المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416623
يتصفح الموقع حاليا : 257

البحث

البحث

عرض المادة

الكذبة 299-300.. الأخطل قدوة قومه والكنائس أكواخ مومسات!!

ويتابع الميرزا متحدثا عن الأخطل:

"كان أفضل القوم علما وفضلا وكان حائزا على مكانة الأسقف المرموقة بل أكثر من ذلك، وكان قدوةَ القوم كلِّهم وهاديَهم ومختارهم". (نور القرآن، ص 22)

قلتُ: كذب الميرزا، فلم يكن الأخطل قدوةَ القوم، ولا هاديَهم، ولا مختارهم، ولا كان قسا ولا أسقفا، بل كان مستهترا بأهمّ تعليم من التعاليم المسيحية،  وهو حرمة الطلاق وحرمة الزواج من مطلّقة، فقد قال الأصفهاني:

أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثني عمر بن شبة عن أحمد بن معاوية عن محمد بن داود قال: طلق أعرابيٌّ امرأته فتزوجها الأخطل، وكان الأخطل قد طلق امرأته قبل ذلك. فبينا هي معه إذ ذكرت زوجها الأول فتنفست، فقال الأخطل:

كلانا على هم يبيت كأنما ... بجنبيه من مس الفراش قروح

على زوجها الماضي تنوح وإنني ... على زوجتي الأخرى كذلك أنوح. (الأغاني 2 / 408)

صحيح أنه روي عنه أنه ظلّ يلبس الصليب ولُقّب بذي الصليب، لكنّ السبب هو أنّ أمه علّقت هذا الصليب في رقبته، ولا يلزم من تعليقه أنه ملتزم بالمسيحية، بل يمكن أن يكون لذلك أسباب أخرى كحبّه أمه وكلّ ما يذكّره بها.

ويتابع الميرزا مستشهدا ببيت شعر منسوب للأخطل، وهو:

إنَّ من يدخل الكنيسة يوما .... يلقَ فيها جآذرًا وظباءَ

ثم يشرحه بقوله:

"أي مَن دخل كنيستنا يوما تمتع برؤية كثير من النساء الجميلات الشابات الفاتنات النشيطات، فكأن السيد الأخطل يغري الناس بالذهاب إلى الكنيسة والتمتع بهذه المتعة المؤكدة. (نور القرآن، ص 24)

ويتابع الميرزا قائلا:

"نستنبط من هذا البيت أمرين؛ أولهما أن السيد الأخطل كان قد بنى لقومه كنيسة كان يرتادها بصفته قسيسا وكان في الظاهر يحمل بيده الإنجيل وكان في الحقيقة يتحرى بنات الناس وكنائنهم وكانت له علاقاتٌ غير شرعية معهن. والثاني: أن القوم لم يكونوا يستاؤون من هذه العلاقات غير الشرعية ولم يكونوا يطردون من الكنيسة من كان سيئ النظر مثله، ولم يكونوا يعزلونه من منصب القسيس، مع أنهم كانوا على الأقل مطلعين على أن هذا الرجل خبيث القلب وينوي التصرفات الخبيثة، لأن أبياته السيئة والدالة على العشق والغرام لم تكن خافية على القوم، وهي تدلّ على أن القوم كله كان متورطا في الفسق والفجور وكانت كنائسهم مثل أكواخ المومسات، ولم يكن لاجتماع الرجال والنساء السيئين وخبيثي الأفكار مكانٌ أفضل من الكنائس، أي كانوا يغتنمون حضور الكنائس لإشباع أهوائهم النفسانية، ولم يكن الأخطل يتبع أهواءه فحسب بل لم يكن يعدّ أي سيدة أو آنسة نصرانية طاهرةً. ففي ديوان الأخطل الذي نَشر معه الباحثون المسيحيون سيرته أيضا، قد ورد فيها أنه ذات مرة سُجن في كنيسة دمشق متَّهَما بأنه لا يعترف بطهارة السيدات المسيحيات، فأفرج عنه أسقف دمشق بشفاعة مسلمٍ نبيل وكريم، إلا أن الأخطل لم يغيِّر رأيه حتى الموت فأبياته عن النساء المسيحيات على ألسُن الناس إلى الآن. (نور القرآن، ص 24)

قلتُ: كذب الميرزا كثيرا هنا، وبلغت وقاحته ذروتها، خصوصا في قوله أنّ الكنائس كانت مثل أكواخ المومسات!! أما الرواية التي أشار إليها فلا تقول ما افتراه، بل يقول الأصفهاني:

أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن سلام قال زعم محمد بن حفص بن عائشة التيمي عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب قال: قدمت الشام وأنا شاب مع أبي، فكنت أطوف في كنائسها ومساجدها؛ فدخلت كنيسة دمشق، وإذا الأخطل فيها محبوس، فجعلت. أنظر إليه. فسأل عني فأخبر بنسبي، فقال: يا فتى، إنك لرجل شريف، وإنى أسألك حاجة. فقلت: حاجتك مقضيه. قال إن القس حبسني هاهنا فتكلمه ليخلي عني. فأتيت القس فانتسبت له، فرحب وعظم، قلت: إن لي إليك حاجة. قال: ما حاجتك؟ قلت: الأخطل تخلي عنه. قال: أعيذك بالله من هذا! مثلك لا يتكلم فيه، فاسق يشتم أعراض الناس ويهجوهم! فلم أزل أطلب إليه حتى مضى معي متكئا على عصاه، فوقف عليه ورفع عصاه وقال: يا عدو الله! أتعود تشتم الناس وتهجوهم وتقذف المحصنات! وهو يقول: لست بعائد ولا أفعل، ويستخذي له. قال: فقلت له: يا أبا مالك، الناس يهابونك والخليفة يكرمك وقدرك في الناس قدرك، وأنت تخضع لهذا هذا الخضوع وتستخذي له!. قال: فجعل يقول لي: إنه الدين! إنه الدين!. (الأغاني - (2 / 412)

رغم أنّ رائحة الوضع في هذه الرواية ظاهرة، لكننا سنفترضها صحيحة كما افترض ذلك الميرزا، فالسؤال: أين ورد في الرواية أنّ الأخطل "لم يكن يعدّ أي سيدة أو آنسة نصرانية طاهرةً"؟!

أما شعر الغزل فأين الأخطل من امرئ القيس في معلّقته التي يقول فيها:

فمِثلِكِ حُبْلى قدْ طَرَقتُ ومُرْضِعٍ، ... فألهَيْتُها عنْ ذي تمائِمَ مُغْيَلِ

إذا ما بكَى من خَلفِها انصَرَفَتْ لَهُ ... بِشِقِّ وَتَحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ

وقد مات امرؤ القيس قبل أن يولد الأخطل، فالغزل الفاحش منتشر قبل أن يُخلق الأخطل.

ثم أين الأخطل من عمر بن أبي ربيعة المكّي –المعاصر له- الذي كان يتغزّل بالنساء في الحجّ؟ قال عنه ابن جريج: ما دخل على العواتق في حجالهن شيءٌ أضَرّ عليهن من شعر عمر بن أبي ربيعة (الأغاني ج1 ص 22)، وقال هشام بن عروة: لا ترووا فتياتكم شعر عمر بن أبي ربيعة لا يتورطن في الزنا تورطاً (الأغاني ج1 ص 23)، وقال أبو المقوم الأنصاري: ما عصي الله بشيء كما عصي بشعر عمر بن أبي ربيعة. (الأغاني، 1 ص 23) فالأخطل ليس معروفا بالغزل الفاحش، بل عمر هو المعروف بذلك. وإذا جاز وصفُ الكنائس بأكواخ المومسات لمجرد ورود بيت من الشعر منسوب للأخطل، فماذا سيصف الكعبةَ بقراءته أشعار عمر بن أبي ربيعة الغزلية وهو يطوف حولها؟ لكنه الفجور في الخصومة الذي احترفه الميرزا بوقاحة لم أجد لها نظيرا.

  • الثلاثاء PM 03:21
    2022-10-25
  • 712
Powered by: GateGold