المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413685
يتصفح الموقع حاليا : 205

البحث

البحث

عرض المادة

المنظمة الماسونية والحق الإنساني

قد يكون لأول مرة يبادر عضو في منظمة ماسونية إلى كتابة مؤلف اكاديمي عن المنظمة التي ينتمي إليها، وقد ساعده على ذلك اعضاء من المنظمة لكي تظل أقواله وكتاباته في الإطار المطلوب ولا تتعداه إلى نواح لا يريد الماسونيون أن تطرق.| 

على كل حال أن المنظمة الماسونية - الحق الإنساني ليست الوحيدة، فهناك منظمات عديدة في الماسونية اتخذت أسماء مختلفة مثل (( الشرق الكبير، وغيرها، لها طابع واحد وهو السرية في ممارسة الاجتماعات والنشاطات واتخاذ القرارات، كما أنها جميعها تعتمد مبدأ المساررة (أي تعلم مبادئ الماسونية بالتدرج، ثم القيام بالتعبير عنها في اجتماع يضم كبار الأعضاء الذين عليهم أن يجمعوا على إدخال العضو المندرج) . 

أما منظمة الحق الإنساني، فهي حديثة العهد تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر وتتميز بكونها مختلطة بين النساء والرجال، بينما المنظمات الماسونية الأخرى لا تقبل هذا الاختلاط؛ وقد أنشا بعضها محافل خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء. من هنا فإن الحق الإنساني، كانت السباقة والشاذة في هذا المجال، كما أنها ارتبطت بنضال طويل الأمد لإحلال المساواة بين الرجل والمرأة. 

 

بکشف هذا الكتاب أيضا بعض جوانب التنظيم الماسوني من حيث طرق إدخال الأعضاء وهيكلية التنظيم والرتب الماسونية التي تندرج على 33 درجة لبلوغ المستوى الأعلى الذي يهيئ الشخص ليصبح معلما أكبر. 

وقد شهدنا في هذا الكتاب أيضا عرضة لبعض المجالات الاجتماعية والسياسية التي كانت تعمل فيها منظمة (( الحق الإنساني )) . لكننا نعلم أيضا أن بعض الماسونيين المنتمين إلى منظمات ماسونية مختلفة قد وصلوا إلى مراكز سياسية كبرى وعالية، مثل مدراء عامين في الدولة أو وزراء، وكان هناك في حكومة الرئيس فرنسوا ميتران Francois Mitterrand الاشتراكية التي ترأسها بيريغوفوا 12 وزيرة ماسونية عام 1992. 

هذا وبالرغم من الطهروية الماسونية فإن بعض كبار الماسونيين ارتبطت أسماؤهم بملفات الفساد والرشوة وأدخل بعضهم السجن لاقترافهم أعمالا عرضتهم للملاحقة، وكانت حجتهم أن تضامنهم مع إخوان لهم فاسدين أوقعهم في المحظور. 

هنا لا بد من الإشارة إلى أن الماسونيين يتميزون بالتضامن القوي فيما بينهم، ويتساعدون في شتى المجالات ويتبادلون الخدمات على اختلاف أنواعها. 

اخيرة، كما يوضح هذا الكتاب، لا وجود لفروع لهذه المنظمة في البلدان العربية، بحسب لائحة البلدان، ولكن لا شك أن لدينا فروعا لمنظمات ماسونية أخرى، كشفت عن نفسها في مناسبات معينة. 

نامل بان يكون هذا الكتاب قد كشف بعض الأمور السرية التي تحاك حولها الأساطير بالنسبة إلى الماسونية 

 

 

مقدمة

 

تحتل المنظمة الماسونية والدولية - الحق الإنساني، داخل الماسونية مكانة مميزة. إنها جمعية مساررة (تعلم تدريجي الأسرار الماسونية كسائر التابعيات الماسونية، وهي تتميز عن سواها ببعض الخصائص مثل الاختلاط والصفة الدولية والاستمرارية المساررية 

إن تسميتها الأكثر رواجا في الحق الإنساني )) . فهذه الصفة التمييزية إنما تنم عن مدى التزام أعضائها به، وبهذه الصفة كان المحفل المختلط الأول، والذي أنشئ عام 1893 على يد جمهوريين اثنين ملتزمين بالنضالات الاجتماعية هما: ماريا دوريسم وجورج مارتن، (Maria Deraismes , Georges Marin) يهدف إلى التعبير عن الغاية التي يراد بلوغها الا وهي السعي من أجل تمتع جميع البشر بالحقوق نفسها. وكما عبر عن ذلك جورج مارتان عام 1896 بقوله: (( إن علة وجود المنظمة المختلطة في إلغاء عبودية النساء وتأمين حقوق الطفل،. 

لقد كان القانون النابوليوني يضع بالفعل النساء والأطفال تحت وصاية الأزواج والآباء، وفي ظل الحضارة الصناعية في القرن التاسع عشر استخدمت بشكل واسع اليد العاملة النسائية والأطفال في غياب أي تشريع خاص. في وقت كانت فيه الحركات 

 

العالية في تلك المرحلة قد نجاهلت هذه المشكلة. فالحركات النسائية نمت إذن داخل البورجوازية الجمهورية المتنورة، وهي الفئة الاجتماعية التي انبثق منها مؤسسو الحق الإنساني )) ، في مرحلة أخذت الجمهورية خلالها تركز دعائمها. 

كان الاختلاط خلالها قليلا ما يطبق، سواء في المدرسة أم في العمل، والمحفل المختلط الأول راح يطرح داخل الماسونية مسالة قبول النساء في المساررة بالشروط نفسها الخاصة بالرجال. إنها مسألة مربكة في زمن كان مبدا (( اللانساء )) في المحافل هو القاعدة. 

وفي عام 1901 أصبح المحفل المختلط هو (( المنظمة الماسونية المختلطة الدولية - الحق الإنساني )) ، كاول تابعية دولية. 

فجمعت تحت سلطة وحيدة يحددها الدستور الدولي )) ويمارسها المجلس الأعلى، برئاسة المعلم الأكبر المنتخب )) ، مجموع الماسونيين من جنسيات ولغات وثقافات مختلفة منتشرة في كل القارات (من حوالي خمسين دولة) . في عصر العولمة هذا ندرك كم كان خيار الصفة الدولية عام 1901 مستقبلية لا بل 

واعدة 

ومنذ ذلك التاريخ تطور الحق الإنساني، من حيث عدد الأعضاء ومن حيث المشاغل (محافل فرعية خاصة بالعمل العقائدي الماسوني التي اجتمعت في هرم كبير بنطلق من درجة أولى ويصل إلى درجة 33. وفي حين أن التابعيات الأخرى تفصل المشاغل الرمزية (من الدرجة الأولى وحتى الدرجة الثالثة) ، عن المشاغل من الرتب العليا من الدرجة الرابعة وحتى الدرجة 33)، فإن (( الحق الإنساني، يدير وضمن تنظيم وحيد، مجمل الدرجات الموجودة في إطار الطقس الإسكتلندي القديم والمقبول .. 

 

شهدت المنظمة في مسيرتها حقبات زاهية ولكنها عرفت أيضا الأزمات، لا سيما أثناء الحربين العالميتين الكبرين. ونجحت في تثبيت قوة الإنسانية الماسونية وقواعدها التي قامت على أساسها دون أن تقع في التحجر الخطر. فالممارسة الصارمة للطقوس وانضواء الجميع من إناث وذكور تحت المثال الأعلى للحرية والمساواة والعدالة والتسامح والعلمانية قد شكلا لحمتها المتينة، ويضع ماسونيو الحق الإنساني، ضمن احترام هذه الحقوق هدف تقدم البشرية، الذي يسعون من أجله إلى جانب التابعية الماسونية الأخرى مع خصوصياتها. 

 

الفصل الأول 

المرأة والماسونية 

تم بناء الحق الإنسانية في نهاية القرن التاسع عشر. فالثورة الفرنسية لعام 1789 كانت ما تزال قريبة العهد، و (( افکار 89 )) ما فتئت حية في النفوس والذاكرة. لقد ألهمت التيار الجمهوري خصوصا أثناء ثورات ال 1830 وال 1848؛ فبلغت أهدافها مع الجمهورية الثالثة. وكان يجري الكلام على الحرية والمساواة في حين أن هذا القرن كان يشهد في الوقت نفسه ولادة الثورة الصناعية الأولى وتطورها. ففي المصانع والمحترفات والمتاجر كانت تستخدم بشكل مفرط اليد العاملة النسائية، لكن لم يكن المجتمع ولا التشريع يمنحان المراة حقوقا مشابهة لحقوق الرجل. ففي هذا السياق تتموضع مبادرة ماريا دوريسم وكذلك تأسيس الحق الإنساني )) .| 

ا- المرأة في المجتمع في القرن التاسع عشر

دمغت ثورة عام 1789 مرحلة هامة في تاريخ الشرط النسوي، ليس لأن هذه الثورة تعترف بالمساواة بين البشر بل لأنها فتحت ثغرة لن تغلق في القرن التالي. فخلال الأيام الثورية 

11 

 

كانت النساء حاضرات وناشطات. فأنشئت نوار نسائية وجمعيات أخوية، وتحول العديد من الصالونات التي كانت حتى ذلك التاريخ ادبية وفلسفية حصرا إلى حلقات سياسية، مثل صالون السيدة رولان 

وكانت أعداد النساء كثيرة داخل الحشود التي انطلقت في تشرين الأول / أكتوبر عام 1789 من فرساي إلى باريس (( الخباز والخبازة والصبي الخباز، معا. أما حائكات اليعاقبة) فقد كن مشاهدات مثابرات في ذلك النادي الشهير. وكن بعرن خلاله عن أفكاره. لقد كانت النساء مؤقدات العزائم الحقيقيات وبفضل نشاطهن الاجتماعي في الأحباء حافظن على نضالية شعبية ومدينية، لكنهن استبعدن عن بعض القرارات: فلم يحصلن على حق حمل الشارة الوطنية ثلاثية الألوان. ورغم أنهن كن برين غالبا أن الجمهورية في الشكل الضروري للاعتراف بحقوقهن؛ هذا ما عبرت عنه مثلا تيروانيه دو مريکور ولويز دو كراليو وكلير لاكومب (Theroigne de Mericourt , Louise de Keralio , Clair Lacombe) وهذه الأخيرة كانت مع أولمب دو غوج (Olympe de Gouges) من أوائل التسويات أثناء الثورة الفرنسية. 

إن الثورة لم تعترف للنساء بالحقوق نفسها التي للرجال. إنهن بالنسبة إلى سبيس (Sieyes) (أحد رجال ثورة عام 1789) 

مواطنات متلقياته. وكما سبق أن قال روسو (Rousseau) : بان العديدين كانوا يعتبرون أن المرأة لا يمكنها أن تبلغ المجال 

(0)

اليعاقبة (les Jacobins) هم رهبان متعصبون للديموقراطية المركزية أيام الثورة الفرنسية 

 

السياسي، ورغم ذلك نشر كوندورسيه (Condorcet) عام 1790 كتابة (( حول قبول النساء في حق المدينة )) . ولكنه لم يلق آذانا ماغية، وفي عام 1791 أيضا جاء إعلان حقوق النساء والمواطنة الأولمپ دو غوج (Olympe de Gouges) ردا على إعلان حقوق الرجل والمواطن في 26 آب/أغسطس عام 1789. في عام 1793 تم إعدام أولمپ دو غوج لأنها نسيت والفضائل التي تليق بجنسها. 

المرشد العالمي، 29 برومبر، العام الثاني، 19 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1793). في الواقع، لقد قامت الديموقراطية دون النساء. إلا أن الثورة قد أقرت إلى حد ما المساواة المدنية: فحقوق الحرية والأمان والملكية هي للجميع. فالمرأة كالرجل لها حق في الإرث؛ والزواج الذي أصبح عقدا مدنيا يمكن نسخه بالطلاق. إن القانون المدني لعام 1804 لم يمحص مسألة شرعية الطلاق. رغم أن أحد الذين قاموا بإعداده وهو پورتاليس (Portalis) الذي كان قد أشار في كتاباته إلى أن المراة لها الحق في الحماية الدائمة لقاء تضحية لا رجوع عنها .. فالمرأة المتزوجة هي قاصر وقد وضعت تحت سلطة زوجها. في عام 1816 وبعد رجوع عائلة البوربون (Bourbon) إلى العرش، كان الطلاق ينعت بانه (( سم ثوري )) . إلا أن المجتمع تطور مترافقة والتحولات الاقتصادية وتكونت الطبقة العاملة تدريجيا مع نحول بعض المناطق صناعية وتوسعت الأحياء العمالية متلقفة بذلك أعدادا متزايدة من السكان. 

إن الثورات التي عرفها التاريخ السياسي الفرنسي (1830 و 1848) لم تقدم أي تغيير ذي دلالة. فالجمهورية الثانية كانت مي نفسها عاجزة عن القيام بالخطوة الأولى: فهي قد منحت فعلا حق الانتخاب العام ولكنه كان انتخابا ذكوريا .. وظلت فرنسا خاضعة الماض أوروبي سحيق حيث كانت المرأة مستبعدة عن توارث 

13 

 

العرش، سجل عام 1848 القطيعة بين الاشتراكية وبين الحركتين العمالية والنسائية. لقد كانت جماعة سان - سيمون (Saint - Simon) فقط هي التي تجمع بين البروليتاريا وبين النساء. وكان هناك بعض المراوغة حول الحق في الانتخاب. حتى أن أحد الماسونيين مثل ليون ريشير (Leon Richer) كان يبدي تحفظات معينة رغم تأييده قضية النساء، وقد ذكر هونوره دي بلزاك (Honore de Balzac) في كتابه (( فيزيولوجيا الزواج )) أن: (( المرأة هي ملكية نستحوذ عليها من خلال العقد؛ فهي (( متاع منقول، كما نعرفها الملكية في النهاية إن المرأة بكل صراحة ليست سوى ملحقة بالرجل )) . بل حتى اننا نجد هذه الأقوال معتدلة إذا قارناها بأقوال برودون (Proudhon) الذي يسترسل في أحكام في غاية القساوة لا بل في الفظاظة البالغة حول دونية المرأة، لكننا نجد استثناء هامة جدا وهو فكتور هوغو (Victor Hugo) ، الرئيس الفخري للرابطة الفرنسية لحقوق النساء عندما عبر عن وجهة نظره بالكلمات التالية: (( هناك مواطنون، وليس هناك مواطنات. إن هناك حالة من العنف، ينبغي إيقافها ..

مع هذا اخذت الحركة النسائية تتطور، وفي عام 1876 أنشات هوبرتين أوكلير (Hubertine Auclert) حركة (( حق النساء. لقد احتلت النسوة مكانة هامة في الحياة الاقتصادية، وازدادت أعدادهن في المصانع والمحترفات والمتاجر. وأخذن تدريجيا يحصلن على التعليم: ففي عام 1861 كانت جولي دوبييه (Julie Daubit) أول امرأة تحصل على البكالوريا، وفي عام 1880 أسس پول برت (Paul Ber المدارس الثانوية للإناث. وأصبحت النساء مدرسات، و (( جباة وعاملات سيدات بريده. وبدأ الاعتراف بوجودهن في نشاطات جديدة: ففي عام 1892 طلبت جان شوفان (Jeanne Chauvin) تسجيلها في سلك المحاماة. لكن لم يقر للنساء 

 

بهذا الحق إلا في عام 1899. فقانون عام 1884 حول الجمعيات منح النساء حق الانتساب إلى النقابات. ولكن لم يسجل أن احتلت اية امرأة أية مسؤولية مع أن مصانع الغزل في روبي (Roubaix) شمال فرنسا مثلا كانت غالبية اليد العاملة فيها مؤلفة من النساء 

وأخذت النساء يسعين لكسر القيود والخروج من عزلتهن. وأصبحت كلمتهن مسموعة: وفي المؤتمر العمالي في مرسيليا لعام 1873 لفتت الانتباه مداخلة هوبرتين اوكلير، ولكنها لم تؤخذ بعين الاعتبار في المقررات التي وضعت إثر المؤتمر. وكانت مؤلفات فلورا تريستان (Flora Tristan) التي تحفل بوصف ظروف العاملات وبؤسهن مقروءة وتلقى الإعجاب. وكانت لويز ميشال ونبلي روسيل وپولين کيرغومار وبلانش كرمنيتز (Louise 

،(Michel, Nelly Roussel, Pauline Kergomard, Blanche Cremnitz 

وماريا دوريسم خطيبات شهيرات. كما أن ترجمة كليمانص رواييه (Clemence Roeyer) مؤلفات داروين (Darwin) قرئت باهتمام ملحوظ، لقد تطورت النزعة النسوية في وسط البورجوازية الجمهورية، وفضلا على ذلك فإن بعض الشخصيات من الرجال قد قدمت دعمها للحركة النسائية: ومن بينهم ليون ريشير وجورج مارتان. ففي عام 1882 أسس الأول الرابطة الفرنسية من أجل 

حق النساء، حيث كانت ماري پونيون وماري بونوفال (Marie Pognon , Marie Bonnevial) أول امراتين تتوليان رئاسة الرابطة. هنا تجدر الإشارة إلى أنه في السنة نفسها حصلت ماريا دوريسم على المساررة الماسونية في محفل ذكوري، وفي عام 1893 أسست مع جورج مارتان جمعية الحق الإنساني )) . لقد اندرج هذا الحدث بشكل عام في الحركة المطلبية النسائية. إنها طريق أخرى تلك التي تميز الماسونية. 

 

2 - المحافل الماسونية الذكورية

ما هو موقف الماسونية إزاء فكرة قبول النساء فيها؟ إن تكوين الحق الإنساني، يتمركز في تاريخ الماسونية الفرنسية التي تعود محافلها الأولى إلى القرن الثامن عشر والتي تستند إلى نص تأسيسي يتمثل في: السانير أندرسن Constitution 

d ' Anderson )) (1723) . يحدد هذا النص بشكل خاص من هم الذين في إمكانهم أن يصبحوا ماسونيين رجالات خبر ومستقيمين، ولدوا أحرارا وفي عمر ناضج، يتصفون بالرزانة، وليسوا عبيدا ولا نساء وليسوا رجالا فاسقين وفاحشبن بل من ذوي السمعة الحسنة )) مبدأ (( اللانساء، هذا والذي لا استئناف فيه كانت تتقيد به التابعيات الكبرى في تلك الحقبة من الشرق الكبير لفرنسا، الذي نشا عام 1773 إلى (( المجلس الأعلى للطقس الإسكتلندي، الذي انبثق عنه عام 1880 (( المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير، وعام 1894 المحفل الكبير لفرنسا، المكون في شكله الحالي. لكن هل كان لهذا المبدأ من مبرر؟ ليس لهذا الأمر أي جواب صريح. إن الماسونية التي تدعي أنها وريثة بنائي القرون الوسطى يبدو أنها تجهل أن من بين هؤلاء البنائين كان ثمة نساء. هل علينا أن نرى خلف هذا الرفض عبء التقليد اليهودي - المسيحي المتمثل في أسطورة الخطيئة المميتة عند حواء؟ هل علينا أن نكتفي بالنظر من خلاله إلى تأثير العادات الاجتماعية؟ فالماسونية تعكس الموقف الدنيوي الذي بحصر المراة في الأعباء المنزلية وتربية الأولاد، حيث من مهمتها إنجابهم. إذن كيف في الإمكان أن نتصورها تعمل في المحفل؟ 

في المقابل، إن بعض الماسونيين في المنتصف الثاني من القرن التاسع عشر قد التزموا فؤادي المعركة من أجل حق النساء، 

16 

 

فاستقبل (( الشرق الكبير لفرنساه عام 1868 ماريا دوريسم التحاضر في موضوع الأخلاق،. في عام 1869 أثار ليون ريشير مسالة احتمال هساررة النساء، وهي فكرة استعادها القس فريدريك ديمون (Frederic Desmons) عام 1870. هنا يجب فصل النساء عن التأثير الكهنوتي، بالتالي تعود إلى المراة تربية الأولاد، أيضا الواجب أن ترسخ لديهم القيم الجمهورية والعلمانية، عام 1870 نظم ليون ريشير مع ماريا دوريسم أول مأدبة نسائية. لكن هل من الممكن التوصل إلى العودة عن مبدأ (( اللانساء؟ إنه الأمر الأكثر استبعادا لأن التحفظات عليه بقيت شديدة. ولم يكن الماسونيون مستعدين بعد لهذا التغيير. 

3 - محافل التبني

غير أن الماسونية، مع ذلك، لم تكن تتجاهل النساء. ففي عام 1774 اعترف (( الشرق الكبير لفرنسا، بماسونية السيدات )) ضمن محافل التبني. بالطبع في تلك الفترة، كان هناك فعلا بعض التحفظات لدى البعض أمثال الفارس دي لاتييرس والفارس در رامسيه (De Ramsay ) De La Tierce).

لقد أظهرت الصالونات الأدبية في عصر الأنوار قدرة النساء على جمع الفلاسفة والعلماء في مناقشات حول الأفكار الجديدة. إن الماسونية لا تنكر هذا الأمر. لكن علينا أن نتساءل عن الأسباب العميقة وراء تكوين محافل النبني، يقول دانيال ليثو (Daniel Ligou) بشكل فكاهي إن هذه المحافل سمحت بتصريف فضول النساء، لكن هناك بالطبع تفسيرات أخرى. زد على ذلك، لماذا ترغب النساء في أن (( بتمسؤث )) ؟ هل لأن محيطهن يتميز بامتثالية اجتماعية؟ أم ليوهمن الآخرين بانعتاق حقيقي؟ ام الالتزام بالافكار 

 

الجديدة التي توسعت في الصالونات أي أفكار الحرية والمساواة؟ إن هذه المحافل قد وجدت بالفعل وليس مهما أن تكون دوافعها الحقيقية صعبة التحديد. 

إن محافل التبني هي من أرومة المشاغل الذكورية، وهي تابعة لها، (( فالنساء المتبنيات )) لا بحصلن على مساررة الرجال نفسها؛ إذ له طقوسهن الخاصة، التي مراجعها الرمزية والثقافية هي بصورة أساسية توراتية (برج بابل، سلم يعقوب، جنة عدن) وموضوع الفضيلة فيها يتردد بشكل دائم. يدير هذه الاجتماعات مجمعان اثنان من الأخبار: الأول، ذكوري والثاني، أنثوي، وتقوم على إلقاء الخطابات وقراءة الأشعار. وتستكمل بالحفلات الراقصة والموسيقية والأعمال الخيرية في القرن التاسع عشر صمدت هذه المحافل ولكن نجاحها كان يقوي أو يضعف بحسب الأطوار إلا أن بعض التغييرات قد أصابها. فالاختبار الذي كان بصورة جوهرية أرستقراطية في القرن الثامن عشر أصبح الآن اختيارة بورجوازية. وهكذا كان يتبع تطور المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، فقد لوحظ على مضئ الزمن أن نسبة المساهمة الذكورية ضعفت وأصبح الاختبار أنثوية فقط، وأعيد النظر في الطقوس واصبحت أكثر انسجاما مع المثال النموذجي للماسونية 

بموازاة ذلك نستشف بعض دلائل التجديد. ففي عام 1838 وخلال جلسة تبني، تمت الإشارة بشكل محدد إلى أن النساء الثلاث اللواتي سيجري تبنيهن (( سيخضعن لاختبارات الرجال الماسونية العادية. في المقابل، أنشا بيير ريش - غاردون (Pierre Riche - Gardon) مشغلا خاصا تأسس في 14 تشرين الثاني / نوفمبر من عام 1860 تحت اسم (( هيكل العائلات )) . إن هذا المشغل العائلي يتميز بحسب مبتكره (( بماسونية عملية .. هل يمكن 

18 

 

أن نرى في هذا بداية الاختلاط؟ لقد قام هذا المشغل بنشر 

جريدة المسار، التي نجد فيها عبارة الحق الإنساني او الماسوني )) . كانت هذه التجربة قصيرة من حيث مدتها إذ أنها توقفت عام 1863. إنها بالطبع لم تغير شيئا في العمق. 

 

الفصل الثاني 

مساررة ماريا دوريسم 

(Maria Deraismes) 

إن فكرة مساررة ماسونية حقيقية للمراة اخذت تصبح اكثر فاكثر حاضرة في النفوس. مع هذا لم يحدث أي شيء حاسم قبل عام 1882، وهو تاريخ مساررة ماريا دوريسم. فلكي يتحقق هذا الأمر كان لا بد من تلاقي مشغل من (( المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير، المستعد للتغيير الثوري، مع شخصية امراة استثنائية کماريا دوريسم. 

1 - إنشاء المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير،،

المرحلة الحاسمة 

في 12 شباط/فبراير عام 1880، انفصل اثنا عشر محفلا رمزية عن المجلس الأعلى للطقس الإسكتلندي القديم والمقبول،، وأنشأوا قوة ماسونية جديدة في المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبيرة. هذه التابعية الشابة بنينت دستورها حول مبداين اساسيين هما: استقلالية المحافل الزرقاء، وحرية الضمير، ولكنها 

الإماي 

11 

تا 

 

لم تدم أكثر من خمس وعشرين سنة. فالجمهوريون الشبان الذين يؤلفونها مثل شيفر وأوغوست دي مولان وغومان کورنيه ( Schaeffer , Auguste Desmoulins , Goumain - Cornille ) ، كانوا يطمحون إلى تنظيم ديموقراطي بحثهم على ذلك هاجس المساواة الأخوية والعدالة الاجتماعية.

إن انتخاب رئيس هذه التابعية الفنية أصبح يجري سنويا. وفي عام 1881 و 1882 انتخب جورج مارتان رئيسا. رغم أن (( المحفل الإسكتلندي الرمزي الكبير، قد أدرج في دستوره مبدأ استقلالية المحافل، إلا أنها رفضت بأغلبية ضئيلة قبول النساء في الماسونية لقد تطورت التابعية بصورة سريعة، وارتفع عدد المشاغل خلال خمس عشرة سنة من 12 إلى 36 مشغلا (لم تضم أي مشغل من الرتب العليا) ، فمسألة مساررة النساء أثارت أول مشكلة هامة كان على التابعية الفتية أن تجد حلا لها. إن المشاغل المتوائمة مع هذا التطور استندت إلى مبدأين هما: الماسوني هو حر في محفله الحر وكل محفل يمتلك استقلاليته الخاصة به، لكن (( المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير، بقي على موقفه. إزاء هذا الرفض المتجدد، لم يقبل أعضاء محفل (( المفكرين الأحرار )) ، لمدينة بيك في منطقة الإيفلين (إحدى الضواحي الباريسية، والذين أدرجوا في نظامهم الداخلي شروط هذه المساررة، لم يقبلوا هذا الفيتو وتركوا التابعية بعد بضعة أيام، وفي 14 كانون الثاني / يناير من عام 1882، قام هوبرون Houbron) ، (( معلم المحفل الجليل )) ، بمساررة لماريا دوريسم بشكل منتظم وبحضور العديد من المدعوين ومن بينهم جورج مارتان. وبصورة سرية حامت الشبهات حول المشغل فافترق الأعضاء، واستقال بعضهم والبعض الآخر عاد إلى المحفل الإسكتلندي الرمزي الكبيره، ثم تلاشي المشغل، وغدت ماريا 

22 

 

دوريسم ماسونية بدون محفل طوال أكثر من 11 سنة. إلا أن مساررتها سمحت بإنشاء أول محفل مختلط في عام 1893. 

بعد عدة سنوات وفي عام 1896، عاد المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير، إلى مزاولة نشاطه واندمج في (( محفل فرنسا الكبير، الذي تكون عام 1894 بموافقة (( المجلس الأعلى للطقس الإسكتلندي )) ، وظل (( محفل ديدرو (Diderot) ، هو الاستثناء الوحيد المكون من قدامى العاميين أنصار الثورة العامية الباريسية عام 1871]. فأحيا هذا المحفل، مع مشاغل أخرى، التابعية تحت اسم المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير المصان )) . لقد حصلت بعض النساء في هذه التابعية على المساررة وأشهرهن كانت لويز ميشال (Louise Michel) ، وهي الشخصية التي دمغت بقوة تاريخ عامية باريس، لقد كانت حياة والمحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير )) قصيرة الأجل، ولكن أحد محافلها قد سمح لماريا دوريسم بتلقي النور، أي بالمساررة. 

2 - ماريا دوريسم

ولدت ماري - إديلايد دوريسم (Marie - Adelaide Deraismes) المسماة ماريا، في باريس، شارع سان دوني

Saint - Denis )) في 17 آب / أغسطس من عام 1828، وفي عائلة بورجوازية ليبرالية وجمهورية. كان والدها وكيل مبيعات؛ ووالدتها آن سوليه (Anne Soleil) كانت ابنة الأخ والوريثة النظاراتي، أطلق اسمه على زجاجات مصابيح عدسية الشكل. وأختها البكر أنطوانيت - آن - ماري (Antoinette - Anne - Marie ) التي تكبرها بسبع سنوات كانت تعرف أكثر باسم آن فيريس - دوريسم

(Anna Feresse-Deraismes) 

23 

 

لقد كانت ماريا امرأة متعلمة ومثقفة مثالية. كما كانت تربيتها أرفع شأنا من سواها من فتيات عصرها، وكانت واسعة الاطلاع: فشملت دراستها اللاتينية واليونانية والفلاسفة والتوراة وآباء الكنيسة وترجمات كتب الهند المقدسة والديانات الشرقية. وفي سن الثانية عشرة خاضت تجربة الفن الخطابي ومن أجل هذا الهدف حولت الكشك في حديقة أسرتها إلى منبر، حيث راحت تلقي الخطابات. وكتبت في سن الشباب عدة قطع مسرحية كانت تعرض آنذاك في الصالونات البورجوازية وأيضا نشرت رسائل هجاء، ولخيار شخصي ظلت ماريا عزباء. لقد توفي والدها عام 1852، ووالدتها عام 1861. أما آن - فيريس دوريسم شقيقتها فقد أصبحت أرملة عام 1865 دون أولاد فعادت إلى المنزل العائلي. عندئي عاشت الأختان حياة ثقافية غنية، وكان يتوافد على صالونهما الشخصيات الديموقراطية والليبرالية الأكثر شهرة. 

خاضت ماريا مع مجموعة من النساء عام 1866 المعركة من أجل تحرر المرأة وأصبحت الناطقة باسم هذه الحركة، وكانت تدير 

جمعية المطالبة بحقوق النساء، التي تناضل من أجل تطوير تعليم الإناث. لقد عملت ضمن هذه الحلقة في محاذاة لويز ميشال. كما ساهمت بصورة منتظمة في مختلف الجرائد مثل (( الجريدة الكبرى )) و (( العصر )) و (( القزم الأصفر )) ، وكذلك في مجلة (( حقوق النساء التي أصبح اسمها عام 1871: (( مستقبل النساء )) . 

غير أنها لم تعبر بومة عن اعتراض على الجنس الذكوري، وقد كتبت: (( نحن نرى في الرجل والمراة هوية ممتزجة، هي خليط من نفس الطمي ومن نفس الطينة، نحييها نفس الأنفاس، فهناك تكافؤ بين الاثنين )) . 

في تلك الحقبة حيث كانت البابوية والصحافة الكنسية 

24 

 

تهاجم الماسونية هجوما صريحة، نظم والشرق الأكبر الفرنسا، للدفاع عن نفسه محاضرات عامة، فاخذ ليون ريشير (Leon Richer) يلتمس مساعدتها. بعد أن ترددت ماريا في الاستجابة، انتهت بالموافقة على إثر قراءتها مقالا سفيهة بتناول الجوارب الزرقاء، أي النساء اللواتي بدعين امتهان الكتابة. 

لاقت هذه المحاضرة الأولى عن الأخلاق، نجاحا كبيرة وكان توافد الحشود هائلا، فسربعا ما عبرت الصحافة عن قدرة هذه الخطيبة البليغة. يجدر هنا التذكير بأن الإمبراطورية التي حکمت حتى بداية ستينيات القرن التاسع عشر كانت قد حظرت المحاضرات التي تتناول أفكارة لا تتوافق مع تفكير النظام السائد (فالقانون حول حرية الاجتماعات العامة يعود إلى عام 1868) . 

لقد تابعت ماريا معركة النضال من أجل تحرير المرأة عبر المحاضرات والمؤتمرات. كانت المواضيع كثيرة التنوع، وأخذت تتناول، مداورة، الأخلاق والتاريخ والأدب. وفي كل الحالات كانت تنادي بكامل حقوق المرأة سواء منها السياسية أم المدنية. فمحاضراتها التي كانت في البداية معتدلة أصبحت أقل امتثالية. لقد تحولت تلك المناصرة لفولتير (Voltaire) علمانية وأضحت المرأة الليبرالية ذات نزعة اشتراكية. لقد اقامت اتصالات مع العاملات المناضلات وانتسبت إلى جمعية أصحاب الأقلام .. إلا أنها أصيبت بالتهابات رئوية متكررة منعتها لفترة معينة من اعتلاء المنبر، وخلال صيف عام 1870 ذهبت لنعيش بقرب خالها في مدينة فيلهو (( Ville - Houx )) قرب جزيرة سان - مالو Saint 

- Malo )) منطقة في غرب فرنسا)؛ فكانت بالتالي غائبة عن باريس أثناء العامية. ثم عادت بعد سنة إلى العاصمة لتقوم بحملة في سبيل دعم الديموقراطية

 

عام 1875، أثارت استنكارها مسرحية (( راباغاش )) للكاتب فكتوريان ساردو، Rabagas de Victorien Sardou )) ، وهي مسرحية مناهضة للديموقراطية وحاقدة، فعادت إثر ذلك إلى منبر الخطابة. لاقت احتجاجاتها نجاحا كبيرا الأمر الذي دفع رئيس مكتب الشرطة في المحافظة إلى استدعائها وإعطائها نصائح بالتروي خوفا من أن تهين المنتخبين السياسيين بالطريقة نفسها. لقد انتسبت إلى جمعية الفكر الحر، وأسست فرعا لها حيث كانت تدير شؤونه، ثم أنشأت جريدة (( التفكير الحر في وازه (( Seine 

- et - Oise )) (المنطقة الباريسية

عام 1877 دعت ماريا أصدقاءها السياسيين إلى ديارها في ماتوران (( Mathurins )) قرب مدينة بونتواز (( Pontoise )) (ضاحية باريسية وذلك من أجل التحضير للانتخابات التي ستضع حدا الحكم النظام الأخلاقي، وهو نظام بناه المارشال ماك - ماهون (Mac - Mahon) للتمهيد لعودة محتملة للملكية. هذه اللقاءات كانت ذات طابع شخصي ولم يكن في الإمكان حظرها، كما أنها كانت تساهم في تدعيم الجمهورية. 

عام 1878 خلفت ماريا ليون ريشير في رئاسة رابطة تحسين مصير المرأة )) . وشاركت في المؤتمر الدولي الأول من أجل حق النساء، ثم في المؤتمر المناهض للإكليركية في حزيران / يونيو عام 1881، حيث استقبلت بحفاوة أمام أكثر من 4000 مندوب، وذلك في غياب الرئيس فکتور شولشير (Victor Schelcher) . 

لقد بلغ نشاطها والتزامها حدا أدى إلى تشكيل لجنة من أجل ترشيحها للانتخابات التشريعية. ولكونها سيدة عقلانية رفضت العرض لعلمها بأن ترشيحها هذا غير مقبول قانونية. 

26 

 

فخلال أكثر من خمس عشرة سنة عملت ماريا دوريسم إلى جانب العديد من الشخصيات الأدبية والفنية فضلا عن بعض الأعضاء النافذين في التابعيات الماسونية، الذين كانوا يطلبون منها القيام بإلقاء المحاضرات أو ترؤس المظاهرات. يجدر القول إنه لا يمكن تجاهل هذه المرأة والمعركة التي خاضتها. 

في 14 كانون الثاني / يناير من عام 1882 منحت ماريا النور من قبل ماسونيي محفل والمفكرين الأحرار )) ، في شرق مدينة بيك (( Pecq )) (الموقع الجغرافي لانغراس المشاغل الماسونية) . رغم ذلك، فقد بقيت ملتزمة التكتم الماسوني حتى تاريخ نيسان / أبريل عام 1893، وهو تاريخ تأسيسها للمحفل المختلط والحق الإنساني )) بالتعاون مع جورج مارتان. ولكنها لم تر التتويج لإنجازها الذي كان ماسونية بقدر ما كان دنيوية. إذ توفيت في 6 شباط / فبراير عام 1894 وووريت الثرى وفق الطريقة المدنية، وترقد اليوم في مقبرة مون مارتر Montmartre. هذه الشخصية غير العادية تستحق فعلا الكثير من التكريم: ولهذا تم في 16 حزيران / يونيو عام 1895 تدشين شارع يحمل اسمها في امتداد حديقة (( إيبينيته 

Les Epinettes )) في الدائرة السابعة عشرة في باريس. وفي 3 تموز/ يوليو عام 1898 ارتفع في الشارع نفسه تمثال لها بتقلد الشارة الماسونية. 

3 - مساررتها

لقد اختار أعضاء محفل (( المفكرين الأحرار، في مدينة بيك ماريا دوريسم لكي تكون المرأة الأولى التي جرى مساررتها. ورغم أن المحفل قد أضاف إلى نظامه الداخلي مادة تسمح مشاركة النساء في أعماله إلا أن دراسة الترشيح أثارت العديد من 

27 

 

النقاشات. فاللجنة التنفيذية للمحفل الرمزي الإسكتلندي الكبيره رفضت تكرارا احتمال قبول المرأة، بيد أن سبعة من معلمي المشغل اقترحوا في 25 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1881 ترشيح ماريا دوريسم، ولكن بعض الأعضاء ظلوا ملتزمين بالنظام الفيدرالي، إلا أن التصويت على قبولها قد حقق الفوز. فلكي يظل المحفل سيد قراراته انفصل بصورة إرادية عن (( المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبيره في 11 كانون الثاني / يناير عام 1882. إن ماريا دوريسم كانت الشخصية الرائدة التي مكنت من شق طريق جديد. 

تمت مساررة دوريسم بعد ثلاثة أيام، أي في 14 كانون الثاني / يناير من عام 1882، وذلك بحضور العديد من الشخصيات الذين كان من بينهم النواب ورؤساء المناطق العامون، والماسونيون أصحاب الأقلام والعلم والفن؛ وافتتح الجليل )) الجلسة بالكلمات التالية: (( سنقوم بعد لحظة بتكريس أحد أكبر مبادئنا الإنسانية، الجدير باحترام الجميع: وهو مبدأ المساواة. [ ... ] سنلقن اليوم الآنسة ماريا دوريسم أعمالنا الماسونية، هذه المراة السامية التي يجعلها ذكاؤها وموهبتها وعلمها الواسع وجديتها أهلا للدخول في رابطتنا [.] وإن لم نكن نشارك أفكار جميع الماسونيين إلا أننا على الأقل مقتنعون بان الكثيرين منهم المعروفين بحكمتهم وبموهبتهم ينظرون بترحاب إلى هذه الخطوة التي قام بها اليوم محفل (( بيك )) . . 

بحسب القاعدة الماسونية، وقبل أن يتم تقديم المرشحة إلى الهيكل، تكتب وصيتها الفلسفية التي تسمح لها برسم معالم 

حياتها الكبرى وقناعاتها وتوجهانها، بعد ذلك نقوم بالرحلات الرمزية وتتلقى بانتظام النور والتعليم ثم تؤدي اليمين، لكي 

28 

 

يعترف فيما بعد بصفتها أختة من قبل مجمل الاخوة الحاضرين وتصبح بذلك عضوا ناشطا في المشغل. فبعد أن تكون قد حصلت على المساررة بصورة منتظمة ترفع إلى ثاني درجة فثالث في اليوم نفسه، إنه أسلوب كان شائعة في تلك الحقبة، وأخيرا دمت لها باقة من الأزهار البيضاء ووشاح المعلم المزين بغصن من الأكاسيا يحمل كلمة إهداء إلى الأخت ماريا دوريسم 

هنا المعلم الجليل، هوبرون Houbron) المساررية الجديدة لأنها اجتازت بحزم حواجز الماسونية التي تركتها الآن مشرعة أمام النساء الأخريات، مشيرا إلى أن غياب النساء عن المحافل الماسونية هو أسلوب بال، وأضاف أن المجتمع لن يمكنه أن يتقدم دون مساهمة المرأة، هذه المرأة التي هي المربية الأولى للطفل، وبدعوتنا لها إلى مشاركة الماسونية قد نصونها من الأخطاء التي تنجم عن الجهل. 

لقد كان خطاب الأخت دوريسم الأكثر نجاحا والأكثر تشربة بقناعاتها النسوية. فبدأت بتوجيه شكرها إلى المحفل الذي منحها مساررة شبيهة بتلك التي يحصل عليها الأخوة الرجال، وأملت بان لا يغلق الباب وراءها مرة ثانية. إن مبدا إقصاء الإناث لا يستند إلى أية حجة وجيهة. مضيفة أن المرأة لديها عقل يجب أن يتطور، ولا يحق لأي إنسان في العالم أن يقيد ممارستها لقدراتها. فالمرأة هي قوة تكمن أهميتها الأولى في كونها أما تدفع إلى حب السلام وكره الحرب. واختتمت خطابها بنشيد المرأة التي في إمكانها أن تقدم الكثير للماسونية ونجعلها مثمرة أكثر. 

لقد كان جورج مارتان الخطيب الأخير في الاحتفال الساهر هذا. نظرة لانه مناص معروف لقضية المرأة فقد اختار أن يذكر 

29 

 

بدور ماريا دوريسم في الحياة العامة، وبإلقاء الضوء على النضالات التي دفعتها إلى التحرك منذ عدة سنوات وليذكر أيضا بالمعركة التي خاضاها معا من أجل انعتاق النساء. فأمام الحشد الكبير من الماسونيين اختار أيضا الدفاع عن محفل والمفكرين الأحرار )) ، والإشادة بالمرأة الماسونية، وعرض الصعوبات التي واجهت المحفل الذي كان قد خرق الممنوع. كان يتوجه إلى المشاركين ليس كنائب في المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبيره ولا كعضو في اللجنة التنفيذية بل باسمه الشخصي فقط. فهنا الحفل على قراره ومبادرته وقدونه وشجاعته، وذگر بثورة الأخوة ضد سلطوية (( المجلس الأعلى للطقس الإسكتلندي، الذي يرفض استقلالية المحافل. وأمل بأن يكون لهذا المثال تتمة. واختتم كلامه بالقول: (( إن المستقبل يمتلكه رجالات التقدم، وأنتم منهم، فالمستقبل هو لكم، للماسونية المختلطة التي قمتم ببنائها للتو. 

إن مساررة ماريا دوريسم هو عمل (( ثوري )) ، إلا أنه تحقق بفضل محفل نظامي کانت له الجرأة على خرق مبدأ (( اللانساء. 

30 

 

الفصل الثالث 

من المحفل المختلط الأول إلى المنظمة الماسونية المختلطة الدولية 

كان لا بد من انتظار احد عشر عاما كي يرى المحفل الأول للحق الإنساني، النور، ولم يتحول المحفل المختلط والحق الإنسانية إلى المنظمة الماسونية المختلطة الدولية، إلأ عام 1901. فبعد وفاة ماريا دوريسم، كان لجورج مارتان الدود في إعطاء هذا المحفل مكانة التابعية (1896) ثم مكانة المنظمة الماسونية (1901) وفي فرضها على القوى الماسونية الأخرى. 

1 - جورج مارنان

إن ماتين الشخصيتين المقدامتين: ماريا دوريسم وجورج مارتان، قد ناضلنا في القرن التاسع عشر، الذي كان في اوج التحول، وذلك من اجل الاعتراف بالرجل وبالعراة، وحيث ص?تا جهودهما للبرهنة على التكامل بين الجنسين 

ولد جورج مارتان في 9 أيار/مايو من عام 1844 في باريس، وهو من عائلة يعود أصلها إلى سولونيه (( Sologne )) 

31 

 

منطقة وسط فرنسا). أما والده الذي كان صيدلانية في باريس فقد أمل أن يسير ابنه على خطاه. لذلك عهد بتعليمه إلى اليسوعيين في شارع لومون (( Lhomond )) ، إذ كان تلميذة لامعة وبدا ذا شخصية حادة عنيدة لكن معلميه قلقوا لأنه كان مشاكسة. 

بالفعل لقد اهتم جورج مارنان وهو في أول فتونه بالأفكار الجمهورية، الأفكار التي لا تتوافق أبدأ مع تفكير معلميه في مرحلة كانت تعيش فرنسا تحت حكم النظام الإمبراطوري لنابليون الثالث (Napoleon III) ، منذ حداثته كان بتردد إلى الاجتماعات العامة ليعبر فيها عن أفكاره ومن صلبها فكرة المساواة بين الرجل والمرأة. 

بعد نيله البكالوريا الأدبية عام 1861 ثم العملية عام 1863 تكرس لدراسة الطب، والتي تكللت عام 1870 بالنجاح. فمارس مهنة الطب مدة عشر سنين في شارع موفتار (( Moufrietard )) في باريس، وأصبح هناك ذا شعبية، نظرا لأنه كان يهتم دون ما تمييز بالأغنياء والفقراء، فلم يتردد يوما في معالجة من يستدعونه دون أن يكترث على الإطلاق بتقاضي أجره. 

لقد كان رجلا على درجة من الأهمية وأثبت ذلك أيضا في تطبيقه أفكاره الليبرالية والجمهورية. وفي سنة 1866، أنشأ مصلحة الخدمة الصحية وشارك كرجل إسعاف خلال عدة أسابيع في المعركة من أجل غزو فينيسي Venetie )) ، إلى جانب الجمهوري غريبالدي في إطار بناء الوحدة الإيطالية 

في عام 1874، انتخب لأول مرة في المجلس البلدي لباريس. واعيد انتخابه لثلاث دورات مقبلة، نظرا لكونه من المهتمين بالمشاكل الاجتماعية عين في مجلس الرقابة على مؤسسة الرعاية 

32 

 

العامة حيث اقترح عدة إصلاحات. في تموز/يوليو سنة 1884 انتخب رئيسا للمجلس العام للسين (Seine) (منطقة باريسية وأصبح بعد عام سيناتورا لهذه المحافظة. 

لقد كان برنامجه جمهورية اجتماعية متأثرة بشكل قوي بالبحث عن العدالة والاعتراف بحقوق الرجل والمرأة، وبرهن عن كونه ملحدا عقلانية مع احترام دقيق لمعتقدات الآخرين. فالف كتابة بعنوان (( فلسفة عقلاني )) ، غير أنه بقي نقدية تجاه الأديان التي كان يعتبر أنها ليست سوى انقسام بين الناس. ودافع عن أفكاره من أجل انتصار الحقيقة. هذه الحقيقة التي تسمى بالنسبة إليه العدالة والعدالة في المساواة بين الرجل والمرأة، أي ما معناه الحق الإنساني )) ، وفي موازاة ذلك جرت مساررته في 21 آذار / مارس من عام 1879 في محفل (( الاتحاد والإحسان )) للطقس الإسكتلندي القديم والمقبول )) . كان مقتنعا بان الماسونية لن تصبح فعلا بناءة إلا بإدخال النساء إليها. لقد كان جورج مارتان عقلانية أكثر منه باطنية، وبرهن عن تسامحه العميق، مدافعة عن حرية المعتقد، وحارب التعصب والدوغمائية. 

لقد حاول في البداية تطوير الماسونية الكورية بمشاركته في بناء المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير، عام 1880 حيث تسلم بعض المسؤوليات. ثم أمل طويلا في أن تشرع المحافل الكورية بمساررة النساء. ولكن بعد المشاكل التي أثارتها مساررة ماريا دوريسم في محفل والمفكرين الأحرار، في شرق مدينة بيك (( Pecq )) أدرك هو أن عليه القيام بشيء جديد. لقد عمل من أجل ذلك بدون توقف. وتفوق على جميع الصعاب بفضل تصميمه وإرادته. 

 

ولو أن ماريا دوريسم كانت المساررية الأولي بجعلها تأسيس المحفل المختلط بالحق الإنساني، أمرا ممكنا إلا أن جورج مارتان ساهم فعلا في خلق المنظمة الماسونية الدولية المختلطة .. إنه لم يرغب يوما في تسلم الإدارة بصفة والمعلم الأكبر )) ، ولكنه كان ذلك الخطيب المفوه في المحفل الأول في البداية ثم في المجلس الأعلى فيما بعد. إن عناده أتاح له المحافظة على بنية معينة وبتطويرها والتي كان من الممكن أن تزول لولا كفاءاته التنظيمية. إذ إن ماريا دوريسم توفيت في شباط / فبراير عام 1894، أي بعيد مرور سنة على تكوين المحفل المختلط الأول،، فكان عليه أن يواجه عداء التابعيات الذكورية القليلة الاستعداد للاعتراف بنشوء بنية ماسونية حيث للمرأة مكانة مساوية للرجل. لم تكن الأحكام دائما إيجابية تجاه جورج مارتان. دون أدنى شك، لقد كانت صلابته تصل إلى حد العناد وشخصيته القوية أدت به أحيانا إلى اضمحلال القدرة على تحمل الجدال. فارتكب بالتاكيد بعض الأخطاء، ولكن لم يكن في استطاعة أحد أن ينكر عمله الدائب سواء بصفته الدنيوية أم بصفته الماسونية من أجل الدفاع عن حقوق المرأة والعدالة الاجتماعية. ففي إطار مسؤولياته كمنتخب طالب بالحقوق السياسية للمرأة عام 1909 ولكن بدون طائل، وسنة 1912 حاول الحصول على المساواة بين الجنسين في أجور التقاعد للعاملات. كما اقترح من خلال مهماته كعضو في المجلس الأعلى للرعاية العامة تحسين الرعاية الصحية في المناطق الريفية ورعاية الأشخاص المسنين من جانب الدولة بطريقة أفضل، وأصبح مدافعا بدون منازع عن الديموقراطية 

في عام 1889 تزوج من ماري - أوجيني لينيه (Marie Eugenie Laine) التي شاركته جميع نضالاته. فضلا عن ذلك، فقد 

34 

 

أصبحت المعلم الأكبر، الأول للمنظمة عام 1903 تحت اسم ماري ? جورج مارتان ( Marie - Georges Martin) ، وذلك حتى نهاية حياتها في عام 1914. لقد كرسا حياتهما لخدمة المنظمة وقاما بتشييد المنزل الأم لي الحق الإنسانية في باريس من أموالهما الخاصة بعد أن باعا فندقهما في شارع فوكلان (( Vauquelin )) وملكيتهما في سولونيه. 

ما زال حتى اليوم المبنى المشيد في 5 شارع جول بروتون (Jules - Breton) هو مركز الماسونية المختلطة الدولية - الحق الإنساني، ومجلسها الأعلى حتى اليوم بقي العديد من المحافل الباريسية تجتمع فيه. لقد طلب جورج مارتان أن يحفر في واجهة هذا الهيكل الجملة التالية: (( إن المرأة في المجتمع عليها الواجبات نفسها التي للرجل، ومن العدل أن يكون لها في المدينة الحقوق نفسها )) . توفي جورج مارتان في هذا المكان نفسه في الأول من تشرين الأول / أكتوبر سنة 1916. 

2 - تطور المحفل المختلط

إن مساررة ماريا دوريسم في 14 كانون الثاني / يناير 1882 كان يمكن أن تبقى معزولة لو لم يتبعها في 4 نيسان / أبريل من عام 1893 إنشاء المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير لفرنسا الحق الإنساني )) . أما جورج مارتان الذي حضر مساررتها فلم ينفك عن المطالبة بمساررة النساء، فكان يشير في أقواله إلى دورهن في المجتمع وخاصة داخل العائلة وفي تربية الأولاد. ان لم تتمكن ماريا دوريسم من حضور أي اجتماع ماسوني اجتماع محفل). لقد كان ذلك مؤسفة، ولكن لم يكن متوقعا أن تتوجه نحو محافل التبني حيث النساء ليست على القدر نفسه من 

كو 

 

المساواة مع الرجال عندئذ توصل جورج مارتان سريعا إلى فكرة تکوين محفل مختلط، فأخذ منذ سنة 1882 يزور العديد من المشاغل ويشرح فيها أفكاره حول المساواة بين الجنسين. في كانون الثاني / يناير عام 1890 اتصل بالتابعيات الماسونية الموجودة وعرض عليها مشروعه لخلق محفل مختلط، فكان الرفض عامة وقاطعة. رغم ذلك واصل مسعاه. في 13 حزيران/يونيو 1890 قام مع محفل (( القدس الإسكتلندي، حيث هو في منصب (( الجليل الفخري بتبليغ المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير، عن احتمال إنشاء محفل مختلط قد يكون اسمه المخصوص هو (( حق النساء. أبدى بعض مشاغل التابعية التي تمت استشارتها بصورة إفرادية اهتماما بالموضوع؛ إلا أنه في 17 حزيران / يونيو من السنة التالية رفضت اللجنة التنفيذية لر (( المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبيره رسمية الطلب. فلم يعد هناك عندها سوى سبيل واحد هو طريق الإقدام والثورة، وكانت هذه هي الطريق التي اختارها جورج مارتان الحريص رغم كل شيء على تجنب أي انشقاق أو إثارة أية منافسة. من أجل تكوين محفل مختلط كان يجب توافر أعضاء مؤسسين ومن بينهم نساء قد حصلن على المساررة الماسونية. فمنذ أول حزيران / يونيو 1892 وخلال اجتماع انعقد عند ماريا دوريسم في 72 - شارع كاردينه (( Cardinel )) (في باريس] بوشر بمسار البناء وصولا إلى 4 نيسان/ أبريل 1893. وخلال اجتماعات لاحقة اخرى جرت في 17 و 24 أذار / مارس وأول نيسان/ أبريل 1893 تحقق تكوين المحفل المختلط الأول. 

إن القضية الهامة جدا. لذا حصلت 16 امراة دنيوية (جاملة الأسرار الدين على المساررة في آذار/مارس ونيسان / أبريل من السنة نفسها، ثم رقين إلى ثاني درجة فثالث درجة. وأصبحن مع 

36 

 

جورج مارتان البانيات لي الحق الإنساني )) . إننا نذكر من بينهن بعض الأسماء مثل ماري - جورج مارتان وهي المعلم الأكبر الأول )) ، وماري - بيكبه دو فبين (Marie Bequet de Vienne) ، التي قامت باعمال خيرية مميزة لمساعدة الأطفال؛ وكليمنص رواييه (Clemence Royer) العالمة المعروفة بترجمانها لأعمال داروين؛ ولويز دافيد (Louise Davie) ، الأديبة الشهيرة؛ والنسوية ماريا بونيون (Maria Pognon) ؛ ومنذ عام 1894 التحقت بهن ماري بونفيال (Marie Bonnevial) ، الأستاذة العلمانية التقدمية والمناضلة من أجل حركة نقابية تعليمية مستقبلية. بالفعل كانت جميع هذه النساء ملتزمات بالنضال الاجتماعي وبحماية الجمهورية. لقد تكونت أفكار هذه النساء في حركة نضالية ناشطة مما أعطاهن تجارة غنية وذلك من أجل الانطلاق في مغامرة من هذا النوع الا وهي تكوين محفل مختلط. 

أثناء اجتماع 4 نيسان / أبريل، أعلنت ماريا دوريسم انها تؤسس المحفل الإسكتلندي الكبير - الحق الإنساني المفتوح للجميع دون تمييز في الجنس والدين والعرق والجنسية )) . وتخلت عن اسم (( حق النساء، واستبدلته بالحق الإنساني، الذي يشمل كل البشرية؛ ولعلها استلهمت هذا الاسم من النشرة التي صدرت في المحفل التجريبي لعام 1860 (( هيكل العائلات، الذي سبق أن استخدم هذه العبارة. 

في اليوم نفسه، أعلن جورج مارتان أنه يرغب في الانتساب إلى المحفل الجديد (أي أنه يرغب في أن يسجل على لائحة الأعضاء) ، وتعين مجمع الأحبار الذي تحدد موعد تأسيسه في شهر تشرين الثاني/نوفمبر. لقد كانت ماريا دوريسم في المعلم الجليل )) ، بينما احتلت كليمنص روائيه منصب الجليلة الفخرية. وهكذا ولد الحق الإنساني. 

 

في أيار/مايو 1893 سلم جورج مارتان السين (منطقة باريسية نص دستور المحفل الرمزي الإسكتلندي لفرنسا - الحق الإنساني )) . وكان يتضمن 40 مادة مسبوقة بإعلان للمبادئ. إن المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير لفرنسا - الحق الإنساني، يقر بتاسيس هيكلة الماسوني على مبدأ التفكير الحر والأخلاق والتضامن والعدالة الاجتماعية. وعلى أعضائه (( نشر هذه الأفكار )) . هذا الدستور لا يتعلق إلا بفرنسا، بالتالي فهو يؤكد أنه سيتم السعي إلى إنشاء محافل في المحافظات وأينما يوجد فرنسيون على الكرة الأرضية .. فسريعة ما أنشئت عدة محافل وبصورة خاصة في ليون وروان والهافر (مدن فرنسية زوريخ في سويسرا) 

إن التابعية الجديدة هي محفل کبير (اتحاد محافل) ، وبصفتها تلك فهي لا تجمع سوي محافل رمزية أو مشاغل زرقاء من الدرجات الثلاث الأول. غير أنه قد تركت لأعضائها الحرية في دخول مشاغل من الرتب العليا، وعهد بإدارتها إلى أحبار المحفل الكبير المنتخبين بالاقتراع العام لمدة خمس سنوات. وتتم مراقبتهم من قبل مجلس مراقبة بعين سنويا في شهر تشرين الثاني / نوفمبر ويتألف بجزء منه من المحفل الكبير وبجزء آخر من المشاغل (منتخب واحد لكل شريحة من 50 عضوا) . إن أنماط المساررة وتلك المتعلقة بتكوين المحافل ودور الأحبار هي محددة بشكل واضح في الدستور. ولكي يؤكد الحق الإنساني، مدي رغبته في الانخراط ضمن الطائفة الماسونية أقر لأعضاء التابعيات الكورية بحق زيارته بدون أي شرط سوى إثبات صفتهم الماسونية ورتبنهم. 

لقد حصل التغيير فيما بعد بصورة سريعة. ففي نيسان/ 

38 

 

أبريل 1896 تم اعتماد الدستور والأنظمة العامة للمحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير - الحق الإنساني، (التابعية المختلطة - التشريع العالمي في اجتماع المحفل الكبير، وقد نشر في 7 أيار/ مايو من السنة نفسها، إننا نشير هنا إلى بعض النقاط الجديدة. الاختلاط والصفة الدولية يظهران في اسم المحفل. تكوين مجلس أعلى مؤلف من المجلس الإداري للمحفل الكبير (مجمع الأحبار) ومن مجلس المراقبة، لفض النزاع بين البنيتين في حال وقوعه. بالإضافة إلى ذلك يتضمن الدستور مواد تتناول السلوك الماسوني. 

3 - تكوين المنظمة الماسونية المختلطة الدولية

شرعت المحافل تفتتح سنة تلو أخرى، لكن (( الحق الإنسانية بقي هامشيا في الماسونية. فالاختلاط لم يكن مقبولا من قبل الطائفة الماسونية، خصوصا أن التابعية الجديدة لا تتناسب مع القواعد التي تحددها الدساتير الكبرى (الجمعية العمومية الماسونية المدينة لوزان (( Lausanne )) السويسرية في عام 1875) . لقد كان جورج مارتان مدركا كل ذلك، ويعلم جيدا مدى أهمية الحصول على الاعتراف بهذه المنظمة؛ كما رأى أنه يجب الأخذ بخبرة الماسونية الكورية المكتسبة خلال القرنين الماضيين. لقد فهم أنه من المفيد إتمام ما كان قد تأسس عامي 1893 و 1896، أي دمج مشاغل الرتب العليا. في 11 أيار/ مايو عام 1899 وفي ا 5 - شارع كاردينال لوموان (( Cardinal - Lemoine )) في باريس، منع (( الأخ الرفيع التاليق جوزف ديسمبر (Joseph Decembre) المعروف بے ديسمبر الونيه (Decembre Alonnier) ،، الدرجة 33 لعشرة أعضاء من الحق الإنسانية ومنهم جورج مارتان. وقد ترأس بنفسه 

 

المجلس الأعلى الأول هذا حتى عام 1903، في 11 أيار/ مايو 1901 تم نشر دستور المنظمة الماسونية المختلطة الدولية - الحق الإنساني. لقد ظل هذا الاسم التمييزي اسما خاصا بالتابعية، بين عام 1901 و 1914، تمت مراجعة هذا النص أربع مرات من قبل المجلس الأعلى، ولكن تركت بعض النقاط العالقة، مثل مسألة مكانة الكيانات الوطنية. في هذه المرحلة أصبح التوطن الدولي للحق الإنساني، مؤكدا (في بريطانيا العظمى، والهند والولايات المتحدة الأميركية وهولندا وإيطاليا إلخ) . ووضع الدستور العام لسنة 1901 جميع المشاغل تحت سلطة (( المجلس الأعلى الدولي، الذي بعين أعضاؤه لمدى الحياة ويجتمعون في باريس. ومن ثم يسمي هذا المجلس في كل بلد ممثلا مكلفة بتأمين الارتباط والحرص على التطبيق الصحيح للدستور والأنظمة. 

إن دستور عام 1901 يحدد مشاغل الرتب العليا (مجلس الأحبار، المجامع، المحاكم من الدرجة 31، المجامع القيادية من الدرجة 32) والتي يؤمن إدارتها في كل بلد مجمع قومي بين أعوام 1901 و 1911 تثبت التوسع الدولي، كما أنه في السنة الأخيرة تم التأكيد على إمكانية تكوين مجلس وطني يجمع كل الماسونيين من الدرجات 31 و 32 و 33 في البلد الذي يكون فيه عدد المشاغل كافية. هذا المجلس يحتفظ محلية بالسلطة التنفيذية بينما تبقى ل (( المجلس الأعلى، وحده السلطة التشريعية، لقد كان تقدم المنظمة بالفعل وفي الوقت نفسه طرحت بعض الأسئلة الجديدة وخاصة حول إمكانية الجمع بين المؤتمر والجمعية العمومية الماسونية. وهكذا أعلن في السنة المذكورة أنه من المفيد التفكير في عقد جمعية عمومية دولية وتم اقتراح تاريخين لهذا الاجتماع هما: أيلول/سبتمبر 1914 أو العام الذي يليه، وسيكون الموضوع عندها هو كتابة دستور اليس مصاغة فقط من قبل 

 

فرنسيين )) . إن الحرب العالمية الأولى لم تسمع بهذا اللقاء في التاريخين المتوقعين. فانعقدت الجمعية أخيرا في عام 1920. 

إن المنظمة المختلطة الدولية - الحق الإنساني، لم تتكون دفعة واحدة، بل أنها تكونت على مراحل وعلى مدى زمني قصير نسبية، لقد بقي عليها أن تتطور وتتثبت بين عامي 1893 و 1901. 

4 - استجابة العالم الماسوني

احتاجت التابعية الماسونية الجديدة لكي توجد فعلا أن تكون جزءا لا يتجزأ من الطائفة الماسونية، بالتالي أن تحصل منها على الاعتراف بها، هذا الأمر لم يكن سهل المنال بالنسبة إلى الحق الإنساني، الذي اختار الاختلاط والصفة الدولية وتطبيق المساررة المتواصلة. لقد قلبت العادات، فحصلت التابعية المختلطة وبسرعة على اعتراف المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير بها، الذي كما هو معروف كان قد أعطى مشغله والمفكرين الأحرار )) في پيك (( Pecq )) مساررة لماريا دوريسم. 

في عام 1896 انضم جزء من محافل هذه التابعية إلى محفل فرنسا الكبير، بينما شكلت الأخرى الباقية (( المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير والمصان )) ، وقد اعترف دستوره الذي تمت صياغته بين عامي 1898 و 1901 بالاختلاط في المشاغل التي ترغب في ذلك. إن محاولة التوفيق بين التابعينين التي جرت في 24 شباط / فبراير 1899 قد باءت بالفشل. إلا أنه في 26 أيار من السنة نفسها نظم محفل اديدرو، اجتماعا فيما بين التابعيات، حيث قدمت ماري بونيفيال دراسة حول مهمة المراة )) . فبدا ينشا نوع من التعاون الذي بلغ حد الازدواجية في الانتماء. وفي 21 حزيران / يونيو 1901 نسب المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير 

 

والمصان، إليه خمس أخوات من الحق الإنساني، هن: ماري بونيفبال، تيرا ستاركوف، ألين ماركس، ماري وجيني بيلبو 

Marie Bonnevial, Vera Starkof, Aline Marx, Mary et Jenny) 

(Billioud 

إن زوال (( المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير، قبيل عام 1914، جعل كل المحاولات السابقة بلا طائل. لقد وقعت التابعيتان الفرنسيتان الكبيرتان (( الشرق الكبير لفرنسا، والمحفل الكبير الفرنسا، في الحيرة والعجب. فمسألة المرأة في الماسونية كان لا بد أن تستدعي جوابا منهما. لقد جاءت مواقفهما وردة فعلهما مختلفة. 

في الشرق الكبير لفرنسا، وفي 29 أيار/ مايو 1899 جاءت الصدمة من طلب للقبول قدمته امرأة هي أملي جيدالج (Amelie Gedalge) إلى محفل هذه التابعية الوحدة الماسونية )) .. مما فتح باب الجدل في داخلها، هذا الجدل الذي كان إلى حد ما حادة، وانتهى برفض مجلس المنظمة لهذا الطلب. هل كان هذا الرفض هو الفرصة الضائعة أم أنه ردة الفعل الطبيعية بالنسبة لتلك الحقبة؟ هذا أمر لا يمكن الجزم به. فمن الظاهر أن (( المحفل الكبير لم يكن جاهزا بعده. 

لقد جرى نقاش المسألة مطولا أثناء الجمعيات العمومية المنعقدة في أعوام 1900 و 1901 و 1902. لقد سمحت محاضر الجمعيات برؤية تنوع الاستجابات. على هذا النحو صح والأخ غييرمو (Guillemol) عام 1902 بقوله: (( أنا من جهني مناصر شديد الانعناق النساء، وإنني أعتبر أن السعي إلى الانعتاق هو هدف يجب على الماسونية متابعته. 

42 

 

أما على الصعيد العملي، فإن العديد من مشاغل (( الحق الإنساني )) لم تتمكن من إيقاد شعلتها لو لم تتلق الدعم من الأخوة في الشرق الكبير )) . إلا أن الاعتراف الرسمي ب (( الحق الإنساني، الذي اقترحه (( الأخ، بويسون Buisson)، عام 1901 لم يؤخذ القرار به إلا في 21 أيلول/سبتمبر 1921، عندما صوتت الجمعية العمومية ل (( الشرق الكبير على توقيع الاتفاقية مع الحق الإنساني )) . 

أما فيما يتعلق بر محفل فرنسا الكبير، فإن الوضع كان مختلفة. لقد تكونت هذه التابعية سنة 1894، وذلك بعد الأحداث المتتالية التي وقعت إثر إنشاء (( المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير )) . إذن توجب أولا بناء التابعية الجديدة التي أضيف إليها عام 1896 عدد من محافل (( المحفل الرمزي الإسكتلندي الكبير .. بين عامي 1898 و 1901 ظل المجلس الأعلى لفرنسا صامتة، ولم يصدر عنه أي موقف رسمي. لكنه لا يستطيع أن يتجاهل ما كان يجري في العالم الماسوني، خصوصا الاجتماعات فيما بين التابعيات المختلطة التي تم تنظيمها عام 1901. أما الحدث الاحتفالي فقد جرى بالضبط في تلك السنة: لقد أصبح افتتاح محافل التبني مسموح به، وأولها هو الامتحان الحر، والذي أوقدت شعلته في 29 أيار/ مايو 1901. 

إن دستور عام 1906 قد حدد أنظمة محافل التبني هذه. وكان يجب إقناع النساء بفكرة عدم الدخول في المحفل المختلط، إذ أن (( محفل فرنسا الكبيره بريد احترام القواعد الثابتة أو لاند مارك، القديمة المحددة للتقاليد والأعراف: إنها لقواعد مقدسة كانت إحداها قاعدة اللانساء، والتي تبقى رغم ذلك انتهازية إلى حد ما. 

 

الفصل الرابع 

المبادئ التأسيسية 

إن المنظمة الماسونية المختلطة الدولية المكونة عام 1901 قد وجدت في الدستور الدولي قواعدها النهائية وذلك عام 1920. وبذلك تثبتت المبادئ الدستورية التي خضعت لها المنظمة. إن 

الحق الإنساني، المؤلف في معظمه من المشاغل التي تعمل بحسب الطقس الإسكتلندي القديم والمقبول سمح بتطبيق الطقس الإنكليزي بعد بعض التعديل، وذلك استجابة للصفة الدولية في أنظمته، تميز هذا المحفل عن سواه داخل الماسونية بالمساررة المتواصلة 

1 - الجمعية العمومية لعام 1920

تقرر سنة 1912 عقد جمعية عمومية نجمع كل مشاغل المنظمة في شهر أيلول/سبتمبر عام 1914، وذلك من أجل تبني دستور دولي، وكان يجب أن تتزامن هذه الجمعية مع تدشين الهيكل في 5 - شارع جول برونون (( Jules 

- Breton )) في الدائرة الثالثة عشرة من باريس، الذي كان سيجري في أيلول/سبتمبر عام 1916، وذلك قبل أسبوعين من وفاة جورج مارتان الذي تبرع

 

بتكاليف هذا المشروع، وبسبب الحرب لم تنعقد الجمعية العمومية الدولية في باريس إلا في آب/أغسطس عام 1920. 

وقد وجه هذه الدعوة أوجين بيرون Eugene Piron) (( المعلم الأكبر، في المنظمة التي كان يترأسها. أما المهمات الباقية فتوزعت بعد التصويت على مندوبي البلدان الأخرى. هذه الجمعية العمومية الأولى تجمع مندوبين من الدرجة 33، أي الدرجة الأخيرة من الماسونية المختلطة. فكانت المنظمة آنذاك نحوي على أكثر من 300 مشغل في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وهولندا وإيطاليا وبريطانيا وسويسرا. لقد كان الموعد تاريخية: فقد سجل منعطفا رئيسيا في وجود المنظمة وشكل مرحلة حاسمة في إشراقها ولحظة مميزة في وجود الحق الإنساني )) . لأول مرة يجتمع مندوبون قادمون من بلدان بعيدة يتكلمون لغات مختلفة ولديهم آراء دينية وفلسفية وسياسية متباعدة أحيانا. لقد وضعت الأعمال تحت رعاية ماريا دوريسم وجورج مارتان. وكانت المناقشات تدور حول مشروع الدستور الذي صاغه هذا الأخير وقبله المجلس الأعلى، لتلك الحقبة. لقد درسوا مسائل مختلفة تتعلق بالمنظمة، فكانت المناقشات الطويلة ضرورية لإرساء قواعد جديدة، وهكذا أخذت مواد الدستور ننشكل دعامة بعد أخرى، وجاءت على صورة الهيكل المفتوح على القبة السماوية، أي حيز الأحلام، بل حيز التفكير والحكمة أيضا. ولقد جرى انتخاب رئيس 

الاتحاد الأميركي، لويس غوازيو (Louis Goaziou) ليدير لجنة الدستور. فساهم بصورة كبيرة في صياغة الوثيقة المؤهلة للتكيف مع حداثة الأزمنة، وراعي في الوقت نفسه القواعد الماسونية كي تجمع تحت راية واحدة ماسونيي الحق الإنسانية. 

تخلى (( المجلس الأعلى، عن السلطة التشريعية التي أصبحت 

46 

 

بعدئذ بيد الجمعية العمومية الدولية. ولكنه احتفظ بالسلطة التنفيذية للمنظمة، فأصبح الحارس للدستور الدولي والأنظمة العامة؛ مثلما أصبح الحجر الأساس لهذا البناء وهو القوة المولدة والمنظمة والحامية، كما أنه يشكل الحكومة العليا لجميع مشاغل (( الحق الإنساني )) . فأداؤه وصلاحياته وامتيازاته هي محددة، وكذلك سلطات الأعضاء المنتخبين بصورة دائمة واعدادهم (من أصل 33 عضوأ كان هناك على الأقل 9 فرنسيون) . ولم يصبح الأعضاء منتخبين لسنوات سبع وقابلين لتجديد انتخابهم سوى في العام 

1934 

في إعلان المبادئ أكدت المنظمة المساواة بين الرجل وبين المرأة، كما أكدت المواصلة المساررية. إن المبادئ وطريقة العمل هي تلك الخاصة بالدساتير الأيكوسية الكبرى لعام 1786 المعدلة في اجتماع لوزان عام 1875. لقد أصبحت حرية الإيمان بابدية الحياة الروحية او بلاابديتها مسألة مقبولة. فقم للاعضاء طريقان أحدهما أكثر روحانية والأخر أكثر عقلانية. وتعين المركز الرئيسي في باريس - شارع جول بروتون. و في هذه المدينة أخذت تنعقد الجمعية العمومية الدولية كل سبع سنوات وبحضور كل المشاغل. وكانت اللغة المستعملة الفرنسية، واستخدمت الإنكليزية أيضا ابتداء من سنة 1947. ولكن تقرر عندها أن يبقى النص الفرنسي هو المرجع في حال حصول اعتراض ما، وأنه وفي جميع الوثائق ستتبع كلمات الماسونية المختلطة، بكلمات الحق الإنساني، وذلك باللغة الفرنسية، وتم إقرار رسم مالي سنوي وإعداد كراسة ماسونية. كما أبقي على النشرة التي هي وسيلة الارتباط بين الجميع. ووضع أيضأ دليل للمشاغل في عام 1922 وقد أعيد طبعه سنة 1925، ولكن توقف نشره لدواع أمنية. 

47 

 

حددت المادة التاسعة شروط تشكيل الاتحادات والمحافل التشريعية، وكذلك العلاقات التي تقيمها فيما بينها وأيضا العلاقات با (( المجلس الأعلى )) . إن ممثل هذا المجلس هو الوسيط الضروري بين المنظمة الدولية وبين هذا الكيان. إن هذه المادة ذات أهمية بالغة، إذ أخذت على أساسها الماسونية المختلطة انطلاقة جديدة. فنشأ على امتداد سنة واحدة 17 اتحادة ومحفز تشريعية. حققت هذه المادة لفرنسا على وجه الخصوص تغييرا هاما، فالدستور السابق لم يكن بمنح حق تشكيل المنظمات القومية. فتنظمت بسرعة محافل فرنسا والمستعمرات ونبنبنت على مستوى فيدرالي. وتشكل الاتحاد الفرنسي في 30 و 31 تشرين الأول/ أكتوبر 1921 خلال الجمعية العمومية الوطنية، وبدأ بالعمل بتاريخ أول كانون الثاني / يناير 1922. لقد جرى التصويت بالإجماع على الدستور الدولي )) ، فطلب والأستاذ الأعظم، أوجين بيرون من جميع الماسونيين الحاضرين أداء القسم على النص الدستوري جهارة، أعطت الجمعية العمومية في عام 1920 ل (( الحق الإنساني دفعة جديدة وبعدة دولية رسمية. ولقد تحددت الجمعية التالية في عام 1927 طبقا للدستور. فهي سوف تنعقد على مستوى رتبة الأستاذ مما سيسمح لعدد أكبر من الماسونيين بحضور الاجتماعات كزائرين 

ومنذ عام 1997 أخذت الجمعية العمومية تنعقد كل 5 سنوات. وكانت الوقائع تترجم فورية بالفرنسية والإنكليزية والإسبانية. 

2 - المبادئ الدستورية

إن الميزة الكبرى لورالحق الإنساني، تكمن في الإرادة الإنسانية لمؤسسية. فمنذ القرن الثامن عشر تطورت الماسونية 

 

التستجيب لأهداف أعضائها سواء في اتجاه مسارري وروحي أم في مسعى إنساني واجتماعي بل وسياسي. لكن الحق الإنساني )) ليس ثمرة تصور معين، إنه کيان حقيقي تطبق فيه البني والنماذج المثالية الماسونية معززة المبادئ التأسيسية لهذه التابعية الجديدة. 

لقد أسس جورج مارتان وماريا دوريسم الحق الإنساني من أجل تطبيق المبادئ التي شكلت الدافع لكل مسعاهم وهي: المساواة بين البشر، إنه التسامح الحقيقي الذي لا يمكن أن يبني إلا على العلمانية 

عندما صاغ جورج مارتان مشروع الدستور، الذي سوف يخضع لموافقة الجمعية العمومية الدولية الأولى عام 1920، عرض بوضوح هذه المبادئ ذات الأولوية في المادة الأولى: (( إن المنظمة الماسونية المختلطة الدولية تؤكد المساواة الفكرية غير القابلة للنقاش بالنسبة له بين البشر رجالا ونساء وبمناداته ب (( الحق الإنساني، فإنه يرغب في أن يتوصل الجميع وفي كل الأرض إلى التمتع وبتساو بالعدالة الاجتماعية، وذلك في إنسانية منتظمة وفق مجتمعات حرة أخوية ومسالمة )) . 

يتألف الحق الإنسانية من ماسونيين من الجنسين مجتمعين بأ?وة ودون ما تمييز في العرق أو الدين أو الفلسفة أو الطقوس الماسونية كيما يبنوا هيكلهم من أجل مجد الإنسانية 

إن أتباع المحفل هذا الذين يحترمون كل المعتقدات المتعلقة بأبدية أو بعدم أبدية الحياة الروحية يسعون على هذه الأرض من أجل تحقيق أقصى ما يمكن من تطور فكري وسعادة مادية ومعنوية لجميع البشر ولكل الأفراد في الإنسانية المنتظمة بصورة أخوية، (1) 

 

واليوم، تبقى هذه المبادئ الدستورية هي نفسها رغم تطور الكلام والاستعمالات. فالدستور الدولي العام 1997 كما لعام 2002 بعيد تأكيد المبادئ نفسها 

وإذا كان تطبيق هذه المبادئ التأسيسية مفروضا في كل نشاطات أعضاء المنظمة فعليه أن مارس بالدرجة الأولى في النشاط الماسوني نفسه. والمساواة بين الجنسين في تابعية مختلطة هي أمر مفروغ منه، حتى ولو كان التكافؤ هو بنسب معاكسة لتلك العائدة للعالم السياسي: (( فالحق الإنساني، يتكون من النساء بنسبة أكبر من الرجال، ومن الملاحظ أن تقاسم المسؤوليات على جميع المستويات بجري بالنسب نفسها: فعلي الصعيد العملي تغدو المساواة حقيقية، والمساواة في دخول الرجل أو المرأة إلى الماسونية في اليوم مبدأ معترف به في جميع التابعيات تقريبا، على الأقل في فرنسا، وحتى لو لم تطبقه جميعها إلا أن بعضها خصوصا (( محفل فرنسا الكبير )) يسمح المحافله باستقبال الأخوات (( بشكل زيارة. 

أما المبدأ الثاني الأساسي، وهو مبدا التسامح، فإنه في الحق الإنسانية بطبق بصورة فريدة وكاملة على صعيد حرية التفكير في الحقيقة، إن الماسونية الحديثة ونتيجة تطورها تشهد تنوعا كبيرا من حيث مراجعها الروحية، وهي منذ نشأتها في أوائل القرن الثامن عشر تقر بمبدأ الخالق الذي هو سماوي للبعض ورمزي للبعض الآخر، إنه (( مهندس الكون الأعظم )) ، هذا التصور المتشدد للعلمانية هو الذي أدى وفي سياق المواجهة القاسية التي انتهت عام 1905 بفصل الكنيسة عن الدولة إلى تخلي والشرق الكبير لفرنساء عن الالتزام بهذه المرجعية التي تعود إلى عام 1877 (في السنة المذكورة إن الرجوع إلى (( المهندس الأعظم 

50 

 

الكون، الغي بكل بساطة من دستور (( الشرق الكبير لفرنسا). فاليوم لم تعد بعض التابعبات تستخدم النضرع لهذا المبدا الروحي، والبعض الآخر حافظ عليه، بل إنه جلعله أحيانا متسمة بالصفة الإلهية، فنتيجة طابعه الدولي عرف الحق الإنساني )) جميع هذه التيارات. لقد أدرك باكرا وكيف بعتمد موقفا متسامحة علمانية حقيقية دون أن يرفض العودة إلى المبدأ الروحي (( مهندس الكون الأعظم، تاركا بذلك للمشاغل حرية الالتزام أو عدم الالتزام به، لقد تبنت الجمعية العمومية الدولية لعام 1927 وبناء على اقتراح لويس غوازيو (( الفارس الأكبر للاتحاد الأميركي، النص التالي كمقطع أخير في المادة الأولى من الدستور: (( نظرا لأن المنظمة تحترم الحرية الكاملة في التفسير فهي تعترف بشعار 

المهندس الاعظم للكونه كشعار تقليدي للماسونية، إلا أن جميع المشاغل كانت تعمل بحسب تصورانها الفلسفية هي من أجل مجد 

الإنسانية، أو من أجل مجد المهندس الأعظم للكون )) . بصورة أكثر إيجازا ومنذ عام 1947، نصت المادة 8 من الدستور على أن: 

محافل المنظمة الماسونية المختلطة الدولية - الحق الإنساني، تعمل المجد مهندس الكون الأعظم، أو المجد الإنسانية )) . ومنذ عام 1976 استبدلت العبارة الأخيرة بعبارة (( لأجل تقدم البشرية. 

وهكذا في استطاعة كل محفل وعبر تصويت ديموقراطي، اختيار أحد هذين الدعاءين أو الجمع بينهما وهو أمر مألوف. هذا الموقف الليبرالي بالكامل هو التطبيق الدقيق لعدم الدوغمائية التي تنضح في المادة الخامسة: (( إن المنظمة الماسونية المختلطة - الحق الإنساني، لا تجاهر بأية عقيدة، لا بل هي تسعى إلى بلوغ الحقيقة 

لقد تجسد التوليف بين هذه المبادئ بإدخال عبارة (( احترام 

51 

 

العلمانية، في الدستور الدولي أثناء انعقاد الجمعية العمومية الدولية عام 1997، هنا العلمانية هي بمعناها الأكثر اتساعة: فهي المبدا الذي تبني عليه النضالات ضد اللامساواة والإقصاء والظلم، والمبدأ الذي يسمح بتنمية الاستقلالية وممارسة الفكر النقدي لكل فرد. إن العلمانية تكفل بالفعل حيادية الدولة لكي نحترم المنابت والثقافات والأديان وقيم كل فرد دون إعطاء أية امتيازات لأي منها. 

وهكذا، ولو بقيت المبادئ الأساسية للمنظمة كما هي، إلا أن نص الدستور الدولي، بمكنه أن يخضع للتعديل من أجل ضمان توضيع معمق لهذه المبادئ والتقدم في الأداء الديموقراطي للمنظمة هذه. 

د- الطقوس الماسونية المطبقة على الحق الإنساني

استخدمت الماسونية منذ تأسيسها طقوسا بنين اجتماعاتها وتسمح لأعضائها باجتياز المراحل المتتالية من التدرج المسارري. إن هذه الطقوس لهي عديدة ومتنوعة نظرا لأنها خضعت لتأثير تيارات رمزية وروحية مختلفة بدءا من فرسان الهيكل، في جمعية الصليب الوردي Rose - Croix ، مرورا بالقبلانية Kabbale التفسير القديم للتوراة والكيمياء القديمة. غير أنها تنبثق جميعها عن مصدر مشترك هو: أخويات البنائين التي أنتجت بدورها طقوس الرفاقية 

إن الحق الإنساني، ليس هو كبعض التابعيات التي تسمي بصورة شائعة اتحاد الطقوسه. إنه قائم على بنية كاملة من الطقس الإيكوسي القديم والمقبول، حيث تجتمع 33 درجة منه في المجلس الأعلى، وهو السلطة المساررية الوحيدة للمنظمة بكاملها. بالمقابل، أن الطابع الدولي وللحق الإنساني، دفعه إلى الأخذ بعين 

52 

 

الاعتبار الطقوس المستخدمة خارج فرنسا خصوصا في الدول التي نمت فيها الماسونية الأنكلوسكسونية. فهو في كل بلد يعطي الأعضاء المنظمة إمكانية ممارسة الطقس الذي يختارونه سواء كان ,الطقس الإسكتلندي القديم والمقبول، وهو طقس المنظمة العام أم الطقس المستخدم في البلد المعني. ولكن لكي تحتفظ المنظمة بطابعها الكوني وتتأمن لها قاعدة مشتركة حقيقية ودولية بمعزل عن الطقس المطبق فإن جميع الإخوة والأخوات يستخدمون نفس الإشارات والملامسات وكلمات الشكر، وذلك بحسب درجة تقدمهم في المنظمة: أي تلك التي حددتها المجالس العليا للعالم باجمه في الجمعية العمومية، التي انعقدت في لوزان عام 1875. 

أما اليوم، فإن الطقس الإسكتلندي القديم والمقبوله باعتباره الطقس المرجعي لي الحق الإنساني، يطبق من قبل العدد الأكبر من الأعضاء وخاصة في أوروبا. ولكن الطقس الإنكليزي بصيغة المتنوعة هو شديد الانتشار في الدول الواقعة تحت التاثير الأنكلوسكسوني 

أ- الطقس الإسكتلندي القديم والمقبول

إن هذا الطقس الذي تبنين في بداية القرن العشرين أصبح اليوم الأكثر انتشارا في العالم، وقد ظهرت معظم درجاته في فرنسا قبل الثورة. كما استكملت وتم تنظيمها من قبل ماسونيين أميركيين في نهاية القرن الثامن عشر. أما خلال القرن التاسع عشر فإن هذا الجهاز من المنحى الأيكوسي، المؤلف من 33 رتبة، وهو دعامة الماسونية المسماة (( إسكتلندية، قد عاد إلى فرنسا حيث تطور قبل أن ينتشر في أوروبا وفي كل أنحاء الأرض. في الأصل تظهر الإسكتلندية، كجهاز يحتوي على الرتب العليا بشكل حصري 

53 

 

ولكنها أنشأت بسرعة بطقوسا، للدرجات الثلاث الأولى، وهي طقوس تستلهم من ماسونية والأنسيان، (( Antient )) (وهي طريقة طقسية تعتبر تقليدية نسبة إلى طقوس تعتبر حديثة المعروضة في والصدمات الثلاث المتميزة، لعام 1760. فالدرجات الثلاث الأول - المريد والرفيق والأستاذ، تشكل قاعدة الماسونية الرمزية التي غالبا ما توصف بالماسونية الزرقاء. ونطق داخل ما يسمى (( المحافل الزرقاء أو المحافل الرمزية )) ، وهذه المشاغل هي الأكثر عددا في المنظمة. أما الدرجات الثلاثين الأخرى، الرتب العليا، فهي عبارة عن تطور واكتمال الثلاث الأولى. فعند بلوغ الدرجة الثالثة تكون الأخت أو الأخ الأستاذ، قد وصل إلى الاكتمال الماسوني. لقد قال جورج مارتان وهو الشخصية الرمزية للمنظمة: (( يصبح الإنسان ماسونية تامة عندما يبلغ مرتبة الأستاذ ولكن لا يصبح ماسونية مكتملا إلا [ ... ] عندما يرتقي [ ... ] ببطء كل درجات المنظمة) . إن الرتب العليا تتوزع على أربع مجموعات هي: مشاغل الإتقان من الدرجة الرابعة إلى الدرجة 14 (المشاغل الخضراء) ؛ ومجالس البطاركة من الدرجة 15 وحتى الدرجة 18 (المشاغل الحمراء) ؛ والمجامع من الدرجة 19 وحتى الدرجة 30 (المشاغل السوداء) ، والمجموعة الأخيرة التي 

تعارف على وصفها بالماسونية البيضاء فتجمع (( أسياد المحاكم من الدرجة 31؛ والمجامع القيادية من الدرجة 32 وهي تحت سلطة المجلس الأعلى من الدرجة 33. تضم الرتب العليا ماسونيي المنظمة الذين يهتمون بالبحث الرمزي وبالتعمق في المسائل الميتافيزقية. 

إلا أن جميع هذه الرتب لا تطبق بالطريقة نفسها. فمعظمها يعلن عنه بكل بساطة والبعض الآخر يمارس في مناسبات احتفال القبول المستخدمة عادة في مستويات التدرج، والتي هي: 24 و 12 و 14 و 18 و 30 و 31 و 32 و 33 * 

 

ب - الطقس الإنكليزي

إذا كان الطقس الأيكوسي القديم والمقبول، بمارس من قبل معظم أعضاء الحق الإنسانية في فرنسا والقارة الأوروبية فعلى عكس ذلك، يستخدم الطقس الإنكليزي في الغالبية العظمي من المحافل القائمة في الدول الخاضعة للتأثير الأنكلوساکسوني، من الولايات المتحدة وإلى أستراليا مرورا بالطبع ببريطانيا.| 

منذ بدء التوسع الدولي لي الحق الإنساني )) ظهرت ضرورة أن تعتمد الاستخدامات الماسونية التي هي قيد التطبيق ولو جزئية في البلدان التي تكونت فيها المحافل الجديدة. فهذا الإجراء البراغماتي كان ضروريا لتعزيز اندماج التابعية الفنية المختلطة في قطاعات حيث حضور المرأة في المحافل كان أقله غير معروف بتاتا، بل حتى كان يعتبر غير ملائم. فكان لا بد كذلك من الأخذ بعين الاعتبار استخدامات وعادات المجتمع الذي يتحدر منه المرشحون المحتملون، والذين كانوا في معظمهم زوجات ماسونيي التابعيات الأكورية التي تمارس (( الطقس الإنكليزي )) .. 

وهكذا دمج الحق الإنساني، فيه هذا الطقس مجرية بعض التعديلات التي أصبحت ملحة نظرا لقبول النساء، ولكن أيضا من أجل المحافظة على انسجام عام في استخدام رئيسي للطقس الإسكتلندي القديم والمقبول خصوصا بالنسبة للرتب العليا. وبالفعل، فإن (( المجلس الأعلى، الإسكتلندي، بطبيعته لا يمكنه إلا أن يكون السلطة المساررية الوحيدة التي تدير مجمل الطقوس الممارسة في المحافل الموضوعة تحت نفوذه. 

إن الطقس الإنكليزي يظهر وفق أساليب مختلفة، وهي مجرد بدائل بالنسبة للشكل الأساسي للطقس. وفي الماسونية 

 

المختلطة إن الأكثر شهرة هي أساليب المباراة، واليورك واللودردال، والفيرولام، وكذلك أسلوب (( سيدني، (, Emulation 

(York, Lauderdale, Verulam, Sydney 

أما مميزاته العامة فهي قريبة جدا من خصائص الطقس الإسكتلندي القديم والمقبول، وخاصينه تتجلى في مرجعية روحية اكثر وضوحا، أما الترتيب المميز للمحفل ومكان الكهنة أو مكان الشمامسة فلم يعد بعضها يستخدم في الطقس الإسكتلندي القديم والمقبول. إلا أن الخطابات ذات البعد الرمزي والأخلاقي بدت أكثر تطورا كما أن الاحتفالات كانت تستغرق وقتا أطول 

إن الرتب الرمزية الثلاث تبلغ نموها في درجات تكميلية خاصة، مثل محافل (( مارك Mark )) ، و (( روايال أرك مارينر Royal Ark Mariner )) ومجامع (( روابال أرش Royal Arch وانابتس تامبلر Knights Templar )) . وفي البلدان التي تستخدمها تذرج في مجمل رتب (( الايكوسية، وذلك مع احتفاظها بفرادتها ضمن احترام التواصل المسارري، والتي هي الميزة الأساسية اللحق الإنساني )) . 

ج - التواصل المسارري

يتميز الحق الإنساني عن سواه من التابعبات في سائر أنحاء العالم بالتواصل المسارري والمدرج في دستوره الدوليه [] إن (( المجلس الأعلى، هو الحكومة العليا للمحافل ومشاغل الإتقان والمجالس والمجامع والمحاكم والمجامع القيادية والمجالس الكبرى من الدرجة 33 والمحافل التشريعية واتحادات المنظمة الماسونية المختلطة الدولية، والحق الإنساني، لكل بلدان الأرض (المادة 10) . (2) . 

56 

 

إن المنظمة بالتطابق مع أسس والأيكوسية نفسها هي متبنينة ابتداء من الدرجة الأولى وحتى الدرجة 33 بدون حلول انقطاعية في الخط المسارري. بالنسبة لفرنسا إذا كان التسيير الإداري للرتب الرمزية قد فؤض به إلى مجلس قومي، وللرتب العليا من الدرجة 4 وحتى 30) إلى مجمع قومي (وقد تحمل هذه الهيئات اسمأ أخر في بعض البلدان إلا أن (( المجلس الأعلى، كان يحتفظ بسلطة حقيقية على مجمل المشاغل التي تشكل هرمة بحتل هو قمته، بالطبع إن البني الديموقراطية مثل الجمعيات العمومية القومية أو الدولية كانت تتضمن السلطة التشريعية العامة، ولكن المعلم الأكبر، الحاكم الفائق العظمة الفارس الأكبر، والمنتخب المدة 5 سنوات هو الزعيم الفعلي للمنظمة بأكملها من القاعدة حتى القمة. لقد قدم جورج مارتان عام 1901 المنظمة العامة للماسونية المختلطة على الشكل التالي: (( ... إن المجلس الكوني المختلط الأعلى بصبح الآن، بالنسبة لمنظمتنا، القوة الوحيدة المنشئة للمشاغل من الدرجة الأولى وحتى الثالثة والثلاثين، ليس فقط الفرنسا ... ، بل أيضا لكل بلدان الكوكب، نظرا لأن هذا المجلس الأعلى تكون لأجل تأسيس المشاغل المختلطة .. في كل مكان حيث يمكنه إقامتها، من أجل متابعة تحقيق المساواة في الحقوق اللجنسين، في الماسونية أولا ومن ثم الإعلان والاعتراف بالحق الإنساني في العالم الدنبوي .. إن المجلس الأعلى في الحجر الأساس للبناء في كل منظمة ماسونية ناجزة ... ) . 

4 - السلم المارري والسلم الإداري

إن (( المنظمة الماسونية المختلطة الدولية - الحق الإنساني هي قبل كل شيء منظمة مساررية. هدفها تشجيع كل بحث 

 

فلسفي وأخلاقي وروحي واجتماعي. فيجب على الماسوني أن يعمل على نفسه وأن يقوم بحثه على تحسين كيانه الداخلي. ولكن السلم المسارري لا يمكنه أن يكون ديموقراطية، من هنا إن غرفة الرفاق، (المحفل الأزرق المنعقد على مستوى الدرجة الثانية) تعين المريدين الذين هم قابلون للترقي إلى الدرجة الثانية والغرفة الوسطى، (المحفل الأزرق المنعقد على مستوى رتبة المعلم) تختار زملاء من بين الرفاق هم الأخوات والإخوة الذين يتوقع ترقيتهم إلى درجة الأستاذه. ويجري الأمر على هذا المنوال وصولا إلى قمة السلم المسارري الذي يعمل إذن من الأعلى نحو الأسفل، أما الدرجات المختلفة فيتم بلوغها بحسب وتيرة كل فرد. إن الدرجات التي تم ارتقاؤها الواحدة تلو الأخرى قد أعدت لإتقان التعليم. وعندما يستوعب الماسوني التعليم العائد إلى درجة معينة ويقدم أبحاثا عنه بمكنه أن يأمل بالارتقاء إلى درجة أعلى. لكن الموافقة على هذا الترقي تخضع للتصويت، ولا يوجد أي ترفيع آلي إلى درجة أعلى. 

مع هذه البنية المساررية تتطابق بنية إدارية. وكاية جمعية قومية فإن الاتحاد يخضع لقوانين بلده: فالمقصود في فرنسا هو قانون عام 1901 المتعلق بالجمعيات. إلا أن البنية الإدارية ل (( الحق الإنسانية عليها أن تكون ديموقراطية تعمل بحزم، وعلى هيئاتها أن تتصف نشاطاتها بالشفافية الكاملة. إلا أنه يصعب أحيانا التمييز بين السلم المسارري والسلم الإداري لكونهما شديدي التشابك. ولكن إذا كان الأول يقوم على مبدأ انتخاب الزملاء فالثاني هو بلا ريب ديموقراطي 

58 

 

الفصل الخامس 

قرن من التطور 

مضى اكثر من قرن، أي منذ 1893، والحق الإنساني، ما يزال يؤكد ذاته. 

لقد تطور وعرف كيف يحتل مكانة خاصة في العالم الماسوني والدولي. فبينما لم يكن المحفل المختلط في تلك السنة يضم اكثر من 20 عضوة أصبحت المنظمة الماسونية المختلطة الدولية - الحق الإنساني، تحصي في عام 2002 حوالي 27 

, 000 عضو يتوزعون على اكثر من 1000 مشغل ابتداء من الدرجة الأولى حتى الدرجة 33. 

إن التابعيات الكورية التي هي اقدم عهدة تعلن عن اعداد اکبر، بينما لا يعود الحق الإنساني، في مساره التاريخي إلا إلى القرن العشرين. بالنسبة له فقد كان ضرورية في البداية أن يصبح مفهومة ومقبولا، وهذا لم يكن سهلا. إن فتح المشاغل في اوروبا وخارج اوروبا قد واجه العديد من الصعاب. كما أن الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية قد تغيرت. مما اقتضى إعادة النظر في بعض الأمور وفرض ايضأ بعض التكيفات. لقد عرف القرن العشرون العنف باشكال عديدة وكانت الحربان العالميتان 

59 

 

المثال الأكثر تبيانا له، يضاف إلى ذلك زمن الدكتاتوريات الفاشية والشيوعية والحرب الباردة وأيضأ حقبة من التقدم الاقتصادي كنا نظنه قابلا للتضاعف، كل هذا أدى إلى تغيرات اجتماعية هامة لم تعمل على تسهيل نشر الرسالة الإنسانية ل المنظمة الماسونية المختلطة الدولية - الحق الإنساني )) . إلا أن النصف الثاني من القرن العشرين شهد توسع التأكيد على حقوق الإنسان من خلال منظمة الأمم المتحدة والأونيسكو UNESCO. لقد أخذ الحق الإنساني الدولي مكانته في عولمة إنسانية نأمل أن تكون الفعل الغالب في القرن الواحد والعشرين. 

منذ عام 1893 وحتى عام 2002 تطور المحفل بوتائر متغيرة بحسب العقود، وتطور أيضا تحت تأثير الأحداث السياسية والاجتماعية والقومية والدولية الكبرى. 

1 - تطور المنظمة

1 - 1893 - 1914: تأسيس وبداية التابعية الماسونية الجديدة

كانت هذه المرحلة قصيرة لا تتجاوز العقدين، أي أقل من جيل، لكن الانطلاقة كانت حاسمة؛ إذ أن الحق الإنساني، أبرز مسالة مجتمعية في الشرط النسوي، وقد طرح مشكلة قبول النساء في الماسونية. بالفعل اندرجت هذه في مرحلة كانت الجمهورية في فرنسا خلالها تتأسس مع هاجس تجسيد كلمات الحرية والمساواة في حقيقة ملموسة من الحياة الجارية 

إن الفضل في تطور الحق الإنساني، قد عاد أيضا إلى بعض الماسونيين الذين لعبوا دورا حاسما. نذكر منهم بادئ ذي بدء في هذا المقام ماري وجورج مارنان اللذين التقيا خلال تنقلاتهما 

60 

 

العديدة بماسونيين وبدنيويين، فكانا بحثان أولئك على خلق المحافل المختلطة وهؤلاء على الالتحاق بالماسونية المختلطة. أما في العالم الأنكلوساکسوني فكان عمل آني بوزان (Annie Besant) في بريطانيا وفي الجزر الهندية الإنكليزية، ولويس غوازيو في الولايات المتحدة الأميركية حاسما من أجل توطن الحق الإنساني، في تلك البلدان. وقد لعب الأخ فريك (Fricke) في هولندا دورة مشابهة وكذلك الأخت والأخ هوند (Hund) في أستراليا. 

إن الإمبراطوريات الكبرى القائمة آنذاك (فرنسا، إنكلترا، هولندا) أصبحت أماكن انغراس للمحافل بفضل وجود الأوروبيين القادمين من الدول المستعمرة (متروپول metropole) . هذه هي حالة إفريقيا الشمالية (الجزائر، تونس، الدار البيضاء) ، ومصر والهند والهند الصينية (Indochine) . كان يجب تجنب فخ السيطرة الاستعمارية، وذلك بمحاولة تقديم المساررة للسكان المحليين (مثلا، هانوي) وباستخدام اللغات المحلية خلال المراسيم (مثل اللغة العربية في مصر) . كما أن الحق الإنساني )) قد تجذر غالبا في بداياته في شروق (جمع شرق ماسوني حيث كان للتابعيات الذكورية بعض المشاغل، وحيث كانت الماسونية معروفة، ولكن اقتضى الحال فقط إسقاط التحفظات تجاه الاختلاط بين أعوام 1893 و 1901، أي في الحقبة التي نشرت فيها النصوص التأسيسية، كان تطور الحق الإنساني، متواضعا نسبيا واقتصر عملية على فرنسا. ومنذ أعوام 1894 و 1895 جرت محاولة فتح محفل في مدينة بلوا Blois )) ؛ لكن هذه التجربة قد فشلت. في سنة 1901 كان المحفل في سبات. أما في مدينة ليون (( Lyon )) ، وفي عام 1895 جرى اول توطن دائم حيث فتحت ماري بونيفبال المحفل رقم 2. واستقبلت مدينة روان (( Rouen )) في السنة التالية 

 

المحفل رقم 3. في عام 1901 أعطى المحفل الأم الحياة للمحفل رقم 4، والذي يحمل اسم أول جليل، له، ألا وهو: ماري بونيفيال. 

إننا لا نعلم شيئا عن الأعداد الحقيقية لهذه المشاغل، ولكن يجوز لنا التفكير بلا خوف من الوقوع في الخطأ في أنها كانت في البداية أعدادا متواضعة. هنا تجدر الإشارة إلى أن عددا كبيرا من مؤسسي المشاغل الأولى قد تمت مساررتهم في المحفل رقم 1 في باريس (مثل ماري - بيكيت دو فيين وآني بوزان) . 

لقد جرت التجربة الدولية الأولى في المدينة السويسرية زوريخ، حيث استعانت العضو في رابطة الهياكل الصالحة شارلوت غريه (Charlotte Gray) بماري وجورج مارتان. وفي 16 آب / أغسطس 1896 افتتح المحفل الجديد، حيث تبؤا الأخ بايير فريشي (Baer Frischi) منصب والجليل )) ، وكان يعد هذا المحفل 13 عضوة، غير أنه كان قصير الأجل: فبعد أن كان سنة 1901 في حالة سبات فإنه في عام 1905 كان قد تلاشى. ولكنه كان بمثابة الاختبار الأول خارج فرنسا. 

ابتداء من سنة 1901 أخذ تطور الحق الإنساني )) يجري بوتيرة أكثر تميزة. فدستور وأنظمة ذاك العام قد وفرت إطار قانونية محددة وصلبة؛ بالإضافة إلى ذلك فقد أصبح الحق الإنساني، معروفة أكثر. 

أما في فرنسا فقد تكونت المحافل الجديدة في المناطق وفي الضاحية الباريسية؛ وأخذت تنسج خيوطها التي تحتاج إلى أن تمتلئ، واستقرت في شروق متنوعة: كمدن لبون (( Lyon )) وروان (( Rouen )) والهافر (( Havre )) وتولون (( Toulon )) وكان 

 

Caen )) وايفرو (( Evreux )) ونوجون. سور. مارن - Nogent 

- sur )) (( Mare واوري (( Auray )) وليل (( Lille )) وكليرمون - فيران

Clermont - Ferrand )) وأنجبه Angers )) ونانت (( Nantes )) ومارسيليا (( Marseille )) ولومان (( le Mans )) ونانسي (( Nancy )) وكوسي. فيشي (( Cusset - Vichy )) ونور (( Tours )) وديجون Dijon )) وبوردو (( Bordeaux )) وتولوز (( Toulouse )) . أما في باريس نفسها فقد افتتح المحفل رقم 40، وانضمت إليه مشاغل من الرتب العليا كمجلس الأحبار والمجمع. وهكذا تثبتت المساررة المتواصلة لقد كان من المنتظر أن تتأسس هشاغل من النوع نفسه أيضا في مارسيليا (( Marseille )) وبوردو (( Bordeaux )) .| 

أصبحت الصفة الدولية واقعة في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وهولندا وإيطاليا. وهنا يجب ألا ننسي الدور الذي لعبته آني بوزان في بريطانيا. لقد اكتشفت الحق الإنساني )) كمناضلة نسوية واشتراكية واثقة، وذلك بفضل فرنشسكا اروندال (Francesca Arundale) ، فحصلت على المساررة عام 1902 في باريس مع ستة من أصدقائها. وبعد فترة وجيزة، أنشات في لندن المحفل رقم 6 (( هيومان ديوتي Human Duty )) . بعد عقد من الزمن بلغ عدد هذه المحافل عشرة، وهي تقع في مدن لندن وبرادفورد 

Bradford )) وليدس (( Leeds )) وساوثامبتون Southampton )) وورثينغ (( Worthing )) وباث (( Bath )) . وكان للندن أيضأ مجلس أحبارها. 

لقد طبعت آني بوزان بعمق الحق الإنساني، البريطاني. وافتتحت بكونها تيوصوفية Theosophe، مذهب مبني على نظرية الحكمة الإلهية الكلية الحضور في الكون وفي الإنسان] طريقة مميزة من الروحانية. وقد وصل تأثيرها إلى الهند. فمنذ عام 1904 

63 

 

فتحت المحافل في بيناريس (( Benares )) ولاهور (( Lahore )) . وفي سنة 1909 وضع حجر الأساس لهيكل ادبيار Adyar )) ، وفي هذا التاريخ كانت لمدن بومباي وإله أباد وكولومبو محافلها الخاصة. 

في الولايات المتحدة الأميركية وفي مدينة شارل روا Charleroi )) (ولاية بنسلفانيا) ، فتح لويس غوازيو (Louis Goaziou) - الذي أطلق عليه مارك غروجان (Marc Grosjean) أسم (( رجل أميركا،. مع أنطوان موزاريللي (Antoine Muzzarelli) المحفل رقم (301 - ألفا) ؛ وذلك في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 1905. 

إن الفضل في التطور البارز ل (( الحق الإنساني، في الولايات المتحدة الأميركية بعود بدون شك إلى لويس غوازيو. ولد غوازيو عام 1864 في سكرينباك Scrignac )) ) في منطقة الفينستر (( Finistere )) الفرنسية، في وسط عائلة متواضعة من 10 أطفال (كان ابوه صانع احذية ووالدته بائعة خرضوات متجولة، وقد اصبع يتيما وهو في عمر السنتين) . سافر وهو في السادسة عشرة من عمره إلى الولايات المتحدة الأميركية مع ثلاثة فتيان آخرين، لكنه ولعدم توافر المال اضطر إلى الذهاب إلى بنسلفانيا سيرا على الأقدام حيث عمل في مناجم الفحم الحجري مدة عشرين سنة. وسريعة ما أصبح مناضلا ثوريا ناشطا في إطار من الاضطرابات الاجتماعية الشديدة (اضطرابات، مطالب، ازمات أحيانا عنيفة مثل مذبحة هاي مارکت Haymarket في شيكاغو) . ولقد انطلق كنقابي ملتزم إلى العمل في مهنة الصحافة فساهم في تحرير جرائد ثورية باللغة الفرنسية لينتهي بتكوين اتحاد العاملين، الذي نشابين سنتي 1901 و 1906. تأثر بالبير دبلوارت (Albert Delwarte) الذي أصبح هو نفسه من وجهاء الحق الإنساني، الأميركي، وتوصل 

 

إلى الاقتناع بأن الثورة الاجتماعية الوحيدة التي ستضع حدا الاستغلال الإنسان للإنسان هي تلك الثورة التي وإن كانت بطيئة فعلا إلا أنها تكتمل يوما بعد يوم في الأفكار. هذا إلى أن أخذ ينصح بالعمل السياسي والانتخابي بدل العمل المباشر والثوري. أما موزاريللي، وهو أستاذ في اللغة الفرنسية، فقد اكتشف اتحاد العاملين، وأجرى اتصالا به وأسس بالتعاون معه أول محفل أميركي لي الحق الإنساني، في شارل روا (( Charleroi )) عام 1903. لقد أخذت محافل أخرى ترى النور في مدن جانيت وشيكاغو وسان لويس ولوس أنجلوس، وذلك منذ سنة 1904. أما فرادة هذه المحافل فتكمن في أنها لم تكن تستخدم الإنكليزية في أعمالها بل الفرنسية والإيطالية والروسية. وكانت ذات دينامية عظيمة. في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1908 وخلال انعقاد جمعية عامة في سان لويس اثخذ القرار بتشكيل اتحاد للمحافل، فانتخب لويس غوازيو رئيسا له، وفي عام 1909 ين كممثل للمجلس الأعلى للولايات المتحدة في السنة نفسها وصلت آني بوزان إلى أميركا وأقامت محافل أنكلوفونية وأنشأت درجة انستاليد ماستر، (أي اجتماع المعلمين الأجلاء، القدامى من أجل منح مساررة خاصة المعلم جليل، قادم ومنتخب) ، لقد ساهمت هذه في ولادة تيار خاص. فبهذه الطريقة تعايش خطان معا، أحدهما عقلاني والآخر روحاني إن هذا لم يعق تقدم الحق الإنسانية على الإطلاق. في عام 1914 كان للولايات المتحدة الأميركية 74 مشغلا أزرق واا مجلسا للأحبار ومجمعان اثنان (وللتذكير في سنة 1921 كان هنالك في فرنسا 23 محفلا ناشطة) . أما المحافل المتجذرة في مواقع المناجم في بنسلفانيا وإيلينوي (( Illinois )) وكولورادو أو في وايومنغ Wyoming )) التي أسسها غوازيو فقد كانت تشكل قبل الحرب العالمية الأولى الأغلبية العظمى. إذ أن المحافل التي أنشاتها آني 

65 

 

بوزان كانت تقع في المدن الكبرى مثل شيكاغو ونيويورك وبوسطن. 

ويرجع الفضل إلى آني بوزان في فتح المحافل المختلطة في إستراليا، فلقد أعطت المساررة للأخت والأخ هوند والأخت هايكرافت Haycraft)، الذين ترأسوا تكوين المحافل عام 1911 في ملبورن وفكتوريا وفي العام التالي في سيدني ومن ثم في بريسبان (( Brisbane )) وسنة 1916 في بيرث (( Perth )) . ومن مدينة سيدني قيم الإخوة مارتان وليدببتر (Martyn et Leadbeater) لإنشاء المحفل الأول لنيوزيلندا (New Zealand) في مدينة أوكلند Auckland )) ، وذلك عام 1917. 

لقد انطلق التوسع الآخر في أوروبا من هولندا، وذلك ايضا بفضل آني بوزان. في 19 حزيران/يونيو 1905 أوقدت والمعلم الأكبر )) ماري جورج مارتان في أمستردام شعلة المحفل رقم 13 (( کازوت Cazolte، وهو المحفل الهولندي الأول. تبعه سريعة إنشاء أربعة محافل في لاهاي وروتردام (Rotterdam) وأرنهيم 

Arhem )) وأيضا في أمستردام. أما بلجيكا المجاورة فحصلت على محفلها الأول رقم 45 الحقيقة، في عام 1914. 

لقد ولدت الدولة الإيطالية الفتية عام 1871، واستقر المحفل الأول الحق الإنساني، بروما عام 1904. فبين هذا التاريخ وعام 1914 راي النور 20 مشغلا في مدن جنوى وميلانو وتورينو وموندوفيا (( Mondovi )) ونابولي Napoli )) ولاسبيزبا (( La Spezia )) وسانزانا Sanzanna )) وأودينا (( Udine )) وفلورنسا. لقد كانت. المحصلة مميزة في هذا البلد الذي للبابوية فيه تأثير بالغ 

أما في أوروبا الوسطى والشرقية فلم تشهد الكثير من مشاغل الحق الإنساني، باستثناء پراغ وسالونيك (( Salonique )) )) 

66 

 

لأن الأرشيفات حول هذه الشروق كانت قليلة، كما أننا لم نتمكن من الإحاطة بكل الحقائق. 

2 - الحرب العالمية الأولى

عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى كان الحق الإنساني قد تجاوز إنشاؤه الواحد والعشرين عاما. وكان يسير في طريق التقدم لو لم تغير هذه الحرب المعطيات إلى حد ما. أما المسار الذي بوشر فعله من أجل عقد جمعية عمومية دولية عام 1914 فقد انقطع. ولم ينعقد الاجتماع إلا سنة 1920. غير أن النشاطات الماسونية لم تتوقف تماما: ففي باريس ظلت المحافل الثلاثة الموجودة تعمل بانتظام، وفي عام 1917 أوقدت أميلي جيدالج (Amelie Gedalge) شعلة المحفل رقم 55 الذي أخذ اسمأ تمييزية هو اسم ماري - جورج مارتان، وفي إفريقية تابعت مشاغل تونس وفيليپفيل (( Philippeville )) والجزائر وجبوتي Djiboutti )) وتاناناريف (( Tananarive )) نشاطاتها. وفي هولندا فتحت مشاغل جديدة في مدن أمستردام وأرنهيم. وفي سنة 1919 كان الوضع على الصورة نفسها في الهند الهولندية في سيمارانا Semarana )) وباندونغ (( Bandung )) . وفي أستراليا ظل النشاط في القوة نفسها. وفي هذه الحقبة نفسها قام بعض الماسونيين بإنشاء الحق الإنساني، في نيوزيلندا. لقد كان من المتوقع في عام 1916 تكوين 

اتحاد، أرجنتيني إلا أن العلاقات بين هذه المحافل البعيدة والمجلس الأعلى، كانت أحيانا معقدة. 

3 - 1919 - 1939: التحصين في مرحلة ما بين الحربين العالميين

في عام 1920 ومع الجمعية العمومية عاشت المنظمة 

 

الماسونية الدولية المختلطة - الحق الإنساني، لحظة حاسمة، فكانت بعدها التحولات المسجلة ذات أشكال متعددة: الزيادة في المنتسبين والمشاغل، التوسع نحو بلدان جديدة، خلق اتحادات ومحافل تشريعية باعتبارها كيانات يحددها الدستور الدولي، لعام 1920. 

في كانون الأول / ديسمبر 1921 أصبحنا نحصي: 

282 محفلا ازرق، منها 205 في حالة نشاط و 37 في حالة سبات و 23 في طريق التشكل 

63 مشغلا من الرتب العليا، ومنها مشغل واحد من الدرجة و وواحد من الدرجة 13، و 44 مجلس حبرية (34 في حالة ناشطة وه في حالة تشكل و 6 في حالة سبات) ، يضاف إليها 11 مجمعة ومحكمتان من الدرجة 31 و 4 مجامع قيادية من الدرجة 32. 

في أيلول/سبتمبر من السنة نفسها تغيرت الأرقام فاصبحت كالتالي 

285 محفلا ازرق ومنها ثلاثون في حالة تشكل، و 43 في حالة سبات. إن الإحصائيات لم تكن كافية كي نتابع بدقة التطور اللاحق 

: أما بين الحربين العالميتين فكان التقدم واضحا: لقد افتتحت المحافل في البلدان حيث كان هناك بعض منها، ولكن أيضا في سواها مما جعل تمركز الحق الإنساني، الجغرافي أكثر كثافة. لقد ضخمت المبادرات والانتسابات اعداد الأعضاء. ولكن يجب علينا هنا أن نكون حذرين، لأن بعض البيانات المتفائلة قد وضعت أحيانا بدون تحليل نقدي حقيقي 

حصلت التحولات الأكثر أهمية في أوروبا حيث ولد الحق 

66 

 

الانساني )) ، في سنة 1901 كان لفرنسا 23 محفلا ازرق فاصبحت 42 سنة 1924، ثم 90 محفلا سنة 1938. وازداد العدد من 90 عضو عام 1921 إلى 2300 عضوا عام 1938. وأصبح نسيج العنكبوت الهش ممتلئة، فافتتح 42 مشغلا عام 1920 و 21 آخر عام 1930، ويضاف إليها تلك التي نشأت في إفريقيا في الجزائر ومصر وجزر الأنتيل. 

اما مشاغل الرتب العليا فقد توسعت على هذا النحو: 

ثلاثة محافل اكتمال، 22 مجلسا برا ومثلث مجمعي واحد (فرنسا، مصر، الجزائر، تونکان) ، و 3 مجامع. بدورنا نذكر بان المثلث هو النواة التحضيرية لفتح المشغل، إن (( الاتحاد الفرنسيه الذي تأسس عام 1920 بدأ مهماته منذ كانون الثاني / يناير 1922، وقد نظم بنيته واضعة الأنظمة الخاصة به ومتخذا لنفسه مجلس قومية ومجمعة وطنية، يكون في معظم الأحيان رؤساؤهم من المعلمين الكبار )) : مثل أوجين بيرون ولوسيان ليفي وهنري بيتي 

(Eugene Piron, Lucien Levi, Henri Petit) 

إن بريطانيا وأمبراطوريتها الاستعمارية ما زال لهما وزن كبير. ففي عام 1920 كان في بريطانيا 22 مشغلا ازرق و 7 في الهند و 7 في إستراليا و 4 في نيوزيلندا و 5 في إفريقيا الجنوبية. وقد كان لدى الاتحاد البريطاني، تنظيم خاص يجعل من المحفل الأم رقم 6 محف التنصيب المعلمين )) . وفي سنة 1933 سجل تقدما ملحوظا وكان كما بلي: 54 محفلا ازرق في بريطانيا، 8 في إفريقيا الجنوبية، و في كندا، و 19 في الهند، و 12 في إستراليا، و 4 في نيوزيلندا. العالم الماسوني المحدد هذا يملك ايضا 17 محفلا 

مارك، [العلام) (بريطانيا، إفريقيا الجنوبية، الهند، إسترالياء نيوزيلندا) و 15 مجلس خبرية روايال إرش، (التاج الملكي] 

69 

 

بريطانيا، سيلان، إستراليا، نيوزيلندا) يضاف إليها 15 مجلسأ خبرية من الوردة المصلبة. أما محافل العلام، ومجالس التاج الملکي، فهي محافل ذات تقليد إنكلوساكسوني قد أذن بها المجلس الأعلى، في أيار/مايو 1931، ولكنها لا تدخل في الطقس الإسكتلندي القديم والمقبوله. 

أما البلاد المنخفضة، فلقد بقيت بؤرة ناشطة للماسونية المختلطة. فإلى جانب المحافل الزرقاء السبعة التي افتتحت عام 1920 أضيف 7 محافل أخرى بين سنوات 1924 و 1929. وفي عام 1930 بلغ المجموع 16 مشغلا أزرق وثلاثة مثلثات تركزت في المدن الكبرى التي كانت تحتوي على بعض منها في السابق وذلك قبل عام 1914، لقد لعب الحق الإنساني، الهولندي في تلك الحقبة دورة ناشطة في أوروبا الوسطى والشرقية، حيث يعود له الفضل في نشوء بعض المحافل في ألمانيا والنمسا ويوغوسلافيا السابقة وتشيكوسلوفاكيا السابقة وبلغاريا وحتى في بولونيا. كان الإخوة ريلفز وقان چنكل (Reelfs , Van Ginkel) هم الماسونيون الهولنديون الذين كرسوا جهودهم لتكوين المحافل في هذه المناطق. إلا أن هذه البلدان عرفت شروط حياة صعبة، وذلك منذ توقيع معاهدات السلام في عامي 1919 و 1920. فالسؤال كان كيف يمكن لهذه البلدان التي تكونت أن تثبت وجودها؟ إن العقوبات الجسيمة على المنهزمين والمنصوص عليها في المعاهدات قد أدت إلى الكثير من الاستياء مما سهل صعود القومية. الاشتراكية. فمنذ عام 1933 تاريخ وصول هتلر (Hitler) إلى السلطة أوقفت المحافل الألمانية كل نشاطاتها، نظرا لأنها لم تستطع أن تكون مخلصة للنظام (الصاعد كما تتطلبه والواجبات القديمة 

في أوروبا الشمالية كان هنالك اتحادان هما الاتحاد 

 

الفنلندي )) و (( الاتحاد الإسكندينافي )) ، الذي يجمع ثلاثة بلدان هي الدانمارك والنروج والسويد. في سنة 1921 كان للدانمارك محفل في إيسلاندا في مدينة ريكبائبك (( Reykjavik )) هو المحفل رقم 724 (( إيمير Ymir. 

سنة 1914 لم يكن في بروكسل سوي محفل واحد. ولكنها شهدت تطورا كبيرة بين الحربين العالميتين خصوصا ابتداء من عام 1927، فبعد مضي سنة من هذا التاريخ راحت تحمي بلجيكا 7 محافل زرقاء ومجلس خبريا، وهذا في مدن بروكسيل وأنقرس Anvers )) ولييج وبروج (( Bruge )) وتورنيه (( Tournai )) وفيرفييه Verviers )) . إن الحرب العالمية الثانية لم توقف هذه الانطلاقة 

أما في أوروبا المتوسطية فلقد خضع تطور الحق الإنساني )) للظروف السياسية. ففي عام 1920 كان في إيطاليا 35 محفلا أزرق، لكنها اضطرت إلى توقيف نشاطاتها منذ سنة 1924 بسبب خضوعها الرقابة شديدة، في عام 1929 حرمت اتفاقيات لاتران (( Latran )) الجمعيات السرية، والمحافل الإيطالية لاذت بالصمت. و في إسبانيا وفي سنة 1928 كان يوجد 5 محافل (( للحق الإنساني، في مدريد وألميريا (( Almeria )) وبرشلونة ومالاغا وإشبيلية، فعرفت الثلاثينيات من القرن العشرين شروطأ مؤاتية بفضل الجمهورية، ولكن مع بدء الحرب الأهلية ووصول فرانكو (Franco) إلى الحكم اكفهرت الأوضاع. وكما حصل في إيطاليا صمتت المحافل. 

استقر الحق الإنساني في البرتغال عام 1923، وتحول محفل هومانيداد (( Humanidad )) إلى محفل مختلط. وتبعه آخرون في ليشبونة وبورتو أليغرو وأكوباسا (( Accobaca )) وتندادي لبتاو Tindade Leilao )) . إلا أنه في سنة 1937 صدر قانون بحظر 

71 

 

الماسونية في ذاك البلد؛ كما أن مدة دكتاتورية الجنرال سالازار (Salazar) الطويلة لم تسمح بأية نهضة 

في الولايات المتحدة الأميركية كان الوضع مختلفة، فقد تركز الحق الإنساني، فيها بصلابة منذ ما قبل العام 1916 مع 74 محفلا ازرق موزعة على حوالي عشرين ولاية، وقد بلغت 77 محفلا في عام 1919 وأضيف إليها 20 مجلسا من الوردة المصلبة، ومجمعة ومجلسا قبادية، لقد بقي لويس غوازيو ناشطة جدا. فاشترى سنة 1918 قطعة أرض في لاركسبور Larkspur )) (في ولاية كولورادو) ليبني عليها مركزا إدارية للاتحاد الأميرکي )) . فبلغت قيمة الشراء وقتئذ 21 الف دولار، ولكن يجب إضافة مبلغ آخر بقيمة 30 ألف دولار كتكاليف بناء. لذلك أنشأ غوازيو صندوق البناء لجمع الهبات. لقد أنجزت المباني سنة 1924 وخصص أحد للهيكل والقسم الثاني للمكاتب الإدارية، ولكن أزمة المناجم الخطيرة ضربت ولاية كولورادو وفقد عمال المناجم أعمالهم ومنهم ماسونيون إيطاليون كانوا أعضاء في الحق الإنساني )) . 

لذلك ظل المشروع غير مكتمل بحيث لم ب دور الأطفال والعجزة. إن الأزمة الاقتصادية لعام 1929 قد فاقمت الوضع واصبحت إدارة الاتحاد، في لاركسبور عبئا ثقيلا، خصوصا أن الهبات أصبحت شيئا فشيئا نادرة وضئيلة. كان الاتحاد الأميركي يتمتع بتنظيم متين، فالجمعية العامة المنعقدة كل خمس سنوات كانت تنتخب الرئيس، وعندما انعقدت في 18 آب / أغسطس 1924 في لاركسبور استقبلت 61 مندوبة قدموا من 21 ولاية ومن مقاطعتين کنديتين. سنة 1938 كانت المشاغل الثمانية والسبعون تشهد على تقدم الحق الإنسانية، ولكن ما هي المناطق التي استقبلت المحافل المختلطة؟ لقد بدات الانطلاقة في شمال شرق 

72 

 

بنسلفانيا، ومن هذا الموقع انتشرت في المناطق المصنعة المجاورة: الشمال الشرقي ومنطقة البحيرات الكبرى")، ومن هنا بلغت إلى ولايات الوسط الغربية قبل أن تتقدم نحو الجبال الصخرية) لتصل أخيرة إلى المحيط الهادي (10) . أما في الجنوب، فكانت المحافل موجودة، ولكن الجنوب التقليدي أي جنوب القطن والبترول فلم تكن لديه أية محافل. فالوضعية الاجتماعية في هذه المناطق هي خاصة وتختلف كثيرا عن الوضعية في المناطق الصناعية بخصوص العقلية. 

عشية الحرب العالمية الثانية كان (( الاتحاد الأميرکي، صلبة. ولكن كان لا بد من التساؤل. فالأزمة التي أصابت المناجم جعلت الإبقاء على بعض المحافل المتوطنة منعسرة. إذ أن 7 من محافل الحق الإنساني، كانت قائمة في مدن المناجم والتي أصبحت منذ تلك الحقبة (( مدن أشباح )) . بالإضافة إلى هذا فإن لويس غوازيو قد توفي في سنة 1937، فهل سيتمكن خلفاؤه من المحافظة على الوضع، بينما الصعوبات الاقتصادية ما تزال حاضرة. هذا رغم سياسة روزفلت (Roosevelt) (( النيو ديل )) ؟. 

في أميركا اللاتينية عرف الحق الإنساني )) تطورا هاما في فترة ما بين الحربين العالميتين. فقد أقام لويس غوازير علاقات منتظمة بهذه البلدان، وساهم بلا شك في اتخاذ قرار الانضمام إلى الماسونية، أما في الأرجنتين فيقتضي التذكير بالدور الهام الذي لعبه الماسونيون الإيطاليون. إنها تلك الحقبة التي أنشا فيها المهاجرون الإيطاليون المستوطنات الزراعية على سفوح سلسلة جبال الأند (Andes) . يضاف إلى ذلك أيضا التدخل من قبل الأخ جيناراجادازا (Jinarajadasa) ، الذي أصبح بعد تلقيه المساررة في الولايات المتحدة الأميركية عضوا في الاتحاد البريطاني الشرني. 

73 

 

لقد كان هذا الأخ متعدد اللغات ويجيد الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والبرتغالية. ولقد انتدبه المجلس الأعلى عام 1929 لتسريع مسار افتتاح المحافل، فكان تدخله حاسمة. إلا أنه كان تيوصوفية، لذا كان الحق الإنساني، في أميركا اللاتينية وكما في مناطق أخرى يماهي بالتبوصوفية. 

في سنة 1912 دخل الحق الإنساني، إلى الأرجنتين، وبعد سنة أصبح هناك ثلاثة محافل في: توکومان (( Tucuman )) وجوجوي (( Jujuy )) وروزاريو. أما في سنة 1918 فقد أنشئت بعض المثلثات في بوائس أيرس (( Buenos Aires )) ومندوزا وسانتافي Santa Fe )) وباهيابلانكا Bahia Blanca )) . في 20 آب/ أغسطس 1916 أنشئ الاتحاد الأرجنتيني بقرار من المجلس الأعلى )) ، وبناء على طلب لويس پاسكال. وأنشئ في العديد من البلدان الأخرى محافل لي الحق الإنساني )) : 

محفل کوستاريكا في سان جوزي (عام 1918) ، ومحفل كولومبيا، وكان هذا بفضل الأخ أكونا (Acuna) ، ومحافل بوليفيا في الاباز والباراغواي في الأسنسيون والشيلي في فالبارزو وسانتياغو (Santiago) (عام 1920) ، وفي السنة التالية أنشئ محفل الأوراغواي في مونتيفيديو (( Montevideo )) ، وفي سنة 1929 كان محفل البيرو في ليما وفي عام 1939 محفل پاناما. وافتتحت في الوقت نفسه مشاغل من الرتب العليا: مجلس خبري في الأرجنتين سنة 1922 وأخر في كوستاريكا سنة 1929، بينما كان في شبلي محفلا اكتمال اثنان ومجلس كبري ومجمع. 

منذ دستور 1920 كانت مشاغل البلد الواحد تستطيع أن تتجمع في اتحاد أو محفل مرجعي واحد. وبقي كل منها خاضعة للمجلس 

 

الأعلى )) ، ولكنه كان يتمتع باستقلالية إدارية تحددها أنظمته الخاصة. في عام 1921 كان هنالك ثلاثة اتحادات: في الولايات المتحدة الأميركية (مع كندا وفرنسا وإيطاليا. وأصبح عددها في سنة 1927 ثمانية اتحادات. فجاءت اتحادات البرازيل وبلجيكا وبريطانيا وهولندا لتكمل اللائحة الأساسية. ثم استمر التغير: في سنة 1938 انقسم الاتحاد البريطاني إلى قسمين: القطاع الغربي في بريطانيا وكندا وأفريقيا الجنوبية والقطاع الشرقي مع الهند وسيلان وإستراليا ونيوزيلندا. وقامت اتحادات جديدة في الشبلي والمكسيك ويولونيا، كان اثنان منها فقط في حالة سبات عشية الحرب، هما: إيطاليا وبولونيا. بالإضافة إلى أن البرازيل أصبحت محفلا مرجعية اذا صلاحيات معتقدية خاصة بالماسونية] 

أما الكيان الإقليمي الآخر فهو بالفعل المحافل المرجعية. ففي سنة 1920 بلغ عددها العشرة وهي: بريطانيا وهولندا وإسكندينافيا الدانمارك والنروج والسويد وفنلندا وكوستاريكا والمكسيك والهند الهولندية وسويسرا وبلجيكا وإسبانيا. في سنة 1927 أصبحت هذه المحافل أقل عددا وتحول بعضها إلى اتحادات. إننا نذكر هنا ببعض الأوضاع، ومنها انفصال الأرجنتين عن البرازيل والإشارة إلى بعض البلدان الجديدة مثل بلغاريا وشبلي واليونان والبيرو والبرتغال التي شكلت محافلها المرجعية. في عام 1938 ظهر اسم المحفل المرجعي النمساوي - الألماني، ولكنه كان في الحقيقة كما المحافل المرجعية الإيطالية والإسبانية في حالة سبات. 

خلال السنوات العشرين لفترة ما بين الحربين العالميتين كان نشاط الماسونيين في الحق الإنساني، بناء. ولكن ينقصنا الكثير من المعلومات: فالأرشيفات غير متوافرة والبيانات الإقليمية مبهمة بعض الشيء، ما يجعل ذكر الأرقام بدقة أمرا صعبة. ففي 

75 

 

عام 2000 لم يسمح استرداد الأرشيفات المحجوزة في موسكو بسد الثغرات. كما أن مراجعة هذه الأرشيفات ما تزال مستمرة 

4 - سنوات الحرب: 1939 - 1945

كانت هذه السنوات بالنسبة للماسونية على وجه التحديد في أوروبا مرحلة عصيبة، ولكنها لم توفر ايضا القارات الأخرى. وفي سنة 1945 لم يكن استئناف النشاطات سهلا. قبل سنة 1939 كانت الاتحادات في حالة سبات. وفي ربيع 1940 اجتاح الجيش الألماني أوروبا الغربية كالسيل الجارف. وفي 8 حزيران/يونيو قرر المجلس الوطني الهولندي إغلاق مشاغله. وفي أيلول/سبتمبر وضعت مقراته تحت الحراسة القضائية. وفي بلجيكا حظرت الماسونية، ووضعت الأختام بالشمع الأحمر على مقرات شارع اليرميتاج (( Ermitage )) في بروكسل. فدخل بعض الماسونيين مثل الأخت دوفاليه (Devalet) في السرية. لقد حافظ البعض على علاقات معينة مع فرنسا وبنوع خاص مع ماريوس ديبورد (Marius Desbordes) . أما في الدانمارك والنروج فقد أدى الاحتلال النازي إلى توقف النشاطات. وفي فنلندا دخل (( الحق الإنساني )) في حالة السبات وذلك منذ 7 نيسان/ابريل 1941 وحتى 22 

كانون الثاني / يناير 1946، بينما السويد التي نجت من الاحتلال الألماني فقد استطاعت المحافظة على نشاط سري. وفي سويسرا واليونان ساد الصمت، أما في فرنسا فقد تم الحظر على الجمعيات السرية وعمل الشرطة السياسية المكلفة بمراقبة الجمعيات التي ?لت ودور الفستاپو (Gestapo) قد جعل الرغبة في عقد الاجتماعات مسالة محفوفة بالمخاطر. لقد تم احتلال المقرات الماسونية وصودرت موجوداتها وسرقت أرشيفانها، ولكن 

76 

 

الماسونيين أبقوا على العلاقة فيما بينهم، ودخل بعضهم في التيارات الكبرى التي نشات داخل المقاومة 

أما في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية فلقد حافظت المشاغل على بعض نشاطها. لكن سرعان ما سببت صعوبات الاتصالات ونقص وجود المقرات في إنكلترا شعورا بالضيق، وقد أدت إلى الحد من عدد الاجتماعات. فتم تعيين (( مجلس أعلى، مؤقت في البلدين مكلف بإدارة الاتحادين معا إلى حين استتباب السلام. 

5 - (( الحق الإنسانية منذ عام 1945: الوضع الحالي

لقد استطاعت التابعية تجاوز الصعوبات والمضي في تقدمها. ففي سنة 1938 وازي عددها أحد عشر الحادة وأحد عشر محفظ مرجعية. وفي عام 2002 بلغ العدد 18 اتحادا و 17 محفلا مرجعية و 18 محفلا رائدة، اثنان منها كانا في حالة سبات (أندور وكوناس (Andorre et Kaunas )) . إن التغيرات كانت ملموسة بخصوص أعداد الأعضاء والمشاغل، وأيضا بخصوص التوزيع الجغرافي 

كانت الحرب العالمية الثانية (1939 ? 1945) حدثة رئيسية بالنسبة للعالم بكامله. وغداة هذه الحرب بدأ (( القرن العشرون الثاني )) . لقد كانت الخسائر البشرية هائلة، والدمار الشامل كان يتطلب إعادة إعمار سريعة ومكلفة، والأمر يحتاج إلى جهود جبارة. والعالم الخارج من الكارثة لن يكون في مأمن من المشاكل. لقد قسمت التكتلات أوروبا إلى قسمين: فوجود الماسونيين التشيكيين في الجمعية العمومية لعام 1947 سجل الإفاقة الأخيرة، وذلك قبل الدخول في زمن طويل من الصمت. كان يجب انتظار سنة 1989 وسقوط جدار برلين لرؤية انطلاق 

 

بدايات يقظة، ويبقى على القرن الواحد والعشرين أن يدعم كل من كان يحاول أن يحيا من جديد. 

أما خارج اوروبا فكان للحرب آثار أخرى. ففي أميركا لم تجد الصعوبات الاقتصادية التي واجهها الاتحاد الأميركي، حلولا بل أن الحرب جعلتها تتفاقم. كما أن مجتمع السنوات الثلاثين المجيدة، اختلف جدا عما كان عليه خلال فترة ما قبل الحرب: هنا هل ستجد من جديد الماسونية مكانها؟ إن ذلك ليس أكيدة قطعة. فأميركا اللاتينية كانت قد دخلت في مرحلة من الأزمات السياسية والاقتصادية ومن الدكتاتوريات وحروب العصابات. إذن أين هو مكان الماسونية؟ 

في إفريقيا وآسيا انتهت الحرب بالتحرر من الاستعمار. فالحروب الهند الصينية والجزائر وتونس) قضت على المحافل. وبرزت بلدان جديدة تظهر أحيانا الوجه الديموقراطي. 

إن إعادة الانطلاق قد حصلت بطريقة غير متساوية وبحسب البلد والفترة، فكانت أحيانا كالطفرة، كما هي حال زوريخ حيث أن المحفل الذي افتتح في سنة 1951 لم يعد له وجود عام 1958. وكان يجب انتظار سنة 1981 لإيجاد (( الاتحاد السويسري )) من جديد. ففي أوروبا الغربية استأنفت أربعة بلدان نشاطاتها الماسونية في كنف والأستاذية الكبرى لي مارغريت مارتان وشارل كامبييار Marguerite Martin 

, Charles Cambillard (1947 - 1969) ، والتي هي: فرنسا وإنكلترا وهولندا وبلجيكا. في ربيع 1945 حاول المجلس القومي الفرنسي وضع تقييم عام فعقد في أيلول/سبتمبر الجمعية العمومية الأولى لما بعد الحرب. إن المشاغل المستعدة لذلك كانت قليلة وإن الجراح لبليغة. في الخمسينيات استفاقت بعض المشاغل وتأسست أخرى سواها 

78 

 

جديدة. فشرعت بلجيكا منذ نهاية الحرب (عام 1945) في مرحلة من التكوين والتنظيم، وفي سنة 1958 جرى التصويت على أنظمة الاتحاد، وتزودت هولندا منذ سنة 1947 بمجلسها القومي. أما في بريطانيا فكانت الانطلاقة مشروطة بترميم المقرات. كما أن والمجلس الأعلى لفترة الحرب قد أوقف نشاطاته. 

إن اليقظة لم تقتصر على الجزء الغربي من أوروبا. ففي عام 1951 نشا محفل في هلسنکي Helsinki )) ، وفي السنة التالية تكون في فيينا محفلان (الرقم 756 والرقم 900) . وأقيمت بفضل الأخ تبرنس (Thierens) ، عام 1958 المحافل لألمانيا والنمسا. أما في جنوب أوروبا فكان الوضع دقيقة. إن بقظة (( الحق الإنساني، في اليونان قد حصلت عام 1947 بينما الاتحاد اليوناني قد استقر عام 1964. ففي إسبانيا كان يجب انتظار سنة 1978 لرؤية استفاقة محفل واحد في برشلونة. وفي البرتغال كان افتتاح محفل هومنيداد Humanidad في الثمانينيات علامة انطلاقة جديدة. 

ما هو الوضع في عام 2002، أي بعد مضي 57 سنة على انتهاء النزاعات؟ إن (( المنظمة الماسونية المختلطة الدولية - الحق الإنساني، قد استعادت عافيتها وعزمها، بحسب العبارة الماسونية. فضمت 

حوالي 27 ألف عضو موزعين على 1006 مشاغل ومنها 735 محف؟ ازرق، كما أنها تحتوي حاليا على 20 اتحاد، و 13 محفلا مرجعية و 18 محفلا رائدة، أيضا لقد حصل التغيير في التوزيع الجغرافي للمحافل والذي أظهر انتشارا غير متساو بين القارات. فالكثافة الأقوى نجدها في أوروبا: 13 محفلا اتحادية ومحفلان مرجعيان و 6 محافل ريادية. هذا بمثل حوالي 22 ألف عضو أي أكثر من 80 بالمئة من المجموع العام. لقد بقيت الاتحادات القديمة لفرنسا وإنكلترا وهولندا وبلجيكا هي الركائز، ولو أن أحدها، أي الاتحاد 

79 

 

الإنكليزي قد عرف فترات عصيبة. أما اتحادا فرنسا وبلجيكا فهما الأكثر أهمية. لقد احتوى الأول على حوالي 14 ألف عضو والثاني على 6 آلاف عضو، في أوروبا الشمالية نابيت الاتحادات الإسكندنافية والإسلاندية الناشئة عام 1985 نشاطها بدينامية. إننا نحصي حاليا في أوروبا الشرقية والوسطى ثلاثة أنحادات (النمسا وسويسرا ومنذ عام 2002 بولونيا) ، ومحفلا مرجعية في بلغاريا وثلاثة محافل ريادية في بخارست وپراغ وبوداپست. اما محفل کوناس (في ليتونيا) المفتتح عام 1996 فهو في حالة سبات. إننا نجد في أوروبا الجنوبية ثلاثة اتحادات: هي اليونان وإيطاليا ومنذ 2001 إسبانيا ومحفلا مرجعية في البرتغال. أما اللوكسمبورغ فله وضع خاص، إنه يحوي ثلاثة محافل ريادية غير مجتمعة في محفل مرجعي. أما في سائر أنحاء العالم فإن (( الحق الإنساني، ما يزال موجودا ولكن التغيرات السياسية والاقتصادية فرضت عليه شروطا جديدة؛ فالمشاغل هي في معظم الأحيان مبعثرة وأعضاؤها قليلون ولكنهم ناشطون، وينتمون إلى محافل مرجعية واتحادات تسمح باحترام هوياتهم وبمنحهم بعض الاستقلالية. 

في أميركا الشمالية تتواجد المشاغل في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، و (( الاتحاد الأميركي، الذي كان يضم 87 مشغلا عام 1938 لم يتبق له سوى 15 مشغلا. لقد بدا أن هنالك وثبة قيد الانطلاق، ولكن تحولات المجتمع الأميركي أدت إلى التخلي عن الالتزام الماسوني. أما المحافل الخمسة الكندية فإنها تشكل محف مرجعبا ديناميكيا. 

في أميركا اللاتينية استطاع الحق الإنساني، أن يحافظ على وجوده وذلك في شروط دقيقة وخطيرة. ولذلك أبقت المحافل الشيلية على سرية نشاطاتها خلال دكتاتورية بينوشيه (Pinochet) . 

80 

 

ورغم تجارة المخدرات والبؤس وعدم الأمن توصلت محافل كولومبيا إلى تشكيل محفل مرجعي منذ 2002. في المقابل، إن الوضع هناك هو على الصورة التالية: اتحاد واحد في البرازيل وخمسة محافل مرجعية في أميركا الوسطى والجنوبية وجزر الكاراييب (الأرجنتين، مكسيك، كولومبيا، شيلي وكوستاريكا) . يضاف إليها أربعة محافل ريادية في أسونسيون (( Asuncion )) في پاراغواي وليما في البيرو ومننبفبديو في أوروغواي وكاراكاس في فنزويلا. وفي المحصلة لا بمثل ذلك سوى 55 مشغلا (أي حوالي 15 بالمئة من عدد مشاغل الاتحاد الفرنسي) 

إن التحرر من الاستعمار في إفريقيا الشمالية ومصر قد تبعه زوال المحافل القديمة. ولكن الحق الإنساني، حافظ على وجوده في إفريقيا السوداء وإفريقيا الجنوبية، وذلك في الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة الفرنسية والإنكليزية والبلجيكية والبرتغالية، حاليا يوجد هنالك اتحادان: في إفريقيا الجنوبية، ومنذ عام 2000 في إفريقيا الغربية (شاطئ العاج، السنغال، توغو) يضاف إليهما ثلاثة محافل مرجعية في الكامرون ومدغشقر وجزر الموريس، وخمسة محافل ريادية في بورکينافاسو وأوواغادوغو وبوروندي Burundi )) وبوجونبورا 

Bujumbural )) وفي مالي في باماكو وفي ژواندا في كيغالي وفي زائير في لوبومباشي. أما في منطقة المحيط الهادئ فقد فتح الاتحاد الفرنسي مشاغل في ناهيني وفي كاليدونيا الجديدة (( Nouvelle - Calcedonie )) . وفي آسيا وأوقيانيا كان الانحسار جلية. فبعد انشقاق اتحادين ومحفل مرجعي لم يبق سوى اتحاد إسترالي واحد ومحفل مرجعي إندونيسي واحد، أي ما مجموعه 24 محف. إن واقع الانشقاق في الاتحاد أو المحفل المرجعي لا 

 

يعني زوال الأخوات والإخوة الذين كانوا جزءا من الطائفة الماسونية. فالدستور الدولي، يترك للبنى القومية في حال الخلاف حرية الانفصال عن المنظمة الماسونية الدولية، والروابط بين الاتحادات والمحافل المرجعية لمختلف الدول لا يمكنها بالطبع سوى أن تكون طوعية 

2 - البنيات الإدارية

إن هذا المجموع الهرمي قد يبدو معقدة، ولكن البنيات الإدارية التي حددها الدستور الدولي هي نسبية بسيطة وتجمع بين المركزية وبين الاستقلالية 

فالإدارة تعود إلى المجلس الأعلى، وإلى (( الأستاذ الأعظم وهما يمسكان بالسلطة التنفيذية ويشكلان حجر الأساس في البناء، إذ تعود إليهما قرارات إنشاء المحافل والمحافل المرجعية والاتحادات ومراقبة الطقوس وإعداد بطاقات الهوية الماسونية وإذا اقتضى الأمر سن قانون العقوبات. والسلطة التشريعية هي بيد الجمعية العمومية الدولية، والتي تنعقد كل خمسة سنوات في باريس (Paris) في المقر الرئيسي للمنظمة. لكن حتى عام 1997 ظلت تجتمع كل سبعة سنوات. وهي تجمع النواب المنتخبين من قبل المحافل الريادية والمحافل المرجعية والاتحادات. فالمجلس الأعلى )) يدعو إلى انعقادها والمعلم الأعظم بتراسها ويكون دوره: 

قبول أو رفض) محضر النشاطات الذي يقدمه المجلس الأعلى، منذ انعقاد أخر جمعية عمومية دولية. 

- انتخاب المجلس الأعلى الجديد من المتقدمين بترشيحهم. فالمجلس الأعلى المنتخب هو الذي يختار من داخله وبالاقتراع العام المعلم الأعظم، ونائبه.

82 

 

في سنة 2002 أعيد انتخاب الإيسلندي نيوردور نيارفيك (Njordur P . Njardvik) ک المعلم الأعظم، والفرنسية دانيال جوييت (Danielle Juette) كنائبة له 

- التصويت على التعديلات المحتملة للدستور الدولي والقرارات الموجهة إلى المجلس الأعلى، الذي تكون من مهماته الإجابة عليها.

أما على الصعيد الإقليمي فهنالك ثلاث بنيات وهي: المحافل الريادية والمحافل المرجعية والاتحادات. المحفل الأول الذي يفتتح في بلد معين هو محفل ريادي وينبع مباشرة (( المجلس الأعلى )) . ولكن هذا الأخير يمكنه أن ينتدب لهذه المهمة أحد الاتحادات، وهكذا عهد بمحفل بخارست إلى الاتحاد الفرنسي. وعندما يصبح عدد المحافل الزرقاء خمسة على الأقل فيمكنها أن تشكل اتحادا يكون للمجلس الأعلى ممثل لديها هو بدرجة (( الفارس الأكبر الفائق العظمة. وهذا الأخير بظل في وظيفته على امتداد الفترة التي تفصل بين جمعيتين عموميتين دوليتين، كما يحرص على احترام الدستور والانظمة وعلى نظامية القرارات. إنه أداة الوصل مع المجلس الأعلى، الذي يقدم له طلبات تكوين المحافل والعقوبات واقتراحات الترقي إلى الرتب العليا 

إن لكل اتحاد هيئاته التنفيذية والتشريعية وأنظمته. فالاتحاد الفرنسي هو بلا جدال الأكثر أهمية)، وتنظيمه يمكن اعتباره نموذجية، فالجمعية العمومية السنوية التي تجمع النواب من كل المشاغل (من الدرجة الأولى وحتى الدرجة الثلاثين) تمثل السلطة التشريعية، أما السلطة التنفيذية فتعود إلى ثلاث هيئات مي: المجلس القومي والمجمع الوطني والمجلس الأكبر. 

يتألف المجلس القومي من 39 مستشارة قومية (حتى عام 

 

2001 كان عددهم 33 مستشارة قومية) تقترحهم المناطق الثلاثة عشرة وتنتخبهم الجمعية. إن مدة ولابنهم في ثلاثة سنوات تتجدد مرة واحدة، ويختارون بالاقتراع السنوي رئيسهم الذي يعاونه مجمع كهنة. 

أما المجمع الوطني فيضم المستشارين القوميين الذين بلغوا الدرجة الثلاثين. ومهمته في إدارة المشاغل من الدرجة الرابعة وحتى الدرجة الثلاثين. 

والمجلس الأكبر بجمع الماسونيين الذين بلغوا الدرجة الثالثة والثلاثين، والذين ينتخبون من قبل أندادهم في كل جمعية عمومية دولية، وتعود لهم بنوع خاص مهمة إعداد الاقتراحات للدرجات الأعلى (31، 32 و 33) . إن هذا التنظيم كان ضرورية بسبب الأهمية العددية للاتحاد الفرنسي، فمنذ الجمعية العمومية الدولية لعام 2002 أصبح من المفروض على جميع الاتحادات أن يكون لديها مجلس منتخب. 

إن النموذج الفرنسي يدل على أن تمركز السلطة التنفيذية الدولية داخل الحق الإنساني )) بين أيدي المجلس الأعلى، لا يمنع استقلالية الاتحادات التي تقرر بنفسها أنظمتها الخاضعة لقوانين البلد. وهي بهذا الشكل ذات طابع قومي مؤكد بعكس ماضيي هذه الاتحادات المعنية وحاضرها. 

 

الفصل السادس 

قرن من التاريخ 

بلغ الحق الإنساني )) مئة وعشرة أعوام 

لقد واجهت المنظمة ومنذ أكثر من قرن صعوبات داخلية واعتداءات خارجية مصدرها العالم الدنيوي، وأيضا مثلها من العالم الماسوني، لكنها نجحت في مواجهة كل هذه الصعاب وفي تثبيت قيمها في المجتمع وفي تحقيق ما يشكل علة وجودها في 

الواقع. 

ا- الجدالات الداخلية

إن الحق الإنساني، هو مجنمع تقليدي ومسارري. إذن وبصفته هذه تقوم رسالته على تحقيق التطور الروحي لأعضائه ولكنه يواصل أيضأ هدفه في العمل على بناء مجتمع اكثر عدلا وعلى تحقيق شعار المنظمة وهو: الحرية والمساواة والاخوة. | 

هذان المحوران في العمل الماسوني اللذان ندعوهما المحور الروحاني والمحور العقلاني، هما بالطبع أبعد من أن يكونا متعارضين، بيد أن الحق الإنساني، كمعظم التابعيات الماسونية 

85 

 

لم يسلم من الجدالات - والعنيفة أحيانا - التي فرقت بين الذين يفضلون محورة على آخر. فبحسب مراحل تاريخه واستنادا إلى الشروق تفتقت بعض الصعوبات نتيجة المواجهة بين هاتين النظرتين إلى الماسونية. 

في الحق الإنساني )) ، أخذ الجدل بين الروحانيين والعقلانيين مني غريبة بعض الشيء، وذلك تقريبا منذ ولادة المنظمة. وعبر عن ذاته بنوع خاص في عشرينيات القرن الماضي. كان من بين المؤسسين للمنظمة الماسونية المختلطة الدولية. الحق الإنساني، امرأة قد لعبت حقة دورة كبيرة في آني بوزان (1847 - 1933) وهي من أصل إيرلندي. لقد تزوجت القس الإنكليكاني فرانك بوزان وأنجبت منه ولدين. ثم تركت زوجها وانخرطت في حركة والمفكر الحره (سيكولار سوسيتي Secular Society) . وظلت بين عامي 1874 و 1889 داخل الإمبراطورية البريطانية كمناضلة نشيطة تدافع عن الطبقات الأكثر فقرأ في المجتمع، وتساهم في إنشاء النقابات للعمال غير المؤهلين وتناضل ايضا من اجل المدرسة العلمانية المجانية والإلزامية. بعد انخراطها في صفوف الجمعية الثيوصوفية تابعت عملها النضالي في الهند من أجل انعتاق المرأة واستقلال هذا البلد. فسجنت من قبل السلطات البريطانية وأصبحت عام 1921 رئيسة حزب المؤتمر الهندي. وتوفيت في مدينة أدييار Adyar )) عام 1933. 

في سنة 1889 وبعد أن قرأت أني بوزان العقيدة السرية الهيلينا بلافاتسکي (Helena Blavatsky) دخلت إلى الجمعية الثيوصوفية، ثم سافرت في عام 1893 إلى الهند، حيث كان مؤسسر هذه الجمعية أولكوت وهيلينا. ب. بلافاتسكي قد ابتاعوا قطعة أرض في أدبيار (قرب مدراس) . ولا تزال هذه الملكية إلى 

 

الآن المركز العالمي للجمعية. لقد نشرت آني بوزان التعاليم الثيوصوفية وطورت بموازاة ذلك التعليم الرسمي في تلك البلاد. في عام 1907 أصبحت هي الرئيسية العالمية للجمعية الثيوصوفية. لقد درست الجمعية المذهب الباطني وحتى المذهب الإخفائي من خلال مقاربات متنوعة وشرقية بالدرجة الأولى. وادعت بأنها تعلم المأثور الأولي. فالثيوصوفيون يؤمنون بوجود عدة أجسام: المادية والأثيرية والنجومية والتي تختفي عند الموت لنعود فتندمج في غلاف أخر. إذن فهم يؤمنون بالتقمص. وبالنسبة لهم يجب على البشر أن يسعوا من خلال حياة نزيهة إلى بلوغ انواع من الوجود أكثر فأكثر طهرا وسعادة. وهذا يصبح ممكنا من خلال التضحيات الجسدية والدراسات الروحية والأخلاقية المتطورة جدا، ينبغي معرفة كل قوانين الطبيعة والتوصل إلى قيادة قوى مجهولة، ولكنها موجودة ويمكنها أن تطيع عندما تجد كلمة الأمر. 

إن هذا التوكيد الأخير من قبل بعض التيوصوفيين قد أدى إلى تطوير ممارسات أكثر اقتراب من مناجاة الأرواح. 

حصلت آني بوزان على المساررة في الحق الإنساني، عام 1902، أي بعد عشرين سنة من إنشاء الاتحاد الفرنسي، وكان تأثيرها حاسما في تطور الماسونية الأنكلوسكسونية للمنظمة. ولكن في فرنسا وفي المستعمرات الفرنسية تأثر العديد من المحافل بالتيار الثيوصوفي تأثرا واضحا. وكانت قد صدرت بعض الانتقادات خصوصا من قبل محفل فرنسا الأكبر، ضد الحق الإنساني )) متهمة إياه بأنه أصبح متشبعة بوضوح للجمعية الثيوصوفية. بالطبع هذه التأكيدات لم نكن خالية من التحيز خصوصا أن غالبية مشاغل الاتحاد الفرنسي ظلت بعيدة لا بل 

 

معادية للأفكار التيوصوفية. بيد أن نوضيع الموقف قد أصبح ضروريا، حين أرسل المجلس الأعلى، إعلانا شديد الصرامة وموجها إلى مشاغل المنظمة بأكملها بأن الحق الإنساني، ليس مسؤولا عن تصريحات أعضائه وممارساتهم الدينية أو المناهضة للدين. وذكر بأن المنظمة ليست دوغمائية. لقد جرى التنبيه عدة مرات خلال سنتي 1926 و 1927 وإلى استقلال المنظمة تجاه كل توجه خاص )) ، (أي بصورة ضمنية توجه الجمعية الثيوصوفية) . هنا تجدر الإشارة إلى أن آني بوزان نفسها قد أيدت علنا هذا الموقف. 

إن تفضيل الروحانية في العمل الماسوني داخل الحق الإنساني، لم يات بالطبع فقط من تأثير التيوصوفيين، فهؤلاء هم اليوم قلة داخل المنظمة. وبعض الماسونيين البعيدين بالكلية عن التيوصوفية يعتبرون أن العمل الماسوني مكس بصورة أساسية للإجابة على التساؤل الروحاني. أما البعض الآخر فيعطي الأفضلية للطريقة الماسونية بما يسمح بالسعي من أجل التقدم الاجتماعي للبشرية. ومن الممكن أن تبرز داخل المحافل صعوبات عديدة ما لم يتم قبول الآراء المتناقضة واحترامها. 

انطلاقا من ذلك ورغم بعض الآراء المبالغ فيها في هذا الاتجاه أو ذاك، فإن الموقف العام لي الحق الإنساني، هو معتدل ومتسامح. لقد كان جورج مارتان بالتاكيد ملحدا وعقلانية مقتنعة. أما ماريا دوريسم فقد عبرت عن أفكارها في نص بتناول (( التصورات الميتافيزيقية والتسامح )) ، وذلك على هذا النحو: (( بالنسبة إلى فانا روحانية ... وأفهم منطقيا إوالية الكون بعلة واعية أكثر منه بسبب الاواع. وعقلانية لا يبدو لي أن ركامة عرضية من الجزئيات كان قادرة على تكوين الوعي البشري. وإنني أجد صعوبة في الإيمان بأن قوى عمياء استطاعت البرهنة عن هذا القدر من الذكاء في 

88 

 

تنسيقاتها. وبما أن عدم وجود الله لم يثبت إجمالا بقدر ما لم يثبت وجوده، فلذلك أفضل تبني الاحتمال الأخير دون أن تأخذني الأوهام. اعلم جيدا بانني أقف على ميدان من الفرضيات وبان كل شخص له الحق في اختيار تلك التي تناسبه. 

ولقد ختمت قولها بما بعكس القناعة العميقة للمنظمة الماسونية - الحق الإنساني: (( إن النية في تعنيف الضمائر والتخيل في إمكان إثبات الأشياء بالمراسيم والمنشورات، وفي أنه يكفي فرض وجودنا ک? بؤمن بنا الآخرون، هو مجرد صلافة .. إذن فالدوغمائية هي ما يجب محاكمتها في الماسونية، سواء كانت دينية أم مناهضة للدين. لذلك كان للمحافل دائما وبحسب توجهاتها إمكانية إهداء أعمالها لي مجد مهندس الكون الأعظم، و/ أو لمجد الإنسانية )) . هذا الدعاء الأخير أصبح ومنذ العام 1976 من أجل تقدم الإنسانية 

يعرف الماسوني وفي معظم المحافل أن البحث الروحاني لا يتعارض مع سلوك المواطنة. فمنذ البداية دل المحفل رقم واحد على الطريق بمقاربته لمسائل سياسية واجتماعية راهنة خلال أعماله، مثل: حق الاقتراع، عمل النساء في المصانع، الإدمان على الكحول ... إن التقارير لم تكن تنطوي أبدا على يقينيات عقيمة بل أنها تعبر عن أمل في التقدم مبني على التسامح 

- الانشقاقات

ا- الانشقاق المؤقت 1913

عندما برز الانشقاق الأول عام 1913، الذي أدى إلى نشوء تابعية جديدة تحت اسم المحفل المختلط الأكبر، لم تكن المحافل 

89 

 

الفرنسية في المنظمة الماسونية - الحق الإنساني قد انتظمت بعد في اتحاد مستقل 

منذ 1910 ارتسم في ثنايا المحافل الفرنسية تيار يعبر عن الرغبة في أن يسمح لها بإدارة شؤونها بنفهسا تاركة لر (( المجلس الأعلى، سلطة المساررة فقط، ففي عام 1908 أنشا لويس غوازيو اتحادة أميركية قد نال استقلالية حقيقية عن المجلس الأعلى )) . لقد قبلت هذه المبادرة رغم أنها لم تنص عليها أنظمة المنظمة. كان هذا هو النموذج الذي ألهم المحافل الفرنسية الراغبة في الحصول على نفس امتيازات الولايات المتحدة الأميركية 

في هذا التاريخ كان لفرنسا ولمستعمراتها حوالي ثلاثين مشغلا بعينون كل سنة نوابهم ويجتمعون في جمعيات تسمي مؤتمرات أو جمعيات عمومية لمناقشة مشاكل المجتمع. إلا أن هذه الاجتماعات ظلت غير رسمية والمشاغل كان في إمكانها تقديم الاقتراحات لتعديل أداء المنظمة، ولكنها لا تملك السلطة التشريعية نظرا لأن جميع القرارات تعود إلى المجلس الأعلى )) . 

عام 1911 وجهت الدعوة لانعقاد جمعية عمومية للمحافل الفرنسية بدون إذن رسمي وبناء على مبادرة ستة محافل. كان الهدف هو إعطاء المحافل الفرنسية استقلالية معينة، وذلك بتزويدها بمجلس تشريعي وبلجنة تنفيذية دائمة والتي أصبحت اليوم الهيئات الخاصة بالاتحاد القومي. لقد انتخبت بلانش لانتوان (Blanche Lantoine) رئيسة لهذه اللجنة. أما المحركون الرئيسيون لهذا الانشقاق فكانوا الإخوة والأخوات: فالنتان، لوفاسور، روسو، وبلانش لانتوان وزوجها ألبير (. 

Valentin , Levasseur , Rousseau 

(Albert et Blanche Lantoine 

إن هذا الأخير (1869 - 1949) كان أيضا عضوا في محفل 

90 

 

فرنسا الأكبر وكان أديبة ومؤلفا للعديد من الكتب، وأخصها 

تاريخ الماسونية الفرنسية )) . لقد أدان (( المجلس الأعلى، هذه المبادرة، ففي رأيه أن السلطة البعيدة للمجلس الأعلى هي أقل قسرية للمحافل مما هي عليه سلطة البنى القومية. من جهة أخرى، فعالمية المنظمة مهددة بصدامات محتملة بين البني القومية لعدة بلدان، وهذا حيثما يوجد تمثيل لي الحق الإنساني )) . لكن لم يكن أي اتفاق ممكنة، إلا أن التابعية الجديدة احتوت فقط على 4 محافل أثناء تشكلها، وذلك في مدن باريس والهافر (( Havre )) وابفرو 

Evreux )) وليل (( Lille )) الفرنسية. لقد أعلن إنشاء المحفل المختلط الأكبر وذلك أمام التابعيات الكورية الفرنسية في 15 كانون الثاني / يناير 1914. لكن وفاة بلانش لانتوان في 27 تشرين الثاني / نوفمبر 1915 والأحداث المرتبطة بالحرب العالمية الأولى جعلت بقاء هذه التابعية أمرا مستحيلا. في آذار/مارس 1922 وبعد إنشاء الاتحاد الفرنسي التحقت المحافل المنشقة لى الحق الإنسانيه. 

- الانشقاقات الأخرى

ظهرت انشقاقات أخرى في عدة بلدان (بريطانيا، سويسرا، الولايات المتحدة الأميركية) ، وقد كانت الأسباب متنوعة وترتبط غالبا بمشاكل تتعلق بالأشخاص أو بالأداء 

كانت هذه حالة الاتحاد الفرنسي مثلا عام 1973، لثاني مرة في تاريخه، لقد برزت هذه الأزمة في وقت كانت فيه الماسونية الفرنسية ل الحق الإنساني، في أوج انطلاقها، أما الأسباب العميقة لهذه الأزمة فكانت بلا شك متنوعة، هذا دون التقليل من إشكالات المنافسات الشخصية. هنا وفي الأصل بمكن تلمس 

 

اختلاف في التصور داخل التنظيم البنيوي لي الحق الإنساني )) . فالمنشقون، ومنهم إليان برو (Eliane Brault) كانوا يعتبرون أن نفوذ الرتب العليا في إدارة المنظمة هو في غير محله. فالمحفل الأعظم المختلط العالمي، والذي تبوات إلبان برو فيه منصب 

المعلم الأعظم، الأول قد ولد من هذا الانشقاق، إن هذه التابعية لم تحتفظ بمبدأ التواصل المسارري الذي ظل أحد مميزات والحق الإنساني )) . هذا المحفل يعمل بحسب الطقس الفرنسي المطبق في الشرق الكبير لفرنسا. 

3 - صعوبة اعتراف التابعيات الأخرى

إن إنشاء (( منظمة مختلطة، حقيقية حيث يتجاور الرجال والنساء فعلا على قدم المساواة عند أعمدة الهيكل قد حدث في وقت لم تزل فيه العقليات أبعد من أن تكون مستعدة لقبول انعتاق المرأة. 

إن إحدى العقبات التي تجعل من الاعتراف به (( الحق الإنساني، إشكالية كانت في تركه للماسونيين حرية الضمير الكاملة في موضوع الإيمان بإله خالق (إن نقطة العلام 19 من ماكييه، تفرض الإيمان با مهندس الكون الأعظم )) ) . أخيرة أثارت أيضا العلاقات بين الحق الإنساني )) وبين الجمعية التيوصوفية تساؤلات عند بعض التابعيات. 

لذلك وفي أيلول/سبتمبر 1921 وافقت الجمعية العمومية للشرق الأكبر لفرنسا على توقيع بروتوكول وفاق مع الحق الإنسانية. ولقد قبلت التابعينان هذا البروتوكول في كانون الثاني / يناير 1922، ووقع الاتفاق باسم الحق الإنساني، أوجين بيرون Eugene Piron) (1863 - 1928) الذي أصبح المعلم 

92 

 

الأعظم، للمنظمة سنة 1918، وتم تبادل ضمانات الصداقة. ورغم التشهير الظرفي في عام 1930 بهذا الاتفاق فقد ظلت العلاقات وثيقة بين التابعيتين. 

في سنة 1923 طلب أحد مشاغل محفل فرنسا الأكبر، وهو والجبل، الاعتراف ب الحق الإنسانية، بعد نقل هذا التمني إلى أربعين محفلا من التابعية أصدر المجلس الفيدرالي عام 1926 قراره بالرفض، أما اليوم فإن الوضع يسير نحو التقدم. فلقد حصل في 10 أذار / مارس 2002 لقاء بين التابعبات الثلاث في ريكيافيك (( Reykjavik )) في إيسلندا. فوقع (( محفل فرنسا الأكبره بروتوكولا قرر فيه الاعتراف بكل الفيديراليات والمحافل المرجعية والريادية من الحق الإنساني في البلدان التي استقرت فيها كمتفاوضة معه، ولقد اعترفت علنا بالصفة المساررية لإخوة وأخوات المنظمة، ولكن ظل الأخوة من الحق الإنساني، وحدهم المخولين للمشاركة في أعماله. 

إن الاتحاد الفرنسي لي الحق الإنساني، يقيم أيضأ بعض العلاقات بالمحفل النسائي الأكبر لفرنسا وبالمحفل المختلط الأكبر الفرنسا وبالمحفل الأكبر التقليدي والرمزي (( أوبرا، وكذلك المحفل القومي الفرنسي وبالمنظمة المساررية والتقليدية للفن الملكي أيضا، أما في البلدان الأخرى حيث المنظمة متجذرة فهي تقيم بشكل عام علاقات بالقوى الماسونية المحلية الأخرى. 

- اعتداءات خارجية: نموذج الاتحاد الفرنسي

إن اختبار مثل الاتحاد الفرنسي له تفسيره بان القارئ بألف أكثر تاريخ بلدنا فرنسا. إلا أن الماسونيين في إيطاليا 

 

والمانيا وإسبانيا والبرتغال عرفوا كذلك شروط حياة صعبة. بالتالي تعددت الاتحادات والمحافل المرجعية أو الريادية التي نالت منها أحداث هذا القرن. 

لقد نشا والاتحاد الفرنسي، بعيد نهاية الحرب العالمية الأولى. وكانت المحافل قد قاست كثيرا وبلات هذا النزاع الفظيعة. أما مرحلة ما بين الحربين العالمبنين فقد سمحت بازدياد كبير العديده، ولكن الأحداث التي ضربت تلك الحقبة لم تكن بدون عواقب بالنسبة للماسونيين الفرنسيين في الحق الإنساني )) ، بالإضافة إلى أن الحرب العالمية الثانية قد اصابته بضربة كادت أن تقضي عليه 

1 - صعود الفاشية في سنوات 1920 - 1930

إن نهاية عشرينيات وثلاثينيات من القرن الماضي قد سجلت تغيرات عميقة في المشهد القومي والدولي. إنها الحقبة التي أمسك فيها لوسيان ليفي (Lucien Levi) ثم هنري بوت (Henri Petit) بمقدرات المنظمة والاتحاد الفرنسي ل (( الحق الإنساني )) ، نظرا إلى كون الحق الإنساني، منظمة دولية، فإن قيام الفاشية الموسولينية في إيطاليا منذ سنة 1922، وقيام النازية في المانيا منذ عام 1933 وظهور الديكتاتوريات البمينية في العديد من الدول الأوروبية أديا إلى بروز صعوبات كبيرة أمام المحافل المتجذرة في هذه البلدان. 

لقد قاوم الاتحاد الفرنسي بعزم هذه الصعوبات منذ أن أصابت هذه الأنظمة التوتاليتارية ولاول مرة الماسونية. كان لهذه الاحتجاجات وزنها الكبير لأن رئيس المجلس القومي هو في 

94 

 

الوقت نفسه المعلم الأكبر للمنظمة. أما في إيطاليا فبعد أن تسلم موسوليني (Mussolini) الحكم أدان المجلس الأعلى الفاشي أفكار الماسونية. وتعرضت التابعيات إلى حملة صحفية عنيفة. وفي 14 أيلول / سبتمبر 1923 ارسلت الجمعية العمومية رسالة تعاطف لهذا الاتحاد الشقيق. وفي ألمانيا عارض الإخوة والأخوات في الحق الإنساني، فورا استلام هتلر السلطة في كانون الثاني / يناير 1933. وفي 2 نيسان/ أبريل، أرسل المجلس القومي إلى جمعية الأمم احتجاجا حادا على الهجمات التي تشن في ألمانيا النازية ضد الديموقراطيين واليهود. وساعدت محافل أوروبا الشرقية ضحايا الاضطهادات الهتلرية، وأدانت الجمعية العمومية لعام 1933 النظام الهتلري، بين عام 1933 و 1934 وضعت مسألة الأعراق قيد الدرس في المحافل، وقد أكدت الجمعية العمومية لعام 1937 بقوة رفض وجود أية تراتبية عرقية. 

عام 1934 وعندما كانت فرنسا مهددة بمكائد اليمين المتطرف ظهرت قضية ستافيسكي (Stavisky) . لقد استطاع هذا المغامر تحقيق الاعيبه بفضل دعم بعض البرلمانيين الراديكاليين الذين كان من بينهم بعض الماسونيين. لقد استخدم هذا الحدث كحجة للمظاهرة التي جرت في 6 شباط / فبراير 1934، التي نظمتها روابط اليمين المتطرف وتحولت إلى أعمال شغب. فتوسعت الحملة الضخمة المناهضة للماسونية، ولجأت التابعيات الماسونية الشرق الأكبر لفرنسا، و (( محفل فرنسا الأكبر، لشطب الإخوة المتورطين في الفضيحة من المحفل. الحق الإنساني، من جهته لم يقلد تلك المحافل، ولكنه اضطر إلى شطب عضو واحد قد انتسب مؤخرا إلى الاتحاد. بالإضافة إلى ذلك توقفت عمليات المساررة بعض الوقت من أجل تجنب أي اختراق من اليمين المتطرف. 

 

2 - الروابط بالأحزاب اليسارية

ان روابط الماسونية عامة والحق الإنساني، خاصة باحزاب اليسار هي خالية من أي التباس 

فعندما نبذت فرنسا خلال الانتخابات التشريعية التي جرت عام 1924 الأكثرية اليمينية المنتخبة عام 1920 المسماة (( الغرفة الزرقاء الأفق، ابتهج الحق الإنساني، بانتخاب اكثرية مؤلفة من الراديكاليين ومن الاشتراكيين والتي عرفت به (( کارتل اليساريين Cartel des Gauches )) . في عام 1936 كان انتخاب أكثرية أطلق عليها اسم (( الجبهة الشعبية )) ، وهي مؤلفة من مجمل أحزاب اليسار ومن ضمنهم الشيوعيين، قد أيقظ داخل الحق الإنساني، كما في القسم الأكبر من البلاد الأمل والحمة. وكانت الجمعية العمومية العام 1936 قد طلبت من الحكومة الجديدة للجبهة الشعبية الالتزام بتحقيق برنامجها بالكامل ووجهت إليها التهاني لأنها عينت في داخلها بعض النساء على هذا النحو وفي الوقت الذي لم يكن فيه للنساء حق الانتخاب بعد، عن ليون بلوم (Leon Blum) 

رئيس الوزراء، على سبيل المثال، إيرين جوليو كوير (Irene Joliot - Curie) وكيلة وزارة للبحث العلمي. في هذا الإطار نذكر هنا أيضا بان مارك روکار (Marc Rucart) (ولد عام 1893 وحصل على مساررته سنة 1916 في محفل فرنسا الاكبر وانتسب إلى الحق الإنساني في عام 1928. كما كان المستشار القومي للاتحاد الفرنسي لعام 1933 وفي سنة 1934 دخل إلى المجلس الأعلى، حيث أصبح رئيسا للقضاة ووزيرا للعدل) قد عهدت إليه حكومة بلوم بحقيبة وزارة العدل ثم وزارة الصحة في حکومتي شوتان ودالادبية (Chautemps , Daladier) . 

96 

 

غير أن العلاقات مع الحزب الشيوعي منذ عام 1922 كانت صعبة، في هذا التاريخ وأثناء المؤتمر الثالث للبلاشفة، أعلنت الأممية الثالثة (كومنترن Komintern) أن الانتماء إلى الماسونية 

وإلى رابطة حقوق الإنسان لا يتوافق مع الشيوعية. إن زينوفييف (Zinovie?) أحد رفاق لبنين (1870 - 1924) هو الذي فرض على المناضلين ما سمي الشرط الثاني والعشرون، (إن انتساب الأحزاب الاشتراكية إلى الأممية الثالثة (الكومنترن) عام 1919 كان يتضمن 21 شرطا)، بترك الماسونية ورابطة حقوق الإنسان، إذ إن هاتين المؤسستين كانتا تعتبران ذات روحية بورجوازية. 

كما هو معلوم، فإن العديد من المهاجرين الروس ضحايا ثورة 1917 التجاوا إلى فرنسا، فأنشأ من أجلهم اتحاد الحق الإنساني )) في سنة 1927 محفل (( أفرورا Avrora )) الذي يعمل باللغة الروسية 

3 - السير نحو الحرب

في فرنسا حاول اليساريون من رجال ونساء إنقاذ السلام حتى نهاية المطاف، وأحيانا على حساب الوضوح. لقد برهن دائما ماسونيو الحق الإنساني، بقوة عن هذه الإرادة. بالفعل إن الحق الإنساني، المسالم بطبيعته ونتيجة تنظيم الدولي بتموضع بالتحديد فوق الأحكام المسبقة القومية أو العرقية. عندما افتتح المؤتمر العام لنزع السلاح في جنيف عام 1932 كانت الجمعية العمومية الماسونية في عام 1931 قد صوتت على النزع الشامل للسلاح، کمسالة اجتماعية قد جرت معالجتها أثناء السنة الماسونية 1931 - 1932. قائم نتائج هذا العمل: (( إن ماسونيي 

97 

 

الاتحاد الفرنسي المجتمعين في الجمعية العمومية القومية في 24 أيلول/سبتمبر، بعلنون وبتصميم بأنهم سلميون ومؤيدون نزعة عالمية وكاملا للسلاح وينددون بالأخطار الناجمة عن سياسة زيادة التسلح والدعاية السياسية القومية والأحلاف والمعاهدات السرية ووسائل الإبادة العلمية. لقد سجلت سنة 1933 الضربة القاضية لمؤتمر جنيف ولآمال الماسونيين. إذ بعد مضي عدة أشهر انسحب هتلر من المؤتمر وتبعنه بعض البلدان المشاركة ... فتوقفت بذلك معركة نزع السلاح. 

إن جعل الحرب مستحيلة يمكن التوصل إليه أيضا شرط أن يرفض الناس القيام بها. فمنذ سنة 1932، وقد يكون في خضم حركة أمستردام - بليبل (( Pleyel )) ، فإن (( الحق الإنساني، أيد معارضة الخدمة العسكرية، وهي معارضة غير شرعية قد حاول الحصول على الاعتراف بها بحسب القانون في فرنسا وإزاء جمعية الأمم. في عام 1933 طلبت محافل جنوب فرنسا تأسيس الخدمة المدنية الطوعية والمجانية بدلا من الخدمة العسكرية. | 

في عام 1938، كتب الأخ أورباك (Hauriac) أمين السر العام الأكبر للمجلس الوطني في تقريره ما بلي: (( لقد لفتت مشكلة السلام أنظار الجميع بصورة عامة واستثنائية. ويجب أن لا ندخر أي جهد في سبيل المحافظة على السلام، هذا السيد الصالح، وذلك لإبعاد شبح الحرب، هذا الوحش المقيته. لقد تم التلفظ بهذه الكلمات في 23 أيلول/سبتمبر أي قبل بضعة أيام من انعقاد مؤتمر ميونيخ، حيث أيد قادة الديمومقراطيات الغربية أدولف هتلر حول مسألة السوديت، معتقدين أنهم بذلك سوف يتجنبون الحرب 

98 

 

لقد جاء في التقرير الاجتماعي لعام 1938 أن الحق الإنساني، وبفعل وجوده بحد ذاته لا يمكنه أن يقبل الحرب، بالتالي، فهو يحتقر السفسطة التي تدعي أن الحرب لا مناص منها من أجل إيقاف هتلر والفاشية الدولية. هكذا، فقد ظل الإخوة والأخوات في الحق الإنساني، وحتى اللحظات الأخيرة يؤمنون بإمكانية الحفاظ على السلام. وأعلن والمعلم الأكبر، هنري بيتي أمام الجمعية العمومية في 24 أيلول/سبتمبر 1938 أن الهيئات العليا للمنظمة قد وجهت إلى رئيس جمهورية الولايات المتحدة فرانكلين روزفلت برقية لدعم السلام 

هذه الإرادة الراسخة لمنع الحرب، التي قد تعتبر عنيدة أو ساذجة في وقت كانت فيه الدكتاتوريات الأوروبية واليابانية تحضر أسلحتها، أليست مدعاة إلى التساؤل؟ ولكن ذاك الإيمان لا يترك أي مكان للمحاباة مع هذه الأنظمة التسلطية. لذا أعادت الجمعية العمومية لعام 1938 التذكير بالدعم المادي والمعنوي الذي يقدمه الحق الإنساني )) للاجئين الإسبان ضحايا الحرب الأهلية وقمع فرنكو (Franco) ، وفي السنة نفسها أرسلت كلمة تعاطف إلى الرئيس بينيس (Benes) وإلى الأمة التشيكوسلوفاكية. أخيرة، اقترح أحد القرارات إقصاء الماسونيين الذين يوافقون على الدكتاتورية أو على مبدأ التفوق العرقي. 

- الحرب العالمية الثانية

لقد نالت الحرب العالمية الثانية وبقسوة من جميع التابعيات الماسونية. إن الحق الإنساني، لم يستثن هو أيضا. فقد أعلن النظام الفيشي حل الجمعيات الماسونية. وفي 27 حزيران (يونيو 1940 أي بعد خمسة أيام من توقيع الهدنة مع الجنرال پيتان 

 

(Petain)، أقفل الألمان بالشمع الأحمر مقر المركز الرئيسي للمنظمة والاتحاد الفرنسي، في 5 شارع جول - بروتون. فنهب الهيكل بصورة كاملة وصودرت الوثائق. أخيرا، في 27 شباط / فبراير 1941 أعلنت حكومة فيشي البطلان القانوني للاتحاد الفرنسي والحق الإنساني )) ، غير أن السلطات الماسونية كانت قد طلبت منذ عدة أشهر من المحافل الامتناع عن أي اجتماع علنين 

انخرط أعضاء الحق الإنساني، في حركات المقاومة اليعبروا بهذه الطريقة عن رفضهم الطبيعي لطروحات المحتل العنصرية والقيم المناهضة للجمهورية والديموقراطية التي نشرتها ألمانيا النازية في أوروبا وحكومة فيشي في فرنسا. إننا نشير بهذا الخصوص إلى حالة مارك روکار (Marc Rucart) صاحب الدرجة العليا في المنظمة، فلقد رفض في آب/أغسطس 1940 توقيع القسم الذي فرضه فيشي فتمت تنحيته عن مسؤولياته كمستشار عام لمنطقة الفوج 

بالنسبة لفرنسا كانت الوثائق لبليغة، فدراسة ملفات الرجوع العودة إلى الماسونية بعد إبعاد قسري لأعضاء 24 محفلا (من اصل 70 محفظ قائمة قبل عام 1939) يسمح بإقامة بيان تقييمي خاص بمدن باريس وتور (( Tours )) ولافال (( Laval )) وسومور Saumur )) وأنجيه ونانت (( Nantes )) وروان Rouen )) وبوردو Bordeaux )) ولبل (( Lille )) وتروا (( Troyes )) وإيون (( Lyon )) ونبس (( Nice )) (ثلاثة فقط من هذه المحافل كانت في المنطقة الحرة) . في عام 1938 كان تعداد أعضاء مجمل هذه المحافل 1060: توفي منهم 58 بين 1938 و 1946 و 15 قتلوا في المنفى أو أعدموا بالرصاص. ومن أصل 987 من الباقين تشهد ملفات 160 منهم على أعمال مقاومة (حوالي 16 بالمئة من الاتحاد الفرنسي) . يجب تناول هذه الأرقام بحذر إذ أن بعض الأعضاء لم يطلبوا أبدا 

100 

 

الرجوع إلى المحافل. لذا فإننا لا نعلم ما هي نشاطاتهم أثناء الحرب. إن الملفات المدروسة تكشف عن عقلية مقاومة فالمؤيدون للمقاومة كانوا يعملون بشكل يومي في كل أوروبا وتحت أشكال متنوعة: مساعدات مادية، إيواء من هم مطرودون، يهودا كانوا أم غير يهود، وأيضا دعم مقدم لشبكات المقاومة. كما وزعت المناشير والجرائد السرية، وطبعت بطاقات الهوية المزورة وثقلت المعلومات. 

انخرط البعض الآخر بشكل أكثر فعالية في الحركات والشبكات السرية: يشهد على هذا الانخراط 65 ملفا. لقد اتجه ماسونيو الحق الإنسانية في غالبيتهم نحو حركتين هما: الجبهة القومية والتحرير - الشمال )) . أنشئت الأولى عام 1941 من قبل الحزب الشيوعي الفرنسي، وكانت تسعى إلى الانفتاح على جميع التيارات السياسية، منصرفة عن (الكومنترن Komintern) . وبعد أن انزعج الشيوعيون طويلا من الميثاق الألماني - الفرنسي دخلوا بكثافة في النضال ضد ألمانيا على أثر هجوم أدولف هتلر على الاتحاد السوفييتي في حزيران/يونيو عام 1941. وهنا يمكننا أن نتساءل عن السبب الذي دفع ماسونيي الحق الإنساني، إلى الالتحاق بهذه الحركة في حين كانت معروفة الصعوبات التي وضعت الحزب الشيوعي في مواجهة الماسونيين إبان الفترة التي سبقت الحرب (الشرط 22) . هنا يوجد تفسيران ممكنان: الأول، هو أن الحزب الشيوعي قد طور منذ خريف 1942 ونحت إلحاح ستالين نفسه إستراتيجية تحالف من نوع الجبهة الشعبية، مع النقابيين والاشتراكيين، مجمدة بذلك المطالب الثورية، لصالح العمل المباشر، وفي 4 تشرين الأول (أكتوبر) 1944 تراجع الحزب الشيوعي عن (( الشرط 22، وذلك بسبب العلاقات التي توطدت إبان 

101 

 

الحرب بين الشيوعيين وبين الماسونيين، خصوصا في بعض معسكرات الاعتقال حيث وجدوا إلى جانب بعضهم بعضا، كما في رافنسبروك (( Ravensbruck )) مثلا. أما التفسير الآخر، فيكمن في فعالية الشيوعيين، فابتداء من 1942 كان حضورهم الفعال على الأرض قد جعل الانقسامات ذات الطابع السياسي في غير محلها. 

مهما يكن من أمر، فإن الماسونيين الذين لعبوا دورا بارزة داخل حركة المقاومة هذه كانوا كثرة. ففي بوردو كان ريمي بوايو (Remi Boyau) مسؤولا عن عدة مجموعات من المقاتلين في منطقة مو - ميدوك (( Haut - Medoc )) . يمكننا ذكر أسماء أخرى مثل الأخ شاجول (Gajol) في روان، وراوول هيدمان (Raoul Hiedmann) وكاميل كلافييه (Camille Clavier) وإدوار غيستا (Edouard Gesta) في باريس، ومارسيل برسيل (Marcelle Persille) في ليل، وشارلوت روبان (Charlotte Robin) في ليون. 

(Gajol, Raoul Heidman, Camille Clavier, Edouard Gesta, Marcelle Persille, Charlotte Robin) . 

لقد كان للحركة فرعها المسلح، وهو فرقة القناصين والمناصرين، فالأخ أندريه بروسلان (Andre Brucelin) (من محفل باريس، كليمنص روائية الموجود أثناء الحرب في مدينة غرونوبل (Grenoble) ، حيث كان يملك شركة للأشغال العامة مسماة سيريب SERB )) ، وضع آلياته في خدمة نقل الجيوش لحساب الفرع المسلح. فقام بنقل رجال المقاومة والمصابين والأسلحة وأمن بطاقات هوية جديدة للذين كانوا مهددين من قبل الستو STO، (الخدمة الإلزامية للعمل) ??? 

في تموز/يوليو 1944 انضم ثلثا العاملين في مؤسسته إلى الحركة المسلحة والجيش السري أو إلى الألوية الإسبانية. 

102 

 

أما حركة التحرير - الشمال فقد انضم إليها ماسونيو (( الحق الإنساني )) : فكان مارسيل بريتبون هو الكابتن شاربون، وكلود إيبير ابنة مارغريت مارتان كانت باكيتا كلود )) (Marcel Bretillon 

،(le (( Capitaine Charbon, Claude Hebert Paquita Claude )) 

الملحقة في مكاتب التحرير - الشمال. في حزيران/يونيو 1944 وزعت مارغريت بيرسو (Marguerite Perceau) الجرائد؛ وشاركت ماريان فيرجيه (Marianne Verger) في لجنة العمل الاشتراكي التي تكونت سنة 1941؛ وروجيه ببلار (Roger Billard) كان هو المسؤول عن جماعات فرنسا - الانتقام. 

لقد أشرنا آنفا إلى الدور الذي قام به مارك روکار (Marc Rucart) ، فقد أنشأ في مدينة تولوز (( Toulouse )) المكتب الرابع للجيش السري، وساهم كعضو مؤسس في المحفل السري باتريام ريکوبيرار )) (( Patriam Recuperare )) . 

ولدي تكوين المجلس الوطني للمقاومة في 27 أيار/ مايو 1943 الذي ضم جميع الحركات تحت إدارة جان مولان (Jean Moulin) ، كان مارك روکار هو ممثل الحزب الراديكالي المنطقة الشمال، فبين سنتي 1939 و 1942 عهد المعلم الأعظم هنري بوتي (Henri Petit) إلى هذا الأخ بعدة مهمات في لندن وأمستردام والجزائر. ونذكر هنا بأنه أنتخب عام 1947 (( كنائب المعلم الأعظم )) ، وهي مسؤولية ظل يحتفظ بها حتى سنة 1952. 

لقد أنشأ المجلس الوطني للمقاومة بناه الإقليمية وهي: لجان المحافظات واللجان المحلية للتحرير التي نجد فيها ماسونيين من الحق الإنساني، مثل كلوفيس كونستان (Clovis Constant) في نانت، وكامبل كلافييه (Camille Clavier) وإدوار جيسنا 

103 

 

(Edouard Gesta) في باريس ولوسيان بواسان (Lucien Boissin) في أنجبه. 

كما وجد بعض ماسونيي الحق الإنساني، داخل أجهزة فرنسا الحرة، في لندن والجزائر. فاحتل الأخ سوفريه (Sevre) مركزة في اللجنة المالية للبعثة الإقليمية لمجموعة المقاومة الشعبية الفرنسية، فهنأه بيير منديس فرانس (Pierre Mendes France) بعمله هذا. أما الأخت ماريان فيرجيه (Marianne Verger) فهي عضو في الجمعية الاستشارية المؤقتة التي أنشئت عام 1943. هذه الجمعية التي هي الجهاز التشريعي الفرنسا الحرة، هي رمز الاعتراف السياسي بالديموقراطية. والأخت مارسيل موسون (Marcelle Mossom) سكرتيرة القنصلية البريطانية في الدار البيضاء قد نظمت رحلات منخفية نحو إنكلترا. وكان عليها أن تهرب إلى الدار البيضاء ثم طنجه (( Tanger )) ثم ليشبونة (( Lisbonne )) وبعدها إلى إنكلترا لتلتحق بالجنرال ديغول (De Gaulle) . لقد ساهمت هذه الأخت في إنشاء محفل (( كونكورد الدولية في لندن الذي أسسه اللاجئون. 

5 - نهضة الاتحاد الفرنسي

بالاتفاق الكامل مع المجلس الأعلى المختلط الدولي، كان المجلس الوطني للاتحاد الفرنسي هو منذ التحرير في حالة انشغال باستئناف رسمي للأعمال في مشاغلنا )) . جاء هذا النص في مقدمة المنشور المرسل من قبل المجلس الوطني إلى رؤساء المشاغل على الأقل إلى تلك التي بقي لها أثر منذ أعوام 1944 ? 1945. لقد كرم المجلس الوطني في هذا المنشور ضحابا الاضطهاد الألماني وحكومة فيشي وحيا الذين استطاعوا مواجهته 

104 

 

كما حدد القواعد التي يجب أن تسبق استئناف أعمال المحافل. ولكن مع الأسف لم يسجل تاريخ لهذا المنشور. 

ولقد تقرر فيه أن (( كل أخ أو أخت يطلبان استعادة مكانهما على أعمدة الهيكل عليهما أن يسلما إضبارة تعتبر كطلب الرجوع، وعليها قسم يمين نموذجي مكتوب بخط اليد في أسفل هذا الطلب 

إن إحدى أوليات استمارات الرجوع تعود إلى تاريخ 20 تشرين الأول/أكتوبر 1944، وقد كتبها ماريوس ديبورد (Marius Desbordles) ، الذي كما هو معلوم قد استقبل عنده الاجتماع الأول للمجلس الوطني في 2 أيلول/سبتمبر 1944 يوضح هذا المنشور أن كل أضابير الاتحاد قد (( أتلفت، بلا شك بين 12 أيار/مايو و 27 حزيران/يونيو سنة 1940، وهو تاريخ ختم المقار بالشمع الأحمر من قبل الألمان. لذا اعتبرت هيئات محفلنا وكذلك محافل التابعيات الماسونية الأخرى أن جميع الماسونيين عليهم أن يمروا بمسار الرجوع. لماذا هذا الخيار؟ إن الرجوع (3) يطبق على الماسوني الذي شطب أو أقصي على أثر محاكمة، والذي قد قررت الهيئات المعنية إنقاذه من هذا العقاب. كان من الممكن افتراض أن الأعضاء هم مدعوون بالأحرى إلى 

استئناف النشاط )) ، وهي عبارة مستخدمة عندما يتعلق الأمر باخ مستقبل (( قد طلب استعادة القوة والحمية .. إن هذا الخيار بعكس بالطبع الإرادة التي عبرت عنها هذه الهيئات في الاحتفاظ لنفسها بحرية قبول أو رفض الأعضاء الذين يطلبون استئناف نشاطاتهم 

الماسونية 

وهكذا أرسل بعض الماسونيين، الذين بقوا في الحقيقة على صلة خلال سنوات الاحتلال، إلى المجلس الوطني للاتحاد 

105 

 

الفرنسي طلباتهم من أجل إعادة فتح محفلهم. نشير هنا إلى محفل (( جورج مارتان، في باريس الذي كان من بين المحافل الأولى التي أبدت تلك الرغبة. ففي 22 أيلول/سبتمبر 1944 وبعد عشرين يوما من الاجتماع الأول للمجلس الوطني طلب أحد عشر أخا وأختا إيقاظ المشغل، وبين شهري أيلول/سبتمبر وكانون الثاني / يناير 1945، وهو التاريخ الذي أعطى فيه المجلس الوطني الإذن باليقظة، ملا المتقدمون إحدى عشرة استمارة طلب الرجوع ووقعوا القسم. لقد أعطي الإذن في 24 كانون الثاني / يناير من السنة المذكورة. ترتب على هذه الموافقة رجوع الأعضاء المصرح لهم بإيقاظ المحفل. إلا أن المساررة لم تكن بعد مسموحة، ولم 

ستانف إلا في أيار/مايو 1945. في 30 كانون الثاني / يناير من السنة التالية لفت منشور المجلس الوطني الانتباه أيضا للحذر الذي يجب توخيه أثناء الشروع في عملية الاختيار (( غداة سنوات فظيعة قد قاسينا منها الكثير )) . في كل الحالات لقد أعطى هذا الإذن تحت مسؤولية المعلم الجليل، أو الناظر الأول إذا خلا ذاك المنصب كما جرى في محفل وماريا دوريسم، المستأنف أعماله تحت مسؤولية الأخ کاريه (Quarre) ، بالنيابة عن المعلم الجليل نووليرز (Nauwelacrs) ، الذي كان ما يزال مجندة عند إعادة افتتاح المحفل في 26 كانون الثاني / يناير 1945. ولكن طرحت مشكلة المحافل التي لم تسترجع بعد قواها كي تتمكن من متابعة أعمالها. لذا أدمج، أعضاؤها في المحافل الأكثر قربا؛ إذ أشار المنشور السابق بشكل محدد إلى أنه: (( عندما يوجد في الشرق، نفسه عدة محافل وبعضها غير مصمم على أن بعاد فتحه، فعلى أعضاء كل منها الراغبين في أن تقبلوا مجددا في الماسونية أن يتقدموا ككتلة واحدة إلى المشغل نفسه، وهذا بدوره يوجه الطلبات المستلمة إلى المجلس الأعلى ويلتمس إذنا بدراستها. هذه الطلبات يجب أن 

106 

 

يؤشر عليها الجليل، أو الحبر الذي ينوب عنه في المحفل المعلق، وهذا الأخير عليه أن يذكر للمجلس الوطني الدوافع التي تبرر إقفال المحفل )) . 

وما أن يعود المحفل إلى أدائه الطقوسي فيمكن عندها متابعة تقديم طلبات الرجوع. فإن الأخ أو الأخت كان لزاما عليهما أن قدما طلب الرجوع إلى المحفل الذي كانا ينتميان إليه قبل الحرب. فمجمع أحبار المحفل يدرس الطلب وصدر المعلمون قرارة معللا بعد قراءة التحقيقات النظامية واستمارة الرجوع. فيرسل إلى المجلس الوطني القسم الذي وئيه المريد وقرار المحفل ولا يصبح الرجوع نافذة إلا بعد موافقة هذا الأخير. 

و لم نتمكن هنا من دراسة أي من هذه التحقيقات النظامية )) ، التي هي في حوزتنا (ثلاثة بحسب أندريه كومب (Andre Combes) (9) ، ولكننا نعلم في المقابل ما هي القواعد التي كان يجب اتباعها، وقد نبه لها المنشور الذي أشرنا إليه آنفا: (( إن الإخوة والأخوات من كافة الدرجات والذين لا لبس على نظاميتهم وظلوا أوفياء لمثالنا الأعلى سيرجعون بدون صعوبات، ... وسيتم إقصاء أو إرجاء قبول الأعضاء غير المرغوب في وجودهم ... وعلى الأخص كل الإخوة والأخوات الذين أعطوا للعدو أو لحكومة فيشي البراهين على دناءتهم أو على تواطئهم )) . 

إن القرار سيصدر بداية عن المحفل: والمعلمون، وحدهم لهم حق التصويت، فيجب أن يحصل المرشح على أربعة أخماس الأصوات الناخبة ولكن الرجوع لا يصبح نهائيا إلا بعد موافقة المجلس الوطني. وهكذا صدر إشعار واحد برفض الرجوع إلى محفل كليمنص رواييه (Clemence Royer) . إن الإشعار بصدر عن اللجنة الدائمة للمجلس 

107 

 

الوطني المؤلفة آنذاك من المستشارين الوطنيين للمنطقة الباريسية. وفي هذا الظرف تتحول هذه اللجنة الدائمة إلى الجنة تطهير .. 

ثم لقد وجدت بعض الملفات المرفوضة، ولكنها قليلة جدا أربعة فقط بالنسبة للمحافل الباريسية). 

لا بد هنا من تقديم ملاحظتين: 

- إن الملفات المتنازع فيها هي دائما تلك التي يرفضها المجلس الوطني الذي يحرص بلا شك على عدم المجازفة بإرجاع عضو كان تصرفه خلال الاحتلال مدعاة إلى الانتقادات.

- إن الأعضاء الذين ترفض إرجاعهم كان لهم على الدوام مدافعون متحمسون من بين الإخوة والأخوات ما يجعل من المستحيل التأكيد اليوم على صحة الأعمال التي نسبت إليهم.

إن معظم عمليات الرجوع قد حصلت بين عامي 1945 و 1946، مع هذا فقد بقيت مستمرة بشكل منتظم حتى عام 1953، وظل بعضها يحصل استثنائية حتى عام 1961. 

إن أكثر من نصف أعضاء الاتحاد الفرنسي لم يجدوا طريق العودة إلى الهيكل. فالوفاة والشيخوخة والدوافع غير الكافية للمجازفة بان ينتابهم مجددا القلق .. تلك هي الأسباب التي تفسر أن الاتحاد الفرنسي مثل سائر التابعيات الماسونية في عام 1945 بدا أنه ينزف. غير أن الجمعية العمومية الأولى لما بعد الحرب قد انعقدت في أيلول/سبتمبر 1945 نحت إدارة مارغريت مارتان (Marguerite Martin) رئيسة المجلس الوطني. لقد احتاجت النهضة إلى سنوات طويلة. ففي سنة 1953 لم بشكل عدد أعضاء الاتحاد الفرنسي سوى ثلثي ما كان عليه عام 1938. 

108 

 

5 - الإنجازات

ا. مقترحات لتحسين المجتمع

منذ أولى السنوات التي مضت على بدء نشوئه برهن الحق الإنساني، عن اهتمامه بالمشاكل الاجتماعية والسياسية لعصره. فالمؤسسون نساء ورجالا ملتزمون النضال من أجل كسب حقوق جديدة وتحسين الشروط المادية للحياة. من هنا تناول المحفل رقم واحد قضايا حقوق المراة وعمل النساء في الصناعة وجرائم ومحاكم الاطفال والإدمان على الكحول وصحة النظر وكذلك الحق النقابي للموظفين وعلاقة رأس المال بالعمل والضمان الاجتماعي وأيضا غلاء المعيشة. كما أن العديد من المواضيع المطروحة على بساط البحث في مجمل المشاغل تعكس الحرص نفسه على العدالة والإدراك الثاقب الحقائق العصر في روحية مستقبلية 

بعد التصويت على الدستور عام 1920، تابعت الاتحادات والمحافل المرجعية هذا التعمق في إشكاليات تلك المرحلة دون أن تدعي يوما بأنها تسعى إلى الحلول محل الاختصاصيين في أبحاثهم (علماء الاجتماع، الاقتصاديين والسياسيين) ، لا بل مقاربة هذه المواضيع من زاوية مختلفة ومن وجهة نظر أكثر شمولا وأكثر إنسانية، ولعلها أكثر طوباوية، أي بعبارة مختصرة من وجهة نظر ماسونية، بموازاة هذه الدراسات المنجزة التزم العديد من هذه المحافل الأعمال الاجتماعية. 

إن الماسونيين ووفاء لمبدا الماسونية الأساسي في التسامح خصصوا له العديد من الأبحاث، هاكم بعض النماذج 

109 

 

شهدت مرحلة ما بين الحربين العالمينين صعود الفاشية وعدم التسامح، لذلك ومنذ سنة 1934 عولجت مسألة العرق والأساليب الحكومية. وبذت خلال هذه الدراسة فكرة الأعراق الصافية أو الأعراق المتفوقة. وتم التأكيد أن العنصرية لا ترتكز على أي مستند علمي وهي تشكل خطرا دائما ينذر بوقوع الحروب، خصوصا عندما بنغذي البغض بين السكان بمهارة. في عام 1850 وبالروحية نفسها جرى التعمق في إعلان حقوق الإنسان لعام 1948، وفي عام 1987 سعت الجمعية العمومية إلى معرفة الطريقة التي سيها بها مجتمع الغد المتعدد الإثنيات والمتعدد الثقافات حيث يستطيع كل إنسان عيش اختلافه داخل الأمة الواحدة؟. 

إن الحق الإنساني، هو المحفل الماسوني الأول الذي سمح للمرأة بالعمل في داخل المحفل مع نفس حقوق وواجبات الرجل. فمنذ نشوئه كان من المنطقي إذن أن بطالب لها بالتعامل نفسه داخل المجتمع. لقد قام المحفل رقم ا وقبل الحرب العالمية الأولى بوضع جدول بالإصلاحات المرتقبة، فدرس إمكانية حصول المرأة على بعض الحقوق في الزواج والطلاق (1908) . ووضع الاتحاد الفرنسي قيد الدرس مسائل تتناول ضرورة منح النساء حق التصويت وصفة المواطنة وحق التعلم وحق ممارسة بعض المهن. وجرى البحث أيضا في واجبات المرأة في المدينة وفي المجتمع. فحتى تاريخ حصول النساء على حق التصويت سنة 1945، ضاعفت محافل بالحق الإنساني، الأعمال والمداخلات إزاء الهيئات السياسية، واليوم تسعى المحافل في أميركا الجنوبية (الأرجنتين) لجعل انقطاع الحمل المسموح به في فرنسا منذ عام 1975 مقبولا به هناك أيضا. 

110 

 

بموازاة ذلك، ومنذ عام 1908 كانت إحدى أكثر المسائل المعالجة مرارا وتكرارة هي موضوع الأطفال والتربية. لقد جرى البحث مطولا في موضوع الأطفال البائسين واللقطاء الذين يعاملون بقسوة، فكان هناك إذن رغبة عميقة في تغيير تنظيم الرعاية العامة للتدليل على المسؤولية الملقاة على المجتمع. 

لأول مرة، وفي عام 1959 صدر عن الحق الإنساني )) القرار بإعداد (( شرعة الطفل. لقد اقترحت المحافل بين سنوات 1920 - 1930 تمديد إلزامية التعليم من 12 إلى 16 سنة وزيادة المنح الدراسية وتأسيس متابعة صحية - تربوية وتطوير التوجيه المهني. بين عامي 1924 و 1925 عندما كان يجري الكلام على المدرسة الوحيدة، بقصد بها تلك التي تجمع بين التدريس الابتدائي والثانوي والجامعي. 

بعد الحرب العالمية الثانية أخذ الحق الإنسانية في الدفاع عن النموذج العلماني. وأمام المشاكل التي طرحتها فورة الولادية 

baby - boom )) في السنوات التي تلت الحرب أصبحت المسألة الموضوعة على جدول أعمال المحافل عام 1962 تتناول ديموقراطية التعليم، وسنة 1963 بحث الحق الإنساني، في صراع الأجبال. فأحداث عام 1968 طرحت هذه الأسئلة بطريقة عنيفة على المجتمع الفرنسي بأكمله. لقد ظل الطفل هو الذي يستحوذ على التفكير الماسوني في الحق الإنسانية مع دراسة التربية المدنية المواطن الغد ومع البحث الأقرب عهدأ حول موضوع مؤلم هو سوء المعاملة. 

إن المذابح التي سببتها الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918 أدت إلى التعمق الشديد في موضوع السلام، حتى أن محفل الجزائر اقترح تدريسه في المدارس. وفي سنة 1927 بحث 

111 

 

الماسونيون الفرنسيون في التنظيم الدولي للسلام ورأوا أن تحول الشعوب نحو الديموقراطية هو وحده الكفيل بجعله ممكنا. فاقترح 

الحق الإنساني، على جمعية الأمم بأن يترك ممثلو الأمم المكان الممثلي الشعوب (جمعية الشعوب) . وجرى تقديم العديد من الاقتراحات في الجمعيات العمومية، كتقوية جمعية الأمم وحظر الحملات الصحافية الشوفينية واعتماد لفة وعملة دوليتين وإلغاء الحواجز الجمركية ومضاعفة التبادلات الثقافية، كذلك نزع شامل للسلاح وإلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية والاعتراف بمعارضة الخدمة العسكرية وإزالة الأسلحة الثقيلة 

منذ ثلاثينيات القرن الماضي، نادي الماسونيون بتحقيق ولايات منحدة لأوروبا في منظور بعبد من أجل بناء مثالي الولايات متحدة للعالم أجمع. في سنة 1948 وضعت على جدول الأعمال مسألة الفيدرالية )) : فتم التأكيد في هذا الجدول على أن التنظيم الفيدرالي، هو وحده القادر على إنقاذ أوروبا العجوز. اثناء توقيع معاهدة روما التي وضعت أسس السوق الأوروبية المشتركة، كان الحق الإنسانيه يعالج موضوع التكون الملع الأوروبا، فلتاريخ اقرب عهدأ قدمت اقتراحات في سبيل تحضير العقليات كي يفكر كل واحد تعابير أوروبية ويعمل بها.| 

إن الحق الإنساني )) يسعى إلى تعجيل قدوم عالم جديد ومجتمع لا مكان فيه للمنفعة الفردية. كما أنه يهدف إلى إقامة المساواة الاقتصادية بين الأفراد وإحلال السلام بين الشعوب. فبعد التحرير هو ينصح بالعمل على إلغاء التروستات (( les trusts )) من طريق التاميمات الفعالة وبدون تعويضات، وان يتحول ماسونيوه إلى صانعي النظام السياسي الديموقراطي العلماني والاجتماعي الحقيقي. 

112 

 

خلال الثلاثينيات المجيدة، مرت فرنسا بمرحلة من العمالة الكاملة، فكان تنظيم عالم العمل هو الذي يشغل محفل والحق الإنساني )) ، كما عالج في سنة 1964 أهمية الحركات النقابية. أخذت البطالة منذ عام 1973 تستنزف النمو الاقتصادي، إن مسائل كثيرة شهدت على الأهمية التي يوليها الماسونيون لهذه المشكلة، وذلك عبر تساؤلاتهم حول البعد الجديد للعمل. 

إن الإعلام وانتقال الأفكار والأشخاص أصبحا حاجة أساسية بالنسبة للماسونيين الحريصين على التقدم والحرية. لذلك عولجت في سنة 1975 مسألة (( حرية تنقل الأشخاص والأفكار )) ، ولكن ايضأ دون إغفال مخاطر الاتصالات: إذ في عام 1968 عملت المحافل على موضوع (( شرطنة الإنسان في المجتمع الحديث 

le conditionnement de l ' homme 

ء، وفي سنة 1984 كان البحث هو أنواع التلاعب السياسي بالأفكار. كما تناولت ايضأ عام 1991 دور ومسؤولية ونفوذ وسائل الإعلام )) . فطرح السؤال لمعرفة كيف تصنع المعلومة وكيف يمكن الحفاظ على الحس النقدي وحرية التعبير. أخبرة وفي سنة 1995 رح سؤال أوسع حول دور المالتيميديا (وسائل الإعلام المتعددة وحول خطر التلاعب بالحواس بواسطة الصورة الوهمية، وهي أخطار محتملة قد تهدد الديموقراطية. 

كما كثرت الأعمال التي تتناول مشاكل أخلاقية كالتسالة (ه) والموت الرحيم والتلقيح الاصطناعي. إن مجموع هذه الدراسات تشهد على الوعي بأن المجتمع ويسير نحو اخلاقية جديدة (1970) ، أخلاقية تحاول المحافل رسم أطرها. 

(4) الضالة (Eugenisme) ، تعرف ب اعلم تحسين النسل

113 

 

إن ماسونيي الحق الإنساني، حريصون على احترام حقوق الإنسان في كل أبعادها. أحد الأمثلة الأكثر دلالة هو موقف هذا المحفل من الاستعمار. فلا ننسى أن المحفل المختلط الأول رقم 1 قد أنشئ عام 1893، أي في مرحلة الغزوات الاستعمارية التي سمحت بتشكيل الإمبراطوريات الكبرى البريطانية والفرنسية والهولندية 

إن الواقع الاستعماري ومنذ عام 1911 استرعي انتباه ماسونيي الحق الإنساني )) ، هذا ما تشهد عليه المسائل المعالجة مثل الأفكار المتعلقة بالاستعمار، والسود والبيض، والدم المختلط. وفي سنة 1927 وضع الاتحاد الفرنسي موضوع الاستعمار )) على جدول أبحاث المحافل، في تقرير محايد وواعد تم توضيح كل الجوانب العائدة إلى الحضور الأوروبي خصوصا في إفريقيا؛ فأظهر الأخطاء والنجاحات، واقترح محاور للتقدم واهتم بشكل أكبر بمصير النساء المرأة الملغاش Malgache عام 1908 والمراة الهندوسية والتعليم العلماني للنساء التونسيات عام 1909، إن احترام الشعوب وتقاليدها هو هاجس دائم: فقد جرت مساررة سكان محليين في هانوي Hanoi في محفل كونفوشيوس وفي بور سعيد في محفل الاستقلال. و في أديبار Adyar في الهند حيث أدارت آني بوزان جمعية للشبيبة الهندوسية مع الحركة الكشفية فتيان وفتيات الهند )) ، فقد شجعت أيضا على فتح محفل هندوسي. وفي سنة 1952 عبرت عن أمنيتها هذه في الكومنولث الهندي، (كومنولث أوف إنديان بيلز Commonwealth of Indians Bills) . وأملت أن تصبح الهند من الدومنيون dominion، أي أن تصبح جزءا من الكومنولث البريطاني. 

في فترة ما بين الحربين العالميتين ساهم النواب القادمون من محافل المستعمرات لحضور الجمعيات العمومية في إدراك 

114 

 

المشاكل التي سببها الاستعمار إدراك أكثر دقة، وقدموا تقارير عن سعيهم الشخصي إلى تحسين شروط الحياة والعمل للمراة هناك. 

عام 1924، كانت الدراسة المقترحة في البحث في المسألة الاستعمارية. لقد كانت الجمعية العمومية قلقة على مصير السكان المحليين فطلبت تمثيلهم في البرلمان، مع حق الشعب في التصويت، وقبولهم في كل المراكز الإدارية والعمل على توازن الأجور بين الفرنسيين وبين السكان الأصليين، كما طالبت بتوزيع أوسع للتعليم وإنشاء لجان صحية ومواجهة مشكلة الوفيات بين الأطفال. 

بعد سنة 1945 نالت الحروب والحركات الاستقلالية من المحافل؛ فلقد انطفأ الواحد تلو الآخر، وذلك منذ سنتي 1946 و 1947 في تونكون، وبعد عام 1960 في الجزائر، ثم في تونس. إلا أن الماسونيين حاولوا الصمود: ففي عام 1956 توقع محفل الجزائر إحياء مثلث وهران، وفي سنة 1961 سلم محفل تونس نظامه الداخلي مدونا بالعربية. وفي داخل الاتحاد الفرنسي )) ، ثم ضمن المجموعة الفرنسية وخاصة في إفريقيا، احتل ماسونيو الحق الإنساني، وبصورة إفرادية وظائف رسمية وحافظوا على شكل معين من الحركة. لقد كانت هذه حالة مارك روكار الذي شغل عام 1947 منصب رئيس مجلس الجمهورية لفرنسا ما وراء البحار ثم أصبح فيما بعد مستشارا سياسيا في شاطئ العاج وفولتا القليا (Haute - Volta) . وقد قدم روکار برنامجا لاستقلال البلدان الإفريقية. 

وإذا كان الماسونيون ملتزمين بقوة أن يدافعوا عن حقوق الإنسان فهم يسهرون دائما على القيام بواجباتهم: واجبات تجاه الأكثر ضعفاء الأطفال والعجزة (1973) ، وتجاه الأكثر حرصانة (1954) ... وأخيرا بدرس الاتحاد الفرنسي - الحق الإنساني مفاهيم القانون والقاعدة، ويعمل على وضع برنامج مجتمعي جديد 

115 

 

من أجل قيام التوازن بين الممنوع وبين المسموح. هذا المفهوم اللمسؤولية بطال بالطبع المشاكل البيئية أيضا: كيف هي الأرض التي سنصنعها لأولادنا؟ (1992) . في عام 2001 عولجت بنوع خاص مشكلة المياه سواء على الصعيد الوطني أم الدولي. 

وهكذا يتساءل الاتحاد الفرنسي منذ حوالي القرن عن كل مسائل عصره الهامة ويحاول أن يكون حاضرا في مجادلات المجتمع الكبرى. وهو يطمح إلى أن يكون خلاقة وواعدة، مدركا أن جميع قدرات الاقتراح التي يمثلها يجب أن توضع في خدمة الإنسان. 

إن جميع الاتحادات والمحافل المرجعية تعالج مواضيع اجتماعية تتعلق بها وتقيم فيما بينها أنواعا من العلاقات والتبادلات، وهي تتمثل في اللقاءات التي تجري أثناء الجمعيات العمومية الدولية أو أثناء اجتماعات الهيئات القومية. إن هذا يحصل على وجه الخصوص في أوروبا وبين فرنسا وبلجيكا وهولندا وسويسرا وإيطاليا وإسبانيا، فتسمح التوأمة بتطوير علاقات وثيقة بين مشاغل البلدان المتنوعة. كما تعقد مؤتمرات دولية بصورة منتظمة إلى حد ما في مدن مثل ريكيافيك (( Reykjavik )) وأمستردام وأثينا. 

يضع المشاركون تقارير عن المسائل المتعلقة بمجمل المنظمة الماسونية المختلطة الدولية: ففي عام 2003 عالج مؤتمر أثينا مسألة العالمية. كما تسمح النشرات الداخلية للمنظمة بانتقال المعلومات بين المحافل: بمكننا أن نذكر على سبيل المثال 

طبعة النشرة الدولية، التي تصدر كل ستة أشهر باللغتين الإنكليزية والفرنسية، وكذلك طبعة نشرة الاتحاد الفرنسي، ... 

116 

 

2 - العمل المسارري

وإلى جانب المسألة الاجتماعية تعالج سنوية جميع محافل الاتحاد الفرنسي موضوعة رمزية. فالماسونية في جمعية مساررية، إنها تدعو إلى عمل عليه أن يسمح لأعضائه بالارتقاء الروحي والمعنوي. إن الروحانية في الماسونية تتضمن التعمق في معنى الحياة ومستقبل الكائن البشري والإنسانية. إنه معني التوكيد الذي على أساسه بعمل الماسونيون من أجل بناء هيكل البشرية )) ، لذا فإن المواضيع المقاربة تتناول أولا واجبات كل منهم: كاحترام الالتزامات وضرورة تطبيق القيم الماسونية في العالم الدنيوي. إن التقدم المسارري يتطلب دراسة الرمزية دراسة معمقة. فلا يقترح أي معتقد أو تعريف أو وصفة، بل أن الأمر تساؤل دائم ونقد ثابت. بالطبع إن المحافل لا تكتفي بالعمل على المسائل السنوية، سواء على الصعيد الرمزي أم الاجتماعي، بل ينتج كل منها وبحسب ميوله ونقاط اهتمامه اعمالا رمزية اجتماعية فلسفية وتاريخية. 

د- الأعمال الماسونية

لقد عمل مؤسسو الحق الإنساني )) داخل الحركات الاجتماعية، وذلك منذ نهاية القرن التاسع عشر. بناء على هذا، كان الحق الإنساني، المنشغل بمصير المرأة في أساس قيام عدة جمعيات مثل جمعية لويز کوب وماري بيکبه دو فبين 

(Louise Koppe, Marie Bequet de Vienne 

لقد أنشات الأولى في العام 1891 بيت الأمومة، في بيل فيل (باريس حيث تم إيواء الصبيان ابتداء من عمر 3 إلى 6 

117 

 

سنوات والفتيات من عمر 6 إلى 12 سنة فكانوا يستقبلون في هذا المنزل، وتتم العناية بهم وأحيانا يجري إطعامهم إذا سمح الظرف بذلك. في عام 1894 استقبلت المؤسسة 804 أطفال. واستقرت في البداية في: 6 - جادة مونسوري (الدائرة 14 الباريسية) ثم في 26 - شارع مانان (الدائرة 20) . وقد اعتبرت المؤسسة ذات منفعة عامة؛ فقدمت المساعدة لعائلات فقيرة يمكنها أن تترك أطفالها أثناء الفترات العصيبة، ثم تسنعيدهم فيما بعد، الأمر الذي لم تكن تسمح به من قبل مصلحة الرعاية العامة 

أما الثانية - أي ماري بيكيه دو فين الملقبة بسد راهبة الرحمة العلمانية )) ، فقد أنشأت مؤسسة رضاعة الأمومة، وماوي الأمومة، وما زال واحد منهما قائما في 9 - شارع جان باتيست دوما (الدائرة 17) . إن هذه الجمعية تقدم العون للنساء اليائسات من أجل تجنب الإجهاض السري والتخلي عن الأطفال. كما أن السلطات العامة تعترف بها، ويمكن القول بأن قانون 17 حزيران / يونيو 1913 الذي أنشأ مصالح الرعاية الإلزامية للنساء الحاملات هو مستلهم منها إلى حد بعيد. 

لقد اعتبر ماسونيو الحق الإنساني، دائما أن عليهم واجب السعي من أجل تحسين المجتمعات. ولقد حاولوا تخطي الكلمات والافكار لوضعها ابدا بالأحرى موضع التطبيق. ففي فرنسا، ساهموا في فترة ما بين الحربين العالميتين في إنشاء مأوي للعجزة الماسونيين المسنين هو المأوى الأخوي، في اولنيه دو سانتونج (( Aulnay de Saintonge )) ؛ وفي جمعية نقطة الحليب )) ؛ وفي اللجنة الفرنسية لنجدة الأطفال، التي تأسست عام 1919؛ وفي بيت الطفولة، عام 1936، وفي مخيمات العطلات (( كلارتيه Clarte، في أرفويه (( Arfeuilles )) 

118 

 

يجب التذكير أيضا بأن التزام الحق الإنساني، هو حاضر في الكثير من الأعمال الاجتماعية. على سبيل المثال ومنذ بداية السبعينيات، وهي الفترة التي شهدت صعود البطالة، ساهم الاتحاد إلى جانب التابعيات الماسونية الكبرى في لجنة العمالة. تحمل هذه اللجنة اسم الاتحاد والتضامن والعمالة. نظرا لكون هذه اللجنة مبنية على المستوى القومي فهي تعمل بفعالية بفضل فروعها الإقليمية، كما أنها تسمح بالتنسيق بين عروض العمل وبين الطلبات ليس فقط للماسونيين بل أيضا لعائلاتهم وأقاربهم. 

انشا الاتحاد الفرنسي جمعية تسمى (( التعاون، انتريد). 

تمكن من إنجاد الإخوة والأخوات مؤقتا أو بصورة دائمة عند الحاجة، وتساهم أيضا في الكثير من الحركات التي تفيد في انتظام أو ما بين آن وأخر بتخفيف آلام المحتاجين (( الصليب الأحمر، النجدة الشعبية، مطاعم الفقراء (رستو دو کور) 

إن هذا المد التضامني بصل كذلك إلى العالم الثالث. فمحافل الحق الإنساني )) تشترك حاليا في تمويل (( جمعية الطفولة المعذبة، التي تهتم بأيتام التوغو [إفريقيا). وقد استقبلت حتى اليوم 20 طفلا، كما أن الإنجازات الجارية سوف تسمح في النهاية باستقبال 120 يتيمة. 

في سنة 1998 إثر دراسة المسألة الاجتماعية التي تم التصويت عليها في الجمعية العمومية الفرنسية حول موضوع سوء معاملة الأطفال، بادر محفل سيرينيتي، في مدينة فيتري - الو - فرنسوا (( Vitry 

- le - Francois )) إلى إنشاء حركة لصالح الأطفال والمراهقين المتشردين )) ، وذلك مع محفل جاك دو موليه (Jacques de Molay) )) ، في مدينة بيريرا (( Pereira )) (كولومبيا) .

119 

 

فانشا المشغلان مع مؤسسة وطفولات 232 فرنسا - كولومبيا،، وهي جمعية تأخذ على عاتقها رعاية عشرات الأطفال. 

كما أنها تنوي في عام 2002 إنشاء مدرسة الفنون والمهن التقليدية، في كولومبيا. 

120 

 

الفصل السابع 

لماذا الحق الإنساني، اليوم؟ 

في نهاية هذه المحاولة الدراسية طبيعي أن يطرح السؤال: لماذا يرغب بعض النساء اليوم وكذلك بعض الرجال في تلقي المساررة الماسونية في محفل والحق الإنسانيء؟ وكيف هي الحياة داخل المحفل؟ 

- لماذا الدخول إلى الحق الإنسانية في عام 2002؟

في العالم الدنيوي هناك بوجه العموم جهل كبير بالماسونية، فوسائل الإعلام قلما تتكلم عن مبادئها واعمالها، ولكنها سخية جدا في نقل الصفقاته، وتغذي الشائعات بوجود اخوة خفية ومتنفذة، مما لا يشجع إقدام الدنيويين على الدخول إليها، ولكن حتى لو حصلت (( الصفقات، فهي ليست الماسونية. 

إذن كيف يستطيع الدنيوي أن يطلع بصورة اصح على المسار الماسوني؟ 

إن دخول الدنيوي إلى الماسونية قد ظل طويلا غير ممكن خارج الانتخاب الرفاقي. فالماسوني الحائز عموما على درجة 

بالماسونية، فوسال نقل الصفقات، وتقلبين على الدخول 

121 

 

أستاذه على الأقل وهو على اتصال بالإنسان الدنيوي بصبح عرابه )) . هذه الرابة الاعتيادية، التي رغم ذلك ليست إلزامية تسمح بتذكير الماسوني القادم بأن القواعد التي تتحكم هي التي تتعلق بالشرف وليس بالصفقات. 

اليوم في انطلاقة التقنيات الحديثة في الاتصال والإعلام، يملك الحق الإنساني، موقعا على الانترنت، حيث يستطيع الدنيويون الاستعلام وطرح الأسئلة، بل أيضا طلب الانتساب. كما يقوم الحق الإنساني، وخلال أربع أو خمس مرات في السنة بالمضي في بحث فكري على موجات راديو فرنسا - الثقافة )) ؛ هذه البرامج الإذاعية تمكن الدنيويين من فهم أعمق للقيم التي تتمسك بها المنظمة. أخيرة ينظم (( الاتحاد الفرنسي )) على فترات منتظمة الكثير من المؤتمرات التي تستضيف الدنيويين. هذه هي حاليا الطرق المتنوعة التي تسمح للجميع بتكوين نظرة أكثر دقة عن المسار الماسوني 

عديدة هي التابعيات الماسونية، خصوصا في فرنسا. فلماذا اعتمد الحق الإنساني )) كخبار؟ لا شك أن الاختلاط هو عامل حاسم. ففي محفل (( الحق الإنساني )) يتجاور الرجال والنساء في مساواة كاملة، وباكتماله بغدو الاختلاط خلاقا، ويقدم إمكانية تغذية مستويات التساؤل من زاويتين مختلفتين. هذا الفارق وهذه المسافة ضروريان لتقدير حجم أية مشكلة، والماسونية كطريقة استقبال وتعبير عن الفكر البشري في بوتقة متميزة بعمل ضمنها الرجال والنساء العصريون والذين يسعون معا من أجل تقدم الإنسانية. 

إن المحفل هو عبارة عن عالم مصغر عن المجتمع، فالدين 

122 

 

والوضع الاجتماعي والتأهيل الثقافي والجماعة الإثنية لا تخلق جميعها أية عوائق، ففي الحياة الدنيوية يضطلع الرجال والنساء معا بالمسؤوليات العائلية ويعملون معا في قطاعات الأعمال نفسها، ويشتركون في الحياة النقابية والسياسية، وأيضا في الجمعيات، إنه لأمر منطقي أن يجتمعوا في الماسونية. هذا ما أدركه المؤسسون منذ عام 1893 وهو ما يجتذب حتى الآن الإنسان الدنيوي، إلا أن الحق الإنساني )) يسهر على تجنب هذه العثرة، أي تلك التي تجعل من الاختلاط ماسونية زوجية أو عائلية، فوجود الأزواج في الحق الإنساني، بقتضي على الدوام وفي البداية مسارة فردية يلزم الواحد كما الآخر. 

و إن (( الحق الإنساني، يتطلب من الدنيوي الراغب في الدخول إلى الماسونية أن يكون حرة وحسن المسلك )) . هذه العبارة التقليدية تصلح لجميع التابعيات الماسونية 

فان يكون الدنيوي حرة، هذا يعني أنه يتوجب عليه التفكير قبل أن يتبنى رأيا، وأن يحذر من الأفكار المسبقة، أي أن يعرف كيف يميز بين الأمور، وأن يكون حسن المسلك، فمعنى هذا أنه بالإضافة إلى الاستقامة الشخصية يجب عليه أن يلتزم مجموعة قيم، مثل الاحترام المطلق للآخر والإيمان باكتمالية الإنسان وضرورة العمل في سبيل الوصول إلى هذه الاكتمالية. 

إن المساررة الماسونية مرحلة مميزة جدا. فهي ليست عبارة عن باب مشرع لطريقة علاجية. فلا ندخل إلى الماسونية من أجل إيجاد حلول للشعور بالضيق ولصعوبات التكيف أو التصرف. إن التوازن النفسي السليم ضروري للاندماج في الجماعة، التي هي المحفل. إن المسألة لا تكمن في تنمية (( أنا 

123 

 

مضخم، بل في إقناع الذات بأن كل ماسوني هو عضو في المحفل من بين آخرين. إن الرسالة التي تحملها الرموز تقنضي هذه النزاهة کي تبلغ كل واحد وتفعل فيه 

إن الماسونية تستعين بعمق ثقافي غربي، رموزها تأتي من تقليد ثقافي قد طبعه بعمق (( الكتاب المقدس )) ومصر والحضارات اليونانية والرومانية و (( المقامات الرقبة للرفاق البنائين، للقرون الوسطى وفلسفة عصر الأنوار ... إلخ. بالطبع كان لا بد أن يعيق هذا الشيء مسار البعض، سواء في أوروبا أم في سائر أرجاء العالم، كما أنه يجعلنا ندرك الأسباب وراء تساكن تيارين 

العقلاني والروحاني)، ولكن ما يشكل اللحمة بين الرجال وبين النساء من ثقافات متعددة هو الأخوة الإنسانية. وفي الواقع ولد 

الحق الإنساني، من رغبة في المساواة ومن النضال ضد استغلال النساء والأولاد. وما يزال أمام العالم في سنة 2003 الكثير لإنجازه في هذا المجال. 

ينبغي على المحفل الماسوني ألا يكون ذا شكل موحد، كما أن التنوع فيه هو من الأمور الأساسية. ويصبح أكثر انسجاما عندما يتجاور داخله أناس مختلفون من حيث عمرهم ووضعهم الاجتماعي وجنسهم وثقافتهم، وهذا الاختلاف هو خصوصية الحق الإنسانية، فضمن هذه الشروط وحدها يمكنه عملية أن يجسد خط التقاء ورابطة بين كل مكوناته. 

المزيد من الدقة، يجب أن يكون في مقدورنا نحليل التركيب السوسيولوجي للمحافل وللمنظمة بأكملها. إن الاختبار يتم بصورة رئيسية في الأوساط المدينية. السبب الأول لهذا هو كون الهياكل الماسونية موجودة في المدن. إلا أنه أصبح واضحا مع الوقت أن 

124 

 

توافر السيارة بسهل التنقلات بالتالي يسمح بالانتقال من القرية إلى المدينة لحضور الجلسات، (الاجتماعات الماسونية المنتظمة) . في الواقع، تتكون غالبية الأعضاء من الفئة الاجتماعية السائدة وهي في أوروبا فئة الطبقة الوسطى: كموظفي الإدارات والتجارة والمعلمين والمهن الحرة (المحامون والأطباء إلخ) . بالعكس، هناك القليل من العمال والمزارعين. فالمحافل تقدم لوحة سوسيولجية غير كاملة. إنه من الصعوبة بمكان تغير هذا الوضع لأنه لا يمكن إقناع رجال ونساء بالانضمام إلى الحركة الماسونية في حين تكون انشغالاتهم متجهة بصورة بينة نحو الحركات السياسية أو النقابية مثلا 

2 - الحياة في المحفل

إن الماسونية هي مسار فردي إلا أنها ليست هذا وحسب. فالدرب المسارري يؤخذ ضمن إطار طائفة تقليدية. هذا المسعى المسارري يقتضي التعمق في الروحانية. فمن الجائز القول بأن الماسونية هي روحانية علمانية. إن هذه العبارة رغم ما تبديه من الغرابة يمكن توضيحها بطريقتين: فهي تدل أولا على أن الماسونيين يهدفون إلى تحقيق شعار المنظمة: (( أوردو آب کاوو، 

Ordo ab Chao، من أجل مزيد من الانسجام بين البشر، وتعني ثانية أن المؤمنين واللاادريين والملحدين لهم مكانهم فيها، وأن كلا منهم يمكنه أن بأمل بإعطاء معني لحباته. 

إن الماسونيين يدعون إلى احترام والتقليده، الذي ليس هو ذاك الحنين إلى الماضي. بل إنه الذي يهبنا نورة متأتية ممن سبقونا، ولكنه بدعونا بالقدر نفسه إلى إزاحة الستار عنه والعمل على أن يكون أكثر فأكثر إشعاعا لنا وأيضا للبشرية جمعاء. إذن، 

125 

 

تقليدية، تعمل المحافل وفق الطريقة الرمزية والطقسية. فالطقوس تهيئ الإخوة والأخوات للتفكير في جو هادئ فتنقلهم إلى مساحة وزمن (( مقدسين )) ، أي محميين من الاضطراب الخارجي. وهنا نجد أحد أسباب السر، الماسوني. 

إن عمل الماسوني بستند إلى رمزية البنائين: المقصود هو البناء باستخدام الأدوات الأكثر تلاؤما. وأي معنقد قد بجمد التفكير لن يكون مثبتة. فليس هناك تعليم ديني للرموز، والمسألة ليست عبارة عن معارف يمكن نقلها بصورة منهجية، بل أنها يقظة تدريجية للضمير. إن الطريقة الماسونية تضع المسارري في حالة حركة. إنها بصورة إرادية تقوض التوازن، وهدفها هو كسر العادات واليقين، فهي تساؤل متكرر، تساؤل حول الذات ولكن أيضا حول الآخرين والعالم. 

إن الماسونية هي طريقة درجات. فالمحافل الرمزية تمنح الدرجات الثلاث الأول: المريد والرفيق والأستاذ. فيما بعد هناك درب مسارري طويل يمكن أن يؤدي بالماسوني إلى الدرجة 33. وهكذا يجتاز كل واحد بوتيرته الخاصة الدرب المسارري، الذي يقوده نحو الحرية الداخلية الحقيقية. في هذه المسيرة، كل الماسونيين، وبحسب درجة مساررتهم، لهم الحقوق نفسها وعليهم الواجبات نفسها الجميع ينمنع بنوعية الاهتمام نفسه، كما عليه واجب الرعاية نفسه تجاه الأخر. أخيرا، إن المحفل هو المكان الذي يجب أن تسود فيه الأخوة. فهو ليس معطي مسبقا بل أنه ثمرة عمل مكتمل ومشترك. فكل فرد فيه هو الشاهد على الآخر. وفي المحفل بوضع الإخوة والأخوات عند (( الأعمدة )) في مواجهة بعضهم بعضا: الأخ مقابل الأخ. وهكذا بعاش هذا الشعار الماسوني بصورة ملموسة: الحرية والمساواة والأخوة. 

126 

 

إن المشاركة في أعمال المحفل ليست مجرد نشاط معين. ففي داخلها ليس هناك مشاهدون بل لاعبون فقط. إن الماسوني لا يتبع التيار، بل يسير فيه صعودا للولوج في معنى حياته نفسها. إنه التزام يغير نظرة المسارري إلى نفسه وإلى العالم. 

هذا النور، المكتسب في داخل المحفل هو الذي يلتزم الماسوني نقله إلى الخارج. فبتعهد على نفسه بمحاربة الأحكام المسبقة والجهل والظلم. وعليه أن يكون مواطنا: حريصا على حماية الحريات الأساسية، ذاك الذي يسعى إلى اكتساب حريته الداخلية، الساهر على تطبيق المساواة بين الجميع، ذاك الذي يتمتع بهذه المساواة داخل محفله، المنفتح لقبول الآخر، هو هذا الذي انتصر في امتحان الأخوة. 

127 

 

 

الخاتمة

 

إن المنظمة الماسونية المختلطة الدولية - الحق الإنساني هي منظمة حديثة، فتاريخها يغطي فقط قرنا ونيف من الزمان وكتابته مسألة على جانب من الحساسية 

ومن الصعوبات المواجهة في هذا المجال تكمن خصوصا في مراجعة المصادر. فالكثير من الارشيفات قد اختفت، في اغلب الظن أنها أتلفت. إن الحربين العالميتين والحروب الاستعمارية والحروب الأهلية والأنظمة الدكتاتورية شكلت مراحل صعبة كان فيها الاضطهاد قويا، بحيث لم تحفظ الوثائق بعناية. 

في عام 2000 أعادت روسيا ملفات كانت قد وضعت يدها عليها منذ سقوط الرايخ الألماني. يبقى بعض الأمل في استرجاع وثائق اخرى ضائعة في صناديق لم يجر بعد فرزها، بالإضافة إلى ذلك، فهناك العديد من المشاغل التي أهملت بنفسها أرشيفاتها ولم تبوبها دوريا، حتى في زمن السلم. إن عالمية الحق الإنساني، تضيف صعوبة اخرى هي: التباعد الجغرافي بين المحافل وبين المحافل المرجعية وبين الاتحادات، وكذلك التنوعات اللغوية. فاللغات المستخدمة في المستوى الرسمي في ثلاث: الفرنسية والإنكليزية والإسبانية، ولكن أيضا العديد سواها وذلك في البلدان التي يستقر فيها الحق الإنسانية. ففي أوروبا وحدها 

 

نذكر على سبيل المثال الألمانية والإيطالية واليونانية والهنغارية والرومانية وأيضا الدانماركية والسويدية والنروجية. هذه القائمة تعيدنا بالذاكرة إلى برج بابل. ولكن لحسن الحظ إن اللحمة متوافرة وهي الأخوة والمساواة. 

إن الأفضل حفظا هي أرشيفات النصف الثاني من القرن العشرين، لكنها حديثة جدا. فهي لا تدخل في الذاكرة الميتة، التي قد تصلح لأن تستخدم من قبل المؤرخين. لقد احترمنا هذه القاعدة من أجل تجنب أي جدل قد يكون صحافية أكثر منه تاريخية، نظرا لأن المسافة بين الأحداث وصانعيها ليست كافية کي تسمح بنظرة حيادية. 

إن الدراسة التي قمنا بها ظهر مدى الفني الذي تقدمه الصفة الدولية والاختلاط، فلقد ولد (( الحق الإنساني )) في حقبة كان الاعتراف بحقوق المرأة ما يزال مجرد مطلب؛ وانخرط في هذه الحركة ولكنه كان حكيمة في إدراكه أن البشرية في مختلطة بالتالي إن المطالبة بحقوق النساء لا تؤدي إلى الإنقاص من حقوق الرجال، هذا هو التعبير عن المساواة بالنسبة إلى الحق الإنساني )) . 

و لقد ولدت المنظمة في فرنسا وحافظت على مركزها في باريس، الدائرة 13، الواقع في 5 شارع جول - بروتون. فكل اتحاد وكل محفل مرجعي لديه مركزه الرئيس الخاص. ولكن في العالم هناك نساء ورجال من جنسيات وثقافات واصول إثنية مختلفة يتجاورون ويمارسون الطقوس نفسها. إن التزامهم الفردي يقوم على أفكار كونية يؤمنون بها: الحرية والمساواة والتسامح والعلمانية حتى ولو لم بعبروا عنها بالطريقة نفسها. بالفعل، فإن 

130 

 

الإنسان هو الذي يشكل مركز تفكيرهم. إن الاختلافات قد تعطي نسيجة ممزقة، ولكن الحياكة التي تجمع القطع هي الإخوة، وهذه بدورها شديدة المتانة. على هذا النحو، ينعايش ضمن المساررة تقليدان دون أن يصطدما، وهما: الطقس الإسكتلندي القديم والمقبول، والطقس الإنكليزية. هنا ليس ثمة من تنافس بل تكامل في التعبير عن عولمة إنسانية. 

إن الحق الإنساني )) ، كونه جمعية مساررية كسواها من التابعيات الماسونية، لا يقتصر على ممارسة الرمزية في سكون الهياكل، بل إنه منفتح على العالم حيث كل عضو من أعضائه فاعل. فيربط كل منهم الفعل بالتعمق في معرفة الذات من أجل فهمها بأفضل وجه محترمأ بذلك ذكرى المؤسسين لرالحق الإنساني )) . لقد كتبت ماريا دوريسم وصيتها الفلسفية يوم مساررتها قائلة: ... لا أدري إن كنت أهب لمن بعدي مثالا كبيرا ولكنني أؤكد أنني أترك خلفي نموذجأ عن القناعة الأكثر عمقا في الكمالية اللامتناهية للإنسانية والأكثر صدقة عن المحبة لأمثالي .. 

إن كل ماسوني من الحق الإنساني، ورغم مرور الزمن ما يزال يتبنى هذه القناعة. 

قائمة الأعضاء المؤسسين 

ماري - بيكيه دو فيين؛ لويز دافيد 

Marie Bequet de Vienne: Louise David. 

ماريا دوريسم؛ شارلوت دو قال 

Maria Deraismes; Charlotte Duval. 

131 

 

آنا فيريس - دوريسم؛ إليزا ليئي - موريس 

Anna Feresse Deraismes; Elisa Levy - Maurice. 

جورج مارتان؛ ماريا مارتان 

Georges Martin; Maria Martin. 

ماري - جورج مارتان؛ فلورسنين موريسو 

Marie. Georges Martin; Florestine Mauriceau. 

جولي باسكييه؛ ماري بيير 

Julie Pasquier; Marie Pierre 

ميرتييه رينيه؛ كليمنص 

روايه 

Myrtille Rengnet; Clemence Royer, 

أليسكا فانسان؛ لويزا فيغيشوف 

Eliska Vincent; Louise Wiggishoff. 

مجمع الأحبار الأول في المحفل المختلط 

الجليل: ماريا دوريسم. الجليل الفخري: كليمنص روايه. الناظر الأول: ماري - بيكيه دو شبين. الناظر الثاني: ماري - جورج مارتان. الخطيب: جورج مارتان. 

132 

 

السكرتير: ماريا مارتان. أمين الصندوق: أنا فبرس - دوريسم. المضيف: إليزا ليفي - موريس? الخبير الأكبر: جولي باسكيه. الخبير الأول: فلورستين موريسو. الخبير الثاني: اليسكا فانسان. أستاذ الاحتفالات: لويزا فيغبشوف. 

المعلمون الكبار في الحق الإنساني 

• ماري - جورج مارتان (1850 - 1914) : زوجة جورج مارتان، هي العضو المؤسس ل (( الحق الإنساني في المحفل المختلط الأول. مارست مهمة (( المعلم الجليل )) بعد ماريا دوريسم وآنا فيريس - دوريسم، وكانت المعلم الأكبر للمنظمة بين 1903 و 1914. 

• ماريا بونيفيال (1841 - 1918) : خلفت ماري - جورج مارتان في عام 1918. وفي سنة 1870 شاركت كممرضة متطوعة في منظمة الغريب الديين (نسبة إلى غريبالدي وكمدرسة علمانية ومناضلة اشتراكية؛ ولقد اضطهدت من قبل حكومة (( التنظيم الأخلاقي، ثم رفت من التعليم عام 1872. أدارت نشاطات ما قبل مدرسية ثم ما بعد مدرسية وأنشات النقابة التعليمية الأولى. وكانت رئيسة رابطة حقوق النساء التي أسسها شولشير، قضت بحادث سير عام 1918. 

133 

 

• أوجين بيرون (1863 - 1928) : كان إنسانة عصامية وأصبح عالم كيمياء، ألقى أثناء الحرب، منطؤعة، محاضرات في 

اتحاد الشبيبة الفرنسية. لقد كان مناضلا اشتراكية، وتلقى المساررة، عام 1898 في المحفل رقم 1 في باريس، وخلال فترة رئاسته (( كالمعلم الأكبر، عقد أول جمعيتين عموميتين دوليتين عام 1920 و 1927 ثم أصبح الرئيس الأول للمجلس القومي للاتحاد الفرنسي عند إنشائه في عام 1921. ولقد برهن عن كفاءاته الإدارية. 

• لوسيان ليفي (1882 - 1935) : أصبح عالم كيمياء شهير بعد دراساته في مختبر الفنون والمهن. حل تعليمه في مدينة انجيه، وتلقى المساررة عام 1904 في المحفل رقم 1 في باريس بعمر 22 سنة، ثم أصبح المعلم الأكبر ابتداء من 1928، واضطر إلى التخلي عن مهمته عام 1934 لدواع صحية. 

• هنري بتي (1868 - 1955) : هو خبير في شركات التأمين، تسلم المساررة في الشرق الكبير لفرنسا عام 1895 ثم انتسب إلى محفل غيبان (Guepin) رقم 32 في مدينة نانت (Nantes) . أصبح رئيس المجلس الوطني للاتحاد الفرنسي عام 1928. ومنذ 1934 وحتى 1947 كان (( المعلم الأكبر، للمنظمة. ولقد تعرض أثناء الحرب لمداهمات ولتحقيقات الشرطة 

• مارغريت مارتان (1877 - 1956) : تلقت مساررتها في المحفل المختلط الأول، ولعبت دورا هاما في إعادة التوحيد بين هذا المحفل الأخير والحق الإنساني، الذي انضمت إليه عام 1922، وقد تسلمت في البداية مهمة رئاسة المجلس القومي للاتحاد الفرنسي قبل عام 1938 وكانت (( المعلم الأكبر، منذ 1947 

134 

 

وحتى 1954. فوقعت على عاتقها المسؤولية الثقيلة في تأمين استئناف نشاطات محافل الحق الإنساني )) غداة الحرب. | • شارل كامبيار Charles Cambillard (1892 - 1982) : كان أستاذا في اللغة الإنكليزية. تسلم المساررة في المحفل الباريسي لر الحق الإنساني، رقم 55 عام 1919. وشغل مركز المعلم الأكبر، خلال خمسة عشر عاما (1954 - 1969) . لقد ضخ الدم في شرايين المنظمة واستنهضها وأمن لها سبل التوسع. • أندريه كليمان Andre Clement (1897 - 1986) : تلقي المساررة في (( الشرق الكبيره لفرنسا عام 1939 وانتسب إلى الحق الإنساني )) عام 1945، ثم أنشأ المجلس الأكبر للاتحاد الفرنسي عام 1958 وأصبح (( المعلم الأكبر )) بين عامي 1969 و 1976. . جاك شواسيز Jacques Choisez (1910 - 1998) : كان مهندسة وتلقي المساررة عام 1933 في بروكسيل، وكان نشيطة جدا في المجال الاجتماعي. أنشأ أول مركز لتنظيم الأسرة في بلجيكا، وقد شغل ولايتين كمنصب (( المعلم الأكبر بين سنتي 1976 و 1990، (لأول مرة لم تعهد بهذه المسؤولية إلى فرنسي) . | • مارك غروجان: ولد عام 1918، مؤرخ ونقابي مناضل، لقد تسلم المساررة في الشرق الكبير )) لفرنسا عام 1938 في مدينة نانسي، وانتسب إلى الحق الإنساني )) عام 1956. ومارس على التوالي مهمات الفارس الأكبر الفائق العظمة، في الاتحاد الفرنسي ثم المعلم الأكبر، للمنظمة بين عامي 1990 و 1997. وهو حاليا المعلم الأكبر الفخري لها. • نيوردور نيارفيك: ولد عام 1936. وهو أيسلندي. دكتور 

135 

 

في علم اللغات (الفيلولوجيا Philology) . وأستاذ جامعي شهير. تلقى المساررة عام 1958 في محفل إيمير، في مدينة ريكيافيك، وهو المعلم الأكبر الحالي للمنظمة وذلك منذ عام 1997. 

قائمة البلدان التي يوجد فيها الحق الإنساني 

إفريقيا: 

إفريقيا الجنوبية؛ بورکينافاسو بوروندي؛ كاميرون؛ شاطئ العاج؛ جزر الموريس؛ مدغشقر؛ مالي؛ رواندا سينغال؛ تشاد؛ توغو؛ زائير ... 

أميركا: 

الأرجنتين البرازيل؛ كندا؛ شبلي؛ كولومبيا كوستاريكا؛ الولايات المتحدة الأميركية؛ هوندوراس؛ المكسيك، الباراغواي البيرو؛ جمهورية الدومينيك؛ الأوروغواي فنزويلا. 

أوروبا: 

المانيا النمسا بلجيكا بلغاريا الدانمارك؛ إسبانيا، فنلندا؛ فرنسا اليونان؛ هنغاريا إيسلندا إيطاليا؛ اللوكسمبورغ؛ النروج؛ هولندا بولونيا البرتغال الجمهورية التشيكية رومانيا إنكلترا السويد سويسرا. سائر مدن العالم: 

أستراليا أندونيسيا كاليدونيا الجديدة؛ تاهيني 

136 

 

 

الهوامش

 

(1) النشرة الدولية، العدد الأول، كانون الثاني / يناير - شباط / فبراير -

آذار/ مارس 1920. (2) النشرة الشهرية ل (( الحق الإنساني، كانون الأول/ ديسمبر 1901. (3) الدستور الدولي ل (( الحق الإنساني، نشرة عام 1997. (4) النشرة الشهرية ل الحق الإنساني، كانون الأول/ ديسمبر 1901. (5) مارك غروجان، (( الحق الإنساني الدولي )) ، ص 181.| (6) انظر كتاب ميشال کوردييو: (( الحركة الاجتماعية في أميركا، معجم 

تاريخ سيرة الحركة الاجتماعية الفرانكوفونية في الولايات المتحدة )) ، 

منشورات اتوليه، 2002، (ص 210 - 214) . (7) ولايات: ماساشوستس، نيويورك، إيلينوا، ميشيغان، ويسكونسن، 

انديانا، أو هيو. (8) ايبووا، داكوتا الجنوبية، مينيزوتاه (9) مونتانا، وايومنغ، كولورادو، أوتا، نيفادا. (10) كاليفورنيا، ولاية واشنطن. (1) أوكلاهوما، کنساس، مكيك الجديدة. (12) يقع مركزه في 49 بولفار بور - روايال، باريس، الدائرة 13. (13) هذا التعريف هر لر دانيال ليغو Daniel Ligou | (14) أ. کومب، A . Combes (( الماسونية تحت الاحتلال )) ، منشورات روشيه، 2001. 

137 

 

 

بيبليوغرافيا

 

Bacot Jean-Pierre. Les filles du pasteur Anderson. Panis, EDIMAF, 1988. Boyau Remy, Histoire de la Federation francaise du Droit Humuin. Bor. 

deaux, Le Droit Humain, 1962. Buisine Andree. La franc-maconnerie anglo-saxonne et les femmes, Paris, Tre 

daniel, 1996, Brault Eliane, La franc-maconnerie et l'emancipation des femmes, Paris, 

Dervy, 1967. Deraismes Maria, Les droits de l'enfant, Villeurbanne, Editions Mario Mella, 

1999. Grosjean Marc, Considerations sur le Droit Humain, Imprimerie nanceienne, 

1981 Grosjean Marc, Georges Martin. franc-macon de /'universel, 2 vol., Paris. 

Detrad, 1988. Grosjean Marc, Le Droit Humain international /973 - 1947. De l'eveil a la mise 

en aurre, Paris, Detrad, 2002. Histoire de la Federation belge du Droit Humain (2 t.) , 1988. Hivert-Messeca Gisele et Yves, Comment la franc-maconnerie vint amx fem. 

mes !! Deux siecles de franc-maconnerie feminine d'udoption et mixte (1740 1940) . Hodson Geoffrey. At the Sign of the Square and Compusses. Adyar. 

1976. Jupeau-Requillard Francoise. La Grande Loge Symholique Ecossaise 

(1880 - 1911) ou les avant-gardes maconniques. Paris. Editions du 

Rocher, 1997. Jupeau-Requillard Francoise. L'initiation des femmes, Paris. Editions du Ro 

cher. 2000 Kierzek Bernard. Le Droit Humain a Nancy (1909 - 1999) . Nancy, Helioser. 

vice, 2000. Le Forestier Rene, Mayonnerie feminine et luges urademiques, Milano, Edi 

tions Arche. 1979. Petit Henri. Cinquante annees de Supreme Conseil (manuscrit) , 1951. 

139 

 

Publications intermes au Droit Humain Comptes rendus des convents nationaux et internationaux. Bulletins du Droir Humuin (1894 - 1914) . Considerations generales sur la franc-maconnerie par Georges Martin, 1904 Bulletin international de l'Ordre Maconnique Mixte le Droir Humain, an 

nees 2001 - 2002. n 19. 20. 21. Cahiers de la Commission de l'Histoire de la Federation francaise du Droit 

Humain. flonmuges a Mos uines. 1954. Esquisse des origines et de l'evolution de l'Ordre Maconnique International le 

Droit Huniain. Editions Mukanda (Belgique) , 1993. Celebration du centenaire du Droit Humuin, Paris 1993. Celebration de soixante-quinzieme anniversaire de la Federation francaise de 

Droit Humain, Paris, 1997. Grunds muitres vous ave: la parole. Textes rassembles par Daniele Juette et 

Yvette Ramon, La Modena, Saragosse (Espagne) , mai 2002. La mission de la franc-maconnerie, Marthe Veaux, 1986. 

140 

 

 

المحتويات

 

مقدمة المترجمة. 

مقدمة 

الفصل الأول: المرأة والماسونية 

11 الفصل الثاني: مساررة ماريا دوريسم 

21 الفصل الثالث: من المحفل المختلط الأول 

إلى المنظمة الماسونية المختلطة الدولية 

31 الفصل الرابع: المبادئ التاسيسية. 

الفصل الخامس: قرن من التطور 

59 الفصل السادس: قرن من التاريخ 

85 الفصل السابع: لماذا (( الحق الإنساني، اليوم؟ 

الخاتمة 

الهوامش بيبليوغرافيا بيبليوغرافيا 

 

المنظمة الماسونية والحق الإنساني 

تأسست التابعية الماسونية للحق انساني عام 1893 على يد مار با دوريسم و جورج مارنان وهي تستقبل في محافلها رجالا ونساء: تنتشر الأن في خمسين بلدا تقريبا. يسترجع ه. الكتاب تاريخ المنظمة الماسونية المختلطة التي يتابع اغناؤها السعي الروحي والرمزي ملتزم ومنذ أكثر من قرن على المستوى السن هي و اندولي. بنضالات اجتماعية وسياسية في سبيل العلمنة والتسامح، ونن أيضا من أجل حقوق النساء والأطفال. 

 

  • السبت PM 02:19
    2021-06-12
  • 2399
Powered by: GateGold