المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 411964
يتصفح الموقع حاليا : 262

البحث

البحث

عرض المادة

دعوى نسخ أحاديث صلاة المفترض خلف المتنفل

دعوى نسخ أحاديث صلاة المفترض خلف المتنفل(*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المتوهمين أن الأحاديث الثابتة الواردة في صلاة المفترض خلف المتنفل منسوخة، والتي منها حديث معاذ بن جبل الذي رواه جابر بن عبد الله: «أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة».

وكذا ما رواه جابر - أيضا - في بيان كيفية صلاة الخوف، قال: "كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع، وأقيمت الصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع، وللقوم ركعتان".

ويزعمون أن هذين الحديثين منسوخان بحديث ابن عمر رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين». ويستدلون على عدم صحة صلاة المفترض خلف المتنفل بقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فلا تختلفوا عليه»، ولا اختلاف أكثر من اختلاف النيات التي عليها مدار الأعمال.

وجها إبطال الشبهة:

1) لا ناسخ لحديثي جابر - رضي الله عنه - في صلاة المفترض خلف المتنفل؛ لإمكان الجمع بينهما وبين حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فحديث ابن عمر محمول على من صلى الصلاة مرتين ينوي بهما الفريضة، وليس في حديثي جابر - رضي الله عنه - شيء من ذلك؛ فالصلاة الأولى في كل منهما كانت فريضة، بينما كانت الثانية فيهما نفلا، فلا إعادة حينئذ.

2) إن صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة مجزئة؛ لقوة أدلة القائلين بذلك، ولا يلتفت إلى قول المانعين؛ لضعف أدلتهم وردها.

التفصيل:

أولا. حديثا جابر - رضي الله عنه - ثابتان، ولا ناسخ لهما:

إن الأحاديث الواردة في صلاة المفترض خلف المتنفل أحاديث صحيحة ثابتة، باق عملها، ولا ناسخ لها.

ومنها حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما: «أن معاذا كان يصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة»[1]. وهو حديث صحيح، بل في أعلى درجات الصحة؛ فقد أخرجه الشيخان (البخاري ومسلم) في صحيحيهما، ورواه غيرهما بأسانيد صحيحة.

ومنها ما رواه جابر رضي الله عنه - أيضا - في بيان كيفية صلاة الخوف، قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع... وأقيمت الصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع، وللقوم ركعتان»[2].

والحديث صحيح، بل في أعلى درجات الصحة أيضا؛ لرواية الشيخين له في صحيحيهما، ورواه غير الشيخين: أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وأبو داود في سننه، وغيرهم بأسانيد صحيحة أيضا.

ولهذا الحديث شاهد آخر من طريق أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم«أنه صلى صلاة الخوف بالذين خلفه ركعتين، والذين جاءوا بعد ركعتين، فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات، ولهؤلاء ركعتين ركعتين». وقد رواه النسائي في سننه[3]، وأحمد في مسنده[4]، وغيرهما.

أما ما زعمه البعض من أن هذين الحديثين منسوخان بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين»[5]، فمردود؛ لأن المراد بالنهي عنه في الحديث ألا يصلوها مرتين على أنها فريضة، وليس في حديثي جابر - رضي الله عنه - شيء من ذلك؛ فصلاة معاذ بن جبل - رضي الله عنه - مع النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت له فريضة، أما صلاته بقومه فكانت نفلا، وقد جاء ذلك صريحا في الزيادة التي أوردها الدارقطني وغيره بسند صحيح قال: "هي له نافلة، ولهم فريضة"[6].

"وحديثا جابر وأبي بكرة في صلاة الخوف يدلان على أن من صفات صلاة الخوف أن يصلي الإمام بكل طائفة ركعتين، فيكون مفترضا في ركعتين، ومتنفلا في ركعتين"[7].

قال النووي: "وبهذا قال الشافعي، وحكوه عن الحسن البصري"[8].

كما أن إعادة الصلاة لمن فاتته الجماعة أمر قد حث عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث؛ فقد روى الإمام مسلم من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل؛ فإنها لك نافلة»[9].

وفي رواية قال أبو ذر رضي الله عنه: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: صلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم نافلة»[10].

وقد صح عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه: «أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غلام شاب، فلما صلى إذا رجلان لم يصليا في ناحية المسجد، فدعا بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: قد صلينا في رحالنا، فقال: لا تفعلوا، إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه؛ فإنها له نافلة»[11].

رواه أبو داود في سننه بسند صحيح، ورواه غيره، مثل: الترمذي والنسائي في سننيهما، وأحمد في مسنده، وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما، والحاكم في المستدرك، وغيرهم بأسانيد صحيحة أيضا.

وورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلا يصلي وحده، فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه»[12]؟

قال ابن عبد البر في "الاستذكار": "اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم«لا تصلوا صلاة في يوم مرتين» أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه، ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضا.

قالا وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها له نافلة اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمره بذلك، وقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي أمرهم بإعادة الصلاة في جماعة: إنها لكم نافلة فليس ذلك ممن أعاد الصلاة في يوم مرتين؛ لأن الأولى فريضة، والثانية نافلة"[13].

وقال ابن حزم "المحلى": "وما كان قط مباحا أن تصلى صلاة واحدة على أنها فرض مرتين، ولا خلاف في أن الله لم يفرض ليلة الإسراء إلا خمس صلوات فقط... ووجه آخر وهو أن معنى الحديثين واحد، وهو حق، وما حل قط، ولا قلنا نحن: أن تصلى صلاة في يوم مرتين؛ وإنما قلنا: إنه تؤدى الفريضة خلف المتنفل، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - وتصلي النافلة خلف مصلي الفرض، كما أمر صلى الله عليه وسلم، وكما يجيزون هم أيضا معنا - يقصد زاعمي النسخ..." [14].

وقال الخطابي: "هذه صلاة الإيثار والاختيار دون ما كان لها من سبب، كالرجل يدرك الجماعة وهم يصلون، فيصلي معهم ليدرك فضيلة الجماعة؛ توفيقا بين الأخبار ورفعا للاختلاف بينها"[15].

وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار": "ومن زعم أن ذلك كان... ثم نسخ فقد ادعى ما لا يعرف... فليس فيه دلالة على كونه شرعا ثابتا ثم نسخ بقوله - صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين»؛ فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرغبهم في إعادة الصلاة بالجماعة، فيجوز أن يكون بعضهم ذهب وهمه إلى أن الإعادة واجبة، فقال: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين»، أي: كلتاهما على طريق الوجوب، ويحتمل أن يكون قال ذلك حين لم يسن إعادة الصلاة بالجماعة لإدراك فضيلتها، فقد وقع الإجماع في بعض الصلوات أنها تعاد، وصح عن نافع عن ابن عمر إعادة غير المغرب، والصبح، وعنه روى هذا الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف يجوز نسخ سنن بهذا الخبر من غير تأريخ ولا سبب يدل على النسخ مع ما ذكرنا من الاحتمال"[16]؟!

وتعقب ابن دقيق العيد "بأنه - أي: هذا الزعم - يتضمن إثبات النسخ بالاحتمال، وهو لا يسوغ"[17].

ومما يؤكد ما ذهبنا إليه من أن دعوى النسخ باطلة - قول ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث": "إنه ليس في هذه الأحاديث تناقض ولا اختلاف؛ فمن صلى في منزله الفريضة، وصلى مع الإمام تلك الصلاة وجعلها نافلة، لم يصل صلاة في يوم مرتين؛ لأن هاتين صلاتان مختلفتان، إحداهما فريضة، والأخرى نافلة"[18].

قال مالك: "حدثنا نافع أن رجلا سأل عبد الله بن عمر، فقال: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك الصلاة مع الإمام، أفأصلي معه؟ فقال ابن عمر: نعم، قال: فأيتهما أجعل صلاتي؟ فقال ابن عمر: ليس ذلك إليك، إنما ذلك إلى الله، يجعل أيهما شاء، قال: وهذا من ابن عمر دليل على أن الذي روي عن عمرو بن شعيب عن سليمان بن يسار عنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا صلاة مكتوبة في يوم مرتين»، إنما أراد به كلتاهما على وجه الفرض"[19].

قال النووي: "وتأولوا حديث معاذ - رضي الله عنه - على أنه كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفلا، ومنهم من تأوله على أنه لم يعلم به النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهم من قال: حديث معاذ كان في أول الأمر، ثم نسخ، وكل هذه التأويلات دعاوى لا أصل لها، فلا يترك ظاهر الحديث بها"[20].

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية: "أن حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في النهي عن إعادة الصلاة مرتين في الإعادة مطلقا من غير سبب، ولا ريب أن هذا منهي عنه..."[21].

وعليه، فقد تبين مما سقناه من آراء العلماء حول حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه لا تعارض أو اختلاف بينه وبين حديثي جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما، حتى يدعي واهم أن حديثي جابر منسوخان بحديث ابن عمر؛ فقد جمع العلماء بينهم بأن النهي المقصود في حديث ابن عمر هو إعادة الصلاة على سبيل الفرض في المرتين، أما حديثا جابر فليس فيهما شيء من ذلك.

لذا فالنسخ هنا مردود، والجمع مقبول؛ عملا بما اتفق عليه الأصوليون من أنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع، وهو هنا ممكن ومستقيم باتفاق معظم علماء الأمة.

ثانيا. صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة، وأدلة المخالفين مردودة.

إن صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة مجزئة في أصح قولي الفقهاء وأرجحهما، قال بذلك فقهاء الشافعية، وجمع من أصحاب أحمد، وابن حزم الأندلسي، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشوكاني، ومن المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، وغيرهم.

واستدلوا على ما ذهبوا إليه بحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما: «أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة». مع الزيادة التي أوردها الدارقطني بسند صحيح:«هي له نافلة، ولهم فريضة».

وبحديثه - رضي الله عنه - في صلاة الخوف قال:«كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع... وأقيمت الصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع، وللقوم ركعتان». وهذان الحديثان صحيحان، بل في أعلى درجات الصحة كما بينا سابقا.

واستدلوا - أيضا - بحديث أبي بكرة: «أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة الخوف بالذين خلفه ركعتين، والذين جاءوا بعد ركعتين، فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات، ولهؤلاء ركعتين ركعتين». ورواية أبي بكرة هذه سندها صحيح كما أوردنا فيما مضى.

ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان قد صلى الصلاة المفروضة ركعتين بقسم من المسلمين، وأتم الصلاة بالتسليم، فلما صلى بالقسم الثاني ركعتين أخريين، فإنه إنما صلى بهم هاتين الركعتين نافلة، في حين أنهم هم صلوهما فريضة، بمعنى أن القسم الثاني من المسلمين قد صلوا الفريضة مؤتمين برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي نافلة[22].

واستدل بعض الفقهاء على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل ببعض الأدلة الأخرى، منها:

  • عمومقولالنبيصلىاللهعليهوسلم: «يؤمالقومأقرؤهملكتابالله...»الحديث[23]،ولميشترط النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى ذلك؛ فالعموم يقتضي أنه لو كان الإمام متنفلا والمأموم مفترضا فالصلاة صحيحة.
  • أنعمروبنسلمةالجرميكانيصليبقومهولهستأوسبعسنين؛استناداإلىعمومقولالرسولصلىاللهعليهوسلم: «... وليؤمكمأكثركمقرآنا»[24]؛حيثنظروا في القوم، فلم يكن أحد أقرأ منه فقدموه، ومن المعلوم أن الصبي لا فرض عليه؛ فالصلاة في حقه نافلة، ومن وراءه مفترضون.

ذكر ابن قدامة في "المغني": نقل أبو داود قال: "سمعت أحمد سئل عن رجل صلى العصر، ثم جاء فنسي، فتقدم يصلي بقوم تلك الصلاة، ثم ذكر لـما أن صلى ركعة، فمضى في صلاته؟ قال: لا بأس".

وهذا قول عطاء، وطاوس، وأبي رجاء، والأوزاعي، والشافعي، وسليمان بن حرب، وأبي ثور، وابن المنذر، وأبي إسحاق الجوزجاني، وهذا أصح؛ لما روي من حديث معاذ بن جبل، وحديث جابر بن عبد الله في صلاة الخوف، والصلاة الثانية منهما تقع نافلة، وقد أم بها مفترضين.

وروي عن أبي خلدة قال: أتينا رجاء لنصلي معه الأولى، فوجدناه قد صلى، فقلنا: جئناك لنصلي معك، فقال: قد صلينا، ولكن لا أخيبكم، فأقام فصلى وصلينا معه.

ولأنهما صلاتان اتفقتا في الأفعال، فجاز ائتمام المصلي في إحداهما بالمصلي في الأخرى، كالمتنفل خلف المفترض[25].

وقال النووي عند شرحه لحديث معاذ رضي الله عنه: "في هذا الحديث جواز صلاة المفترض خلف المتنفل؛ لأن معاذا كان يصلي الفريضة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسقط فرضه، ثم يصلي مرة ثانية بقومه، هي له تطوع، ولهم فريضة، وقد جاء هكذا مصرحا به في غير مسلم، وهذا جائز عند الشافعي - رحمه الله - وآخرين"[26].

 وقال رحمه الله في "المجموع": "مذهبنا جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفل، ومفترض في فرض آخر"[27].

وفي قول الحافظ ابن حجر ما يؤكد ذلك؛ حيث قال: واستدل بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، بناء على أن معاذا كان ينوي بالأولى الفرض وبالثانية النفل، ويدل عليه ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرهم من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب - أي: حديث معاذ - زاد «هي له تطوع، ولهم فريضة»، وهو حديث صحيح؛ إذ إن رجاله رجال الصحيح[28].

قال الشافعي: "هذا حديث ثابت، لا أعلم حديثا يروى من طريق واحد أثبت من هذا ولا أوثق - يعني: رجالا"[29].

وقد ساق ابن حجر دليلين آخرين على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل أو العكس:

أحدهما: قوله - صلى الله عليه وسلم - للرجلين اللذين لم يصليا معه: «إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة».

والآخر: أمره - صلى الله عليه وسلم - لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها أن "صلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم نافلة[30].

وقد سئل ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "عن رجل صلى مع الإمام، ثم حضر جماعة أخرى فصلى بهم إماما، فهل يجوز ذلك أم لا؟

فأجاب:... فإذا كان ذلك الإمام هو القارئ وهو المستحق للإمامة دونهم، ففعل ذلك في مثل هذه الحال حسن"[31].

وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": "واعلم أنه قد استدل بالرواية المتفق عليها - رواية صلاة معاذ بقومه - وتلك الزيادة المصرحة بأن صلاته بقومه كانت له تطوعا، على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل"[32].

وذهب إلى ذلك الصنعاني؛ حيث قال في "سبل السلام": "والحديث دليل على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل؛ فإن معاذا كان يصلي فريضة العشاء معه صلى الله عليه وسلم، ثم يذهب إلى أصحابه فيصليها بهم نفلا"[33].

وقال الشيخ الشنقيطي - رحمه الله - بشأن هذه المسألة: "... فالصحيح أنه لا حرج للمتنفل أن يؤم المفترضين، ولهذه المسألة نظائر وصور، منها:

لو أنه دخل وراء متنفل فإن اتحدت صورة الصلاة فلا إشكال، وإن اختلفت فلا؛ وبناء على ذلك لو أنه دخل والمتنفل يصلي التراويح فإنه يجوز له أن يصلي وراءه العشاء، سواء أكان مسافرا فيسلم بتسليم الإمام، أم كان مقيما فبعد تسليمه من الركعتين يقوم ويأتي بركعتين كأنه مسبوق، وهكذا الحال بالنسبة لبقية الصور، أما لو اختلفت صور الصلاتين، كأن تكون المغرب وراء العشاء، أو العشاء وراء المغرب، فإنه لا يصح الائتمام في هذه الحالة؛ لأنه يؤدي إلى اختلاج الصلاة، والمحفوظ من إقراره -صلى الله عليه وسلم- إنما هو في اتحاد صورة الصلاتين، أما في الاختلاف فإنه لم يثبت، فيبقى الأصل في متابعة الإمام على ما هو عليه"[34].

وجاء في فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - قال: "لا حرج في صلاة المفترض خلف المتنفل؛ لأنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أنواع صلاة الخوف أنه صلى بطائفة ركعتين ثم سلم، ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين ثم سلم، فكانت الأولى له فريضة والثانية نافلة، أما المصلون خلفه فهم مفترضون.

واستدل أيضا بحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، ثم قال: ومثل ذلك لو حضر إنسان في رمضان وهم يصلون التراويح، وهو لم يصل فريضة العشاء، فإنه يصلي معهم العشاء؛ ليحصل له فضل الجماعة، فإذا سلم الإمام قام وأتم صلاته"[35].

وإلى ذلك ذهب الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عندما سئل: هل يجوز للإنسان أن يصلي الفريضة خلف من يصلي نافلة؟ فقال: "الصحيح أنه لا يضر اختلاف نية الإمام والمأموم، وأنه يجوز للإنسان المفترض أن يصلي خلف الإنسان المتنفل؛ كما كان معاذ بن جبل يفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم... فإذا دخل إنسان المسجد وأنت تصلي فريضة أو نافلة، وقام معك لتصليا جماعة؛ فلا حرج، وصلاتكما صحيحة، فيدخل معك ويصلي ما يدركه معك، وبعد انتهاء صلاتك يقوم فيقضي ما بقي عليه إن كان فاته شيء، سواء كانت نافلة أو فريضة"[36].

أما من قالوا بعدم صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، فأدلتهم فقيرة لا تقوى أمام البحث؛ فقد استدلوا على مذهبهم بما يأتي:                                             

  • قولهصلىاللهعليهوسلم: «إنماجعلالإمامليؤتمبه؛فلاتختلفواعليه؛فإذاكبرفكبروا،وإذاركعفاركعوا،وإذاقال: سمعاللهلمنحمدهفقولوا: اللهمربنالكالحمد،وإذاسجدفاسجدوا،وإذاصلىجالسافصلواجلوساأجمعون»[37].

ووجه الدلالة أن هذا نهي، فإذا كانوا ناوين للفريضة وراءه فقد اختلفوا عليه، وبناء على ذلك لا يصح أن يوقع الفريضة مع إمام متنفل[38].

ولا حجة لهم في ذلك؛ "فالمراد به: لا تختلفوا عليه في الأفعال؛ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:«... فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا...»، ولهذا يصح ائتمام المتنفل بالمفترض مع اختلاف نيتهما"[39].

قال النووي في "المجموع": أما الجواب عن حديث «إنما جعل الإمام ليؤتم به...» فهو أن المراد: ليؤتم به في الأفعال لا في النية؛ ولهذا قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا...» [40].

وقال الشوكاني: "ورد بأن الاختلاف المنهي عنه مبين في الحديث بقوله: «فإذا كبر فكبروا...»، ولو سلم أنه يعم كل اختلاف لكان حديث معاذ ونحوه مخصصا له"[41].

وجاء في كتاب "شرح كتاب الصلاة من عمدة الطالب": "وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «فلا تختلفوا عليه» نقول: المراد بذلك: الاختلاف في الأفعال... ويفسره الحديث؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا...». لا تخالف الإمام، هذا هو المقصود، كبر مع الإمام، واركع مع الإمام، واسجد مع الإمام، هذا المراد بالاختلاف، وافقه في ذلك، لا تختلف عليه"[42].

فالمتابعة لا تخرج عن ثلاثة أقسام:

  1. المتابعة في تكبيرة الإحرام.
  2. المتابعة في السلام.
  3. المتابعة في الركوع والسجود[43].

"ولهذا جاء التعبير النبوي بقوله «لا تختلفوا عليه»، ولم يقل: (لا تختلفوا عنه) فتنوي غير ما نوى، وبين العبارتين فرق، فإذا قيل: لا تختلف على فلان صار المراد بالاختلاف المخالفة، كما يقال: لا تختلفوا على السلطان؛ أي: لا تنابذوه وتخالفوه فيما يأمركم به من المعروف، وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - عدم المخالفة بقوله:«لا تختلفوا عليه»؛ أي: في الأفعال"[44].

  • أنالنبي - صلىاللهعليهوسلم - قدأنكرعلىمعاذذلك؛فقاللهفيالروايةالصحيحة: «... يامعاذبنجبل،لاتكنفتانا،إماأنتصليمعي،وإماأنتخففعلىقومك...» الحديث[45].

ووجه الاستدلال بذلك أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا لمعاذ يدل على أنه - عند رسول الله صلى الله عليه وسلم - كان يفعل أحد الأمرين، إما الصلاة معه أو بقومه، وأنه لم يكن يجمعهما؛ لأنه قال: "إما أن تصلي معي"؛ أي: ولا تصل بقومك، "وإما أن تخفف بقومك" أي: ولا تصل معي[46].

قال ابن حجر: "وهذا فيه نظر؛ لأن لمخالفه أن يقول: بل التقدير إما أن تصلي معي فقط إذا تخفف، وإما أن تخفف بقومك فتصلي معي، وهو أولى من تقديره؛ لما فيه من مقابلة التخفيف بترك التخفيف؛ لأنه هو المسئول عنه المتنازع فيه"[47].

وقال البيهقي: "وحين حكى الرجل فعل معاذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر منه إلا التطويل، ولم يفصل في الإمامة، ولو كان فيها تفصيل لعلمه إياه كما علمه ترك التطويل"[48].

وقد رده الشوكاني - أيضا - "بأن غاية ما في هذا أنه أذن بالصلاة معه والصلاة بقومه مع التخفيف، والصلاة معه فقط مع عدمه"[49].

  • تكونعلىهذهالحالصلاةالمأمومأعلىمنصلاةالإمامفيالصورة،ولاينبغيأنيصليالأعلىخلفالأدنى؛فلاتصح[50].

ولا عبرة بذلك؛ "فمن الذي أصل هذه القاعدة؟! وقد دل حديث عمرو بن سلمة الجرمي على أنه يصح أن يأتم الأعلى بالأدنى، فإن قومه يصلون الصلاة فريضة، وهو يصليها نفلا؛ فهذه القاعدة غير مسلمة، ولهذا صح أن يصلي القادر على الأركان بالعاجز عنها"[51].

فأدلتهم على ذلك مردودة، لا تقوى للاستدلال بها.

وقد أجاب القائلون بعدم صحة صلاة المفترض خلف المتنفل عن حديث معاذ بوجوه:

الأول: أن حديث معاذ محمول على أنه كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - النافلة، ويأتي قومه فينوي الفريضة.

قال الطحاوي: "يجوز أن يكون كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نافلة، ثم يأتي قومه فيصلي بهم فريضة"[52]. وهذا لا يصح، وجوابه من أوجه ذكرها النووي في "المجموع":

 أحدها: أن هذا مخالف لصريح الرواية.

ثانيها: الزيادة التي ذكرناها «هي له تطوع ولهم فريضة» صريح في الفريضة، ولا يجوز حملها على تطوع.

ثالثها: جواب الشافعي والخطابي وأصحابنا وخلائق من العلماء: أنه لا يجوز أن يظن بمعاذ - مع كمال فقهه وعلو مرتبته - أن يترك فعل فريضة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي مسجده، والجمع الكثير المشتمل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى كبار المهاجرين والأنصار، ويؤديها في موضع آخر، ويستبدل بها نافلة!

قال الشافعي: كيف يظن أن معاذا يجعل صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - التي لعل صلاة واحدة معه أحب إليه من كل صلاة صلاها في عمره ليست معه وفي الجمع الكثير - نافلة؟!

رابعها: جواب الخطابي وغيره: ولا يجوز أن يظن بمعاذ أنه يشتغل بعد إقامة الصلاة لرسول الله ولأصحابه بنافلة مع قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»[53] [54].

وأضاف ابن حزم الأندلسي: أنهم بذلك قد نسبوا إلى معاذ ما لا يجوز عندهم ولا عند غيرهم، من أن يصلي نافلة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعاذ لم يصل ذلك الفرض بعد، وهو -صلى الله عليه وسلم- يصلي فرضه[55].

قال ابن حجر: "فهذا إن كان كما قال نقص قوي"[56].

الثاني: من إجابة القائلين بعدم صحة صلاة المفترض خلف المتنفل عن حديث معاذ - أنه يجوز أن تكون هذه الزيادة - "هي له نافلة، ولهم فريضة" - من قول ابن جريج، أو من قول عمرو بن دينار، أو من قول جابر.

 فمن أي هؤلاء الثلاثة كان القول، فليس فيه دليل على حقيقة فعل معاذ أنه كذلك أم لا؛ لأنهم لم يحكوا ذلك عن معاذ، إنما قالوا قولا على أنه عندهم كذلك، وقد يجوز أن يكون في الحقيقة بخلاف ذلك[57].

ورد ذلك بأنهم لا يختلفون في أن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره - حجة، والواقع هنا كذلك؛ فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة[58].

قال ابن حزم: "إنه كان فيمن يصلي في مسجد بني سلمة - الذي كان يؤم فيه معاذ بن جبل - ثلاثون عقبيا، وثلاثة وأربعون بدريا سوى غيرهم"[59].

وجاء في "فتح الباري": "ولا يحفظ عن غيرهم من الصحابة امتناع ذلك، بل قال معهم بالجواز عمر وابن عمر وأبو الدرداء وأنس وغيرهم"[60].

قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار": "الظاهر أن قوله: "هي له تطوع، ولهم مكتوبة" من قول جابر بن عبد الله، وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم بالله وأخشى لله من أن يقولوا مثل هذا إلا بعلم"[61].

ورد الشوكاني - أيضا - ذلك، وعلله بقوله: "أن جابر كان ممن يصلي مع معاذ، فهو محمول على أنه سمع ذلك منه، ولا يظن بجابر أنه أخبر عن شخص بأمر غير معلوم له، إلا أن يكون ذلك الشخص أطلعه؛ فإنه أتقى لله وأخشى"[62].

الثالث: إذا ثبت ذلك عن معاذ فلعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم بذلك.

قال الطحاوي: "ولو ثبت ذلك أيضا عن معاذ لم يكن في ذلك دليل أنه كان بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو أخبره به لأقره عليه أو غيره"[63].

وهذا مردود من وجهين:

أحدهما: إن كان قد علم فهذا هو المطلوب، والظاهر أنه علم؛ لأن معاذ بن جبل شكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أنه يطيل، ولا يبعد أن يقال للرسول - صلى الله عليه وسلم: إن هذا الرجل يأتي متأخرا، يصلي عندك ثم يأتينا ويطيل بنا، بل قد جاء ذلك مصرحا به في (صحيح مسلم): «... إن معاذا صلى معك العشاء، ثم أتى فافتتح بسورة البقرة...» الحديث" [64].

ثانيهما: إذا فرضنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم، فإن الله -عز وجل- قد علم فأقره، ولو كان هذا أمرا لا يرضاه الله لم يقره على فعله، كما قال الله -عز وجل- منكرا على من يستخفون بالمعصية: )يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا (108)( (النساء: ١٠٨).

ولهذا استدل الصحابة على جواز العزل بأنهم كانوا يفعلونه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كانوا يفعلون ذلك في زمن نزول القرآن، ولو كان لا يحل لنهاهم الله عنه[65].

الرابع: من إجابة القائلين بعدم صحة صلاة المفترض خلف المتنفل عن حديث معاذ - أنه قد وقع ذلك من معاذ للضرورة؛ لقلة القراء، في ذلك الوقت.

ولا يصح ذلك؛ لأن القدر المجزئ من القراءة في الصلاة كان حافظوه كثيرا، وما زاد لا يكون سببا لارتكاب أمر ممنوع منه شرعا في الصلاة[66].

وقد استنكر ذلك ابن حزم، فقال: "إننا نجد الزنجي والتركي والصقلي والرومي واليهودي يسلمون، فلا تمضي لهم جمعة إلا وقد تعلمت المرأة منهم والرجل أم القرآن وقل هو الله أحد، ومما يقيمون به صلاتهم... أفما كان في جميع هؤلاء الفضلاء أحد يحسن من القرآن ما يصلي به؟! وكان من جملتهم جابر بن عبد الله ووالده، وكعب بن مالك، وأبو اليسر، والحباب بن المنذر، ومعاذ ومعوذ وخلاد بنو عمرو بن الجموح، وعقبة بن عامر بن نابئ، وبشر بن البراء بن معرور، وجبار بن صخر، وغيرهم من أهل العلم والفضل"[67].

الخامس: أن الحديث منسوخ بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - الذي نهى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أن تصلى الفريضة مرتين في اليوم الواحد، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا فريضة في يوم مرتين».

ولم يسلم هذا القول، بل رد بأن الجمع هنا ممكن فلا يصار إلى النسخ، كما أن عدم العلم بتاريخ النصوص يمنع القول بذلك، وهذا ما بسطنا القول فيه في الوجه الأول.

خلاصة القول فيما سبق أن صلاة المفترض خلف من يصلي نافلة صحيحة؛ لقوة أدلة القائلين بذلك، ولا يلتفت إلى قول المانعين؛ لضعف أدلتهم وردها.

الخلاصة:

  • إنحديثجابر - رضي الله عنه - في صلاة معاذ - رضي الله عنه - بقومه العشاء الآخرة بعد أن صلاها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث صحيح، بل في أعلى درجات الصحة؛ لرواية الشيخين له في صحيحهما.
  • وكذاحديثه - رضياللهعنه - فيصلاةالخوفحديثصحيحفيأعلىدرجاتالصحة؛لروايتهما له في صحيحيهما.
  • إنحديثجابر - رضياللهعنه - صريحفيصحةصلاةالمفترضخلفمنيصلينفلا؛لأنمعاذا - رضياللهعنه - كانيصليفريضةالعشاءخلفالنبي - صلىاللهعليهوسلم -،ثميرجعفيؤمقومهتلكالصلاة،وكانتالصلاةالأولىلهخلفالنبي - صلىاللهعليه وسلم - فرضا، بينما كانت صلاته بقومه نفلا، وهذا ما جاء صريحا في الزيادة التي أوردها الدارقطني بسند صحيح، قال: «هي له نافلة، ولهم فريضة». أما صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخوف بالطائفة الأولى فكانت له فرضا، بينما صلاته - صلى الله عليه وسلم - بالطائفة الأخرى كانت نفلا، وكانوا هم وراءه مفترضين.
  • إنحديثابنعمر - رضياللهعنهما - عنالنبيصلىاللهعليهوسلم: «لاتصلواصلاةفييوممرتين»حديثحسن،أخرجهأبوداودفيسننه،وحسنالألبانيسندهفيأكثرمنموضع.
  • لقدتقررفيعلمالأصولأنهلايصارإلىالنسخ إلا إذا تعذر الجمع، فإن بدا تعارض بين خبرين صحيحين سندا، وأمكن الجمع بينهما، فلا يقال بالنسخ مطلقا.
  • إنحديثيجابر - رضياللهعنه - فيصلاةالمفترضخلفالمتنفلليسامنسوخينبحديثابنعمر - رضياللهعنهما؛لإمكانالجمعبينها؛فقدجمعالفقهاءبينهابأنالمراد من النهي في حديث ابن عمر أن تعاد الصلاة في اليوم مرتين على نية الفريضة في كل منهما، أما حديثا جابر - رضي الله عنه - فلم تكن الصلاتان فيهما على نيه الفرض؛ بل كانت في الأولى منهما فريضة، وفي الثانية نفلا، فلا إعادة تنكر حينئذ.
  • إنصلاةالمفترضخلفالمتنفل صحيحة مجزئة؛ لقوة الأدلة على ذلك، منها حديثا جابر - رضي الله عنه - وكذا الأحاديث الثابتة الأخرى في حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على إعادة الصلاة لمن فاتته الجماعة؛ ليحصل له فضل الصلاة في جماعة، وهذا هو الراجح.
  • ليستصلاةالمفترضخلفالمتنفلمنالاختلاف على الإمام؛ لأن المراد من قوله - صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه»؛ أي: في الأفعال، لا النـيات، وهذا ما فسره الحديث نفسه؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: «... فإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا...». وذهب آخرون إلى عدم صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، واستدلوا على مذهبهم بأدلة لا تقوى على الاستدلال، ثم إنهم قد أجابوا عن حديث معاذ - رضي الله عنه - بوجوه لم تثبت.

 

 

(*)لا نسخ في السنة، د. عبد المتعال محمد الجبري، مكتبة وهبة، مصر، ط1، 1415هـ/ 1995م.

[1]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأذان، باب: إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج فصلى، (2/ 226)، رقم (700). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في العشاء، (3/ 1034، 1035)، رقم (1024).

[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرفاع، (7/ 491)، رقم (4136). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الخوف، (4/ 1432)، رقم (1917).

[3]. صحيح: أخرجه النسائي في سننه، كتاب: صلاة الخوف، (1/ 262)، رقم (1566). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي برقم (1555).

[4]. صحيح لغيره: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث أبي بكرة رضي الله عنه، رقم (20515). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: صحيح لغيره.

[5]. حسن صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الصلاة، باب: إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة يعيد، (2/ 201)، رقم (575). وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (579): حسن صحيح.

[6]. صحيح: أخرجه الدارقطني في سننه، كتاب: الصلاة، باب: ذكر صلاة المفترض خلف المتنفل، (1/ 275)، رقم (2). وصححه الألباني في إرواء الغليل برقم (295).

[7]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (4/ 89، 90).

[8]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (4/ 1433).

[9]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار... (3/ 1224)، رقم (1438).

[10]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار... (3/ 1225، 1226)، رقم (1444).

[11]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الصلاة، باب: فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم، (2/ 199)، رقم (571). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (575).

[12]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الصلاة، باب: في الجمع في المسجد مرتين، (2/ 198)، رقم (570). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (574).

[13]. الاستذكار، ابن عبد البر، تحقيق: سالم محمد عطا ومحمد علي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1421هـ/ 2000م، (2/ 156).

[14]. المحلى، ابن حزم، تحقيق: أحمد شاكر، دار التراث، القاهرة، د. ت، (4/ 233).

[15]. عون المعبود شرح سنن أبي داود، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (2/ 202).

[16]. معرفة السنن والآثار، البيهقي، (4/ 330).

[17]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (2/ 230).

[18]. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405هـ/ 1985م، ص223.

[19]. نصب الراية لأحاديث الهداية، الزيلعي، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1418هـ/ 1997م، (2/ 149).

[20]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (3/ 1035).

[21]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (23/ 260).

[22]. الجامع لأحكام الصلاة، محمود عبد اللطيف عويضة، دار الوضاح، الأردن، ط3، 2003م، (3/ 183).

[23]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: من أحق بالإمامة؟ (3/ 1250)، رقم (1504).

[24]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المغازي، باب رقم (53)، (7/ 616)، رقم (4302).

[25]. المغني، ابن قدامة المقدسي، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو، دار هجر، القاهرة، 1412هـ/ 1992م، (3/ 67، 68) بتصرف.

[26]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (3/ 1035).

[27]. المجموع شرح المهذب، النووي، دار الفكر، بيروت، د. ت، (4/ 571).

[28]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (2/ 229) بتصرف.

[29]. المجموع شرح المهذب، النووي، دار الفكر، بيروت، د. ت، (4/ 271).

[30]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (2/ 230) بتصرف.

[31]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (23/ 388).

[32]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار مصطفي الباز، مكة المكرمة، ط1، 1421هــ/ 2001م، (4/ 1744).

[33]. سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام، محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، تحقيق: محمد صبحي حسن حلاق، دار ابن الجوزي، السعودية، ط1، 1418هـ/ 1997م، (3/ 87).

[34]. شرح زاد المستقنع، الشنقيطي، (61/ 12).

[35]. مجموع فتاوى ابن باز، أشرف علي جمعه: محمد بن سعد الشويعر، (12/ 179).

[36]. مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين، (12/ 365).

[37]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإمام، (3/ 991)، رقم (905).

[38]. شرح زاد المستقنع، الشنقيطي، (61/ 12).

[39]. المغني، ابن قدامة المقدسي، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو، دار هجر، القاهرة، 1412هـ/ 1992م، (3/ 68).

[40]. المجموع شرح المهذب، النووي، دار الفكر، بيروت، د. ت، (4/ 272).

[41]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار مصطفي الباز، مكة المكرمة، ط1، 1421هــ/ 2001م، (4/ 1746).

[42]. شرح كتاب الصلاة من عمدة الطالب، خالد بن علي المشيقح، (1/ 432).

[43]. انظر: فقه العبادات على المذهب المالكي، الحاجة كوكب عبيد، (1/ 219، 218).

[44]. الشرح المممتع على زاد المستنقع، ابن عثيمين، (4/ 198).

[45]. صحيح لغيره: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الكوفيين، حديث سليم من بني سلمة رضي الله عنه، رقم (20718). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: صحيح لغيره.

[46]. شرح معاني الآثار، الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 1416هـ/ 1996م، (1/ 410) بتصرف.

[47]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (2/ 231، 230).

[48]. معرفة السنن والآثار، البيهقي، (4/ 330).

[49]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار مصطفي الباز، مكة المكرمة، ط1، 1421هــ/ 2001م، (4/ 1744).

[50]. الشرح الممتع على زاد المستقنع، ابن عثيمين، (4/ 196).

[51]. الشرح الممتع على زاد المستقنع، ابن عثيمين، (4/ 198).

[52]. شرح معاني الآثار، الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 1416هـ/ 1996م، (1/ 408).

[53]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، (3/ 1296)، رقم (1615).

[54]. المجموع شرح المهذب، النووي، دار الفكر، بيروت، د. ت، (4/ 272).

[55]. المحلى، ابن حزم، تحقيق: أحمد شاكر، دار التراث، القاهرة، د. ت، (4/ 231) بتصرف.

[56]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (2/ 229).

[57]. شرح معاني الآثار، الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 1416هـ/ 1996م، (1/ 409) بتصرف.

[58]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (2/ 230) بتصرف.

[59]. المحلى، ابن حزم، تحقيق: أحمد شاكر، دار التراث، القاهرة، د. ت، (4/ 234).

[60]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (2/ 229).

[61]. معرفة السنن والآثار، البيهقي، (4/ 330).

[62]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار مصطفي الباز، مكة المكرمة، ط1، 1421هــ/ 2001م، (4/ 1745).

[63]. شرح معاني الآثار، الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 1416هـ/ 1996م، (1/ 409).

[64]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في العشاء، (3/ 1034)، رقم (1022).

[65]. الشرح الممتع على زاد المستقنع، ابن عثيمين، (4/ 197) بتصرف.

[66]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (2/ 231) بتصرف.

[67]. المحلى، ابن حزم، تحقيق: أحمد شاكر، دار التراث، القاهرة، د. ت، (4/ 234، 235).

 

  • الاحد PM 03:43
    2020-10-18
  • 1433
Powered by: GateGold