المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417660
يتصفح الموقع حاليا : 243

البحث

البحث

عرض المادة

ألبـــير ميميــه (1920- ) - إرفنج كريستول (1920- )

Albert Memmi
مؤلف وكاتب مقال وعالم اجتماع فرنسي يهودي تونسي الأصل. وُلد في تونس لعائلة يهودية من قبائل البربر. قاتل خلال الحرب العالمية الثانية في صفوف القوات الفرنسية الحرة، ثم عاد ليكمل دراسته الجامعية حيث حصل على شهادة في الفلسفة من جامعة الجزائر، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة باريس عام 1950، عاد بعدها إلى تونس ليترأس معهداً في علم النفس. وفي عام 1959، انضم إلى المركز الوطني للبحث العلمي في باريس حيث استقر بشكل دائم. وفي عام 1966، عُيِّن أستاذاً في المدرسة العليا للدراسات التطبيقية في باريس أيضاً.


وتخصَّص ميميه في دراسة الآثار الاجتماعية والنفسية المترتبة على الاستعمار، ووجد من خلال أبحاثه تشابهاً بين أوضاع اليهود والشعوب المُستعمرة وخصوصاً بالنسبة لمواقفهم وأفكارهم تجاه مسألة الهوية. وظلت قضية الهوية قضية محورية في أغلب أعمال ميميه سواء الروائية أو الفكرية، وعكست أزمته وحيرته الشخصية بين انتمائه إلى جماعة يهودية نشأت وتشكلت في ظل التشكيل الحضاري العربي الإسلامي، وبين اكتسابه الثقافة الفرنسية الغربية للمستعمر الفرنسي الذي سعى بوجه عام إلى ربط أعضاء الجماعات اليهودية في المغرب العربي بالثقافة الفرنسية بغرض عزلهم عن محيطهم العربي وتحويلهم إلى جماعات وظيفية وسيطة تخدم مصالحه في المنطقة. ويبدو أن ميميه كان مدركاً هذه الحقيقة، فرغم أنه أيَّد بحماس استقلال دول المغرب العربي، إلا أنه أدرك في الوقت نفسه أن النتيجة التي ستترتب على ذلك هي رحيل أغلب أعضاء الجماعات اليهودية في هذه المنطقة مع المستعمر الفرنسي.

وفي روايته أعمدة الملح (1953)، التي تُعتبَر أقرب إلى السيرة الذاتية، يتناول ميميه قصة شاب يهودي من المغرب العربي يخرج من بيئته المحلية المحدودة ليكتشف ثقافة المستعمر الفرنسي، ولكنه يفقد قناعاته الإنسانية والدينية نتيجة التناقض بين الثقافتين، كما يشعر بخيبة أمل تجاه المفهوم الإنساني الغربي الذي طالما نُسبت إليه صفات مثالية. أما رواية الغرباء (1955) فتتناول قصة يهودي تونسي يجد نفسه ملفوظاً ومرفوضاً من الفرنسيين والعرب على حدٍّ سواء.

أما في مقالاته ودراسته، مثل صورة يهودي (1962)، وتحرير اليهود (1966)، فيقدم صورة اليهودي باعتباره « شخصية كامنة في الظل »، فلا هي مندمجة تماماً ولا هي راغبة في التخلي عن خصوصيتها، تعيش دائماً على هامش الأحداث التاريخية العالمية. ولذلك، فإن الدولة اليهودية أو إسرائيل تصبح، على حدّ قوله، « الحل الوحيد لنا وورقتنا الرابحة الوحيدة وفرصتنا التاريخية الأخيرة » (ولكن هذا على اعتبار أن الدولة الصهيونية لا تقف هي الأخرى على هامش التاريخ العربي والتاريخ الغربي، فهي في حالة عداء ضد الأول رغم وجودهـا في المشـرق العربي، وفي حالة تبعيـة للثاني رغم وجودها خارجه).

إرفنج كريستول (1920- )
Irving Kristol
مفكر سياسي أمريكي، وأحد مؤسسي مجلة كومنتاري، وأحد محرري مجلة أنكاونتر، ومؤلف عدة كتب من أهمها عن الفكرة الديموقرّاطية في أمريكا (1972)، و تحيتان للرأسمالية (1978)، و تأملات محافظ جديد (1983)، وتدور كتبه حول موضوعات متفرقة، مثل الحركة الثورية للطلبة في الجامعة، وعدم الاستقرّار في العالم الثالث. وهو يعمل خبيراً أو مستشاراً في عديد من المؤسسات البحثية ومؤسسات الخبرة القريبة من مؤسسات صنع القرّار في الولايات المتحدة.


ويُعَدُّ كريستول من أهم مفكري تيار المحافظين الجدد الذي ظهر أثناء رئاسة كارتر، والذي يضم بين صفوفه عدداً كبيراً من المفكرين الأمريكيين اليهود. لكن أهمية هذا التيار ليست مقصورة على الجماعة اليهودية، وإنما امتدت لتشمل المجتمع الأمريكي بأسره.

وقد رفض المحافظون الجدد الوفاق وخفض التسليح، كما رفضوا كثيراً من السياسات الخارجية التي تبناها كارتر، فكانوا يطالبون مثلاً بضرورة أن تتخذ أمريكا موقفاً نشيطاً في سياستها الخارجية، وأن تنبذ الاتجاه نحو العزلة، أي أن تقوم بالتدخل العسكري لحماية ما تتصور أنه مصالحها. وفي الداخل، يطالب تيار المحافظين الجدد بالتخلي عن السياسات الاجتماعية التي تبناها الديموقرّاطيون والتي تهدف إلى تهدئة الصراعات الاجتماعية في المجتمع الأمريكي وتخفيف الأثر السلبي لسياسات الاقتصاد الحر. ومن المعروف أن الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة، وقياداتها، كانت تقف دائماً وراء الحزب الديموقرّاطي وتتبنَّى سياساته، شأنها في هذا شأن معظم أعضاء الأقليات في الولايات المتحدة. ولكن، ابتداءً من منتصف السبعينيات، بدأ يتبلور تيار محافظ داخل الجماعة اليهودية يلقي بثقله وراء الجمهوريين إلى أن وصل إلى الذروة في الثمانينيات مع تولي ريجان للرئاسة، حيث أيَّدته القيادات الصهيونية واليهودية المحافظة. ومما له دلالته العميقة أن غالبية الجماهير اليهودية لم تمتثل للتوجيهات الصهيونية وأدلت بصوتها لمرشح الحزب الديموقرّاطي. ولذا، لم يكن ريجان مديناً للصوت اليهودي بانتخابه، ومع هذا فهو من أشد الرؤساء الأمريكيين تحيزاً لإسرائيل، الأمر الذي يلقي كثيراً من الضوء على خرافة «الصوت اليهودي».

وقد قام المفكرون (من أعضاء الجماعات اليهودية ومن غيرهم) من المحافظين الجدد بصياغة كثير من الأفكار الإستراتيجية لإدارة ريجان، والمتصلة بزيادة التسلح والتخلي عن الوفاق، واتخاذ سياسة نشيطة معادية للاتحاد السوفيتي، ودعم حلفاء الولايات المتحدة، خصوصاً إسرائيل، في سياسة المواجهة مع الاتحاد السوفيتي. ولذا، عارض المحافظون الجدد من أعضاء الجماعات اليهودية محاولة الضغط على إسرائيل للانسحاب من الضفة والقطاع لتهدئة الرأي العام العالمي. وسياسة ريجان بشأن الشرق العربي، كانت، في التحليل الأخير، من صياغة هذه المجموعة. وقد أُطلق عليهم اسم «صقور ريجان اليهودية» وهي عبارة دقيقة إلى حدٍّ كبير.

ولكن الوضع تغيَّر كثيراً بعد الانتفاضة، إذ نصح إرفنج كريستول الإسرائيليين بأن يقرروا مساحة الأراضي التي يودون الاحتفاظ بها، وأن يرسموا الحدود ثم ينسحبوا. «... ولا أدري لم تصاب إسرائيل بالرعب من دولة في الضفة الغربية تحكمها منظمة التحرير الفلسطينية ». ويشكل تصريحه هذا تراجعاً عن مواقفه الأمريكية السابقة.

وقد كتب كريستول مؤخراً دراسة بعنوان مستقبل يهود أمريكا تتنـاول وضـع يهـود الولايات المتحدة في ظل تزايد معدلات العلمنة. وتُعَدُّ هذه المقالة حدثاً فكرياً فريداً، إذ أنه قلب الأمور رأساً على عقب، فهو يؤكد في دراسته أن العلمنة جزء عضوي من عملية التحديث، وهو يصف العلمنة بأنها « رؤية دينية حققت انتصاراً على كل من اليهودية والمسيحية »، وهو يصر على تسميتها « رؤية دينية » (رغم رفض العلمانيين لذلك) لأنها تحتوي على مقولات عن وضع الإنسان في الكون وعن مستقبله لا يمكن تسميتها علمية، ذلك لأنها مقولات ميتافيزيقية لاهوتية. وفي هذا الدين (العلماني)، يصنع الإنسان نفسه أو يخلقها (تأليه الإنسان)، كما أن العالم ليس له معنى يتجاوز حدوده، وبوسع الإنسان أن يفهم الظواهر الطبيعية وأن يتحكم فيها وأن يوظفها بشكل رشيد لتحسين الوضع الإنساني. ذلك أن المقدرة على الخلق، التي كانت من صفات الإله، أصبحت في المنظومة الدينية العلمانية من صفات الإنسان، ومن هنا ظهرت فكرة التقدم. وهذه العقيدة العلمانية هي الإطار المرجعي لكل من الليبرالية والاشتراكية، بل إنها تغلغلت في الأوساط الدينية اليهودية والمسيحية (باستثناء الأصوليين والأرثوذكس).

ويُلاحظ كريستول أن معدلات العلمنة بين يهود الولايات المتحدة مرتفعة إلى أقصى حد، بل إن اليهودية ذاتها تمت علمنتها ولم تَعُد عقيدة دينية وأصبحت مجرد نوع من المهدئات النفسية التي تساعد اليهود على تحمُّل التوترات الناجمة عن العصر العلماني الحديث. ويرى كريستول أن هذا أمر مفهوم، إذ أن المجتمع العلماني هو الذي أتى لليهود بحقوقهم وهو الذي أتاح لهم فرصة الاندماج، على عكس المجتمعات المسيحية التي كانت دائماً مجتمعات معادية لليهود. لكن الخطر الذي يواجه اليهود في الوقت الحاضر لم يَعُد معاداة اليهود وإنما الزواج المُختلَط، وهو خطر لم تجد له القيادات اليهودية حلاًّ بعد.

يقدم كريستول حلاًًّ جديداً للمشكلة يستند إلى مقدمات فلسفية وتاريخية مفادها أن العقيدة العقلانية للإنسانية العلمانية بدأت تفقد مصداقيتها بالتدريج رغم هيمنتها الكاملة على مؤسسات مجتمعنا (المدارس والمحاكم والكنائس ووسائل الإعلام). ويعود هذا إلى سببين:

1 ـ بإمكان الفلسفة العقلانية العلمانية أن تزودنا بوصف دقيق للمسلمات الضرورية لتأسيس نسق أخلاقي. ولكنها لا يمكن أن تزودنا بهذا النسق ذاته، فالعقل قادر على تفكيك الأنساق الأخلاقية ولكنه ليس قادراً على توليدها، إذ أن الإنسان يقبل الأنساق الأخلاقية من منطلق إيماني غير عقلي، والعقل المحض لا يمكن أن يتوصل إلى أن الجماع بالمحارم خطأ (طالما أن مثل هذه العلاقة لا تثمر أطفالاً)، أو أن مضاجعة الحيوانات شر (إلا من منظور أنها انتهاك لحقوق الحيوانات)، ذلك أنه ليس معروفاً لدينا إن كانت الحيوانات تتمتع بمثل هذه العلاقة الجنسية أم لا. وبسبب هذه الفوضى الأخلاقية، أصبح من المستحيل علينا تنشئة الأطفال، وتظهر أجيال قلقة لا تجد لنفسها مخرجاً من هذا الوضع.

2 ـ لا يمكن أن يُكتب البقاء لمجتمع إنساني إن كان أعضاؤه يعتقدون أنهم يعيشون في عالم لا معنى له. والواقع أننا، منذ القرن التاسع عشر (الحركة الرومانسية)، نجد أن تاريخ الفكر الغربي هو رد فعل للإحساس بأن العلمانية أدَّت إلى ظهور عالم لا معنى له، وهي تحاول أن تحل هذه المشكلة بأن تؤكد للإنسان أنه يسيطر على نفسه وعلى الطبيعة من خلال الاستقلال والإبداع، وهو أمر يراه كريستول مجرد خداع للنفس، ولذا فإن أهم ثلاثة فلاسفة غربيين في العصر الحديث لا يؤمنون بالعقيدة الإنسانية (الهيومانية): فنيتشه عدمي، وهايدجر وثني جديد، وسارتر وجودي يشعر بالغثيان، كما أن التيارات الفكرية السائدة الآن (التفكيكية وما بعد الحداثة) كلها تشعر بالازدراء تجاه الفكر الإنساني الهيوماني.

كل هذا يشير إلى أن من المتوقع تراجع العلمانية وتزايد الانتماء الديني. ويتبدَّى هذا في العبادات الوثنية الجديدة التي ظهرت، أي أن من المتوقع أن يحدث بعث جديد للمسيحية في المجتمع الأمريكي.

ويتوقع كريستول أن يقاوم اليهود هذا الاتجاه، ولكنه يرى أن من الأفضل لهم أن يغيروا موقفهم وأن يتكيفوا مع الوضع الجديد، فليس من المتوقع أن يؤدي البعث الديني إلى تزايد معاداة اليهود. كما يرى أن البديل لتقبل عودة الرموز المسيحية والعقيدة المسيحية ما أسماه «البربرية المعادية للكتاب المقدَّس» والتي تتحدى كلاًّ من المسيحية واليهودية، بل والحضارة الغربية ككل.

وأخيراً، يُنهي كريستول مقاله بعبارة مهمة: « إن يهود أمريكا عندهم حساسية مبالغ فيها من العداء المسيحي لليهود، وهم لذلك معرَّضون لخطر أن ينسوا أن من حطم الهيكل مرتين ونفى الشعب اليهودي لم يكن العداء المسيحي لليهود، وإنما الوثنيون والبابليون والرومان ».

  • الاربعاء AM 11:41
    2021-04-07
  • 1025
Powered by: GateGold