المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414825
يتصفح الموقع حاليا : 256

البحث

البحث

عرض المادة

داود (1004-965 ق.م)

داود (1004-965 ق.م)
David
«داود» اسم عبري معناها «محبوب»، وداود هو ثاني ملوك العبرانيين، ويرجع نسبه إلى إسحق بن إبراهيم. وُلد في القرن الحادي عشر قبل الميلاد وتولَّى العرش عام 1004 ق.م حتى وفاته في عام 965 ق.م، وقد رُويت قصته في سفر صموئيل الثاني. وداود، حسب العقيدة الإسلامية، نبي وملك، ولكنه حسب العقيدة اليهودي ملك وحسب. ويحيطه التراث اليهودي بحكايات تجعله يتصف بصفات غير محمودة.


كان داود راعياً وقاطع طريق، عمل حامل دروع عند شاؤول، وكان يعزف له ليُسرى عنه. وأظهر شجاعة غير عادية في قتال الفلستيين حينما صرع العملاق جُليات بالمقلاع، ثم تزوَّج من ميكال ابنة الملك. ولكن شعبية داود أثارت غيرة الملك عليه، فاضطر إلى الفرار والاحتماء بأعدائه. ولكن، بعد هزيمة شـاؤول على يـد الفلسـتيين وانتحاره، عاد داود إلى الخليل (حبرون)، وتوَّجه صموئيل ملكاً ليهودا. ولكن أسرة شاؤول توَّجت أحد أبنائه ملكاً. ونتيجة خسائر بقية القبائل في الحرب (ويُقال بسبب مساعدة الفلستيين له) ونتيجة مجموعة من الاغتيالات السياسية دبرها قائد قوات داود، انتهى الأمر باغتيال ابن شاؤول نفسه. ثم وجدت القبائل نفسها بدون ملك أو قواد حربيين، فقبلته القبائل العبرانية كافة وضمنها قبائل الشمال، فأسس المملكة العبرانية المتحدة. وبعد ثمانية أعوام من حكمه، فتح داود يبوس أو القدس وحوَّلها إلى عاصمة لمملكته لأنها تتوسط وتسيطر على أهم الطرق الداخلية، وبنى معبداً ليهوه أودع فيه تابوت العهد مؤكداً بهذا توحيد المملكة والقبائل العبرانية. وقد أصبح اللاويون الذراع الإدارية والتنفيذية للدولة، فكان منهم رجال الشرطة والقضاة والكتبة. ثم أسس جيشاً محترفاً بعد تركيز السلطة في القدس، وحارب الفلستيين حلفاءه السابقين والمؤابيين وآرام (سوريا) والعمونيين. وقد استمرت الحروب سجالاً بينه وبين قبائل المنطقة في أرض كنعان.

ومع أن داود ضم قطاعات واسعة من الأرض ووسع حدود مملكته وأبرم معاهدات مع صور وصيدا، إلا أن مملكته لم تكن مع هذا مملكة بمعنى الكلمة إذا ما قورنت بالوحدات السياسية المماثلة في ذلك العصر.

ولا يمكن فهم الإنجازات العسكرية أو السياسية لداود إلا في إطار العلاقات الدولية القائمة حينذاك في الشرق الأدنى القديم، إذ لم يكن من الممكن أن تحقق دويلة صغيرة مثل هذا التوسع إلا في حالة غياب القوى العظمى في ذلك الوقت. ويتميَّز حكم داود بتَحوُّل القبائل العبرانية من الحياة القبلية الرعوية شبه الزراعية إلى حياة مستقرة نوعاً ما تتميَّز بوجود ملكيات كبيرة للأرض. ومـع هـذا، لم يَخلُ الأمر من متاعـب داخلية، مثل ثورة ابنه ضده وغضب الأنبياء عليه وهو ما يدل على أن النمط القَبَلي لم يكن قد فقد تأثيره بعد.

ويُصوَّر داود كشاعر ومحارب وعاشق يرتكب الذنوب بسرعة غريبة ثم يندم عليها بالسرعة نفسها. وقصته التي ترويها التوراة أقرب ما تكون إلى قصة حياة زعيم همجي منها إلى قصة حياة رئيس جماعة يدعو إلى ديانة متطورة أخلاقياً، فقد نسبت التوراة إليه أنه اغتصب بتشبع زوجة أوريا الحيثي أحد رجاله العسكريين، فقد رآها عارية وهي تستحمّ فدفع زوجها إلى الجبهة في الحرب مع العمونيين كي يموت وتبقى المرأة خالصة له. ولكن الإله، برغم كل معاصي داود، كان يصطفيه ويغفر له. ويُنسَب إلى داود أحد أسفار العهد القديم (المزامير).

وقد عقد الإله معه عهداً أزلياً مثل العهد الذي عقده مع يسرائيل، ولذا سيكون الماشيَّح المخلّص «ملك يسرائيل» من نسله. ومع هذا، نجد أنه لم يكن يهودياً خالصاً إذ أن جدته راعوث كانت مؤابية.

وتصوِّره الأجاداه في صورة الملك الذي لا يمكن أن ينازعه أحد في حقه، كما تؤكد قدراته الجسدية الخارقة، وأنه حجة في الشريعة يقرأ التوراة دائماً، ولذا لم يستطع ملاك الموت أن يقبض روحه إلا باللجوء إلى الخديعة. وقد حاول الحاخامات أن يبينوا أنه لم يرتكب أياً من الذنوب التي ورد ذكرها في العهد القديم. أما في القبَّالاه، فإنه يُقرَن بالتجلي النوراني العاشر ويتسم بصفات «الملكوت». ويوجد إلى جـوار داود الدنيـوي داود الأعـالي أو داود الآخر، وهـو قرين داود الدنيوي، والذي يقود سكان العالم العلوي، ولذا فهو الشخيناه. كما أن داود هو القدم الرابعة للمركبة الإلهية، ويشكل الآباء الثلاثة الأقدام الأخرى. وتفسِّر القبَّالاه قتله أوريا الحيثي بأنه رمز لقتل الثعبان، وداود تجسيد للإنسان الأول (آدم). أما كونه مولوداً لمؤابية، فقد فُسِّر بأنه مثل نزول الماشيَّح إلى عالم الظلمة وفي الهوة وغوصه في الجانب المظلم حتى يمكنه أن يتغلب على قوى الشر.

ويحب كثير من الصهاينة والإسرائيليين أن يُشخِّصوا دولة إسرائيل بأنها داود الصغير الذكي سريع الحركة، والذي يهزم جليات البطل الفلستي المدجج بالسلاح (والذي يُقرَن بالعرب) عن طريق استخدام المقلاع. وهذه هي صورة الصراع العربي الإسرائيلي كما رسخت في الوجدان الغربي. ولعل لاأخلاقية داود، وتَحوُّله من قاطع طريق إلى راع ثم إلى ملك وشاعر ومحب، تجعله إنساناً عصرياً ليست لديه هموم أخلاقية وقادراً على التكيف مع كل الظروف. وبعد الانتفاضة، واستخدام الفلسطينيين العزل الحجارة ضد آلة الحرب الإسرائيلية المتفوقة، أُعيدت صياغة الرموز وأصبح الفلسطينيون هم داود وأصبحت الدولة الصهيونية هي جُليَّات.

  • الاحد PM 01:47
    2021-04-18
  • 814
Powered by: GateGold