ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
فتاوى وآراء علماء الأزهر المتساهلين في قضية التقريب بين الشيعة والسنة وتحليلها
أولاً :الإمام الشيخ محمد عبده :
يذكر عنه تلميذه الأستاذ محمد رشيد رضا : أنه كان يرى الشيعة من أحوج الفرق إلى التقريب إلى الحق لأنه كان يحكم عليها بحكم أشد من حكم شيخ الإسلام ابن تيمية ولم يبين هذا الحكم لأن شيخه محمد عبده استكتمه إياه[1].
وموقف ابن تيمية من هؤلاء القوم : لا يخفي على أحد وكتابه المشهور (منهاج السُّنَّة النبوية) خير بيان لموقفه فمن كلامه فيه إن :«كثيرًا من أئمة الرافضة وعامتهم زنادقة وملاحدة ليس لهم غرض في العلم ولا في الدين»[2].
فكيف يدعوا الإمام محمد عبده إلى التقارب مع الشيعة، وفي نفس الوقت يحكم عليهم بحكم أشد من حكم ابن تيمية ؟!! ياليت الأستاذ رشيد رضا أفصح لنا عما استكتمه شيخه إياه حتى يخرجنا من هذه الحيرة التي أصابنا بها![3].
ثانياً :فتوى شيخ الأزهر محمود شلتوت :
أصدر شيخ الأزهر السابق محمود شلتوت في سنة (1378ﻫ = 1959م) : فتوى تجيز التعبد بالمذهب الجعفري، واعتباره مذهباً إسلامياً خامساً! كالمذاهب السنية الأربعة (الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي) وأحدثت هذه الفتوى تأثيراً كبيراً.
ونص هذه الفتوى : « إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الاثنى عشرية، مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السُّنَّة، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير حق لمذاهب معينة، فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى، يجوز لمن ليس أهلاً للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات »[4].
والغريب أنه في الوقت الذي يفتي فيه فضيلة الشيخ رحمه الله بأن الشيعة مذهب خامس كالمذاهب السنية! إلا أننا لا نجد فتوى شيعية مشابهة؛ حتى من علمائهم المصنَّفين في خانة (المعتدلين)؛ كالمرجع الشيعي اللبناني (محمد حسين فضل الله)[5]، عندما سأل : هل يجوز التعبد في فروع الدين بالمذاهب السنية الأربعة، وكذلك بقية المذاهب غير الشيعية؟
فأجاب بالنص :
« لا يجوز التعبد بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت عليهم السلام لأنه المذهب الذي قامت عليه الحجة القاطعة، والله الموفق وهو حسبنا ونعم الوكيل »[6].
وفي موضع آخر يقول : «... نحن عندما نتبع أئمة أهل البيت عليهم السلام إنما نفعل ذلك لاعتقادنا بعصمتهم، وأنهم لا يُخطئون أبداً، ولذا فإنهم عليهم السلام ليسوا أصحاب مذهب، فمذهب أبي حنيفة يسمّى : وجهة نظر، ولكن مذهب الإمام الصادق u ليس وجهة نظر يمكن أن تخطئ، ويمكن أن تصيب، بل هي على صواب ولذلك ليس مذهب الشيعة مذهباً اجتهادياً يخضع كغيره للصواب والخطأ، بل هو مذهب الإسلام؛ الذي ﴿ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت : 42][7].
ومن ناحية أخرى عمل الشيعة على نشر هذه الفتوى في أوساط العالم الإسلامي؛ فهم قد اتخذوها دليلاً على صحة مذهبهم بشهادة من داخل الأوساط السنية، من باب : (وشهد شاهد من أهلها )، وبالتالي تساعدهم على نشر التشيع في مجتمعاتهم، وهذا ما جعل الخميني يقول عند وفاة الشيخ شلتوت رحمه الله ـــ : « ما أحوج العالم الإسلامي إلى مثل هذا الرجل »[8].
[1] محمد رشيد رضا : تاريخ الشيخ محمد عبده (ج1/ ص934).
[2] ابن تيمية : منهاج السُّنَّة (ج4/ ص70).
[3] وقد ادّعى الشيعة كذبًا وزورًا تشيع الإمام محمد عبده، انظر : هشام آل قطيط : المتحولون حقائق ووثائق (ص94، دار المحجة البيضاء، بيروت، ط1، 1422هـ = 2002م).
[4] جاسم عثمان مرعي : الشيعة في مصر (ص119، ط1، مؤسسة البلاغ، بيروت، 1423هـ = 2003م).
[5] محمد حسين فضل الله : ولد في مدينة النجف العراقية في عام 1935 أو 1936 ودرس على يد آية الله أبو القاسم الخوئي، من كبار مراجع الشيعة في العالم، قدم فضل الله إلى لبنان في عام 1966 وأقام في النبعة في ضاحية بيروت الشرقية، وعين في عام 1976 وكيلاً للإمام الخوئي (ممثله الشخصي) في لبنان أقام في النبعة، حيث وعظ وكتب، إلى أن استولى عليها الكتائب في 1976، فاضطر لمغادرتها كما فعل جميع سكان الحي من الشيعة. برز فضل الله منذ خريف 1983 بوصفه أحد أكثر علماء الشيعة نفوذًا في لبنان وبخلاف مرشده آية الله الخوئي الذي يرفض التدخل في السياسة، مارس فضل الله دورًا فعالاً على الساحة السياسية، وبدا أحيانًا وكأنه يستمتع بوضعه كشخصية سياسية معروفة. يمكن مراجعة سيرة فضل الله السياسية بشكل مكثف في : الحركة الإسلامية في لبنان (ص 246 - 277).
[6] محمد حسين فضل الله : مسائل عقدية (ص110)، وانظر : أسامة شحادة، وهيثم الكسواني : التجمعات الشيعية في بلاد إفريقيا العربية (ص 27).
[7] محمد حسين فضل الله : فقه الحياة (ص278، 279)، وانظر : أسامة شحادة، وهيثم الكسواني : التجمعات الشيعية في بلاد إفريقيا العربية (ص 27، 28).
[8] محمد السعيد إدريس : مصر وإيران؛ تحديات ما بعد 11 سبتمبر 2001 (ص163، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، 2003م).ويميل الدكتور حمدي عبيد إلى أن هذه الفتوى مسيسة وتتسق مع دور الأزهر الذي حاول جمال عبد الناصر استخدامه لصالح طموحه القومي في زعامة العرب (سنة وشيعة) وبخاصة شعوب دول حلف بغداد المناوئ له وبوجه خاص في العراق والسعودية التي ساهم في إنشاء منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية(شيعية ) في المنطقة الشرقية منها، ومن ثم قدم عدداً من الشواهد التي تدعم هذا الرأي.
-
الاحد PM 03:53
2025-04-06 - 170