المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413967
يتصفح الموقع حاليا : 328

البحث

البحث

عرض المادة

وجود الخالق وعلاقته بالقوانين والنظريات العلمية

بقلم: فاتن صبري
Www.fatensabri.com 
من كتاب: الإلحاد - اعلان نجاح ام فشل ؟

لتجنب ذكر الخالق، تُعزى أنظمة مترابطة إلى الطبيعة العشوائية

على الرغم من أنهم لم يعترفوا بذلك أبدًا، يشير العلماء من الملحدين إلى الخالق بأسماء أخرى (الطبيعة الأم، قوانين الكون، الانتخاب الطبيعي "نظرية داروين"، إلخ...)، في محاولات بائسة للهروب من مَنطق الدين والاعتقاد بوجود خالق.

 

إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ (النجم:23)

 

كان مما قرأت وأعجبني:

 

أن الداروينية الجديدة تعتمد على حدوث التغيرات في صفات الكائنات الحية عن طريق الطفرات.

والطفرات ما هي إلا (تخريب) في المادة الوراثية!

فعلينا أن نصدق أن الأخطاء المتتالية هي التي أنتجت الإبداع الذي نراه في الكائنات!

وهذا كمن يقول إن طفلاً ظل يلعب في نظام الكمبيوتر لسنوات، وهذه الضغطات العشوائية على لوحة المفاتيح أنتجت نظام أفضل بطريق الصدفة والعشوائية.

 

إن وصف العشوائية الذي يُطلق على مبدأ ونظرية التطور الكبير يعني أننا:

 

  • لا نعرف ماذا يقف وراء التطور
  • لا نعرف آليات ظواهر التطور
  • لا نعرف النمط الذي يتبعه
  • لا نستطيع التنبؤ بظواهره

 

وبالرغم من كل تلك "اللامعرفيات"، فالبعض يعتقد بأن التطور الكبير نظرية علمية سليمة! فالتطور الكبير بالنسبة للمؤمنين به هو نظام "صندوق أسود".

 

فالتطور معلوم والكيف مجهول، والإيمان به بالنسبة لأتباعه واجب، والسؤال عنه بدعة علمية بلا جدال ولا نقاش.

 

 

 

 عدم الرغبة لإدراك مصدر قوانين الكون يؤخذ كذريعة لنفي وجود المصدر

 

 

 بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (يونس:39)

 

 

يقولون: أنتم المُؤمنون تتبَنَّون مبدأ "إله الفَجوات" أي كلما وجــدتم ثغرة في العِلم، نســبتم إلى الإلــه القيام بها.

 

نقول لهم: عدم الرغبة أو القدرة لإدراك مصدر قوانين الكون كذريعة لنفي وجود المصدر، هو في الواقع أكبر فجوة في الإدراك والمنطق، "إلحاد الفجوات".

الإيمان بالخالق يتوافق مع دليل الوجوب

 

لم يدَّعِ أحد أنه الخالق إلا صاحب الأمر والخلق وحده، هو من كشف عن هذه الحقيقة، عندما أرسل رسله إلى البشرية. عند العثور على حقيبة في مكان عام، ولم يأتِ أحد ليدَّعي أنه صاحب الحقيبة باستثناء شخص واحد، قام بتقديم مواصفات الحقيبة ومحتوياتها، تصبح الحقيبة من حقه إلى أن يظهر مدعي بعكس ذلك، وهذا حسب قوانين البشر.

 

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (سبأ:22)

 

لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (الأنبياء:22)

الإيمان بوجود خالق يتوافق مع دليل القصد والغاية

 

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (الذاريات: 56: 57)

الإيمان بخالق حكيم يتوافق مع دليل التناسق والنظام

 

الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (الملك:3)

 

إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ  (القمر:49)

 

إن وجود كوارث وأمراض في الكون لا ينفي وجود الإتقان، فلو لم نجد اتقان للكون أصلاً لما أدركنا وجود أشياء غير متقنة.  إن الادعاء بوجود عيب في التصميم ما هو إلا قصور في إدراك الحكمة من الأشياء، فالمؤمن بوجود خالق للكون يؤمن بأنه لا يقع بالكون شيء بلا غاية، إذاً، الحياة الدنيا بداية لرحلة أبدية يستأنفها الإنسان بعد الموت بالبعث والحساب ومن ثم الجزاء، ووجودنا في هذه الدنيا هو لهدف وغاية سامية وهي معرفة الله عز وجل، وعبادته والتوجه إليه مباشرة بالدعاء والطلب، والصبر عند البلاء والشكر في الرخاء.

تسخير الكون للإنسان من القدرة والحكمة الإلهية

 

وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ ۚ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (النحل:5)

 

 

ملائمة الكون لنشأة الإنسان من العناية والرحمة الإلهية

 

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (إبراهيم:32)

تخصيص الهيئة الأفضل لموجودات الكون من الحكمة والرحمة الإلهية

 

أفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (٦٩) لو نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (الواقعة:68)

 

أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (الفرقان:45)

الأزواج في المخلوقات دليل على وجود الخالق، وبطلان التطور

 

سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (يس:36)

 

يمكن العثور على الخلق الذاتي في الكائنات أحادية الخلية، لكن افتراضًا بوجود الخلية الأولى، وبالتالي فهو أسلوب تكاثر، ولو سلمنا جدلاً بأن المخلوق ذاتي التكاثر يمكن أن يتطور، فهذا لا ينطبق على الأزواج، لأن تركيبة الكائن الحي وخلقه من أجل التزاوج يقتضي الدراية بما يريد أن يتطور إليه كل زوج منها بدقة كاملة من اختلاف في تركيبة الأجهزة ووظائفها وأماكنها، وتفاصيل كثيرة.

الإيمان بالخالق يتوافق مع قانون السببية

 

أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (الطور:35)

 

فرضية عدم وجود خالق للكون تتنافى مع كثير من القوانين الطبيعية التي نراها من حولنا، فمثال بسيط، كأن نقول إن أهرامات مِصر وجدت من لا شي كافي أن يدحض هذا الاحتمال.

 

الخلق الذاتي هو استحالة منطقية وعملية، والذي يعني أن شيئًا ما كان موجودًا وليس موجودًا في نفس الوقت، والقول إن الإنسان خلق نفسه يعني أنه كان موجودًا قبل أن يكون موجودًا، وهذا مستحيلاً.

حقيقة فناء الكون يتوافق مع القانون الثاني للثرموديناميك الذي يحتم بالفناء

 

كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (الرحمن:26)

 

يقول هذا القانون أن الكون يتجه الآن نحو الموت الحراري عندما تتساوى حرارة جميع الأجرام، فالكون كما يقول العلماء يتجه نحو التبسيط والتفكيك ومن ثم الفناء للكون وما يحتويه، بينما يقول الإلحـاد أن الكون يتجه نحو التعقيد والتطور. لذا يعتبر العلماء أن هذا القانون يهدم نظرية داروين. 

الإيمان بالخالق يطابق مبدأ باركلي الذي يحتم بوجود عقل يشهد على الأشياء

 

أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (فصلت53)

 

ينص هذا المبدأ على أننا نحن البشر لا نعلم عن العالم الخارجي إلا ما في أذهاننا من مدركات حسية، والعقل يحتم وجود عقل كلي يستوعب جميع الأشياء ويكون شهيدًا عليها، (بمعنى وجود قوة خارجية مختلفة عن البشر).

 

الإيمان بالخالق يكفل حقوق الإنسان

 

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات:13)

الإيمان بالخالق ينفي افتراضية الحياة وكونها لعبة الكترونية

 

...وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) (الأنبياء)

 

القول بأن حياة الإنسان عبارة عن لعبة الكترونية تحاكي الواقع استحالة منطقية، فلكي يتمكن الحاسوب المنفذ لعمليات حسابية من محاكاة الواقع، فإنه بحاجة قدرات بنيوية كافية لتوليد الظواهر التي نعيشها في بيئة المحاكاة التي بناها (بيئتنا). لكن اكتُشف أن تخزين المعلومات اللازمة لمحاكاة سلوكيات معينة لبضع مئاتٍ من الإلكترونات فقط، يتطلب عددًا من الذرات أكثر من موجودات الكون!  فلا يمكننا تشكيل ومحاكاة فيزياء الكمّ ومبادئها المعقدة بأي تكنولوجيا متقدمة نعرفها حتى على أكبر حاسوب يمكن أن نتخيله.

 

عقل الإنسان ليس حاسوب آلي، وتميزه يكمن في إدراكه

 

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (الحج:46)

 

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (المؤمنون:78)

عقل الإنسان ليس حاسوب آلي يتوقف عن العمل بفشل مكوناته

 

يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (الروم:7)

 

 بقول الملحد الشهير ستيفن هوكينز بأن نهاية الحياة مرتبطة بتلف العقل، كالحاسب الآلي الذي يتوقف عن العمل عندما تفشل مكوناته، كذريعة لنفي يوم البعث.

 

فنقول له: هل يجعل العقل السليم قلب جسد ميت ينبض ورئته تتنفس؟ بالطبع لا، فهذا ميت زُرع في ميت ولا قيمة له من دون الروح التي خرجت منه، ولهذا فنحن نبحث عن جسد حي به الروح، به قلبٌ ينبض ورئة تتنفس. و حتى لو لم يعترف الملحد بالروح التي يبحث عن أثرها دون اعتراف بوجودها أو بفضل خالقها، فيكفي أن تجارب العلماء العاملين في مجال نقل الدماغ أو الرأس تعترف بذلك.

 

أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (المؤمنون:115)

 

 

تشبيه عقل الإنسان بالحاسب الآلي حجة ضد الإلحاد

 

إن الحاسب الآلي صنعه إنسان ذو عقل محدود للغاية ولم يأت صدفة، فهذا الإنسان صانع الكمبيوتر وهو الأكثر تعقيدًا لم يأت إلى الدنيا صدفة أيضًا، ولابد له من صانع، وإذا كان الحاسب الآلي عند الملحد لا يجد من يُعيده إلى الحياة فذلك لضعف قدرات صانعه، ولو تدبر في خلق نفسه وخلق الكون من حوله بما فيه من بديع الصُنع، لأيقن قوة خالقه ولأيقن بقدرته على إعادته من بعد فناءه.

 

قال تعالى:

 

 أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (إبراهيم:19)

 

تشبيه عقل الإنسان بالحاسب الآلي يؤكد البعث

 

إذا كان صانع الكمبيوتر يُعيد صناعة بلايين الأجهزة من الكمبيوتر بطُرق هي أيسر عليه من أول مرة صنع فيها الجهاز الأول بل ويصنع ما هو أفضل منه، ولله المثل الأعلى، فكيف بمن بدأ خلق الإنسان وخلق الكون كله بهذه القدرات الهائلة أن يعجز عن إعادة الإنسان أو الكون بذاته أو يخلق ما هو أفضل منه.

 

 قال تعالى:

 

وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الروم:27)

 

تشبيه عقل الإنسان بالحاسب الآلي يؤدي إلى إدراك الحقيقة

 

 

لو أحسن الملحد المقارنة بين الحاسب الآلي والإنسان، لأدرك أن الحاسب الآلي بمكوناته المادية لا قيمة له بدون طاقة، وبرنامج تشغيل يربطه بما حوله من مُدخلات علمية. وكذلك الإنسان لابد له من طاقة تحركه و تبعث فيه الحياة، و تجعله قادرًا على التعرف على ذاته وعلى ما حوله، و تجعله يختلف عن الحجر و الشجر و سائر الحيوان اختلافًا شاسعًا في الإدراك و القدرات، فإذا غابت عنه تلك الطاقة غاب الإدراك، و هذا ما نشاهده في الجنين في بطن أمه في الشهور الأولى من الحمل حيث يكون كتلة لحم لا إدراك فيها، و ما نشاهده في الإنسان بعد الموت حيث يصير كتلة لحم لا إدراك فيها، و ما بينهما نجده مفعم بالحياة و الإدراك، و العقل يُحتم أن الحي يزيد عن الميت بشيء ما يهبه الحياة و الإدراك، كما أن الحاسب الآلي الذي يعمل يزيد عن الذي لا يعمل بالطاقة المحركة، هذا الشيء أسماه الملحد الوعي، و أسماه الله الروح.

 

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (الإسراء:85)

 

 

دحض متناقضة القدرة المطلقة

 

 

يقولون: هل يَستطيع الخالق خلق صخرة كبيرة لا يستطيع حملها؟

 

يرد الله تعالى:

 

وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (القصص:68)

 

يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) (الحج)

وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ‎(الزمر:67)

 

فالسؤال الذي يكرره الملحدون عن إمكانية الخالق أن يخلق صخرة أعظم منه فاسد، فهو كمن يسأل عن امكانية رسم دائرة مثلثة الشكل. الخالق الإله الواحد الأحد جلَّ جلاله، لا يَفعل ما لا يليق بجلاله، وتعالى الله عن ذلك عُلوًا كبيرًا.

 

ولله المثل الأعلى: إن أي قسيس أو إنسان لديه منزلة دينية رفيعة لا يَخرج الى الشارع العام عاري الجسد، على الرَّغم مِن استطاعته فعل ذلك، لكنَّه لا يمكن أن يخرج للملأ بهذه الصورة. لأن هذا التصرف لا يليق بمكانته الدينية.

 

فرضية الأكوان المتعددة تستوجب وجود خالق

 

 

إن الفرضية التي يتداولها الملحدون بخصوص وجود أكوان أخرى كذريعة لنفي وجود خالق للكون هي حجة عليهم، فلو سلمنا جدلاً بذلك فلا بد لهذه الأكوان من خالق.

 

 أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) (يس)

مبدأ أوكام القائل بأولوية صحة أبسط التفسيرات، يتوافق مع الإيمان

 

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (الروم:30)

 

إنه يكفي لأن نقول بين الجماهير من أصحاب الديانات: الخالق إله واحد، لأجابوا بصوت واحد: نعم، نعم الخالق واحد. لكنهم قد يختلفون وقد يذبح بعضهم البعض على نقطة واحدة وهي: الصورة التي يتجسد بها الخالق. فمنهم من يقول: الخالق واحد، لكنه يتجسد في ثلاثة أقانيم أو له ولد، ومنهم من يقول: يأتي الخالق بصورة حيوان أو صنم، تعالى الخالق عن ذلك علوًا كبيرا.

 

فعلى سبيل المثال: لقد ذكر التقرير المرفوع إلى الحكومة البريطانية في الهند:

" أن النتيجة العامة التي انتهت إليها اللجنة من البحث هي أن كثرة الهنود الغالبة تعتقد عقيدة راسخة في كائن واحد أعلى".[1]

 

رهان باسكال واليقين بوجود الخالق

 

من ضمن النقاط التي يطرحها بعض الملحدين هي: إن كان عليهم الإيمان بإله واتباع دين وكتاب مقدس لهذا الدين، فأي إله وأي دين وأي كتاب عليهم أن يؤمنوا به.

 

إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ (22) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (النحل:23)

 

إن الإيمان بالخالق يجب أن يكون بيقين كامل وليس قائمًا على احتمالات، وهو الخالق للكون وما يحتويه، الواحد الأحد الذي ليس له شريك في ملكه وليس له ولد. ولا يتجسد في صورة صنم أو بشر أو حيوان. الخالق الذي يلجأ إليه جميع البشر في الضراء شاؤوا أم أبوا، بقصد أم بغير قصد.

 

وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ (البقرة:136)

 

يحث المروجون لنظرية رهان باسكال الشهيرة أتباعها على الإيمان بإله في جميع الأحوال.

 رهان باسكال ينص على:

 

  • إن آمنت بالله وكان الله موجودًا، فسيكون جزاؤك الخلود في الجنة، وهذا ربح لامحدود.
  • إن لم تؤمن بالله وكان الله موجودًا، فسيكون جزاؤك الخلود في جهنم، وهذه خسارة لامحدودة.
  • إن آمنت بالله وكان الله غير موجود، فلن تُجزى على ذلك، وهذه خسارة محدودة.
  • إن لم تؤمن بالله وكان الله غير موجود، فلن تُعاقب لكنك ستكون قد عشت حياتك، وهذا ربح محدود.

 

فيقول الملحد إن أردت تطبيق هذه النظرية، فأي إله يجب عليّ أن أعبد: المسيح إله النصارى، أم كريشنا إله الهندوس، أم يوذا إله البوذيين أم إله المسلمين؟

 

فنقول له: عليك أن تؤمن وتعبد من يلجأ إليه الجميع في الضراء، خالق بوذا وكريشنا والمسيح وجميع البشر، الذي خلقك ويتوفاك عند الممات. إن فاقد الشيء لا يعطيه، فهل يعقل أن يساوى بين الملك وعامة الشعب في الطلب؟

 

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (يونس:104)

 

والملحد مؤمن شاء أم أبى، ولكنه يُظهر الكفر ويبطن الإيمان ظلمًا وعلوا.

 

وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (النمل:14)

 

على سبيل المثال: عندما يدرك ركاب طائرة سقوطها الحتمي، فعلى اختلاف دياناتهم وطوائفهم يتوجهون إلى القوة التي في السماء لنجدتهم بما فيهم الملحدين، وفي هذه اللحظة يكونوا قد توحدوا على دين الاسلام، لكن عندما يتيقنوا من نجاتهم فإنهم يعودون إلى اتخاذ الوسطاء ليتفرقوا من جديد.

 

فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (العنكبوت:65)

 

ويؤكد القرآن على أن التصريح بعدم الإيمان بخالق للكون ما هو إلا عنادًا واستكبارا.

 

 إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (غافر:56)

 

فكما توجه الجميع نحو الخالق مباشرة في الضراء، فكان لا بد لهم التوجه إليه مباشرةً في السراء والضراء، وهذا هو الإله الذي يدعو دين الإسلام لعبادته، وللإيمان بخاتم رسله محمد عليه الصلاة والسلام، والإيمان بكتابه المقدس وهو القرآن الكريم.

 

قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة:136)

 

كما أن العديد من الأنبياء والرُّسل الذين أرسلهم الخالق للأمم المختلفة، ذُكرت أسمائهم في القرآن الكريم (مثل المسيح، موسى، إبراهيم، نوح، داود، سليمان، إسماعيل، إسحاق ويوسف، إلخ....)، هناك آخرون لم يُذكروا. فليس من المستبعد كون أصل بعض الرموز الدينية المقدسة في الديانات الوضعية أنبياء قد عبدتهم أقوامهم وقدستهم على مر الزمن من دون الله. كما فعل قوم نبي الله نوح عندما قدسوا وعبدوا الصالحين منهم.

 

"وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ..." (النساء :164)

 

يقول علي عزت بيجوفيتش:

 

"كتب أرسطو ثلاثة كتب علمية، في الطبيعيات، في السماوات، في الأرض، هذه الكتب الثلاثة لا توجد فيها اليوم جملة واحدة صحيحة علميًا، الكتب الثلاثة من منظور علمي تساوي صفرًا من عشرة، بينمـا القرآن وكما يقول موريس بوكـاي في كتابه الشهير "القرآن والإنجيل والتوراة بمنظور العلم الحديث" : "الحقيقة أني لم أجد آية واحدة من القرآن الكريم تخالف حقيقة علمية واحدة، بل لقد سبق القرآن العلم الحديث في مناح كثيرة، وصحح كثيرًا من النظريات العلمية التي كانت سائدة في عصره ، على سبيل المثال فكرة أن المياه الجوفية تكونت عن طريق هوة عميقة في قاع القارات نقلت المياه الجوفية من المحيطات إلى أعماق الأرض، هل صادق القرآن هذه الخرافة العلمية التي كانت سائدة في ذاك العصر؟

أم قال: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ... (الزمر: 21).

فمصدر الميـاه الجوفية هو الينابيع المتكونة من الأمطـار، وليس فجوة أرسطو التي في عمق القارة والتي كانت سائدة في ذلك الوقت".

=================================

[1] موسوعة قصة الحضارة، ول ديورانت، مجلد 3 ص 209.

  • السبت PM 03:22
    2022-06-04
  • 1831
Powered by: GateGold