المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 408921
يتصفح الموقع حاليا : 325

البحث

البحث

عرض المادة

جاذبية الإسلام

بقلم: فاتن صبري
Www.fatensabri.com 
من كتاب: دين عالمي

يتكرر تعليق جميل من غير المسلمين الذين سمعوا عن الإسلام لأول مرة حيث يقولون:

لم نكن نعرف أن هناك دين على وجه الأرض يدعو أتباعه لعبادة الخالق مباشرة بدون قديس ولا قسيس ولا أي وسيط. وأنه الواحد الأحد الذي ليس له شريك في ملكه ولا ولد، وأنه تعالى لا يتجسد في صورة إنسان ولا حيوان ولا صنم.

ويقولون:

كنا نظن أن المسلمين يعبدون محمدًا، و المسيحيين (النصارى) يعبدون المسيح، والبوذيين يعبدون بوذا، والهندوس يعبدون كريشنا. وكنا نبحث عن دين يقول: الخالق واحد أحد، اعبدوه وحده، وهو دين أنبياء الله إبراهيم وموسى.

نفهم من هذا التعليق أن هناك حاجة ماسة لتبليغ الدين الصحيح لجميع الأمم، ولكن مع إعطاء الجميع الحق في اختيار الدين، وحرية ممارسة الشعائر الدينية التي تخص دينه، دون قتل ولا إرهاب ولا إراقة دماء، وهذا ما لم يوفره إلا دين الإسلام على وجه الأرض.

ولم يضطر المسلمون لرفع السلاح والقتال إلا لحماية أنفسهم ودفع عدوان من اعترض طريقهم أثناء تبليغهم للدين الصحيح.

لقد مكث محمد رسول الله في مكة ثلاثة عشر عامًا يدعو بالحجة والموعظة الحسنة بلا قتال أو إراقة دماء، وكان وأصحابه مستضعفين يتعرضون للتعذيب والتنكيل ليرجعوا عن دينِهم، فما صرفهم هذا عن الإسلام، وما زادهم إلا إصرارًا على اتباع الحق، فإن كان هناك إكراه، ففي الصد عن الإسلام، لا في اتباعه.

دخل الإسلام إلى أهل يثرب – المدينة النبوية – بلا أي قتال؛ فقد اقتنع سادتهم بالإسلام حين عرضه عليهم الرسول فبايعوه بيعتي العقبة الأولى والثانية، ثم أرسل إليهم مصعب بن عمير فاجتهد في دعوة أهل المدينة حتى دخل معظمهم في دين الإسلام وتحملوا في سبيله الاضطهاد، فأين الإجبار في إسلام أهل المدينة؟

 أما غزوات اليهود وفتْح مكة ومؤتة وتبوك وغيرها، فكانت تأديبًا لمن خانوا العقود، وخالفوا العهود والمواثيق، وبدؤوا بالاعتداء، أو قتلوا رسل رسول الله.

عندما دخل رسول الله مكة فاتحًا، وارتجف أعداءه من الخوف، متسائلاً: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم. فقال :اذهبوا فأنتم الطلقاء. فلماذا لم يقتلهم الرسول جميعًا بهدف القتل والإجبار؟

كان المسلمون يدخلون في الغالب في معارك غير متكافئة من حيث العدد والعدَّة، حيث كان خصمهم يتفوق عليهم تفوقًا ساحقًا. في غزوة مؤتة – على سبيل المثال – نجد أن عدد جنود المسلمين حوالي ثلاثة آلاف رجل، في حين كان عدد جيش الكفار مائتي ألْف مقاتل، ناهيك عن التفوق في العدَّة والآلة الحربية، فهل سعى ثلاثة آلاف مسلم في فرض الإسلام على مائتَي ألف شخص؟!

إن العقائد لا تستقر في النفوس تحت وطأة السيف والقهر على الإطلاق، وإنما تستقر بالإقناع وبالحجة الواضحة، ولو كانت الشعوب قد دخلت في الإسلام مجبرة فسرعان ما كانت تمردت عليه وتركته، ولكن الحقيقة التي يشهد لها التاريخ والواقع أن الشعوب الإسلامية هي أكثر الشعوب تمسُّكًا بدينها، رغم ما تعانيه من اضطهادات وحروب في كثير من أنحاء العالم حتى في عصرنا هذا.

من المعلوم أن هناك كثافة إسلامية في جنوب شرق آسيا، في بلاد لم تطأها قدم مجاهد مسلم فاتح، كالفلبين وإندونيسيا، فهناك عشرات بل مئات الملايين أسلموا، فمن الذي أجبر هؤلاء على اعتناق الإسلام؟ وجدير بالذِّكر أن هؤلاء يُشكلون غالبية المسلمين في عصرنا.

كما أن هناك كثيرًا من المسلمين في دول أوروبا والأمريكتين، وهي بلاد لم يدخلها الفاتحون المسلمون، وهناك أقليات مسلمة في كل الدول غير الإسلامية وهم متمسكون بالإسلام.

قام المسلمون بفتح النوبة تحت قيادة عبد الله بن أبي السرح، وكذلك قاموا بفتح أجزاء من غرب أفريقيا تحت قيادة عقبة بن نافع، وفي عهد دولة المرابطين تم فتح أغلب مناطق غرب أفريقيا. المتمثلة في بوركينا فاسو ،غامبيا، غينيا، النيجر ،نيجيريا، مالي، موريتانيا، السنغال، سيراليون ،ساحل العاج، تشاد، الكاميرون. كل هذه الدول ذات غالبية مسلمة بفضل فتوحات المسلمين وهم متمسكين بدينهم إلى يومنا هذا مع كل التشويه الإعلامي لدين الإسلام في وقتنا الحاضر.

ونسمع يوميًا عن دخول جموع في دين الإسلام أفواجًا في بلاد غير إسلامية، حتى ثبت بالإحصاءات الرسمية العالمية وغير الإسلامية أن الإسلام هو أسرع الديانات انتشارًا في العالم الآن.

جاء في دراسة الدكتور "محمود السيد"[1]:

"اعتنق "كورجوز" حاكم فارس من قبل " أجتاي خان " الديانة الإسلامية في أواخر عهده، بعد اعتناق بركة خان (القبيلة الذهبية 654هـ – 666هـ) للعقيدة الإسلامية في أول نصر حقيقي للإسلام، خاصة بعد أن تبعه السواد الأعظم من رعيته، حتى إن كل رجال جيوشه كانوا مسلمين وهم مغول، وتبع ذلك توثيق الروابط السياسية بين "بركة خان" و" بيبرس " سلطان مصر، وتحالف كلاهما ضد أسرة " هولاكو " في بلاد فارس".

يقول تعالى:

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (يونس: 99).

وقد يقول قائل:

ولماذا سمح الإسلام بالقتال أصلاً؟ إن لم يكن السبب إجبار الناس على اعتناق الإسلام؟

والجواب على ذلك:

  • مواجهة من قاتل المسلمين لمنع تبليغ الناس بضرورة عبادة الخالق وحده مباشرة بدون وسيط.
  • الدفاع عن النفس.
  • التصدي لمن يمنعهم من اعتناق الدين الصحيح ويضطهدهم.
  • قتال من يمنع المسلمين من تبليغ الرسالة.
  • تطهير الأرض من أجواء الفتن، حتى يتم تسهيل عبادة الناس لله رب العالمين وحده.

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ  (البقرة:190).

لذلك قال ربعي بن عامر لرستم ملك الفرس:

"إن الله ابتعثنا لنُخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الديانات إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أَبى قبلنا منه الجزية وإن رفض قاتلْناه حتى نظفر بالنصر".

ويعني هنا من أبى وأصر على القتال، وليس من أبى وأصر على البقاء على دينه ودفع الجزية، واحترم حقوق المسلمين وغيرهم. فهناك فرق كبير بين الحالتين.

قال الله تعالى:

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (البقرة: 193).

ولتوضيح ذلك نقول:

إنك إذا أردت أن تعالِج شخصًا من إدمان الخمر، فلا بد أن تبعده عن مكان الخمور.

وإذا أردت لإنسان أن يتوب من الزنا، فلا تجعله يعيش بين بيوت الدعارة.

وعندما تريد أن تجعل الناس أصحاء، فيجب أن توفر لهم أجواء صحية نظيفة.

فالقتال في الإسلام إنما هو لإفساح الطريق للناس للاختيار بين عبادة الله وترك الشرك، أو البقاء على دينه مقابل شروط من بينها دفع الجزية، من خلال توفير أجواء إيمانية لهم تساعدهم على حرية الاعتقاد والتفريق بين الحق والباطل. علمًا بأن   اﻹسلام  أمر الناس باﻹيمان بخالق الكون وعبادته وحده.  قال مفسر القرآن" ابن كثير”: لا إكراه في الدين: أي لا تكرهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام، فإنه بين واضح، جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه.

قال الله تعالى:

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (البقرة: 256).

نجد خلاصة جميع ما قد سبق في أقوال غير المسلمين التالية:

 يقول الكاتب اللبناني النصراني "أمين معلوف"[2]:

"لو كان أجدادي مسلمين في بلد فتحته الجيوش النصرانية، بدلًا من كونهم مسيحيين في بلد فتحته الجيوش المسلمة، لا أظن أنهم كانوا استطاعوا الإستمرار في العيش لمدة أربعة عشر قرنًا في مدنهم وقُراهم محتفظين بعقيدتهم. ماذا حدث فعلياً لمسلمي إسبانيا وصقلية؟ لقد اختفوا حتى آخرهم، ذُبحوا أو هُجّروا أو تم تعميدهم بالقوة. يوجد في تاريخ الإسلام ومنذ بداياته قدرة مميزة على التعايش مع الآخر".

ويتابع قائلاً:

"وفي نهاية القرن الماضي كان يوجد بين سكان اسطنبول، عاصمة القوة الإسلامية الأساسية، أغلبية غير مسلمة تتألف من اليونانيين والأرمن واليهود. هل يمكن أن نتخيل في العصر ذاته أن يكون نصف سكان باريس أو لندن أو فيينا أو برلين من غير المسيحيين، مسلمين أو يهود؟ وحتى اليوم أيضًا يتفاجأ العديد من الأوروبيين بسماع نداء المؤذن في مدنهم”.

جوناثان براون، أستاذ جامعي أمريكي باحث في الدراسات الإسلامية. وهو رئيس تحرير موسوعة أكسفورد للإسلام والقانون اعتنق الاسلام عام 1997, ينسف في محاضرته الافتراء القائل بأن الاسلام انتشر بالسيف والإجبار ويُبَين أن السيف والعنف كانت سمة الحضارة الغربية وليس الاسلام!

فنفهم من جميع ما سبق أن الإسلام جاء ليحقق ويقيم العدالة على وجه الأرض والتي تتمثل بعبادة خالق الكون مباشرة ونصرة المظلوم، ودين جاء بهذا الهدف سينتشر بسرعة البرق، دون إجبار ولا عنف، لأنه الدين الذي تهفو إليه النفوس. وسرعة انتشار هذا الدين هو الواقع الذي يشهده العالم بأسره اليوم. فالدين عندنا صحيح ومعتقداته سليمة، ويحث ويُحفز على العلم بأسلوب روحي، عقلي ومنطقي، ويرفض البدع والخرافات، فالأساس عندنا موجود ولا ينقصه إلا البنيان، لإعادة بناء الحضارة من جديد.

 

 

 

 

اﻹسلام: دين ودولة

 

في حواري مع أحد العلمانيين الفرنسيين يومًا، كان قد سألني قائلاً: لماذا لا يُفصل الدين عن الدولة، وعن حياة الناس وسلوكهم، كما في التجربة الفرنسية مثلاً.

قال أيضًا: ولماذا لا تكون المرجعيات في المجتمع لرأي الإنسان ووجهة نظره فقط كما هو الحال في الغرب؟

قلت له مبتسمة: تقصد مرجعيات تعود لأهواء الإنسان ورغباته وتقلبات مزاجه!

قلت له مستطردة: إذا كنت تقصد النصرانية فنعم، فالنصرانية عقيدة روحية فقط ولا ينبثق منها نظام.

أما الإسلام فهو نظام حياة، لا يفصل عن الحياة. إن الإسلام عبارة عن عقيدة روحية تشريعية، ينبثق منه نظام حياة ينظم كل العلاقات.

علاقة الإنسان بنفسه. (مأكل وملبس وأخلاق).

علاقة الإنسان بالإنسان. (عقود ومعاملات).

علاقة الإنسان بخالقه. (عقائد وعبادات).

الدولة في الإسلام ليست دولة “دينية” بالمعنى المفهوم في الفكر الغربي سابقًا.

بل إن في المفهوم الإسلامي لا طبقية ولا رهبانية ولا قداسة لفعل البشر.

وهي دولة واجبها الرئيسي خدمة مصالح الناس. و ليست دولة مدنية تفصل الدين عن الحياة.

بل هي دولة بشرية تطبق الأحكام الشرعية.

فكان مما سمعت لشاب مثقف وأعجبني كثيرًا أنه:

عندما قال القرآن الكريم في سورة البقرة -43:

وأقيموا الصلاة.

قال أيضًا في سورة المائدة -2:

أوفوا بالعقود.

وعندما قال في سورة البقرة -43:

وآتوا الزكاة.

قال أيضًا في سورة التوبة-4:

وأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم.

وهو ما يعبر عن السياسة الخارجية.

وعندما قال محمد صلى الله عليه وسلم:

خذوا عني مناسككم.

تحدث أيضًا عن الاقتصاد والملكية العامة (البترول والغاز).

 

حيث قال:

الناس شركاء في ثلاثة: النار والماء والكلأ.

البريطاني المسلم “بول ويليامز” يقول:

"العلماني المسلم هو شخص يؤمن بأن الخالق كان قادرًا بما يكفي على خلق قوانين رياضية وفيزيائية عالية الدقة لضبط حركة الأجرام”.

لكنه لم يكن قادرًا بما يكفي على خلق قوانين تنظم المجتمع الإنساني !!

قلت له:

نحن في الواقع بحاجة إلى شريعة ربانية ثابتة، تناسب الإنسان في كل أحواله، ولا تتغير بحسب الأهواء، كما فعلوا في تحليل الرِّبا والمثلية.

ولا تُكتب من قبل الأقوياء لتكون ثِقلاً على المستضعفين، كما في النظام الرأسمالي، ولا شيوعية تعارض الفطرة في الرغبة في التملك.

قلت له مستطردة: التجربة الفرنسية جاءت كردة فعل على تسلط وتحالف الكنيسة والدولة على مقدرات الشعب وعقولهم في العصور الوسطى.

العالم الإسلامي لم يواجه هذه المشكلة قط، نظرًا لعملية ومنطقية النظام الإسلامي.

سألني زائر لاتيني يومًا عن الفرق بين النظام الشيوعي، الرأسمالي، و بين الإسلام.

قلت له:

رَسَمَت الرأسمالية منهجًا حرًا للإنسان، وَدعتهُ للسير على هديه، حيث ادعت الرأسمالية أن هذا المنهج المنفتح هو الذي سيوصل الإنسان للسعادة الخالصة، لكن الإنسان وجد نفسه في نهاية المطاف يقبع في مجتمع طبقي، فإما غنًا فاحشًا يقوم على الظلم للغير، أو فقرًا مدقعًا للملتزم أخلاقيًا.

وجاءت الشيوعية فألغت كل الطبقات، وحاولت أن ترسم مبادئ أكثر صلابة، لكنها خلقت مجتمعات أكثر فقرًا وألمًا، وأكثر ثورية من غيرها.

وأما الإسلام فقد حقق الوسطية، وكانت الأمة الإسلامية هي الأمة الوسط، فقدمت للإنسانية نظامًا عظيمًا بشهادة أعداء الإسلام.

لكن هناك من المسلمين من قصَّروا في الالتزام بقيم الإسلام العظيمة.

"يشقّ الإسلام طريقه بين الرأسمالية التي تقدّس الفردية (ولو على حساب المجتمع) وبين الاشتراكية التي تقدّس الدولة (ولو على حساب الفرد)”[3].

قلت له: بخصوص حرية التملك في الرأسمالية، فالملكية الخاصة هي المبدأ العام.

أما في الإشتراكية، فالملكية العامة هي المبدأ العام.

أما الإسلام فقد سمح بملكيات ذات أشكال متنوعة:

الملكية العامة: وهي عامة لمجموع المسلمين مثل الأراضي العامرة.

ملكية الدولة: الثروات الطبيعية من غابات ومعادن.

ملكية خاصة: تكتسب فقط عن طريق العمل الاستثماري بما لا يُهدد التوازن العام.

قال: وماذا بخصوص الحرية الاقتصادية؟

قلت له: في الرأسمالية، تُترك الحرية الاقتصادية بلا حدود.

أما في الاشتراكية، فمصادرة الحرية الاقتصادية تمامًا.

أما في الإسلام، يُعترف بالحرية الاقتصادية في نطاق محدود يتمثل في:

التحديد الذاتي النابع من أعماق النفس بناءً على التربية الإسلامية، التي تمنع أعمالاً متعارف على تأثيرها السيئ على المجتمع مثل: الغش، والمَيسِر، والرِّبا، وغيرها.

قال: هل تعترفون في الديمقراطية؟

قلت له: لدينا ما هو أفضل من الديمقراطية، لدينا الشورى.

قال: وما الفرق؟

قلت له: الديمقراطية هي عندما تأخذ رأي جميع أفراد أسرتِك بعين الاعتبار في قرار مصيري يخص الأُسرة مثلاً، بغض النظر عن خبرة هذا الفرد أو عمره أو حكمته، من طفل في رياض الأطفال إلى الجد الحكيم، وتساوي بين آرائهم في اتخاذ القرار.

أما الشورى فهي توجهك لاستشارة كبار السن والمقام وأصحاب الخبرة لما يصلح أو لا يصلح.

قلت له معقبة: الفرق واضح جدًا، وأكبر دليل على الخلل بالأخذ بالديمقراطية هو إعطاء الشرعية في بعض الدول لتصرفات هي في حد ذاتها مخالفة للفطرة والدين والأعراف والتقاليد، مثل المثلية الجنسية والرِّبا وغيرها من الممارسات المقيتة.

لمجرد الحصول على الأغلبية في التصويت، وبكثرة الأصوات التي تنادي بالانحلال الأخلاقي، كانت الديمقراطية قد ساهمت في خلق مجتمعات لا أخلاقية.

قلت له أيضًا: إن الفرق بين الشورى الإسلامية والديمقراطية الغربية هو خاص بمصدر السيادة في التشريع، فالديمقراطية تجعل السيادة في التشريع ابتداءً للشعب والأمة.

أما في الشورى الإسلامية، فإن السيادة في التشريع تكون ابتداءً لأحكام الخالق سبحانه وتعالى والتي تجسدت في الشريعة، وهي ليست إنتاجًا بشريًا. وما للإنسان في التشريع إلا سلطة البناء على هذه الشريعة الإلهية، وكذلك له سلطة الاجتهاد بما لم ينزل فيه شرع سماوي، شريطة أن تظل السلطة البشرية محكومة بإطار الحلال والحرام الشرعي.

إن الاسلام ينظر للحياة كما ينبغي أن تكون. إن ما يتطلع إليه الناس هو دين متوازن يُلبِّي الحاجات الروحية التي لا غنى عنها، ولا يُهمِّش الحاجات المادية للإنسان. الدين يدعو إلى الوسطية.

وهو المبدأ الذي شدَّد عليه الدين السماوي الخاتم الذي جاء به خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ليذكر البشر بعبادة خالقهم الواحد الأحد مباشرة بدون وسيط و ليُصحح الخطأ الذي وقعت فيه الأمم السابقة.

والذي أدى لتشويه مفهوم الدين وربطه بالروحانيات فقط، وبالتالي أدَّى إلى انتشار الخرافات مما أدَّى إلى صرف الناس عن الدين بالكلية.

إضافةً إلى أن الدين أصبح مستغلاً لتحقيق أهداف ومآرب خاصة، ومستخدمًا كوسيلة للضغط على الشعوب، وهذا ما دفع كثير من الدول لاتباع نهج ما يُدعى ب"العلمانية"، وهو فصل الدين عن الدولة.

وبتوفير الإسلام للترابط والانسجام بين العقل والدين، العقل والنقل(القرآن والسنة)، والعقل والقلب، فإنه لا تنوير ولا نهضة ولا تقدم ولا جمال ولا علم حقيقي إلا بالإسلام.

لقد نجح الإسلام الذي يعني:

الإيمان بخالق الكون الذي ليس له شريك ولا ولد، وعبادته وحده بدون قسيس ولا قديس أو صنم أو أي وسيط.

نجح هذا الدين كمنهج، بينما فشلت الرأسمالية والشيوعية، وإنه ما من مستشرق درس الإسلام وحضارته – مهما كان موقفة منه ­- إلا واعترف بأن الإسلام دين ودولة. ولكن ابتعاد المسلمين عن دينهم الصحيح وعجزهم عن نشر مبادئ الإسلام بصورة صحيحة ساهم في العقود الأخيرة بازدياد نسبة الملحدين والمشككين والحائرين في العالم.وبدأت البشرية تكفر بكل العقائد لجهلها بالدين الصحيح وفساد ما يُعرض عليها من معتقدات.

 

================================

[1]   كتاب التتار والمغول ( ص/150 – 154 ).

[2]  كتاب الهويات القاتلة.

[3]  الإسلام كبديل، مراد هوفمان.

  • السبت PM 03:12
    2022-06-04
  • 1221
Powered by: GateGold