المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413973
يتصفح الموقع حاليا : 308

البحث

البحث

عرض المادة

اللوبي اليهودي والصهيوني: الاتحـاد السوفيتي

اللوبي اليهودي والصهيوني: الاتحـاد السوفيتي
Jewish and Zionist Lobby: The Soviet Union
تُثار قضية اللوبي اليهودي والصهيوني (بالمعنى العام) في الاتحاد السـوفيتي إذ يذهــب البعض أن "اليهود" سـيطروا على الاتحاد السوفيتي، فالثورة البلشفية حسب تصوُّرهم هي "الثورة اليهودية" والشيوعية العالمية والصهيونية العالمية حليفان.


وكما هو الحال دائماً مع النماذج الاختزالية ثمة عناصر في الواقع يمكنها تأييد مثل هذا المفهوم. فمن المعروف أن أعضاء الجماعة اليهودية في الاتحاد السوفيتي كانوا من أكثر الجماعات وجوداً في مؤسسات الحزب الشيوعي بالقياس إلى نسبتهم القومية ومهندس الجيش الأحمر هو تروتسكي "اليهودي". كما يمكن أن نشير إلى وجود أعداد كثيرة من اليهود في الإعلام السوفيتي وفي بعض المؤسسات المهمة مثل اتحاد الكتاب وفي الجامعات والمؤسسات البحثية. ولكن هذا الوضع يعادله عدة عناصر من أهمها:

1 ـ أن النسبة العددية لأعضاء الجماعة اليهودية في الاتحاد السوفيتي كانت صغيرة جداً وآخذة في التناقص.

2 ـ لم يشكل أعضاء الجماعة كتلة متماسكة لها مصالح واحدة. فيهود جورجيا لا تربطهم رابطة كبيرة بيهود أوكرانيا، بل إن ثمة نقاط اختلاف دينية وحضارية عميقة بينهم.

3 ـ كان يهود الاتحاد السوفيتي يتمتعون بدرجة عالية من الاندماج يجد تَجلِّىه في الزواج المُختلَط وفي اختفاء اللغة والثقافة اليديشية.

4 ـ اتجه اليهود السوفييت (من خلال عناصر داخلية سوفيتية مثل تركُّزهم في قطاعات اقتصادية مشبوهة، وخارجية مثل تدخل الحركة الصهيونية) إلى الخروج من الاتحاد السوفيتي وليس البقاء داخله. وقد أدَّى هذا إلى ضعف نفوذهم كجماعة ضغط داخل النظام السوفيتي.

5 ـ من الأمور التي كانت تعوق اليهود السوفييت عن التأثير في القرار السياسي السوفيتي، من داخل النظام أو من خارجه، أن ثمة رفضاً عميقاً لليهودي داخل التشكيل الحضاري الروسي باعتبار أن اليهودي هو الغريب، وهو رفض يدعمه تركُّز نسبة كبيرة من أعضاء الجماعة في وظائف هامشية وفي السوق السوداء.

6 ـ من العناصر بالغة الأهمية أنه ليس كل اليهود السوفييت مؤيدين لإسرائيل، فهناك اليهود المتدينون الذين لا ينظرون إلى الدولة الصهـيونية بعين الرضا. كما أن هناك إحسـاساً، بين يهود شرق أوربا، بأنهم يُشكِّلون أقلية قومية شرق أوربية يديشية، وهي التقاليد التي صاغها دبنوف وحزب البوند.

7 ـ وفي نهاية الأمر كانت هناك السياسات السوفيتية الرامية إلى تفكيك اليهود (وكل الجماعات الدينية والإثنية) كجزء من النزوع الأممي وتركيز السلطة في يد السوفييت وحكومتهم المركزية وطليعتهم الحزبية!

ودراسة موقف الاتحاد السوفيتي من الجماعات اليهودية والدولة الصهيونية تبين أن المصالح الإستراتيجية للدولة السوفيتية كانت دائماً العنصر الأساسي في تحديد موقفها (انظر: «البلاشفة والجماعات اليهودية» ـ «البلاشفة والصهيونية»)

ويمكن دراسة قضية حيوية مثل الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفيتي (سابقاً) في السبعينيات باعتبارها مثلاً مصغراً لتوجهات السياسة السوفيتية، وهل تتحدد هذه السياسة نتيجة ضغط يهودي صهيوني أم نابعة من المصالح السوفيتية؟ ومن المعروف أن قضية اليهود السوفييت "وحقهم" في الهجرة لم تُثر في بداية السبعينيات بضغط من الإعلام أو اللوبي الصهيوني وإنما تم بضغط من الولايات المتحدة (بمساعدة أعضاء الجماعة اليهودية فيها). وقد سمح السوفييت في نهاية الأمر بهجرة أعداد كبيرة من اليهود بسبب ضغوط بنيوية داخلية: التخلص من عناصر متمردة ساخطة وعناصر تجارية إن لجأ للعنف في ضربها أثار الرأي العام الغربي عليه. كما أن الضغوط الغربية لعبت دوراً حاسماً إذ ربط الغرب بين التسهيلات التجارية والائتمانية الممنوحة للاتحاد السوفيتي من جهة والموقف السوفيتي من الهجرة اليهودية من جهة أخرى. ولكن مع تراجع هذه السياسات توقفت الهجرة لتفتح أبوابها مرة أخرى في أواخر الثمانينيات مع الانفتاح السوفيتي على الغرب ومع رغبته العارمة في الحصول على مساعدات مالية وتكنولوجيا متقدمة، فالقرار قرار سوفيتي اتُخذ استجابة لحاجات سوفيتية داخلية ومطالب غربية، ولا يشكل اليهود في هذه الصفقة سوى المادة التي سيتم نقلها. ومما لا شك فيه أن الإعلام الذي تنشط فيه العناصر اليهودية أو الصهيونية سواء في الاتحاد السوفيتي أو الولايات المتحدة لعب دوراً ملحوظاً، ولكن لا يمكن تفسير سلوك الاتحاد السوفيتي وسماحه بهجرة اليهود السوفييت في السبعينيات ثم وقفه الهجرة في منتصف الثمانينيات ثم فتحه باب الهجرة مرة أخرى في أواخر الثمانينيات إلا في إطار مصالح الاتحاد السوفيتي المتشابكة والضغوط الأمريكية عليه.

ومع هذا، يُلاحَظ أن أعضاء الجماعة بدأوا يتمتعون بحرية أكبر في الحركة والتعبير عن آرائهم. ولكن هذا لا يعود إلى قوتهم الذاتية وإنما إلى تغيُّر مبدئي وبنيوي في سياسة الدولة السوفيتية جعلها تجد أن من صالحها السـماح لليهـود بالهجرة والسـماح للحركة الصهيونية بالتحرك. وبطبيعة الحال، فإنه مع تزايد هجرة اليهود من روسيا وأوكرانيا، ومع انحلال الاتحاد السوفيتي وانقسامه إلى عدة دول ذات سياسات مختلفة، فمن المتوقع أن تزداد قدرة الجماعات اليهودية على الضغط.

  • الاحد PM 11:32
    2021-05-09
  • 1044
Powered by: GateGold