المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409029
يتصفح الموقع حاليا : 298

البحث

البحث

عرض المادة

السلام الداخلي

بقلم: فاتن صبري
Www.fatensabri.com 
من كتاب: دين عالمي 

فاجأني ألماني مسن بإعجابه بالبوذية وكرهه الشديد للإسلام، متذرعًا بأن البوذية دين يدعو إلى تحقيق السلام الداخلي والإسلام يدعو إلى العنف.

قلت له:

بدايةً فإنه من أهم تعليمات جوتاما بوذا أنه لا سبب يأتي بدون مسبب[1].

وتوافق هذا مع ما جاء به العلم الحديث مؤخرًا، وهو أن الكون يتوسع إذًا له نقطة بداية ونهاية، ووراء نقطة البداية سبب عظيم كان وراء  نظرية الانفجار الكبير إن صحت النظرية[2].

لقد تكلم الإسلام  بوضوح عن حقيقة وجود خالق للكون، والذي خلق البشر لهدف معين. علمًا بأن القرآن الكريم ثابت لم ولن يتغير، والعلم المادي ظني وتجريبي ودائم التغير.

وبدأت نقاشًا بعدها مع السائل من خلال عمل مقارنة بين تعاليم البوذية وتعاليم القرآن الكريم كما يلي:

تحدث جوتاما بوذا عن أربعة حقائق فقط:

  • تحدث جوتاما بوذا عن حقيقة المعاناة (وجود اﻹنسان في الدنيا وما يترتب على وجوده من شيخوخة ومرض وألم وغيرها): Dukkah

يكشف القرآن عن سر هذه الحقيقة:

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (الملك :2).

  • تحدث جوتاما بوذا عن حقيقة أصل المعاناة ومنبتها (الشهوة والتعلق): Samudāy

يخبرنا القرآن عن سبب وأصل المعاناة وهو التكليف والاختبار:

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (البقرة:30).

إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (الكهف: 7).

اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (الزمر:62).

  • تحدث جوتاما بوذا عن حقيقة نهاية المعاناة (التخلي عن أسباب الشهوة): Niroda

وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ (النازعات).

يخبرنا القرآن عن مكافئة من اجتاز الاختبار:

وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ( الزمر :73).

  • تحدث جوتاما بوذا عن حقيقة الطريق لنهاية المعاناة (عن طريق ضبط النفس والتأمل): Magga

يخبرنا القرآن عن طريقة اجتياز الاختبار.

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذاريات:56).

وكان مما قال جوتاما بوذا أن المعاناة تأتي في أشكال عدة، منها الشيخوخة، المرض، والموت. وتذهب المعاناة أبعد من ذلك لأن الحياة ليست مثالية، ولا ترقى دائمًا إلى تطلعاتنا. فالإنسان معرض إلى الرغبات التي يصعب تحقيقها، ولكن حتى لو حققناها فهي لا تدوم، فاللذة لا تدوم، وإن دامت تصبح مملة.

من أهم تعليماته  أيضًا هي العمل الدؤوب للتخلص من الولادات المتكررة  (تناسخ اﻷرواح) والحصول على السلام الداخلي.

الولادات المتكررة بالنسبة لبوذا عذاب.  ولن يحصل على الخلاص إلا إذا اتحد مع الوجود حسب تعليماته. 

للبوذية ثمانية أركان هي:

  • الركن اﻷول في البوذية هو الإيمان بالحق: وهو الإيمان بأن الحقيقة هي الهادي للإنسان.

يخبرنا القرآن أن الخالق هو الحق:

الهداية لا تأتي إلا من الحق الذي أوجد الوجود.

ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ( الحج:62).

  • الركن الثاني في البوذية هو القرار الحق: بأن يكون المرء هادئًا دائمًا لا يفعل أذىً بأي مخلوق، إنسان أو حيوان أو طائر.

قال محمد صلى الله عليه وسلم:

دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش اﻷرض (صحيح البخاري).

قال الله تعالى:

مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (المائدة:32).

  • الركن الثالث في البوذية هو الكلام الحق: بالبعد عن الكذب والنميمة وعدم استخدام اللفظ المشين.

 قال النَّبي صلى الله عليه وسلم:

آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان ( صحيح البخاري).

ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء ( صحيح الترمذي).

 اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ (رواه الترمذي، حديث حسن).

  • الركن الرابع في البوذية هو السلوك الحق: بعدم السرقة أو القتل أوفعل شيء يأسف له المرء فيما بعد.

قال تعالى:

وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ( الإسراء:33 ).

يعد القرآن أرقى نموذج في السلوك اﻹنساني.

ضبط ألفاظنا:  ...وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا…(البقرة:83).

ضبط مشيتنا وصوتنا:

 وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (الإسراء:37).

 وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ... (لقمان:19).

ضبط نظراتنا : وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (طه:131).

ضبط سمعنا ومجالسنا، وأفكارنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (الحجرات:12).

ضبط طعامنا: ... وَكُلُو وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف:31).

ضبط نفوسنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (الحجرات11).

ضبط تصريحاتنا: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (الإسراء:36).

  • الركن الخامس في البوذية هو العمل الحق: البعد عن العمل السيء مثل التزييف وتناول السلع المسروقة وعدم أخذ المرء ما ليس له.

قال تعالى:

 إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا (النساء:58).

قال عز وجل:

أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ( الشعراء:181).

  • الركن السادس في البوذية هو الجهد الحق: بالسعي دائمًا إلى كل ما هو خير والابتعاد عما هو شر.

قال تعالى:

فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21) (سورة الليل).

  • الركن السابع في البوذية هو التأمل الحق: الهدوء دائمًا وعدم الاستسلام للفرح أو الحزن Meditation

 

قال تعالى:

لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23: الحديد).

  • الركن الثامن في البوذية هو التركيز الحق: هذا لا يكون إلا باتباع القواعد السابقة وبلوغ المرء مرحلة السلام الكامل "نيرفانا"وهي اتحاد المخلوق بمصدر الوجود.

ولكن هل الاتحاد مع الوجود منطقي أصلاً ويوفر السلام الداخلي ويخلص من العذاب. 

من أوجد الوجود أصلا؟  دون الحصول على إجابة لهذا السؤال فإننا لن نحصل على أي نوع من أنواع السلام الداخلي.  فالإنسان في هذه الحالة يصبح كالذي يدور في دائرة مغلقة. 

  • لا سلام داخلي إلا بمعرفة مصدر الوجود، والتواصل معه مباشرة (ليس من خلال قسيس ولا قديس). 
  • لا سلام داخلي إلا بمعرفة وجهتنا القادمة بعد الموت، ولن نحصل على الإجابة عما بعد الموت إلا ممن وهب الحياة. 
  • لا سلام داخلي إلا بمعرفة الهدف من وجودنا. 

 

رحلة الحياة هي كرحلة القطار،  راكب القطار لن يستمتع برحلته إلا بمعرفة وجهته، و النقطة التي انطلق منها القطار. 

معرفة نقطة البداية والنهاية هو هدف عظيم وسامي يجب أن يسعى كل إنسان لتحقيقه. 

إن الهدف الأساسي للحياة هو ليس التمتع بإحساس عابر بالسعادة؛ بل هو تحقيق سلام داخلي عميق من خلال معرفة الله وعبادته.

تحقيق الهدف الإلهي سيُؤدي إلى النعيم الأبدي والسعادة الحقيقية. لذا، إذا كان هذا هو هدفنا الأساسي، فإن مواجهة أي مشاكل أو متاعب سوف تهون في سبيل بلوغ هذه الغاية.

سأل السائل:

كيف يحصل المسلم على الخلاص واﻷمان بعد الموت ويحقق السلام الداخلي؟

قلت له:

يحصل المسلم على السلام الداخلي بمعرفة مصدر وجوده وغاية وجوده ومصيره بعد الموت، وعن طريق تواصله المباشر بمصدر وجوده، وبالعمل الصالح والأخذ بالأسباب يصل على الخلاص والأمان بعد الموت.

ولن يتحقق هذا المعنى الجميل إلا إذا كان الخالق مستقل عن مخلوقاته وليس متحدًا معها، وبوجود يوم للحساب والعقاب والجزاء. يقول المستشرق المعروف فولتير: "عقيدة اليوم الآخر وحدها كفيلة لإيجاد إطار أخلاقي في المجتمع، ولو أن هذه العقيدة زالت فلن تجد دافع للعمل الطيب، وسيترتب على ذلك انهيار النظام الاجتماعي”[3].

يطلب الله من رسوله محمد تبليغ البشر وسيلة الخلاص :

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف:110).

وأخبرنا عن وجهة الوصول:

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي(الفجر:24).

قال السائل:

ما هو تفسير الإسلام لمعاناة البشر؟

قلت له:

كلما قابلت الشر عليك ان تسأل نفسك السؤال الوجودي اﻷساسي:

لماذا نحن هنا؟

الله خلقنا ليختبرنا ويبتلينا.

وأعطانا حرية الاختيار بين الخير والشر.

وما نقابله في الحياة من شر وأزمات وظلم وبلاء ومرض وفقر هو طريق من اثنين:

إما طريق إلى زيادة القرب من الله.

وإما طريق إلى الكفر والالحاد.

وأنت عليك أن تختار.

فتميز اﻹنسان عن غيره يكمن في درجة لجوءه إلى الخالق عند تعرضه للأزمات.

قال: هل هناك عدل مطلق؟

قلت له: نعم في الآخرة وليس في هذه الدنيا، وأعمال الخالق كلها عدل وحكمة وفضل، أما المخلوق فيحصل منه الظلم.

فهذه الدنيا ليست جنة، فكيف للجنة أن يستحقها المجرم والشرير، وكما نرى في حياتنا فأغلب الناس مجرمين؟

فلن يكافأ الخالق المجرم على إجرامه. فلقد قدر الخالق الجنة لمن يستحقها. فبالتي لن يستحقها الجميع، ولا يحق للبشر الاعتراض على أي شر أو مرض أو مشكلة تصيبه.

فيجب على الإنسان أن يسأل نفسه قبل الاعتراض على أي شر إن كان أراد هذه الدنيا جنة فماذا فعل لكي يستحق الجنة.

الجنة سوف يفوز بها لاحقًا من يستحقها، فالأمر ما هو سوى عملية فرز لمراتب ومنازل الناس. ولم يستثني الخالق من الإبتلاء أحد حتى الأنبياء، فالجميع في اختبار عام، وهذا هو سر وجود اﻷمراض والزلازل والبراكين، وغيرها من المشاكل.

لكنه سبحانه وتعالى برحمته قد جعل الصحة هي القاعدة والمرض هو الاستثناء، وبرحمته أيضًا قد جعل الطقس المعتدل إن كان حار أو بارد هو القاعدة وجعل الزوابع والأعاصير هي الاستثناء، الخ[4].

فهذه الدنيا نقطة صغيرة من رحلة حياتنا الطويلة الحقيقية. قد نرى جزء من العدل في هذه الدنيا، لكن العدل المطلق في الآخرة فقط.

==================================

[1]https://www.sokaglobal.org/resources/study-materials/buddhist-concepts/the-simultaneity-of-cause-and-effect.html#:~:text=Buddhism%20teaches%20that%20the 

[2]              https://aawsat.com/home/article/3323701/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85-%D9%8A%D8%A8%D8%B1%D9%87%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89 

[3] Windeland, history of philosophy. Page 496    

[4]https://fb.watch/ba2zErGFFG/

  • السبت PM 02:47
    2022-06-04
  • 1162
Powered by: GateGold