المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417645
يتصفح الموقع حاليا : 242

البحث

البحث

عرض المادة

يهــودا الـلاوي (1080-1141)

يهــودا الـلاوي (1080-1141)
Judah Halevy
شاعر وطبيب ومفكر عربي يهودي يُكنَّى بأبي حسن اللاوي. وُلد في طليطلة التي احتفظت بطابعها الإسلامي لبعض الوقت حتى بعد أن استولى عليها المسيحيون. وتلقَّى تعليمه في إسبانيا الإسلامية حيث درس اللغة العبرية وعلوم الدين اليهودي والفلسفة وكذلك اللغة العربية وآدابها والطب. وعندما تقدم به العمر، خرج من الأندلس إلى الإسكندرية، ثم ذهب إلى دمياط حيث مكث عامين يعمل بالتجارة، ومنها سافر إلى القاهرة التي خلبه جمالها وكتب قصائد في وصفها. ثم توجه إلى الشام حيث مات هناك. وتقول الأساطير التي ترددها الكتب الصهيونية إن عربياً قتله برمحه وهو على مشارف القدس. ويبدو أنه وقع تحت تأثير الأفكار المشيحانية، فتصوَّر أن العصر المشيحاني وانهيار حكم المسلمين في الأندلس هو عام 1130. وبطبيعة الحال، لم يتحقق هذا الحلم أو غيره من أحلامه المشيحانية الأخرى.


ويُعَدُّ اللاوي من أشهر شعراء العبرية في عصره، فقد امتلك ناصية الشعر العبري بعد تأثره بالشعر العربي وأوزانه وأدخل كثيراً من مضامينه وأشكاله على الشعر العبري. وكتب اللاوي كثيراً من القصائد ذات الأغراض الدنيوية (مثل الحب ووصف الطبيعة). كما كتب قصائد في المدح والمناسبات كافة، فكتب قصائد ذات طابع ديني مثل «أغنية إلى صهيون»، وتحدث عن الأرض المقدَّسة التي سكن فيها الرب، وعن اختياره الشعب اليهودي رغم معاناة أفراده، وعن رغبته في العودة. ونظم بعض القصائد للمناسبات الدينية مثل الاحتفال بالسبت والأعياد وأيام الصوم، ووجدت هذه القصائد طريقها إلى كل كتب صلوات العيد (ماحزور).

اتخذ اللاوي موقفاً معادياً للفلسفة، وقال إن الفلسفة من عبث العقل، وتبدَّى موقفه هذا في شعره الديني. ولكن أهم مؤلفاته هو كتاب الخزري (سيفر هاكوزاري) الذي يُعرَف أيضاً باسم الحجة والدليل في نصر الدين الذليل. وقد أُلف الكتاب بالعربية ودُوِّن بحروف عبرية حتى لا يُتداول إلا بين اليهود، وهو يُعَدُّ من كلاسيكيات الفـكر العربي اليهـودي. والكتاب يدور حول حادثة تهود بولان، ملك الخزر، ولا يعدو أن يكون صدى لبعض التيارات الفكرية في العالم الإسلامي. فقد انتشر علم الكلام بين كثير من المفكرين اليهود وسيطر تماماً على فكر القرّائين الذين تبنوا العقل وجعلوه الأساس الوحيد للتفسير والاجتهاد. وكتاب الخزري هو رد اللاوي على هذا الاتجاه متأثراً في شكله وفكره بمؤلفات الغزالي (1058 ـ 1111). ويأخذ الكتاب شكل مناظرة بين حاخام يهودي وقس مسيحي وشيخ مسلم وفيلسوف أرسطي، ويعرض كل واحد منهم وجهة نظره، وبعد الحوار الطويل (وبعد أن يعرض كلٌّ موقفه) يختار ملك الخزر اليهودية ويعتنقها.

ويُهاجم اللاوي الفلسفة اليونانية ويُبيِّن عجز العقل عن الوصول إلى الحقيقة. ولذا، فهو يعتقد أن الفلسفة لابد أن تظل في خدمة الدين. وكان اللاوي يتصور أن الإسلام والمسيحية يرتكزان على شخصيتي محمد عليه الصلاة والسلام والمسيح عليه السلام، وأن القرآن (لأنه مكتوب بالعربية) موجه إلى العرب وحسب، على حين أن اليهودية لا تدور حول شخص، وإنما تستند إلى الشعب اليهودي الذي اختصه الرب بالتوراة دون شعوب الأرض. ويعبِّر تاريخ هذا الشعب عن الإرادة الربانية، ومن ثم فهو تاريخ مقدَّس.

ومن أهم القضايا التي طرحها اللاوي في كتابه قضية النبوة، فهو يرى أن ملَكة النبوَّة مقصورة على أقلية منذ آدم ولا تظهر إلا في فرد واحد في كل جيل. وهذه المَلَكة انتقلت من إبراهيم إلى إسحق ومنه إلى يعقوب ومن يعقوب إلى كل شعب يسرائيل وهو الشعب الوحيد الذي ظهر بينه العديد من الأنبياء. ولكن ملَكة النبوَّة ليست كافية في حد ذاتها لأن يصبح المرء نبياً. وهنا يورد اللاوي صورة الكرمة الرفيعة المجازية التي يجب أن تُزرع في تربة خاصة، ويُعتنى بها بمهارة غير عادية قبل أن تُعطي العنب الذي يمكن استخلاص الخمر الفاخر منه. وهكذا النبوَّة، لا يمكنها أن تزدهر إلا في أرض خاصة وهي أرض يسرائيل، وتحتاج إلى طريقة خاصة للعناية بها وهي اللغة العبرية، وقوانين الكتاب المقدَّس الشعائرية.

وتحت هذه الظروف فقط، يستطيع الأنبياء أن يسمعوا الكلمة المقدَّسة ويُدركوا الرؤىا السماوية. وبهذا، يمكن تفـسـير عدم ظـهور أنبيـاء في يسرائيل بعد النفي. ولن تتحقق موهبة يسرائيل ولن تعود مقدرتها على التنبؤ إلا بعد عودتها إلى الأرض. وهذا الرأي يربط من جهة بين النبوَّة وتميُّز يسرائيل وبين عناصر طبيعية وبيولوجية، ويربط بين الحلولية اليهودية التقليدية وصورة الطبيعة العضوية المجازية من جهة أخرى. وهو، بهذا، يُعَدُّ أحد رواد الفكر الصهيوني الذي يربط بين الشعب والأرض واللغة والرب ويراها جميعاً كلاًّ عضوياً ملتحماً بسبب حلول الرب في مادة يسرائيل المقدَّسة. وهذه الفكرة تشبه فكرة الشعب العضوي (فولك) الألمانية.

ثم يتوجَّه اللاوي إلى مشكلة الشعب الذليل الذي قد يُؤخذ عذاب أفراده قرينة على رفض الرب لهم. وهنا يلجأ اللاوي إلى تفسير طريف بقدر ما هو ملتو، إذ يقول إن الأمم لا تُباهي بمحاربيها وملوكها وإنما بشهدائها (وهنا يظهر التأثير الواضح للفكر المسيحي عليه بتأكيد حادثة الصلب باعتبارها حادثة ذات دلالة عميقة على عكس الإسلام الذي يؤكد نصر الله والفتح). وبالتالي، يكون العذاب ميزة، وهي ميزة يتمتع بها اليهود. ولعل القصور الوحيد عند اليهود يكمن في أنهم لا يتعذبون برضاهم. ولكنه يستدرك قائلاً: إن عذاب اليهود مسألة تتم باختيارهم، إذ أن بمقدور اليهودي أن يهرب من معاناته باعتناق دين آخر. ثم يضيف أن هناك هدفاً وراء معاناة اليهود، فيسرائيل هي بمثابة القلب بين أعضاء الجسد، وهذه فكرة صهيونية أخرى، حيث تمنح الشعب اليهودي مركزية في الكون والتاريخ الإنساني.

  • الثلاثاء PM 11:02
    2021-04-06
  • 1321
Powered by: GateGold