المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412187
يتصفح الموقع حاليا : 301

البحث

البحث

عرض المادة

خرافة الشخصية اليهودية

الشخصية اليهودية واللذة

  

يدَّعي الصهاينة أن «الشخصية اليهودية » لها خصوصيتها وفرادتها، فاليهود يتسمون بكذا وكذا، ثم يأتون بقائمة من الفضائل التي يختارونها حسب الجمهور المخاطب. فإن كان الجمهور من العسكريين، فإن اليهود يتسمون بالقدرة على القتال وتحمل شظف العيش، أما إذا كان من دعاة السلام فإن اليهود حمائم يكرهون بطبيعتهم منظر الدم. ورغم التناقض الظاهر بين المنطقين فإنه يفترض أن الشخصية اليهودية لها سمات ثابتة تجعل هذه الشخصية بمنأى عن التحولات الناجمة عن تغير المكان والزمان، لكن مثل هذا التصور وهم يفرز الأكاذيبخذ، على سبيل المثال، الشخصية اليهودية في إسرائيل. فقد ذهب الصهاينة إلى أن الإسرائيليين يحملون لواء أفكار رومانسية مثل العمل العبري، أي أن يعمل اليهودي بيده في الأرض التي يغزوها، وأنه يجب أن يقاتل بنفسه ولا يدع أحد يحرسه، وهكذا. وبالفعل، كان المستوطنون الأوَّل يحيون حياة متقشفة امتدت منذ عام ١٩٤٨ حتى عام ١٩٦٧ ،حيث كانوا يزرعون ويأكلون وينظمون أنفسهم تنظيماً عسكرياً صارماً تحسباً لهجوم السكان الأصليين عليهم بعد الاستيلاء على أرضهم وإبادة البعض منهم. وقد واكب ذلك ضبط للنفس وإنكار للذات، بل التضحية بها.  

ولكن (ويالها من لكن) كان كل هذا يتم، منذ البداية، باسم الهدف النهائي والقيمة المرجعية النهائية، أي تحقيق الذات وتعظيم اللذة، وكل ما كان يتم من إرجاء للإشباع وتقشف حاد كان يتم باسم الاستهلاك الآجل، خاصةً وأن المستوطن الصهيوني (رغم كل الادعاءات الأيديولوجية) قد اقتُلع من وطنه واستوطن في أرض مغتصبة بحثاً عن الحراك الاجتماعي والرفاهية الاقتصادية.  

وحينما حققت إسرائيل انتصاراً عام ١٩٦٧ ،أي بعد نحو ٢٠ عاماً وحسب من تأسيس الدولة، تفجرت الرغبات الاستهلاكية وزاد النزوع نحو اللذة وارتفعت التوقعات وانخفضت المقدرة على التحمل إذ شعر المستوطنون الصهاينة أن المرحلة التقشفية قد انتهت وأن الوقت قد حان لدخول مرحلة الاستهلاك والسلع المستوردة، وهذا يعني أن ارتفاع معدلات العلمنة في المجتمع أدَّى إلى اكتساح القيم، والمطلقات كافة، ومعها المطلق الصهيوني نفسه وسائر آليات ضبط النفس التي تتم في إطاره، وذلك قبل أن يضرب المجتمع بجذوره وقبل أن يؤسِّس بنيته التحتية. ولهذا، تزايدت معدلات الأمركة في المجتمع، وضَعُفت مقدرة المستوطنين على تحمُّل المشاق. ومع تَفجُّر الانتفاضة تصاعدت حدة أزمة المجتمع الصهيوني.  

لكل هذا تغيَّرت الأنماط الإدراكية في المجتمع، فتراجع نموذج "الكيبوتسنيك ( " عضو الكيبوتس) المتقشف المحارب، وظهر نموذج "روش قطان"، أي المواطن ذو الرأس الصغير والمعدة الكبيرة، الاستهلاكي الرخو، وظهر مجتمع ما يُسمى "٣ في": الفولفو والفيديو والفيلا.  

ومما يساعد على تفشي النزعة الاستهلاكية ظاهرة الأمركة، والأمركة هي أسلوب حياة جوهره اتخاذ موقف برجماتي ينصرف عن الكليات والمبادئ ليركز على التفاصيل وحل المشاكل المباشرة، ويعتمد العنف آلية أساسية من آليات حل الصراع، ويركز بالدرجة الأولى على الفرد وعلى تأكيد ضرورة الإشباع الفوري.  

والأمركة مرتبطة تمام الارتباط بالعولمة التي لها نفس الأثر في التجمُّع الصهيوني، فالإنسان الذي يفقد جذوره الإثنية والدينية يميل بشكل أكبر نحو الاستهلاك، لأن استهلاك السلع يصبح السبيل إلى تحقيق الفردوس الأرضي. وفي إطار العولمة، تصبح السلع العالمية (أي الأمريكية) هي رمز هذه الجنة الجديدة.  

وهذه الظواهر موجودة في كل المجتمعات ولكن أثرها السلبي أعمق في التجمُّع الصهيوني لأنه مجتمع يستند عقده الاجتماعي إلى أيديولوجية تشكل الهوية عصبها وعمودها الفقري.  

ويرتبط بكل هذا الاتجاه نحو الخصخصة، فالخصخصة تعني أن نقطة البدء هي الفرد وليس المجتمع، وأن المشروع الفردي يسبق المشروع القومي. ومثل هذا الموقف يزيد بغير شك حدة السعار الاستهلاكي. وللخصخصة أعمق الأثر في التجمُّع الصهيوني، فهو تجمُّع استيطاني لابد أن ينظم نفسه تنظيماً جماعياً ليضمن لنفسه البقاء والاستمرار أمام مقاومة أصحاب الأرض. ولا شك أن كون المجتمع الصهيوني مجتمع مهاجرين يعني أن هناك دائماً جماعات بشرية جديدة تفد على المجتمع وتصعد من سعاره الاستهلاكي.  

وفي هذا الإطار وُلِدت الحساسية الجديدة لدى الشباب الإسرائيلي. فهو - على حد قول المعلق السياسي الإسرائيلي يوئيل ماركوس - لا يفكر إلا في ذاته. والأيديولوجية الصهيونية لا تعني الكثير بالنسبة له، فهو منخرط في حياته اليومية وفي مجتمعه المترف الذي لم تشهده إسرائيل في أي وقت سابق. لقد أصبحت النزعة الفردية وكذلك النزعة المادية هما المسيطرتان على المجتمع الإسرائيلي. وتحولت إسرائيل من بلد كان يقدس الجماعية إلى بلد يقدس الفردية، ومن بلد تتحد كل صفوفه لتطبيق المشروع الصهيوني إلى بلد تغذيه الفردية والمادية من كل جانب.  

  

التحولات في الشخصية اليهودية

  

أدت التحولات التي طرأت على شخصية المستوطنين الصهاينة في فلسطين إلى تآكل وتراجع كثير من المفاهيم الصهيونية، ويتضح ذلك على وجه الخصوص في الموقف من الاستيطان ومن الخدمة العسكرية.  

تساقط المفهوم القديم للاستيطان.  

تآكل المفهوم القديم للمستوطن الصهيوني باعتباره رائداً يمسك المحراث بيد والبندقية بالأخرى، وظهر نوع جديد من المستوطنين الذين يبحثون عن الحراك الاجتماعي وعن رفع مستوى معيشتهم، ولهذا يُلاحظ أن المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية مختلفة عن المستوطنات القديمة، فلا يوجد فيها أي مظهر من مظاهر التقشف وإنما توجد فيها منازل فاخرة وحمامات سباحة وكل أشكال الرفاهية، ولا تأخذ الدعوة إلى الاستيطان فيها شكل شعارات دينية أو حتى شبه دينية ولا أيديولوجية (أو حتى شبه أيديولوجية) وإنما هي دعوة سافرة للاستهلاك، فأحد الإعلانات عن أماكن للسكنى في إحدى المستوطنات في الضفة الغربية يتحدث عن فيلا واسعة، في موقع جميل، بنصف ثمن الفيلات المماثلة داخل حدود عام ١٩٦٧ ولكنها مع هذا تقع على بُعد ثلاثين دقيقة من وسط القدس ونتانيا وتل أبيب! أي أنه أوكازيون واستيطان في نفس الوقت، أو استيطان بالتقسيط المريح.  

ولا يقوم المستوطنون بحراسة هذه البيوت الاستيطانية الفارهة، إذ يتولى الجيش الإسرائيلي هذه المهمة بالنيابة عنهم، وبدلاً من أن تكون المستوطنات هي المواقع العسكرية الأمامية للجيش الاستيطاني الصهيوني، أصبحت المستوطنات تشكل عبئاً عسكرياً عليه. ولهذا أطلقت على هذا النوع من الاستيطان «الاستيطان مكيف الهواء»، وهو يعكس واقع الحياة في إسرائيل أكثر من الشعارات الصهيونية الكاذبة التي تطلقها أبواق الصهيونية (والتي يصدقها بعض العرب). ومما فاقم الوضع وصول ما يقرب من مليون مهاجر من الاتحاد السوفيتي ليس لديهم انتماء يهودي (ديني أو إثني) ولا حتى انتماء أيديولوجي صهيوني، فهؤلاء هاجروا لأسباب نفعية واضحة (ولذا نحت مصطلح «الصهيونية النفعية» أو «صهيونية المرتزقة»  لوصف دوافعهم)، ولو سنحت لهم الفرصة للهجرة إلى الولايات المتحدة لفعلوا. وقد كوَّن هؤلاء حزباً سياسياً ممثلاً في الوزارة الإسرائيلية، وبرنامجه السياسي مكرس تماماً لخدمة المهاجرين السوفيت دون أية توجهات أيديولوجية.  

الخدمة العسكرية.  

غرس الاستعمار الغربي عدداً من الجيوب الاستيطانية في أفريقيا وآسيا، وذلك لاستيعاب الفائض البشري في القارة الأوربية، ولكي تكون قواعد للدفاع عن المصالح الغربية في هاتين القارتين. وينتمي الجيب الاستيطاني الصهيوني لهذا النمط، فقد أُسِّس ليستوعب الفائض البشري اليهودي ولوضع حل للمسألة اليهودية، وحتى يقوم في الوقت نفسه بحماية المصالح الغربية نظير الدعم العسكري والسياسي والمالي الذي يقدمه له الغرب. والواقع أن الجيوب الاستيطانية تفرض على سكان آسيا وأفريقيا بحد السلاح الغربي، ولهذا يستند وجودها إلى القوة العسكرية التي تحاول طرد السكان الأصليين أو قمعهم لتحقيق الحد الأدنى من الطمأنينة لجماهير المغتصبين. والقوة العسكرية الصهيونية تنتمي لهذا النمط، وقد أحرزت قدراً لا بأس به من النجاح والشرعية أمام جماهير المستوطنين.  

وكانت العسكرية الصهيونية قد نجحت في أن ترسخ في وجدان الإسرائيليين فكرة أن إسرائيل دولة صغيرة تدافع عن نفسها ضد هجمات جيرانها العرب، بل إن الأيديولوجية الصهيونية تجعل اليهود شعباً مختاراً (بالمعنيين الديني والعلماني) وتخلع القداسة على كل ممتلكات الدولة، وبخاصة حدودها، كما تخلع القداسة على الجيش، حتى أنه وُصف بأنه القداسة بعينها. وقد وصف بن جوريون الجيش بأنه "خير مفسر للتوراة"، فمفسر التوراة هو وحده القادر على تعريف حدود إسرائيل. ومن ثم اكتسبت الخدمة العسكرية قداسة خاصةوإلى جانب هذا، كانت الخدمة العسكرية السبيل للدخول في النخبة الحاكمة، ففي المجتمع الاستيطاني لابد أن يدفع الفرد ضريبة الدم ليصبح جديراً بالاشتراك في الحكم وصنع القرارولذا كان يتم تجنيد الشباب الإسرائيلي بنجاح شديد، عن طريق التوجه إلى حسِّهم الأخلاقي والقومي والديني، ورغبتهم في البقاء باعتبار أن الدفاع عن الذات رغبة إنسانية أخلاقية مشروعة، وباعتبار أن العرب يهددون البقاء الإسرائيلي نفسه. ومما دعَّم كل هذه الادعاءات انتصارات إسرائيل المتتالية الحاسمة التي ضمنت للمستوطنين البقاء وتدفق المعونات من الخارج واستمرار الأساطير الصهيونية.  

وحتى فترة قريبة، كان التطوع في صفوف قوات النخبة (وحدة المظليين) يعتبر من الأعمال المرموقة، حتى أن هذه القوات كانت تضطر في الماضي إلى الاعتذار لعدد من الراغبين في التطوع لوجود ما يكفيها من العناصر. وقد تم في الماضي تسجيل حالات انتحار من جانب الشباب الذي كان لا يستطيع الالتحاق بالقوات المسلحة.  

غير أن هذا الوضع تغيَّر، ولُوحظ مؤخراً انصراف الشباب من المستوطنين الصهاينة عن الخدمة العسكرية بل والفرار منها. فأشار إسحق مردخاي (أحد وزراء الدفاع السابقين)  إلى أنه طرأ انخفاض حاد على مستوى الاندفاع والرغبة القتالية في صفوف الشباب الإسرائيلي.  

وفي إحصاء عام ٢٠٠٠ ،تساءل أحد كبار الضباط عن شرعية قيام الجيش بالتجنيد الإلزامي في وقت لا يتم فيه تجنيد ٢٠ %من الشباب ويهرب فيه حوالي ٢٠ - %٢٥ %أثناء الخدمة (ملحق صحيفة هآرتس، ٢٦مايو/أيار ٢٠٠٠ .(وفي أحد استطلاعات الرأي صرَّح ثلث الشباب الإسرائيلي بأنه لو أتيحت لهم الفرصة لتجنب الخدمة العسكرية الإجبارية (التي تستغرق ثلاث سنوات) لفعلوا ذلك. ويعتمد الجيش الإسرائيلي على نظام الاحتياط فيقوم باستدعاء جنود الاحتياط (الذين بلغ عددهم عام ١٩٩٦ حوالي ٠٠٠.٤٢٩ (مرة كل عام لمدة شهر (حتى سن الخمسين) لإعادة تدريبهم. وقد لوحظ أن حوالي الثُلث يتغيبون. ويطلقون الآن في إسرائيل على الذين يؤدون خـدمة الاحتـياط الكلمــة العبرية «فرياريم» والتي تعني «البُلهاء». وأثناء الصدام الذي وقع بين الجيش الإسرائيلي وسكان نابلس في سبتمبر ١٩٩٦، استدعت إحدى فرق الاحتياط الجنود التابعين لها والبالغ عددهم ٣٤٠ فلم يحضر سوى ٦٠جندياً، ولم يبق منهم سوى ثلاثين. وقد رفض أحدهم الذهاب للضفة الغربية.  

وقد نشرت صحيفة هآرتس في ملحقها الذي سبقت الإشارة إليه إحصاءات دقيقة عن هذا الموضوع:  

  • في عام ١٩٩٨ أعرب ٦٥ %من البنين ممن تتراوح أعمارهم بين ١٣ سنة و١٨ سنة عن استعدادهم للخدمة في الوحدات القتالية، أما في عام ٢٠٠٠ فقد هبطت النسبة إلى .%٥٣
  • وفي عام ١٩٩٨ أعلن ٢٣ %تفضيلهم للخدمة بالقرب من منازلهم، أما في عام ٢٠٠٠

فقد ارتفعت نسبتهم إلى ٣٤.% 

  • وفي عام ١٩٩٨ أعلن ١ %من الذكور فقط أنهم لا يرغبون في أداء الخدمة، أما في عام ٢٠٠٠ فقد ارتفعت نسبتهم إلى ٢.٦.% 
  • وكلما ارتفعت أعمار المشاركين في الاستطلاع - أي كلما كانت مسألة الخدمة العسكرية أقل نظرية وأكثر واقعية - أصبح موقفهم أكثر سلبية. فعلى سبيل المثال، أعلن ٥.٥ %فقط من الأبناء الذين تتراوح أعمارهم بين ١٣ سنة و١٤ سنة عن رغبتهم في عدم الالتحاق بالخدمة العسكرية في مقابل ٦.٦ %من الأبناء الذين تتراوح أعمارهم بين ١٧ سنة و١٨ سنة
  • بالنسبة للذكور ممن تتراوح أعمارهم بين ١٣ سنة و١٤ سنة، أعرب ٨.٥٥ %ممن شملهم الاستطلاع عن رغبتهم في أداء الخدمة بوحدة قتالية في مقابل ٩.٤٧ %فقط من الذكور ممن تراوحت أعمارهم بين ١٧ سنة و١٨ سنة
  • اتضح أنه كلما كان المستوى الاجتماعي والاقتصادي لمن شملهم الاستطلاع منخفضاً كلما كان الدافع لديهم منخفضاً جداً. فقد أبدى أقل من ٣٠ %ممن يعتبرون من الطبقة الاجتماعية والاقتصادية ذات المستوى المنخفض رغبتهم في أداء الخدمة بوحدة قتالية في مقابل أكثر من ٦٥ % ممن يعتبرون من الطبقة العليا.  

وقد ظهرت حركة شبابية في إسرائيل تسمَّى «مظهر جديد» (Profile New ( وهي حركة مستقلة تأسست في أكتوبر ١٩٩٨ وهدفها العمل على إلغاء التجنيد الإلزامي. وتقوم الحركة بعقد ندوات للشباب حول قضية الخدمة العسكرية وعمل تجمعات احتجاجية من أجل رافضي الخدمة. كما أن أعضاء هذه الحركة يساعدون الشباب الراغب في الامتناع عن أداء الخدمة أو في التسريح من الجيش، سواء كان ذلك لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي لأسرهم أو لأسباب أيديولوجية أو لمجرد عدم الرغبة في الخدمة. ويزعم أعضاء هذه الحركة أن أفكارهم نالت تأييداً كبيراً خلال العامين والنصف الماضيين. فحينما أُسِّست الحركة كان بها حوالي ١٥٠ عضواً، ولكنها تضم الآن مئات الأشخاص مما يدل على أن المزيد من الأشخاص أصبحوا يتقبلون الرغبة في عدم الانخراط في الجيش. وكدليل على شرعيتهم المتزايدة، يشير عدد من أعضاء الحركة إلى أن إحدى المشتركات في أنشطة الحركة هي روني بن عامي قرينة شلومو بن عامي (وكان من أهم الوزراء في حكومة باراك) وهذا كله يعني أن الظاهرة لم تستقر بعد، وأن المنحنى آخذ في التصاعد، وهذا يثير إشكالية كبيرة بالنسبة للجيب الاستيطاني الصهيوني، ذي المهمة القتالية، ً وخصوصا مع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة.  

وتُعتبر ظاهرة الفرار من الخدمة العسكرية ظاهرة خطيرة في أي مجتمع، وتزداد خطورتها في مجتمع استيطاني يتهدده السكان الأصليين، ويواجه مشكلة أمنية في علاقته بجيرانه، وأوكل له مهمة قتالية من قِبَل أولياء نعمته. ومع هذا، يجب أن نشير إلى أن القضية، رغم خطورتها، لم تُطرح في المجتمع الإسرائيلي على نطاق واسع لأسباب عملية، منها أن الجيش الإسرائيلي يفضل أن يستبعد مثيري المشاكل ويتركهم وشأنهم حتى لا تُثار القضية وحتى لا يناقشها الرأي العام. وبينما كان الجيش ينشر في الماضي استطلاعات الرأي الخاصة بالرغبة في الخدمة في الوحدات القتالية في الجيش، نجد أنه توصل الآن إلى نتيجة مفادها أن كثرة النشر حول انخفاض الدافع له أثر سلبي واضح، ولذا آثروا الصمت.  

ويبدو أن الأمراض النفسية من أهم أسباب الإعفاء من الخدمة العسكرية. ويشير اللواء فينو عام لاوفر إلى أنه لو أقيمت عيادة نفسية تضم ١٠ أطباء فإنه بعد فترة سيكون عندهم من الحالات النفسية الكثير والكثير. هذا يعني أن الأمراض النفسية يتزايد في إسرائيل ومن ثم الإعفاءات العسكرية. ولكن اللواء يسارع بنفي ذلك بقوله "إن القدرة التشخيصية للأمراض النفسية (وليس الأمراض النفسية ذاتها) قد تزايدت"، ومن ثم فهو يرى أن العيادات النفسية الكثيرة لا ضرورة لها. واللواء لاوفر له مطلق الحرية في أن يفسر الأمور كما يراها هو، ولكن ما أتى به من حقائق تحتمل تفسيرات أخرى غير التي أوردها، ولعل أقربها للواقع أن حالة الحرب المستمرة التي يعيشها المستوطن الصهيوني أمر لا يتحمله الجهاز العصبي للإنسان، ولذا تتزايد الأمراض النفسية، وهو الأمر الذي تؤيده كثير من الدراسات العلمية

  • الخميس PM 03:58
    2022-08-18
  • 796
Powered by: GateGold