المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416536
يتصفح الموقع حاليا : 276

البحث

البحث

عرض المادة

الكذبة 463: زعمُه أنّ إلهاماتِ الصحابة وردت في أحاديث صحيحة كثيرة

يقول:

"إلهاماتُ الصحابة الكرام وخوارقُهم ثابتةٌ من الأحاديث الصحيحة بكثرة. بماذا يمكن تفسير اطلاع عمر رضي الله عنه بإعلام من الله تعالى على الحالة الخطيرة لجيش "سارية" -كما رواه البيهقي عن ابن عمر- إن لم يكن ذلك إلهاما؟ ثم صدور صوت: "يَا سَارِيَة الْجَبَلَ الْجَبَلَ" مِن فم عمر وهو في المدينة، وسماع سارية وجنوده هذا الصوت على مسافة بعيدة بقوة غيبية، لم يكن إلا أمرا خارقا للعادة. وزدْ إلى ذلك بعض الإلهامات والكشوف المشهورة والمعروفة لعليّ المرتضى كرّم الله وجهه. (البراهين)

قلتُ: كذبَ الميرزا، فلا يثبت من الأحاديث الصحيحة عن إلهامات الصحابة شيء، فكيف يقول إنّها أحاديث صحيحة كثيرة؟! فلن يُعثر على شيء في الموطأ أو البخاري أو مسلم أو الترمذي أو أبي داود أو النسائي أو ابن ماجة أو مسند أحمد أو أي كتاب حديث صُنّف قبل عام 300هـ.. لن يعثر على حديث واحد، فقوله أنها كثيرة كذبٌ محض.

أما قصة "يا سارية الجبل"، فليست إلهاما، بل كرامة خارقة –إنْ صحَّت-، حيث جرت هذه العبارة على لسان عمر من دون شعور، لا أنّ الله أوحى إليه بها، بل جعله الله ينطق بها، وهو لا يعرف مغزاها ولا يعرف أنّ سارية سيسمعها. وهذا ليس إلهاما، بل كرامة.

على أنّ هذه القصة لو كانت صحيحة لرواها ألفُ شخص عن مئات الأشخاص حتى وصلت البخاري بعشرات الطرق، وإلا، فهل هنالك أعظم مِن هذه القصة وأكثر غرابة، لكنّ البخاري ومَن عاصره لم يتطرّق إليها البتة، رغم أنه أخرجَ الحديث المشهور، وهو:

إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ. (البخاري)

فالبخاري يحتاج حديث سارية ليقوّي به هذا الحديث، وكذلك غيرُه من معاصريه. لكنّ أحدا لم يروِه!! بل رواه: البيهقي المتوفى في 458هـ، واللالكائي في شرح السنة المتوفى في 418هـ، وابن مردويه المتوفى في 410هـ، وأبو نعيم المتوفى في 430هـ، وفي الأسانيد وُضّاع وكذّابون ومتروكون!!

فكلّ ما هو معروف بخصوص عمر أنّ القرآن نزل موافقا رأيَه في عدد من القضايا. وحين يقال إنه كان ملهما أو محدَّثا، فإنما يُقصد به أنّ الله كان يوفّقه للصواب، لا بوحيٍ حرفيّ، بل بتوفيق مِن الغيب، كما في الرواية عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ. (البخاري)

الخلاصة أنّه لم يرد أيّ رواية عن أيّ وحي تلقّاه أيّ صحابي في الصحاح أو في السنن أو في المسانيد المعروفة، وبهذا ثبت كذب الميرزا الذي زعم أنها كثيرة، لا واحدة أو اثنتين حتى نعذره ونقول إن قصة سارية تنقله من خانة الكذب إلى خانة الوَهم، كلا، بل قوله إنها كثيرة يؤكد تعمّده الكذب.

إما إنْ قيل إنه يقصد الخوارق، لا الإلهامات ولا الوحي، قلتُ: بل السياق عن الإلهامات والوحي الحرفيّ. أما الخوارق فقد وردت عنها روايات كثيرة، لكنّها ليست محلّ نزاع.

 13 أكتوبر2020

  • السبت PM 05:55
    2022-10-08
  • 745
Powered by: GateGold