المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413434
يتصفح الموقع حاليا : 252

البحث

البحث

عرض المادة

الطعن في أحاديث انشقاق القمر

الطعن في أحاديث انشقاق القمر(*)

مضمون الشبهة:

يطعن بعض المتوهمين في الأحاديث الدالة على معجزة انشقاق القمر، مستدلين على ذلك بأن هذه الأحاديث متضاربة، وهي روايات آحاد ليست متواترة؛ لأنها لو تواترت لأفادت علما قطعيا، ولو حدث لأعقبه عقاب للمكذبين كدأب الذين من قبلهم، فقد أهلكهم الله بعد أن أراهم الآيات، ثم إن أحاديث انشقاق القمر تتناقض مع قول الله سبحانه وتعالى: )وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون( (الإسراء: ٥٩)، فإذا كان إرسال الآية ممتنعا لتكذيب الأولين بالآيات - وانشقاق القمر آية - فكيف تصح أحاديث تخالف القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟! رامين من وراء ذلك إلى الطعن في السنة النبوية، وأنها تخالف مسلمات القرآن.

وجها إبطال الشبهة:

1) إن الأحاديث التي تناولت معجزة انشقاق القمر أحاديث صحيحة في أعلى درجات الصحة؛ لتواترها عن جمع كثير من الصحابة، وخرجها أئمة الحديث في كتبهم كالبخاري ومسلم وأصحاب السنن، ولا تعارض بينها، وليس في ذلك مخالفة للسنة الكونية في إهلاك المكذبين عقب رؤيتهم للآية؛ لأنه لو كان هذا صحيحا، لما تركهم الله بعد نزول القرآن على نبيه ساعة من نهار.

2)   ليس هناك تعارض بين ثبوت معجزة الانشقاق، وبين قول الله سبحانه وتعالى: )وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا (59)( (الإسراء)؛ لأن هذه الآية خاصة بما اقترحه المشركون على النبي - صلى الله عليه وسلم - من آيات ذكرت قبل هذه الآية، مثل تفجير الأرض والرقي في السماء، أما معجزة الانشقاق فلا تدخل تحت هذه الآية؛ لأنها غير مقترحة، بل هي طلب دليل تصديق.

التفصيل:

أولا. أحاديث انشقاق القمر صحيحة ومتواترة:

إن أحاديث انشقاق القمر قد أجمع جم غفير من أهل العلم على صحتها، وهذه الأحاديث على اختلاف ألفاظها وتعدد طرقها في أعلى درجات الصحة، ومعظمها وارد في الصحيحين البخاري ومسلم، وهما أصح كتب الحديث، وإليك سياق الأحاديث وطرقها؛ لتعلم أنها من الصحيح المتواتر، لا من الآحاد الذي هو ظني الثبوت.

  • روايةعبداللهبنمسعود: قال: «انشقالقمرفيعهدرسولالله - صلىالله عليه وسلم - فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا». وبلفظ آخر: «انشق القمر ونحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصار فرقتين، فقال لنا: اشهدوا، اشهدوا»[1].
  • روايةعبداللهبنعباس: قال: «انشقالقمرفيزمانالنبي صلى الله عليه وسلم»[2].
  • روايةأنسبنمالك: قال: «سألأهلمكةأنيريهمآية،فأراهمانشقاقالقمر»[3]. وفيروايةأخرىله: «انشقالقمرفرقتين»[4].
  • روايةجبيربنمطعم: قال: «انشقالقمرعلىعهدرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - فصارفرقتين: فرقةعلىهذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل، فقالوا: سحرنا محمد، فقالوا: إن كان سحرنا؛ فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم»[5].
  • روايةعبداللهبنعمر: قال: «فيقولهسبحانهوتعالى: )اقتربتالساعةوانشقالقمر (1)( (القمر) قدكانذلكعلىعهدرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - انشق فلقتين: فلقة من دون الجبل، وفلقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اشهد»[6].

وهذه الروايات كلها صحيحة متواترة في كتب السنة، قوية لا تقبل الطعن فيها.

كما أجمع جمهور العلماء سلفا وخلفا على تواتر هذه الأحاديث، ونقل هذا الإجماع الإمام الكتاني في كتابه "نظم المتناثر"، فقال: قال التاج ابن السبكي في شرحه لمختصر ابن الحاجب: الصحيح عندي أن انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن، مروي في الصحيحين وغيرهما، من طرق من حديث شعبة عن سليمان بن مهران عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود، ثم قال: وله طرق أخرى شتى، بحيث لا يمترى في تواتره.

وقال القاضي عياض في "الشفا" بعد ما ذكر أن كثيرا من الآيات المأثورة عنه - صلى الله عليه وسلم - معلومة بالقطع ما نصه: أما انشقاق القمر فالقرآن نص بوقوعه، وأخبر بوجوده، ولا يعدل عن ظاهره إلا بدليل، وجاء برفع احتماله صحيح الأخبار من طرق كثيرة، فلا يوهن عزمنا خلاف أخرق منحل عري الدين، ولا يلتفت إلى سخافة مبتدع يلقي الشك في قلوب الضعفاء المؤمنين، بل نرغم بهذا أنفه، وننبذ بالعراء سخفه.

وفي أمالي الحافظ ابن حجر: أجمع المفسرون وأهل السير على وقوعه. قال: ورواه من الصحابة علي وابن مسعود وحذيفة وجبير بن مطعم وابن عمر وابن عباس وأنس، وقال القرطبي في "المفهم": رواه العدد الكثير من الصحابة، ونقله عنهم الجم الغفير من التابعين فمن بعدهم.

وفي "المواهب اللدنية": جاءت أحاديث الانشقاق في روايات صحيحة عن جماعة من الصحابة، منهم أنس وابن مسعود وابن عباس وعلي وحذيفة وجبير بن مطعم وغيرهم.

وجاء في نظم السيرة لأبي الفضل العراقي:

فصار فرقتين فرقة علت

وفرقة للطود منه نزلت

وذاك مرتين بالإجماع

والنص والتواتر السماعي

وقال تلميذه ابن حجر في "فتح الباري" ما ملخصه: وأظن قوله: "بالإجماع" يتعلق بـ (انشق) لا بـ "مرتين"، فإني لا أعلم من جزم من علماء الحديث بتعدد الانشقاق في زمنه صلى الله عليه وسلم.

وفي المواهب: لعل القائل: "مرتين" أراد به: فرقتين، وهذا الذي لا يتجه إلى غيره؛ جمعا بين الروايات[7].

وبهذا يتبين أن أحاديث انشقاق القمر لا خلاف في أنها صحيحة متواترة معضدة بعضها بعضا، ناقلة لمعجزة قرآنية صريحة البيان فيه.

وأما قولهم: إنها روايات مختلفة متضاربة فيجب تساقطها؛ لأن بعضها يقول: انشق القمر ونحن في مكة، وبعضها يقول: ونحن في منى. وبعضها يطلق الانشقاق ولا يقيد مكانه. وبعضها يقول: فرأيناه منشقا فوق جبل كذا. وبعضها يقول: فصار ذلك الجبل بين شقتي القمر.

فالجواب: ليس هنالك تخالف أو شبه تخالف بين أن يقولوا: انشق ونحن في مكة، أو أن يقولوا: انشق ونحن في منى!!

فإن قولهم «ونحن في مكة» يريدون أن ذلك وقع قبل الهجرة إلى المدينة، وقد جاء مصرحا به في بعض الروايات، ولفظه «قبل أن نصير إلى المدينة»، ولا شك أن من كان في منى يقول له من هو في الخارج: إنه في مكة.

وفي القاموس: "ومنى - كإلى -: قرية في مكة".

وأما الرواية التي ذكرت الانشقاق مهملة، ولم تذكر مكانا فليس فيها ما يسمى مخالفة للروايات التي ذكرت أنهم كانوا في منى أو في مكة ألبتة.

وهل إذا قال قائل: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل كذا، وقال آخر: رأيته يعمل ذلك العمل في مكان كذا، يعد هذا تخالفا موجبا تساقط الروايتين؟! اللهم لا.

فكذا قولهم في بعض الروايات: إنه «انشق فوق الجبل» والقول الآخر: إنه «رئي بين شقتي القمر» ليس فيه تخالف مطلقا.

ثم إن الاختلاف في صفة الأمر ليس من الاختلاف الذي يوجب أن يقال: تخالفتا فتساقطتا؛ فإن الاختلاف في صفات الشيء ليس اختلافا في الشيء ضرورة. ولا يوجد أمر نقلي عظيم إلا ويوجد اختلاف في كثير من أوصافه.

وقد نجد اختلافا في صلاته - صلى الله عليه وسلم - وحجه، وصيامه، وجهاده، وولادته، وصورته، وحياته. فهل نقول في ذلك: تخالفتا فتساقطتا، فنقول: إنه لم تكن له صلاة ولا صيام إلى آخره؟!

وكذلك نجد اختلافا في أحوال الجنة والنار، والسماء والأرض، وفي الحساب والعقاب، وفي الأنبياء، والملائكة، والجن. فهل يقال في هذه الأخبار: إنها متساقطة كلها، فيبني عليه أن تكون هذه الأشياء غير موجودة؟!

فمن الثابت لدى العلماء أن الروايات التي يقال فيها: "تخالفتا فتساقطتا" هي الروايات المختلفة في أصل المعنى. فلو جاء خبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لم ينشق القمر، ولن ينشق، وجاءت رواية أخرى عنه - صلى الله عليه وسلم - يقول فيها: أنه انشق، أو سوف ينشق، لأمكن أن يعد بعض الناس هذا النوع من المتخالف المتساقط[8].

لقد طلب مشركو مكة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يريهم آية على أنه رسول رب العالمين، فسأل الله تبارك وتعالى، فانشق القمر شقتين، شقة أمام الجبل، وشقة خلفه، وأيد الله رسوله، وأجرى على يديه المعجزة القائلة: "صدق عبدي فيما يبلغ عني"، قال سبحانه وتعالى: )اقتربت الساعة وانشق القمر (1) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2)( (القمر).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن أهل مكة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر».

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «انشق القمر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - شقتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اشهدوا».

إن التواتر يراد به شهرة المتواتر وذيوعه، وكثرة من رووه وعرفوه، وهذا ما ينطبق على حديث انشقاق القمر. فقد اشتهر أيما اشتهار، وروي فيما لا يعد من الكتب القديمة والحديثة، وعرفه الخاصة والعامة، وما برح المسلمون يستدلون به على المخالفين، ويضعونه في حساب المعجزات الإسلامية، وكم من الأمور التي يؤمن بها هؤلاء المتوهمون لم تشتهر اشتهار انشقاق القمر.

إن الانشقاق جاء في القرآن، والقرآن متواتر، وليس بلازم أن يكون التواتر روايات الحديث، وإنما المراد التواتر فقط، سواء أكان بالحديث أم بما هو أثبت منه وهو القرآن.

فإن قيل: إن سنة الله التي لا تبديل لها أن يهلك المكذبين بلا إمهال بعد أن يرسل الآيات المادية، فإذا ما أنزل على أمة من الأمم آية مادية من الآيات معجزة لرسول من الرسل، فلم يؤمنوا وأصروا على كفرانهم وضلالهم، أهلكهم بلا إمهال، كما أهلك قوم نوح وصالح وموسى وشعيب ولوط وغيرهم.

فلو كان القمر انشق حقيقة معجزة له - صلى الله عليه وسلم - لوجب أن يهلك قريشا؛ لأنهم لم يؤمنوا بعد ذلك، بل كذبوا وأعرضوا، كما قال سبحانه وتعالى: )وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر (3)( (القمر)، وهم لم يهلكوا، فلا جرم أن تكون مسألة الانشقاق أسطورة من الأساطير.

وبيان ذلك أن الله لم يهلك المكذبين الكافرين بمجرد أن كذبوا بعدما رأوا الآيات، سواء أكانت باقتراح أم بغير اقتراح، وإنما أهلك تلك الأمم بعد أن أسرفوا في الفساد، وتمادوا في الكفر، حتى قنط أنبياؤهم من إيمانهم، فنوح - عليه السلام - لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وهم له مكذبون كافرون، بعد أن أرسل الله لهم الآيات بأعوام، ولم يهلكهم إلا بعد أن أيس نوح من إيمانهم وإيمان ذرياتهم، فدعا الله عليهم فأهلكهم في هذه المدة المديدة، وكذلك فرعون وقومه لم يغرقوا بمجرد أن كذبوا موسى - عليه السلام - بعد أن جاءهم بالآيات التي اقترحوها، وإنما أغرقوا بعد أن هرب موسى بقومه، فاتبعوهم؛ لأخذهم وإبادتهم، فأخذهم الله ذلك الأخذ الشديد، ونجى رسوله وقومه، وما كان إغراقهم بمجرد التكذيب، وإلا لما تركوا إلى ذلك اليوم.

ومثل ذلك قوم صالح - عليه السلام - لم يهلكوا بعد أن جاءهم صالح بالآية الكبرى - وهي ناقة الله - وكذبوا، بل أهلكوا بعد أن عقروها، وما كان مطلق التكذيب موجبا ذلك.

ومثل هؤلاء قوم لوط، لم يأخذهم الله ذلك الأخذ بالتكذيب فقط، بل بأن أرادوا أن يعملوا تلك الفاحشة الشنعاء بأضياف لوط، وهم ملائكة الله.

وهكذا شأن من أخذه الله، فليس من سنة الله أن يهلك الأقوام لمجرد تكذيب الآيات مقترحة وغير مقترحة.

فإذا انشق القمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يؤمن قومه لم يوجب ذلك أن يهلكوا على الفور؛ فليس ذلك من سنة الله.

وهل يمكن أن يقال: إن من حكمة الله وسنته أن يهلك قريشا لما كفروا بعد أن انشق القمر، والله يعلم أنهم سوف يؤمنون قبل موت رسوله، وسوف يفتح بهم البلاد والقلوب، وسوف يكونون من حزبه وحزب رسوله المفلحين، وسوف يخلق الله من ذريتهم أولئك العلماء والأبطال والعباد الذين سطر الدهر تاريخهم من نور وفضائل؟!

كلا، فليس إهلاك هؤلاء من سنة الله ولا حكمته، وإنما سنته أن يهلك أمثال قوم نوح - عليه السلام - الذين لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وهم لا يزدادون إلا عنادا وكفرا، ولا يلدون إلا فاجرا كفارا. هذه سنة الله وحكمته...

ولو فرضنا أن الله أهلك الأمم الخالية بمجرد التكذيب بعد أن أتت الآيات، لم نعلم من ذلك أن الله لا بد أن يهلك كل من كذب.

أوليس يزعم هؤلاء أن آيات جميع الأنبياء الأولين مادية، فهل يقال: إن سنة الله التي لا تبديل لها أن تكون كل آيات الأنبياء كذلك؟!

إن ذلك يكذبه أن معجزة محمد - صلى الله عليه وسلم - علمية وهي القرآن، وإذا كانت سنة الله إبادة المكذبين بعد إرسال الآيات، فلم لم يهلك قريشا وقد كذبوا رسولهم بعد أن جاءهم بآية الآيات وهي القرآن؟![9].

ومعجزة انشقاق القمر أيضا قال عنها المناوي: "وهذا أمر بالإجماع لا نزاع فيه؛ لثبوته بنص القرآن والسنة، ويبلغ حد التواتر، وحصل به العلم اليقيني السماعي من الجم الغفير"[10].

وبهذا يتضح أن معجزة انشقاق القمر قد ثبتت بأحاديث متواترة صحيحة، كما أن الطعن فيها يؤدي إلى الطعن في الآيات القرآنية الواردة في هذه المعجزة؛ فالآيات والأحاديث يثبتان هذه المعجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأن ذلك كان في مكة قبل الهجرة، وبهذا قال السلف، وهو لا يخالف سنة الله الكونية.

ثانيا. القرآن يصدق معجزة انشقاق القمر ويؤيدها ولا يخالفها:

لقد صرح القرآن تصريحا بينا في الحديث عن معجزة انشقاق القمر، وذلك في سورة القمر في قوله سبحانه وتعالى: )اقتربت الساعة وانشق القمر(، وهذا قول القرآن، وما أصح من كتاب الله كتاب، والطعن في حرف واحد منه طعن فيه بأكمله.

حكى الإمام الشوكاني أقوال المفسرين في هذه الآية قائلا: "قوله: )وانشق القمر( أي: وقد انشق القمر، وكذا قرأ حذيفة بزيادة قد، والمراد: الانشقاق الواقع في أيام النبوة، معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى هذا ذهب الجمهور من السلف والخلف، قال الواحدي: وجماعة المفسرين على هذا إلا ما روى عثمان بن عطاء عن أبيه أنه قال: المعنى: سينشق القمر، والعلماء كلهم على خلافه، قال: وإنما ذكر اقتراب الساعة مع انشقاق القمر؛ لأن انشقاقه من علامات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ونبوته وزمانه من أشراط اقتراب الساعة.

قال ابن كيسان: في الكلام تقديم وتأخير، أي: انشق القمر واقتربت الساعة.

قال ابن كثير: قد كان الانشقاق في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة، قال: وهذا أمر متفق عليه بين العلماء، أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات.

قال الزجاج: زعم قوم عندوا عن القصد وما عليه أهل العلم أن تأويله القمر ينشق يوم القيامة، والأمر بين في اللفظ وإجماع أهل العلم؛ لأن قوله: )وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر( يدل على أن هذا كان في الدنيا لا في القيامة انتهى. ولم يأت من خالف الجمهور وقال: إن الانشقاق سيكون يوم القيامة إلا بمجرد استبعاد، فقال: لأنه لو انشق في زمن النبوة لم يبق أحد إلا رآه؛ لأنه آية والناس في الآيات سواء، ويجاب عنه بأنه لا يلزم أن يراه كل أحد لا عقلا ولا شرعا ولا عادة، ومع هذا فقد نقل إلينا بطريق التواتر، وهذا بمجرده يدفع الاستبعاد ويضرب به في وجه قائله.

والحاصل: أنا إذا نظرنا إلى كتاب الله فقد أخبرنا بأنه انشق، ولم يخبرنا بأنه سينشق، وإن نظرنا إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد ثبت في الصحيح وغيره من طرق متواترة أنه قد كان ذلك في أيام النبوة، وإن نظرنا إلى أقوال أهل العلم فقد اتفقوا على هذا، ولا يلتفت إلى شذوذ من شذ، واستبعاد من استبعد"[11].

وقال الطاهر ابن عاشور: وجمهور المفسرين على أن هذه الآية نزلت شاهدة على المشركين بظهور آية كبرى ومعجزة من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي معجزة انشقاق القمر.

وقال بعد أن ذكر روايات الحديث: وعلى جميع تلك الروايات، فانشقاق القمر الذي هو معجزة، حصل في الدنيا[12].

بهذا تثبت معجزة الانشقاق بالقرآن الكريم، وذلك أيام بداية الإسلام، وليس المقصود انشقاقه في يوم القيامة.

وتدل الآية على وقوع هذه المعجزة في الماضي من وجوه كثيرة؛ منها:

  • أنالفعل "انشق" ماض،وقدوضعتالعربالفعلالماضيلماوقع،بحيثلايفهمعندالإطلاق،وانقطاع القرائن غير حصوله في الزمان الغابر، ولا يريد القائل غير الماضي إلا أن يكون مدلسا ملبسا، أو يدع قرينة في كلامه تبين ما أراد، أو يكون هنالك قرينة، فإذا ما قال قائل: "سافر، وهلك فلان" لم يفهم منه غير أن ذلك وقع فعلا.

 وإذا قال القرآن: )ولقد أرسلنا نوحا( (هود: ٢٥) وإبراهيم وموسى وعيسى وفلانا وفلانا من الأنبياء إلى أقوامهم فقالوا لهم: كذا وكذا، لم يفهم السامعون غير أن ذلك قد وقع في الأزمان الذاهبة، وهذا حاصل في قوله تعالى: )اقتربت الساعة وانشق القمر( فيجب أن نفهم أن ذلك قد حصل فعلا.

فإذا أريد بالفعل الماضي الاستقبال جيء بقرينة في الكلام خارجية صريحة. فمثلا لما قال سبحانه وتعالى: )أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون (1)( (النحل) وكان المراد الأمر الذي لم يأت. قال: )فلا تستعجلوه(، فقوله: )فلا تستعجلوه( دليل على أنه أمر لم يحصل بعد. ونظائر ذلك في القرآن والكلام كثير.

  • لئنجازأنتؤولهذهالمعجزة - وهيانشقاقالقمر - لجازأننؤولمعجزاتالأنبياءالواردةفيالقرآن. وجازأنيصلالتأويلإلىماذكرهالقرآنمنأنعيسى - عليهالسلام - كانيحييالموتى،ويبرئالأكمهوالأبرص،ويكلمالناسفيالمهد،وأنيصل التأويل إلى عصا موسى - عليه السلام - ويده، وإلى ناقة صالح عليه السلام، وإلى إلقاء إبراهيم - عليه السلام - في النار ونجاته منها، وإلى إلقاء يونس - عليه السلام - في بطن الحوت، وإلى معجزات داود - عليه السلام - وسليمان الكونية العجيبة، فإذا لم يكن من الصعب تأويل انشقاق القمر لم يكن أصعب منه تأويل معجزات هؤلاء الأنبياء، فما أسهل أن يقال: عن إحياء عيسى للموتى عبارة عن هدايته الضالين الكافرين، وإنه كان يبرئ الأبرص والأكمه بمهارته في الطب، أو يكون المراد بالأبرص والأكمه فاسدي الأخلاق، وإبراؤهم عبارة عن تقويمهم. وهكذا إلى أن تأتي على بقية المعجزات.

إن من جوز تأويل انشقاق القمر أو أوله فعلا لزمه ذلك لا محالة، ونحن نعلم - مع مؤول انشقاق القمر - أن هذا فاسد بالإجماع والضرورة.

ولا نظن أن ذلك المخالف يخالف أن قوله: )وانشق القمر( مع الأحاديث المروية فيه أدل على ما نقول من قوله في عيسى: إنه كان يحي الموتى، ويكلم الناس في المهد على ظاهرها.

  • كلالآياتالتيبعدالآيةالمذكورةتدلدلالةصريحةعلىأنالقمرقدانشقحقيقة؛معجزةلهصلى الله عليه وسلم، وأن المشركين كلما رأوا آية أعرضوا وكذبوا، فالتكذيب والإعراض دأبهم، فالآية التي بعد )وانشق القمر( صريحة فيما تقول، وليس بجائز أن نذهب بالكلام عن سبيله المألوف المعروف، وفهم الكلام يلزم أن يراعى فيه أول السياق وآخره، ولا يجوز بحال أن يعرض عما قبله وما بعده، ولا يفهم غرض القائل من قوله إلا بما بعده وما قبله غالبا، فيجب الاعتماد على ذلك.
  • إنقولهسبحانهوتعالى: )وانشقالقمر( معطوفعلى )اقتربتالساعة( والأولفيلفظةماضي،ومعناهكذلكيقينا،كماقالفيسورةالأنبياء: )اقتربللناسحسابهموهمفي غفلة معرضون (1)( (الأنبياء). وقال صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين»[13]، إذا يجب أن يكون المعطوف عليه مثله ماضيا لفظا ومعنى، ولا نحسب أنه يجوز في كلام العرب أبدا أن يقال: قام فلان، وقعد فلان، ويكون الأول ماضيا لفظا ومعنى، والآخر ماضيا لفظا مضارعا معنى، فما أعسر أن يوجد ذلك في الكلام، وكذا لو قيل ذهب فلان إلى الحجاز، وذهب فلان إلى اليمن، لما جاز أن يكون الأول ماضيا دون الثاني، وهذا أمر بين مشهور، فكذلك فعلا الآية: )اقتربت الساعة وانشق القمر( يجب أن يكونا ماضيين معناهما ولفظهما[14].

ثم جاء أن حذيفة بن اليمان الصحابي المشهور كان يقرأ: (قد اقتربت الساعة وانشق القمر) وهكذا لا يمكن أن يحمل على الاستقبال؛ لأن (قد) تحقق وقوعه، وتبعده عن الاستقبال.

هذه الأمور تدل دلالة يقينية على أن القمر قد انشق معجزة له - صلى الله عليه وسلم - من جملة معجزاته المادية الكونية الكثيرة.

وأما قولهم: إن معجزة انشقاق القمر تتناقض مع قول الله تعالى: )وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون( (الإسراء: ٥٩)، فإن ثبوت الانشقاق يفيد عدم صدق القرآن فيما يخبر به، وهذا خطأ منفي عن القرآن.

نقول لهم: أو ليس آية الانشقاق مذكورة صراحة في سورة القمر؟!

ألم يأت حديث انشقاق القمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطرق صحيحة عن جم غفير من الصحابة؟!

على أن الآية التي يعترضون بها ليس معناها كما يتوهمون، قال ابن عاشور عند تفسيره لهذه الآية: "والمعنى: أننا نعلم أنهم لا يؤمنون كما لم يؤمن من قبلهم من الكفرة، لما جاءتهم أمثال تلك الآيات، فعلم الناس أن الإصرار على الكفر سجية للمشرك لا يقلعها إظهار الآيات، فلو آمن الأولون عندما ظهرت لهم الآيات لكان لهؤلاء أن يجعلوا إيمانهم موقوفا على إيجاد الآيات التي سألوها، قال سبحانه وتعالى: )إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون (96) ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم (97)( (يونس).

والأظهر: أن هذا تثبيت لأفئدة المؤمنين؛ لئلا يفتنهم الشيطان، وتسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - لحرصه على إيمان قومه، فلعله يتمنى أن يجيبهم الله لما سألوا من الآيات، ولحزنه من أن يظنوه كاذبا[15].

وقال الشيخ الشعراوي: قوله سبحانه وتعالى: )وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون(، والآيات: جمع آية، وهي الأمر العجيب الذي يلفت النظر ويسترعي الانتباه، وهذه الآيات إما أن تكون آيات كونية نستدل بها على قدرة المدبر الأعلى سبحانه، مثل المذكورة في قوله تعالى: )ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون (37)( (فصلت).

وقد تكون الآية بمعنى المعجزة التي تثبت صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - في البلاغ عن ربه تعالى، وقد تكون الآيات بمعنى آيات القرآن الكريم، والتي يسمونها حاملة الأحكام.

فالآيات إذن ثلاثة: كونية، ومعجزات، وآيات القرآن. فأيها المقصود في الآية: )وما منعنا أن نرسل بالآيات(؟

الآيات الكونية - وهي موجودة - لا تحتاج إلى إرسال. الآيات القرآنية وهي موجودة أيضا. بقي المعجزات وهي موجودة، وقد جاءت معجزة كل نبي على حسب نبوغ قومه، فجاءت معجزة موسى - عليه السلام - من نوع السحر الذي نبغ فيه بنو إسرائيل، وكذلك جاءت معجزة عيسى مما نبغ فيه قومه من الطب.

وجاءت معجزة محمد - صلى الله عليه وسلم - في الفصاحة والبلاغة والبيان؛ لأن العرب لم يظهروا نبوغا في غير هذا المجال، فتحداهم بما يعرفونه ويجيدونه؛ ليكون ذلك أبلغ في الحجة عليهم.

إذن: فما المقصود بالآيات التي منعها الله عنهم؟

المقصود بها: ما طلبوه من معجزات أخرى، جاءت في قوله سبحانه وتعالى: )وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا (90) أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا (91) أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا (92) أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا (93)( (الإسراء).

والمتأمل في كل هذه الاقتراحات من كفار مكة يجدها بعيدة كل البعد عن مجال المعجزة التي يراد بها في المقام الأول تثبيت الرسول، وبيان صدق رسالته وتبليغه عن الله، وهذه لا تكون إلا في أمر نبغ فيه قومه ولهم به إلمام، وهم أمة كلام وفصاحة وبلاغة، وهل لهم إلمام بتفجير الينابيع من الأرض؟ وهل إسقاط السماء عليهم كسفا يقوم دليلا على صدق الرسول؟ أم أنه الجدل العقيم والاستكبار عن قبول الحق؟

إذن: جلس كفار مكة يقترحون الآيات، ويطلبون المعجزات، والحق - سبحانه وتعالى - ينزل من المعجزات ما يشاء، وليس لأحد أن يقترح على الله، قال تعالى: )قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون (16)( (يونس).

فالحق - سبحانه وتعالى - قادر أن ينزل عليهم ما اقترحوه من الآيات، فهو سبحانه لا يعجزه شيء، ولا يتعاظمه شيء، ولكن للبشر قبل ذلك سابقة مع المعجزات.

يقول سبحانه وتعالى: )وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا (59)( (الإسراء)، )مبصرة(، أي: آية بينة واضحة.

لقد طلب قوم ثمود معجزة بعينها فأجابهم الله وأنزلها لهم، فما كان منهم إلا أن استكبروا عن الإيمان، وكفروا بالآية التي طلبوها، بل ظلموا بها؛ أي: جاروا على الناقة نفسها، وتجرأوا عليها فعقروها.

وهذه السابقة مع ثمود هي التي منعتنا من إجابة أهل مكة فيما اقترحوه من الآيات، وليس عجزا منا عن الإتيان بها.

وقوله تعالى عن الناقة أنها آية )مبصرة(؛ لبيان وضوحها، كما في قوله سبحانه وتعالى: )وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا (12)( (الإسراء)، فآية النهار هي المبصرة؛ لأن أشعتها هي التي تسبب الإبصار.

ثم يقول سبحانه وتعالى: )وما نرسل بالآيات إلا تخويفا( أي: نبعث بآيات غير المعجزات؛ لتكون تخويفا للكفار والمعاندين، فمثلا الرسول - صلى الله عليه وسلم - اضطهده أهل مكة، ودبروا لقتله جهارا وعلانية، فخيب الله سعيهم، ورأوا أنهم لو قتلوه لطالب أهله بدمه، فحاكوا مؤامرة أخرى للفتك به بليل، واقترحوا أن يؤتى من كل قبيلة بفتى جلد، ويضربوه ضربة رجل واحد.

ولكن الحق - سبحانه وتعالى - أطلع رسوله - صلى الله عليه وسلم - على مكيدتهم، ونجاه من غدرهم، فإذا بهم يعملون له السحر؛ ليوقعوا به، وكان الله لهم بالمرصاد، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يدبر له، وهكذا لم يفلح الجهر، ولم يفلح التبييت، ولم يفلح السحر، وباءت محاولاتهم كلها بالفشل، وعلموا أنه لا سبيل إلى الوقوف في وجه الدعوة بحال من الأحوال، وأن السلامة في الإيمان والسير في ركابه من أقصر الطرق.

إذن، للحق - سبحانه وتعالى - آيات أخرى تأتي لردع المكذبين عن كذبهم، وتخوفهم بما حدث لسابقيهم من المكذبين بالرسل، حيث أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، ومن آيات التخويف هذه ما جاء في قوله سبحانه وتعالى: )فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (40)( (العنكبوت).

فكل هذه آيات بعثها الله على أمم من المكذبين، كل بما يناسبه[16].

وبما ذكرناه يتضح أن معجزة انشقاق القمر لم تخالف القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى: )وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون( وذلك بما أوضحناه من خصوصية هذه الآية بما اقترحه المشركون من آيات بعدها.

وإن قيل: إن هذه الآية - أي معجزة انشقاق القمر - مما طلبه المشركون من النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو يدخل تحت هذه الآية.

نقول: نعم؛ هذا صحيح، لكن طلبوا آية، ولم يحددوا عينها، أما هذه الآية فهي خاصة بما حدد، كما وضحنا.

وبهذا يتبين أن معجزة انشقاق القمر ثابتة بالقرآن الكريم ثبوتا قطعيا في سورة القمر، ولم يعارضه قول الله سبحانه وتعالى: )وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون(؛ لأن هذه الآية خاصة بما اقترحه المشركون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آيات يريدونها دليلا على صدق رسالته، مثل تفجير الينابيع من الأرض، والرقي في السموات وغيرها، لكن الانشقاق لم يكن مقترحا به لتعمه الآية، وإنما حدث بناء على رغبة المشركين في رؤية آية تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، فلا إشكال ولا معارضة بين المعجزة والآية.

الخلاصة:

  • إنمعجزةانشقاقالقمرفيعصرالنبي - صلىاللهعليهوسلم - أخذتمنالشهرةوالتواتر ما ينأى بها عن التشكيك فيها، وعلى ذلك إجماع علماء المسلمين من عصر النبوة وحتى قيام الساعة، والأحاديث الواردة فيها كلها صحيحة متواترة.
  • ثمإنهلاتضارببينرواياتهذهالمعجزة،وماجاءتبهالرواياتمنخلاففيمكانالانشقاقوهيئتهلايقدحفيها؛ لأنها جميعا متفقة في إثبات الانشقاق، ولم ترد رواية واحدة تفيد نفي وقوعها، فلزم أن تفهم هذه الروايات جميعا على ما هي عليه، ولا يردها هذا الاختلاف.
  • معجزةانشقاقالقمرلاتخالفالسننالكونيةإطلاقابإهلاكالمكذبينبعدرؤيةالآية،فلميثبتإهلاكالأمم السابقة المكذبة بعد رؤيتهم للآيات التي اقترحوها، كفرعون وقومه، وقوم نوح... وغيرهما، ولو كان ذلك صحيحا لأهلك الله كفار قريش فور تكذيبهم للقرآن، وهو الآية العظمى للرسول.
  • إنقولاللهسبحانهوتعالى: )ومامنعناأننرسلبالآياتإلاأنكذببهاالأولونوآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا( لا يعارض به آية الانشقاق؛ ذلك أن هذه الآية خاصة بما اقترحه المشركون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آيات؛ كتفجير الأرض، والرقي في السماء.. إلخ، أما آية الانشقاق فلا تدخل تحت هذه الآية؛ لأنها لم تكن مقترحة من قبل المشركين، بل جاءت في موطن طلبهم لآية دون أن يحددوها.

 

 

(*)مشكلات الأحاديث النبوية، عبد الله القصيمي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط2، 2006م.

[1]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: سورة القمر، (8/ 483)، رقم (4864)، (4865).

[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: سورة القمر، (8/ 484)، رقم (4868).

[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: سورة القمر، (8/ 484)، رقم (4866).

[4]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: سورة القمر، (8/ 484)، رقم (4868). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: انشقاق القمر، (9/ 3921)، رقم (6945).

[5]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه، كتاب: تفسير القرآن، باب: سورة القمر، (9/ 125)، رقم (3507). وصحح إسناده الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (3289).

[6]. صحيح: أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب: التفسير، باب: سورة القمر، (2/ 512)، رقم (3759). وقال الذهبي في التلخيص: صحيح.

[7]. انظر: نظم المتناثر من الحديث المتواتر، محمد بن جعفر الكتاني، دار الكتب السلفية، مصر، ط2، (1/ 211، 212).

[8]. مشكلات الأحاديث النبوية، عبد الله القصيمي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط2، 2006م، ص30، 31.

[9]. مشكلات الأحاديث النبوية، عبد الله القصيمي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط2، 2006م، ص37: 39 بتصرف.

[10]. العجالة السنية على ألفية السيرة النبوية، المناوي، نقلا عن: جناية الشيخ الغزالي على الحديث وأهله، أشرف عبد المقصود بن عبد الرحيم، مكتبة الإمام البخاري، مصر، ط1، 1410هـ/1989م، ص471.

[11]. فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، الشوكاني، (5/ 169) بتصرف.

[12]. انظر: التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، د. ت، (27/ 167، 168).

[13]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الرقاق، باب: بعثت أنا والساعة كهاتين، (11/ 355)، رقم (6504). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتح، باب: قرب الساعة، (9/ 4054)، رقم (7270).

[14]. مشكلات الأحاديث النبوية، عبد الله القصيمي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط2، 2006م، ص25: 29 بتصرف.

[15]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، د. ت، (7/ 143).

[16]. تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، أخبار اليوم، مصر، د. ت، (14/ 8635: 8639).

 

  • الخميس PM 10:02
    2020-10-15
  • 1746
Powered by: GateGold