المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414113
يتصفح الموقع حاليا : 199

البحث

البحث

عرض المادة

توهم تناقض القرآن بشأن مقدار اليوم عند الله

                                   توهم تناقض القرآن بشأن مقدار اليوم عند الله(*)

مضمون الشبهة:

يزعم بعض المتوهمين وقوع التناقض بين قوله سبحانه وتعالى: )يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون (5)( (السجدة)، وبين قوله سبحانه وتعالى: )تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (4)( (المعارج). ويتساءلون: كيف يقرر القرآن في الموضع الأول أن مقدار اليوم ألف سنة، ثم يثبت في الموضع الثاني أن مقدار اليوم خمسون ألف سنة؟! ويهدفون من وراء ذلك إلى القول بـأن القرآن ليس من عند الله، بل هو من عند البشر.

وجه إبطال الشبهة:

ذكر العلماء لمعنى اليوم في الآيتين عدة تفسيرات، أرجحها أن:

  • اليوم في الموضع الأول هو يوم نزول الأمر من السماء إلى الأرض وعروجه إليها مرة ثانية.
  • أما اليوم في الموضع الثاني وهو يوم القيامة.

التفصيل:

اختلف العلماء حول المقصود باليوم في الآيتين إلى عدة أقوال، أرجحها أن:

  1. اليوم في الموضع الأول يوم نزول الأمر من السماء وعروجه إليها:

المقصود باليوم في الموضع الأول هو يوم نزول الأمر من السماء، وعروجه من الأرض إلى السماء في يوم واحد، وذلك مقدار ألف سنة؛ لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، فنزول الأمر من السماء إلى الأرض يستغرق خمسمائة عام، وعروجه من الأرض إلى السماء يستغرق خمسمائة عام، تلك ألف سنة كاملة.

  1. أما اليوم في الموضع الثاني فهو يوم القيامة:

المقصود باليوم في الموضع الثاني هو يوم القيامة، ويدل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: )سأل سائل بعذاب واقع (1) للكافرين ليس له دافع (2) من الله ذي المعارج (3) تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (4) فاصبر صبرا جميلا (5) إنهم يرونه بعيدا (6) ونراه قريبا (7) يوم تكون السماء كالمهل (8) وتكون الجبال كالعهن (9) ولا يسأل حميم حميما (10)( (المعارج)، وهو القول الراجح، فقد ذكر ابن كثير أربعة أقوال في المراد من اليوم، ومال إلى أن المراد به "يوم القيامة".

وهو الراجح بدليل ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة يقول: قال رسول الله «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار»[1].

فبين أنه يطول على الكفار لشدته، فيساوي لأجل ذلك خمسين ألف سنة؛ وذلك لاختلاف زمن اليوم باعتبار حال المؤمن والكافر؛ فيوم القيامة أخف على المؤمن منه على الكافر، كما قال سبحانه وتعالى: )فذلك يومئذ يوم عسير (9) على الكافرين غير يسير (10)( (المدثر)[2].

قال بعضهم: إن اليوم في اللغة تعني: الوقت؛ فيكون المعنى: تعرج الملائكة والروح إليه في وقت كان مقداره ألف سنة، وفي وقت آخر كان مقداره خمسين ألف سنة.

وقيل: إن يوم القيامة فيه أيام، فمنه ما مقداره ألف سنة، ومنه ما مقداره خمسون ألف سنة.

وقيل: إن القيامة خمسون موقفا، كل موقف ألف سنة، فمعنى: )يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة( (السجدة: ٥) أي: مقدار وقف أو موقف من يوم القيامة.

  1. وقيل في معنى اليوم في الآيتين عدة آراء أخرى تنفي كلها أي تعارض بين الآيتين[3].

الخلاصة:

إن الآيتين ليستا على مورد واحد، فقد ذكر العلماء لمعنى اليوم في الآيتين عدة تفسيرات، أرجحها أن الآية الأولى تتحدث عن أمر لا تتحدث عنه الأخرى، فالآية الأولى تتحدث عن مدة يوم نزول الأمر من السماء إلى الأرض وعروجه إلى السماء مرة ثانية ومدته ألف سنة، والثانية تتحدث عن يوم القيامة ومدته خمسون ألف سنة.

 

(*) هل القرآن معصوم؟ عبد الله عبد الفادي.

[1]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة (337).

[2]. تنزيه القرآن عن المطاعن، القاضي عبد الجبار، تحقيق: د. أحمد عبد الرحيم السايح، المستشار توفيق علي وهبة، مكتبة النافذة، القاهرة، ط1، 2006م، ص348.

[3]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج18، ص87: 89 بتصرف.

 

  • الاربعاء PM 04:38
    2020-08-26
  • 1077
Powered by: GateGold