المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412480
يتصفح الموقع حاليا : 392

البحث

البحث

عرض المادة

لماذا كان الحل الإسلامي لمشاكلنا هو الأفضل والأمثل والأنجع؟

الشعور عام بأن الأمة الإسلامية تعاني في العصر الأخير من علل معقدة ومعضلات اجتماعية كثيرة!

 

كانت حكومة الخلافة العثمانية تسمَّى "الرجل المريض" ثم ذهب الرجل المريض، واقتسمت تركته حكومات أخرى! هل شفى الحكم العليل وصحت الشعوب المريضة، وأصبح الشرق الإسلامي موارا بحركات الإصلاخ وثبات النهوض..؟

 

لا أظن أن الحاضر ليس خيراً من الماضي، فالمسلمون جميعاً والعرب خاصة يترنحون أمام ضربات "إسرائيل" التي أقامت سطوتها على أنقاضهم المادية والأدبية.

ولا يزعم عاقل أن هذه الحالة تدل على عافية وسلامة أوضاع..!

 

إن الرجل المريض عاد مرة أخرى في أشخاص رجال يحكمون أممهم كرهاً! ويعالجون عللها بجهل! ويسكتون الناصحين بكبر! ويفلسفون الهزائم المخزية حتى يبقوا في الحكم إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً..!!

 

نظرت يوماً في برنامج رجل يدعى الإصلاح، كان شيوعياً يستر نفسه بعناوين مزورة، فقلت: تجربة فاشلة! وسألني سائل: لماذا؟ فقلت: هل يمكن أن يزرع الشاي في الشرق الأوسط؟ لا، لا التربة تقبل البذر، ولا الجو يعين على النمو، إنه جهد ضائع! قال: إن الجيش معه، والصحافة معه، و... قلت: لو كان كل شيء معه فالتجربة فاشلة.

 

قد يملك الأجسام ولكنه لن يملك القلوب! قد تحفه طوائف من المرتزقة، وهواة الكسب الحرام، ولكنه عند الجد سيفقد كل شيء..!!

 

إن هذه الأمة الإسلامية لا تصلح إلا بدينها وحده، بعد استكمال العناصر الناقصة منه – وهي خطيرة – وبعد استبعاد الخرافات الملصقة به – وهي كذلك –!

إن أمتنا بطبيعتها سوف تستعصي على كل حل غير إسلامي، وسوف تبذل المحاولات الدامية لإكراها على تجرع أدوية لا تريدها، وسوف تتبدد الطاقة – طاقة الشعب والدولة معاً – بين الأخذ والرد!

 

وفي غضون هذا التناقض الداخلي يكسب الاستعمار العالمي معاركه، ويفرض نفسه..!

 

وهنا حقيقتان تحتاجان إلى الشرح: الأولى أن الإسلام صدى الفطرة الإنسانية، وخلاصة ما قال النبيون كلهم لكبح جماح البشر وهداية العالم إلى ربه الواحد.

 

إن الإسلام لم يجيء لهدم موسى أو عيسى، بل جاء لإحياء ما قالوه وضاع في غمار الماضي {مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍۢ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍۢ } [فصلت: 43]. فإذا كان الإسلام رسالة لإصلاح العالم بوحي الله، فكيف يعجز عن إصلاح الأمة التي حملته وبلغته؟

 

والحقيقة الثانية أن العرب ما دخلوا التاريخ إلا بهذا الدين، وما عرفت لهم حضارة، وتمت لهم قيادة، وتحققت لهم سيادة إلا تحت راية الإسلام، فكيف تكلف أمة بنسيان شخصيتها وحضارتها وتاريخها؟ إن هذا تكليف لها بالانتحار! وتلك هي المهمة القذرة التي ينفذها بعض الساسة المرتدين..

 

إن العرب عاشو بلا دين أيام آبائهم عاد وثمود ومدين، فبماذا جوزوا؟ رجفت بهم الأرض ورجمتهم السماء حتى بادوا وتطهرت منهم الدنيا...

 

ثم اختار الله محمداً وقومه لإقامة حكم صالح مصلح.. أساسه القرآن العربي، ومنهج محمد الهادي الملهم، وقال الله سبحانه للإنسان الذي ناط به إصلاح الأرض: {وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَٰهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم بَعْدَمَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّۢ وَلَا وَاقٍۢ } [الرعد: 37]. فكيف يكلف أحد أتباع محمد بترك ما لديهم من علم، وأتباع الأهواء الراشحة من شرق أو غرب تحمل الشر والشرر؟..

 

إن العرب لا يصلحون إلا بالإسلام وحده! هو الذي أذهب جاهليتهم وأخرجهم من الظلمات إلى النور، والمرء قد يعرض له ذهول فيكبو، ثم يفيق فيبصر الطريق كما قال تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَٰٓئِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَٰنِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] وكذلك العرب قد يفقدون رشدهم حيناً ويفسدهم الترف والبطر، ثم تصحو ضمائرهم فيتوبون، أو تظل قلوبهم قاسية حتى تنهال عليهم سياط الغزو الخارجي، وتجوس الأعداء خلال ديارهم، وعندئذ يكويهم الندم ويسارعون بالعودة إلى الله فيقبلهم ويرد لهم الكرة على أعدائهم..

 

واليوم نريد أن ننفض تراب الهزيمة عنا وأن نستأنف مسيرتنا كما كنا... أعنى كما كان سلفنا الأوائل الكبار..

لابد لذلك من عناصر معينة لا يصنعها إلا الإسلام.

 

نريد العاملين الذين يرقبون الله في الخلوات، فلا يكسلون عن واجب، ولا يخونون في أمانة، ولا تمتد أيديهم إلى رشوة، ولا يبحثون عما لهم ويتجاهلون ما عليهم..

 

نريد أساتذة وطلاباً يسعدون بالمعرفة، ويلتذون بالبحث ويحترمون الكتاب، ويرون الدراسة عبادة، والسهر في التحصيل تهجداً، ونفع الأمة بأي نوع من العلوم قربة إلى الله..

 

نريد زراعاً وصناعاً وتجاراً ينمون اقتصاد أمتهم كما ينمون ثرواتهم، ويدركون أن غنى الأمة يجعلها قادرة  على صون شرفها وجفظ حقوقها، وأن الجهاد المالي صنو الجهاد النفسي، أن الأمم التي تتسول الإعانات من الدول الكبرى لن تعلو لها رسالة ما دامت يدها السفلى..

 

نريد ناساً يحافظون على المال العام. ويشعرون بحق الله فيه، وأن الأخذ منه دون وجه حق غلول: {وَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍۢ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران:161].

 

نريد حكاماً لا يعبدون أنفسهم! يبرءون من جنون العظمة وشهوة السلطة، ويعرفون أن كل رئيس يجيء يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، فكه عدله أو أوبقه جوره كما جاء في الحديث الشريف.

 

إن حكام المسلمين من زمان قريب آذوا الله ورسوله، واستهلكوا شعوبهم حتى فنيت أو كادت خصال الإباء والأنفة، لطول إذلالهم لمن أعز الله وأعزازهم لمن أذل الله!!

 

إن الإسلام وحده هو صانع هذه العناصر التي لا تتم لنا حياة إلا بها، والأمر كما قال الله: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11].

 

ربما استطاعت أمم أخرى أن تعيش قصيراً أو طويلاً وفق فلسفات مادية أو خلقية لا صلة لها بالسماء! لكن أمتنا تحول مزاجها وكيانها إلى جهاز فريد لا يدور فيه إلا مفتاح واحد هو الإسلام، وستذهب جميع المحاولات الأخرى سدى، لا محالة.

 

ثم مَنْ أهل الملل والنحل ترك دينه؟ لقد أقبل اليهود في موكب تظله صحائف التوارة والتملود، وبتقدمه صخب من مزامير آل داود، ورأي الناس بين القطبين الشمالي والجنوبي هذ الولاء الديني العاصف فما أنكروا له صيحة، مع أنها صيحات جزارين، وديست مدننا وقراناً فما رثى لنا أحد!!

 

فهل كل ولاء مقبول إلا الولاء للإسلام؟ وهل كل حل حسن إلا الحل الإسلامي؟

 

لقد آن الأوان ليختفى إلى الأبد أولئك الساسة العرب الذين يكرهون الإسلام، ويطلبون من أمته أن تدبر ظهرها لكتاب الله وسنة رسوله، الواقع أنهم ثرثروا أكثر مما يطاق، وطال بقاؤهم أكثر مما ينبغي..

 

على أن الحل الإسلامي المنشود يخشى عليه من التزوير في أيام اعتقلت فيه الحقائق، وتجرأ المفتون الكذبة على التزوير، وتصوير الإسلام ديناً لا يحترم الشورى مثلاً، أو لا يعترض استغلال النفوذ، أولا يكترث لهضم الجماهير...

 

إن الحل الإسلامي، لا يحتاج إلى عبقرية في تصوره وتصويره، لأنه سهل المأخذ من مصادر الإسلام المعصومة، والواقع أن العوائق دون تحكيم الإسلام خلقية لا علمية، وأن الحل الإسلامي يعرفه أهل الذكر، ولكن إبعادهم مقصود مرسوم...

 

إن "المراكسة" في الصين وروسيا، شكوا من تحكم الفرد، ومع أن نظمهم بطبيعتها استبدادية، فقد قرروا أن تدور شئونهم في وسط جماعي, يتم فيه تبادل الأراء والبحث عن الصواب.. وأسرة الدول الأوربية تأبى أن ينتسب إليها إلا الحكام "الديمقراطيون".

 

ليس هناك إلا العالم العربي والإسلامي الذي يعيش وحده في ضباب من الدعاوي والترهات، إنه وحده دون أقطار الأرض كلها هو الذي يقول فيه حاكم: أنا صانع القرار... وهو وحده الذي يسمع فيه أن الحاكم لا يُسأل عما يفعل!!

 

إن الإسلام غريب في هذا الجو الأسن الكربه، والحل الإسلامي لا يؤخذ من أفواه الجهال والكذبة.

 

  • الاربعاء PM 06:28
    2022-03-23
  • 885
Powered by: GateGold