ومما جاء في الرسالة التي وقعت في أيدي السلطات البافارية وكشفت سر المؤامرة التي وضعها (( وايزهاوبت (1) .
إن أول سر من أسرار قيادة البشر والسيطرة على الرأي العام هو زرع الفتن والشك ثم خلق وجهات نظر متعارضة، طوال ما يكفي من الوقت حتى يضيع تمامأ هؤلاء الذين تأثروا بمظاهر الفوضى، ويصبحوا مقتنعين بأفضلية ألا تكون لدى المرء آراء خاصة فيما يتعلق بشؤون الدولة.
ولابد من إلهاب مشاعر الجماهير وخلق أدب تافه بذيء وكريه وعلى الصحافة إثبات أن غير الملهمين يعجزون عن النهوض بشؤون الحياة الدينية والسياسية.
أما السر الثاني فيقضي بتضخيم العيوب والنقائص والأخطاء في الدولة للوصول إلى حالة من عدم التفاهم بين الدولة والشعب، ويجب محاربة الشخصيات القوية المؤثرة التي تمثل أكبر الأخطار على النورانيين في الدولة.
من شأن الحسد والأحقاد والنزاعات والحروب والحرمان والمجاعات وانتشار الأوبئة تجعل الشعوب مستنفرة دائما حتى لا تعود ترى من سبيل للخلاص إلا بالانصياع للنورانيين.
إرهاق الدولة بالصراعات الداخلية أثر سقوطها تحت سيطرة أعداء خارجين على أثر حرب أهلية حتى تصير إلى زوال.
ويضيف: علينا دفع البشر للإقلاع عن عادة التفكير باستقلالية، يتوجب منحهم تعليما مبنية على الحسني دون ما عداه وإشغال فكرهم بمناظرات خطابية لا تعدو كونها مظهر خداعا (2) .
(1) وجدت الوثيقة كما ذكرنا مع رسول وايزهاوبت إلى الثوار الفرنسيين لتحريضهم على الثورة وقد مات
الرسول بالصاعقة في طريقه من فرانكفورت إلى باريس، وقد ظهرت الرسالة للعلن عام 1875 م.
(2) وهذا ما يحدث في البرامج التليفزيونية على شاشات الفضائيات من برامج حوارية ومناقشات
سفطائية جدلية لا تؤدي في النهاية إلى أي شيء إيجابي.