المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413835
يتصفح الموقع حاليا : 306

البحث

البحث

عرض المادة

اضطهاد المسيحيين بعد المسيح

ما نزل بالمسيحيين من اضطهاد:
19- هذا هو المسيح كما جاء في كتبهم وتعاليمهم، ولا نريد أن نخوض في بيان خلافاتهم حوله، ولا بيان اختلافهم في تفسير هذه العقيدة، ولا في تفصيل مجملها قبل أن نبين ما نزل بالمسيحيين بعد المسيح، ولكنا سارعنا إلى بيان اعتقادهم الذي استقروا عليه في السميح ليوازن القارئ بين ما جاء في القرآن الكريم، وما جاء في أناجيلهم وتعاليمهم.ونعود بعد ذلك إلى ما يوجبه البحث العلمي، وهو تتبع العقيدة في نموها، وفي استقامتها أو انحرافها بعد صاحبها، وتمهيداًً لذلك نبين ما نزل بالمسيحيين بعده، لكي يستبين القارئ مقدار السند بين الديانة. وصاحبها مع هذه الأحداث، وليعرف الفلسفة التي عاصرت المسيحية ومقدار اتصالهمااتفقت المصادر شرقية وغربية، دينية وغير دينية: على أن المسيحيين نزل بهم بعد المسيح بلايا وكوارث، جعلتهم يستخفون بديانتهم، ويفرون بها أحياناً ويصمدون للمضطهدين مستشهدين أحياناً أخرى، وهم في كلتا الحالين لا شوكة لهم، ولا قوة تحميهم، وتحمي ديانتهم وكتبهم، وإنه في وسط هذه الاضطهادات يذكرون إنه دونت أناجيلهم الأربعة التي يؤمنون بها، ودونت رسائلهم!!وأول اضطهد نزل بالمسيحيين كان في عهد المسيح، وانتهى بالخاتمة التي بيناها، ولقد نزلت من بعده الشدائد بالمسيحيين بما يتفق مع هذا الابتداء. فلقد جاء قيصران بعد طيباروس الذي عاصر المسيح، كانا شديدين على تلاميذه، وقتلا منهم قتلا ذريعاً، وفي زمن ثانيهما دون متى إنجيله بالعبرية، وترجمه يوحنا صاحب الإنجيل إلى اليونانية، على رواية ابن البطريق كما سنتبين، ولم يكن الاضطهاد في عهد هذين القيصرين من الرومان فقط، بل كان من اليهود أيضاً، وإذا هم أمكن: وتنقيبهم عن العقيدة أدخل. لأنهم من الشعب ومخالطوهم ومعاشروهم، فهم بداخلهم أعرف.وأشد ما نزل من أذى كان في عهد شيرون (سنة 64م) وتراجان سنة 106م وديسيون (249 - 251م) ودقلديانوس (سنة 280م) ، فنيرون هاج الشر عليهم، وأنزل البلاء والعذاب بهم. واتهمهم بأنهم الذين أحرقوا روما، فأخذهم بجريرتها. وكانت السنوات الأربع الأخيرة عذاباً أليماً لهم. فقد تفنن هو وأشياعه في هذا العذاب، حتى لقد كانوا يضعون بعضهم في جلود الحيوانات ويطرحونهم للكلاب فتنهشهم، وصلبوا بعضهم، وألبسوا بعضهم ثياباً مطلية بالقار، وجعلوها مشاعل يستضاء بها، وكان هو نفسه يسير في ضوء تلك المشاعل الإنسانية.وفي عصر نيرون هذا دون إنجيل مرقس سنة 61 على رواية، وكان بمصر وقد كتبه عنه بطرس وهو برومة وكتب أيضاً لوقا إنجيله في عهد هذا القيصر، وفي ابتداء هذا الإنجيل بنص على إنه يراسل به تاوفيلس، ليؤكد له صحة الكلام، وتاوفيلس هذا رجل من عظماء الروم وأشرافهم، وفي عصر هذا القيصر أو بعده دون يوحنا إنجيله.وفي عهد تراجان نزلت بهم آلم، لأنهم قد جرت عادتهم بالصلاة في الخفاء وهربا من الاضطهاد، وقد آمر تراجان بمنع الاجتماعات السرية، فأنزل بهم الذل والعذاب لذلك، ولأنهم مسيحيون لا يدينون بدين القيصر.جاء في كتاب تاريخ الحضارة "لقد كتب بلين - وكان والياً في آسيا - إلى الإمبراطور تراجان كتاباً يدل على الطريقة التي كان بها المسيحيون، قال" جريت مع من اتهموا بأنهم نصارى على الطريقة الآتية وهو إني اسألهم إذا كانوا مسيحيين فإذا أقروا أعيد عليهم السؤال ثانية وثالثاً مهدداً بالقتل، فإن أصروا أنفذت عقوبة الإعدام فيهم، مقتنعاً بأن غلطهم الشنيع، وعنادهم الشديد، يستحقان هذه العقوبة، وقد وجهت التهمة إلى كثيرين بكتب لم تذيل بأسماء أصحابها، فأنكروا إنهم نصارى، وكرروا الصلاة على الأرباب الذين ذكرت أسماءهم أمامهم، وقدموا الخمور والبخور لتمثال أتيت به عمداً مع تماثيل الأرباب، بل إنهم شتموا المسيح، ويقال إن من الصعب إكراه النصارى الحقيقيين، ومنهم من اعترفوا بأنهم نصارى،ولكنهم كانوا يثبتون بأن جريمتهم في إنهم اجتمعوا في بعض الأيام قبل طلوع الشمس على عبادة المسيح على إنه رب، وعلى إنشاد الأناشيد إكراماً له، وتعاهدوا بينهم لا على ارتكاب جرم، بل على ألا يسرقوا، ولا يقتلوا، ولا يزنوا، وأن يوفوا بعهدهم، ورأيت من الضروري لمعرفة الحقيقة أن أ'ذب امرأتين ذكروا إنهما خادمتا الكنيسة، بيد إني لم أقف على شيء سوى خرافة سخيفة مبالغ فيها".وهذا الكتاب كاشف كل الكشف عما كان يحدث للنصارى في عهد ذلك القيصر من اضطهاد وتعذيب، وتنقيب عن القلب وخبيئة النفس.ولم ينقطع الاضطهاد بعد موت تراجان، بل استمر، وإن أخذت الرأفة بعض القياصرة، خلف من بعده خلف ينزلون عذاباً مرا يزيل أثر كل رحمة سابقة كانت نسبية حتى جاء ديسيوس فأنزل بهم من البلاء ما تقشعر من هوله الأبدان، ولنترك القلم لبطريرك الإسكندرية، يصف بعض ما عاين من ديسيوس بعد أن ذاق بعض الرحمة من سابقه، فهو يقول: "لم نكد نتنفس الصعداء، حتى حلق بنا الخوف، وحفنا الخطر، عندما بدل ذلك الملك الذي كان أرق جانباً، وأقل شراً من غيره، وجاء مكانه ملك آخر، ربما لا يجلس على كرسي المملكة حتى يوجه أنظاره نحونا فيعمل على اضطهادنا. وقد تحقق حدسنا، عندما أصدر أمراً شديد الوملاة، فعم الخوف الجميع، وفر بعضهم وقد أبعد كل مسيحي من خدمة الدولة، مهما يكن ذكاؤه، وكل مسيحي يرشد عنه يؤتى به على عجل ويقدم إلى هيكل الأوثان، ويطلب منه تقديم ذبيحة للصنم، وعقاب من يرفض تقديم الذبيحة أن يكون هو الذبيحة, بعد أن يجتهدوا في حمله بالترهيب.... ومن ضعاف الإيمان من أنكر مسيحيته, واقتدى به البعض، ومنهم تمسك بأذيال الفرار، أو من زج به في غيابات السجون".وهكذا يقص ذلك القسيس ما نزل بهم مما انتهى به الأمر إلى فراره هو، وقد كتب يعتذر عن ذلك إلى بعض من أبلوا بلاء حسناً، ولم يلوذوا بالفرار.ولم يكن البلاء مقصوراً على مصر، بل كان يتتبع المسيحيين في الدولة الرومانية حيثما ثقفوا، وأينما كانوا.ولي بعد ديسيوس من أوقع البلاء وأنزله بالمسيحيين، ولكن كان أشد هؤلاء وأبلغهم أذى وأنكأهم بطشاً - دقلديانوس الذي جاء إليهم، بعد أن خف العذاب عنهم قليلاً، وقد رجوا فيه خيراً، وأملوا منه أن يكون عوناً، لأن مدير خاصته مسيحي، ولكنه كان أشد من غيره على المسيحيين، وخصوصاً المصريين، وذلك لأن المصريين رأوا أمماً تحللت من حكم الرومان، وذكوا أغلاله، فاقتدوا بهم، ونزعوا إلى السير في طريق الحرية والاستقلال، وساروا فيه، وعقدوا الإمرة لواحد منهم، فجاء دقلديانوس إلى مصر، وأنزل بها البلاء، وأزال استقلالها، وأعاد فتحها، وكانت كثرتها في ذلك الإبان مسيحية، وقد أمر بهدم الكنائس، وإحراق الكتب، وأصدر أمراً بالقبض على الأساقفة والرعاة، وزجهم في غيابات السجن، وقهر المسيحيين وجملهم على إنكار دينهم، وقد استشهد في هذا الوقت عدد كبير من الأقباط تجاوزت عدتهم أربعين ومائة ألف، وعدهم بعض المؤرخين ثلاثمائة ألف، ولكثرة ما استشهد من شهداء وما نزل من بلاء كانت ولاية دقلديانوس حادثاً ذا خطر في شأن مصر فجعلوه مبدأ تقويمهم، وذلك في سنة 284 ميلادية.وقد استمر البلاء ينزل من قياصرة الروم حتى جاء عهد قسطنطين. يمنا وبركة على المسيحيين، لا على المسيحية كما سنبين.

  • الاربعاء PM 05:59
    2016-09-28
  • 3462
Powered by: GateGold