ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
كيف آمن هؤلاء؟ كينيث جينكنز (11)
يتحدث القس السابق Kenneth L. Jenkins – كينيث جينكنز أو عبد الله الفاروق عن قصة إسلامه ويروي تفاصيل رحلته المثيرة قائلا:
كطفل صغير.. نشأت على الخوف من الرب.. وتربيت بشكل كبير على يد جدتي وهي نصرانية أصولية؛ مما جعل الكنيسة جزء مكمل لحياتي وأنا لازلت طفلا صغيراً.. بمرور الوقت وببلوغي سن السادسة.. كنت قد عرفت ما ينتظرني من النعيم في الجنة وما ينتظرني من العقاب في النار.. وكانت جدتي تعلمني أن الكذابين سوف يذهبون إلى النار إلى الأبد..
والدتي كانت تعمل بوظيفتين ولكنها كانت تذكرني بما تقوله لي جدتي دائماً.. أختي الكبرى وشقيقي الأصغر لم يكونوا مهتمين بما تقوله جدتي من إنذارات وتحذيرات عن الجنة والنار مثلما كنت أنا مهتماً!! لا زلت أتذكر عندما كنت صغيرا عندما كنت أنظر إلى القمر في الأحيان التي يكون فيها مقتربا من اللون الأحمر، وعندها أبدأ بالبكاء لأن جدتي كانت تقول لي إن من علامات نهاية الدنيا أن يصبح لون القمر أحمر مثل الدم.
عند بلوغي الثامنة كنت قد اكتسبت معرفة كبيرة وخوف كبير بما سوف ينتظرني في نهاية العالم، وأيضاً كانت تأتيني كوابيس كثيرة عن يوم الحساب وكيف سيكون؟؟ كان بيتنا قريباً جداً من محطة السكة الحديد وكانت القطارات تمر بشكل دائم.. أتذكر عندما كنت أستيقظ فزعاً من صوت القطار ومن صوت صفارته معتقدا أني قد مت وأني قد بعثت!!
هذه الأفكار كانت قد تبلورت في عقلي من خلال التعليم الشفوي من قبل جدتي وكذلك المقروء مثل قصص الكتاب المقدس.. في يوم الأحد كنا نتوجه إلى الكنيسة وكنت ارتدي أحسن الثياب وكان جدي هو المسؤول عن توصيلنا إلى هناك.. وأتذكر أن الوقت كان يمر هناك كما لو كان عشرات الساعات!!
كنا نصل هناك في الحادية عشر صباحا ولا نغادر إلا في الثالثة.. أتذكر أني كنت أنام في ذلك الوقت في حضن جدتي، وفي بعض الأحيان كانت جدتي تسمح لي بالخروج للجلوس مع جدي الذي لم يكن متديناً، وكنا نجلس معاً لمراقبة القطارات، وفي أحد الأيام أصيب جدي بالجلطة مما أثر على ذهابنا المعتاد إلى الكنيسة، وفي الحقيقة كانت هذه الفترة حساسة جداً في حياتي.. بدأت أشعر في تلك الفترة بالرغبة الجامحة للذهاب إلى الكنيسة وفعلا بدأت بالذهاب لوحدي.. وعندما بلغت السادسة عشرة بدأت بالذهاب إلى كنيسة أخرى كانت عبارة عن مبنى صغير وكان يشرف عليها والد صديقي.. وكان الحضور عبارة عني أنا وصديقي ووالده ومجموعة من زملائي في الدراسة.. واستمر هذا الوضع فقط بضعة شهور قبل أن يتم إغلاق تلك الكنيسة..
كينيث جينكنز.. في طريقه نحو الخلاص!
وبعد تخرجي من الثانوية والتحاقي بالجامعة تذكرت التزامي الديني وأصبحت نشطاً في المجال الديني.. وبعدها تم تعميدي.. وكطالب جامعي أصبحت بوقت قصير أفضل عضو في الكنيسة مما جعل كثير من الناس يعجبون بي، وأنا أيضاً كنت سعيداً لأني كنت أعتقد أني في طريقي “للخلاص”.
كنت أذهب إلى الكنيسة في كل وقت كانت تفتح فيه أبوابها، وأيضاً أدرس الكتاب المقدس لأيام ولأسابيع في بعض الأحيان، كنت أحضر محاضرات كثيرة كان يقيمها رجال الدين، وفي سن العشرين أصبحت أحد أعضاء الكنيسة، وبعدها بدأت بالوعظ، وأصبحت معروفا بسرعة كبيرة.
في الحقيقة أنا كنت من المتعصبين وكان لدي يقين أنه لا يستطيع أحد الحصول على الخلاص ما لم يكن عضوا في كنيستنا!! وأيضاً كنت أستنكر على كل شخص لم يعرف الرب بالطريق التي عرفته أنا بها.. أنا كنت أؤمن أن يسوع المسيح والرب عبارة عن شخص واحد.. في الحقيقة في الكنيسة تعلمت أن التثليث غير صحيح ولكني بالوقت نفسه كنت أعتقد أن يسوع والأب وروح القدس شخص واحد!!
حاولت أن أفهم كيف تكون هذه العلاقة صحيحة ولكن في الحقيقة أبدا لم أستطع الوصول إلى نتيجة متكاملة بخصوص هذه العقيدة!! أنا أعجب باللبس المحتشم للنساء وكذلك التصرفات الطيبة من الرجال.. أنا كنت ممن يؤمنون بالعقيدة التي تقول أن على المرأة تغطية جسدها! وليست المرأة التي تملأ وجهها بمساحيق التجميل وتقول أنا سفيرة المسيح!
كنت في هذا الوقت قد وصلت إلى يقين بأن ما أنا فيه الآن هو سبيلي إلى الخلاص.. وأيضاً كنت عندما أدخل في جدال مع أحد الأشخاص من كنائس أخرى كان النقاش ينتهي بسكوته تماما.. وذلك بسب معرفتي الواسعة بالكتاب المقدس كنت أحفظ مئات النصوص من الإنجيل، وهذا ما كان يميزني عن غيري، وبرغم كل تلك الثقة التي كانت لدي كان جزء مني يبحث، ولكن عن ماذا؟؟ عن شيء أكبر من الذي وصلت إليه! كنت أصلي باستمرار للرب أن يهديني إلى الدين الصحيح، وأن يغفر لي إذا كنت مخطئاً، إلى هذه اللحظة لم يكن لي أي احتكاك مباشر مع المسلمين ولم أكن اعرف أي شيء عن الإسلام.
علاقة كينيث جينكنز بالمسلمين السود..
وكل ما عرفته هو ما يسمى ب “أمة الإسلام” وهي مجموعة من السود أسسوا لهم ديناً خاصاً بهم وهو عنصري ولا يقبل غير السود ولكن أسموه “أمة الإسلام” وهذا مما جعلني اعتقد أن هذا هو الإسلام، مؤسس هذا الدين اسمه “اليجا محمد” وهو الذي بدأ هذا الدين والذي أسمى مجموعته أيضاً “المسلمين السود”.
في الحقيقة قد لفت نظري خطيب مفوه لهذه الجماعة اسمه لويس فرقان وقد شدني بطريقة كلامه وكان هذا في السبعينات من هذا القرن، وبعد تخرجي من الجامعة كنت قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من العمل في المجال الديني، وفي ذلك الوقت بدأ أتباع “اليجا محمد “بالظهور بشكل واضح، وعندها بدأت بدعمهم خصوصا أنهم يحاولون الرقي بالسود مما هم عليه من سوء المعاملة والأوضاع بشكل عام…
بدأت بحضور محاضراتهم لمعرفة طبيعة دينهم بالتحديد، ولكني لم أقبل فكرة أن الرب عبارة عن رجل أسود (كما كان من اعتقاد أصحاب أمة الإسلام) ولم أكن أحب طريقتهم في استخدام الكتاب المقدس لدعم أفكارهم. فأنا أعرف هذا الكتاب جيدا، ولذلك لم أتحمس لهذا الدين (وكنت في هذا الوقت أعتقد أنه هو الإسلام!!) وبعد ست سنوات انتقلت للعيش في مدينة تكساس، وبسرعة التحقت لأصبح عضوا في كنيستين هناك وكان يعمل في واحدة من هاتين الكنيستين شاب صغير بدون خبرة في حين أن خبرتي في النصرانية كانت قد بلغت مبلغاً كبيراً وفوق المعتاد أيضاً، وفي الكنيسة الأخرى التي كنت عضوا فيها كان هناك قسيس كبير في السن ورغم ذلك لم يكن يمتلك المعرفة التي كنت أنا امتلكها عن الكتاب المقدس ولذلك فضلت الخروج منها حتى لا تحصل مشاكل بيني وبينه.
عندها انتقلت للعمل في كنيسة أخرى، في مدينة أخرى وكان القائم على تلك الكنيسة رجل محنك وخبير وعنده علم غزير، وعنده طريقة مدهشة في التعليم، ورغم أنه كان يمتلك أفكاراً لا أوافقه عليها إلا أنه كان في النهاية شخصاً يمتلك القدرة على كسب الأشخاص.
العالم الكنسي الحقيقي!
في هذا الوقت بدأت أكتشف أشياء لم أكن أعلمها بالكنيسة وجعلتني أفكر فيما أنا فيه من دين!!! مرحبا بكم في عالم الكنيسة الحقيقي: بسرعة اكتشفت أن في الكنيسة الكثير من الغيرة وهي شائعة جداً في السلم الكنسي، وأيضاً أشياء كثيرة غيرت الأفكار التي كنت قد تعودت عليها، على سبيل المثال النساء يرتدين ملابس أنا كنت اعتبرها مخجلة، والكل يهتم بشكله من اجل لفت الانتباه للجنس الآخر!!
الآن اكتشفت كيف أن المال يلعب لعبة كبرى في الكنائس.. لقد أخبروني أن الكنيسة إذا لم تكن تملك العدد المحدد من الأعضاء فلا داعي أن تضيع وقتك بها لأنك لن تجد المردود المالي المناسب لذلك، عندها أخبرتهم أني هنا لست من اجل المال، وأنا مستعد لعمل ذلك بدون أي مقابل، وحتى لو وجد عضو واحد فقط!! هنا بدأت أفكر بهؤلاء الذين كنت أتوسم فيهم الحكمة كيف أنهم كانوا يعملون فقط من أجل المال!! لقد اكتشفت أن المال والسلطة والمنفعة كانت أهم لديهم من تعريف الناس بالحقيقة.
هنا بدأت أسأل هؤلاء الأساتذة بعض الأسئلة ولكن هذه المرة بشكل علني في وقت المحاضرات.. كنت أسألهم: كيف ليسوع أن يكون هو الرب؟؟.. وأيضاً في نفس الوقت روح القدس والأب والابن ووو… الخ، ولكن لا جواب!! كثير من هؤلاء القساوسة والوعاظ كانوا يقولون لي أنهم هم أيضاً لا يعرفون كيف يفسرونها لكنهم في نفس الوقت يعتقدون أنهم مطالبون بالإيمان بها!!
ثم كان اكتشاف الحجم الكبير من حالات الزنا والبغاء في الوسط الكنسي وأيضاً انتشار المخدرات وتجارتها فيما بينهم وأيضاً اكتشاف كثير من القساوسة الشواذ جنسيا أدى بي إلى تغيير طريقة تفكيري والبحث عن شيء آخر ولكن ما هو؟
المملكة العربية السعودية.. بداية جديدة
في تلك الأيام استطعت أن أحصل على عمل جديد في المملكة العربية السعودية.. بداية جديدة: لم يمر وقت طويل حتى لاحظت الأسلوب المختلف للحياة لدى المسلمين.. كانوا مختلفين عن أتباع “اليجا محمد” العنصريين الذين لا يقبلون إلا السود.. الإسلام الموجود في السعودية يضم كافة الطبقات، وكل الأعراق، عندها تولدت لدي رغبة قوية في التعرف على هذا الدين المميز، كنت مندهشاً لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكنت أريد أن اعرف المزيد، طلبت مجموعة من الكتب من أحد الأخوة النشيطين في الدعوة إلى الإسلام.
كنت أحصل على جميع الكتب التي كنت أطلبها.. قرأتها كلها بعدها أعطوني القرآن الكريم وقمت بقراءته عدة مرات.. خلال عدة أشهر.. سألت أسئلة كثيرة جداً وكنت دائماً أجد جواباً مقنعاً، الذي زاد في إعجابي هو عدم إصرار الشخص على الإجابة، بل انه إن لم يكن يعرفها كان ببساطة يخبرني أنه لا يعرف وأنه سوف يسأل لي عنها ويخبرني في وقت لاحق!!
وكان دائما في اليوم التالي يحضر لي الإجابة.. وأيضاً مما كان يشدني في هؤلاء الناس المحيرين هو اعتزازهم بأنفسهم!! كنت أصاب بالدهشة عندما أرى النساء وهن محتشمات من الوجه إلى القدمين! لم أجد سلم ديني أو تنافس بين الناس المنتسبين للعمل من أجل الدين كما كان يحدث في أمريكا في الوسط الكنسي هناك.. كل هذا كان رائعا ولكن كان هناك شيء ينغص علي وهو كيف لي أن أترك الدين الذي نشأت عليه؟؟ كيف أترك الكتاب المقدس؟؟ كان عندي اعتقاد أنه به شيء من الصحة بالرغم من العدد الكبير من التحريفات والمراجعات التي حصلت له، عندها تم إعطائي شريط فيديو فيه مناظرة اسمها “هل الإنجيل كلمة الله؟” وهي بين الشيخ أحمد ديدات وبين القسيس جيمي سواجارت.. وبعدها على الفور أعلنت إسلامي!!!
بعدها تم أخذي إلى مكتب الشيخ عبد العزيز بن باز لكي أعلن الشهادة وقبولي بالإسلام.. وتم إعطائي نصيحة عما سوف أواجهه بالمستقبل.. إنها في الحقيقة ولادة جديدة لي بعد ظلام طويل.
كنت أفكر بماذا سوف يقول زملائي في الكنيسة عندما يعلمون بخبر اعتناقي للإسلام؟؟ لم يكن هناك وقت طويل لأعلم، بعد أن عدت للولايات المتحدة الأمريكية من أجل الإجازة أخذت الانتقادات تضربني من كل جهة على ما أنا عليه من “قلة الايمان” على حد قولهم!!
وأخذوا يصفوني بكل الأوصاف الممكنة.. مثل الخائن والمنحل أخلاقياً، وكذلك كان يفعل رؤساء الكنيسة، ولكني لم أكن أعبئ بما كانوا يقولوه لأني الآن فرح ومسرور بما أنعم الله علي به من نعمة الإسلام.
أنا الآن أريد أن أكرس حياتي لخدمة الإسلام كما كنت في المسيحية، ولكن الفرق أن الإسلام لا يوجد فيه احتكار للتعليم الديني بل الكل مطالب أن يتعلم، تم إهدائي صحيح مسلم من قبل مدرس القرآن، عندها اكتشفت حاجتي لتعلم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحاديثه وما عمله في حياته؛ فقمت بقراءة الأحاديث المتوفرة باللغة الانجليزية بقدر المستطاع.
أيضاً أدركت أن خبرتي بالمسيحية نافعة جدا لي في التعامل مع النصارى ومحاججتهم، حياتي تغيرت بشكل كامل.. وأهم شيء تعلمته أن هذه الحياة إنما هي تحضيرية للحياة الأخروية، وأيضاً مما تعلمته أننا نجازى حتى بالنيات، أي إنك إذا نويت أن تعمل عملا صالحا ولم تقدر أن تعمله لظرف ما فإن جزاء هذا العمل يكون لك، وهذا مختلف تماماً عن النصرانية.
الآن من أهم أهدافي هو تعلم اللغة العربية وتعلم المزيد عن الإسلام.. وأنا الآن أعمل في حقل الدعوة لغير المسلمين ولغير الناطقين بالعربية.. وأريد أن أكشف للعالم التناقضات والأخطاء والتلفيقات التي يحتويها الكتاب الذي يؤمن به الملايين حول العالم (يقصد الكتاب المقدس للنصارى) وأيضاً هناك جانباً إيجابياً مما تعلمته من النصرانية أنه لا يستطيع أحد أن يحاججني لأني اعرف معظم الخدع التي يحاول المنصرون استخدامها لخداع النصارى وغيرهم من عديمي الخبرة.. أسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى سواء الصراط.
إنها قصة ملهمة بكل ما تحمله من تفاصيل تكشف إلى أي مدى يمكن أن ينجح الإنسان في خداع نفسه فترة من الزمن.. لكن الحقيقة ستطل برأسها يوما ما ويفيق من غفلته.. قصة كينيث جينكينز أعظم مثال.
-
الاربعاء PM 06:11
2021-08-25 - 2020