المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416772
يتصفح الموقع حاليا : 340

البحث

البحث

عرض المادة

القاديانية "خروج على النبوة المحمدية"

القاديانية "خروج على النبوة المحمدية"

الأستاذ أنور الجندي

عرض المستشرق بولس براون في كتابه (طوالع الإسلام) إلى حركات التجديد والإصلاح التي ظهرت منذ القرن الماضي في أنحاء العالم الإسلامي من الهند إلى إيران إلى مصر، وقد اعتبر اليهائية والقاديانية حركتين إصلاحيتين في الإسلام وقد تابعه في هذا بعض المفكرين المسلمين.

ولا ريب أن هذا المستشرق ومن تابعه كانوا مخطئين في هذا التصور، وإن كنا لا نخلي "الاستشراق" من تبعة العمل لدفع هذه الحركات الهدامة إلى الأمام وحتضانها، وإعداد مخططتها المسومة لخداع الشعوب الإسلامية، وإشاعة روح "التزييف" في فكرها وإثارة الشبهات حول منهجها الأصيل. ومن يتابع هاتين الدعويين المبطلتين يعرف أنهمنا استهدفتا ضرب حركة اليقظة الإسلامية التي كانت قد قطعت مرحلة كبيرة في طريق التماس المنابع الأصيلة لجوهر الإسلام بمفهوم التوحيد الخالص، وإن الحركتين قد نشأتا في أعظم قيمه الأساسية وهي "فريضة الجهاد" وقد كشفت الأبحاث التاريخية عن علاقة أكيدة بين هاتين الدعوتين وبين الاستعمار والصهيونية والهندوكية.

وأنهما حاولتا بث الفتنة وزعزعة العقائد، وإثارة الشبهات والشكوك وإضعاف شوكة المسلمين وتثبيط عزائمهم في المكافحة ضد النفوذ الأجنبي والكيد للإسلام، وتضليل المسلمين عن حقائق عقيدتهم، وتفريق وحدتهم، ولم يعد هناك ريب في أن هذه الطوائف الدخيلة، تلقى المعونة والتوجيه من المستعمرين والمبشرين واليهود، وهم يعدونها لما أسموه "حرب الإسلام من الداخل".

وقد شنت الصحف الغربية في الفترة الأخيرة (أواخر عام 1978 م) حملات جديدة مكثفة لإحياء دعوة القاديانية وذلك بنشرها لإعلانات تقول: "بأن السيد المسيح عليه السلام لم يصلب حتى الموت كما يقول المسيحيون، أو يرفع إلى السماء دون أن يصلبه اليهود كما يقول المسلمون، ويمضي إعلان القاديانيين فيقول: إن السيد المسيح قد عوفي من جراحة بعد ذلك وغادر (جودية) وهو الاسم الذي يطلقه اليهود على الضفة الغربية من فلسطين ليبحث عن قبائل بني إسرائيل الضالة، حتى وصل إلى الهند وهناك عاش طويلاً جداً ثم دفن في كشمير.

ولا ريب أن هذه محاولة جديدة لإعادة توجيه الأذهان إلى هذه الطائفة، بعد أن أصيبت في السنوات الأخيرة بالهزيمة الساحقة، عندما أعلنت حكومة باكستان أنها طائفة غير إسلامية وقد أشارت هذه الأخبار أن هناك مؤتمراً دعى إليه مئات من المضلين يستهدف بالذات إلى اجتذاب المسيحيين إلى صفوف هذه الطائفة المارقة التي بدأت تعاني من التدهور.

القاديانية:

ظهرت القاديانية بعد أن عجزت السلطات البريطانية عن إخضاع المسلمين في الهند، عن طريق الحرب والسلطان العسكري والسجن والتشريد والنفي والقتل. فقد عمد الاستعمار البريطاني إلى محاولة إخضاع المسلمين بالتغريب والغزو الثقافي، وحاولت أن تقيم طائفة من المسلمين، تدين لها بالولاء وتضرب وحدة المسلمين وجماعتهم وتمزقهم إلى فرق، فأعدت غلام أحمد القادياني لحمل لواء هذه الدعوة التي بدأت بإدعاء الخروج عن مفاهيم التوحيد الخالص وانتهت بإدعاء النبوة، وقد مكنت لهم بريطانيا في الهند في إمارة خاصة تسمى "الربوة" داخل باكستان، وقدمت منهم من تسنهم عليا المناصب السياسية، ومن ثم تولى كبارهم مناصب الدولة والجيش، وأصبحوا عاملاً خطيراً في مواجهة أهل السنة والجماعة، وضرب مفهوم التوحيدالخالص.

وقد كان أبرز ما دعا إليه القادياني: مهاجمة فريضة الجهاد، والدفاع عن النفوذ الأجنبي باعتباره الطاعة لأولي الأمر، وقد رحبت الهندوسية بالقاديانية، ودافعت عنها، وكان من أخطر دعاوى القاديانية رأيهم الزائف حين جاءوا بتفسير مبتدع لختم النبوة خالفوا به تفسير المسلمين المتفق عليه بينهم، من أنه صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين فلا نبي بعده، ففسروا خاتم النبيين، بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء أي "طابعهم"، فكل نبي يظهر بعجه تكون نبوته مطبوعاً عليها بخاتم تصديقه صلى الله عليه وسلم، ويكفرون من يخالفهم ويكفرون جميع المسلمين الذين لا يؤمنوا بكلام القادياني.

وقد إدعى القادياني أنه أوحى إليه بما يربو على عشرة آلاف آية، وأنه مبعوث بالرسالة بعد محمد صلوات الله عليه وسلم وأن ما ينزل عليه وحي كالقرآن والتوراة والإنجيل، وأن روح المسيح حلت فيه، وأن الحج فريضة على المسلمين إلى قاديان، وأنها بلدة مقدسة كمكة والمدينة، وأنها المكنى عنها في القرآن بالمسجد الأقصى.

(عن كتاب براهين أحمدية ورسالة التبليغ).

وكان غلام أحمد القادياني قد بدأ دعواه 1888 م حيث أسس مدرسة في قاديان لتعليم أبناء شعبه وأصدر مجلة لنشر مذهبه سماها مجلة: "الأديان" وقد مرت دعوته بعدة مراحل، كانت آخرها إدعاءه النبوة وأنه المسيح المنتظر.

وقد قاوم رجال حركة اليقظة الإسلامية هذه الدعوى منذ اليوم الأول، وكشف العالمان البارزان: المودودي والندوي فساد هذه النخلة، وزيف فكرتها المسمومة وكشفا عن حقيقة موقف الإسلام حيث يعتقد المسلمون أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم المسلمين، وأنه لا نبي بعده إلى يوم القيامة، وأن القادياني قد فارق الإجماع وخالفه، حين فسر "خاتم النبيين" بأنه طابعهم وبأن كل نبوة لا يكون مطبوعاً عليها بخاتمه وتصديقه صلى الله عليه وسلم تكون غير صحيحة، وكشف علماء الإسلام أن هناك مخالفة تامة يبن المسلمين وبين هذه النخلة في كل شيء: في الله وفي الرسول وفي القرآن وفي الصوم وفي الحج والزكاة وهو خلاف جوهري في كل شيء، وقد كانت دعوى القادياني الخطرة، التي جعل من إدعاء النبوة مقدمة لها، هي إبطال شريعة الجهاد، والدعوة التي تقبل النفوذ البريطاني المسيطر على البلاد وإعلان الولاء له، وبذلك تكشف هدف هذه النخلة المبطلة وهو خدمة الحكومة البريطانية، وكل من يراجع كتابات غلام أحمد في مؤلفاته، يجد أسلوباً ساذجاً في الأداء وضالاً في المضمون، مثل قوله "إنني صادق كموسى وعيسى وداود ومحمد، وقد أنزل الله لتصديقي آيات سماوية تربو على عشرة آلاف سماوية تربو على عشرة آلاف، وقد شهد لي القرآن وشهد لي الرسول وأن من يخالفني فهو نصراني يهودي مشرك من أصحاب النار".

فمثال هذا الكلام لا يقنع أقل الناس ثقافة، ولا يستطيعأن يرقى لأن يكون فكراً عالمياً يمتلك النفوس ويهز الأرواح بل أنه يكشف عن زيف صاحبه وفساد هدفه، بل إن غلام أحمد القادياني قد شهد على نفسه في كتباباته بأنه تابع وخادم وعميل للحكومة البريطانية، حيث يقول في ختام كتابة (شهادة القرآن):

"قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ومؤازرتها، وألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر من الكتب والنشرات ما لو جمع بعضه إلى بعض لملأ خمسين خزانة، لقد ظللت منذ خحداثة سني وقد ناهزت اليوم الستين، أجاهد بلساني وقلمي لأصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية،ولما فيه من خيرها والعطف عليها وأنادي بإلغاء فكرة الجهاد التي يدين بها معظم جهالهم، والتي تمعنهم من الإخلاص لهذه الحكومة".

وقد كشفت العلامة المودودي في كتابه ما هي القاديانية فساد دعوى القادياني حين قال: "لقد أمدت حركة الميرزا غلام أحمد الحكومة الإنجليزية بخير جواسيسها لخدمة مصالحها الاستعمارية، وقد كانوا أصدقاء أوفياء وكانوا موضع ثقة الحكومة الإنجليزية وقد خدموها في الهند وخارج الهند، وبذلوا نفوسهم ودماءهم في سبيلها بسخاء".

وعن الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه "القادياني والقاديانية" يقول غلام أحمد في آخر كتابه شهادة القرآن: "إن عقيدتي التي أكررها أن الإسلام جزئين: الجزء الأول إطاعة الله، والثاني إطاعة الحكومة التي بسطت الأمن وآوتنا في ظلها من الظالمين، وهي الحكومة البريطانية" وقد أمدت هذه الفئة الحكومة البريطانية بخير جواسيس لمصالحها وأصدقاء أوفياء ومتطوعين متحمسين موضع ثقة الحكومة.

الأحمدية: خدعة مضللة:

توفى غلام أحمد 1908 م ثم انقسمت الجماعة الضالة إلى فرقتين، انتخب أتباعه: حكم نور الدين، ثم أنشأ محمد علي اللاهوري جماعة منفصلة في لاهور بعد أن اتخذت جماعة قاديان ابن القادياني: محمود بشير الدين رئيساً لها.

وقد حاولت هذه الجماعة اللاهورية أن تدعي أنها ليست على ضلال القاديانية وحاولت أن تنكر دعوى نبوة غلام أحمد، أو إدعاؤه النبوةى، ونشروا كتبه الأولى وحجبوا كتبه الأخيرة، وهي محاولة خادعة لتحسين الظن به توطئة لأتباعه.

ويقرر باحث معاصر للأحداث هو (عبد الحميد السيد) أن دعاة القاديانيين اجتمعوا على محاولة استنقاذ الدعوى، وكان اختيار محمد علي اللاهوري لأنه مقرب من رجال الاستعمار البريطاني في الهند، وأريد له إصلاح الأمر بعد أن كره المسلمون ما أدعاه غلام أحمد وأنكروه، وذلك في محاولة جديدة لجمع القلوب حول باطلهم، فأدعى اللاهوري: أن غلام أحمد لم يكن غير مصلح من المصلحين وأنه لم يدع النبوة، وأعادوا طبع كتبه في الدور الأول.

يقول أبو الحسنات محمد محي الدين الهندي: لما رأى القاديانيون التشدد في الفضاء على فتنهم، بعد أن حاصرهم المسلمون في بلدتهم الصغيرة قاديان، وقاوموهم مقاومة شديدة، يجأزا إلة ظل الحكومة البريطانية، وتعهدوا بالدعاية لها والدفاع عنها، فانتهزت بريطانيا الفرصة لتفريق كلمة المسلمين عن طريق تشجيعهم، فمهدت الطرق للتبشير بالقاديانية على أساليب المبشرين، وركزوا على الدعوة لإلغاء الجهاد الإسلامي، والإدعاء بأن الإسلام لم يعد دين جهاد، بل صار الآن دين السلام، وسعوا إلى إيجاد السلام بين الإسلام والمستعمرين، وفي هذه المرحلة اتسع نطاق الدعوة تحت اسم الأحمدية، ووصل إلى بلاد كثيرة كالأفغان وغيرها في آسيا، ووصل إلى قلب أفريقيا وقد لمس الدكتور حسن عيسى عبد الظاهر نشاطها الخطير في نيجيريا وألف كتاباً في دحضها.

يقول السيد أبو الحسنات: أنهم خداعاً للعامة قد اتخذوا سبيل التقنية، وعمل محمد علي اللاهوري الذي يلقبه المسلمون في الهند (عبد الله بن أبي سلول) الثاني، تشبيهاً برئيس المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان من أبرز أنصار دعوة القادياني الصريحة حتى مماته وكان من أبرزهم في الخطابة وأبرعهم في الكتابة، فهو الذي ترجم القرآن إلى اللغة الإنجليزية وفسره وحرفه وغير معانيه في مواضع شتى، وفق تفسير متبوعه (غلام أحمد) وزعم أن نحلة القاديانية هي الحقة، فكل من قال لا إله إلا الله فهو مكلف شرعاً بإتباع القادياني وقد حوى تفسيره كثيراً من الشبهات والسموم، منها تفسيره لسورة الفاتحة، حين قال: إن الذين أنعم عليهم هم القاديانية والمغضوب عليهم هم المسلمون، وقال أن مريم تزوجت وزوجها يوسف النجار،  وأن قول "لم يمسسني بشر" محمول على العرف الخاص، وأنكر أن سيدنا إبراهيم ألقي في النار، وأدعى في تفسيره بأنه اغترفه من فيض القادياني، وقال أنه هو المسيح وكذلك أنكر معجزة شق القمر، ولا ريب أن مراجعة ترجمة القرآن التي قدمها محمدعلي اللاهوري، تكشف عن سموم كثيرة معارضة لمفهوم أهل السنة والجماعة وأنها حاولت تقديم فلسفة القاديانية كاملة، وللاهوريين قولان: قول للمسلمين أنه مصلح، وقول لإخوانهم أنه نبي وفي السنوات الأخيرة عمدوا إلى إصدار ترجمة محرفة لمعاني القرآن، ظهرت هذه الترجمة في هولندا محشوة بكثير من التبديل والتغيير والتحريف والتشويه لمعاني كتاب الله، مع استغلال تفسير القرآن في خدمة أغراضها ونواياها وتنفيذ مؤامراتها الحاقدة إلى الإسلام لمحاولة تشكيك المسلمين في عقائدهم السمحة وتستهدف أساساً:

1-  قطع صلة هذه الأمة بماضيها وعن خير أيامها وأفضل رجالها.

2-  فتح الباب أمام الأدعياء ومدعي النبوة.

3-  خروج علىى النبوة المحمدية وعلى صاحبها عليه أفضل الصلاة والسلام.

4-  إيئاس المسلمين من مستقبلهم.

وقد أشار إقبال إلى خطر القاديانية حين قال: "إن القاديانية مؤامرة مدروسة ترمي إلى تأسيس طائفة جديدة تدعمها نبوة جديدة منافسة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم".

ولقد امتد خطر القاديانية بلونها اللاهوري، وخدع كثيراً من الناس واتسع نطاقها واستفحل خطرها، وخاصة في باكستان نفسها، ففزعت الأحزاب والهيئات تطالب الحكومة بجعلها أقلية غير إسلامية، وكان قد صدر عام 1935 قرار محكمة مدنية بهاول ناجار، برئاسة القاضي محمد أكبر خان باعتبار أن القاديانيين غير مسلمين، وبطلان التزوج بينهم وبين المسلمين، ثم جاء قرار (7 سبتمبر 1974 م) من البرلمان الباكستاني حاسماً قاضياً باعتبار جميع الفئات القاديانية أقليات غير إسلامية، وقد جاء قرار البرلمان الباكستاني بعد دراسة للمسألة القاديانية استمرت أكثر من ثلاثين يوماً واقتضت تعديل دستور جمهورية باكستان الإسلامية على النحو التالي:

أولاً: اعتبار أتباع القاديانية أقلية غير إسلامية، واعتبار أتباع الميرزا غلام أحمد سواء أكانوا من فئة القاديانية أو من فئة اللاهورية أقلية غير مسلمة بموجب الدستور.

ثانياً: أي رجل لا يؤمن بالنبوة المطلقة لمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى أنه آخر الرسل أو أي شخص يدعي النبوة في أي معنى أو شكل للنبوة وبأي تفسير لكلمة النبوة ليس بمسلم، وأن من يؤمن بإدعاء أي مدعٍ للنبوة أو يعتبره مجدداً دينياً يكون غير مسلم بموجب الدستور والقانون.

 

  • الاحد PM 06:49
    2015-07-12
  • 4020
Powered by: GateGold