المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414797
يتصفح الموقع حاليا : 239

البحث

البحث

عرض المادة

علماء الإسلام عند العلمانية

يسمي أركون علماء الإسلام الكهنة والرهبان. إمعانا في الحط من منزلتهم وتحقيرهم (1).

ويسميهم نصر أبو زيد وخليل عبد الكريم وآخرون عبدة النصوص، وكهنة النصوص. وسخر منهم القمني وسماهم الغوغاء (2).

وسماهم خليل عبد الكريم: عارضوا السِّلع الدينية (3).

وقال القمني: بل لقد شارك الفقهاء أنفسهم في الاحتيال على أحكام الدين (4).

وقال: أما الظلم الاجتماعي والقهر الفكري وسحق المخالف فقد اجتمع عليه كلاهما السلطان والفقهاء (5).


(1) الأنسنة والإسلام (147).
(2) انتكاسته (38 - 39 - 40 - 41).
(3) الأعمال الكاملة (204).
(4) شكرا ابن لادن (107) انظر (160) منه.
(5) نفس المرجع (107).

وقال: إن تجاوب الفقهاء كان مع رغبات السلطان حتى اخترعوا له الأحاديث النبوية ... ولجأوا لكل الحيل الشرعية لتبرير أهواء السلطان ونزواته وأدانوا بالمطلق كل موقف معارض حتى لو انطلق من آيات الله وشرائعه ووصموه بالرافض المعطل المرتد الكافر (1).

وقال عن الفقهاء: فدافعوا عن خلفاء ضربوا الصحابة وجلدوهم وركلوهم بالنعال وأعدموهم حرقا منذ حروب أبي بكر مرورا بدرة عمر وتجسسه على العباد حتى سوط عثمان وتكسيره أضلاع الصحابة إلى تقطيع أوصال المفكرين علنا وسلخ جلودهم بفتاوى فقهية سحقت كرامة بني آدم (2).

وفي كتابه أهل الدين والديمقراطية صب جام غضبه على العلماء الرسميين وغير الرسميين واتهمهم بأبشع النعوت ووصفهم بأخس الأوصاف، والكتاب يتلاطم كالأمواج من مثل هذا، أقتصر هنا على قوله: إن صناع الحضارة لم يكونوا من رجال الأديان السماوية الثلاثة، بل كانت الحضارة أنشط قبل ظهور إكليروس الأديان السماوية، ثم إن التحضر الحديث لم يحدث إلا بعد التخلص من سطوة الكنيسة، ولم يحدث لبلد إسلامي واحد سوى تركيا (3)، التي تحركت مع أتاتورك نحو الحضارة. إن الحضارة والتقدم لم يقم بهما يوما رجال الدين، بل كانوا دوما معطلا وقامعا ومانعا. والموت ضروري للتطور، لأنه لو لم يكن هناك موت لما كان هناك تطور جديد. فالتطور يعني موت القديم ليفسح المكان لمولد الجديد ... (4).

أي: الدين لا يجلب إلا التخلف، والقطيعة مع الدين تعنى الحضارة والتقدم!!!


(1) نفس المرجع (108).
(2) نفس المرجع (109).
(3) لم يحدث لتركيا إلا بعد تطليقها لأمثال القمني وصعود حزب العدالة والتنمية الإسلامي.
(4) أهل الدين والديمقراطية (69).

وقال أركون: دور الفقهاء والعلماء هو تبرير السلطات الموجودة من أجل الحفاظ على امتيازاتهم (1).

واتهم الفقهاء بالتلاعب بالخطاب القرآني (2).

ودعا إلى إزاحة الفقهاء أئمة المذاهب من طريق البحث العلمي لأنهم يمثلون عقبة في اتجاه التقدم (3). ووصف العلماء بالخضوع والعجز والانتهازية (4).

وذكر عبد المجيد الشرفي أن الفقهاء إنما كانوا يدافعون عن مصالحهم (5)، وأنهم متعصبون (6).

الإمام الشافعي.

حظي الإمام الشافعي باهتمام نصر أبي زيد كثيرا وخصه بكتاب مفرد، ملأه طعونا في الشافعي رحمه الله.

واعتبر أبو زيد أن دفاع الشافعي عن عربية القرآن، وأنه ليس فيه عربية دخيلة انحياز إيديولوجي لقريش فقط، وأنه دفاع عن نقاء لغة قريش وتأكيدا لسيادتها وهيمنتها على لغات اللسان العربي. والحقيقة أن هذا الموقف لا يخلو من انحياز إيديولوجي للقرشية التي أطلت برأسها أول ما أطلت بعد نزول الوحي في الخلاف حول قيادة الأمة في اجتماع السقيفة (7).

إذن فالمسألة كلها صراع إيديولوجي وسياسي للهيمنة.

واتهم الشافعي بالانحياز للقرشية (86) وللعباسيين الذين عرفوا بممارستهم القمعية ضد جماهير المسلمين، ليعود بعد صفحتين فقط ليناقض نفسه فيقرر منافرة الشافعي للنظام العباسي (98).

واتهمه بالنزوع العصبي (97).

وبالتشدد وتكليف ما لا يطاق (100).

وأنه منحاز للعلويين (59).

وأنه كان جزءا من النزعة القرشية التي أرادت الهيمنة على المشروع الإسلامي (56).

وأنه صاحب نزوع قرشي عروبي (67).

بل وشعوبي (108 - 109).

وأنه جعل من عادات قريش وأعرافها دينا ملزما للناس كافة (69).

واتهمه بالمغالطة. (151).

وبخلط المفاهيم واضطراب المصطلح (151).

وبالتلفيق (180).

وأنه كان يناضل من أجل القضاء على التعددية الفكرية والفقهية (180).

واتهم الشافعي بالتناقض حين أسس السنة وحيا (134).

وبالعصبية العربية القرشية (135).

وقال: والحقيقة أن تناقض الشافعي المشار إليه نابع من سيطرة الإيديولوجيا (135).

وأن له فكرا تلفيقيا يتسم بالتردد، يحاول التوفيق بين نهجين على أساس إيديولوجي (129).

ويبدو أن أبا زيد يصنف الشافعي انطلاقا من منطلق إيديولوجي حقير ودنيء وخسيس.

فالشافعي في نظر العلامة أبي زيد شعوبي يدافع عن الإيديولوجية العلوية.

ولقد أنصفت محكمة القاهرة النزيهة الإمام الشافعي وانتقمت له.

قد يتساءل القارئ: ولماذا كل هذا عن الشافعي؟

ذلك لثلاثة أسباب رئيسية في نظري:

أولا: لأن الشافعي كان ضد علم الكلام، وخاصة المعتزلة، وهذا طبعا شيء يغضب أبا زيد وإخوانه.

 


(1) تاريخية الفكر العربي (179).
(2) نحو نقد العقل الإسلامي (158).
(3) نحو نقد العقل الإسلامي (238 - 239).
(4) الفكر الإسلامي (261).
(5) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (151).
(6) الإسلام والحرية (73).
(7) الإمام الشافعي (95).

فلا يفتأ العلمانيون من التعلق بالمعتزلة وابن رشد ويعتبرون أنفسهم امتدادا لتياراهم العقلاني.

ولخبرتي -والحمد لله- بمذاهب المعتزلة سأخص هذه المسألة بكتاب مفرد، أعني المعتزلة والتوظيف العلماني. لنبين فيه أن تعلق العلمانيين بالمعتزلة هو كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} النور39.

وثانيا: لأن الشافعي هو أول من صنف في علم أصول الفقه، الذي يعد آلية منهجية لقراءة النصوص الدينية. وهذا يقطع الطريق على المناهج العلمانية النقدية الحديثة.

وثالثا: لأن الشافعي قرر حجية السنة تقريرا موسعا معبرا عن الرأي المستقر عند العلماء كافة بما فيهم الأحناف وأنها المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن.

ولفرط جهله ظن أن الشافعي هو صاحب هذه الأطروحة التي سببت أرقا كبيرا لأبي زيد.

فهذه ثلاثة أسباب وجيهة، كل واحدة كافية لإزعاج نصر أبي زيد حتى يفقد صوابه واتزانه فينطلق مشككا لافظا التهم هنا وهناك ولو كانت غير منطقية ولا معقولة، المهم أن يقول شيئا ولو كان تافها.

ابن تيمية.

قال عبد الوهاب المؤدب عنه: الشخص القمعي الفردي العدواني بطبيعته والمسرحي الاستعراضي (1).


(1) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (116)، وانظر (112) منه.

المجتهدون الجدد.

إذا كان فقهاؤنا وعلماء الأمة بهذه الأوصاف الشنيعة التي ذكر العلمانيون فهم ليسوا أهلا للتحدث باسم الإسلام، فإن الجدير بهذه المكانة هم العلمانيون حسب ما قال هاشم صالح تبعا لعياض بن عاشور.

ذكر منهم محمود طه والعشماوي وأركون وعبد المجيد الشرفي وغيرهم (1).

ولم نعد حسب العفيف الأخضر بحاجة إلى علماء الفقه والأصول والتفسير ممن وصفوا بالراسخين في العلم، بل هناك راسخون جدد، قال: أما الراسخون في العلم اليوم فهم أخصائيو تاريخ الأديان المقارن والسسيولوجيا الدينية وعلم النفس والهرمنوطيقا (علم التأويل) والأنثروبولوجيا والألسنية وطبعا النحو والبلاغة .. إلخ (2).

حقا إنهم راسخون، لكن في الضلال والكفر.

وقال هاشم صالح تبعا لعياض بن عاشور: ينبغي علينا أن ننزع المشروعية عن طبقة العلماء التقليديين الذي يحتكرون تفسير القرآن، أي: كبار الفقهاء ورجال الدين الإسلامي، فالمجتهدون الجدد في الإسلام من أمثال عبد المجيد الشرفي وسواه ينبغي عليهم أن يحطموا الجدار الكهنوتي، جدار الكلام الرسمي المأذون عن الدين. ففتح باب الاجتهاد من جديد لا يمكن أن يتم بدون ذلك. وعندئذ يمكن لكل مسلم أن يرتفع إلى مكانة المفسر لكلام الله ولا يعود بحاجة للعودة إلى رجل الدين في كل مرة (3).


(1) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (312).
(2) الحوار المتمدن - العدد: 690 - 2003/ 12 /
(3) نفس المرجع (314).

الإسلاميون.

تتسم أغلب كتابات العلمانيين اتجاه الحركات الإسلامية والصحوة الإسلامية بالأحكام المسبقة وبَهَمٍّ إيديولوجي إقصائي، يترجم عند بعضهم إلى سيل منهمر من الشتائم والسباب التي تنبئ عن ضحالة في الفكر وهشاشة في الدمقرطة والعقلانية التي يدعونها.

وحسب العلماني تركي علي الربيعو فإن التيار الذي يمثله كل من رفعت السعيد في مواقفه الإيديولوجية المتشنجة من ما يسميه بـ «الإسلاميوية» ومن فؤاد زكريا وبالأخص كتاب الصحوة الإسلامية في ميزان العقل الذي استفاض فيه بالتهكم على الإسلاميين ولباسهم وسلوكهم المتخلف ... إلخ، كذلك سعيد العشماوي في كتابه عن الإسلام السياسي الذي يندرج في إطار رؤية رسمية وإيديولوجية للحركات الإسلامية، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.

ما يجمع هذا التيار حسب الربيعو دائما هو الإدانة للحركات الإسلامية، والأحكام المسبقة الجاهزة التي تقوم على نفي الآخر واتهامه وإيداعه المصحات النفسية، وهذا ما يتنافى مع الدعوة إلى الإصلاح والديمقراطية حيث الديمقراطية بأبسط تعريف لها هي الاعتراف بالآخر (1).

في مكان آخر من كتابه يحدثنا الربيعو عن الفرضيات السائدة حول تفسير الظاهرة الإسلامية، فيذكر: الفرضية التاريخية والفرضية السوسيولوجية.


(1) الحركات الإسلامية (260 - 261).

وهي بحسبه «لا تقود إلا إلى الإدانة والنفي، فالفرضية التاريخية التي تسود في أدبيات علم اجتماع المعرفة تعزو انتشار الحركات الإسلامية المعاصرة إلى فشل المشروع القومي العربي اليساري. هذه الفرضية تظل محكومة بالتطورية الثقافية، التي ترى في الدين مأوى للعاجزين، وهي فرضية أقل ما يقال عنها إنها باتت متجاوزة في حقل الإناسة منذ زمن بعيد، إذ كيف نفسر تزامن المشروع الإخواني مع المشروع الناصري في عز مجده».

«أما الفرضية السوسيولوجية فهي الأخرى محكومة بإشكالية ماركسية، إشكالية المجتمع الطبقي، فهذه الفرضية تربط انتشار الحركات الإسلامية بغياب المجتمع الطبقي، وتراهن على زوالها بتبلور هذا المجتمع. فالدين عبر هذه الفرضية، هو الآخر وَهْم ينتمي إلى حيز اللامعقول» (1).

وقال العلماني المغربي عبد الرحيم لمشيشي في كتابه الجهاد (13) عن الإسلاميين: إن كتاباتهم تنضح بالحقد والكره، بل والدعوة إلى ارتكاب الجريمة والقتل. وفي كل خطبهم ومواعظهم لا تسمع إلا دعوات الحقد على الغرب وضرورة قتل اليهودي والمسيحي وكل من هو مختلف عنهم في المذهب أو في الدين (2).

ووصف أركون الإسلاميين بالإسلام السلفي الراديكالي المغرق في طقوسيته الشعائرية، والإسلام التبسيطي الدوغمائي (3)، والأصولية الإطلاقية الإرهابية المعممة (4).


(1) الحركات الإسلامية (125).
(2) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (95).
(3) نحو نقد العقل الإسلامي (267). انظر (247 - 312) منه.
(4) نفس المرجع (269).

وقال: لماذا نشهد في نهاية هذا القرن العشرين الصعود الضخم لإسلام مغلق ودوغمائي ومتعصب وأسطوري؟ هذا هو السؤال الضخم الذي لا ينتبه إليه أولئك المختصون والإيديولوجيون الانتهازيون الذين يملؤون الجو بثرثرتهم عن الإسلام (1).

وقال: ولكن بما أن رجال الدين يرخون لحاهم وذقونهم فإنهم يوهمون الناس بأن القدرة الإلهية تحكم من خلالهم (2).

هكذا يقول ابن السربون، فهو ينخرط في المشروع العلماني القائم على خلق المغالطات المكذوبة والمصطنعة ليبني عليها ما بعدها، ولإثبات صحة المشروع العلماني ومصداقيته ولو بالأكاذيب.

فليس في يد العلمانيين حجج عقلية اتجاه الإسلاميين إلا الاتهامات المصطنعة والشبه المفبركة، لأنهم عاجزون عن تقديم نقد علمي رصين للمشروع الإسلامي.

في ظل الفشل الذريع لمشروعهم لا حيلة أمامهم إلا السب والشتم والطعن والتخوين واصطناع الأراجيف.

وقد تحول العلمانيون وخاصة ذوي الأصول الماركسية إلى طابور من المداحين والمتملقين للسلطات لتحريضها على مزيد من التضييق على الإسلاميين، أو لنقل التحريض على نوع من الديكتاتورية، عبر التترس خلف ستار قطع الطريق على أعداء الديمقراطية.

أما سيد القمامة فقد ملأ كتبه سبا وطعنا وتحقيرا وسخرية (3).

ويسمي الصحوة الإسلامية: بالصحوة الإرهابية (4)، وصحوة الموت (5)،


(1) الفكر الإسلامي (78).
(2) قضايا في نقد العقل الديني (240).
(3) انظر انتكاسته (41 - 42) والأسطورة والتراث (14 - 15).
(4) انتكاسته (9).
(5) انتكاسته (47).

والصحوة لا بارك الله فيها (1).

ولا فرق عنده بين معتدلين ولا متشددين، فالكل دنيء وحقير ودموي وإرهابي، قال عن الزرقاوي وابن لادن وهاني السباعي والقرضاوي ومهدي عاكف وفهمي هويدي: كلهم في الدموية سلة واحدة (2).

وقال عن القرضاوي: إن هذا الرجل متاجر بدين الله ضد مصالح عباد الله يفتي بالمطلوب مأجورا في الدنيا وفراديسها وقصورها الغناء الفوارة قبل الآخرة ونعيمها (3)، وسماه كاهن الإخوان الأكبر (4).

وقال عن التيار الإسلامي عموما: كان نكبة على البلاد والعباد (5)، وأنه كان تدميرا حقيقيا للعقل المسلم (6).

وقال عن هيئة علماء المسلمين العراقية المجاهدة تحت عنوان: هيئة علماء الإرهاب: إن هذه الهيئة تحرك خيوط الجريمة المنظمة في العراق، وإن أعضاء تلك الهيئة هم المجرمون الحقيقيون وراء ما يحدث في العراق، وإن محاكمة هؤلاء هي البداية الصحيحة لوقف العنف في العراق (7).


(1) انتكاسته (33).
(2) انتكاسته (49).
(3) انتكاسته (32).
(4) انتكاسته (69).
(5) انتكاسته (32).
(6) انتكاسته (32).
(7) أهل الدين والديمقراطية (1

في حين دافع عن موقف السستاني (1). بل ودافع عن التبشير المسيحي واعتبره حقا لأنه سعي وراء الدعوة الصادقة والثواب الأعظم (2).

وأما علماء الإسلام فهم أعداؤه الدائمون، قال: إذا كان هؤلاء يصفون أنفسهم بالعلماء فبماذا نصف الحمير؟ (3).

وأكثر محمد الشرفي من اتهام الإسلاميين بشتى ألقاب التسفيه والتضليل والازدراء في الفصل الذي خصصه للأصولية الإسلامية (4). واعتبرهم كارثة حقيقية (5).

وقال علي حرب: إن الحركات الإسلامية هي بطبيعتها مولدة للعنف، أي أن العنف خاصية بنيوية فيها (6).

وملأ عبد الوهاب المؤدب (القليل الأدب) كتابه «أوهام الإسلام السياسي» طعنا وسبا وشتما. وكنت أظن أنني سأعثر في هذا الكتاب على الأقل على شبه تحليلات علمية بروح علمية نزيهة إذا بي أفاجأ بقاموس سباب وشتائم وتوزيع الاتهامات هنا وهناك. فكل الشر في الإسلاميين وكل الباطل فيهم، بل هم معدن الباطل والشر وأصله.


(1) نفس المرجع (148).
(2) نفس المرجع (129).
(3) نفس المرجع (138).
(4) الإسلام والحرية (25).
(5) نفس المرجع (163).
(6) الممنوع والممتنع (177).

أكتفي هنا بما وصف به الشيخ الشعراوي: عبر هذا التعليم الظلامي الذي نشره هذا الشيخ في عملية مسخ إضافية ينتصر فيها أشبه المتعلمين المتجرئين حتى في إظهار حقدهم، فالالتباس يبلغ ذروته، وانعدام المقاييس يشل العقل، والجمهور يؤخذ بالخزعبلات ويتأثر بأعمال القياس الملائمة للعقلية التوفيقية التي يبثها الشيخ، وهي التي ترى أن القرآن بشر بكل المخترعات العلمية خاصة في عصرنا هذا مرفقا كلامه برشاش اللعاب (1)، وهو يتكلم بحركات تفخيمية، إنه مربي الفقراء الذي يلعب دوره بشكل مسرحي ويجري تقبله بالرغم (أو بسبب) طريقته البدائية في التعبير (2).

في حين استشاط غيظا من تدمير طالبان لتمثالي بوذا في أفغانستان، وسب وشتم وأرعد وأبرق، واعتبر الفعلة جريمة شنعاء، وكارثة، وبكى طويلا ونحب نحيبا عظيما على هذا التراث العالمي!!! (3).

أما سمير أمين فلم يخرج عن نفس الجوقة، وهذه بعض عباراته:

لا يقدم الإسلام السياسي المعاصر سوى مركزية أوربية معكوسة (4).

فالإسلام السياسي يدعو إلى الخضوع لا التحرر (5).

لقد جرى اختراع الإسلام السياسي الحديث في الهند على يد المستشرقين لخدمة السلطة البريطانية (6).


(1) لعله يشير به لعلمانيين الحاقدين عليه وعلى دعوته.
(2) أوهام الإسلام السياسي (102).
(3) نفس المرجع (127 - 1
(4) نقد خطاب الإسلام السياسي (6).
(5) نفس المرجع (7).
(6) نفس المرجع (8).

يكتفي بتكرار الكتابات التي لا طعم لها لابن تيمية، الذي هو أكثر الفقهاء رجعية في العصر الوسيط (1).

لا فرق عنده بين المعتدل والمتطرف في الإسلاميين (2).

لا يتعارض خطاب رأس المال الليبرالي للعولمة مع خطاب الإسلام السياسي، بل هما في الواقع يكمل أحدهما الآخر تماما (3).

الإسلام السياسي في خدمة الامبريالية (4). إنه حليف ثمين للامبريالية (5).

الإسلام السياسي ليس فقط رجعيا في بعض المسائل ... إنه رجعي بأساسه (6).

إنه يقف إجمالا خلف القوى المهيمنة على الصعيد العالمي (7).

إن الإسلام السياسي هو من فعل الامبريالية الكامل مدعوما بالطبع من قوى الرجعية الظلامية، ومن الطبقات الكومبرادورية التابعة لها (8).

تاريخ الإسلام تاريخ قتل ونهب وإبادة.

هكذا يصور التاريخَ الإسلامي عدد من العلمانيين منهم القمني.


(1) نقد خطاب الإسلام السياسي (10).
(2) نفس المرجع (12).
(3) نفس المرجع (13).
(4) نفس المرجع (14).
(5) نفس المرجع (16).
(6) نفس المرجع (17).
(7) نفس المرجع (19).
(8) نفس المرجع (30).

قال: ولأن الدولة لم تكن دولة العدل والإحسان، بل دولة الظلم والطغيان والقهر لآدمية الإنسان وإذلال كرامة الناس والشعوب المقهورة منذ بدء الفتوحات حتى سقوط آل عثمان (1).

وهو تاريخ مجازر ومحارق في فتوح العراق وفلسطين ومصر والشام، مع ذل الرجال بهتك عرض النساء، وظلم العباد وقهر الرجال وذل النساء على موائد السبي بالاغتصاب العلني (2).

وصور فيما بعد الفتح الإسلامي (3) تصويرا قاتما وأنه باختصار احتلال واستعمار واستغلال وسفك دماء وإرهاب وتدمير للحضارات السابقة.

وقال في انتكاسته (18): فتاريخ المسلمين كله هو تاريخ فتن وصراع على الجاه والسلطان منذ فجر عصرنا الذهبي منذ الخلفاء الراشدين الهداة المهديين (4) الذين ماتوا صرعى القتل رغم حرصهم على الشرع الذي لم يؤد إلى أمن المجتمع ولم يحفظ لرأس الحكم أمنه وحياته.

وقريب من خطاب القمني فرج فودة ففي كتابه الحقيقة الغائبة جلب نصوصا كثيرة لأحداث مأساوية مشكوك في كثير منها، عن الخلفاء الأربعة وخلفاء بني أمية وبني العباس ليستدل بها على استحالة تطبيق الشريعة في زماننا، وكيف أنها لما طبقت ما جلبت إلا الدماء والقتل والأشلاء والنهب والإبادة. وفي نفس الوقت يبشرنا بعلمانيته المنقذة لنا من الضلال، والعاصمة لنا من كل الشرور والآثام.


(1) أهل الدين والديمقراطية (106).
(2) نفس المرجع.
(3) نفس المرجع (187 - 188 فما بعدها- 198 فمن بعد
(4) هذا من باب الاستهزاء طبعا.

ناسيا مخازي أحباره وجرائم رهبانه الذي ملأ الدفاتر، كجرائم هتلر وموسليني وستالين وبوش، وحكام فرنسا مهد العلمانية وما فعلوه بالمستعمرات الإفريقية فلم تعصم علمانيتهم ملايين البشر من السحق والإبادة، بل ركب جواد ضلالته فزعم أن عصرنا أرقى بكل المقاييس من عصور الإسلام السالفة، وعلى رأسها مقاييس الأخلاق، وهو مدين في هذا لعلمانيته التي سماها ثقافة إنسانية (65).

بل في نظر القمني: مستوى قمة زمانهم (أي: الفقهاء المسلمون المتقدمون) المعرفي أدنى من المراحل التعليمية الابتدائية في زماننا .... لذلك نحن اليوم (أي: القمني ومن معه) أقدر وأفقه بالرأي الذي تحتاجه الأمة ومصالح الناس عن رأي مضى عليه ألف عام (1).

فأعلى مستوى عند الفقهاء المتقدمين هو أدنى من المراحل الابتدائية في زماننا. ولا أدنى من المراحل الابتدائية إلا مرحلة الحضانة، ففي نظر سيد القمامة أعلى مستوى الفقهاء المتقدمين = مرحلة الحضانة.

وبالمناسبة فقد خالف حسن حنفي جل إخوانه العلمانيين وأكد أن الدولة العربية كانت امبراطورية تحريرية وليست استعمارية، حررت المنطقة من ربقة الاستعمار الروماني والفارسي المترامي الأطراف ومن الاضطهاد الوثني وابتزازه المادي، وأنها قامت ضد الدولة العنصرية مفتوحة الألوان في وسط حضاري متجانس للجميع دون نواة منروبوليتية كما هو الحال في الاستعمار الأوروبي (2).

وقد جلب له هذا الاعتراف بالحقيقة التاريخية غضب عدد من العلمانيين، فقد ردوا عليه بقسوة، منهم القمني (3) وعلي حرب (4).


(1) شكرا ابن لادن (262).
(2) مجلة القاهرة عدد أيار 1993.
(3) شكرا ابن لادن (188).
(4) الممنوع والممتنع (212).

  • الخميس PM 10:33
    2022-08-04
  • 875
Powered by: GateGold