ليئين سجنه عام 1897، أخذ لينين منه زوجته اليهودية الشابة وأمها، وذهبوا جميعا إلى المنفي. 

وخلال فترة المنفى، اتفق لينين ومارتوف وبوتريسوف على أن ينشئوا صحيفة بعد منفاهم، تكون جامعة لشئات المفكرين والطاقات العقلية في القوى الثورية التي كانت ما تزال منقسمة إلى أحزاب عديدة. 

وبعد أن أنهى لينين فترة الحكم بالنفي في شباط 1900، وأنشأ (الأبسكرا) الشرارة)، وكانت زوجة لينين سكرتيره مجلس تحريرها، ولمدة من الزمن كانت تتم طباعة الجريدة في ميونخ بألمانيا، وكانت نسخ الجريدة نهرب إلى روسيا وغيرها من البلدان بواسطة الشبكة السرية التابعة لماسونيي الشرق الأكبر. 

ودعت الصحيفة إلى إنشاء مؤتمر لتوحيد الجماعات الماركسية المختلفة، يكون مركزه في بروكسل عام 1903، وتتمثل في هذا المؤتمر الديموقراطيون الاشتراكيون من روسيا، والديموقراطيون الاشتراكيون البولنديون التابعون لروزا لوكسمبورغ وجماعة تحرير العمل وجماعة (الماكسيماليين) . 

 

ولكن الشرطة البلجيكية اتخذت إجراءات مضادة، مما دفع الأعضاء للتحرك إلى لندن. 

وأصبح لينين زعيما المجموعة البولشفيك الذين كانوا يشكلون الأكثرية، وأصبح مارتوف زعيما لمجموعة المنشفيك وكانوا الأقلية. 

وقد قام المنشفيك بثورتهم عام 1905 في روسيا، بعد أحداث الأحد الدامي، الذي ألقى اللوم فيها على القيصر، ولكن الذين تحروا الحقائق وجدوا دلائل كافية على أن الحادث كان مخططا له، ومنفذا من قبل الجماعات الإرهابية، بهدف إثارة الغضب والحفد ضد القيصر بين جموع العمال غير اليهود، وقد مكنت تلك الحادثة زعماء الحركة الثورية من الاعتماد على الألوف من الرجال والنساء من غير اليهود، الذين كانوا حتى ذلك اليوم الحزين يدينون بالولاء للقيصر ويدعونه الأب الصغير). 

في الثاني من كانون الثاني قامت بعض الاضطرابات العمالية في معامل يوتيلوف الضخمة في بطرسبرج، ودعي للإضراب العام، ولكن الأب جابون، فال إنه سيحل المشاكل المعلقة بالحوار بالتحدث مباشرة مع القيصر، 

وفي يوم الأحد 22 كانون الثاني نظم الأب جابون مسيرة سلمية كبيرة، اشترك فيها الألوف من العمال مصحوبين بنسائهم وأطفالهم، واتجهت المسيرة إلى أبواب القصر. 

كانت المسيرة منظمة وكان المشتركون فيها يحملون لافتات كتب عليها عبارات الولاء للقيصر، وعلى أبواب القصر، وبدون أدنى إنذار، انهال الرصاص من البنادق والرشاشات حاصدة العمال، وناشرة الفوضى في المسيرة، وقتل المئات من العمال مع عائلاتهم، وتحولت الساحة أمام القصر إلى فوضى موجعة. 

ذلك اليوم (22 كانون الثاني) عرف بالأحد الدامي وأصيح نيقولا الثاني مسؤولا، ومن المعلوم أن ضابطا من ضباط الحرس هو الذي أصدر أمر إطلاق النار إلى الجنود، وكان هذا العمل بمثابة الشرارة التي تدير المحرك، وتلا ذلك 

 

وهج الثورة الشاملة، رغم عدم تواجد القيصر في قصره حينها، وبصرف النظر عمن كان المسؤول، فقد كانت النتيجة أن انضم عشرات الألوف من العمال الذين كانوا يدينون بالولاء للقيصر، إلى الحزب الاشتراكي الثوري، وامتدت الحركة إلى المدن الأخرى، وحاول القيصر أن يكبت المد الثوري، فأمر بإجراء تحقيق في الحادثة على يد لجنة شيدلوفسکي. 

ثم أعلن أن الاستعدادات جارية لتشكيل مجلس تمثيلي تشريعي ديموقراطي، وعرف هذا بعد تأسيسه بالدوما Duma، وعرض أن يمنح عضوا شاملا لكل السجناء السياسيين، فعاد لينين وزعماء البلاشفة إلى روسيا في تشرين الأول ولكن لم يستطع القيصر برغم كل ما فعله أن يوفق الثورة. 

في العشرين من تشرين الأول 1905 أعلن اتحاد عمال السكك الحديدية الذي يسيطر عليه المنشفيك الإضراب العام، وفي الخامس والعشرين من ذلك الشهر امتد الإضراب وشمل موسكو وسمولنسك وكيرسك وغيرها من البلدان. 

وفي السادس والعشرين من الشهر تأسست حكومة بطرسبرج الثورية. 

وكانت تلك الحكومة تحت سيطرة المنشفيك في حزب العمل الاشتراكي الديموقراطي الروسي. 

وفي السادس عشر من كانون الأول ألقت قوة عسكرية القبض على تروتسکي وعلى 300 من أعضاء الحكومة الثورية، ولم يكن بين الموقوفين بلشفى بارز واحد. 

في العشرين من كانون الأول استولى يهودي اسمه بارفوس على السلطة في إدارة ثورية جديدة، ودعا إلى إضراب عام في بطرسبرج، فاستجاب لندائه 

10 , 000 عامل 

وفي اليوم التالي أضرب 150 , 000 عامل في موسكو، وفي الثلاثين من كانون الأول عادت بعض الوحدات وبعض الضباط الذين كانوا لا يزالون موالين للقيصر واستعادوا السلطة، وهكذا وضعوا حدا للثورة، وحافظ القيصر نيقولا على وعده وتم إنشاء الدوما (مجلس النواب وانتخاب المجلس التشريعي. 

 

في عام 1907 عقد المؤتمر الخامس لحزب العمل الاشتراكي الديموقراطي الروسي في لندن، ودعا هذا المؤتمر الدراسة ثورة 1905، وألقى لينين تبعة الفشل على انعدام التعاون بين المنشفيك وبقية الزعماء الثوريين، ودعا إلى سياسة موحدة وإلى عمل موحد. 

ورد مارتوف الضرية لليتين، واتهمه بأنه قصر في تقديم المعونة المفروضة عليه لثورتهم، واتهمه خاصة بحجز المعونة المالية عنهم. 

وكان ما يثير الإزعاج لدى ماروتوف وغيره من الزعماء اليهود مثل ابراهاموفيتش وزورا لوكسمبورغ 

وقد استطاع لينين تدبير المال اللازم لحضور هذا العدد الكبير من المندوبين في المؤتمر، واتهموه بأنه يقوم بتمويل حزبه البلشفى عن طريق النهب والخطف والتزوير والسرقة، ووبخوه لرفضه أن يكتب بجزء معتبر من أمواله المنهوبة لصالح منظمة الوحدة المركزية 

واتفق المؤتمرون في النهاية على وجوب إيجاد تعاون أوثق بين القادة الثوريين وقرروا اختيار من سيقوم بتحرير صحفهم، وألقوا أهمية كبرى على الدعاية، مع التشديد على أن كل ما بنشر في الصحف يجب أن يكون ضمن سياسة الصحيفة التي تلتزم بخط الحزب. 

وفي العام 1908 بدا البولشفيكك إصدار صحيفتهم (البروليتاريا) ، وأصدر المنشفيك (جولوس سوسيتال ديموقراطيا) ، بينما أصدر تروتسکي مطبوعة شبه مستقلة سماها (فيينا برافده) . 

وفي العام 1909، حصل لينين على التأييد غير المشروط من زعيمين يهوديين، هما زينوفييف وكامينيف، وأصبحوا يعرفون (بالترويكا) أي الثلاثي، واستمرت هذه الصداقة حتى وفاة لينين في عام 1924 

قرر لينين أن يختبر شجاعة ومدى إمكانية الوثوق بتلميذه الجديد ستالين، وأراد أيضا أن يرى القواد الآخرين في الحركات الأخرى أنه مستقل ماليا، وللقيام 

 

بهذا العمل المزدوج كلف ليتين ستالين بسرقة مصرف تيفليس 

واختار ستالين شريكا له في تلك المهمة أرمنيا بدعى بترويان، الذي أبدل اسمه فيما بعد فأصبح كامو، وكمنا العربة المصرف، وقذفها بترويان بقنبلة فجرت كل ما فيها، ولم يبق صحيحا إلا الصندوق المتين الذي يحوي 250 

, 000 روبل، وقتل في هذا الحادث 30 شخصا، وهكذا أثبت ستالين قدرة قيادية كافية فيه. 

في نهاية ثورة 1905، شرع القيصر نيقولا الثاني بإجراء إصلاح جذري وصمم على تحويل الملكية الروسية المطلقة إلى حكم ملكي دستوري على الطريقة الإنكليزية، وبدأ مجلس الدوما بالعمل، وكان رئيس الوزراء بيتر أو كاديفيتش ستولين أحد المصلحين الكبار، وقد أصدر (قوانين ستوليين) ، التي منحت الحقوق المدنية للفلاحين، الذين كانوا يشكلون نسبة 85% من مجموع الشعب الروسي. 

وقد أدت إصلاحاته الزراعية إلى تأمين المعونات المالية الكافية للفلاحين، بحيث أصبح بمستطاع الفلاح شراء أرضه بنفسه، وكان اعتقاده يتجه إلى أن الوسيلة الوحيدة لمحارية دعاة الطريقة الشيوعية في الحياة، هي تشجيع فكرة الاستهلاك الفردي، وكان هم الزعماء الثوريين هو الاستيلاء على السلطة، ولم تكن تهمهم الإصلاحات في شيء. 

وفي العام 1906 حاولت جماعة إرهابية اغتيال ستولين، فدمروا منزله بقنبلة وحيكت خطط عديدة للتخلص من رئيس الوزراء، الذي لم يكن الشعب الروسي البعلم بأفضل منه، وفي ليلة مظلمة من ليالي أيلول عام 1911، اغتيل أكبر وزير مصلح عرفته روسيا، بينما كان يحضر عرضا مسرحيا في مسرح كييف، وكان القاتل محاميا بهوديا يدعي موردخاي بورغوف. 

وقد حاولت الحكومة الروسية أن تطبيق إصلاحات ستولين بعد مقتله، وفي عام 1912 اعطى قانونين تأمين العمال الصناعيين، تعويضا عن المرض وعن الحوادت، بنسبة ثلثي المرتب العادى عن المرض وثلاثة أرباع عن الحوادث، وأعطيت صحف الحركات الثورية صفة شرعية لأول مرة بعد إنشائها. 

 

واتسعت المدارس الحكومية وامتدت، وأعيد النظر في قوانين الانتخابات لتضمن انتخابا أكثر حرية وأكثر تمثيلا 

وفي العام 1913 منحت حكومة القيصر عفوا شاملا لكل السجناء. 

وفور إطلاقهم من السجن شرع هؤلاء في التآمر والتخطيط القلب الحكومة الروسية. 

ودعا الإرهابيون إلى تصفية أفراد العائلة المالكة، ولكن الإصلاحات كانت قد أقنعت الأكثرية الساحقة من الشعب الروسي، وبدا في ذلك الوفت أن قضية الثورة أصبحت مسألة مينة، فركز الثوريون مجهوداتهم في بلدان أخرى، وعلى وجه الخصوص في أسبانيا والبرتغال. 

يقول وولف في كتابة (ثلاثة صنعوا ثورة: (بين 1907 و 1914، وتحت قوانين للإصلاح الزراعي، أصبح 2 , 000 , 000 من الفلاحين مالكين لأراضيهم في القرى، وقد استمرت حركة الإصلاح تلك حتى في سني الحرب 1914 - 1917، وفي أول كانون الثاني 1919 بلغ عدد المنتفعين 1 , 200 , 000 فلاح، وراي لينين أنه لو تأخرت الثورة عقدين من الزمان، فستحول الإصلاحات الزراعية وجه الريف الروسي، بحيث لا يعود قوة ثورية يعتمد عليها، وقد كان لينين على حق، فعندما دعا في العام 1917 الفلاحين واللاستيلاء على أراضيهم كانوا هم قد ملكوا أكثر من ثلاثة أرباعها في ذلك الوقت) . 

ومن سوء الحظ أن راسبوتين كان يمارس ضغوطا شريرة على رجال ونساء البلاط الإمبراطوري، وكانت الإمبراطورة واقعة بشكل كبير تحت تأثير راسپوتين، فقد كان الوحيد الذي استطاع وقف النزيف الذي أصاب ابنها الصغيره 

ويبدو واضحا أن راسپوتين كان يتمتع بقوى نفسية مغناطيسية، الأمر الذي كان شائعا لدى فئة من الشعب الروسي، وبدأ أنه استطاع أن يضع الإمبراطورة تحت سيطرته، لجعلها تجبر القيصر على ما يريد راسبوتين أن يفعله، فكان هو الذي يحكم روسيا، الأمر الذي أدى إلى استياء الشعب الروسي. 

 

كان راسبوتين أدخل إلى دوائر البلاط رجالا ونساء كانوا يمارسون طقوسا وثية، مثل التي كانت تنفذ سرا في الباليه رويال قبيل اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789، وكانت هذه الطقوس تستند إلى أنه يقول بأن الأرواح لا تنجو إلا إذا انحدرت إلى الدرك الأسفل في الخطيئة، وأدخل راسبوتين المخربين إلى البلاط الإمبراطوري، مما مكنهم من الاطلاع على أسرار الشخصيات الكبيرة، وبالتالي ابتزازهم وجرهم لفعل ما يأمرهم به رؤساء المخربين 

وفي كانون الثاني من عام 1910، اجتمع تسعة عشر قائدا من قواد الحركة الثورية العالمية في لندن، ويعرف اجتماعهم هذا بأمجمع كانون الثاني للجنة المركزية). 

وقرر المجمع القبول بصحيفة (سوسيتال ديموقراطيا صحيفة الحزب العامة واختار البلاشفة لينين وزينوفييف محررين في الجريدة، بينما اختار المنشفيك التمثيلهم فيها مارتوف ودان. 

وعين كامينيف مساعدا لتروتسكي في تحرير صحيفة (فيينا برافده) ، وكان على الأعضاء أن ينشطوا للدعوة إلى مبادئهم الثورية الإلحادية. 

وقامت القوى الخفية بعمليات اغتيال واسعة فقد اغتيلت إمبراطورة النمسا عام 1898، واغتيل الملك هومبرت عام 1900، والرئيس ماكينلي عام 1901، واغتيل الفراندوق رجيوس الروسي عام 1404، واغتيل ملك البرتغال وولي عهدها عام 1908. 

وقرر قادة الحركة الثورية العالمية المجتمعون في جنيف بسويسرا أنه أصبح من الضروري إزالة الملك کارلوس ملك البرتغال لتأسيس جمهورية في تلك البلاد وهكذا أصدروا الأمر باغتياله عام 1907. 

وفي كانون الأول 1907 ذهب ميغالهايس، رئيس مجمع الشرق الأكبر الماسوني في البرتغال - إلى باريس، ليحاضر أمام المحافل الماسونية، وكان موضوع محاضرته 

البرتغال، محاولة قلب الملكية، وضرورة إنشاء نظام جمهوري)، وبعد ذلك بأسابيع قليلة، اغتيل كل من الملك کارلوس وابنه ولى العهد. 

 

وقال فيرغون. خطيب المجمع الماسوني للشرق الأكبر في أسبانيا. في 12 شباط 1911: (الا تدرون ذلك الشعور العميق بالفخار الذي أحسسنا به لدى إعلان الثورة البرتغالية، فقد تم في ساعات قلائل، الإطاحة بالعرش وانتصار الشعب وإعلان الجمهورية، كان ذلك بالنسبة للمبتدئين بمثابة ومضة برق في سماء صافية، ولكننا نحن، يا إخوتي، نحن الذين نفهم، نحن نعرف التنظيمات المدهشة لإخواننا البرتغاليين، كما نعرف حماستهم التي لا تفتر وعملهم الذي لا يتوقف، ونحن نعلم سر ذلك الحدث المجيد) . 

اجتمع قادة الحركة الثورية العالمية والمسؤولون الكبار في الماسونية الأوروبية في سويسرا عام 1912، وقرروا في هذا المؤتمر اغتيال الأرشيدوق فرانسيس فرديناند، تمهيدا للحرب العالمية الأولى، وفي 15 أيلول 1912، نشرت مجلة (ريفيو انترناسونال دي سوستيه سيكرت) التي يحررها أم، جوين) الكلمات التالية: (قد يلقى بعض الضوء يوما على هذا الكلام، الذي قاله مسؤول ماسوني كبير في سويسرا، لدي بحث موضوع وريث عرش النمسا، قال ذلك المسؤول: (إن الأرشيدوق رجل نبيه، ومما يؤسف له أنه محكوم عليه، سوف يموت على درجات العرش) . 

وألقى الضوء على هذه الكلمات خلال محاكمة القتلة، الذين اغتالوا وريث العرش النمساوي وزوجته في 28 حزيران 1914، وكان هذا العمل الذي ارتكب في ساراييفو، الشرارة التي أدت إلى انفجار الحرب العالمية الأولى. 

إن أصحاب المصارف العالميين استعملوا محافل الشرق الأكبر الماسونية الإشعال الحرب العالمية الأولى، تماما كما استعملوها بين 1787 و 1789 لتفجير الثورة الفرنسية، وفي 12 تشرين الأول 1914 استجوب رئيس المحكمة العسكرية کابرينوفيك Cabrinovic، ملقي القنبلة الأولى على سيارة الأرشيدوق. 

قال رئيس المحكمة: (أخبرني المزيد عن البواعث، هل كنت تعرف قبل القيام بالمحاولة، أن تانكوژيك وسيجانوفيك من الماسونيين؟، وهل أثر على قراراتك كونك ماسونيا مثلهم؟) . 

 

کايرينوفيك: نعم. 

الرئيس: هل تلقيت منهم الأمر بتنفيذ الاغتيال 

کابرينوفيك: لم أستلم من أحد أمرا بالاغتيال، وكل ما فعلته الماسونية هو أنها قوت من عزيمتي، والقتل مسموح به في الماسونية، وقد أخبرني سيجانوفيك أن الماسونية كانت قد حكمت على الأرشيدوق فرانز فرديناند بالموت منذ أكثر 

من سنة. 

أضف إلى ذلك الإثبات، البرهان الآخر الذي قدمه الكونت زيزين، وهو أحد الأصدقاء الحميمين للأرشيدوق، قال: كان الأرشيدوق يعلم أن محاولة لاغتياله وشيكة الوقوع، وقد أخبرني قبل الحرب بنفسه أن الماسونيين الأحرار قرروا اغتياله. 

وبعد النجاح في إشعال نار الحرب العالمية الأولى، حاول القادة الثوريون إقناع العمال والجنود أن هذه الحرب هي حرب رأسمالية، وألقوا باللوم على الحكومات في كل القضايا الشائكة. 

لما كانت روسيا خارجة من حرب منهكة مع اليابان منذ سنوات قليلة، كان من السهل خلق جو عام من الشك والقلق في نفوس العمال الروس، وحني بين جنود القوات المسلحة في فترة 19141 - 1919 )) ، وحتى كانون الثاني 1917، كانت الجيوش الإمبراطورية الروسية قد تكبدت ما يقارب 3 

, 000 , 

000 إصابة، وفقدت زهرة شبابها. 

كان لينين ومارتوف في سويسرا، وهي البلد المحايد الذي توضع فيه كل - المخططات والمؤامرات العالمية، وكان تروتسکي يتولى تنظيم المئات من الثوريين الروس الذين لجأوا إلى الولايات المتحدة. 

وكان قادة المنشفيك يمارسون نشاطهم التخريبي في روسيا، ووانتهم الفرصة في كانون الثاني 1917. 

وقد حدثت عمليات نفذت بمهارة، أدت إلى تخريب أجهزة الاتصالات، ومركز 

 

النقل ووزارة التموين، ونتج عن ذلك نقص خطير في المواد الغذائية في بطرسبرج، وحدث هذا في الوقت الذي كانت فيه المدينة تشكو من ثضكم عدد السكان بسبب العمال الصناعيين الذين كانوا يفدون إليها، بسبب الاحتياج إليهم في المجهود الحربي 

وكان القلق عاما في مارس، وكانت صفوف المواطنين طالبة الخبز تتزايد باستمرار، وامتلأت الشوارع بالعاطلين عن العمل، وكان القيصر ما زال في الجبهة يزور الجنود. 

وفي 7 آذار، نظم قادة المنشفيك اليهود تظاهرة نسائية في الشوارع، احتجاجا علي عدم توافر الخيزه 

وفي 8 آذار قامت النساء يتظاهرتين الكبرى، وبعد ذلك تدخل الثوريون، وكانت جماعات مختارة تقوم بمتظاهرات، وظهرت الأناشيد الثورية الأعلام الحمراء، وفي تقاطع نيفسکي بروسبكت وقنال سانت كاترين، قام رجال الشرطة والجنود بتفريق المتظاهرين بدون أي إصابة، وبدا أن الأوامر كانت قد أعطيت للجنود لتجنب التورط مرة ثانية في حادثة مماثلة لحادثة يوم الأحد الدامي عام 1905. 

في التاسع من آذار امتلأت المنطقة بين نيفسکي پروسيکت وسانت كاترين حتى محطة نيقولاي بالجماهير الحاشدة، التي أصبحت أكثر شجاعة تحت تحريضات مثيري الفتن والمشاعر، وتولت خياله القوزاق تنظيف الشارع، ولم يستعمل الخيالة إلا باطن سيوفهم، ولم تستعمل الأسلحة النارية أبدا، وأغاظ هذا التسامح الزعماء الثوريين، الذين أصدروا تعليماتهم للمحرضين بزيادة جهودهم، 

لإحداث مواجهة مباشرة بين الشعب وبين الشرطة والجنود، وفي الليل ركب الثوريون مدافعهم الرشاشة في مواضع محددة من المدينة. 

وحين احتشد جمهور غفير أمام محطة نيقولاي، وحوالي الساعة الثانية بعد الظهر، مرت في الساحة عرية فيها رجل مغطى بالفرو لحمايته من البرد القارس، وكان الرجل عديم الصبر، فأمر سائقه بالمرور بين الناس مما أثار الجماهير. 

 

حب الرجل من عربته، انهال الناس عليه ضريا، وعندما استطاع الوقوف على قدميه، جر نفسه إلى عربة متوقفة في الشارع، فلعنه قسم من الجمهور، حيث ضرية أحدهم بقضيب من الحديد على رأسه، وأثار هذا العمل شهوة الدماء عند الجمهور، فاندفعوا عبر شارع نيفسکي يحطمون النوافذ ويثيرون الشغب. 

وبدأت المعارك، وعمت الفوضي، وكان القادة الثوريون بحسب الخطط الموضوعة، يطلقون النار على الجماهير من أماكنهم السرية، وهاج الرعاع وهاجموا الشرطة، متهمين إياها بالبدء في إطلاق النار عليهم، وذبحوا شرطيا مقابل كل رجل منهم، ثم جرى إطلاق سراح المساجين، ليشتركوا في حملة الدم 

وأدى إطلاق سراح السجناء والمجرمين إلى خلق حالة فوضي وشغب عامة، وكان مجلس الدوما ما زال يتابع محاولاته لتطويق المد الثوري، وأرسلوا إلى القيصر رسالة مستعجلة، يخيرونه فيها أن الحالة خطيرة، ويشرحون بإسهاب حالة الفوضى السائدة، ولكن الخلايا الشيوعية العاملة في حفل المواصلات أرسلت رسالة أخري. 

وبعد قراءة القيصر لهذه الرسالة المزورة، أمر بحل مجلس الدوما، وهكذا حرم نفسه من تأييد أكثرية الأعضاء الموالية له. 

وفي 12 مارس، ثارت بعض الوحدات وقتل الجنود ضباطهم، وفجأة استسلمت حاميات حصون سانت بيتر وسانت بول، وانضم معظم الجنود إلى الثورة. 

وفور استسلام الحاميات، تشكلت لجنة من الدوما مؤلفة من 12 عضوا، وقد استمرت تلك الحكومة الإقليمية في العمل، حتى قلبها بلاشفة لينين في تشرين الثاني من.1917.وتولى القادة الثوريون تنظيم حكومة بطرسبرج الثورية، وسمحوا للحكومة الإقليمية بالعمل لأنها كانت تمثل السلطة الشرعية. 

وتولى ليتين أمر إضعاف نفوذ الزعماء اليهود الثوريين في روسيا، ووعد بسحب الجيوش الروسية من الحرب مع ألمانيا، مقابل أن تساعده الحكومة الألمانية على قلب الحكومة الإقليمية، وعلى السيطرة التامة على السياسة 

 

والاقتصاد في روسيا 

وبعد الاتفاق على هذه القضية، عاد لينين ومارتوف وراديك وفريق من 30 شخصا من البلاشفة إلى روسيا سرا، بواسطة عرية سكة حديد مغلقة، ووصلوا إلى بطرسبرج في 3 أبريل. 

ووقعت الحكومة الإقليمية وثيقة وفاتها بيدها، عندما أصدرت عفوا عاما غير مشروط عن جميع السجناء السياسيين، وكان العفو يشمل أولئك المنفيين إلى سيبيريا، وأيضا الذين طلبوا اللجوء إلى البلدان الأخرى، وأتاح هذا الأمر لحوالي 

90 , 000 من الثوريين الروس المتطرفين الدخول إلى روسيا، وكان العديد منهم قادة مدربين، وجند لينين وتروتسکى هذا العدد الضخم في الحزب البلشفى. 

فور عودة لينين إلى روسيا، شرع باستعمال وسائل الإعلام لمهاجمة الحكومة الإقليمية التي منحته وأتباعه العفو. 

وفي أوائل نيسان كان المنشفيك يسيطرون على الحكومة الثورية أي مجلس العمال، وكان يأتي بعدهم في الأهمية الاشتراكيون الثوريون). 

أما البلاشفة فقد كانوا فئة الأقلية، وكانت سياسة الحكومة الإقليمية تتجه إلى استمرار الحرب مع المانيا، لأن أكثرية الروس كانت تعتبر مطامع النازية الألمانية خطرا مباشرا على سيادتها، وكان تشيدز الذي تولى رئاسة الحكومة الثورية في بطرسبورغ بعد مارتوف مؤيدا لهذا الرأي بكل قواه، وكان نائب الرئيس سکوبوليف مؤيدا لمتابعة الحرب، لأنه اعتقد أن الثوريين في حال متابعتهم الحرب وهزيمتهم للجيوش الألمانية، سيتمكنون من مساعدة الجماعات الثورية في المانيا وبولندا ضد الحكومات المهزومة. 

كان هدف لينين الوحيد في ذلك الوقت، هو الحصول على الزعامة، هاجم سياسة الحكومة الإقليمية، واتهم أعضاءها بالعمالة للبورجوازية، ودعا علنا إلى الإطاحة بها، وفي ذات الوقت لم يشا أن يعادي حكومة المنشفيك الثورية، فأصدر تعليماته إلى المحرضين البلاشفة بدعوة عمال المصانع وجنود الحاميات إلى تدمير 

 

الحكومة الإقليمية 

وكان تروتسکي قد ضم الألوف من الثوريين الذين عادوا إلى روسيا بعد العفو عنهم، وأخذ معه في طريق العودة المئات من الثوريين الذين هربوا من روسيا إلى أميركا وكندا، وكانت غالبيتهم العظمى من يهود الأطراف الشرقية من نيويورك. 

وساعد هؤلاء الثوريون لينين في الوصول إلى السلطة، وكان معظمهم بعد إنهاء مهماتهم، بعكم عليهم بالموت أو بالنفي، ولم ينقض وقت طويل حتى كان أعضاء المؤتمر العالمي الأول إما مقتولين وإما في السجن وإما في المنفى 

وجاء في الكتاب الأبيض الذي صدر في بريطانيا بإذن الملك في عام 1919 أن الصيارفة العالميين العاملين من خلال مدراء مصرف إنكلترا أقنعوا الحكومة البريطانية بسحب الوثيقة الأصلية، واستبدالها بأخرى حذفت منها كل إشارة لليهود العالميين. 

ويقول فرانسوا کوئي في عدد الفيغارو في 20 شباط 1922: 

إن هذه الهبات التي كان يمنحها بعقوب شيف إلى حركات الفوضويين والثوريين في روسيا وسائر البلاد، ليست نفحات من الكرم الفردي، وقد أسست في الولايات المتحدة منظمة روسية إرهابية على نفقة شيف، مهمتها اغتيال الوزراء والحكام ورؤساء الشرطة وغيرهم). 

والنورانيون الذين يستعملون الشيوعية والنازية لتحقيق مطامعهم السرية الديكتاتورية يضعون العمل الثوري في ثلاث مراحل أو حركات: 

1 - تغيير شكل النظام القائم إلى دولة اشتراكية، وبالوسائل الدستورية إذا

استطاعوا. 

2. تحويل الدولة الاشتراكية إلى ديكتاتورية عمالية، بواسطة العمل الثوري.

3 - تحويل الديكتاتورية العمالية إلى حكم مطلق، بتطهير كل الأشخاص الذين

يقفون في طريقهم. 

 

بعد عام 1918 انقسم اليهود الروس إلى قسمين: الثوريون المتشبثون بالنظريات الماركسية، العاملون على إقامة اتحاد عالمى من الجمهوريات الاشتراكية التروتسكيون)، والقسم الآخر يحيذ العودة إلى فلسطين (الصهاينة) ، وتقول الأنسة ب. باسكرفيل في كتابها اليهودي البولندي)، الصادر عام 1906، في الصفحات 117 - 118: (تهدف الصهيونية السياسية إلى تحويل الصهاينة إلى اشتراكيين قبل هجرتهم إلى فلسطين، وذلك لتسهيل إقامة الحكومة الاشتراكية وفي ذات الوقت يحاولون قلب الحكومات الأوروبية التي لا تعمل وفق مبادئهم، ويحتوي برنامجهم المليء بالأفكار الاشتراكية على تنظيم الإضرابات وأعمال الإرهاب) . 

وفي آذار 1918 غير البلاشفة اسمهم، وكانوا قد سموا أنفسهم (حزب العمل الديمقراطي الروسي) ، فصاروا يعرفون باسم (الحزب الشيوعي) ونقلوا مقرهم إلى موسكو 

لم يقبل الحزب الاحتياطى الثوري الذي يقوده اليهود أن يصبح لينين الرجل الأول في روسيا، لذلك حاول اثنان من هذه الجماعة اغتياله في 30 آب 1918، فجرح لينين بينما قتل پورتزکي الذي عينه لينين قائدا لمنظمة شبكا، وقد أخذ البنين هذا الحادث مبررا للقيام بأعمال إرهابية واسعة جدا وبدون أي توقف فأصبحت الغارات الليلية تجرى بشكل متواصل، حتى إن الذي كان يذهب لينام في فراشه لم يكن يدرى هل سيعيش ليلقى الصباح أم لا؟ 

وانتهى الأمر بسيطرة البلاشفة على مقاليد الحكم وتم قتل القيصر وعائلته وأعلنت الجمهورية وانتهى عصر القياصرة كما خططت الماسونية حينها 

 

لينين، قائد الثورة البلشفية وأول رئيس الدولة البلاشفة الشيوعي 

  • الثلاثاء PM 04:10
    2021-06-15
  • 1539
Powered by: GateGold