المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417652
يتصفح الموقع حاليا : 233

البحث

البحث

عرض المادة

حـــنه أرنـــت (1906-1975) - إســحق دويتشـر (1907-1967)

Hannah Arendt
كاتبة أمريكية وفيلسوفة سياسية، وُلدت وتعلمت في ألمانيا ثم هاجرت إلى الولايات المتحدة بعد وصول هتلر إلى السلطة. كانت في مطلع حياتها متحمسة بعض الشيء للفكرة الصهيونية، وانضمت إلى بعض المنظمات الشبابية الصهيونية في ألمانيا، وكانت السكرتيرة العامة لفرع منظمة هجرة الشباب في فرنسا (1935 ـ 1939)، كما كانت صديقة شخصية لكورت بلومنفلد وهو من أهم الزعماء الصهاينة الألمان. ولم تفقد أرنت قط اهتمامها بأعضاء الجماعات اليهودية في الغرب حتى بعد رفضها للصهيونية. وفي الفترة 1936 ـ 1967، عملت أستاذة في جامعة شيكاغو، ثم عملت في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك بعد ذلك التاريخ.


ويتسم فكر أرنت بالشمول والاتساع، كما يتضح من عناوين بعض كتبها التي نجد من بينها أصول الشمولية (1951)، و العنف (1970)، و أزمة الجمهورية (1973)، و حيـاة العقل (1978)، و محاضرات عن فلسفة كانط السياسية (1982)، كما كتبت عن الثورة وأزمة المجتمع الحديث. وتدور معظم اهتماماتها حول تآكل المجـال العام في المجتمـع الحـديث، وهو تآكل يواكبه تآكل الحرية والفكر، فتذهب أرنت إلى أن الحرية (الفعل التلقائي) والفكر (الحوار الداخلي بين الضمير وإدراك المعنى) يتوقف على الفصل بين الحياة السياسية (المجال العام) والحياة الاجتماعية والاقتصادية (المجال الخاص). فالمجال الخاص يعطي الفرد الحيز الذي يحتاج إليه للتفكير ويحميه من هيمنة المجال العام. وهي ترى أن المدينة اليونانية، بديموقرّاطية المشاركة التي سادت فيها، كانت وضعاً مثالياً، إذ كان بوسع الفرد أن ينسحب من الحياة العامة (السياسية) إلى مجاله الخاص ليفكر ويتأمل ويختار (ويُحكِّم ضميره ويفهم معنى الأمور). وترى أرنت أن المجتمع الحديث يتسم بأن المجالين العام والخاص قد اندمجا تماماً، وبذا حُرم الإنسان من المجال الخاص وتم رد الفكر والعقل إلى مستوى النفعية التي لا تهتم إلا بالبقاء البيولوجي (الإنتاج والاستهلاك)، أي أن المجتمع الحديث يلغي ثنائية المادة والروح، ويسقط في حلولية دون إله (إذا أردنا استخدام مصطلحنا). وساهم كل هذا في ظهور المجتمع الجماهيري، كما ظهرت النزعة الذرية والاغتراب واللا معيارية التي تؤدي بدورها إلى الشمولية. وهي ظاهرة جديدة تماماً في تاريخ الإنسانية ومختلفة عن الدكتاتورية التقليدية، إذ أن كل مجالات الحياة الخاصة والعامة في العصر الحديث تخضع لهيمنة الدولة، على عكس الماضي حين كانت الحياة العامة وحدها هي التي تخضع لسلطان الحاكم. والشمولية الحديثة ليست ظاهرة واضحة، وإنما هي ظاهرة هلامية تتغلغل في كل أشكال الحياة، إذ لا يوجد مركز واضح للسلطة، وإنما توجد أجهزة منتشرة مثل أجهزة المخابرات والإعلام التي تقوم بنشر الشمولية من خلال إعلام متقدم مصقول يبدو كما لو كان حراً. ويؤدي هذا إلى أن حياة الإنسان تصبح لا أهمية لها على الإطلاق ولا قيمة.

وشبَّهت أرنت أزمة المجتمع الحديث بأزمة الإمبراطورية الرومانية في تدهور الدين والتقاليد والسلطة. وهي ترى أن عملية علمنة المجتمع، التي تؤدي إلى تحويل المجال العام إلى ملحق للمجال الاقتصادي، تؤدي في الوقت نفسه إلى ظهور مجتمع استهلاكي لا يكترث بالسياسة، حيث تصبح الثقافة شيئاً منحطاً يخدم حاجات صناعة السلعة، ويتخلى الإنسان عن البحث عن المعنى مقابل الأمن الزائف البرجماتي الذي تقدمه له الحقيقة العلمية. وترى أرنت أن العلم هو واجهة من الحياد تخبئ إرادة القوة، وإمكانية شمولية تبدأ بالسيطرة على الطبيعة وتنتهي بالسيطرة على الإنسان باسم الهندسة الاجتماعية. لكل هذا، نادت أرنت بالحرية التي تستند إلى المشاركة العامة في السياسة مقابل الحرية التي تستند إلى المصالح الشخصية.

ومن أهم دراساتها الأخرى، كتاب أيخمان في القدس ـ تقرير عن تفاهة الشر (1963) الذي أثار ضجة كبيرة، فقد بيَّنت أن القيادات اليهودية الأوربية أثناء المواجهة مع النازيين لم تكن قط على مستوى المسئولية، وأن الضحايا كانوا مسئولين إلى حدٍّ ما عن المذبحة التي وقـعت لهـم لأن عـددهم يصـل إلى الملايين. فقد كان بوسعهم، عن طريق المقاومة السلمية وحدها، أن يعطلوا آلة الحرب النازية. كما أن أيخمان لم يكن سوى بيروقرّاطي تافه عادي يؤدي ما يوكل إليه من مهام مثل أي موظف في بيروقرّاطية حديثة، ومعنى ذلك أنه نتيجة طبيعية لعملية الترشيد التي تؤدي إلى الشمولية. واتسم نقلها لما حدث في قاعة المحكمة بالأمانة الشديدة، فأشارت على سبيل المثال إلى خطبة المدعي العام الإسرائيلي الذي بيَّن كيف لاقى الشعب اليهودي صنوف العذاب في كل زمان ومكان على يد الأمم، فقام محامي أيخمان وتساءل عن سرّ ذلك، وعما إذا كان هناك خلل ما في هذا الشعب؟ وأصيبت المحكمة بالذهول بسبب هذا السؤال. كما يبين كتاب أرنت أن القيادة الصهيونية في المجر وغيرها من الدول تعاونت مع النازيين وعقدت معهم اتفاقية تقوم بمقتضاها القيادة الصهيونية (رودلف كاستنر) بضمان سكوت أعضاء الجماعة اليهودية وامتناعهم عن مقاومة عمليات الترحيل (عن طريق خداعهم وإقناعهم بأنهم متوجهون إلى معسكرات عمل وليس إلى معسكرات الإبادة) مقابل أن يسمح النازيون لعدد من اليهود، وصفهم أيخمان بأنهم من أفضل المواد البيولوجية بالهجرة إلى فلسطين. وقد وصف جرشوم شوليم هذا الموقف بأنه قاس وخبيث ولا ينـم عن أي حـب للشـعب اليهودي. وردت أرنت على هذا الاتهام بالإيجاب، فهي حسب قولها لا تحب شعباً بشكل جماعي «فأنا لا أحب سوى أصدقائي، والحب الوحيد الذي أعرفه هو حب الأفراد ».

ومن الواضح أن موقف أرنت من الصهيونية، ابتداءً من الأربعينيات، كان قد تغير وأخذ شكلاً معادياً للصهيونية. وتُعَدُّ مقالاتها عن الصهيونية، التي كتبت قبل عام 1948، من أكثر الدراسات تفسيرية، إذ حدَّدت فيها المعالم الرئيسية لفكرة الصهيونية ولفكرة الدولة الصهيونية فيما بعد. ففي مقالها «إعادة النظر في الصهيونية» بيَّنت أن انعزالية الصهيونية المهووسة تعود إلى تقبُّل أعمى للقومية بالمعنى الألماني، والتي تستند إلى الإيمان بأن الأمة جسم عضوي أزلي، ونتاج عملية نمو حتمية لسمات كامنة. وهكذا، فإن هذا المفهوم للقومية يحدد الشعب لا باعتباره مسألة تنظيم سياسي، وإنما باعتباره مسألة شخصيات بيولوجية ذات طابع فوق إنساني، أي يتجاوز الإنسان. وبيَّنت أن الحركة الصهيونية، كحركة قومية، باعت نفسها من البداية لإحدى القوى العظمى لأن شعار الدولة اليهودية كان يعني في واقع الأمر أن اليهود سيؤسسون أنفسهم من البداية باعتبارهم منطقة نفوذ تحت وهم القومية. وحذرت أرنت من الأوهام الصهيونية، مثل وهم (شعار): أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. وأشارت إلى شيء واضح تمام الوضوح لكل الناس ما عدا الصهانية، وهو أن إرتس يسرائيل (أي فلسطين) ليست مكاناً في القمر، وإنما هي مكان مأهول بالسكان، وأن تأسيس الدولة يعني تهجير سكانها الأصليين. وقد بيَّنت أن فكرة نقل العرب الفلسطينيين (الترانسفير) ظلت منذ عام 1945 تُناقَش بشكل جدي في صفوف الصهاينة. وقد استمر موقف أرنت معادياً للصهيونية حتى وفاتها.

إســحق دويتشـر (1907-1967(Isaac Deutscher
مفكر بولندي يهودي من أهم شارحي الماركسية، والتروتسكية على وجـه الخصـوص. وُلد بالقـرب من كراكوف ونُشِّئ تنشئة دينية أرثوذكسية، ولكنه تلقى فيما بعد تعليماً علمانياً في جامعات بولندا. ويبدو أنه غازل الصهيونية في شبابه، فتعلم العبرية وترجم بعض الأشعار العبرية إلى البولندية.


انضم دويتشر عام 1926 للحزب الشيوعي السري، ولكنه طُرد منه عام 1932 حينما نادى بتكوين جبهة متحدة بين الاشتراكيين والشيوعيين لمجابهة التهديد النازي. وانتقل عام 1939 إلى لندن ليعمل مراسلاً لجريدة بولندية يهودية، ولكنه استقر فيها وأصبحت مكان إقامته الدائم.

من أهم دراساته ستالين: سيرة حياة سياسية حيث يشبه فيها ستالين بروبسبيير، ويذهب إلى أن تطهير الثورة الشيوعية من ستالين كان ممكناً مثلما تم تطهير الثورة الفرنسية من روبسبيير. وقد بيَّن دويتشر في هذه الدراسة ما تصور أنه انحراف ستالين عن الخط الماركسي اللينيني. ولكن أهم أعماله هو الدراسة التي كتبها في 1954 ـ 1963 من ثلاثة أجزاء عن حياة ليون تروتسكي وفكره. ويبدي الكتاب تعاطفاً مع تروتسكي ووضعه المأساوي كما يبدي رفضاً عميقاً لستالين. وكتب دويتشر كذلك دراسة عن الثورة البلشفية بعنوان الثورة الدائمة (1967(.

وفي كتابه اليهودي غير اليهودي، يذهب دويتشر إلى أن اليهودية تتضمن رؤيتين: إحداهما ضيقة متعصبة وهي الرؤية الحاخامية والصهيونية، والأخرى عالمية تبناها مفكرون يهود، مثل إسبينوزا وهايني وماركس وروزا لوكسمبرج وتروتسكي، ومن خلالها توصلوا إلى نظرة إلى العالم تتجاوز اليهودية ذاتها وتستند إلى التضامن والإخاء العالميين، أي أن تحقُّق النزعة العالمية الكامنة في اليهودية يؤدي إلى نفي اليهودية. ومن ثم، عارض دويتشر الصهيونية، كما رفض الدولة التي أسستها في فلسطين واعتبرها تمثل خطوة للوراء بالنسبة إلى اليهود. وكان آخر حديث له يتضمن إدانة شديدة لإسرائيل والتوسعية الصهيونية في عام 1967، وقد نُشر بعد وفاته.

  • الاربعاء AM 11:38
    2021-04-07
  • 868
Powered by: GateGold