المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412566
يتصفح الموقع حاليا : 316

البحث

البحث

عرض المادة

الطعن في أحاديث فضل العجوة والتداوي بها

الطعن في أحاديث فضل العجوة والتداوي بها(*)

مضمون الشبهة:

يطعن بعض المغرضين في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يبين فضل العجوة والتداوي بها، وقد جاء فيه:«من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل»، وفي رواية: «سبع تمرات»، ويستدلون على ذلك بأن هذا الحديث تبطله الحوادث الزمنية والمشاهدة التجريبية، وهو يخالف ما جاء به العلم.

ويتساءلون: هل من المعقول أن يرتفع الضرر الواقع على شخص من السم بالتصبح بسبع تمرات؟! قائلين: إنه لا يصح أن ينسب هذا الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يأتي بشيء يخالف العلم والواقع المشاهد مخالفة صريحة. رامين من وراء ذلك إلى إنكار هذا الحديث والأحاديث التي جاءت بنفس المعنى في هذا الشأن، تمهيدا لإنكار السنة جميعها.

وجها إبطال الشبهة:

1) لقد أجمع علماء الحديث على صحة حديث: «من اصطبح كل يوم تمرات عجوة...» سندا ومتنا، فقد رواه البخاري في صحيحه، مع وجود شواهد أخرى له في كتب الحديث الصحاح، وأن المقصود بـ "التمر" في الحديث هو تمر المدينة؛ وذلك لبركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا التمر، فأصبحت له ميزة عن غيره، وهو وقايته من السم والسحر.

2) لقد اتفق علماء الطب قديما وحديثا على أن تناول سبع تمرات كل يوم يقي الإنسان من السم، ومن أمراض كثيرة، قد تلحق بجسم الإنسان، وكذلك أثبت العلم الحديث بما لديه من مخترعات: أن للتمر القدرة على الوقاية من السحر والحسد، بطريقة علمية صحيحة، مع وجود فوائد غذائية كبيرة في تناوله.

التفصيل:

أولا. حديث «من اصطبح كل يوم تمرات عجوة...» حديث صحيح، أجمع علماء الحديث على صحته سندا ومتنا:

إن العجوة لها فضل عظيم في الوقاية والتداوي من أمراض كثيرة قد تصيب جسم الإنسان، كما أخبر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- في أكثر من حديث، فعن عامر بن سعد عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل». وقال غيره: «سبع تمرات»([1]).

وعن عامر بن سعيد قال: سمعت سعدا -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من تصبح سبع تمرات عجوة؛ لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر»([2]).

وورد أيضا عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أكل سبع تمرات، مما بين لابتيها، حين يصبح، لم يضره سم حتى يمسي»([3]).

وفي رواية أخرى، عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن في عجوة العالية شفاء، أو إنها ترياق، أول البكرة»([4]).

وفي رواية أخرى عنها - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في عجوة العالية، أول البكرة، على ريق النفس شفاء من كل سحر أو سم»([5]).

وجاء في سنن الترمذي: «العجوة من الجنة، وفيها شفاء من السم...»([6]).

وفي صحيح مسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بيت لا تمر فيه؛ جياع أهله»([7]).

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء»([8]).

وجميع الأحاديث في هذا الشأن - مما ذكرناه - صحيحة لا غبار عليها، لا سيما ما ورد في صحيح البخاري: «من اصطبح كل يوم تمرات عجوة...»، وجاء في صحيح مسلم روايات بنفس معنى هذا الحديث، إلا أن هذا اللفظ للبخاري، فهو حديث صحيح، بل في أعلى درجات الصحة.

وقد اتفق شراح الحديث والفقهاء قديما على أن للعجوة منافع جمة في الوقاية من السم والسحر، وأيضا التداوي منها؛ ولكنهم اختلفوا في المراد من هذا الحديث السابق، هل المقصود تمر المدينة وحدها - لا سيما تمر العالية منها - كما في بعض الروايات؟ وهل يكون العلاج في النهار لا في الليل؟ وهل المقصود العجوة لا غيرها من أنواع التمر؟ وهل العلاج مقيد بالزمان والمكان أم هو مطلق؟ وهل الحديث الشريف خاص لأهل المدينة أم هو بركة دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأهل المدينة في زمنه؟

جاء في "فتح الباري": قال الخطابي: كون العجوة تنفع من السم والسحر؛ إنما هو ببركة دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لتمر المدينة لا لخاصية في التمر، وقال ابن التين: يحتمل أن يكون المراد نخلا خاصا بالمدينة لا يعرف الآن.

وقال بعض شراح "المصابيح" نحوه، وإن ذلك لخاصية فيه، قال: ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بزمانه -صلى الله عليه وسلم- وهذا يبعده وصف عائشة لذلك بعده صلى الله عليه وسلم.

وقال بعض شراح "المشارق": أما تخصيص تمر المدينة بذلك فواضح من ألفاظ المتن، وأما تخصيص زمانه فبعيد.

وقال عياض: تخصيصه ذلك بعجوة العالية، وبما بين لابتيها يرفع هذا الإشكال، ويكون خصوصا لها، كما وجد الشفاء لبعض الأدواء في الأدوية التي تكون في بعض البلاد دون ذلك الجنس في غيره، لتأثير يكون في ذلك من الأرض أو الهواء.

ونقل ابن حجر عن القرطبي قوله: ظاهر الحديث خصوصية عجوة المدينة بدفع السم وإبطال السحر، والمطلق منها محمول على المقيد، وهو من باب الخواص التي لا تدرك بقياس ظني.

ثم قال ابن حجر: والأولى أن ذلك خاص بعجوة المدينة. ثم هل هو خاص بزمان نطقه أو في كل زمان؟ هذا محتمل، ويرفع هذا الاحتمال التجربة المتكررة، فمن جرب ذلك فصح معه؛ عرف أنه مستمر، وإلا فهو مخصوص بذلك الزمان.

وقال ابن القيم: عجوة المدينة من أنفع تمر الحجاز، وهو صنف كريم ملذذ متين الجسم والقوة، وهو من ألين التمر وألذه، قال: والتمر في الأصل من أكثر الثمار تغذية لما فيه من القوة الترياقية؛ فإذا أديم أكله على الريق جفف مادة الدود وأضعفه أو قتله([9]).

وقال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: «أول البكرة» بنصب أول على الظرف، وهو بمعنى الرواية الأخرى: «من تصبح»، «فالعالية»: ما كان من الحوائط والقرى والعمارات من جهة المدينة العليا مما يلي نجد، أو السافلة من الجهة الأخرى مما يلي تهامة، قال القرطبي: وأدنى العالية ثلاثة أميال، وأبعدها ثمانية من المدينة، والعجوة: نوع جيد من التمر، وفي هذه الأحاديث فضيلة تمر المدينة وعجوتها، وفضيلة التصبح بسبع تمرات منه، وتخصيص عجوة المدينة دون غيرها" ([10]).

وجاء في "فيض القدير": "في عجوة العالية شفاء من كل سحر أو سم لخاصية فيه أو لدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له أو لغير ذلك، وهل تناوله أول الليل كتناوله أول النهار، حتى يندفع ضرر السحر والسم إلى الصباح؛ احتمالات وظاهر الإطلاق المواظبة على ذلك"([11]).

وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: الصواب أنه علاج مستمر إلى يوم القيامة؛ لإطلاق الحديث الشريف حديث سعد المذكور، والصواب - أيضا - أن ذلك ليس خاصا للعجوة، بل يعم تمر المدينة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- في رواية مسلم: «ما بين لابتيها» ([12]).

وجاء في الفتح: "ومن أئمتنا من تكلف لذلك فقال: إن السموم إنما تقتل لفرط برودتها، فإذا داوم على التصبح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة، وأعانتها الحرارة الغريزية فقاوم ذلك برودة السم ما لم يستحكم.

قال: وهذا يلزم منه رفع خصوصية عجوة المدينة، بل خصوصية العجوة مطلقا، بل خصوصية التمر، فإن من الأدوية الحارة ما هو أولى بذلك من التمر، والأولى أن ذلك خاص بتمر المدينة" ([13]).

هذا خلاصة ما ذكر في هذا الحديث من آراء وشروح لدى فقهاء الأمة قديما، ولا يصح على الإطلاق المبادرة إلى تكذيبه ورفضه؛ لأنه قد صح سنده من غير طريق عن أئمة الحديث، ورواته ثقات عدول، لا مجال لتكذيبهم، والراجح أن ذلك خاص بتمر المدينة المنورة، لتواتر آراء الفقهاء بذلك.

ثانيا. تأكيد العلم التجريبي قديما وحديثا على قدرة التمر عموما والعجوة خصوصا على دفع السم والسحر، بالإضافة إلى الفوائد الغذائية الكثيرة:

لقد أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ما للعجوة من منافع صحية ونفسية هائلة، ولذلك فقد أكد على فضل العجوة في أكثر من حديث، وجاء علماء الأمة من بعده -صلى الله عليه وسلم- قديما وحديثا يؤكدون منافع العجوة وما لها من قدرة عظيمة على الوقاية من السم والسحر.

  • علماءالطبقديما:

لقد كان علماء الطب قديما على يقين بفضل العجوة أو التمر عموما، وما لها من فوائد عظيمة، تلحق بالإنسان، فهي تقي الإنسان من أمراض كثيرة، لا سيما السم والسحر، اللذان نص عليهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه السابق وغيره.

فها هو ابن القيم - يصف منافع التمر - لا سيما العجوة - الطبية، بحسب ما أتيح له ولعلماء عصره من علم وتجارب في هذه المسألة، فقال: "هو مقو للكبد، ملين للطبع، يزيد في الباه([14])، ولا سيما مع حب الصنوبر، ويبرئ من خشونة الحلق، ومن لم يعتده كأهل البلاد الباردة، فإنه يورث لهم السدد، ويؤذي الأسنان، ويهيج الصداع، ودفع ضرره باللوز والخشخاش، وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن بما فيه من الجوهر الحار الرطب، وأكله على الريق يقتل الدود، فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية، فإذا أديم استعماله على الريق خفف مادة الدود وأضعفه وقلله، أو قتله، وهو فاكهة، وغذاء، ودواء، وشراب، وحلوى"([15]).

وقال ابن القيم - أيضا - معقبا على حديث: «من تصبح بسبع تمرات...»، وحديث: «العجوة من الجنة...»([16])، قال: "إن هذا في عجوة المدينة، وهي أحد أصناف التمر بها، ومن أنفع تمر الحجاز على الإطلاق، وهي صنف كريم، ملذذ، متين للجسم والقوة، ومن ألين التمر وأطيبه وألذه.. "([17]).

  • علماءالطبحديثا:

بما أتيح لهم من وسائل ونظريات علمية حديثة، أثبتوا صحة ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف، بأن في التصبح بسبع تمرات كل يوم الوقاية من السم والسحر وغيرهما من الأمراض الكثيرة التي اكتشفها الطب الحديث، فقد أثبت الطب الحديث الكثير من الفوائد للتمر والرطب، منها ما يأتي:

  1. يقوي الرحم خاصة عند الولادة، حيث ثبت من البحوث الحديثة أن له تأثيرا منبها لحركة الرحم وزيادة فترة انقباضه، وقد أشار الله على السيدة مريم - عليها السلام - بأن تأكل البلح فيغذيها من جهة، ويزيد من انقباض الرحم بانتظام من جهة أخرى، فتضع وليدها بسهولة.
  2. البلح مفيد في تقوية العضلات المعوية، ويساعد في حالات الإمساك؛ لما يحتويه من الألياف التي تعمل على تنبيه حركة الأمعاء.
  3. للتمر تأثير مهدئ للأعصاب، وذلك بتأثيره على الغدة الدرقية، ولذلك ينصح الأطباء بإعطاء الأطفال والكبار من العصبيين ثمرات من التمر في الصباح من أجل حالة نفسية أفضل.
  4. التمر مصدر طيب طبيعي لفيتامين (أ)، لذلك فهو يحفظ رطوبة العين وبريقها، ويقوي البصر والرؤية، ويهدئ الأعصاب، وهذا الفيتامين له - أيضا - فعالية في علاج بعض الأمراض الجلدية لاسيما التي تسبب أرقا لكثير من الناس مثل: حب الشباب والصدفية، والقشر الدهني، والأكزيما.. وغيرها.
  5. في إفطار النبي -صلى الله عليه وسلم- على الرطب، فإن لم يكن فعلى التمر، فإن لم يكن فعلى الماء - إرشاد للأمة إلى هذه الفائدة العظيمة في هذه الثلاث، فإن الصوم يخلي المعدة من الغذاء، فلا تجد المعدة فيها ما تجذبه وترسله إلى الأعضاء، ولما كان الشيء الحلو أسرع وصولا إلى الكبد وأحب إلى المعدة، ولا سيما إن كان رطبا فيشتد قبوله لها، فتنتفع وتسارع بحرقه، وإرسال الطاقة الناتجة عنه إلى الأعضاء والمخ، فالثابت طبيا أن السكر والماء أول ما يحتاج إليهما جسم الصائم بعد فترة الصوم؛ لأن نقص السكر في الجسم يسبب ضيق الخلق واضطراب الأعصاب، ونقص الماء في الجسم يسبب قلة مقاومته وضعفه، وذلك بعكس الصائم الذي يملأ معدته مباشرة بالطعام والشراب عند الإفطار، فإنه يحتاج إلى ثلاث ساعات أو أكثر حتى تمتص أمعاؤه السكر، ومع هذا تتبقى عنده أعراض ذلك النقص ويكون كمن واصل صومه.
  6. ومن فوائد التمر والتي قلما نجدها في غيره؛ أن الإنسان يستطيع أن يعيش عليه مدة طويلة من الزمن، حيث إنه غني بالمادة السكرية، وهي مع كثرتها فيه سهلة الهضم والامتصاص والتمثيل بالجسم، وكثير من البدو يعيشون على التمر المجفف ولبن الماعز، وصحتهم أجود ما يكون، ونادرا ما يصابون بالأمراض الخبيثة أو المزمنة، وقليل ما تشاهد البدانة بينهم"([18]).

وجاء في "موسوعة المعارف الطبية في ضوء القرآن والسنة": "والتمر غني بالمعادن والأملاح، ويحتوي على كثير من الفيتامينات والسكريات والبروتينات والدهون، فهو غذاء يكاد يكون كاملا، كما أن مائة جرام من التمر (نحو سبع تمرات) تحتوي على العناصر التالية:

(20) جرام ماء، (2) جرام بروتين، (0٬5) جرام دهون، (75) جرام سكريات، (4) جرام ألياف، (60) وحدة دولية فيتامين (أ)، (0٬1) مللي جرام فيتامين (ب)، (80) مللي جرام بوتاسيوم، (5) مللي جرام حديد، (65) مللي جرام كبريت، (65) مللي جرام ماغنسيوم، (65) مللي جرام كالسيوم، (20) مللي جرام نحاس، (70) مللي جرام فسفور، ومواد أخرى" ([19]).

وفيتامين (أ) يحمي العين من الجفاف، ويقوي أعصاب العين، وربما يكون الرطب والتمر من أسباب حدة البصر لدى سكان الصحراء.

وجاء في "موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي" أنه قد ثبت أن كيلو جرام واحدا من التمر يعطي قيمة حرارية مماثلة للقيمة الحرارية التي يعطيها كيلو جرام من اللحم.

والتمر غني جدا بالماء (20 %)، والسكريات (75 %)، والثابت طبيا أن السكر والماء هما أول ما يحتاج إليه جسم الصائم"([20])، كما سبق أن ذكرنا.

وقد أجريت دراسة لتقدير نسبة "البورون" في التمر فدلت التجارب على أن نسبته تصل من (3: 6) مللي جرامات، وأنه يتحكم في إيصال الكالسيوم إلى الجسم، وأثبتت الدراسات كذلك أن "البورون" يمنع من إصابة الإنسان بالروماتيزم، ويساعد على تغذية الأعصاب، كما أنه يحث بعض الهرمونات الجنسية مما يزيد كفاءة الرجال في أداء العملية الجنسية بشكل جيد.

وقد عكف فريق من العلماء والباحثين على العلاج النباتي، فوجدوا أن التمر هو المادة الغذائية المرشحة لحماية القدرة الجنسية عند الرجال بالذات، بعد أن كشفوا النقاب عن سر التمر الذي يحتوي على مادة "البورون" الذي يساعد على القيام بوظائف حيوية وأساسية في الجسم، مثل منعه لنخر العظام الذي يحدث في الكبر، ويفيد في تقوية تأثير بعض الفيتامينات التي تفيد في منع التهاب المفاصل وغيرها.

وأكثر ما استرعى انتباه هؤلاء العلماء هو اكتشاف أن عنصر "البورون" المتوفر في التمر يرفع نسبة الهرمونات الجنسية، حيث يساعد على زيادة هرمون "التستستيرون" الذكري، وفضلا عن ذلك كله فقد تبين احتواء التمر على عناصر الماغنسيوم، والمنجنيز والسيلينوم، وكلها عناصر أساسية وفعالة في رفع القدرة الجنسية عند الرجال، وفي الوقاية من أمراض خطيرة كالسرطان([21])، "وقد وصف بعض الأطباء التمر كعلاج للسعال والبلغم والتهاب القصبة الهوائية"([22]).

وبعد...، فما سبق ذكره كان من فوائد التمر على وجه العموم، أما أهمية التمر أو العجوة في الوقاية والتداوي من السم والسحر، فقد أجريت عدة أبحاث في ذلك، وكانت نتيجة تلك الأبحاث - مما لا شك فيه - معجزة في حق هذا النبي الأمي، تشهد له بالنبوة، فقد تكلم د. عبد الباسط محمد سيد، خبير التغذية ومؤلف كتاب "التغذية في الإسلام"، وأدلى بدلوه في هذا الحديث الشريف ومما قاله:

أما فيما يتعلق بالسم: قام العلماء بإجراء تجارب علمية على السم، فوجدوا أن الكبد يقوم بعملية مضادة للسموم، حتى يبطل مفعوله، وعندما تدخل إلى الجسم سموم يرتفع الإنزيم، ولذلك عندما يتم فحص نسبة الإنزيم في الجسم تجده مرتفعا، وعندما يتناول الإنسان سبع تمرات عجوة لمدة شهر يوميا، نجد أن هذا الإنزيم ابتدأ بالهبوط ويدخل في الوضع الطبيعي، ومن الغريب لو تتبعنا الحالة لمدة سنة نجد الإنزيم لا يرتفع، يعني أصبح هنالك وقاية وشفاء؛ ولذلك لما أكل رسول -صلى الله عليه وسلم- من شاة خيبر التي كانت كتفها مسمومة، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- متصبح بسبع تمرات عجوة؛ فلم يصبه في هذا الوقت سم، وإنما السم وجد في الدهون تحت الجلد، ولذلك احتجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكان تخزين هذا الدهن تحت الجلد، كذلك فالعجوة تقي من السم العالي، وهنالك جمعية بريطانية قائمة على ظاهرة (التليباثي) التي تعتمد على الاستجلاء البصري أو الاستجلاء السمعي أو التي يسمونها التخاطر عن بعد، وهي جمعية نشطة في الأبحاث العلمية؛ بحثت في هذا الحديث بحثا مستفيضا، وبجانب الدراسات التي تمت في جامعة الملك عبد العزيز، وفي جامعات القاهرة، وكانت نتائج الدراسات أنه لا تعارض بين هذا الحديث، وبين نتائج التجارب العلمية.

فمن خلال تجارب الجمعية على البشر وجدوا أن الذين يتعرضون للتسمم كالعاملين مع مادة الرصاص في صناعة البطاريات والطباعة والمعادن الثقيلة, يعانون من مشكلة الكادميام والتي هي عبارة عن إحدى العناصر الثقيلة السامة التي تؤدي إلى الفشل الكلوي، وتؤدي إلى مشكلات كبيرة جدا، فلو تناولوا سبع تمرات عجوة ستكون مضادات السموم (detoxication) في الكبد سليمة، وهنالك نحو (120) بحثا منشورا حول ذلك، ومن الباحثين في الجمعية المذكورة باحث يهودي اسمه (جولدمان) نشر بحثا عن فوائد التمر، وذكر أن تناول سبع تمرات عجوة للعاملين في مجال المعادن الثقيلة تكون لديهم (Claition) يعني أن المعادن الثقيلة عندما تدخل الجسم تتكون لها مركبات مخلبية، تدخل تحت الجلد، بالإضافة إلى جزء يذيبه وينزله في البراز، وجزء يذيبه وينزله في البول هذه عملية تسمى (detoxication)، أو (عملية مضادات السموم) التي تتم من تمر العجوة، ولذلك يقول رسول -صلى الله عليه وسلم-: «العجوة من الجنة، وفيها شفاء من السم».

أما فيما يتعلق بالسحر: فقد قام أصحاب ظاهرة التليباثي بعدة أبحاث علمية عن موضوع السحر والتمر وأبحاثهم منشورة في المجلة الدورية المسماه "تليباثي"، فقاموا بفحص خط الطيف الذي ينتج عن هضم تمر العجوة فوجدوا أنه يعطي خط طيف لونه أزرق قالوا: إن اللون الأزرق يستمر لمدة 12 ساعة، وهو لا يرى، وقالوا: إن العين هي التي تسحر، فالسحر ليس هو تغير في طبيعة الأشياء إنما هو تخيل وسحر للعين، لذلك قال تعالى: )سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم (116)( (الأعراف)، وقال -سبحانه وتعالى- عن موسى عليه السلام: )فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه( (طه:٦٦)

فوجدوا أن العين هي التي تسحر، والقدرة السحرية تمتص كل الألوان ما عدا اللون الأزرق، فالتصبح بسبع تمرات يوميا تولد طاقة للإنسان ومن هذه الطاقة يتشكل طيف أزرق اللون يقي الإنسان الحسد، كما يقيه السحر بإذن الله([23]).

إن دل ذلك على شيء؛ فإنما يدل على إعجاز السنة النبوية، وصدق كل ما أتت به من إشارات وتوجيهات، ومن هنا نعلم جيدا علة عدم خوض بعض فقهاء الأمة وعلمائها في مسألة فضل العجوة في الوقاية من السحر؛ لعدم تمكنهم من الأدلة العلمية في هذه المسألة آنذاك، وبالرغم من ذلك فهم على يقين تام بصحة الحديث، والعمل والتصديق بما جاء فيه، فقالوا: "كون العجوة تنفع من السم والسحر، إنما هو ببركة دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لتمر المدينة لا لخاصية في التمر"([24]).

ولكن قدرة الله -سبحانه وتعالى- أن يكشف عن ذلك السر مؤخرا؛ ليثبت قدرة العجوة على الوقاية من السحر؛ فالسحر ما هو إلا تخيل وسحر للعين، وليس فيه تغير في طبيعة الأشياء نفسها، فأكدوا أن العين يتوفر لها خط طفيف أزرق، ذلك الخط الذي لا يستطيع السحر أن يمتصه، ومفعول ذلك الخط الأزرق يستمر لمدة 12 ساعة من أكل مقدار سبع تمرات، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بيانا دقيقا شافيا كافيا، حينما قال: «من اصطبح كل يوم تمرات عجوة؛ لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل». وقوله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أخرى: «... لم يضره سم حتى يمسي»([25])، وقال أيضا:«من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة؛ لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر»([26]).

فقد حدد النبي -صلى الله عليه وسلم- مقدار الجرعة، وهو سبع تمرات؛ أي: (نحو مائة جرامات)، وقد حدد أيضا مفعول تلك الجرعة، وهي من الصباح حتى المساء؛ أي: (نحو 12 ساعة)، ولم يزد العلم الحديث على ذلك شيئا، وإنما جاء فقط ليثبت صحة ذلك ويؤكده بما توصل إليه من وسائل علمية في هذا المجال.

وخلاصة القول فيما سبق، أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اصطبح كل يوم تمرات عجوة..» حديث صحيح في أعلى درجات الصحة؛ وقد أجمع المحدثون على صحة نسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سندا ومتنا، وقد جاء العلم الحديث ليثبت ما قرره النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث من أن تناول مقدار سبع تمرات عجوة كل يوم يقي الإنسان من السم والسحر، وكثير من الأمراض التي تلحق بجسم الإنسان، ولذلك فلا نجد معنى لقول هؤلاء المغرضين بتعارض الحديث مع العلم والواقع، وبهذا تسقط تلك الشبهة وتبطل بحمد الله.

الخلاصة:

  • إنحديث: «من اصطبح كل يوم تمرات عجوة..» حديث صحيح في غاية الصحة، فقد رواه البخاري في صحيحه، وهو أصح كتب الحديث، وجاءت أحاديث متواترة بنفس المعنى في أغلب كتب الحديث بأسانيد صحيحة.
  • لقداتفقعلماءالأمةعلىصحةالحديث،إلاأنهماختلفوافيالمرادمنههلهوتمرالمدينة خاصة، أم التمر عموما؟ والراجح أنه خاص بتمر المدينة لبركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له ولأهلها.
  • لقدأثبتعلماءالطبقديماوحديثاقدرةالتمرعلىعلاجالسموالوقايةمنه،وكذلكالوقايةمنالسحر،ومنكثيرمنالأمراضالتيمنالممكنأنتلحقبجسمالإنسان، بالإضافة إلى اشتماله على العديد من الفوائد الغذائية التي تفيد جسم الإنسان، كما بينا ذلك.

 

 

(*) السنة المطهرة، د. سيد أحمد رمضان المسير، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط3، 1424هـ/ 2003م.

[1]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الدواء بالعجوة للسحر، (10/ 249)، رقم (5768).

[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الطب، باب: الدواء بالعجوة للسحر، (10/ 249)، رقم (5769). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: فضل تمر المدينة، (7/ 3154)، رقم (5241، 5242).

[3]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: فضل تمر المدينة، (7/ 3153)، رقم (5240).

[4]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: فضل تمر المدينة، (7/ 3154)، رقم (5243).

[5]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة ـ رضي الله عنها، رقم (24779). وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده صحيح.

[6]. حسن صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: الطب، باب: الكمأة والعجوة، (6/ 195)، رقم (2146). وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (2066): حسن صحيح.

[7]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: في ادخار التمر ونحوه من الأقوات للعيال، (7/ 3153)، رقم (5239).

[8]. حسن صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الصوم، باب: ما يفطر عليه، (6/ 345)، رقم (2353). وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (2356): حسن صحيح.

[9]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 250، 251) بتصرف.

[10]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (7/ 3154).

[11]. فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415هـ/ 1994م، (4/ 601)، بتصرف.

[12]. مقال للدكتور إبراهيم الجبوري بعنوان: "عجوة المدينة من أجود الأصناف"، منتدى النخيل العراقي، بتاريخ 17/ 1/ 2009م. WWW. IRAQI ـ DATE – PALMS. NET

[13]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 251).

[14] . الباه: الجماع.

[15]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1405هـ/ 1985م، (4/ 291، 292).

[16] . حسن صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: الطب، باب: الكمأة والعجوة، (6/ 195)، رقم (2146). وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: حسن صحيح برقم (2066).

[17]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1405هـ/ 1985م، (4/ 341).

[18]. الموسوعة العلمية في إعجاز القرآن الكريم والسنة النبوية، د. هاني مرعي القليني ومجدي فتحي السيد، المكتبة التوفيقية، القاهرة، ص913، 914.

[19]. موسوعة المعارف الطبية في ضوء القرآن والسنة، د. أحمد شوقي إبراهيم، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1423هـ/ 2002م، (4/ 115).

[20]. موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي، د. حمدي الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص656.

[21]. موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي، د. حمدي الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص656، 657.

[22]. دواء ليس فيه داء، محمد عبد الرحيم، نقلا عن: موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي، د. حمدي الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص657.

[23]. وصفات طبية من الكتاب والسنة، د. عبد الباسط محمد السيد، مقال منشور بشبكة: أنا المسلم للحوار الإسلامي، www. muslim. net.

[24]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 250).

[25]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: فضل تمر المدينة، (7/ 3153)، رقم (5240).

[26]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأطعمة، باب: العجوة، (9/ 481)، رقم (5445).

  • الاثنين AM 01:08
    2020-10-19
  • 1892
Powered by: GateGold