المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412215
يتصفح الموقع حاليا : 364

البحث

البحث

عرض المادة

ادعاء أن القرآن أخطأ في ذكر عقيدة ذي القرنين

ادعاء أن القرآن أخطأ في ذكر عقيدة ذي القرنين (*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المتوهمين أن القرآن الكريم أخطأ في ذكر عقيدة ذي القرنين، ويستدلون على زعمهم بقوله سبحانه وتعالى: )وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا (88)( (الكهف). فيزعمون أن القرآن قد مدح الإسكندر الأكبر - ذا القرنين - باعتباره عبدا صالحا يؤمن بالله، في حين أن جميع مؤرخي الإغريق يجمعون على أنه كان من عبدة الأوثان!

وجها إبطال الشبهة:

1) لقد كان ذو القرنين ملكا عادلا صالحا، بلغ ملكه المشارق والمغارب، وقد أعطاه الله - عز وجل - القدرة على السير في الأرض شرقا وغربا لنشر الإسلام في ربوعها، ومن ثم فالقرآن لم يخطئ في ذكر عقيدته حين أخبر أنه كان مؤمنا بالله موحدا.

2) جمهور المؤرخين وكبار المفسرين على أن ذا القرنين الذي ذكر في القرآن الكريم، ليس هو الإسكندر الأكبر المقدوني، الذي لقب بذي القرنين تشبيها له بالأول بعدما قضى على مملكة فارس ودانت له الممالك شرقا وغربا، ومن هنا حدث الخلط بينهما عند بعض الباحثين.

التفصيل:

أولا. ذو القرنين ملك من الملوك العادلين بلغ ملكه المشارق والمغارب على نحو ما جاء في القرآن:

لقد ذكر الله تعالى ذا القرنين هذا وأثنى عليه بالعدل، وأنه بلغ المشارق والمغارب، وملك الأقاليم وقهر أهلها، وسار فيهم بالعدل التام، والسلطان المؤيد المظفر المنصور القاهر المقسط، والصحيح أنه كان ملكا من الملوك العادلين، قال إسحاق بن بشر عن عثمان بن الساج، عن خفيف، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: كان ذو القرنين ملكا صالحا - رضي الله عنه - عمله، وأثنى عليه في كتابه، وكان منصورا، وكان وزيره الخضر، وذكر أن الخضر - عليه السلام - كان على مقدمة جيشه، وكان عنده بمنزلة المشاور الذي هو من الملك بمنزلة الوزير في إصلاح الناس اليوم، وقد ذكر الأزرقي وغيره أن ذا القرنين أسلم على يدي إبراهيم الخليل، وطاف معه بالكعبة المكرمة هو وإسماعيل عليهما السلام.

وروي عن عبد الله بن عمير وابنه عبد الله وغيرهما أن ذا القرنين حج ماشيا، وأن إبراهيم الخضر - عليه السلام - لما سمع بقدومه تلقاه ودعا له ورضاه، وأن الله سخر لذي القرنين السحاب يحمله حيث أراد[1].

وقد اختلف في كونه نبيا أم ملكا أم عبدا صالحا، فقد جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا أدري ذو القرنين كان نبيا أو لا»[2]، وذكر وهب في "المبتدأ" أنه كان عبدا صالحا، وأن الله بعثه إلى أربع أمم: أمتين بينهما طول الأرض، وأمتين بينهما عرض الأرض وهي ناسك ومنسك وتأويل وهاويل، وعن أبي الطفيل قال: «سمعت ابن الكوا يقول لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أخبرني ما كان ذو القرنين؟ قال: كان رجلا أحب الله فأحبه، بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه ضربة مات منها، ثم بعثه الله إليهم فضربوه على قرنه ضربة مات منها، ثم بعثه الله فسمي ذا القرنين». ورغم ضعف عبد العزيز أحد رواة الحديث إلا أنه توبع على أبي الطفيل، أخرجه سفيان بن عيينه في جامعه عن ابن أبي حسين عن أبي الطفيل نحوه وزاد: «وناصح الله فناصحه»، وفيه: لم يكن نبيا ولا ملكا، وقيل: كان ملكا من الملائكة حكاه الثعلبي، وهذا مروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه سمع رجلا يقول يا ذا القرنين فقال: تسميه بأسماء الملائكة، وقيل: كان من الملوك وعليه الأكثر[3].

واختلف العلماء والمفسرون في اسمه، فقيل هو الصعب ابن ذي يزن الحميري من ولد وائل بن حمير، وبه جزم كعب الأحبار، وذكره ابن هشام في التيجان عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أيضا، وقال أبو جعفر بن حبيب في كتاب "المحبر": هو المنذر أحد ملوك الحيرة، وأمه ماء السماء ماوية بنت عوف بن جشم، قال: وقيل الصعب بن القرن بن حمال من ملوك حمير، وأما قول ابن إسحاق الذي حكاه ابن هشام عنه من أن اسم ذي القرنين مرزبان بن مرديه، فقد صرح بأنه الإسكندر، لذلك اشتهر على الألسنة لشهرة السيرة لابن إسحاق.

قال السهيلي: والظاهر من علم الأخبار أنهما اثنان أحدهما كان على عهد إبراهيم الخضر عليه السلام، ويقال إن إبراهيم الخضر - عليه السلام - تحاكم إليه في بئر السبع بالشام فقضى لإبراهيم، والآخر كان قريبا من عهد عيسى الخضرعليه السلام. ثم يقول ابن حجر: "لكن الأشبه أن المذكور في القرآن هو الأول بدليل ما ذكر من ترجمة الخضر، حيث جرى ذكره في قصة موسى قريبا أنه كان على مقدمة ذي القرنين، وقد ثبتت قصة الخضر مع موسي، وموسى كان قبل زمن عيسى قطعا"[4].

واختلف في سبب تلقيبه بذي القرنين، فقيل: لأنه بلغ قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها، رواه الزبير بن بكار عن الزهري، وقيل لأنه ملكهما، وقيل لأنه رأى في منامه أنه أخذ بقرني الشمس، وقيل لأنه كان له ضفيرتان تواريهما ثيابه، وقيل لأنه عمر حتى فني في زمانه قرنان من الناس، وقيل غير ذلك[5].

وقد أخبر الله تعالى عنه أنه مكن له في الأرض فقال: )إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا (84)( (الكهف)؛ أي وسعنا مملكته في البلاد، وأعطيناه من آلات المملكة ما يستعين به على تحصيل ما يحاوله من المهمات العظيمة، والمقاصد الجسيمة، قال قتيبة، عن أبي عوانة، عن سماك، عن حبيب بن حماز، قال: كنت عند على بن أبي طالب - رضي الله عنه - وسأله رجل عن ذي القرنين كيف بلغ المشرق والمغرب؟ فقال له: سخر له السحاب ومدت له الأسباب وبسط له في النور، وقال: أزيدك؟ فسكت الرجل وسكت علي رضي الله عنه.

 وعن أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن عبد الله الوادعي سمعت معاوية - رضي الله عنه - يقول: ملك الأرض أربعة: سليمان بن داود النبي - عليهما السلام - وذو القرنين، ورجل من أهل حلوان، ورجل آخر، فقيل له الخضر؟ قال: لا. وقال الزبير بن بكار: حدثني إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن الضحاك، عن أبيه، عن سفيان الثوري قال: بلغني أنه ملك الأرض كلها أربعة: مؤمنان وكافران: سليمان النبي وذو القرنين ونمرود وبختنصر، وهكذا قال سعيد بن بشير: سواء، وقال إسحاق بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن الحسن قال: كان ذو القرنين ملك بعد النمرود، وكان من قصته أنه كان رجلا مسلما صالحا، أتى المشرق والمغرب، مد الله له في الأجل ونصره حتى قهر البلاد، واحتوى على الأموال، وفتح المدائن، وقتل الرجال، وجاب[6] في البلاد والقلاع، فسار حتى أتى المشرق والمغرب، فذلك قوله تعالى: )إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا (84)([7].

فهل يعطي الله كل هذه الأسباب لرجل مشرك، ثم يمدحه بعد ذلك في القرآن؟!! ولقد رأينا كيف أن الله - سبحانه وتعالى - يتوعد الملوك الذين يخالفون أوامره ويصدون العباد عن عبادته وحده كفرعون والنمرود وغيرهم.

وبهذا يتبين لنا أن ذا القرنين هو ذاك الملك المسلم، الذي كان في زمن سيدنا إبراهيم، وأنه - عليه السلام - حقق العدالة ورفع الظلم، ودعا إلى عبادة الله - عز وجل - في كل البلاد التي فتحها. فكيف يدعون أن القرآن أخطأ في ذكر عقيدته؟!!

وما كان هذا الخطأ إلا نتيجة خلطهم بين ذي القرنين الملك الصالح، وبين الإسكندر الأكبر المقدوني الذي تؤرخ به الروم، وهذا ما سنوضحه في الوجه الآتي:

ثانيا. ليس الإسكندر الأكبر - المقدوني - هو ذا القرنين المذكور في القرآن:

لقد فرق العلماء وأصحاب السير بين ذي القرنين المذكور في القرآن، وبين الإسكندر الأكبر المقدوني اليوناني، يقول ابن كثير:

فأما ذو القرنين الثاني - أي الإسكندر الأكبر المقدوني - فهو إسكندر بن فيلبس بن مضريم بن هرمس بن هردس بن ميطون بن رومي بن لنطي بن يونان بن يافث بن نونة بن سرحون بن رومة بن ثرنظ بن توفيل بن رومي بن الأصفر بن اليفز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، كذا نسبه ابن عساكر في تاريخه، المقدوني اليوناني المصري باني الإسكندرية الذي يؤرخ بأيامه الروم، وكان متأخرا عن الأول بدهر طويل، كان هذا قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة، وكان أرسطوطاليس الفيلسوف وزيره وهو الذي قتل دارا بن دارا، وأذل ملوك الفرس وأوطأ[8] أرضهم. وإنما نبهنا عليه؛ لأن كثيرا من الناس يعتقد أنهما واحد، وأن المذكور في القرآن هو الذي كان أرسطاطاليس وزيره، فيقع بسبب ذلك خطأ كبير، وفساد عريض طويل كثير، فإن الأول كان عبدا مؤمنا صالحا، وملكا عادلا، وكان وزيره الخضر، وقيل إنه كان نبيا على اختلاف في ذلك.

وأما الثاني فكان مشركا وكان وزيره فيلسوفا وقد كان بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة. فأين هذا من هذا؟ لا يستويان ولا يشتبهان إلا على غبي لا يعرف حقائق الأمور[9].

ويؤكد ما ذهب إليه ابن كثير ما قاله ابن القيم في "إغاثة اللهفان":

ومن ملوكهم الإسكندر المقدوني وهو ابن فيلبس، وليس بالإسكندر ذي القرنين، الذي قص الله - عز وجل - نبأه في القرآن، بل بينهما قرون كثيرة، وبينهما في الدين أعظم تباين، فذو القرنين كان رجلا صالحا موحدا لله تعالى، يؤمن بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكان يغزو عباد الأصنام، وبلغ مشارق الأرض ومغاربها.

وبنى السد بين الناس وبين يأجوج ومأجوج، وأما هذا المقدوني، فكان مشركا يعبد الأصنام هو وأهل مملكته، وكان بينه وبين المسيح نحو ألف وستمائة سنة، والنصارى تؤرخ له وكان أرسطاطاليس وزيره، وكان مشركا يعبد الأصنام[10].

ومما يؤكد ذلك ما قاله الفخر الرازي في تفسيره: إن في كون الإسكندر ذا القرنين إشكالا قويا، وهو أنه كان تلميذ أرسطا طاليس الحكيم وكان على مذهبه، فتعظيم الله إياه يوجب الحكم بأن مذهب أرسطا طاليس حق وصدق، وذلك مما لاسبيل إليه.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عدة قرون بين ذي القرنين العبد الصالح الذي ذكر في القرآن، وبين الإسكندر الأكبر المقدوني اليوناني فقال: الأكثر على أنه، أي ذا القرنين الصالح الأول - كان من الملوك الصالحين، وفي إيراد المصنف ترجمة ذي القرنين قبل إبراهيم - عليه السلام - إشارة إلى توهين قول من زعم أنه الإسكندر اليوناني؛ لأن الإسكندر كان قريبا من زمن عيسى - عليه السلام - وبين زمن إبراهيم وعيسى - عليهما السلام - أكثر من ألفي سنة، والذي يظهر أن الإسكندر المتأخر لقب بذي القرنين تشبيها بالمتقدم لسعة ملكه وغلبته على البلاد الكثيرة، أو لأنه لما غلب على الفرس وقتل ملكهم انتظم له ملك المملكتين الواسعتين الروم والفرس فلقب ذا القرنين لذلك، والحق أن الذي قص الله نبأه في القرآن هو المتقدم، والفرق بينهما من أوجه: أحدها ما ذكرته وثانيا: قول الفخر الرازي في تفسيره: كان ذو القرنين نبيا على اختلاف في ذلك، وكان الإسكندر كافرا، وكان معلمه أرسطاطاليس، وكان يأتمر بأمره وهو من الكفار بلا شك. وثالثا: كان ذو القرنين من العرب، وأما الإسكندر فهو من اليونان، والعرب كلها من ولد سام بن نوح باتفاق، واليونان من ولد يافث بن نوح على الراجح فافترقا[11].

 ثم يدلل ابن حجر على عروبته بذكر بعض الأبيات من كلام العرب، قيل: والذي يقوي أن ذا القرنين من العرب كثرة ما ذكروه في أشعارهم، قال أعشى بن ثعلبة:

والصعب ذو القرنين أمس ثاويا

بالحنو في حدث هناك مقيم

قال الربيع بن ضبيع:

والصعب ذو القرنين عمر ملكه

ألفين أمسى بعد ذاك رميما

ويقول قس بن ساعدة:

والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا

باللحد بين ملاعب الأرياح

وقال تبع الحميري:

قد كان ذو القرنين قبلي مسلما

ملكا تدين له الملوك وتحشد

من بعده بلقيس كانت عمتي

ملكتهم حتى أتاها الهدهد

ويؤخذ من أكثر هذه الشواهد أن الراجح في اسمه الصعب، ووقع ذكر ذي القرنين أيضا في شعر امرئ القيس وأوس بن حجر وطرفة بن العبد وغيرهم[12].

ويؤكد كلام ابن حجر ما قاله الشيخ تقي الدين المقريزي في "الخطط": اعلم أن التحقيق عند علماء الأخبار أن ذا القرنين الذي ذكره الله - عز وجل - في القرآن اسمه الصعب بن الحارث، وساق نسبه إلى قحطان بن هود بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح - عليه السلام - وأنه ملك من ملوك حمير وهم العرب العاربة، ويقال لهم أيضا العرب العرباء، وكان ذو القرنين تبعا متوجا، ولما تولى الملك تجبر، ثم تواضع لله تعالى، وقد غلط من ظن أن الإسكندر هو ذو القرنين الذي بنى السد، فإن لفظة "ذو" عربية، وذو القرنين من ألقاب ملوك اليمن، وذلك يوناني رومي[13].

ومن خلال تتبعنا لأقوال علماء المسلمين، سواء أكانوا مؤرخين أم مفسرين أم محدثين، فإننا نجد أن ما قرروه من ضرورة التفرقة بين ذي القرنين الذي ذكر في القرآن، وذي القرنين الذي هو الإسكندر المقدوني اليوناني - يؤكده ما ذكره المؤرخون في سيرة هذا المقدوني اليوناني؛ فقد ذكروا أنه كان قائدا عظيما، وذا قدرة كبيرة على التخطيط والبراعة في الأداء والقيادة، ولكنه كان قاسيا وبلا رحمة في أوقات أخرى. ومن المعروف أنه كان سكيرا لدرجة أنه في إحدى المرات قتل صديقه كليتوس في نوبة غضب، وقد ندم كثيرا على ذلك الأمر، وقبل موته بفترة وجيزة، جعل اليونان تعبده بوصفه إلها؛ وذلك بسبب طبيعته كإله كما كان يقول عن نفسه... وقد انتهى هذا الأمر بموته، وقد استطاع أن يؤسس عام 332 مدينة الإسكندرية عند نهاية نهر النيل، والتي أصبحت بعد ذلك المركز الثقافي والعلمي والتجاري للعالم اليوناني. وكان أرسطو هو معلم الإسكندر، وقد أعطاه تدريبا كبيرا في علم البلاغة والخطابة والأدب، وحث اهتمامه بالعلوم والطب والفلسفة.

ومما يدل على أن هذا الملك اليوناني كان سييء الخلق، ولا يصح أن يطلق عليه وصف القرآن الكريم، ومدحه بالعدل والقسط والإيمان بالله - سبحانه وتعالى - أنه مات بعد أن سقط مريضا بحوالي أسبوعين، وكان قد سلم الخاتم الخاص به لقائد جيشه، وهو على فراش الموت، وطلب من الجنود زيارته في فراشه، ويبدو أن المحيطين به في تلك الفترة كانوا متآمرين عليه نظرا لتصرفاته وسلوكياته الغريبة، حيث إنه في أواخر أيامه طلب من الإغريق تأليهه في الوقت الذي كان فيه عنيفا مع الكثيرين، بالإضافة إلى إكثاره في شرب الخمر، كل هذه العوامل جعلت البعض يتربصون به ويحاولون الفتك به. وقد مات مسموما كما ذكرت بعض المصادر التاريخية.

وهذا ما أكده د. جواد علي حيث قال: وأورد أريان في كتابه قصة أخرى، خلاصتها: أن العرب كانوا يتعبدون لإلهين هما: أورانوس، وديونيوس وجميع الكواكب وخاصة الشمس، فلما سمع الإسكندر بذلك أراد أن يجعل نفسه الإله الثالث للعرب[14].

فهل يعقل أن من يريد أن يجعل نفسه إلها من دون الله يذكره الله في كتابه ويثني عليه خيرا؟!!

إن هذه الحياة التي يصورها لنا المؤرخون والمفسرون عن هذا الرجل - الإسكندر المقدوني - من كفر وسكر ومكر في معاملة قواده - لتؤكد الفرق الكبير والبون الشاشع بين هذا الذي ذكره القرآن، وبين المقدوني اليوناني.

الخلاصة:

  • ذو القرنين ملك من الملوك الصالحين العادلين، الذين رفع الله بهم الظلم عن العباد، وقد أعطاه الله القدرة على السير في الأرض لنشر دينه - سبحانه وتعالى - في ربوع الأرض، وقد زوده الله بالعلم والمعرفة والتقوى.
  • لم يخطئ القرآن في ذكر عقيدة ذي القرنين، لأنه كلام الله الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه )ومن أصدق من الله قيلا( (النساء: ١٢٢).
  • سمي الإسكندر الأكبرالمقدوني بذي القرنين تشبيها بالأول الذي ذكر في القرآن، لأن ممالك المشرق والمغرب دانت له بعد أن قضى على الفرس، وذلك سنة (336 ق. م)، ومن هنا جاء الخلط بينهما.
  • فرق العلماء والمؤرخون بين ذي القرنين الذي ذكره الله في القرآن وبين الإسكندر الأكبر المقدوني، فالأول كان ملكا صالحا مؤمنا يدعو إلى الله ويعمل على نشر دينه والثاني كان كافرا مشركا بالله يعبد الأصنام هو وقومه. والأول كان في زمن إبراهيم - عليه السلام - وحج معه والثاني كان قبل بعثة عيسى - عليه السلام - بثلاثمائة وست وثلاثين سنة، أي أن بينهما ما يزيد على ألفي عام، والأول على أصح الأقوال كان عربيا ويبدو هذا من ذكر بعض الشعراء العرب له في أشعارهم، والثاني كان يونانيا مقدونيا انحدر إلى الشرق بعدما استولى على أملاك الدولة الفارسية؛ فكيف يتشابهان أو يتقاربان كما قال ابن كثير وابن حجر؟!!
  • كان الإسكندر الأكبر المقدوني قائدا عظيما، فتح البلاد شرقا وغربا، إلا إنه كان سكيرا يشرب الخمر، وكان أحيانا يبطش بقواده، وهذا كان سببا في حقدهم عليه ومحاولتهم للتآمر عليه، على خلاف ذي القرنين المذكور في القرآن، الذي كان عادلا صالحا يخدم الناس ويقوم على مصلحتهم، وقد بنى السد بينهم وبين يأجوج ومأجوج.

 

 

(*) شبكة بلدي لمقاومة التنصير. www.balady.net

[1]. البداية والنهاية، ابن كثير، دار التقوى، القاهرة، 2004م، ج1، ص451، 450 بتصرف.

[2]. صحيح: أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، باب تفسير سورة الدخان (3682)، ووافقه الذهبي في التلخيص.

[3]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، ج6، ص442، 441 بتصرف.

[4]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، ج6، ص442، 443 بتصرف.

[5]. سبل الهدى والرشاد في هدي خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي الشامي، دار الكتاب المصري، القاهرة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط2، 1407هـ/ 1986م، ج22، ص464 بتصرف.

[6]. جاب: طاف.

[7]. البداية والنهاية، ابن كثير، دار التقوى، القاهرة، 2004م، ج1، ص453، 452 بتصرف.

[8]. أوطأ: دخل.

[9]. البداية والنهاية، ابن كثير، دار التقوى، القاهرة، 2004م، ج1، ص452 بتصرف يسير.

[10]. إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، ابن القيم، دار المعرفة، بيروت، 1395هـ/ 1975م، ج2، ص263.

[11]. مفاتيح الغيب، فخر الدين الرازي، دار الفكر، بيروت، 1993م، ج21، ص172.

[12]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1986م، ج6، ص440، 441 بتصرف.

[13]. سبل الهدى والرشاد في هدي خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي الشامي، دار الكتاب المصري، القاهرة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط2، 1407هـ/ 1986م، ج2، ص465.

[14]. المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، د. جواد علي، جامعة بغداد، العراق، ط2، 1413هـ/ 1993م، ج2، ص6 بتصرف.

 

  • الاربعاء PM 02:20
    2020-09-09
  • 1459
Powered by: GateGold