المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409160
يتصفح الموقع حاليا : 349

البحث

البحث

عرض المادة

دعوى تعارض الأحاديث الواردة في مآل الأطفال الموتى

دعوى تعارض الأحاديث الواردة في مآل الأطفال الموتى(*)

مضمون الشبهة:

يواصل المغرضون زعمهم ودعواهم حول أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدعون تعارض الأحاديث الواردة في مصير أطفال المسلمين والمشركين بعد موتهم، إذ جاءت بعض الأحاديث تؤكد على دخولهم جميعا الجنة دون تخصيص، على حين أن بعضها جاء يشكك في دخول أطفال المشركين الجنة ويقطع لهم بالنار.

ويستدلون على ذلك بمجموعة من الأحاديث، منها:

  • قولهصلىاللهعليهوسلم: «أولادالمشركينخدمأهلالجنة».
  • وقولهصلىاللهعليهوسلم: «ألاأخبركمبرجالكممنأهلالجنة؟النبيفيالجنة،والشهيدفيالجنة،والصديقفي الجنة، والمولود في الجنة....» الحديث.
  • وقولهصلىاللهعليهوسلم: «أطفالالمؤمنينفيجبليكفلهمإبراهيموسارةحتىيردوهمإلىآبائهميومالقيامة».

وحديث إبراهيم الخليل - عليه السلام - حين رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، والذي جاء فيه: «والشيخ في أصل الشجرة، والصبيان حوله أولاد الناس: وقالوا: يارسول الله، وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين».

فهذه الأحاديث تؤكد أن أطفال المؤمنين والمشركين سيدخلون الجنة على السواء، وهذا ما يعارضه - في زعمهم - الأحاديث الآتية:

  • ماجاءعنعائشة - رضيالله عنها - قالت: «توفي صبي، فقلت: طوبي له عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أو لا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلا، ولهذه أهلا».
  • وماجاءعنالصعببنجثامة - رضياللهعنهما - قال: «مربيالنبي - صلىاللهعليه وسلم - بالأبواء أو بودان،وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: هم منهم».
  • وماجاءعنأبيهريرة - رضياللهعنه - أنهقال: «سئلالنبي - صلىاللهعليهوسلم - عنذراريالمشركين. فقال: اللهأعلمبماكانواعاملين».
  • ويقوون حجتهم بطعنهم في حديث: «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا». فهو بهذا كافر مصيره إلى النار.

وكذلك ما جاء عن عائشة رضي الله عنها: «أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المسلمين: أين هم؟ قال: في الجنة، وسألته عن أولاد المشركين: أين هم يوم القيامة؟ قال: في النار، فقلت: لم يدركوا الأعمال، ولم تجر عليهم الأقلام؟ قال: ربك أعلم بما كانوا عاملين، والذي نفسي بيده، لو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار»، وغيرها من الأحاديث التي جاءت في هذا المعنى.

ويتساءلون: أليس هذا تعارضا واضحا بين الأحاديث الواردة في هذا الشأن؟!

 كما أنها أيضا - في زعمهم - تخالف وتعارض ما جاء في القرآن، قال تعالى: )ولا تزر وازرة وزر أخرى( (الأنعام: ١٦٤). وقوله: )وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (15)( (الإسراء).

هادفين من وراء ذلك إلى الطعن في ثوابت السنة وأحكامها، وتشكيك المسلمين في عقائدهم، وبيان التعارض بين النصوص الشرعية؛ مما يؤدي إلى إسقاط حكمها وحجيتها.

وجها إبطال الشبهة:

1)  لقد اتفقت كلمة أهل السنة وإجماع الأمة على أن الموتى من أطفال المسلمين في الجنة، واختلفوا في أطفال المشركين بين قائل بأن مصيرهم النار، ومتوقف في مصيرهم، وبين قائل بأن مصيرهم الجنة، والرأي الأخير هو الراجح، وعليه جمهور أهل العلم؛ حيث إن أولاد أهل الكتاب وغيرهم من أهل الشرك والملل المختلفة - فضلا عن أطفال المسلمين - مشمولون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة...»، فهم في الجنة إذا ماتوا قبل البلوغ؛ لأنهم ماتوا قبل التكليف الشرعي، وقد قال تعالى: )وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (15)( (الإسراء). وقال، صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث - ذكر منهم: الصبي حتى يحتلم...»

2)  إن الأحاديث التي استدل بها المتوهمون على دخول أطفال المشركين النار أحاديث يشوبها الضعف والوهم، مما لا تقام بها حجة، ولا تقطع بحكم في هذه المسألة، وما صح منها فلأهل العلم فيه توجيه ورأي، فحديثا عائشة السابقان لا حجة فيهما - أيضا - لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قالهما قبل أن يوحى إليه أنهم في الجنة، وأما قوله: «هم منهم» فلا يقصد به الكفر، وإنما يقصد به في الحكم والمعاملة في أمور الدنيا. كما أن حديث الغلام الذي قتله الخضر ليس فيه دليل على أنه في النار، فربما كان الغلام بالغا وقتها، وأما طبعه كافرا، فهذا من باب علم الله المسبق بأنه سيكون كافرا، وهذا لا يقطع بأنه في النار، فإنه لو طال به العمر لكان كافرا من أصحاب الجحيم، إلا أنه مات طفلا، فأصبح من أهل الجنة بموته قبل التكليف، وهذا من رحمة الله المطلقة به وبوالديه.

التفصيل:

أولا. اتفاق جمهور أهل العلم على أن مآل الأطفال الموتى - من المسلمين والمشركين - هو الجنة:

لقد ضرب الإسلام أعظم مثال لمبادئ العدل والرحمة والتسامح، واقتضى الصراط المستقيم في الثواب والعقاب، وألزم الإنسان المسئولية الكاملة عن أفعاله، واختياره لطريق الحق والرشاد أو طريق الغي والضلال، وقد وهبه العقل المميز، والإدراك الواعي؛ ليكفل له حرية الاختيار، ويجعله أهلا للتكليف والعمل، والثواب والعقاب، ولهذا خرج المجنون، والنائم، والصبي عن التكليف والاختيار. فخرجوا - أيضا - من دائرة الثواب والعقاب، وصار أمرهم إلى رحمة الواحد الغفار.

وفي صدد هذا البيان تتجلى صورة الإسلام واضحة جلية في الحكم على الموتى من الأطفال، وبيان حالهم ومصيرهم سواء كانوا من أبناء المسلمين أو من أبناء المشركين، فإلى أي مصير يصير هؤلاء الأطفال الذين ماتوا صغارا قبل سن بلوغهم؟ هل يعذبون في النيران أم ينعمون في الجنان؟.

لقد كان لأهل العلم في هذه القضية آراء وأقوال وتفسيرات وترجيحات في ضوء النصوص الشرعية الصحيحة التي جاءت في هذه المسألة. فمنهم من ذهب إلى أنهم في النار، ومنهم من توقف في الحكم عليهم، وذهب فريق من أهل السنة إلى أنهم يمتحنون في الآخرة، فمن أطاع منهم أدخله الله الجنة، ومن عصى عذبه، وهؤلاء اتفقوا جميعا على أن الأطفال من أبناء المسلمين في الجنة، وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن أبناء المسلمين والمشركين في الجنة على السواء.

فقد قال الإمام ابن حزم (ت456): "اختلف الناس في حكم من مات من أطفال المسلمين والمشركين ذكورهم وإناثهم، فقالت الأزارقة من الخوارج: أما أطفال المشركين ففي النار. وذهبت طائفة إلى أنهم يوقد لهم يوم القيامة نار ويؤمرون باقتحامها، فمن دخلها منهم دخل الجنة، ومن لم يدخلها منهم أدخل النار. وذهب آخرون إلى الوقوف فيهم، وذهب جمهور الناس إلى أنهم في الجنة، وبه نقول"[1].

وقال الإمام النووي: "أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة؛ لأنه ليس مكلفا، وتوقف فيه بعض من لا يعتد به... وأما أطفال المشركين ففيهم ثلاثة مذاهب:

قال الأكثرون: هم في النار تبعا لآبائهم، وتوقفت طائفة فيهم، والثالث - وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون: أنهم من أهل الجنة، ويستدل له بأشياء منها حديث إبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم - حين رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، وحوله أولاد الناس، قالوا: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين، رواه البخاري[2] في صحيحه. ومنها قوله تعالى: )وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (15)( (الإسراء)" [3].

وقال الإمام ابن عبد البر: "وقد أجمع العلماء على ما قلنا من أن أطفال المسلمين في الجنة، فأغنى ذلك عن كثير من الاستدلال، ولا أعلم عن جماعتهم في ذلك خلافا، إلا فرقة شذت من المجبرة، فجعلتهم في المشيئة، وهو قول شاذ مهجور مردود بإجماع الجماعة... وقد اختلفت العلماء في أطفال المشركين"[4].

وقد ذكر الإمام ابن كثير هذا الخلاف الوارد عن العلماء حول أطفال المشركين، وذكر أقوالهم الثلاثة فيهم: بأنهم في الجنة، أو أنهم مع آبائهم في النار، أو التوقف فيهم، ثم علق قائلا: "وليعلم أن هذا الخلاف مخصوص بأطفال المشركين، فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء، كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي عن الإمام أحمد أنه قال: لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة. وهذا هو المشهور بين الناس، وهو الذي نقطع به إن شاء الله عز وجل"[5].

ومن خلال هذه الأقوال السابقة يتبين أن أهل العلم جميعا اتفقوا على أن أطفال المسلمين مصيرهم إلى الجنة يوم القيامة، وإنما وقع الخلاف بينهم حول أطفال المشركين، وكان الرأي الراجح في هذا الخلاف أنهم في الجنة - أيضا - لأنهم ليسوا مكلفين وغير محاسبين على أفعالهم.

  • أدلةالعلماءعلىأنأطفالالمسلمينفيالجنة:

وأما إجماعهم على أن أطفال المسلمين في الجنة، يخلدون فيها، فقد استدلوا على ذلك بكثير من الأدلة من الكتاب والسنة، ومنها:

o  قوله عز وجل: )والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين (21)( (الطور).

قال ابن كثير: "يخبر تعالى عن فضله وكرمه، وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه: أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة. وإن لم يبلغوا عملهم؛ لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه، بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته، للتساوي بينه وبين ذاك؛ ولهذا قال: )ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء( (الطور: ٢١).

قال الثوري، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، لتقر بهم عينه" [6].

o      قوله عز وجل: )كل نفس بما كسبت رهينة (38) إلا أصحاب اليمين (39)( (المدثر).

جاء عن علي بن أبي طالب أن أصحاب اليمين هم أطفال المسلمين، قال ابن عبد البر: ولا مخالف له في ذلك من الصحابة[7].

أما عن الأحاديث التي استدلوا بها فمنها:

o  عن أبي حسان قال: «قلت لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنان، فما أنت محدثي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا. قال: نعم صغارهم دعاميص[8] الجنة، يتلقى أحدهم أباه، أو قال: أبويه، فيأخذ بثوبه، أو قال: بيده، كما آخذ أنا بصنفة ثوبك[9] هذا، فلا يتناهى، أو قال: فلا ينتهي، حتى يدخله الله وأباه الجنة»[10].

قال القرطبي: "في هذا الحديث ما يدل على أن صغار أولاد المؤمنين في الجنة، وهو قول أكثر أهل العلم، وهو الذي تدل عليه أخبار صحيحة، وظاهر قوله تعالى: )والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم(" [11].

o  عن معاوية بن قرة عن أبيه: «أن رجلا كان يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه ابن له، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أتحبه؟ فقال: يا رسول الله أحبك الله كما أحبه، ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما فعل ابن فلان؟ قالوا: يا رسول الله مات، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبيه: أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك؟ فقال الرجل: يا رسول الله، أله خاصة أم لكلنا؟ قال: بل لكلكم»[12].

قال البيهقي: "ذلك فيمن وافى أبواه يوم القيامة مؤمنين أو أحدهما، فيلحق بالمؤمن ذريته، كما جاء به الكتاب، ويستفتح له، كما جاءت به السنة، ويحكم لها بأنها كانت ممن جرى له القلم بالسعادة"[13].

إن ما تقدم من أحاديث يدل دلالة ظاهرة على أن أطفال المؤمنين في الجنة ولا شك، وهناك - أيضا - جملة من الأحاديث الواردة في فضل من يموت له ولد أو أكثر فيحتسبه، وهذه الأحاديث تدل بدورها على أن هؤلاء الأطفال في الجنة، وإن كانت لا تصرح صراحة واضحة بذلك، ومن هذه الأحاديث:

o  حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لنسوة من الأنصار: ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار، فقالت امرأة: واثنين؟ فقال: واثنين»[14]، فمن المستحيل عقلا أن يكون هؤلاء الأطفال حجابا للأم من النار وهم فيها، فلزم من ذلك أن يكونوا في الجنة ليحموها من النار.

o  عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم. قال أبو عبد الله: )وإن منكم إلا واردها( (مريم:٧١)» [15].

o  عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث[16] إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم»[17].

o  عن البراء - رضي الله عنه - قال:«لما توفي إبراهيم - عليه السلام - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن له مرضعا في الجنة» [18].

قال ابن عبد البر: "في هذه الأحاديث دليل على أن أطفال المسلمين في الجنة لا محالة - والله أعلم - لأن الرحمة إذا أنزلت بآبائهم من أجلهم استحال أن يرحموا من أجل من ليس بمرحوم، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «بفضل رحمته إياهم»[19].

"وهذا معنى قول الإمام أحمد: هو يرجى لأبويه، كيف يشك فيه؟"[20].

وقال النووي: "هذه الأحاديث دليل على كون أطفال المسلمين في الجنة" [21].

وقال ابن القيم: "هذه الأحاديث أكثرها في الصحيح، وكلها صحيحة، وهذا القول في أطفال المسلمين هو المعروف من قواعد الشرع، حتى إن الإمام أحمد أنكر الخلاف فيه، وأثبت بعضهم الخلاف، وقال: إنما الإجماع على أولاد الأنبياء خاصة"[22].

أما من توقف عن هذه المسألة - مما لا يعتد به - لحديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة الصبي من الأنصار.

فقد أجاب العلماء بأنه - صلى الله عليه وسلم - لعله نهى عائشة - رضي الله عنها - عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليل قاطع، فإنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - على عائشة - رضي الله عنها - إنما كان لشهادتها للطفل المعين بأنه في الجنة، كالشهادة للمسلم المعين، فإن الطفل تبع لأبويه، فإذا كان أبواه لا يشهد لهما بالجنة، فكيف يشهد للطفل التابع لهما؟!

والإجماع إنما هو على أن أطفال المسلمين من حيث الجملة مع آبائهم، فيجب التفرقة بين المعين والمطلق.

إن آخر ما نود أن نختم به الكلام في إثبات دخول أطفال المؤمنين الجنة ما بوبه الإمام البخاري في صحيحه فقال: باب ما قيل في أولاد المسلمين، وذكر في ترجمة هذا الباب الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كان له حجابا من النار أو دخل الجنة»[23].

وعلى هذا يمكن لنا القطع بأن أطفال المسلمين الذين ماتوا قبل البلوغ في الجنة، وهذا ما أجمع عليه أهل العلم، ونصت عليه النصوص السابقة صراحة.

  • أدلةالعلماءعلىأنأطفالالمشركينفيالجنة.

ذكرنا آنفا أنه ورد في مصير أطفال المشركين أقوال ثلاثة، من ذهب إلى أنهم في النار تبعا لآبائهم، ومن توقف في الأمر ولم يقطع لهم بشيء، ومن ذهب إلى أنهم في الجنة، وهذا الرأي الأخير هو الصحيح والراجح؛ فهو ما عليه جمهور أهل العلم ومحققو السنة، وقد استدلوا على ذلك بمجموعة من الأدلة، من أهمها:

o      قـول الله تعالـى: )ومـا كنـا معذبيـن حتـى نبعـث رسـولا (15)( (الإسراء).

فهذه الآية نص في عدل الله تبارك وتعالى، وأنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسل[24]، وتبليغه الحق والبيان، فإن هو أعرض وكفر فالنار والعذاب مثوى له، وإن أطاع واتبع فالجنة داره ومقامه, فلما كان المولود لا يتوجه إليه تكليف، ولا تقام عليه حجة، فلا يستحق عذابا في النار ولا يدخلها بهذا، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق»[25].

وبهذا فالصبي ما دام لم يبلغ فهو غير مكلف، ولا تجرى عليه الأقلام، ولا يعذب في النيران، وقد وردت آيات أخرى كثيرة في هذا المعنى؛ منها قوله تعالى: )كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير (8) قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير (9)( (الملك).

وقال تعالى: )وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين (71)( (الزمر)

وقال تعالى: )وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير (37)( (فاطر).

إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله تعالى لا يدخل أحدا النار إلا بعد إرسال الرسول إليه. فإذا كان الطفل خارجا عن هذا التكليف، وبعيدا عن إقامة الحجة، فلا يعذب دون ذنب أو عمل، أو حجة وبلاغ. قال الإمام النووي: "ولا يتوجه على المولود التكليف، ويلزمه قول الرسول: «حتى يبلغ». وهذا متفق عليه"[26].

o      ومن الأدلة التي استدلوا بها - أيضا - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه سمرة بن جندب في حديث طويل جاء في آخره: «... وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة، قال: فقال بعض المسلمين: يارسول الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأولاد المشركين»[27].

فهذا الحديث من الأدلة القاطعة في دخول أولاد المسلمين وأولاد المشركين الجنة على السواء، ولا يحتج هنا بأن الحديث عبارة عن رؤيا، لأن رؤيا الأنبياء حق، قال العلامة ابن الوزير اليماني: "وسؤالهم هذا - أي عن أولاد المشركين - وجوابه عليهم كان في اليقظة، ولو لم يكن في اليقظة، لكانت الرؤيا وحدها حجة صحيحة، لما في سياقها من الأدلة، لأنها رؤيا حق، ولأن رؤيا الأنبياء صلوات الله عليهم حق،

وخصوصا نبينا - صلى الله عليه وسلم - لأنه قد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «تنام عيناي ولا ينام قلبي»[28][29].

فهذا الحديث يعد دلالة واضحة على أن كل طفل مات على الفطرة فهو في الجنة، وأن أطفال المسلمين وأطفال المشركين في الجنة على السواء.

وقد علق الإمام ابن حزم على هذا الحديث قائلا: "فارتفع الإشكال وصح بالثابت من السنن وصحيحها أن جميع من لم يبلغ من أطفال المسلمين والمشركين ففي الجنة، ولا يحل لأحد تعدي ما صح بالقرآن والسنة"[30].

o      ومن أهم الأدلة التي استدلوا بها على هذه المسألة ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟. ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم: )فطرة الله التي فطر الناس عليها( (الروم: ٣٠)»[31].

وفي لفظ آخر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مولود إلا يلد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه، فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت لو مات قبل ذلك؟قال: الله أعلم بما كانوا عاملين»[32].

وللحديث روايات متعددة بزيادات عدة. ذكرها الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما. وهذه الأحاديث تدل دلالة واضحة على أن الله - عز وجل - فطر الناس على التوحيد الخالص والاعتراف له بالربوبية، ولم يرض لهم غير هذا، فإذا خرج الإنسان إلى الحياة طفلا فهو على التوحيد والعبادة الحقة، إلا أنه يتأثر ببيئته وأسرته، وما عليه والداه، وبهذا يقع التغيير على هذه الفطرة الخالصة، فيهوده أبواه أو ينصرانه أو يمجسانه أو يشركانه... إلخ. إلا أن الطفل في هذا الوقت غير مكلف؛ لأن الحجة غير قائمة عليه؛ لأنه لم يختر الشرك بإرادته، ولم يعقل ذلك بعقله، فهو ليس مسئولا عن الكفر الذي كان والداه سببا فيه، فالله تعالى لا يحاسبه على هذا حتى يبلغ، وتقام عليه الحجة، ولذلك جاء في هذه الأحاديث ما يؤكد ذلك، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس من مولود يولد إلا على هذه الفطرة حتى يعبر عنه لسانه».

وفي رواية:«ما من مولود يولد إلا على هذه الملة، حتى يبين عنه لسانه»[33].

وهذا معناه أنه لا يحاسب عن فعله واعتقاده حتى يبلغ ويعقل، ويجادل عن حجته، وقد استدل الإمام ابن القيم بهذه الأحاديث على أن الفطرة هي الإسلام فقال:

"ويدل أيضا على أن الفطرة هي فطرة الإسلام، ليست الفطرة العامة التي فطر عليها من الشقاوة والسعادة، لقوله: «على هذه الفطرة» وقوله:«على هذه الملة».

وسياقه - أيضا - يدل على أنها هي المرادة؛ لإخباره بأن الأبوين هما اللذان يغيرانها، ولو كانت الفطرة هي فطرة الشقاوة والسعادة لقوله: "على هذه الفطرة" لكان الأبوان مقدرين لها، ولأن قراءة قوله تعالى: )فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم( (الروم: ٣٠) عقب الحديث: صريح في أن المراد بها فطرة الإسلام؛ ولأن تشبيه المولود في ولادته عليها بالبهيمة الجمعاء، وهي الكاملة الخلق، ثم تشبيهه إذا خرج عنها بالبهيمة التي جدعها أهلها فقطعوا أذنها: دليل على أن الفطرة هي الفطرة المستقيمة السليمة، وما يطرأ على المولود من التهويد والتنصير بمنزلة الجدع والتغيير في ولد البهيمة، ولأن الفطرة حيث جاءت مطلقة معرفة باللام لا يراد بها إلا فطرة التوحيد والإسلام، وهي الفطرة الممدوحة، ولهذا جاء في حديث الإسراء:«لما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - اللبن، قيل له: أصبت الفطرة»[34]، ولما «سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤذن يقول "الله أكبر الله أكبر" قال: على الفطرة»[35]،وحيث جاءت الفطرة في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالمراد بها فطرة الإسلام لا غير، ولم يجئ قط في كلامه مرادا بها فطرة الشقاوة وابتداء الخلقة في موضع واحد"[36].

وقد علق الإمام النووي على هذه الأحاديث مرجحا معناها. فقال: "والأصح أن معناه: أن كل مولود يولد متهيئا للإسلام، فمن كان أبواه أو أحدهما مسلما استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا، وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما فيتبعهما في أحكام الدنيا، وهذا معنى: «يهودانه وينصرانه ويمجسانه»، أي: يحكم له بحكمهما في الدنيا. فإن بلغ استمر عليه حكم الكفر ودينهما، فإن كانت سبقت له سعادة أسلم، وإلا مات على كفره، وإن مات قبل بلوغه فهل هو من أهل الجنة أم النار أم يتوقف فيه؟ ففيه المذاهب الثلاثة السابقة قريبا. الأصح أنه من أهل الجنة، والجواب عن حديث: "الله أعلم بما كانوا عاملين" أنه ليس فيه تصريح بأنهم في النار، وحقيقة لفظه: الله أعلم بما كانوا يعملون لو بلغوا ولم يبلغوا؛ إذ التكليف لا يكون إلا بالبلوغ"[37].

وعلى هذا فإن كل مولود يموت قبل بلوغه فهو على فطرة الله التي هي الحق والتوحيد الخالص، ولا يضره في ذلك أنه ولد لأبوين مسلمين أو كافرين. فهو بهذه الصبغة الخالصة مؤمن خالص يستحق الجنة، ولا ذنب له حتى يعذب في النار.

o      ومن الأدلة التي استدلوا بها - أيضا - على دخول أطفال المشركين الجنة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أولاد المشركين خدم أهل الجنة»[38].

فهذا الحديث - أيضا - فيه دلالة عظيمة على أن أولاد المشركين سيدخلون الجنة ويخلدون فيها، قال ابن حزم: "وقد قال قوم: إن الصبيان هم خدم أهل الجنة، وقد ذكر الله تعالى الوالدان المخلدين في غير موضع من كتابه، وأنهم خدم أهل الجنة، فلعلهم هؤلاء"[39].

وعلى هذا فإن الراجح في كلام أهل العلم أن أطفال المسلمين والمشركين سيدخلون الجنة لا فرق بينهم في ذلك، وهذا ما عليه جمهورهم، وإن ذهب فريق آخر إلى أنهم يمتحنون في الآخرة، إلا أن الأدلة أقوى مع جمهور أهل العلم، وهو الراجح في المسألة. والله أعلم.

ثانيا. الأحاديث التي استدل بها الواهمون على إثبات زعمهم أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة، وما صح منها فلأهل العلم فيه توجيه ورأي:

انتهى بنا الكلام في الوجه السابق إلى القول بأن جميع أطفال المسلمين في الجنة، وهذا ما عليه إجماع الأمة، وأن أطفال المشركين على القول الراجح في الجنة - أيضا - وقد دللنا على ذلك بأدلة كثيرة ترجح هذا الرأي وتؤكده.

وإذا كان ذلك كذلك، فإن المتوهمين يعرضون حجتهم جلية بمجموعة من الأحاديث يدعون تعارضها مع هذه الأدلة السابقة، حيث جاءت تشكك في دخول الأطفال الذين ماتوا قبل البلوغ الجنة، وتنص على أن أطفال المشركين في النار، وقد يبدو لصاحب النظرة العجلى أن هذا التعارض موجود حقا بين هذه الأحاديث، إلا أن الأمر إذا أخذ بالدقة والنظرة الفاحصة المتأملة ظهر غير ذلك، وبدت الأحاديث متفقة لا تعارض فيها ولا خلاف.

فإن لكل حديث من الأحاديث التي يظن بها تعارض - وجهة تزيل هذا التعارض، أما الدليل الرئيس الذي يستدل به من زعموا هذا الزعم، فهو حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: «توفي صبي، فقلت طوبى له، عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلا، ولهذه أهلا» [40]، وله شاهد آخر عنها. قالت: «دعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنازة صبي من الأنصار. فقلت: يا رسول الله طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة! لم يعمل السوء ولم يدركه. قال: أو غير ذلك، ياعائشة! إن الله خلق للجنة أهلا. خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم»[41].

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجزم لهذا الطفل بالجنة، مع أنه مسلم، وهناك أحاديث أخرى تفيد أن أطفال المؤمنين في الجنة، ولإزالة هذا الإشكال قد سلك أهل العلم في هذا الحديث عدة مسالك، والراجح منها أن هذا الحديث إنما يدل على أنه لا يشهد ولا يقطع لأحد من أطفال المؤمنين بعينه بالجنة؛ لأنه من علم الغيب، كما أن الطفل المسلم تابع لأبويه، والقطع له بذلك قطع لأبويه بالإيمان، مع أنهما قد يكونان ممن يظهر الإسلام وهما على خلافه.

"وهذا لا يخالف إطلاق القول: بأن أطفال المؤمنين في الجنة؛ لأن هناك فرقا بين الإطلاق والتعيين، فكما أنه لا يلزم من الشهادة لعموم المؤمنين في الجنة الشهادة لمعين منهم بذلك، فكذلك أطفال المؤمنين"[42].

وقد جاء عند البخاري من حديث أم العلاء رضي الله عنها: «أنها شهدت لعثمان بن مظعون - رضي الله عنه - لما مات، فقالت: شهادتي عليك لقد أكرمك الله، فأنكر عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقلت: بأبي أنت يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ فقال: أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي، قالت: فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا»[43].

قال ابن القيم: "وسر المسألة: الفرق بين المعين والمطلق في الأطفال والبالغين"[44].

وقد ذكر الإمام النووي قول العلماء في حديث عائشة رضي الله عنها السابق، فقال: "وأجاب العلماء بأنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليل قاطع، كما أنكر على سعد بن أبي وقاص في قوله: «أعطه إني لأراه مؤمنا، قال: أو مسلما...»[45]الحديث. ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - قال هذا قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة، فلما علم قال ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:«ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم» وغير ذلك من الأحاديث. والله أعلم"[46].

وقد أجاب الإمام ابن حزم عن حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها السابق، وما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال:«سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذراري المشركين. فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين»[47].

فقال: "وهذان الخبران لا حجة لهم في شيء منهما، إلا أنهما إنما قالهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يوحى إليه أنهم في الجنة، وقد قال تعالى آمرا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: )وما أدري ما يفعل بي ولا بكم( (الأحقاف: ٩) قبل أن يخبره الله - عز وجل - بأنه قد غفر له الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر... كما أمره الله - عز وجل - أن يقول: )إن أتبع إلا ما يوحى إلي( (الأنعام: ٥٠)، فحكم كل شيء من الدين لم يأت به الوحي أن يتوقف فيه المرء، فإذا جاء البيان فلا يحل التوقف عن القول بما جاء به النص، وقد صح الإجماع على أن ما يعمله الأطفال قبل بلوغهم من قتل، أو وطأ أجنبية، أو شرب خمر، أو قذف، أو تعطيل صلاة، أو صوم فإنهم غير مؤاخذين في الآخرة بشيء من ذلك ما لم يبلغوا، وكذلك لا خلاف في أنه لا يؤاخذ الله - عز وجل - أحدا بما لم يفعله، بل قد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن «... من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب»[48] فمن المحال المنفي أن يكون الله - عز وجل - يؤاخذ الأطفال بما لم يعملوا مما لو عاشوا بعده لعملوه، وهو لا يؤاخذهم بما عملوا، ولا يختلف اثنان في أن إنسانا بالغا مات ولو عاش لزنا أنه لا يؤاخذ بالزنا الذي لم يعمله، وقد أكذب الله - عز وجل - من ظن هذا بقوله الصادق: )اليوم تجزى كل نفس بما كسبت( (غافر: ١٧)، وبقوله تعالى: )هل تجزون إلا ما كنتم تعملون (90)( (النمل)، فصح أنه لا يجزى أحد بما لم يعمل ولا مما لم يسن، فصح أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أعلم بما كانوا عاملين» ليس فيه أنهم كفار، ولا أنهم في النار، ولا أنهم مؤاخذون بما لو عاشوا لكانوا عاملين به مما لم يعملوه بعد"[49].

وقال الإمام النووي: "والجواب عن حديث: «الله أعلم بما كانوا عاملين»: أنه ليس فيه تصريح بأنهم في النار، وحقيقة لفظه: والله أعلم بما كانوا يعملون لو بلغوا ولم يبلغوا؛ إذ التكليف لا يكون إلا بالبلوغ"[50].

هذا هو الفهم الصحيح لنصوص السنة النبوية، وحقائق الشرع الحكيم، فلا يمكن بحال أن تتعارض نصوصه أو تتناقض أقواله، ومن خلال هذا التفسير البين، والتوضيح الكامل لهذين الحديثين الصحيحين - يثبت أنه لا تعارض بينها وبين الأحاديث الواردة في القطع لهم بالجنة، والتأكيد على دخولها، وإنما تتكامل الأحاديث وتتوافق، ولا يشوبها تعارض أو خلاف.

أما حديث الصعب بن جثامة - رضي الله عنه - قال: «مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأبواء[51] - أو بودان - فسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: هم منهم»[52].

فقد قال فيه ابن عبد البر: "وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «من آبائهم»، فمعناه حكمهم حكم آبائهم، لا دية فيهم ولا كفارة، ولا إثم فيهم - أيضا - لمن لم يقصد قتلهم"[53].

وقال الإمام النووي: "فقال: «هم من آبائهم»؛ أي: لا بأس بذلك؛ لأن أحكام آبائهم جارية عليهم في الميراث وفي النكاح، وفي القصاص والديات وغير ذلك، والمراد إذا لم يتعمدوا من غير ضرورة... وفيه: أن أولاد الكفار حكمهم في الدنيا حكم آبائهم، وأما في الآخرة ففيهم إذا ماتوا قبل البلوغ ثلاثة مذاهب: الصحيح أنهم في الجنة"[54].

 وقال الإمام ابن حزم: "وأما احتجاجهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هم من آباءهم» فإنما قاله - عليه السلام - في الحكم في الدين، ولله تعالى أن يفرق بين أحكام عباده، ويفعل ما يشاء لا معقب لحكمه، وأيضا فلا متعلق لهم بهذا اللفظ أصلا؛ لأنه إنما فيه أنهم من آبائهم، وهذا لا شك فيه أنهم توالدوا من آبائهم، ولم يقل عليه السلام: إنهم على دين آبائهم"[55].

وعلى هذا، ومن خلال هذه التفسيرات السابقة، تبين أن المقصود بالحديث أن أطفال المشركين يأخذون أحكام آبائهم في الدنيا فقط، كأحكام الدية والقصاص والميراث والنكاح، فهذه الأحكام تسري عليهم كما تسري على آبائهم. من منظور أهل الدنيا، أما أحكام الآخرة من جنة ونار فهي إلى الله تبارك وتعالى.

ولا يظنن ظان أن الإسلام يبيح قتل النساء والأولاد، بل لقد نهى الإسلام عن ذلك، ووصايا الخلفاء والأمراء المسلمين عند الحروب والمعارك خير شاهد على ذلك، أما إذا قتلوا بلا قصد فلا إثم في ذلك، ولذا جاءت ألفاظ الحديث بالبناء للمجهول، يبيتون، و يصاب.

وأما حديث: «لو شئت لأسمعتك تضاغيهم في النار»[56]، فحديث ضعيف؛ لأن فيه أبو عقيل يحيى بن المتوكل، وقد ضعفه جمهور الأئمة ويحيى بن معين[57]، وعلى هذا فلا يجوز الاحتجاج به.

وخلاصة القول أن الأحاديث الواردة بأنهم في النار بالتصريح، "فقد أجاب العلماء عنها بأنها كلها ضعيفة، وممن قال بضعفها على الإطلاق، ولم يستثن شيئا الحافظ ابن الجوزي"[58]، ويؤيد ذلك ما ذكرناه من الأحاديث الصحيحة، والآيات القرآنية التي يظهر فيها عدل الله ورحمته، ومنها قوله تعالى: )ولا تزر وازرة وزر أخرى( (الإسراء:15)، وقال، عز وجل: )وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (15)( (الإسراء)، وعلى هذا يرتفع التعارض المتوهم بين أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ويثبت فيها الصحيح، وتتفق النصوص الشرعية دون تناقض أو خلاف، ونقطع لأطفال المؤمنين بالجنة، وكذلك لأطفال المشركين على الراجح عند أهل العلم، والكل تحت مشيئة الله وإرادته، ولا يجوز التعيين لأحد بالجنة أو النار.

أما حديث طبع الغلام الذي قتله الخضر كافرا، فهو حديث صحيح، وليس فيه ظلم للغلام، وقد ظهرت العلل والأسباب التي أباحت قتل الخضر لهذا الطفل:

يقول - عز وجل - في قصة موسى والخضر: )فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا (74)( (الكهف)، وعن أبي بن كعب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا، ولو عاش لأرهق والديه طغيانا وكفرا»[59].

إن من يقرأ الآية السابقة يظن أن الإسلام يقر قتل الأطفال والغلمان الصغار، وحاشا للإسلام أن يقر هذا أو يفعله، وما وصايا ونصائح الملوك والأمراء عند الخروج للغزوات والحروب عنا ببعيد، وكانت أول هذه الوصايا والنصائح بعدم قتل الأطفال والنساء، بل إن الأمر أكبر من ذلك في النهي عن قتل الحيوانات وقطع الأشجار، وعدم هدم دور عبادة العدو، فحاشا الإسلام أن يكون مريقا لدماء البشر فضلا عن الأطفال.

والإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان، فللقدر مراتب منها: الإيمان بكتابة المقادير في اللوح المحفوظ، ويتبع هذه الكتابة تقديرات خمس، ومن هذه التقديرات كتابة التقدير العمري، ويكون هذا عند خلق النطف في الأرحام، ومن هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها» [60].

فلقد كتب الله - عز وجل - عنده أن هذا الغلام طبع كافرا، ولو كبر هذا الغلام سيظل على كفره الذي به يرهق أبويه، بل قد يكون سببا في كفرهما؛ لأن الوالدين قد يقعا في الحرام من أجل إسعاد أولادهما، ولقد أعطى الله - عز وجل - الخضر علما أن هذا الغلام سيصير كافرا، لذا فقد قتله الخضر حتى لا يكون سببا في كفر والديه.

يقول القرطبي - رحمه الله: "قوله تعالى: )وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين( (الكهف: ٨٠)، وقد جاء في صحيح الحديث أنه طبع كافرا، هذا يؤيد ظاهره أنه غير بالغ، ويحتمل أن يكون خبرا عنه مع كونه بالغا"[61].

وقد قال الإمام النووي - معلقا على هذا الحديث الذي جاء عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا» وأما غلام الخضر فيجب تأويله قطعا؛ لأن أبويه كانا مؤمنين، فيكون هو مسلما، فيتأول على أن معناه: أن الله أعلم أنه لو بلغ لكان كافرا، لا أنه كافر في الحال: ولا يجري عليه في الحال أحكام الكفار"[62].

يقول د. ياسر برهامي: "فقد علم الله - عز وجل - أن الغلام لو كبر لكفر ولتابعه والداه فأرهقهما طغيانا وكفرا، فرحم الله - عز وجل - الوالدين، والظاهر أنه رحم الغلام بموته صغيرا دون البلوغ، فمات مسلما على الفطرة لأبوين مسلمين، ولو كبر لكفر ولأرهق والديه طغيانا وكفرا، وهذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما: «وأما الغلام فطبع يوم طبع كافرا» فهو ليس كافرا في تلك اللحظة، ولو كبر لكان كافرا، أما وهو صغير فهو على الفطرة لم يبلغ الحنث كما قال موسى - عليه السلام - وإنما أنكر عليه الخضر عدم صبره عن معرفة الحكمة التي من أجلها شرع الله - عز وجل - له قتله في تلك الحال، فالله - عز وجل - علم ما كان وما سيكون، لكن هذا العلم الأول، أو العلم السابق على أفعال العباد لا يحاسب الله العباد بناء عليه، فهو لا يحاسبهم إلا على ما وقع منهم من أفعالهم التي فعلوها باختيارهم، ولا يعاقبهم على أفعالهم قبل أن تقع منهم، فهو - سبحانه وتعالى - قد علم أن الكفار سيكفرون، ويقتلون المؤمنين ويحاربون الرسل، ومع ذلك لم ينزل بهم العقاب، ولا أنزله بقوم قط قبل أن يكفروا وقبل أن يرسل إليهم الرسل، قال تعالى: )وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (15)( (الإسراء)... فالعلم السابق بأن فلانا سيعصي أو سيكفر أو سيفسق أو سيظلم، هذا العلم لا يحاسب الله - عز وجل - أحدا عليه، ولا يحاسبه أنه لو أعطاه كذا لكفر مثلا، فيعاقبه على ذلك مقدما، فلا يحاسبهم على ما لم يحدث"[63].

وعلى هذا يتضح جليا أن الأحاديث الواردة في هذا الباب متفقة تمام الاتفاق، لا تعارض بينها ولا اختلاف، وأن الأطفال جميعا مصيرهم الجنة بإذن الله.

الخلاصة:

  • لقداتفقتكلمةأهلالسنةوإجماعالأمةعلىأنأطفالالمسلمين الذين ماتوا قبل البلوغ والتكليف الشرعي في الجنة بنصوص الشرع القاطعة في هذا الشأن.
  • ذهبأهلالعلمفيمصيرأطفالالمشركينإلىثلاثةمذاهب: الأول: أنهمفيالنارتبعالآبائهم،وتوقفتطائفةفيهم،أماالرأيالراجحفيهمفهوأنهمفيالجنة،وهوقولجمهورأهل العلم، واستدل عليه بأحاديث منها حديث «كل مولود يولد على الفطرة»، و «أن إبراهيم - عليه السلام - في روضة وحوله أولاد الناس من المسلمين والمشركين»، فهؤلاء الأطفال ماتوا قبل البلوغ، ولم يكلفوا بعمل، ولم يحاسبوا على فعل، وقد ماتوا على التوحيد الخالص والفطرة الحقة، فهم في الجنة بإذن الله.
  • إنالأحاديثالتياستدلبهاالمغرضونعلىأنأطفالالمشركينفيالنار،أحاديثضعيفةواهيةلاتقومبهاحجة،ولايصحبهادليل.
  • إنحديثأمالمؤمنينعائشة - رضياللهعنها - الذيجاءفيه«اللهأعلمبماكانواعاملين»لا حجة فيه على أن أطفال المشركين كفار في النار؛ لأنهم لم يعملوا ولم يكلفوا، فالله أعلم بعملهم إذا بلغوا، ولكنهم ماتوا قبل البلوغ والتكليف فمصيرهم إلى الجنة بإذن الله.
  • إنالحديثالذيجاءفيه: «هممنآبائهم»لاحجةللمتوهمينفيه؛لأنمقصدالنبي - صلىالله عليه وسلم - من هذا القول أنهم مثل آبائهم في أحكام الدنيا، إذ يسري عليهم ما يسري على آبائهم في أحكام الدية، والقصاص، والنكاح، والميراث، وغيرها، أما أحكام الآخرة فهي موكولة إلى الله وحده.
  • إنحديثالغلامالذيقتلهالخضرلايدلدلالةقاطعةعلىدخول الأطفال النار، فالله تبارك وتعالى بعلمه وقدرته علم أن هذا الطفل سيكون كافرا وسيرهق أبويه طغيانا وكفرا في كبره وبلوغه، أما الغلام وقد مات طفلا، فهو لم يكفر ولم يرتكب الذنب والإثم، وبهذا لا يجري عليه أحكام الكفار ولا يعذب في النار، وإنما مصيره إلى الجنة بإذن الله الواحد الغفار.
  • إنالمولوديولدعلىالفطرة،وفطرةاللهالتيخلقالناسعليهاهيالإسلام،وأماالتبديلوالكفرفيقعمنالخلقأنفسهم،ويصيرإليهالطفلبسببأبويهإلاأنهلاذنبلهفيهذا،ولايسألعنه،وبهذافهوعلىالإيمان،ويسكنبفضلاللهالجنان.
  • إنالحكمللموتىمنالأطفالبالجنة،هوحكمعاميشملهمجميعا،إلاأنهلايجوزالحكملمعينبجنةولابنار،فالإنسانقديعملبعملأهلالجنةفيماهوظاهرللناسفقط،وهومنأهلالناروالعكس،فالكلتحتمشيئةاللهوقدرته،إنشاءعذب،وإنشاءغفر.
  • إن الحكم بدخول الموتى من الأطفال الجنة، لهو خير دليل على عدل الله تبارك وتعالى وعفوه وفضله؛ إذ إنه حرم الظلم على نفسه، وجعله بين الناس محرما، فالله لا يظلم الناس شيئا، قال تعالى: )وما ربك بظلام للعبيد (46)( (فصلت)، وبهذا فهو لا يعذب أحدا إلا بعد بلوغه الحجة الكاملة، وبعد إرسال الرسل؛ قال تعالى: )وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (15)( (الإسراء)، ولهذا كان من الحكم العادل ألا يعذب الأطفال دون حجة أو بلاغ، وبهذا لا تتعارض الأحاديث ولا تتناقض، ويثبت الحق الصادق، وتتوافق نصوص الشرع، وتذهب أهواء المغرضين سدى، وتتبدد أحلامهم ومضات الظلام.

 

(*)العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م. تحرير العقل من النقل، سامر إسلامبولي، مطبعة الأوائل، دمشق،2001م.

[1]. الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم الظاهري، تحقيق: د. محمد إبراهيم نصر ود. عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (4/ 127).

[2] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التعبير، باب: تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح، (12/ 457)، رقم (7047).

[3] . شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3776).

[4] . التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، تحقيق: مصطفي بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري، مؤسسة قرطبة، القاهرة، د. ت، (6/ 348).

[5] . تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400 هـ/ 1980م، (3/ 31، 32).

[6] . تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400 هـ/ 1980م، (4/ 241).

[7] . انظر: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، تحقيق: مصطفي بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري، مؤسسة قرطبة، القاهرة، د. ت، (6/ 351).

[8] . دعاميص: جمع دعموص، وهو دويبة صغيرة تكون في الماء لا تفارقه.

[9] . صنفة الثوب: طرفه وحاشيته.

[10] . صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: فضل من يموت له ولد فيحتسبه، (9/ 3751)، رقم (6578).

[11] . التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، القرطبي، دار الريان للتراث، القاهرة، ط3، 1411هـ/ 1991م، ص598.

[12] . صحيـح: أخرجـه أحمـد في مسنـده، مسنـد المكييـن، مسنـد معاويـة بن قـرة، رقم (15595). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.

[13] . الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد، البيهقي، تحقيق: أحمد عصام الكاتب، دار الأفاق الجديد، بيروت، ط1، 1401هـ، ص168.

[14] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: العلم، باب: هل يجعل يوم للنساء على حده، (1/ 236)، رقم (101).

[15] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: فضل من مات له ولد فاحتسب، (3/ 142)، رقم (1251). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: فضل من يموت له ولد فيحتسبه، (9/ 3750)، رقم (6573).

[16] . الحنث: بلوغ الصبي الحلم.

[17] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: فضل من مات له ولد فاحتسب، (3/ 142)، رقم (1248).

[18] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المسلمين، (3/ 288) رقم (1382).

[19] . التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، تحقيق: مصطفي بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري، مؤسسة قرطبة، القاهرة، د. ت، (6/ 348).

[20] . أحكام أهل الذمة، ابن القيم، تحقيق: يوسف أحمد البكري وشاكر توفيق العاروري، ط1، 1418هـ/ 1997م، (2/ 1075).

[21] . شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3753).

[22] . أحكام أهل الذمة، ابن القيم، تحقيق: يوسف أحمد البكري وشاكر توفيق العاروري، ط1، 1418هـ/ 1997م، (2/ 1083).

[23] . فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (3/288).

[24] . انظر: تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، 1400 هـ/ 1980م، ص28.

[25] . صحيح: أخرجه النسائي في سننه، كتاب: الطلاق، باب: من لا يقع طلاقه من الأزواج، (2/ 561)، رقم (3445). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي برقم (3432).

[26] . شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3776).

[27] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التعبير، باب: تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح، (12/ 457، 458)، رقم (7047).

[28] . صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، من مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما، (1/ 220)، رقم (1911). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

[29] . العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م، (3/ 168).

[30] . الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم الظاهري، تحقيق: د. محمد إبراهيم نصر ود. عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (3/ 168).

[31] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه...، (3/ 260)، رقم (1359،1358). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، بـاب: معنـى كـل مولـود يولـد على الفطــرة، (9/ 3772)، رقم (6631).

[32] . صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة، (9/ 3773)، رقم (6634).

[33] . صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة، (9/ 3773)، رقم (6635).

[34] . صحيـح البخـاري (بشـرح فتـح البـاري)، كتاب: الأشربة، بـاب: شـرب اللبـن...، (10/ 73)، رقم (5610). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله إلى السماوات وفرض الصلوات، (2/ 608)، رقم (417).

[35] . صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصلاة، باب: الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر...، (3/ 948)، رقم (824).

[36] . عون المعبود شرح سنن أبي داود مع شرح الحافظ ابن قيم الجوزية، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (12/ 318).

[37] . شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3776، 3777).

[38] . صحيح: أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، (3/ 305)، رقم (2996). وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (2586).

[39] . الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم الظاهري، تحقيق: د. محمد إبراهيم نصر ود. عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (4/ 135).

[40] . صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة، (9/ 3775)، رقم (6643).

[41] . صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة، (9/ 3775)، رقم (6644).

[42] . أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، د. سليمان بن محمد الدبيخي، دار المنهاج، الرياض، ط1، 1427هـ، ص654.

[43] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: الدخول على الميت، (3/ 137)، رقم (1243).

[44] . بدائع الفوائد، ابن القيم، تحقيق: هشام عطا وآخرين، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط1، 1416هـ/ 1996م، (3/ 679).

[45] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الإيمان، باب: إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل، (1/ 99)، رقم (27). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه، (2/ 569)، رقم (371). ولفظـه عنـد مسلـم هو: عن عامـر بن سعـد عن أبيـه، قـال: « قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسما. فقلت: يارسول الله: أعط فلانا فإنه مؤمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو مسلم. أقولها ثلاثا، ويرددها علي ثلاثا: أو مسلم، ثم قال: إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه؛ مخافة أن يكبه الله في النار ».

[46] . شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م،(9/ 3776).

[47] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين، (3/ 289)، رقم (1384).

[48] . صحيح مسلم (بشرح مسلم)، كتاب: الإيمان، باب: إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب، (2/540)، رقم (330).

[49] . الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم الظاهري، تحقيق: د. محمد إبراهيم نصر ود. عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (4/ 133،132).

[50] . شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3777).

[51] . الأبواء: جبل بين مكة والمدينة.

[52] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجهاد والسير، باب: أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري، (6/ 170)، رقم (3012). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب : الجهاد والسير، باب: جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد، (7/ 2716)، رقم (4468).

[53] . التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، تحقيق: مصطفي بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري، مؤسسة قرطبة، القاهرة، د. ت، (16/ 146).

[54] . شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (7/ 2717،2716).

[55] . الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم الظاهري، تحقيق: د. محمد إبراهيم نصر ود. عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (4/ 131).

[56] . ضعيف: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث عائشة ـ رضي الله عنها، رقم (25743). وضعفه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.

[57] . العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م، (3/171).

[58] . العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م، (3/ 170).

[59] . صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة، (9/ 3775)، رقم (6642).

[60] . صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التوحيد، باب: ) ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين (، (13/ 449)، رقم (7454). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، باب: كيفية خلق الآدمي...، (9/ 3759)، رقم (6599).

[61] . الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (11/ 36).

[62] . شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3777).

[63] . المنة شرح اعتقاد أهل السنة، د. ياسر برهامي، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، د. ت، ص336،335.

  • الجمعة AM 12:38
    2020-10-16
  • 1196
Powered by: GateGold