المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412566
يتصفح الموقع حاليا : 305

البحث

البحث

عرض المادة

الطعن في أحاديث المسيح الدجال

الطعن في أحاديث المسيح الدجال(*)

 مضمون الشبهة:

يطعن بعض المشككين في الأحاديث الصحيحة التي جاءت بشأن خروج المسيح الدجال في آخر الزمان، ويقولون بضعفها كلها، وأن الدجال مجرد خرافة، ويستدلون على ذلك بالآتي:

  • أنجميعالأحاديثالواردةفيالدجالضعيفةوموضوعة،علاوةعلىاختلافهااختلافاشديدا،سواءفيتحديد مكان خروجه أو زمانه أو صفاته في نفسه، مما يدل على بطلانها جميعا.
  • لوأنالدجالحقيقةوخروجهمنأشراطالساعة،لماأغفلالقرآنذكره،وقدذكرماهوأقلخطرامنه.
  • أنفكرةالدجالتتعارضمعإتيانالساعةبغتة،قالتعالى: )لاتأتيكمإلابغتة( (الأعراف: ١٨٧)، وكيف يتعوذ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - في بداية رسالته، ويأمر المسلمين بذلك مع العلم بعدم ظهوره إلا قبيل الساعة.
  • أنفكرةالدجالتخالفسنةاللهفيخلقه،فليسمنسنتهتعالىأنيؤيدالكاذبين،ولاأنيعطيهممايفتنونالناسبه،فكيفيعقلأنيهبالله الدجال إحياء الموتى؟ أو يعطيه من القدرات ما لم يعطه أحدا من الأنبياء، ثم يعاقب من يتبعه بجهنم؟!

أنه لا يوجد دجال محدد يعرفه الخلق ليتقوا شره، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم«أن هناك ثلاثين دجالا كلهم يزعم أنه رسول الله»، بالإضافة إلى أن هناك تضاربا بين حديث منعه دخول مكة والمدينة، وحديث رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - له في منامه وهو يطوف بالبيت، كذلك لا يصح حديث أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخل المدينة... ولها سبعة أبواب على كل باب ملكان»؛ لتعارضه مع الواقع المشاهد، فأين تلك الأبواب؟

رامين من وراء كل ذلك إلى إنكار أحاديث الدجال وظهوره آخر الزمان؛ ومن ثم إيهام تهافت السنة تمهيدا لإنكارها.

وجوه إبطال الشبهة:

1) لقد أجمع علماء الأمة ومحدثوها على تواتر أحاديث الدجال، وأنه يخرج آخر الزمان، قبيل الساعة، وأن الله سيجري على يديه خوارق عظيمة؛ ليمتحن عباده وليميز المؤمن من المنافق، ولا يقدح في هذا التواتر ما وقع من اختلاف طفيف في بعض الروايات حول التفصيلات الجزئية؛ لأن حقيقة وجود الدجال وخروجه مجمع عليها في كل الروايات.

 

2) لقد أشار القرآن الكريم إلى الدجال، ولكنه لم يصرح بذكره، وقد أكد على ذلك جمع من المفسرين والعلماء، علاوة على أن السنة وحدها تكفي دليلا لإثبات حقيقة الدجال؛ لأن السنة حجة بنفسها، فهي وحي من عند الله.

 

3) لا يتعارض العلم باقتراب الساعة مع مجيئها بغتة، فقد قال تعالى: )اقتربت الساعة وانشق القمر (1)( (القمر:١)، ولم يقل أحد أن هذا مناقض لقوله سبحانه وتعالى: )لا تأتيكم إلا بغتة( (الأعراف:١٨٧)، والأحاديث الصحيحة في شأن الدجال لم تحدد مقدار الزمن بينه وبين الساعة، وعليه فلا تعارض بين خروجه وكونه من أشراط الساعة، وبين مجيئها بغتة، وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من خروجه؛ لعدم علمه بموعده أو بوقت قيام الساعة، وليعلم الأمة ضرورة الاستعاذة من كل شر حادث أو منتظر حدوثه.

 

4) إن من سنة الله - سبحانه وتعالى - أن يمكن للطغاة في الأرض، وأن يذلل لهم كل الخوارق، ليمتحن قلوب العباد، ثم يأخذ الطغاة على غفلة، ويكشف زيف خوارقهم كما سيفعل مع الدجال، كما أن إحياء الموتى إنما هو لله وحده، ولكن قدرة الله - سبحانه وتعالى - لها عمومية ليست لغيرها، وهي أن الله يقدر أن ينقل من الأسباب ويضعها في قدرة الضعيف فيصير بها قويا قوة نسبية، ويكون الفعل أولا وآخرا لله وحده لا لغيره، وشتان بين خوارق الدجال الزائلة، وبين معجزات الأنبياء الخالدة، ثم إن ظهور الدجال لدليل ظاهر على صدق النبوة، وعلم من أعلامها، أليس هم الذين حذرونا منه منذ أمد بعيد؟!!

 

5) لا يقدح إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجود ثلاثين دجالا في وجود الدجال الأكبر؛ لأنه اتصف عن غيره من الدجالين بأنه أعور يدعي الألوهية، وخروجه من أشراط الساعة، ومنع الله - سبحانه وتعالى - له دخول مكة والمدينة، إنما يكون وقت فتنته، أي وقت خروجه، كما أن رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - له وهو يطوف غير لازمة الوقوع في الخارج، كما هي في المنام؛ لأن رؤيا الأنبياء وإن كانت وحيا، فإن منها ما يقبل التأويل، والمقصود بالأبواب في الحديث الشريف إنما هي المداخل الرئيسية للمدينة، كما أنه من الممكن أن يكون للمدينة أبواب حقيقية ركبت على أسوار، وذلك وقت خروج الدجال آخر الزمان، دل على ذلك قوله في الحديث: "يومئذ".

 

التفصيل:

أولا. إجماع جمهور المحدثين على تواتر أحاديث الدجال وصحتها، وأنه لا تضارب بين رواياتها:

لا ينكر أحد أنه وضعت أحاديث كثيرة في الدجال، وصفته، ومتى يخرج، ومن أي مكان يخرج؟ ومع هذا فقد صحت فيه أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما، مما يثبت بدلالة قاطعة ظهور المسيح الدجال آخر الزمان.

فلقد روى البخاري ومسلم كثيرا من أحاديث الدجال، وأفاضا في ذلك، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، حدثنا إسماعيل، حدثني قيس قال: «قال لي المغيرة بن شعبة: ما سأل أحد النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدجال ما سألته، وإنه قال لي: ما يضرك منه؟ قلت: لأنهم يقولون: معه جبل خبز ونهر ماء، قال: بل هو أهون على الله من ذلك»[1].

وروى البخاري أيضا: حدثنا سعد بن حفص، حدثنا شيبان عن يحيى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:«يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل كافر ومنافق»[2].

وذكر البخاري أيضا: عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإن بين عينيه مكتوب: كافر»[3].

كما أورد الإمام مسلم أحاديث كثيرة في بيان ذكر الدجال وصفته وما معه، فأورد عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال:«إن الله تعالى ليس بأعور، ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنـبة طافئة»[4].

وكذلك روى أحاديث الدجال غير البخاري ومسلم من أصحاب الأحاديث المعتمدة الموثوق بها، وقد ذهب جمهور علماء الحديث إلى القول بتواتر أحاديث الدجال، فهي قطعية الثبوت، ولا مجال لإنكارها، ثم إن هؤلاء المشككين في أحاديث الدجال بأنها ضعيفة كلها؛ لم يذكروا إلا الأحاديث الموضوعة الضعيفة، وأغفلوا تلك الأحاديث الكثيرة التي صحت لدى علماء الحديث الثقات سندا ومتنا، وذهب علماء كثيرون إلى قطعية ثبوت خروج الدجال؛ منهم الإمام النووي، فقد ذكر في شرحه لصحيح مسلم: "قال القاضي: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه، ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله - سبحانه وتعالى - من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا، والخصب معه، وجنته وناره ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله - سبحانه وتعالى - ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره، ويقتله عيسى عليه السلام... ثم قال الإمام النووي معقبا: هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار" [5].

كما صرح بتواتر أحاديث الدجال كثير من أهل العلم مثل ابن كثير، والسخاوي، والشوكاني، والكتاني، وغيرهم.

وقد عقد العلامة السفاريني في كتابه "لوامع الأنوار البهية" تنبيهات، وقال: "التنبيه الثالث: مما ينبغي لكل عالم أن يبث أحاديث الدجال بين الأولاد والنساء والرجال، وقد قال الإمام ابن ماجه سمعت الطنافس يقول: سمعت المحاربي يقول: ينبغي أن يدفع هذا الحديث - يعني حديث الدجال - إلى المؤدب حتى يعمله الصبيان في الكتاب" [6].

قال الكتاني: "أحاديث خروج المسيح الدجال ذكر غير واحد أنها واردة من طرق كثيرة صحيحة عن جماعة كثيرة من الصحابة، وفي "التوضيح" للشوكاني منها مائة حديث، وهي في الصحاح والمعاجم والمسانيد، والتواتر يحصل بدونها، فكيف بمجموعها؟! وقال بعضهم: أخبار الدجال تحتمل مجلدات، وقد أفردها غير واحد من الأئمة بالتأليف، وذكر جملة وافرة منها في "الدر المنثور" لدى قوله: )إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر( (غافر: ٥٦)"[7].

فإجماع جمهور علماء الحديث على تواتر أحاديث الدجال دليل قاطع على ثبوت ظهوره آخر الزمان، مما يظهر سقوط تلك الشبهة القائلة بضعف أحاديث الدجال؛ وذلك لأن الاختلاف الواقع فيها ليس اختلافا في حقيقة وجوده أو أنه يأتي أم لا يأتي، بل هو اختلاف شيء من صفته الراجحة لذاته أو لفعله، فلا خلاف في أنه سيأتي، ولذلك فإن الشبهة المعارضة مردودة من أساسها[8].

ثانيا. إشارة القرآن الكريم إلى ظهور الدجال في غير موضع دون التصريح بذكره:

لم يذكر القرآن الكريم كل شيء على وجه التفصيل، فالقرآن لم يذكر مثلا عدد الركعات في الصلاة، ولا مواقيتها، ولا تفاصيل الزكاة، ولا مقادير الديات، ولا ما يجب على المسلم كم حجة في عمره، ولا ذكر أيضا أن عيسى - عليه السلام - سوف ينزل - لا محالة - آخر الزمان، وغير ذلك.

وجاءت السنة ففصلت ما أجمله القرآن، وقد أكد القرآن الكريم في أكثر من موضع على أن السنة والقرآن وحي من عند الله - سبحانه وتعالى - فقال: )وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة( (النساء: ١١٣)، فجمهور المفسرين على أن الكتاب هو القرآن، كما أن الحكمة هي السنة.

فليس معنى عدم إشارة القرآن للدجال أن تنكر حقيقة الدجال من أساسها، فما جاءت به السنة الشريفة في غير موضع بشأن الدجال لهو دليل قاطع على ظهوره آخر الزمان، فقد تواترت الأحاديث على ذلك، فلا معنى لإنكار أحاديث الدجال بحجة عدم ذكر القرآن له.

علاوة على أن من العلماء من ذكر أن القرآن الكريم أشار إلى الدجال في غير آية ضمنا، ولم يصرح بذكر الدجال، فقال تعالى: )يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل( (الأنعام: ١٥٨)، فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض»[9].

وقد ذكر الحافظ ابن حجر بعض الحكم من عدم التصريح بذكر الدجال في القرآن، فقال: "قد وقعت الإشارة في القرآن إلى نزول عيسى ابن مريم في قوله: )وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته( (النساء:159)، وفي قوله: )وإنه لعلم للساعة( (الزخرف: ٦١)، وصح أنه الذي يقتل الدجال، فاكتفى بذكر أحد الضدين عن الآخر، ولكونه يلقب بالمسيح كعيسى، لكن الدجال مسيح الضلالة وعيسى مسيح الهدى"[10].

وقد وقع في تفسير البغوي أن الدجال مذكور في القرآن الكريم في قوله تعالى: )لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس( (غافر: ٥٧) وأن المراد بالناس هنا هو الدجال من إطلاق الكل على البعض[11].

فإذا كان القرآن قد أشار إلى الدجال، بغير تصريح بذكر اسمه، فلا معنى لإثارة تلك الشبهة، بالإضافة إلى أن السنة حجة بنفسها - كما أوضحنا - وبذلك تسقط دعوى القائلين بإنكار أحاديث الدجال استنادا لهذا الدليل الواهي.

ثالثا. الإخبار بعلامات الساعة لا يعارض مجيئها بغتة:

يستند هؤلاء المشككون في دعواهم لإنكار أحاديث الدجال إلى معارضة الأحاديث - في ظنهم - لظاهر قوله تعالى: )لا تأتيكم إلا بغتة( (الأعراف: ١٨٧)، وذلك قول شاذ لا يصح أبدا، فمجيء الدجال إما أن يكون علامة على أن الساعة جاءت، أو على أنها قد اقتربت جدا، وعلى الأول يكون مجيء الدجال مجيئا للساعة وهو يأتي بغتة، فهي مثله تأتي بغتة، ويكون مجيئه كمجيء جزء منها.

وعلى الثاني، فليس العلم باقترابها يمنع أن تأتي بغتة، ولا شك في هذا قال سبحانه وتعالى: )اقتربت الساعة وانشق القمر (1)( (القمر)، وقال: )اقترب للناس حسابهم( (الأنبياء: 1)، فهل هذا يعارض قوله سبحانه وتعالى: )لا تأتيكم إلا بغتة(؟!

كما أنهم إما أن يوافقوا على أن للساعة أشراطا أو لا يوافقوا؛ فإن وافقوا فالاعتراض الذي أوجدوه على الدجال وارد على الأشراط التي آمنوا بها - وشرط الشيء علامته - فما كان جوابا لهم هنا كان جوابا هناك.

وإن قالوا: ليست لها أشراط، فقد خالفوا القرآن الذي أكد ذلك بقوله عز وجل: )وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم( (النمل: ٨٢)، وقد ثبت ذلك في غير موضع في القرآن الكريم.

كما أن الذي ذكرته الأحاديث الصحيحة هو أن الدجال يجيء قبل الساعة، وليس فيها مقدار الزمن الذي بينه وبين الساعة، والراويات تدل على أن الزمن مجهول وأنه طويل، وهل العلم بأن قبل إتيان الشيء إتيان شيء آخر يمنع أن يكون إتيان الآخر بغتة ومجهولا، وبعيدا أيضا، وصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يعلمون أن الساعة لن تقوم حتى يتم الله دينه، ويظهره على الأديان كلها، وهذا الإظهار والإتمام لا بد أن يكون قبل الساعة، فهل خالف ذلك قول القرآن: )لا تأتيكم إلا بغتة( (الأعراف: ١٨٧)؟!

فليست أحاديث الدجال هي التي تعارض القرآن؛ بل زعمهم هذا هو الذي يعارض القرآن؛ ومما لا شك فيه أن الشبهة التي تطعن في صميم القرآن شبهة باطلة داحضة [12].

وقد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تدل على صحة معاني أحاديث أشراط الساعة - ومنها الدجال - وذلك مثل قوله: )فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها( (محمد: ١٨)، وعليه فلا تعارض بين مجيء الساعة بغتة وبين أشراطها المتقدمة بين يديها.

وقوله: (بغتة) حال من الساعة، قال تعالى: )لا تأتيكم إلا بغتة( (الأعراف: ١٨٧)0 والبغتة: الفجأة، وهو مصدر بمعنى المرة، والمراد به هنا الوصف، أي: مباغتة لهم.

ومعنى الكلام: أن الساعة موعدهم، وأن الساعة قريبة منهم، فحالهم كحال من ينتظر شيئا، فإنما يكون الانتظار إذا اقترب موعد الشيء، هذه استعارة تهكمية.

والفاء في قوله: )فقد جاء أشراطها( هي الفاء الفصيحة، التي تفيد معنى تعليل قرب مؤاخذتهم.

والأشراط جمع شرط، بفتحتين، هو العلامة والأمارة على وجود شيء أو على وصفه.

وعلامات الساعة هي علامات كونها قريبة، وهذا القرب يتصور صورتين:

  • إحداهما: أنوقتالساعةقريبقربانسبيابالنسبةإلىطولمدةهذاالعالم،ومنعليهمنالخلق.
  • والثانية: أنابتداءمشاهدةأحوال الساعة يحصل لكل أحد بموته، فإن روحه إذا خلصت عن جسده شاهدت مصيرها مشاهدة إجمالية... ويفسر هذا حديث ابن عمر:«إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي...»[13]، ونهاية حياة المرء قريبة وإن طال العمر.

والأشراط بالنسبة للصورة الأولى: الحوادث التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها تقع بين يدي الساعة، وأولها بعثته؛ لأنه آخر الرسل وشريعته آخر الشرائع. وبالنسبة للصورة الثانية أشراطها الأمراض والشيخوخة[14].

وعلى هذا فلا يتعارض إخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعلامات الساعة مع قوله سبحانه وتعالى: )لا تأتيكم إلا بغتة( (الأعراف: ١٨٧)، فالمقصود بها وقتها، لا ما يكون بين يديها من علامات.

وإن قيل: إذا كان ظهور الدجال من أشراط الساعة، وأنه سيظهر آخر الزمان لا محالة، فمن أي دجال كان يتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم؟! نقول: إن التصريح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم متى آخر الزمان، هذا غير صحيح، ولم يقل أحد به، فلم يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - الساعة أبدا، ومن ثم، فلا مانع من أن يتعوذ من فتنة الدجال وشره، وقد روي في صحيح مسلم حديث، ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم...»[15]، بالإضافة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصد بذلك تعليم الأمة الاستعاذة من فتنة الدجال الكذاب.

إذن استعاذة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدجال وتحذير أمته منه بأن يستعيذوا منه؛ فلأنه فتنة عظمى تظهر بين يدي الساعة، وعليه يحمل إنذار الرسل أقوامهم الدجال.

رابعا. من سنة الله أن يمكن للطغاة في الأرض؛ ليمتحن قلوب عباده، ثم يأخذ الطغاة أخذ عزيز مقتدر، ليكشف حقيقتهم وكذبهم:

إن سنة الله تأبى أن يعطى الكذاب الخوارق التي تؤيد دعواه الباطلة دون أن يقرنها بما يكشف حقيقتها وكذبه، أما أن يعطى الكفار والكذابين والدجالين شيئا من ذلك، مع إظهار الدلائل على أنهم كاذبون ومضلون، فليس في هذا أي مخالفة لسنة الله.

ولقد أعطى الله الشياطين والسحرة وكبار الضالين قوة ومهارة في علوم الدنيا وصناعتها، ما لم يعط عباده المؤمنين، وأعطى أمم الكفر ما نراه من عزة وسلطان وسعة لم يكن بعضها اليوم للمؤمنين، بل قد أعطى الشيطان من السلطان على النفوس والعقول والتصرف فيها، والتغلب عليها شيئا لم يعطه عباده الصالحين ولا رسله المقربين؛ حتى إن الشيطان ليجري من الإنسان مجرى الدم في جسمه، وقد أعطى الله - سبحانه وتعالى - فرعون وقومه ملكا لم يعطه موسى - عليه السلام - وقومه وأنصاره، ويؤكد ما ذهبنا إليه قوله تعالى: )وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون (123)( (الأنعام)، وورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح أنه قال صلى الله عليه وسلم: «... ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة، ولهم الدنيا؟!»[16].

وليس في هذا ما يدل على كرامة أو فضل، كما لا تدل الصحة والمال والشهرة في الدنيا على شيء من ذلك لصاحبها، وقد أخبر القرآن أن أعداء الله قد تمكنوا من رسله، فقتلوا منهم فريقا، وأخرجوا فريقا منهم من ديارهم، وعذبوا آخرين، وهذا غاية السلطان والتمكين، وليس هذا بمخالف لسنة من سنن الله، إلا أنه - سبحانه وتعالى - لابد أن يقيم الدلائل على أن هؤلاء الأقوياء المسلطين على ضلال مبين، وأنهم من أعوان الشيطان، وهذا ما سيفعله بالدجال.

ونحن نعلم أن من سنن الله أن يرسل رسله ليأخذوا الطغاة والبغاة، فكما أرسل الله - سبحانه وتعالى - موسى - عليه السلام - لفرعون، وإبراهيم - عليه السلام - للنمرود، فسيرسل الله - سبحانه وتعالى - عيسى - عليه السلام - ليخلص الدنيا من الدجال وسلطانه.

وسيعطي الله - سبحانه وتعالى - الدجال من الخوارق ما يؤيد دعواه الباطلة، ثم يظهر الدلائل على كذبه وافترائه، وما ذلك إلا انسجاما مع سنة الله - سبحانه وتعالى - الذي يمكن للطغاة في الأرض؛ ليمتحن قلوب عباده، ثم يأخذ الطغاة المتكبرين أخذ عزيز مقتدر؛ فذلك دليل على بطلان دعواهم وسقوطها.

كما أنهم اعتقدوا أن المسيح الدجال سيقوم بإحياء الموتى، والمختص بإحياء الموتى هو الله - سبحانه وتعالى - ويستشهدون على ذلك بحديث صحيح، جاء فيه أن رجلا يخرج إلى الدجال، فيقول: «أشهد أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه، فيقول الدجال: أرأيت إن قتلت هذا ثم أحييته، هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحييه: والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم، فيقول الدجال: أقتله فلا أسلط عليه»[17]، فقولهم: إن هذا الكلام مردود؛ لأن المسيح الدجال قد نسب إليه إحياء الموتى كما جاء عن عيسى - عليه السلام - أنه يحيي الموتى، وإبراهيم - عليه السلام - قد ذبح أنواع الطيور التي أمره الله بذبحها، ثم ناداها فقامت من مضجعها وغير ذلك كثير؛ وإحياء الموتى إنما هو لله وحده، ولكن قدرة الله لها عمومية ليست لغيرها، وهي أن الله يقدر أن ينقل من الأسباب ويضعها في قدرة الضعيف، فيصير بها قويا قوة نسبية، ويكون الفعل أولا وآخرا لله لا غير، فاعتقادهم أن المسيح سيقوم بممارسة إحياء الموتى، هذا اعتقاد باطل، كما أن الله - سبحانه وتعالى - سوف يؤكد قدرته، وتفرده بإحياء الموتى عندما يسلب الدجال تلك القوة الخارقة (إحياء الموتى)، وعندئذ يبقى واضحا جليا لكل من تسول له نفسه التشكيك في قدرة الله - سبحانه وتعالى - المتفرد بهذا الكون وبما فيه كل زمان ومكان.

ولا يسوى بين خوارق الدجال ومعجزات الأنبياء، فالله - سبحانه وتعالى - قد أعطى الدجال كثيرا من الخوارق الزائلة، وأظهر الدلائل على كذبه وزيفه، وأنه ضال وخبيث، مكتوب بين عينيه "كافر" وأصابه بالعور، وأحاطه بالنقصان من كل جانب، بالإضافة إلى أنه يدعي الألوهية لا النبوة.

وأما الأنبياء فأعطاهم الله المعجزات البينات الصادقات، وأعطاهم ما يدل على أنهم صادقون، وعلى أن كل ما يدعون إليه حسن مقبول، وقد أعطى الله السحرة أشياء خارقة عجيبة وكذا المتنبئين، فقد أنزل الشياطين عليهم يساعدونهم في كثير من ضلالاتهم وإغوائهم، وما كان ذلك قادحا في صدق الأنبياء.

فقد أخبر القرآن أن سحرة فرعون سحروا الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم، فألقى موسى - عليه السلام - عصاه، فإذا هي تبتلع كل ما يأفكون، فبان كذبهم وزيفهم، وخروا لله ساجدين، وكذلك يفعل الدجال، فإنه يعيث في الأرض فسادا شأن المفسدين، حتى إذا نزل عيسى - عليه السلام - قتله وأخزاه وأبان كذبه.

فالذي أعطاه الله الدجال ليس بمشابه ما أعطاه الأنبياء؛ لأنه لا يستحق ذلك، وما زاد أن يكون ساحرا، أو يشبه الساحر، فقد ثبت في الصحيح أنه قال - صلى الله عليه وسلم - في الدجال: «إن معه ماء ونارا، فناره ماء بارد، وماؤه نار، فلا تهلكوا» [18].

وهذا حال السحرة، ولا يسوي بين ما أعطى الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - وباقي الأنبياء، وما سوف يعطي الدجال - إلا من فسد عقله [19].

إذا؛ خروج الدجال كما وصفت الأحاديث لا يقدح في الأنبياء ولا في صدقهم، بل هو معجزة من معجزات الأنبياء؛فما من نبي إلا وحذر أمته الدجال، فخروج الدجال دليل على صدق النبوة، وليس العكس، وبذلك تسقط الشبهة.

خامسا. الدجالون كثيرون موجودون في كل زمان، كلهم يدعي النبوة، وآخرهم الأعور الدجال، وهو أخطرهم جميعا:

لقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح - في صحيح البخاري - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان، فيكون بينهما مقتلة عظيمة، دعواهما واحدة، ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله»[20].

"وقد جاء الواقع مؤيدا لهذا الحديث كل التأييد، فمن هؤلاء الدجالين من ظهر كمسيلمة، والأسود العنسي في القديم، وغلام أحمد القادياني الذي ظهر في بلاد الهند في العصر الأخير، ومنهم من سيظهر حتى يكون آخرهم الدجال الأكبر، وهو الذي سيقتله عيسى عليه السلام" [21].

من ثم، فلا يقدح ذلك في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم: أن المسيح الدجال واحد، يظهر آخر الزمان، فهذا هو الدجال الأكبر، الذي ذاع واشتهر لخطره الداهم وفتنته الشديدة؛ لتأييد الله له بالخوارق الهائلة، والذي يميزه عن غيره من الكذابين الدجالين أنه لا يدعي النبوة فقط، بل يدعي الألوهية أيضا، كما أن الذي سيتولى قتله وهزيمته هو عيسى - عليه السلام - فكان هذا دليلا على أنه الدجال الأكبر.

كما أن الله - سبحانه وتعالى - قد أصابه بالعور؛ وأحاطه بالنقصان في ذاته، فمكتوب بين عينيه "كافر" لا يراها إلا المؤمن، أليست كل هذه أدلة على انفراد هذا الدجال عن بقية الدجالين الكذابين؟!

وبذلك تتهاوى هذه الشبهة أيضا.

أما زعمهم أن هناك تعارضا بين الأحاديث التي جاءت بشأن منع دخول الدجال المدينة ومكة المكرمة، ورؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - له يطوف بالبيت الحرام، فزعم باطل؛ لأنه لا تعارض يذكر فيها على الإطلاق، وقبل تفنيد دعواهم هذه نسوق الحديث الذي ذكر فيه طواف الدجال بالبيت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية.

وأراني الليلة عند الكعبة في المنام، فإذا رجل آدم[22] كأحسن ما يرى من أدم الرجال، تضرب لمته[23] بين منكبيه، رجل الشعر[24]، يقطر رأسه ماء، واضعا يديه على منكبي رجلين يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا المسيح ابن مريم، ثم رأيت رجلا وراءه جعدا قططا[25]، أعور عين اليمنى كأشبه من رأيت بابن قطن[26]، واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح الدجال»[27].

وجدير بالذكر أن هذا الحديث صحيح لا شك في ذلك، فقد رواه البخاري ومسلم، وجمع كبير من أئمة الحديث، ومن المتفق عليه أيضا بين جمهور العلماء أن الدجال لن يتمكن من دخول مكة ولا المدينة، لتواتر الأحاديث في ذلك، وهذا التوهم رده بسيط جدا، فتحريم دخول مكة والمدينة عليه، إنما هو في زمن فتنته وخروجه، لا في الزمن السابق لذلك.

قال ابن حجر: "فيه دلالة على قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الدجال لا يدخل المدينة ولا مكة"؛ أي: في زمن خروجه، ولم يرد بذلك نفي دخوله في الزمن الماضي"[28].

كما أن طواف الدجال بالبيت إنما هو رؤيا منام، كما هو صريح الحديث، ورؤيا الأنبياء وإن كانت وحيا، إلا أن فيها ما يقبل التعبير، فرؤيا المنام لا يلزم وقوعها في الخارج كما كانت في الرؤيا، بل قد يكون لها تعبير وتأويل يخالف الظاهر منها، كما ثبت ذلك في عدد من الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك:

حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بينا أنا نائم، أتيت بقدح لبن، فشربت منه حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري، ثم أعطيت فضلي؛ يعني: عمر، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم» [29].

فإذا كان منع الدجال دخول مكة والمدينة، إنما يقع عند زمن فتنته وخروجه فقط، بالإضافة إلى أن رؤيا المنام لا يلزم وقوعها في الخارج كما كانت في الرؤيا، وإذا كان ذلك فلا تعارض على الإطلاق، وبالتالي تسقط دعوى القائلين بالتعارض.

أما عن تعجبهم بشأن الأبواب السبعة التي ذكرت في الحديث الشريف، حيث قال رسول الله: «لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، ولها يومئذ سبعة أبواب، على كل باب ملكان»[30] - فتعجب لا مسوغ له؛ لأن المقصود بالأبواب هنا المداخل الرئيسة، وإن لم تكن على هيئة باب، ومن الممكن أيضا أن يكون المقصود أن الملائكة يغطون سبع جهات، على كل جهة ملكان، فعبر عن الجهة بالباب، وهذا جائز في لغة العرب، وقد ورد حديث آخر يؤكد ما ذهبنا إليه من أن المراد بالأبواب هنا هو المداخل؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج الله كل كافر ومنافق» [31].

قال الحافظ في "الفتح": الأنقاب جمع نقب، قال ابن وهب: المراد بها المداخل، وقيل الأبواب، وأصل النقب الطريق بين الجبلين، وقيل: الأنقاب الطرق التي يسلكها الناس، ومنه قوله تعالى: )فنقبوا في البلاد( (ق: ٣٦)[32].

وبعد فقد تبين أن الأبواب المراد بها المداخل أو الجهة أو الطريق بين جبلين؛ علاوة على أنه من الممكن أن يكون لها أبواب بالمعنى الحقيقي، ولكن عند وقت خروج الدجال وانتشار فتنته دل على ذلك قوله: "يومئذ"، وعلى هذا تسقط تلك الدعوى وتزول.

الخلاصة:

  • لقدأجمععلماءالأمةومحدثوهاعلىتواترأحاديثالدجالتواترالايدعمجالاللشك،أما الأحاديث الضعيفة والموضوعة فلا يلتفت إليها، فقد صحت أحاديث كثيرة تثبت ظهور الدجال آخر الزمان، وقد أورد هذه الأحاديث كبار علماء الحديث الثقات أمثال البخاري ومسلم، وغيرهما.
  • إنعدمإشارةالقرآنالكريمللدجاللايقوىدليلاعلىإنكاره،فتكفيالسنةالصحيحة وحدها دليلا قاطعا على ظهور الدجال آخر الزمان، لأن السنة حجة بنفسها؛ فهي وحي كالقرآن، علاوة على أن جمعا كبيرا من علماء التفسير قد أكد أن القرآن الكريم قد أشار إلى الدجال في غير موضع، ولكن دون التصريح بذلك.
  • لقدأكدالقرآنفيغيرموضعأنللساعةأشراطا،لا بد أن تقع قبيل مجيئها، وأكد أيضا أن الساعة تأتي بغتة، فمن ينكر الدجال بحجة مخالفة القرآن في ذلك أي: أن الساعة تأتي بغتة - فقد خالف القرآن في ذلك.
  • لقدأكدتالأحداثالتاريخيةأنمنسنةالله - سبحانهوتعالى - أنهقديمكنللفاسقينوالطغاةفيالأرض،ليمتحن بذلك قلوب العباد، فيبين المؤمن من المنافق؛ ثم يأتي على الطغاة فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر؛ ليبين زيف خوارقهم وملكهم، فالطغاة: فرعون، والنمرود، وقارون وغيرهم من أكبر الأدلة على ذلك.
  • إنتأييداللهللدجالبالخوارقالزائلةلايقدحفيصدقالنبوة،فشتانبينخوارق الدجال الزائلة، ومعجزات الأنبياء الخالدات، كما أن ظهور الدجال آخر الزمان دليل ساطع على صدق الأنبياء؛ فما من نبي إلا وحذر أمته الدجال.
  • إناللهبقدرتهينقلالأسبابويضعهافيقدرةالضعيف؛فيصيربهاقوياقوةنسبية،ويكونالفعلأولاوأخراللهوحدهلالغيره، وإحياء الموتى للمسيح الدجال خير مثال على ذلك.
  • إناختلافالرواياتبشأنصفاتالدجال،ومكانخروجهوزمانه - لايقدحأبدافيظهورهآخرالزمان؛فالخلافليسفيكونهيأتيأولايأتي،فخروجهمجمععليه.
  • لميكنالنبي - صلىاللهعليهوسلم - يعلممتىآخرالزمان - أي الساعة - قال تعالى: )يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي( (الأعراف: ١٨٧)، ولا مانع من أن يتعوذ - صلى الله عليه وسلم - من فتنة الدجال، في أخطر فتنة لذا كان المقصد من وراء ذلك تعليم الأمة الاستعاذة من فتنة الدجال، فلا معنى لهاتين الشبهتين.
  • لقدأخبرالنبي - صلىاللهعليهوسلم - أنالدجالينكثيرون،وهمقريبمنثلاثين،كلهميدعيالنبوة،منهممنظهر،ومنهممنلميظهربعد،وممالاشكفيهأنأشدهمخطراوفتنةهوآخرهم: الدجالالأعور،الذييدعيالألوهية،وينزللهالله - سبحانهوتعالى - عيسى - عليه السلام - ليتمكن منه ويقتله، ويظهر زيف خوارقه الهائلة، فلا تعارض؛ فالدجال الأعور واحد في خطره الفادح وخوارقه الهائلة الزائفة، وذلك لا يمنع من وجود دجالين كذابين في كل زمان يعيثون في الأرض فسادا.
  • لاتعارضبينالحديثينبشأنعدمدخولالدجالمكةوالمدينة ورؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - له في منامه يطوف بالبيت، فالمنع إنما يكون وقت ظهوره - أي الدجال - آخر الزمان، وتفشي فتنته، أما قبل ذلك فلا، علاوة على أن هذا الحديث كان رؤيا رآها النبي - صلى الله عليه وسلم - والرؤيا لا يلزم وقوعها في الخارج كما كانت في المنام.
  • إنهلاشكأنالمرادبالأبوابالسبعةالمذكورةفيالحديث؛إنماهوالمداخلالرئيسةللمدينة،كماأنهلايستبعدأنيكونللمدينة - وقتخروجالدجال - أبوابحقيقةتركبعلىأسوار.

 

(*) مشكلات الأحاديث النبوية، عبد الله القصيمي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط2، 2006م. دفاع عن السنة، د. محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط1، 1409هـ/ 1989م. الإسلام وصياح الديك، جواد عفانة، دار جواد، الأردن، ط1، 1427هـ/ 2006م. رياض الجنة في الرد على المدرسة العقلية ومنكري السنة، د. سيد حسين العفاني، دار العفاني، مصر، 1426هـ/ 2006م.

[1]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال، (13/ 96)، رقم (7122).

[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال، (13/ 96)، رقم (714).

[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال، (13/ 96)، رقم (7131).

[4]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، (9/ 4029)، رقم (7228).

[5]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 4033).

[6]. لوامع الأنوار البهية، شمس الدين السفاريني، مؤسسة الخافقين، دمشق، ط2، 1402هـ/ 1982م، (2/ 106).

[7]. نظم المتناثر من الحديث المتواتر، الكتاني، دار الكتب السلفية، القاهرة، ط2، د. ت، ص228، 229.

[8]. مشكلات الأحاديث النبوية، عبد الله القصيمي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط2، 2006م، ص74، 75 بتصرف.

[9]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، (2/ 583)، رقم (391).

[10]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (13/ 98).

[11]. انظر: معالم التنزيل، البغوي، تحقيق: محمد عبد الله النمر وآخرين، دار طيبة، الرياض، ط2، 1417هـ/ 1997م، (7/ 153).

[12]. مشكلات الأحاديث النبوية، عبد الله القصيمي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط2، 2006م، ص70: 72 بتصرف.

[13]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي، (3/ 286)، رقم (1379).

[14]. التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، (26/ 102: 104) بتصرف.

[15]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، (9/ 4031)، رقم (7239).

[16]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطلاق، باب: في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى: ) وإن تظاهرا عليه (، (6/ 2309)، رقم (3626).

[17]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة، (4/ 114)، رقم (1882).

[18]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، (9/ 4030)، رقم (7235).

[19]. مشكلات الأحاديث النبوية، عبد الله القصيمي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط2، 2006م، ص73، 74 بتصرف.

[20]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، (6/ 712)، رقم (3609).

[21]. دفاع عن السنة، د. محمد محمد أبو شهبة، مكتبة السنة، القاهرة، ط1، 1409هـ/ 1989م، ص212.

[22]. الآدم: الأسمر.

[23]. لمته: شعر رأسه، يقال له إذا جاوز شحمة الأذنين، وألم بالمنكبين: لمة، وإذا جاوزت المنكبين فهي جمة، وإذا قصرته عنها فهي وفرة.

[24]. رجل الشعر: سرحه، فهو مسترسل.

[25]. شديد جعودة الشعر، ويراد به الذم.

[26]. رجل من خزاعة مات في الجاهلية اسمه عبد العزى بن قطن.

[27]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قوله تعالى: ) واذكر في الكتاب مريم (، (6/ 550)، رقم (3439، 3440). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال، (2/ 624)، رقم (419).

[28]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (6/ 563).

[29]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التعبير، باب: اللبن، (12/ 410)، رقم (7006).

[30]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال، (13/ 96)، رقم (7125).

[31]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة، (4/ 114)، رقم (1881).

[32]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، (4/ 114).

  • الخميس PM 11:47
    2020-10-15
  • 1409
Powered by: GateGold