المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413777
يتصفح الموقع حاليا : 235

البحث

البحث

عرض المادة

الأفلاطونية الحديثة وأثرها في النصرانية

 ولنتجاوز رومة الرومان ولنعبر للبحر الأبيض، وليمم شواطئه الجنوبية، فهناك تجد مدينة الإسكندرية ومدرستها، وفلسفتها التي كانت تشع على العلم كله بنور العلم، وقد آوى إليها فلاسفة اليونان، وتابعوا الفلسفة اليونانية، والتي تراها تتجه اتجاهاً واضحاً إلى النواحي الدينية، والبحث في منشئ الكون.كان شيخ هذه المدرسة امنيوس المتوفى سنة 242، اعتنق في صدر حياته الديانة المسيحية. ثم ارتد عنها إلى وثنية اليونان الأقدمين، وجاء من بعده تلميذه أفلوطين المتوفى سنة 270 وقد تعلم في مدرية الإسكندرية أولاً، ثم رحل إلى فارس والهند، وهناك استقى ينابيع الصوفية الهندية, وأطلع على تعاليم بوذا وديانته، وبراهمة الهند وديانتهم. وعرف آراء البوذيين في بوذا، والبراهمة في كرشنة، وقد عاد بعد ذلك إلى الإسكندرية، وأخذ يلقي بآرائه على تلاميذه، وجلها يتجه إلى تعرف ما وراء الطبيعة، ومنشئ الكون.ويلخص اعتقاده في منشئ الكون في ثلاث أمور:(أولها) أن الكون قد صدر عن منشئ أزلي دائم لا تدركه الأبصار، ولا تحده الأفكار، ولا تصل إلى معرفة كنهه الإفهام.(ثانيها) أن جميع الأرواح شعب لروح واحد وتتصل بالمنشئ الأول بواسطة العقل.(ثالثها) أن العالم في تدبيره وتكوينه خاضع لهذه الثلاثة، وهو تحت سلطانها، فإنه منشئ الأشياء وهو مصدر كل شيء، وإليه معاده لا يوصف بوصف من أوصاف الحوادث. فليس بجوهر ولا عرض، وليس فكراً كفكرنا ... ولا إرادة كإرادتنا ولا وصف له، إلا أنه واجب الوجود، يتصف بكل كمال يليق به، يفيض على كل الأشياء بنعمة الوجود، ولا يحتاج هو إلى موجود، وأول شيء صدر عن هذا المنشئ في نظر أفلوطين هو العقل المصدر عنه كأنه يتولد منه، ولهذا العقل قوة الإنتاج، ولكن ليس مكن تولد عنه، ومن العقل تنبثق الروح التي هي وحدة الأرواح، وعن هذا الثالوث يصدر كل شيء ومنه يتولد كل شيء.23- هذه هي فلسفة المعاصرين لنشأة الديانة المسيحية عندما أريد تحويلها، وترى أن فلسفة الرومان ترمي إلى إيجاد ألفة بين الوثنية واليهودية ومسيحية المسيح عليه السلام، كما ترى أن فلسفة الإسكندرية ترجع العالم في تكوينه وتدبيره إلى ثلاثة عناصر أو إلى ثالوث مقدس هو المنشئ الأول، والعقل الذي تولد منه كما يتولد الولد من أبيه، والروح الذي يتصل بكل حي ومنه الحياة. فإذا عبرنا عن المنشئ الأول بالأب، وعن العقل المتولد عنه بالابن، وعن الروح بروح القدس، كما هو ثالوث النصارى الذي أخذ ببعضه مجمع نيقية، وبكله المجامع التي جاءت من بعده، لما خرجنا في التسمية عن الصواب، وما كان فيها أي تسامح، فذلك الثالوث في معناه هو ثالوث النصارى، وإذا لم يختلف المسمى، فلماذا يختلف الاسم؟.وهنا يرد على النفس سؤال: أيهما أستقر، وأيهما كان الينبوع؟ هل أخذت الأفلاطونية الحديثة من النصرانية، أم النصرانية الحاضرة هي التي أخذت عن الفلسفة؟ إن الجواب عن هذا يقتضي تعرف السابق منهما، فالسابق بلا ريب أستاذ اللاحق، والزمن هو الذي يحكم ويفصل، وسنجد فيما يلي من البحث أن مجمع نيقية هو الذي سار في تقرير هذا الثالوث، ووضع الأساس لمن بعده، أو بعبارة أدق قرر ألوهية الابن، وأن جوهره هو جوهر الأب، وقد جاء في قراره "أن الجامعة المقدسة، والكنيسة الرسولية تحرم كل قائل بوجود زمن لم يكن ابن الله موجوداً فيه، وإنه لم يوجد قبل أن يولد، وإنه وجد من لا شيء، أو من يقول أن الابن وجد من مادة أو جوهر غير جوهر الأب، وكل من يؤمن إنه خلق، أو من يقول إنه قابل للتغير"

  • الثلاثاء AM 09:28
    2016-10-04
  • 3524
Powered by: GateGold